السؤال:
هل من التوكل أن يصنع المسلم صنيع الرجل الذي جاءت قصته في صحيح البخاري أنه رمى مالاً كان قد استقرضه من رجل آخر وقال اللهم أنت الشهيد وأنت الكفيل، أم أن القصة تنافي التوكل المشروع؟
الجواب:
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم هذه القصة ليضرب بها مثلاً قبلنا ملتزمون بكلمتهم، ونص الحديث: [إنَّ رجلاً من بني إسرائيل سأل رجلاً أن يسلفه ألف دينار فقال له: إيتني بشهيد، فقال: كفى بالله شهيداً، قال: إيتني بكفيل، قال: كفى بالله كفيلاً، قال: صدقت، فدفع إليه الدنانير إلى أجلٍ مسمى، فركب الرجل البحر وذهب بذلك المال فقضى حاجته، فلما حان الأجل طلب مركباً يركبه ليأتيَ ذلك الرجل فيقضيه دينه، فما وجد مركباً فضرع الرجل إلى ربه، سأل مولاه وسيده قال: اللهم إنك تعلم أنَّ فلاناً قد استسلفته ألف دينار فسألني شهيداً فقلت: كفى بالله شهيداً، فسألني كفيلاً فقلت: كفى بالله كفيلاً، وقد أعطاني تلك الدنانير وإني ما وجدت مركباً، اللهم إني أستودعكها فأدِّ عني، أخذ لوحاً من خشب، فنقره ووضع فيه تلك الدنانير، ووضع معه كتاباً إلى الدائن، ثم زجّج الموضع -أي أصلحه وسوّاه- ثم قذف بتلك الخشبة في البحر، فحملها ربنا جل جلاله بتيسيره وقدره فأخذها ذلك الرجل حطباً إلى أهله، فلما كسرها وجد الكتابَ ووجد الدنانير، ثم لما كان بعد حين وجد ذلك المدين مركباً فركب ثم أتى إلى الرجل ومعه الدنانير، وبدأ يبذل عذره ويذكر جواباً، قال له: يا عبد الله! والله لقد اجتهدت أن آتيك في الأجل المضروب، لكنني ما وجدت مركباً هذه دنانيرك جزاك الله عني خيراً، فقال له الدائن: أما كنت قد بعثت إليَّ بشيءٍ قبلها؟، قال المدين: يا عبد الله! قد أبلغتك أني ما وجدت مركباً، هذه دنانيرك، فقال له الدائن: قد أدَّى الله عنك ووصلت دنانيرك فأمسك عليك مالك جزاك الله خيراً].
والشاهد من هذه القصة هو الوفاء بالوعد والصدق مع الآخرين، وهذا ما يجب على المسلم القيام به. أما وسائل تحقيق ذلك فهي كثيرة فعلى سبيل المثال من كان لديه مال اقترضه من رجل يعيش في بلد آخر بإمكانه أن يرجعه له عن طريق الحوالات البنكية والمكاتب المصرفية الموجودة حالياً ولم تكن موجودة آنذاك.