الإثنين 13 ذو القعدة 1445 . 20 مايو 2024

الحلقة (221) - سورة الأنفال 22-29

الحمد لله ربِّ العالمين، وأُصَلِّى وأُسَلِّم على عبدالله ورسوله الأمين سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومَن اهتدى بهديه، وعَمِلَ بسنته إلى يوم الدين.

وبعد؛ فيقول الله -تبارك وتعالى- : {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ}[الأنفال:22], {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ}[الأنفال:23], {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}[الأنفال:24], {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[الأنفال:25], حذَّر الله -تبارك وتعالى- أهل الإيمان أنْ يتشبهوا بالكفار؛ الذين لم يستفيدوا بما أعطاهم الله -تبارك وتعالى- مِن مقومات المعرفة والعلم في الدنيا, لم يستفيدوا بأسماعهم، ولا بقلوبهم، وأمر الله -تبارك وتعالى- أهل الإيمان بأنْ يستجيبوا لأمره، وأمر رسوله، قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ}[الأنفال:20], أمرٌ منه -سبحانه وتعالى- لعباده المؤمنين أنْ يطيعوا الله، ورسوله طاعة مُطْلَقَة هذه، ما هي مُقَيَّدة بقيد, {وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ}, احذروا أنْ تتولوا عنه وتعرضوا, {وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ}, {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ}[الأنفال:21], مِن الأُمم السابقة الكفار الذين سمعوا كلام الله -تبارك وتعالى- ولكنهم لم يقوموا بما أمرهم الله -تبارك وتعالى-؛ فنهى الله أهل الإيمان بأنْ يتشبهوا بهؤلاء, ثم أخبرهم بأنَّ أشر مَن يدب على الأرض الكفار، قال : {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ}[الأنفال:22], وهذا حال الكافر الذي لم يستفد بما خلق الله له, ثم قال -جلَّ وعَلا- : {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ}, أي أنهم انتفت منهم الخيرية بالكلية, {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا}, خيرًا ما, {لَأَسْمَعَهُمْ}, أي لأسمعهم سمع يعقلون عن الرَّب -تبارك وتعالى-, وقال -جلَّ وعَلا- : {........وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ}[الأنفال:23], أي {وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ}, فاستمعوا كلام الله -تبارك وتعالى- وفهموه وعقلوه, كذلك لن يستجيبوا لأمر الله -تبارك وتعالى-؛ لأنه لا خير فيهم, {........وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ}[الأنفال:23], {لَتَوَلَّوا}, الأمر ابتعدوا, {وَهُمْ مُعْرِضُونَ}, مُعْطُونَ عرضهم لأمر الله -تبارك وتعالى- وأمر رسوله؛ فلذلك حَرَمَهُمُ الله -تبارك وتعالى- أنْ يهديهم لهذا السبب أنه لا خير فيهم، تحذير مِن الله -تبارك وتعالى- لعباده المؤمنين أنْ يكونوا كهؤلاء.

 ثم نداءٌ بعد نداء, {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}[الأنفال:24],  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}, نداءٌ مِن الله -عزَّ وجلَّ- لعباده المؤمنين بِمُسَمَّى الإيمان الذي هو أشرف الأسماء لهم ليحضهم على الخير,  يا مؤمن أنت مؤمن إذن افعل، أو كذلك أنت مؤمن يجب أنْ تفعل؛ لأنَّ هذا مِن مقتضى الإيمان, {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ}, الاستجابة؛ الإجابة أي أجيبوا أمر الله، وأمر رسوله, {إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ}, أي الأمر الذي فيه حياتكم، وهذا هو الإسلام بوجه عام، والدين كله حياة، فقد الدين موت، والجهاد بوجه خاص، وذلك أنَّ الجهاد دعوة إلى الموت، وهو في حقيقته دعوة إلى الحياة؛ فإنَّ حياة الأمة بالجهاد، بالجهاد تقوى الأمة، وتعتز وتدافع عن نفسها عدوها الذى يريد أنْ يستأصلها فتحيا ثم تكسر عدوها فتقوى, ثم يعلو اسمها فتحيا؛ فالقتال كله حياة، وإنْ كان في الأساس تعالى قاتل تعالى مُت، تعالى مُت فى سبيل الله، وأنفق مالك، وإنفاق المال في الجهاد، والحرب تأكل؛ فهى حياة؛ فالله تبارك وتعالى يدعوا عباده المؤمنين فى هذه السورة سورة القتال، سورة الأنفال وهي التى نزلت بعد أول معركة كبرى قاتل فيها النبي -صلوات الله والسلام عليه-؛ ليبيِّن لهم أنَّ القتال في سبيل الله هو الحياة, فهذه الآية : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ........}[الأنفال:24], كل الدين، كل أوامر الله -تبارك وتعالى- إنما هي حياة، حياة للقلب دين كله حياة, {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا}, بالكفر, {فَأَحْيَيْنَاهُ}, بالإيمان, {وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ}, {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا........}[الشورى:52], {رُوحًا}, سَمَّى الله القرآن روح, {........مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الشورى:52], فالقرآن روح يُحْيِي, {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ}[الشعراء:193], {عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ}[الشعراء:194], جبريل, سُمِّى الروح؛ لأنه ينزل بالروح، وهذه الروح هي حياة, {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ........}[الأنفال:24], ولا يدعونا النبي -صلى الله وسلم- إلا لما يُحْيِينَا, {........وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}[الأنفال:24], أي إذا دعاكم النبي للقتال الذي هو حياتكم؛ فاستجيبوا له, {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}, {يَحُولُ}, أي يجعل حائل، حِوَالَة بين المرء وبين قلبه، يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك, أي أنَّ هذا مِن فعله -سبحانه وتعالى- يفعله عقوبة؛ فيَحُولُ {بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}, قد يريد الخير، ولا يصل له، يريد الإيمان ولكن يُحَالُ بينه، وبينه يفقد قلبه بعد أنْ كان على الهُدى، والإيمان لما يعرض عن أمر الله -تبارك وتعالى- فإنَّ الله -تبارك وتعالى- يضع حائلًا بينه وبين الإيمان، كما قال -جلَّ وعَلا- : {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} لما زاغوا عن الحق وابتعدوا عنه أزاغ الله -تبارك وتعالى- قلوبهم، وجعلها زائغة استهوت ورضيت وأحبت ما ذهبت إليه مِن معصية الرَّب -جلَّ وعَلا-, {........وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}[الأنفال:24], {وَأَنَّهُ}, الحال والشأن محشركم إلى الله -تبارك وتعالى-, هذه الآية فيها وعيدٌ شديدٌ على المعصية، وهذا الوعيد موجه لعباد الله المؤمنين، وليس للكفار, {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}, فالآية مُصَدَّرَة بيا {........أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}[الأنفال:24], في نهاية المطاف جمعكم إلى الله؛ فهددهم بأنْ يضلوا إذا تركوا الحق، وأنهم سيلتقوا ربهم -تبارك وتعالى- يوم القيامة؛ فإذا كانوا سيلتقونه على هذا الضلال تكون هنا بئس المصير لِمَن هذا حاله عياذاً بالله.

 ثم : {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[الأنفال:25], هذا كذلك وعيد للعقوبة في الدنيا, {وَاتَّقُوا فِتْنَةً}, اختبار وابتلاء منه -سبحانه وتعالى-, اتقوها خافوها, اجعلوا وقاية بينكم وبينها, {لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}, أي إذا وقعت هذه الفتنة؛ فإنها لا تصيب بضررها وشرها أهل الظلم خاصة، وإنما تَعُّم أي إذا نكلتم عن القتال فى سبيل الله تقع فتنة، الفتنة هذه منها تغلب الكفار على المؤمنين، وعندما يتغلب الكفار على أهل الإيمان؛ فإنه لن يُعَاقَب، وتكون هذه الفتنة، وتسلط الكفار على أهل الإيمان على أهل المعصية منهم فقط، وإنما سيكون الجميع، يُفْتَن الجميع، ويقع الجميع تحت قهر وذُلّ هؤلاء الكفار، وتكون العقوبة شديدة، أو يعاقبكم الله بعقوبة أخرى غير عُلُو الكفار، وهو أنْ يقع الشر والخلاف فيما بينكم, يقع الشر والخلاف بين المؤمنين, {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ}, وعند ذلك يختلط الأمر، وكذلك يلحق أهل الطاعة مِن الشر، والضرر ما يلحق الآخرين, {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}, فلا تخص أهل الظلم، ولكنها تَعُم, تموج كما جاء في الحديث : «الفتنة التي تموج كموج البحر, فتأخذ هذا وهذا أمامها», {........وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[الأنفال:25], {وَاعْلَمُوا}, أي عِلْم ليس مجرد معرفة لكن عِلْم حقيقي ويقين يترتب عليه أخذ الأمر, {شَدِيدُ الْعِقَابِ}, أنَّ الله -تبارك وتعالى- يعاقب عقابًا شديدًا، والعقاب هو المؤاخذة على الذنب، وسُمِّى عقاب لأنه يأتي في عَقِبِ المعصية, {........وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[الأنفال:25], فهذا مِن عقوبته في الدنيا, {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ........}[الأنعام:65], {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا}[النساء:160], وقال -تبارك وتعالى- : {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}[المائدة:14], فعقوبة الله -تبارك وتعالى- في الدنيا تكون عقوبة شديدة منها أنْ تقع الفرقة والبلاء والفتنة, أنْ يقتل المسلمون بعضهم بعضًا، وأنْ يركبهم الكفار كل هذا مِن الشر الذي يمكن أنْ يقع لهم، عقوبة لهم مِن الله -تبارك وتعالى- بتركهم أمر الله -جلَّ وعَلا-, {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[الأنفال:25], {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[الأنفال:26], {وَاذْكُرُوا}, استَحْضِروا هذا المعنى في أنفسكم, {إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ}, أي في الوقت الذي كنتم فيه قليل حينما كنتم قليل، وأنتم في مكة مِن الذين التفوا حَوْلَ النبي -صلى الله عليه وسلم- مِن أهل الإيمان, {مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ}, {مُسْتَضْعَفُونَ},أي يستضعفهم الكفار، وأنهم ضعفاء, {فِي الأَرْضِ}, أرض مكة التي فيها بدء الدعوة، وكذلك في الأرض التي كان المسلمون فيها إما نشئوا فيها، وهم قلة كما كان بعض المسلمين في بعض قبائل العرب في دَوَس، وفي غيرها، وهنا، وفي تميم، ولكن قلة, أو مِن المؤمنين الذين هاجروا إلى الحبشة؛ فهم كذلك قلة مِن أهل الإيمان يعيشون في أُمة كبيرة العدد، وشعب كبير العدد يستضعفهم هؤلاء الكفار، أو هم عطفوا عليهم أنهم لا يظلموا، وتركوهم؛ فهم في كل الأرض قد كانوا مستضعفين, {وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ}, {تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ}, أنْ يخطفونكم الواحد تلو الواحد، والجماعة تلو الجماعة، وهذا التعبير هنا بالخطف دليل على أنَّ هذا كالصيد أي ليس يقاتلكم الناس، ولا يحاربونكم لا، هذا كصيد ممكن لأى أحد أنْ ينال منكم، وأنْ يأخذكم، وأنْ يفعل بكم ما يشاء, {يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ}, قال -جلَّ وعَلا- : {........فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[الأنفال:26], {فَآوَاكُمْ}, إلى مَعْقِل حَصِين في المدينة، وأصبحتم جماعة قائمة ولها راية، ولها عِلْم تُعْرَف، وتملك سيفتًا ورُمحًا فتقاتل, {فَآوَاكُمْ}, ثم : {وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ}, في بَدْر هذا التأييد قوة إنَّ هذه المجموعة التي تقوم هذه، وتكسر أكبر جيش في الجزيرة كلها تكسره قريش بحدها وحديدها ألف شخص مِن كبرائهم وصناديدهم، ومِن مقاتليهم تَكْسِرُهُ هذه الكسرة؛ فانتشر سيطهم، وذاع في كل مكان؛ فأصبح هذا النصر دليل قوة لهم, {وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ},{رَزَقَكُمْ}, الرزق هذا, {مِنَ الطَّيِّبَاتِ}, الطعام والشراب، {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}, لعل للترجى، والترجى هنا لعباده أي لعلكم تشكرون الله -تبارك وتعالى- وقد هيأ لكم كل هذه الأسباب, {........فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[الأنفال:26].

 ثم نداء بعد نداء : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[الأنفال:27]{وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}[الأنفال:28], {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ}, الخيانة الغدر، أنْ يعاهد على الأمر، ويُظْهِر أمر ثم يعمل بخلافه، والله -تبارك وتعالى- يحذر أهل الإيمان هنا مِن القعود عن القتال لأنَّ هذا خيانة؛ فإنهم قد عاهدوا الله -تبارك وتعالى- على الإيمان به، ونصرة نبيه، والقيام معه، أما المهاجرون فإنهم هاجروا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الله ورسوله؛ ليحموه وليقوموا معه، وليقاتلوا معه عدوه، وأما الأنصار فإنهم بايعوا النبي -صلى الله عليه وسلم- على الإيمان والنصرة, أنْ يؤمنوا بالله -تبارك وتعالى-, أنْ ينصروا هذا النبي، وأنْ يقفوا معه، وأنْ يُقَاتِلُوا معه عدوه؛ فإنْ قعدوا عن هذا، وتركوا هذا الأمر، ولم يقوموا بهذا هذا أصبح خيانة كأنهم خانوا العهد، أخلفوا ما عاهدوا الله -تبارك وتعالى- عليه, {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ........}[الأنفال:27], هذه أمانة عهدكم مع الله -تبارك وتعالى- أمانة اؤتمنتم عليها, {........وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[الأنفال:27], {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}, أنَّ هذا أمرٌ عظيمٌ, وأنَّ هذه خيانة، وقد أعلمكم الله -تبارك وتعالى- بهذا هذا أمر بعد العلم، ويكون هذا عقوبته أشد, {........وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[الأنفال:27], ثم قال -جلَّ وعَلا- : {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}[الأنفال:28], ما الذي يُقْعِد الإنسان عن القتال، أعظم ما يُقْعِدُهُ عن القتال خوفه على ماله أنْ يضيع، وعلى أبنائه أنْ يُيُتَّمُوا ويضيعوا؛ فهذا أكثر ما يخيف الإنسان, فقال -جلَّ وعَلا- : {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ}, اعلموا أيها المؤمنون, {أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ}, التي أعطاكم الله -تبارك وتعالى- سماها أموالهم؛ لأنهم حازوها، وإلا هي مال الله، {وَأَوْلادُكُمْ}, وهي التي أعطاها الله -تبارك وتعالى- كذلك هم الذين أعطاهم الله -عزَّ وجلَّ-, {فِتْنَةٌ}, اختبار يختبركم الله -تبارك وتعالى- ويبتليكم بالمال والولد، هل تقوموا معه بحق الله -تبارك وتعالى-؟ هل يُقْعِدُكُم هذا عن الجهاد في سبيله؟ أم لا؟ {وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}, لِمَن جاهد في سبيله، ولم يُقْعِدُهُ هذا، وهذا يشبه قول الله -تبارك وتعالى- : {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}[التوبة:24], يقول الله : {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ}, اختبار, {........وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}[الأنفال:28], وقال : {عِنْدَهُ}, يَعْظُم هذا الأجر بقول الله : {عِنْدَهُ}, لأمرين الأمر الأول أنه عنده فلا يضيع, ما عند الله -تبارك وتعالى- لا يضيع, ثم أنه {عِنْدَهُ}, هو الذي سيعطيه، وبالتالى سيكون عظيم، سيكون كثير, {عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}, لكم؛ فهذا حضٌ عظيمٌ منه -سبحانه وتعالى- لأهل طاعته، وأنه لا تُفَوِّتُوا ما عند الله -تبارك وتعالى- مِن أجل المال والولد؛ فإنَّ المال والولد مهما كان في هذه الدنيا فهو شيءٌ قليل؛ فلا يقعدكم هذا عن ما عند الله -تبارك وتعالى- أي قارنوا بين الأمرين, {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}[الأنفال:28]{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}[الأنفال:29], نداءٌ بعد نداء، نداءٌ مِن الرَّب -سبحانه وتعالى- لعباده المؤمنين، ويناديهم الله -تبارك وتعالى- بهذا الوصف، بهذا الاسم الذي هو أشرف الأسماء، وأحسن أسمائهم, {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}, حضًا لهم -سبحانه وتعالى- على الفعل، يامؤمن افعل، وكذلك يا مؤمن افعل أنت مؤمن فبذلك يجب أنْ تفعل؛ لأنَّ هذا مِن لوازم إيمانك, {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا}, قضية شرطية, اشترط الرَّب -تبارك وتعالى-, {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ}, تتقوه تخافوه, التقوى مخافة الرَّب -تبارك وتعالى-, تجعلوا وقاية بينكم وبين عقوبة الرَّب -تبارك وتعالى-؛ لأنَّ الله يؤاخذ بالذنب، ويُعَاقِب؛ فيجب على المؤمن أنْ يتقى عقوبته، وأنْ يتقى غضبه -سبحانه وتعالى-, {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا}, الفُرقَان مِن الفارق، فرقان مبالغة مِن فَارِق، والفَارِق هو ما يفصل بين أمرين؛ ففرقان أي أمر نور تُفَرِّقُونَ به بين الحق، والباطل؛ فتتضح السبيل عندكم, يُصْبِح الحق عندكم واضح، والباطل عندكم واضح، وهذا أمرٌ عظيمٌ جدًا، هذه منحة، وفضل عظيم مِن الله -تبارك وتعالى- وهدية، ووعدٌ هائل مِن الله -تبارك وتعالى-, {إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ}, تخافوه, {يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا}, تُفَرِّقُونَ به بين الحق والباطل، نور في قلوبكم، نور هذا الوحي يجعله الله -تبارك وتعالى- ماثلًا في قلوبكم, نور القرآن, الله -تبارك وتعالى- سَمَّى كتابه القرآن فرقان؛ وذلك أنه يُفَرِّق بين الحق، والباطل يضع كل شيء فى نصابه, {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}[الفرقان:1], ففرقان مع هذا القرآن، هداية خاصة منه -سبحانه وتعالى- يُبْصِرُ بها المؤمن طريقه, {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ........}[الأنفال:29], هذه منحة أخرى، والتكفير؛ الستر والتغطية, {عَنكُمْ}, كأنه أزالها عنكم، وأبعدها وأسقطها -سبحانه وتعالى-, {سَيِّئَاتِكُمْ}, السيئات جمع سيئة، والسيئة هي المعصية سميت سيئة؛ لأنها تسوء صاحبها، وقال : {سَيِّئَاتِكُمْ}, لأنها كل واحد قد يحمل إثمه، ولَصَقَت به خطيئته؛ فالله -تبارك وتعالى- يزيلها ويمحوها، يغفرها عنه، يسترها عنه -سبحانه وتعالى- ويزيلها عنه، وهذا أمرٌ عظيم أي معاصيكم وذنوبكم التي أذنبتموها يمحوها الله -تبارك وتعالى- عنكم كل هذا بتقوى الله, {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ........}[الأنفال:29], {وَيَغْفِرْ لَكُمْ}, الغَفْر، وهو الستر والتغطية يسامحكم فيما فعلتموه مِن الإثم والذنب, {........وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}[الأنفال:29], والله -سبحانه وتعالى- صاحب {الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}, الفضل العطاء والمِنَّة, {الْعَظِيمِ}, وصف لهذا الفضل لأنه الله -سبحانه وتعالى-, فهذا امتنان منه -سبحانه وتعالى- على عباده  المؤمنين، ووعد لهم أنهم إنْ قاموا بتقوى الله -تبارك وتعالى-, ومِن معانى تقوى الله طاعته، والاستجابة لأمره -سبحانه وتعالى- وخاصة في هذا الأمر العصيب والعظيم، وهو القتال في سبيل الله؛ لأنَّ القتال في سبيل الله تعريض للنَّفْسِ والمال للهلاك؛ فالذي يقاتل في سبيل الله يُعَرِّضُ نفسه للقتل، ويُعَرِّضُ ماله للهلاك، وبالتالي مِن عنده كذلك بعد ذلك للضياع؛ لأنَّ هذا الأمر شديد؛ فإنَّ الله -تبارك وتعالى- قد وَعَدَ على القيام به هذه العِدَة العظيمة, {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}[الأنفال:29], صاحب الفضل العظيم، الواسع -سبحانه وتعالى-.

 ثم بعد ذلك يُذَكِّر الله -تبارك وتعالى- عباده المؤمنين بهؤلاء الكفار أي مَن ستقاتلون؟ الله هنا يحض أهل الإيمان على أنْ يقوموا وأنْ يُقَاتِلُوا, ثم يُبَيِّن الله -تبارك وتعالى- حِقْد وإجرام هؤلاء الكفار؛ فأنتم تقاتلون ناس أهل حِقْد وأهل كفر وأهل عناد، وانظروا ماذا كانوا يخططون، وماذا يصنعون للرسول الذي أرسله الله -تبارك وتعالى-, لرسول الله -عزَّ وجلَّ-, {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}[الأنفال:30], {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ}[الأنفال:31], {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}[الأنفال:32], هذه الآيات فيها وصف لهؤلاء الكفار الوقحين الذين امتلئوا شرًا وإثمًا، وهذه صورتهم يوضحها الرب -تبارك وتعالى-, وهذا في معرض حث الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين أنْ يقاتلوا في سبيل الله؛ لأنهم يقاتلوا هؤلاء وأمثال هؤلاء ، ونأتي -إنْ شاء الله- لنعيش مع هذه الآيات في الحلقة الآتية مِن قول الله -تبارك وتعالى- : {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}[الأنفال:30], في الحلقة الآتية -إنْ شاء الله-.

أقول قولى هذا، وأستغفر الله لي ولكم مِن كل ذنب، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد.