السؤال:
هل يجوز لمن يدعو إلى الله تعالى أن يهتم بدعوة وجهاء الناس وأغنيائهم أكثر من دعوة غيرهم من عامة الناس على أساس أن أولئك الوجهاء في حال انفراطهم في سلك الدعوة يكون لهم تأثير ونصرة للدعوة أكثر من غيرهم من عامة الناس؟
الجواب:
يجب الاعتقاد بان الهدى هدى الله سبحانه وتعالى وأن الله عز وجل لا ينظر إلى صور الناس وجمالهم وأموالهم، وإنما ينظر الله تبارك وتعالى إلى قلوبهم وأعمالهم وأن العبد المؤمن هو الذي له المنزلة العظمى عند الله تبارك وتعالى وإن كان أفقر الناس وأقل الناس قيمة كما قال النبي [رب عبد أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره] لمنزلته عند الله تبارك وتعالى. وأن ييسر الله تبارك وتعالى على يديك هداية إنسان ما فهذا شيء عظيم، والله لا يعطيك الأجر على مقدار غنى الرجل وفقره، لأن الله تبارك وتعالى هو الذي يوزع الغنى والفقر.
فإذا كانت نية الإنسان في الدعوة الاهتمام بذي سلطان أو صاحب مال من باب انه أكثر نفعا لأهل الإسلام، فهذه نية حسنة، لكن لا يجوز أن يكون هذا معوق عن تعليم أهل الفقر والأنفة من الجلوس معهم، وإذا استنكف الداعي إلى الله من أن يدعو الفقير ويقول لماذا ندعوه يكون هذا جاهلاً بالدعوة لله تبارك وتعالى، فإن الدين دين الله تبارك وتعالى، والنبي صلى الله عليه وسلم مر عليه رجل فقال لرجل عنده جالس: [ما رأيك في هذا؟] فقال: رجل من أشراف الناس، هذا والله حري إن خطب أن ينكح، وإن شفع أن يشفع، قال فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم مر رجل آخر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ما رأيك في هذا؟] فقال يا رسول الله: هذا رجل من فقراء المسلمين هذا حري إن خطب أن لا ينكح، وإن شفع أن لا يشفع، وإن قال أن لا يسمع لقوله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [هذا خير من ملء الأرض مثل هذا].
فهذا ميزان الرب جل وعلا، فهذا الفقير الذي لا يأبه به الناس وإذا استأذن لا يأذنوا له وإذا خطب لا يزوجوه لفقره وهوانه، لكنه عند الله خير من ملئ الأرض مثل ذلك. فإذا كان الإنسان يدعو ويعتقد أن هذه هي موازين الله تبارك وتعالى ولا يستنكف عن دعوة الفقير وإنما يدعو الغني لعل الله تبارك وتعالى أن ينصر به وينفع به فهذا أمر جائز، لكن إن كان هواه مع الأغنياء وجلوسه معهم وأن هؤلاء هم الذين يصلحون وأما غيرهم من الفقراء فلا يصلحون فهذا لا يعرف دين الله سبحانه وتعالى.