السبت 19 شوّال 1445 . 27 أبريل 2024

الحلقة (124) - سورة النساء 65-71

الحمد لله ربِّ العالمين، وأصلي وأسلم على عبد الله الرسول الأمين، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهديه وعمل بسنته إلى يوم الدين.

 وبعد يقول الله -تبارك وتعالى- : {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[النساء:65], {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا}[النساء:66] ,{وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا}[النساء:67], {وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}[النساء:68], يُقْسِمُ الله -تبارك وتعالى- بنفسه -جلَّ وعَلا-, ويضيف النبي له,{فَلا وَرَبِّكَ}, أي يا محمد{ لا يُؤْمِنُونَ}, نَفَي الله -تبارك وتعالى- الإيمان عن هؤلاء المنافقين الذين ذُكِرُوا في الآيات السابقة, وهم الذين أرادوا أنْ يتحاكموا في بعض الخصومات التي وقعت لهم إلي حُكْم ِاليهودي كعب بن الأشرف في المدينة, معرضين عن حُكْمِ الله وحُكْمِ رسوله, وكذلك عن الذين لم يرضوا بِحُكْمِ النبي -صلوات الله والسلام عليه-.

 كما قال الزبير بن العوام -رضى الله وتعالى عنه- ما أرى هذه الآية {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} إلا جاءت فيه خصومة يقول: كان بيني وبين أنصاري في شراج الحَرة ماء في الحرَّة, كان للزبير بن العوام أرض على هذا الماء أقرب إلي المنبع وأرض الأنصاري أبعد, فاختصموا في مَن يسقي أولًا, فتحاكموا إلي النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال النبي أسقِ يا زبير ثم أرسل ماء الي جارك, وقال النبي أسقِ يا زبير, وذلك لأنه أقرب إلي الماء يجرى عليه أولًا, ثم قال له أسق أنت اولًا الأقرب إلى المنبع ثم أَرْسِل الماء إلي جارك, فقال ذلك الأنصاري للنبي: أنْ كان ابن عمتك, أي حَكَمْتَ له بأنْ يسقي هو اولًا إذا كان هو ابن عمتك وذلك أنَّ الزبير بن العوام هو ابن صفية بنت عبد المطلب عمة النبي -صلى الله عليه وسلم- .هذه كلمة عظيمة تَلَوَّنَ وجه النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا كفر تهم النبي بأنه حكم هذا الحكم محاباةً للزبير ابن العوام أنه قريبة ابن عمته فَتَلَوَّنَ وجه النبي -صلوات الله والسلام عليه- وقال بعد ذلك أسقِ يا زبير ثم حتي يصل الماء إلي الجدر ثم أرسل الماء إلي جارك, فبيَّن النبي أنَّ هذا حقه أنَّ حق من هو أقرب الي الماء أنْ يسقي اولًا ثم قال له: خذ حقك وافيًا ثم بعد ذلك أَرْسِل الماء إلى جارك, فنزلت هذه الآية ,{فَلا وَرَبِّكَ}, يُقْسِمُ الله -تبارك وتعالى- بذاته العلية -سبحانه وتعالى- وأنه رب محمد -صلوات الله والسلام عليه-.

 {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ}.نفي للإيمان لهؤلاء, {حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}, {شَجَرَ} أي مِن خلاف وسُمِّي شَجَر لأنه كأنَّ المختلفين تتداخل الخصومة والحقوق بينهما فيأتي الحَكَم ليُبيِّن ما حق هذا وما حق هذا, {فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ}, أي فيما نشأ بينهم من أي خلاف يقع بينهم, هذا أول شىء إنهم يتحاكموا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-, {ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ},  أي ضيق, الحرج الضيق أي أنَّ الحُكْم الذي يحكم به النبي-صلى الله عليه وسلم- لا يجدوا فيه أي ضيق بتاتا لأنَّ النبي لا يحكم إلا بالعدل -صلوات الله والسلام عليه-, {وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } لِحُكُمِ الله -تبارك وتعالى-, وحُكْمِ رسوله -صلى الله عليه وسلم- أنْ يسلموا تسليما بلا قيد تسليمًا كاملًا  لحكم الله وحكم رسوله فهذه الآية فيها بيان أنه لا إيمان لمن لم يرضَ بِحُكم الله -تبارك وتعالى- يتحاكم إلي حُكْمِ الله وحكم رسوله ولا يكون في صدره أي ضيق مِن حُكْم الله وحُكْم رسوله ويسلموا الأمر تسليمًا كاملًا, ثم بين -سبحانه وتعالى- مضت الآيات في أنَّ الله -تبارك وتعالى- نهي النبي أن قال {فأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا}[النساء:63] , {أَعْرِضْ عَنْهُمْ} أي بإنزال العقوبة ,{وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ} في قصد أنفسهم أي {قَوْلًا بَلِيغًا}, ثم قال : {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}, ثم هنا بين الله -تبارك وتعالى- بأنه لو حَكَمَ عليهم بحكمٍ أي بالحُكْمِ الذي يستحقونه؛ الحُكْم الشديد, كما حَكَم علي مَن قَبل ِممَن خرجوا مِن الإيمان إلي الكفر لما فعله إلا قليلٌ منهم قال : {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ}, هذا لا يستحق القتل, {اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ}, هنا أنفسكم ليس معنى ذلك هو الانتحار وإنما {اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ}, اقتلوا إخوانكم هؤلاء, حَكَمْنَا عليهم بأن هو أهل الإيمان يجب أنْ يقتلوا مَن تحاكم  إلى غير حُكم الله ومَن رضي بحكم الله وحُكْمِ رسوله كما حكم الله -تبارك وتعالى- عن اليهود عندما عبدت طائفة منهم العجل أنْ يقتلوهم, {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ }[البقرة:54] فلم يتب الله عليهم إلا بأنْ يُقْتَل الذين عبدوا العجل.

قال -جلَّ وعَلا- : {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ} عقوبة؛ أي اترك أرضك هذه التي عصيت الله -تبارك وتعالى- فيها وأخرج مِن أرضك إلي أرض أُخرى هجرة هنا مفروضة عليه, قال -جلَّ وعَلا- : {مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} {مَا فَعَلُوهُ}, أي هذا الأمر ليكون كفارة وتوبة لهم, أي يحكم الله -تبارك وتعالى- عليهم بحكم وعقوبة في الدنيا, عقوبة شديدة؛ كالقتل, حتى يقبل الله توبته أو الخروج مِن أرضه حتى يقبل الله توبته, قال جلَّ وعلا - : {مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ}.

ثم قال -جلَّ وعَلا- : {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا}, {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ} يوعظون به؛ يزجرون به كالعقوبة هذه الشديدة التي يرتبها الله -تبارك وتعالى- على هذا الذنب. {لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} لكان استجابتهم وفِعْلهم للأمر الذي أمرهم الله للعقوبة؛ للإذعان للعقوبة التي يعاقبهم الله -تبارك وتعالى- بها على هذا الذنب, {خَيْرًا لَهُمْ}, في الدنيا والآخرة, {وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا}, يكون أشد تثبيت لهم في الإيمان هذا أمرين, انظر  نتيجة إذعانهم لحُكْم الله الذي يحكمه عليهم, والعقوبة التي يفرضها عليهم مِن أجل التوبة, { لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا}, ثم {وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا}[النساء:67], ثم {وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}[النساء:68], أصبحت أربعة  مثوبات يثيبهم الله -تبارك وتعالى- به {وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا}[النساء:67], على الاستجابة لأمر الله -تبارك وتعالى- أمر عظيم ومِن هذا الأجر العظيم الجنة {وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}, في الدنيا هداهم الله الصراط المستقيم -سبحانه وتعالى- إذًا طاعة الله -تبارك وتعالى- فيما يشرعه لعباده, والاستجابة للعقوبة التي يعاقب بها الله -تبارك وتعالى- مَن أذنب, الاستجابة لهذا في كل هذه الفوائد والمنافع,  {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا}, ثم{ وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا}, {وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}, وهذا فيه بيان ليس لهؤلاء فقط وإنما لكل أحد أنَّ الاستجابة لأمر الله -تبارك وتعالى- والإذعان له, وأخذ العقوبة التي فرضها الله -تبارك وتعالى- لا الذنب بالاستسلام والرضا أنَّ هذا هو خيرٌ له في دينه وفي دنياه.

 ثم قال-جلَّ وعَلا- : {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا}[النساء:69], جاءت هنا هذه الآية العامة التي تبين أنَّ كل مَن أطاع الله ورسوله, {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ}, {مَنْ}, مِن صيغ العموم كل, والطاعة معروفة, {يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ}, جعل الطاعة لله والرسول, وذلك أنَّ الرسول إنما أَمْرُهُ أمر الله, يأمر بأمر الله -تبارك وتعالى-, فهو مُبَلِّغ عن الله -تبارك وتعالى- لا يأمر مِن عند نفسه, قال : {فأُولَئِكَ}, الذين يطيعون الله والرسول, { مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ}, معهم؛, في الآخرة؛ معهم في مستقر رحمة الله -عزَّ وجل-, ومع {الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} هذا أعظم لأنعام والأفضال والتكريم والمثوبة العظيمة, {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ }, أي إنهم محشرون كائنون في الجنة مع هؤلاء {مِنَ النَّبِيِّينَ}, {النَّبِيِّينَ}, جمع نبي, والنبي هو الذي تأتية الأنباء, والأنباء هي هذه الأخبار العظيمة مِن الله -تبارك وتعالى-, {وَالصِّدِّيقِينَ}, جمع صِدِّيق؛ صيغة مبالغة مِن التصديق, وذلك أنه صَدَّقَ كلام الله -تبارك وتعالى-, {وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ}, الشهيد مَن أكرمه الله -تبارك وتعالى- بالموت في سبيله فهو شهيد بمعنى أنه شاهد بواقعه شاهد على أنه قد قُتِلَ في سبيل الله أي حالًا, وكذلك شاهد قالًا لأنَّ الله يستشهده على مَن قتلوه؛ على مَن حوله فيستشهد شهادة مقبولة عند الله هذه منزلة عظيمة والشهداء,  {وَالصَّالِحِينَ}, جمع صالح وهو فاعل الأمور الصالحة فاعل الصلاح وكل ما أمر الله -تبارك وتعالى- به هذا صلاح للعبد في الدنيا, وصلاحٌ له في الآخرة.

 قال-جلِّ وعَلا- : {وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا}, أحسن رفقة هذه أعظم رفقة أعظم رفقة ممكن أنْ يرافقها الإنسان هذه الرفقة الطيبة {مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ}, الذين يجمعهم الله -تبارك وتعالى- في مستقر رحمته في الجنة,  ولذلك لما خُيِّرَ النبي بين البقاء في الدنيا, وبين الموت والالتحاق بهذه الرفقة, كانت آخر كلمة قالها الله -صلى الله عليه وسلم- أنْ رفع بصره إلي السماء وقال: (في الرفيق الأعلى) قالت أم المؤمنين عائشة: -رضى الله عنها- وهي مسندة للنبي على صدرها في هذه الساعة قال: (فرفع النبي بصره إلى السماء وقال مبشرا أنْ يصبح في الرفيق الأعلى فقلت إذا لا يختارنا) مدام فضل الرفيق الأعلى لا يختار أهل الدنيا وفي الدنيا أعظم حبًا -صلى الله عليه وسلم- .مِن أهل الدنيا زوجه عائشة التي ُسئِل النبي مَن أحب الناس إليك؟ فقال عائشة: فقالوا مِن الرجال قال أبوها, وأصحابه وأحبابه النبي لكنه لما خُيِّرَ كل نبي قبل أنْ يقبض الله روحه يخيره بين البقاء في الدنيا ما شاء وبين الآخرة, فلا أفضل مِن الآخرة فخير النبي هل البقاء أم الصحبة فقال: (في الرفيق الأعلى) فهؤلاء الرفيق الأعلى هؤلاء هما الرفقة الطيبة رفقة الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين قال: {وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا}, لا أحسن، لا أحسن مِن هذه الرفقة ثم في الجنة؛  في جنة الله -تبارك وتعالى- ورضوانه -جلَّ وعلا- هذا حض من الله -تبارك وتعالى- لعباد يان يزعنوا للأمر الله وأن كان فيه شده وفيه فهذا الله يقول لو أنَّا حكمنا عليهم بهذا الذنب اقتلوا أنفسكم بالقتل أو بالخروج مِن الديار والأهل, لكان ينبغي المسارعة إلى أمر الله -عزَّ وجل- هذا هو الأفضل والخير هذا هو الخير لأن مآله الخير أنظر الي مآل هذا الخير, {وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا}{وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}ثم {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ} ثم لهذه الرفقة الطيبة في الجنة.

        قال-جلَّ وعَلا- : {ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ}, هذه الرفقة أنْ يعيش أنْ يحيا الإنسان مع هذه الرفقة في الجنة هذا هو الفضل مِن الله الفضل المنة وهذا الإكرام هذا واقع من الله, وكونه واقع مِن الله إذا هو عظيم جدا لا تُتَصَوَّرُ عظمته لأنَّ العظيم الرب الإله العظيم -سبحانه وتعالى- الله عظيم وبالتالي لابد أنْ يكون عطاؤه عظيم, فالعطاء إنما هو على قدر المعطي -سبحانه وتعالى-, {ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا}[النساء:70],  كفي به عليما -سبحانه وتعالى- وذلك أنه قد وَسع كل شيء علمًا -سبحانه وتعالى- أي أنه يكفيك بالله -تبارك وتعالى- عليما بكل شيء, ما يغيب عن عِلْمِ الله شيء, وهذا فيه توجيه مِن الربِّ -تبارك وتعالى- إلي أنَّ مَن ينال هذه المنزلة العظيمة ينالها مَن عَلِمَ الله -تبارك وتعالى- حاله  -سبحانه وتعالى-, وأنه لن ينالها إلا مَن يستحقها على الحقيقة وذلك أنَّ الذي يُنِيلُهَا هو الله والله مَن؟ الله هو العليم بشئون عباده -سبحانه وتعالى-, فكأن المعنى مَن عَلِم الله -تبارك وتعالى- منه الاستحقاق لهذا الفضل عطاء الله -تبارك وتعالى- من الفضل. {وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا} فلا يطمعنَّ طامع ولا يظننَّ ظان أنه يصل إلى هذه المنزلة دون أنْ يكون مِن أهلها لأنَّ الذي ينيله هذا الفضل هو الله, وكفيى بالله -تبارك وتعالى- عليما بخلقه -سبحانه وتعالى-, هذا فاصل مِن هذه السورة الأحكام في بيان حكم الله -تبارك وتعالى- ووجوب إليه ورد كل خصومة إلي الله ورسوله وبيان حال هؤلاء المنافقين الذين أظهروا الإيمان بالله ورسوله ولكنهم ناقضوا ذلك بأنْ تحاكموا إلي غير حكم الله ورسوله.

ثم جاء بيان الله -تبارك وتعالى- لحقيقة فعلهم هذا وأنهم فعلوا الكفر وأنَّ هذا لا ينبغي وبيان الطريق إلي أنْ يخرجوا مِن الإثم الذي وقعوا فيه رجوعهم إلى الله واستغفارهم, ثم طلبهم مِن النبي أنْ يستغفر لهم, {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا}[النساء:64], قد أجمع السلف والصحابة -رضوان الله عليهم- على أنَّ النبي -صلوات الله عليه وسلم - إنما يُسأَل  الدعاء لمن يستشفع عنده في حياته ولكن لا يُسأل هذا بعد موته -صلوات الله وسلامه - بدليل أنَّ الصحابة رضى  إلي الله بعد موت النبي يستشفعون بدعاء الصالحين منهم, ولا يستشفعون بالنبي  -صلى الله عليه وسلم- يقولون: يا رسول الله ادعوا الله لنا ونحو ذلك,  كما حصل في عام الرمادة لما قَحَطَ المسلمون في عهد الصِّدِّيق, قال عمر خرج المسلمون وقالوا:  اللهم ما انا كنا اذا اجدبنا توسلنا إليك بنبينا فتسقينا واليوم نتوسل إليك بعمنا نبينا, قم يا عباس فادعوا الله فقام العباس فدعا الله -تبارك وتعالى- وكان مِن دعائه : (اللهم لا ينزل بلاءٌ إلا بذنب ولا يُرْفَعُ إلا بتوبة وهذه أيدينا نرفع  أيدينا إليك) فنزل المطر.

 لم يخرجوا مِن مقامهم إلا واستجاب الله -تبارك وتعالى- دعائهم والشاهد  أنهم ما كان الصحابة ليعدلوا عن توسل بدعاء النبي إلى دعاء العباس لو كان هذا الأمر جائزًا, وإلا لذهبوا عندما أقحطوا  وقالوا: يا رسول الله ادعوا الله لنا الأمر فيه قَحْط وفيه شِدَّة ونحن فيه بلاء فادعوا الله لنا توسل لدعائه عند قبره وهو عندهم, ولكنهم لم يفعلوا هذا, وهذ ا أنه لاشك أنه شِرْك وإنما توسلوا بدعاء العباس وقال عمر: (الله إنَّا كنا إذا أجدبنا توسلنا إليك بنبينا فتسقي لنا) عند الجدب كنا قد نتوسل أي بالنبي, وذلك كما جاء في حديث أنس بن مالك في الصحيحين أنَّ النبي وهو يخطب دخل رجلٌ, مِن الباب المسجد فقال: يا رسول الله هلكت العيال هلكت الأموال أدعوا الله أن يسقينا, فعند ذلك توجه النبي  -صلى الله عليه وسلم- إلي القبلة ورفع يديه حتي رُؤِي بياض إبطيه وهو يدعوا الله -تبارك وتعالى- وهو يقول: « اللهم أسقينا اللهم ما أغثنا» يقول أنس: فو الله لقد دعا رسول الله وما في السماء مِن قزعة, قزعة أي قطعة صغيرة مِن الغيم القزع الغيم إذا كان متقطع في السماء ثم قزع يقول: فجاءت غيمه كالتُّرْس صغيره مثل التُّرْس الذي بترس به المحارب  يقول ثم توسعت في السماء يقول: ثم نزل المطر  فخرجنا نمشي في المطر يقول فوالله ما رأينا الشمس أسبوعًا, أسبوع كامل لم يرو الشمس والمطر نازل يقول ثم إلى الجمعة التي تليها.

 ثم صعد النبي المنبر يخطب في الناس فدخل رجل هو ذلك الرجل أو غيره قال: يا رسول الله هلكت الأموال, هلكت العيال, ادعوا الله أنْ يرفع عنا المطر فقال النبي -صلى الله عليه وسلم -« اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَامِ وَالظِّرَابِ وَمَنَابِتِ العشب», يقول فإنْجاب السحاب مِن وسط حول المدينة يقول حتى أصبحت المدينة في مثل الجوبة قطع مِن السحاب على مقدار مساكن المدينة وبدا المطر على خارج الآكام والظراب ومنابت العشب المدينة في مثل هذا فالنبي -صلى الله عليه وسلم- هو أبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل, فكان الصحابة إذا كنا إذا أجدبنا هذا كلام عمر توسلنا إليك بنبينا فتسقينا واليوم نتوسل إليك بعم نبينا قم يا عباس فادعوا  الله لنا فدعا العباس فالشاهد من هذا إنه لو كان يجوز دعاء النبي أو طلب الدعاء مِن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما عدل الصحابة عن النبي إلي التوسل بدعاء العباس فالنبي أكمل وأعلى وشفاعته أولى لكن هذا لا شك أنه شرك يؤدي إلى الشرك هو وسيلة وزريعة إلي الشرك بالله -تبارك وتعالى- ولذلك لم يفعله الصحابة.

 الشاهد في قول الله -تبارك وتعالى- وعظًا مِن الله لهؤلاء الذين ارتكبوا هذه الجريمة والكفر بالله -تبارك وتعالى- بالتحاكم إلى الطاغوت وعظهم الله -تبارك وتعالى- بأنْ يستغفروه, وأنْ يذهبوا إلي النبي أي في حال حياته فيطلبوا منه -صلى الله عليه وسلم- أنْ يَغفر لهم, {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ}, بالتحاكم إلى غير الله, {جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا}[النساء:64], ثم قال –تبارك وتعالى- : {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[النساء:65], ثم بين أن الله –تبارك وتعالى- من رحمته بهذه الأمه لم يشرع لهم عقوبة شديده للتوبة كما شرع لبنى إسرائيل فإنَّ بني إسرائيل مَن وقع في الكفر عاقبة الله –تبارك وتعالى-بالقتل لم يقبل الله -تبارك وتعالى- خروجه مِن ذنبه إلا بالقتل, {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}[البقرة:54], فلم يقبل الله-تبارك وتعالى- توبتهم إلا بهذا, لكن مِن رحمة الله –تبارك وتعالى- بهذه الأمه جعل قبول التوبة حتى في الذنب الذي هو كفر بالله –تبارك وتعالى- إنما هو بالاستغفار والرجوع إلى –الله تبارك وتعالى-, {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[الزمر:53], ولا يستلزم في أهل الإيمان القتل وبين قال -جل وعلا-:{وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ}مهما كان لان هذا يعظكم الله به هذه العقوبة وعظ منه سبحانه وتعالى ولو انهم فعلوا ما يوعظون به, {........لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} [النساء:66], {وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا}[النساء:67] {وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا}[النساء:68] ثم أخبر -سبحانه وتعالى- بأنَّ الجزاء الأخروي جزاء عظيم منه -جل وعلا- فمهما لاقي الإنسان المؤمن في سبيل الجنة والرفقة الطيبة فيها فليكن كل شيء دون ذلك جلل ويسير قال جلَّ وعَلا : {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ}, وإنْ كان في طاعة الله والرسول ما كان مِن الأمر الشديد, {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا}[النساء:69], {ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا}[النساء:70], توجيه أنَّ هذا الفضل العظيم لا مِن عظم الفضل أنْ يجمع الله -تبارك وتعالى- هذه الصفوة مِن عباده الصفوة النقية الصافية الصالحة النبيين الصديقين الشهداء الصالحين أنْ يعيش الإنسان؛ يحيا الإنسان معهم في الجنة, {وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا }, وليس مع أنظر حال أهل الجنة أنما هم مجرمون اللصوص الزناة الفساق المجرمين أي حشره معهم ووجوده معه عذاب وهذا عذاب في ذاته ولو كانوا فيه جنه لكان الإنسان معذبا معهم فكيف تجمع كل هذه الحسالات مِن المجرمين؟ {فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ}[الشعراء:94], {وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ}[الشعراء:95], يكفي هذا الحشر مع هذه الطائفة فتكفي النار عذاب أن يكون اهلها من اهل هذه المثابة وتكفى الجنة  سعادة لأهلها ونعمه أن يكون أهلها هم الصفوة من عباد الله -تبارك وتعالى- وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا} {ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا}[النساء:70].

 ينتهى هذا الفاصل مِن فواصل هذه السورة العظيمة سورة النساء, ثم يبدأ الله -تبارك وتعالى- يعني بفاصل جديد في بيان أحكام من أحكام القتال الأحكام السابقة كانت في أحكام الحكم أمانة الحكم و ما يجب على الحاكم وما يجب على المحكومين ووجوب التحاكم في كل الصغير والكبير إلى حكم الله وحكم رسوله -صلوات الله وسلامه عليه- وما يترتب على الإذعان إلى أمر الله وما يترتب على التفصى والخروج مِن أمر الله -عز وجل- بدا هذا الفاصل جديد مِن السورة بقول الله -تبارك وتعالى- : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُوا جَمِيعًا}[النساء:71] {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا}[النساء:72] {وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا}[النساء:73] {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}[النساء:74],{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}, خطاب من الله -تبارك وتعالى- لعباده المؤمنين يناديهم واصفًا إياهم -سبحانه وتعالى- باسم الإيمان الذي فيه حض لهم على الفعل ووجوب الامتثال, {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ}: يأمرهم الله -تبارك وتعالى- بأخذ الحذر أي مِن أعدائهم وهو التبصر والترقب وإعداد العدة والاستعداد للأمر كل هذا يدخل في معنى أخذ الحذر مِن أعدائهم {خُذُوا حِذْرَكُمْ} ثم ذكر الله -تبارك وتعالى- {فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُوا جَمِيعًا}, هذا نوع مِن أخذ الحذر {فَانفِرُوا} النَّفر هو الخروج في سبيل الله, {ثُبَاتٍ} جمع ثبة والثبة وهي القطعة مِن الجيش, سرية, مجموعة مِن الجيش, أي إما ثبة ثبة مجموعات جيوش, {أَوِ انفِرُوا جَمِيعًا}, نفير عام, كل المسلمون ينفرون نفير عام وهذا بحسب الخطة الموضوعة, وحسب الحاجة إلى ذلك, فقد يكون أمر ثغر وحرب تحتاج مجموعه فتُوجَه لها المجموعة أو أكثر مِن مجموعة فيُوجَّه لها أو يحتاج الأمر إلى نفير عام فينفر أهل الإسلام جميعًا لملاقاة عدو, وقد فعل النبي هذا وهذا -صلوات الله والسلام عليه- فإنه كان يرسل السرايا والبعوث حتى تكون السرية ثلاثين شخص, أربعين شخص, خمس أشخاص, أي لمصالح حربية مختلفة كأنْ يكون عين يأتوه بالأخبار, أنْ يكون في إثر قوم منهزمين أو لملاقاة عدو يترقب عداوته وهجومه, أو كذلك خرج النبي في نفير عام كالنفير العام أي في أُحد خرج المسلمون جميعًا, في بدر لم طلب النبي قال: مَن كان ظهره حاضرًا فليأتي, فلم يطلب مِن كل المؤمنين أنْ يخرجوا جميعهم, في أُحد كان نفير عام,  في الخندق نفير عام, في غزوة الحديبية عندما ذهب النبي كان ذاهب للعمرة فخرج ألف وأربعمائة معه  هؤلاء فقط الذين خرجوا للعمرة معه, في تبوك وفي عام غزوه تبوك أُمِرَ كل مسلم أن يخرج وكان مِن تَخَلَّفَ عن النبي بضع وثمانون مِن المنافقين نزل فيهم آيات شديدة في سورة التوبة التي يسميها الصحابة  الفاضحة.