السؤال:
رجل مات تاركاً للصلاة كسلاً مؤمن بشرعيتها، أتكل على أقوال بعض أهل العلم بأن تارك الصلاة هو مسلم فاسق، إن شاء الله عذبه، وإن شاء غفر له، فإذا لم يتبين لهذا الرجل أن تارك الصلاة كافر، فهل يموت مسلماً على أساس أنه لم تقم عليه حجة الله؟ أم أنه يموت كافراً بالرغم من أنه لم يتبين له أن ترك الصلاة كفر؟ نرجو التوضيح.
الجواب:
أتوقف قليلاً عند كلمة (كسلاً) فهذا الكسلان هل كان طول عمره كسلان، ولم تكن له ساعة نشاط؟!! فكلمة (كسلاً) هي تهويل للأمر، يعني ممكن الإنسان أن يكسل مرة أو مرتين، أما أنه يعيش طول عمره في كسل عن طاعة الله عز وجل ولم يفعل ذلك ولا مرة واحدة في عمره، فوصف هذا بالكسل غير صحيح لأنه في غير محله، ولا يجوز أن نصف إنسان ترك الصلاة طيلة عمره بأنه كسلان.
كذلك قولك (مؤمن بشرعيتها) هل هناك واحد يقول أنه مؤمن بأن الله هو الذي فرض الصلاة، ويعيش طول عمره لا يصلِ، هذا كذب، لو أنك مؤمن برجل ما وليس بالرب جل وعلا ويأتيك البيت ويقول لك خارج هذا الباب من يوزع دنانير، وإذا خرجت تستطيع أن تأخذ منهم بدون إثم، فإنك دون أن تخرج لتتأكد من هذا الخبر؟ ستقول له أنت كذاب كيف أذهب وآخذ نقود دون أن أفعل شيء؟!!
فهل هناك من يخبره الله تبارك وتعالى بما في الصلاة من أجر ومثوبة، وما لتارك الصلاة من إثم وعقوبة، ولا يصل مرة واحدة، يكون مؤمن بها؟!! مستحيل أن يكون هذا مؤمن بالخبر، فالمؤمن هو من يصدق كلام الله ويصدق أمره.
الأمر الآخر بأن هناك بعض أهل العلم يقولون لتارك الصلاة أنت مسلم عاصي وفاسق، وأن الأمر إلى الله إن شاء عذبك وإن شاء غفر لك، فهذا افتراء على الله تبارك وتعالى، وهذا القول لا ينجي من يصدقه ويأخذ به. فالإنسان على نفسه بصيره ولو ألقى معاذيره.
أما أنه لم تقم عليه الحجة؟ فكيف لم تقم عليه الحجة!! ألم يعش في بلاد المسلمين ويسمع أن الصلاة فرض واجب، فعبارة لم تقم عليه الحجة تقال لمن لم يسمع بالخبر، ولا يعرف بأن هناك صلاة، فالحجة هي أن تعرف بأن الله تبارك وتعالى قد فرض هذا الأمر، وفي القرآن الكريم لا تجد صفحة إلا وفيها الأمر بطاعة الله تبارك وتعالى والتحذير من مخالفته، والأمر بالصلاة على الخصوص.
والصحيح أن من مات على هذا يكون قد مات كافراً كفراً مخرج من الملة، وإن كان هناك قول آخر لبعض أهل العلم بأنه كفر دون كفر، إلا أنهم مجمعون على أن ترك الصلاة مستوجب للعقوبة في نار جهنم. وحسبك إجماع الصحابة فكلهم أجمعوا على أن تارك الصلاة مخلد في النار، ولم يكونوا يروا أن شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة.