السبت 19 شوّال 1445 . 27 أبريل 2024

الحلقة (125) - سورة النساء 71-77

الحمد لله ربِّ العالمين، وأصلي وأسلم على عبد الله الرسول الأمين، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهديه وعَمِلَ بِسُنَّتِهِ إلى يوم الدين.

 وبعد يقول الله -تبارك وتعالى- : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُوا جَمِيعًا}[النساء:71], {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا}[النساء:72], {وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا}[النساء:73], {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}[النساء:74], {وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا}[النساء:73], {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}[النساء:74], هذا فاصل جديد في هذه السورة؛ سورة النساء وفي أحكام القتال, بَدَءَ الله -تبارك وتعالى- هذا الفاصل الجديد مِن السورة بقوله -سبحانه وتعالى- : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}, نداء مِن الله -تبارك وتعالى- لعباده المؤمنين يصفهم بوصف الإيمان حَثًا لهم على الامتثال, {خُذُوا حِذْرَكُمْ }, أَمْر بأخذ الحَذَر مِن أعدائكم يشمل ذلك معرفة ما يخططون حجم قوتهم, متى يريدون أنْ يهاجموا, أهل الإيمان  لابد أنْ تكون عين المؤمنين على هؤلاء الأعداء, استعداد المسلمين لهم, أخذ أُهْبتهم, أخذ عدتهم, وضع الخطط والسبل التي يَكُفُّونَ بها شرهم, ينتصرون عليهم في نهاية المطاف, كل هذا مِن باب أخذ الحَذَر {خُذُوا حِذْرَكُمْ }, وقد فعل نبيكم -صلوات الله وسلامه عليه- فإنه قد كان يرسل سرياه وبعوثه أهداف كثيرة؛ هدف الرصد؛ يرصدون العدو يعرفون تحركاته عيون يرسلهم -صلوات الله وسلامه عليه-, هدف التخويف أنْ يفاجئهم قبل أنْ يأتوه كل هذا مِن أخذ الحذر,{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُوا جَمِيعًا}[النساء:71].

هذا أيضًا مِن الخطط التي يمكن أنْ يتخذها المؤمنون خيرهم الله -تبارك وتعالى- بين هذا وهذا حسب الحاجة, {فَانفِرُوا ثُبَاتٍ}: والثُّبَة هي القطعة مِن الجيش كالسرايا الجيوش جيوش ,{أَوِ انفِرُوا جَمِيعًا}, نفيرًا عاما قد فعل هذا النبي -صلوات الله والسلام عليه- في حروب المسلمون في بدر لم يأمر النبي نفيرًا عامًا وإنما قال : «مَن كان ظهره حاضرًا فليخرج» في أُحد كان نفيرَا عامًا كل المسلمون لابد أنْ يخرجوا رجع المنافقون فقط, في الخندق كان نفير عام, كان هذا النفير العام في غزوة تبوك التي هي كانت أصعب غزوة وأشد في حياة النبي -صلوات الله وعليه وسلم- التي هي سميت بساعة العسرة, {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ}[التوبة:117], ساعة العسرة ساعة الحرب غزوة تبوك التي أمر النبي فيها بنفير عام لا يتخلف إلا أهل الأعذار وهذه لملاقاة عدو كبير وهم الروم, الذين عَلِم النبي أنهم يجمعون لهم  فلم يمهلهم النبي ليأتوا بل خرج لهم النبي -صلوات الله وسلامه عليه- {فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُوا جَمِيعً} حسب الحاجة.

 قال -جلَّ وعَلا- :{وَإِنَّ مِنْكُمْ} أي بعضًا, {لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ} قيل هذه صفات المنافقين وقيل مِن ضعاف الإيمان الذين اقترب حد إيمانهم, ليس عندهم إلا قليلا حتى يصبحوا منافقين, {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ} , أي في الخروج إلى الغزو تأخر عن الخروج لما تأخر في اليوم لما تأخر في آخر الجيش, {فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ}: أي من العدو بهزيمة أو قتل, {قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا}, يظن أنَّ نجاته مِن القتل وعدم نيله للشهادة أنها فوز مِن الله -تبارك وتعالى- وأنها إنعام مَنَّ الله عليه {مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا} أي لو خرجت مع أول الخارجين وخرجت في هذه السرية وهذا الجيش لكنت قد استشهدت والله أنعم عليَّ بالحياة والبقاء فيها هذا مِن جهله وعدم فطنته وعدم فهمه فإن المُنْعَم عليه هو الذي قُتِلَ في سبيل الله, وأما هذا الباقي الذي لم ينل هذه الشهادة فهذا ليس هو الآن في مقام الإنعام.

 ثم قال -جلَّ وعَلا- : {وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ}, بغنيمة, بنصر على العدو,{لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ}  أي ليقولن هذا المنافق أو ضعيف الإيمان هذا ومقالة مقالة المتحسر المتأسف أنَّ الخير قد ناله غيره مِن أهل الإيمان, { لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ}مودة الإيمان والمحبة, {يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا}, يتحسر تحسر عظيم, يقول : {يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا}, مع هذا الجيش الذي انتصر في هذه المعركة وقد غنم, {فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا}, أي بالنصر والغنيمة, والحال أنَّ هذا ليس هو الفوز, فالفوز العظيم إنما هو بجنة الله, برضوان الله, بالأجر العظيم, أما الذي رجع بالغنيمة وبالأجر هذه ثمرة معجلة لهذا المؤمن الذي فعل هذا, أما مَن كان لا مقصد له إلا غنيمة فهذا ليس لم يخرج في سبيل الله ولم يفز الفوز العظيم بل إن َّهذا قصده الغنيمة فقط, فالشاهد أنَّ هذا تَحَسَّرَ لما ناله إخوانه المؤمنؤن مِن النصر والغنيمة, والحال أنه يجب أنْ يفرح لفرح المؤمنين, وأنْ يعلم أنَّ هؤلاء إخوانه أم لم يناله هذا الشرف وهذه الفضيلة فيتحسر لذلك فهذا دليل على حسده وحقده وأنه ليس مِن هذه الجماعة.

 قال -جلَّ وعَلا- إضرابًا على هؤلاء فهذا بعد أنْ كشف الله -تبارك وتعالى- حال هذه الطائفة قال : {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ}, أي هؤلاء الذين هم الذين يقاتلون, { فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ}, {يَشْرُونَ}  يبيعون فالدنيا يبيعها بالآخرة  هي التي يأخذونها, فهو يبيع الدنيا, أعظم شيء في الدنيا ماله ينفقه في سبيل الله, ثم روحه هذه التي أعظم منها فيريد أنْ يبذل ماله وروحه في سبيل الله, فهو يبيع دنياه, ولكن يريد الآخرة, يريد ما عند الله -تبارك وتعالى- ,هذا الإعلان مِن الله -تبارك وتعالى- كأنه الإعلان لِمَن يقاتل في سبيل الله حقيقةً, والمعنى الثاني أنه حث مِن الله -تبارك وتعالى- للذي يريد أنْ يقاتل في سبيل الله هو الذي يَفْعَل هذا,  {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ}, ثم قال -جلَّ وعَلا- : {وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}, إذا خرج قتالًا في سبيل الله مريدًا وجه الله -تبارك وتعالى- والدار الآخرة, فإنه على أي صورة كان في المعركة ؛ كانت النتيجة بأي صورة قُتِل أو غَلَبَ فله أجر عظيم عند الله -تبارك وتعالى- ،إنْ قُتِلَ قُتِلَ شهيدًا أو نال أعظم فضل وإنْ غَلَبَ أعدائه غنم فكذلك هذه حسنة مُعَجَّلَة, وثَمَرة مِن ثمرات الجهاد في الدنيا ولا يضيع هذا أجره العظيم عند الله –تبارك وتعالى- يوم القيامة, {وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} هذه هي نيته ومقصده وقد سُئِلَ النبي -صلوات الله والسلام عليه- يا رسول الله الرجل يقاتل حَمِيَّة أي لقومه, ويقاتل شجاعة حتى يقال شجاع, ويقاتل لمغنم, ويقاتل أي حتى يغنم فأي ذلك في سبيل الله؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-  «مَن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا, فهو في سبيل الله», فهذا القتال الذي يكون في سبيل الله هو الذي يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا -صلى الله عليه وسلم- ومن يقاتل في سبيل الله أي لإعلاء كلمة الله هذا هدفه وقصده {فَيُقْتَلْ} في هذه الموقعة التي خرج إليها, { أَوْ يَغْلِبْ } عدوه,  {فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}, في الآخرة وهو الجنة.

ثم قال-جلَّ وعَلا- : {وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا}[النساء:75], سؤال يراد به الحثّ والتهييج على الفعل, {مَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}, أي ما الذي يمنعكم أنْ تقاتلوا في سبيل الله؟ وفي سبيل {الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ}, أي ما الذي يقعدكم عن هذا؟ والحال أنَّ فيه هذا الأجر العظيم مِن الله -تبارك وتعالى- على أية صورة كانت, أي أيما كانت النتائج فإنَّ فيها الأجر العظيم عند الله -تبارك وتعالى-, {وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أي ما الذى يثقلكم ويمنعكم ويقعدكم أنْ تقاتلوا {فِي سَبِيلِ اللَّهِ}, ثم قال -جلَّ وعَلا- : {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ} تقاتلوا كذلك في سبيل المستضعفين وهذا استنهاض مِن الله -تبارك وتعالى- لهمة ومروءة أهل الإيمان ألَّا يَدَعُوا إخوانهم مِن المستضعفين يُهَانُون عند الكفار, {وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا}[النساء:75], أي هم يستضعفون  ويُعَذَّبُونَ ويُهَانُونَ مِن الكفار ودعاؤهم من الله -تبارك وتعالى- إنهم يقولون يا ربنا هذا دعاء المستضعفين { أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا} قيل أنَّ هذا دعاء المستضعفين مِن المؤمنين الذين كانوا في مكة يستذلهم الكفار, القرية هنا ؛القرية التي هي مكة وإنْ كانت هذه الآية عامة تشمل كل قرية, كل بلد يُسْتَضْعَفُ فيها أهل الإيمان والله يستنهض هِمَم المؤمنين بذلك, {رَبَّنَا}, أي يا ربنا,{ أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا}, {وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ} مِن عندك, {وَلِيًّا}  يوالينا, ينصرنا, يخرجنا مما نحن فيه, {وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا}, اجعل لنا يا رب {مِنْ لَدُنْكَ} مِن عندك {نَصِيرًا}  فكأن الله -تبارك وتعالى- يقول لعباده المؤمنين انصروا إخوانكم المستضعفين مِن الرجال والنساء والوالدان الذين يَدْعُون ربهم -تبارك وتعالى- أنْ يجعل لهم وليًا وناصرًا فكونوا أنتم أولياءهم وأنصارهم.

 هذه الآية مِن استنهاض هِمِم أهل الإيمان في القتال في سبيل الله, والقتال في سبيل إخراج المستضعفين, كل هذا مناسبة لهذه السورة التي علمنا أنَّ عنوانها هو تَقْوَى الله والأرحام, فالقتال؛ الأمر بالقتال في سبيل الله مِن تقوى الله -تبارك وتعالى- والأمر باستنقاذ المؤمنين المستضعفين مِن الأمر بالعناية بالأرحام فمن أعظم الرحم؛ الرحم التي بين المؤمنين هذه الرحم الحقيقية كما قال -صلى الله عليه وسلم- «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضوا تداعى له سائر الجسد بالحُمَّى والسَّهر» فأعظم الرحم؛ رحم الإيمان, والأخوة, هؤلاء قامت بينهم والآية تجعل كل منهم لابد أنْ يكون أنْ يرحم الآخر, وأنْ ينصرهم, وأنْ يكونوا معه, فجاءت هذه الآية مناسبة مع هذه السورة التي يأمر الله -تبارك وتعالى- فيها بتقواه -سبحانه وتعالى- وكذلك تقوى أنْ تُقْطَع الأرحام فكأنما مَن ينصر إخوانهم المؤمنين كأنه قطع رحمه ورحمهم الحقيقي الذي هو أقرب مِن رَحِمِ  النسل.

 ثم قال -تبارك وتعالى-  : {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} أي هذا بالواقع وبالضرورة وبالحال هذا وصفٌ لحالهم {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ}, فقتال أهل الإيمان إنما هو لله في سبيل الله لإعلاء كلمة الله, {وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ}, هذا كذلك وصم ووصف لحال هؤلاء الكفار, أنَّ قتالهم في سبيل الطاغوت, طاغوت كلمة عامة مِن الطغيان إما الطغيان وعلوهم الأفساد في الأرض وإما في سبيل الطاغوت الذين يعبدونهم مِن الأصنام والأوثان فهم يقاتلون في سبيل الأصنام,  قالوا : {أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ}[ص:6], {وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ}, جاهدوا في سبيلها, {إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ},  فهم يقاتلون في سبيل آلهتهم, طواغيتهم فقتال أهل الكفر إنما هو للطغيان إما طغيان على أهل الإيمان وإما في سبيل الطاغوت طاغوتهم شياطينهم واما في سبيل علوهم وإفسادهم في الأرض هذا حالهم في القتال{وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ},  قال -جلَّ وعَلا-: {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ}, إذن العالم كله معسكر أنَّ هذا عسكر لله وهذا عسكر الشيطان فهؤلاء الذين أمنؤا أهل الإيمان يقاتلون في سبيل الله والكفار على أختلاف درجاتهم في الكفر على أختلاف مِلَلِهِم  ونِحَلِهِم لا يقاتلون في سبيل الطاغوت, لا يقاتلون إلا في سبيل الطاغوت كل هدفهم مِن الغزو والنهب وقتل أهل الإيمان والدفاع عن آلهتهم وطواغيتهم كلا في سبيل الطغيان فهؤلاء الله وهؤلاء أولياء الطاغوت هؤلاء اولياء الله -تبارك وتعالى- وهؤلاء أولياء الشيطان هؤلاء يحركهم الشيطان وهؤلاء يأمرهم الله تبارك وتعالى, قال -جلَّ وعلا- : {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}[النساء:76].

 إذا أصبحت المعركة بين الله -سبحانه وتعالى- وأوليائه هذا في جهة, وبين الشيطان وأوليائه في جهة, فمعلوم مَن الذي سينتصر في النهاية قال-جلَّ وعَلا- : {فَقَاتِلُوا}, أي يا أيها المؤمنون أي يا أوليائي ويا أنصاري, {أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ}, ثم قال لهم : {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} كيد الشيطان مهما كاد وجمع الكيد هو المكر ومحاولة إيصال الضر إلي الغير بطريق خفي قال لهم : {كَانَ ضَعِيفًا}  كان ضعيفا بمجرد أنْ اهتز على الفور يتساقط  ويهرب مِن المعركة, {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}, هذه مِن أعظم الآيات تحريضًا للمؤمنين على القتال, وبيان أنَّ النصر لهم لأنهم مع الله -تبارك وتعالى-, وأنَّ الكفار كل الكفار مهما كانوا هدفهم نصرة الطاغوت وهم أولياء للشيطان والشيطان لا يثبت كيده بل إنَّ كيده ضعيف, ثم بيَّن الله -تبارك وتعالى- بعد ذلك طائفة أخرى مِن أهل الإيمان مِن ضعاف الإيمان قال -جلَّ وعَلا- : {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً}[النساء:77], يُعجِبُّ الله -تبارك تعالى- رسوله -صلى الله عليه وسلم- مِن حال هذه الطائفة, مِن أهل الإيمان الضعاف الذين كانوا في مكة يَتَحَرَّقُونَ لقتال أعدائهم, وقد شرع الله -تبارك وتعالى- لأهل الإيمان في مكة ألا يبدؤوا بقتال وألا يقابلوا مَن يقاتلهم كذلك بقتال بل أنْ يصبروا الأذى الواقع عليهم حتى يجعل الله -تبارك وتعالى- لهم فرجًا من ومخرجًا مِن ذلك, فلم يجوب الله -تبارك وتعالى- في مكة القتال؛ لأنَّ المؤمنين في مكة كانوا قِلَّة قيل لهم لم يكتمل عدد المؤمنين في كل العشر سنين التي أمضاها النبي في مكة إلا مائتي شخص تكامل عددهم, والمكثر يقول ثلاثمائة شخص فقط كانوا مؤمنين واكثرهم كانوا مستترين بإيمانهم وبعضهم كانوا في الحبشة قِلَّة قليلة, فلو أوجب عليهم الله -تبارك وتعالى- في هذا الوقت لاستأصلهم الكفار الذين كانوا يحيطون بهم مِن كل مكان, فقيل لهم : {كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ}, أي عن العدو, {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} أي أهتموا الآن بعبادة الرب -تبارك وتعالى- {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُم} في مكة أُمِرُوا مِن الله -تبارك وتعالى- مِن رسوله أنْ يكفوا أيديهم وعن العدو,{وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} كم قال الله -تبارك وتعالى- رسوله -صلوات الله وسلامه عليه- : {وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا}[المزمل:11].

قال -تبارك وتعالى- : {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا}[الفرقان:63], وقال -تبارك وتعالى- :{ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا}[المدثر:11], ذرني ترك حسابه إليّ ليس إليك وقال له : {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ}[الغاشية:22], {إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ} [الغاشية:23] {فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الأَكْبَرَ}[الغاشية:24].

آيات كثيرة جاءت في مكة تأمر أهل الإيمان بالصبر والثبات على الحق الذي هم عليه وعدم رد إساءة الكفار بمقابلها برد عدوانهم بل الصبر على ذلك حتي يجعل الله -تبارك وتعالى- مخرجًا مِن ذلك, قال : {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ }[النساء:77] ,الزكاة التي فُرِضَت في مكة ليست هي الزكاة ذات الأنصبة المفروضة في الأموال التي فرضها الله في الذهب والفضة والزروع والثمار والأنعام, وإنما الزكاة, إخراج مال في سبيل الله مِن أجل مواساة الفقراء والمساكين والمحتاجين منهم ونحو ذلك.

ونحو ذلك قال-جل وعلا- : {فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ} وهذا في المدينة وجاءت القتال نزل بالآيه التي يسموها أهل العلم آية السيف وهي قول الله -تبارك وتعالى- : {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}[الحج:39], {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}[الحج:40], هذه آية السيف؛ هذه الآية التي فرض الله –تبارك وتعالى-  أول آية نزلت في القتال فرض الله -تبارك وتعالى- على المسلمين فيها أنْ يقاتلوا عدوهم قال -جلَّ وعَلا- : {فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً}[النساء:77], إذا الفجائية أي بمجرد ما كتب القتال هؤلاء, {إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً}[النساء:77],  وقبل كانوا يتحرقون القتال في ظروف أشق وأشد مِن هذه الظروف بل إنَّ ظرف الآية الذي كتب فيه القتال بالنسبة لأهل الإيمان ظرف أحسن حيث فقد أصبح لهم أنصار في المدينة مِن الأوس والخزرج, سيوف تحميهم يوجد تجمع لأهل الإيمان في دولة أقيمت في أرض ممكن أنْ يدافع المسلمون عنها.

 أما في مكة فقد كان حالهم حال شديده ليس هناك لهم أرض ينطلقون منها ما حدث كان ليس كان يدخل إليهم مكة يعذبوه ويضربوه جاء أبو ذَر فقط فسأل قبل أنْ يسلم أين هذا الرجل الذي خرج فيكم ؟ أي يدعي أنه نبي فضربوه؛ ضربوه بكل سبيل حتي أنه بقي أربعين يوما  وهو لا يعطيه أحد مِن الكفار كسرة خبز ليأكلها, فعاش أربعين يوما على ماء زمزم حتى استطاع أنْ يتوصل لمعرفة النبي فيزوره خفية ويعرض اليه الإسلام فيسلم ثم يقول له: النبي أكتم هذا واخرج إلى قومك قال له: يا رسول الله والله لأصرخنَّ به بين ظهرانيهم فلما خرج إلى المسجد قال أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله فلم يَدْفَع عنه إلا العباس -رضى الله تعالى عنه- فقال: لهم أن هذا في طريق تجارتكم إي الشام إنه غَفَّاري إنه غفار في طريق تجارتكم إلى الشام فنحاهم عنه, شاهد من هذا إنه لم يستطيع المسلم أنْ يُظهر إسلامه ومن يأتيهم من خارج مكة كان لا يستطيع أنْ يصل إلى النبي مجرد وصول اليه فهؤلاء الذين كانوا يتحرقون إلى الجهاد في ذلك الوقت ثم لما أصبحت هناك ظروف أحسن من هذه لما جاء في المدينة وفرض عليهم القتال, {إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ} الفجائية, {يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً}, هناك كنتم تخشون الناس وهنا تخشونهم, {إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ} يخافونهم ويهابونهم يعني يهابون الناس والكفار {كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً} كخشيتهم لله, فوصل تعظيم الكفار في قلوبهم, وخوفهم منهم, وخشيتهم لهم, كتعظيمهم لله -تبارك وتعالى- وخشيتهم لله –عز وجل -, أو إنَّ خشيتهم مِن الناس أشد مِن خشيتهم مِن الله { وَقَالُوا}, أي هؤلاء, {رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ},{رَبَّنَا} أي يا ربنا {لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ},أي في هذا الوقت, {لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ},أي هَلَّا أخرتنا, {إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ}, إمَّا {إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ}, حتى نَكْثُر ونقوى عما نحن عليه, أو أخرتنا في حياتنا فلم تكتب علينا القتال نموت, {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ} اولًا هذه الآية فيها تعريض وتوبيخ لهؤلاء الذين يتحمسون أو تحمسوا قبل أنْ يفرض القتال, وكانت الظروف لا تسمح بتاتًا بفرض قتال ثم لما جاء الظرف المناسب والوقت المناسب وجاءهم التشريع مِن الله -تبارك وتعالى- بهذا خافوا جابهم عن قتال عدوهم, قال -جلَّ وعَلا- : {قُلْ} لهؤلاء, {مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ }, مهما أوتيت في الدنيا فهي متاعها قليل, عمرها قصير, هذه وأحد ثم  ما يتمتع فيه الإنسان قليل لأنه أيضًا مُنغَّص لا ليس صافي ولا ليس خالص, {وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى} الأخرة فما هو نهاية الخسارة في القتال, ليس القتل ذهب الي الحياة الحقيقية {وَالآخِرَةُ}, والجنة, {خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى} {خَيْرٌ}, أخير, {لِمَنِ اتَّقَى}, {مَنِ اتَّقَى} خاف الله -تبارك وتعالى- {وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا}, عند الله -تبارك وتعالى-, {تُظْلَمُونَ فَتِيلًا}, الفتيل الخيط الصغير الذي يوجد في شق النواة أي هذا الخيط لو أنفقته في سبيل الله يعطيك الله -تبارك وتعالى- أجره ولن يظلمك هذا فإذًا على ماذا تخاف كل ما تبذله في الجهاد فإنك سوف تأخذ أجره وسوف تفارق متاع قليل لتأخذ المتاع الكبير عند الله -تبارك وتعالى-, {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا}[النساء:77], {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمُ الْمَوْتُ}, ثم أن الموت أكبر خسارة في القتال أنْ يموت الإنسان طيب له إذا لم يمت بالقتل لا يموت! بل يقول الله : {أَيْنَمَا تَكُونُوا} في أي مكان تكونون فيه, {يُدْرِكُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ}, {بُرُوجٍ} بروج أبنية عظيمة عالية في السماء بعيده عن ما يتصور مِن الأذى, مِن الوحوش والاعداء, وكل أسباب التي يخاف منها الموت لو كنت في هذا البرج العظيم المشيد مبني بالحجارة والشِّيد, كل الأسباب التي تظن أنها أسباب الموت أنت بعيدا عنها لا تنالك يأتيك الموت هناك سيأتيك الموت في المكان البعيد {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ }.

 ثم قال-جلَّ وعَلا- : {وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا}[النساء:78], {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا}[النساء:79].

ونعيش إنْ شاء الله مع هذه الآيات في الحلقة الآتية بحول الله -تبارك وتعالى- وقوته, استغفر الله لي ولكم مِن كل ذنب وصلى الله على عبده ورسوله محمد .