السؤال:
ذكرت في خطبتك السابقة أن الكفر مجرد خاطر يمر على القلب. وكثيراً من الناس يمر على قلوبهم خواطر كثيرة من الشيطان، فكيف يعرف الناس أن هذا قد كفر وهل لذلك من علامات حتى لا نقع في حيرة؟
الجواب:
الكفر ممكن أن يكون خاطر، لكن هذا الخاطر إذا تمكن من القلب ومكث فيه وارتضاه الإنسان عندها يصبح كفراً، أما إذا انكره ورفضه فهذا ليس بكفر وهو صريح الإيمان، فقد جاء رجل إلى النبي صلوات الله وسلامه عليه فقال له يا رسول الله إني أجد في نفسي ما أتعاظم أن اتكلم به، يعني لا اقدر أن أقوله من شناعته فقال له النبي: [ذلك صريح الإيمان]، فالإيمان الصريح هو إنكار هذه الخواطر التي تكون من الشيطان، وقال النبي [الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة] فالشيطان يلقي في قلب ابن آدم وهذا شغله الدائم كما قال النبي [الشيطان جاثم على قلب ابن ادم فإذا ذكر الله خَنَس، وإذا غفل وسوس]. أنت تغفل قليلا عن الذكر يوسوس ولا يتركك حتى وأنت بين يدي الله في الصلاة، كما قال النبي صلوات الله وسلامه عليه [إذا أذن المؤذن بالصلاة أكبر الشيطان وله حصاص] حصاص يعني ضراط [فإذا فرغ من الأذان اقبل فإذا أقيمت الصلاة أدبر وأيضا له حصاص] يعني لا يريد أن يسمع أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ثم إذا انتهى المؤذن من التثويب رجع يوسوس للمصلي حتى يحول بينه وبين صلاته يقول له اذكر كذا، و يذكره بأشياء لا تكون على البال ولا الخاطر لكن يذكره بها في الصلاة حتى لا يدري الرجل كم صلى، فالوسوسة دائمة، الوسوسة بالإشغال عن الطاعة، والوسوسة بالشك في الله كما قال النبي [لا يزال الشيطان يأتي الرجل فيقول له من خلق كذا، فمن خلق كذا، فمن خلق كذا، فمن خلق الله، فإذا أتاه ذلك فليستعذ بالله ولينتهي]، فالشيطان يوسوس لكل شيء ويشكك العبد حتى في وجود الرب جل وعلا فمن استجاب واستنام للشيطان وأخذ وسوسته وتمكنت في قلبه فقد كفر بهذا حتى وإن لم يخرجها من صدره، وإن رفضها وأنكرها فهذا صريح الإيمان، فالمؤمن في عراك دائم بينه وبين الشيطان عراك يبدأ من القلب وينتهي بعمل الجوارح، لذا لا بد على الإنسان أن يطرد وساوس الشيطان وتخيلاته ويظل مع الحق.