السؤال:
ما حكم المرتد عن الإسلام -والعياذ بالله من الردة- يقول بعض العلماء أنه لا يوجد... إذ أن المصطفى عليه الصلاة والسلام لم يقم الحد على مرتد، ولا يحتج هؤلاء العلماء بالحديث الشريف [من بدل دينه فاقتلوه] بل يذهبون إلى أن ذلك قد يعني أن المرتد عن النصرانية واليهودية إلى الإسلام يقتل إعمالاً لنص الحديث، كما يكون المرتد الذي يقتل فقط هو المحارب للمسلمين على أساس أنه مفسد في الأرض. ما رأيكم؟
الجواب:
أولاً الذي يقول أنه لا يوجد حد الردة في الإسلام لا ينبغي وصفه بالعالم، لأن هذا الأمر من المعلوم من الدين بالضرورة، وإنكار هذا الأمر قد يكون كفر لقول النبي صلى الله عليه وسلم [من بدل دينه فاقتلوه]، وكذلك لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح [لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك الجماعة]، أما كون النبي لم يقتل مرتدا، فهذا كان لمصلحة شرعية، فإن هناك من استحق أن يقتل في عهد النبي صلوات الله وسلامه عليه كمن قال: اعدل يا محمد والله هذه قسمة ما أريد بها وجه الله، لكن النبي امتنع عن قتله حتى لا يقال أن محمدا يقتل أصحابه، ثم إن هذا الإنسان كان جاهلاً لا يدري ما يقول، ولذلك قال له النبي [ويلك ومَن يعدل إذا لم أعدل..]، ثم لما قيل له نقتله قال: [دعه فإن له أصحاباً يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم، يقرءون القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية..]، أما أن يكون هناك إنسان في حياة النبي ارتد وبقي في أرض الإسلام، ولم يقتله النبي فهذا لم يحصل، لكن هناك واحد فقط ارتد إلى النصرانية ولكنه ذهب إلى الحبشة وهو الذي كان يكتب الوحي للنبي حيث وقع في قلبه شك. ثم إن الصحابة ساروا في هذا وقتلوا من ارتد عن الدين، فهذا معاذ بن جبل رضي الله عنه عندما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن كما جاء في رواية البخاري: [بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا موسى ومعاذ بن جبل إلى اليمن] قال وبعث كل واحد منهما على مخلاف. قال واليمن مخلافان. ثم قال:[يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا]. فانطلق كل واحد منهما إلى عمله وكان كل واحد منهما إذا سار في أرضه كان قريباً من صاحبه، أحدث به عهداً فسلم عليه، فسار معاذ في أرضه قريباً من صاحبه أبي موسى فجاء يسير على بغلته حتى انتهى إليه، وإذا هو جالس وقد اجتمع إليه الناس، وإذا رجل عنده قد جمعت يداه إلى عنقه، فقال له معاذ: يا عبدالله بن قيس: أيما هذا؟ قال: هذا رجل كفر بعد إسلامه. قال: لا أنزل حتى يقتل. قال: إنما جيء به لذلك فانزل. قال: فنزل. وباب قتل المرتد من أعظم أبواب الفقه، هذا باب معروف، فإنكار هذا الباب والقول بأن هذا ليس في الإسلام غير صحيح، ولا يشترط أن يكون المرتد محاربا، فمن دخل في الإسلام، ثم أعلن نكوصه ورجوعه وإن لم يحارب المسلمين يقتل حداً، وهذا أمر لا خلاف فيه بين أهل الإسلام.