الجمعة 18 شوّال 1445 . 26 أبريل 2024

من سعى إلى معصية ما لم يمكن منها قدراً فهل يقع عليه إثمها كما لو أنه تمكن منها؟

السؤال:

من سعى إلى معصية ما لم يمكن منها قدراً فهل يقع عليه إثمها كما لو أنه تمكن منها؟

 

الجواب:

إذا كان حيل بينه وبين هذه المعصية قدراً وهو ما زال يتمناها ويشتهيها تكتب عليه هذه المعصية، أما إذا تركها لله من نفسه تكتب له حسنة، رجل ذهب ليسرق فوجد الشرطة فرجع وما زالت نية السرقة موجودة عنده وعازم عليها هذا يحاسب على نيته، حتى وإن لم يتمكن منها كما قال النبي صلوات الله وسلامه عليه [إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار] فقالوا يا رسول الله: هذا القاتل. فما بال المقتول؟ فقال [إنه كان حريصا على قتل صاحبه] فممكن الإنسان يدخل النار بنية المعصية، ونية العزم فإذا حيل بينه وبينها لا يكون ذلك مانعا من أن يحاسب عليها، وقد قال تبارك وتعالى {ولله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير} فإذا كان الإنسان نوى وأضمر نية شر حتى وإن لم يعملها ولكن هي في قلبه يحاسب عليها، هذه يحاسب عليها وقد جاء في الحديث [واثنان في الوزر سواء رجل آتاه الله مالا فسار فيه بمعصية الله ورجل تمنى ألو أعطاه مالا أن يفعل فيه مثل فلان] فهذا يكون مثله كمثل الذين رأوا قارون وتمنوا أن يكونوا مكانه قالوا {يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم} هؤلاء ارتكبوا إثم أم لا؟ ارتكبوا إثم طبعا وإن كانوا حفاة ليس عندهم شيء، لكن لما رأوه كما قال جل وعلا {فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم} فهؤلاء فقط تمنوا، ولما ذكرهم أهل العلم قالوا {ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا وما يلقاها إلا الصابرون} قال جل وعلا {فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين وأصبح الذين تمنوا مكانه يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر لولا أن من الله علينا لخسف بنا} لولا أن من الله علينا لخسف بنا أي معه لأننا تمنينا أن نكون مثله {ويكأنه لا يفلح الكافرون} وي كلمة تعجب، أي كأن الشأن والحال أن الكافر لا يفلح.

فلا شك أن الإنسان يحاسب بنيته وعزمه الذي عزمه من الشر إذا بقي عليه، أما إذا رجع عنه نوى أن يزني أو أن يسرق ثم تذكر الله فرجع عن ذلك تكتب له حسنة كاملة كما في قول النبي صلوات الله وسلامه عليه [إن الله كتب الحسنات والسيئات] فالله يقول للملائكة قال [فمن هم بسيئة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة كاملة إنما تركها من جراي] يعني ترك هذه السيئة من جراي من خوفي فإذا تركها من جراء خوفه من الله تكتب له حسنة كاملة.