الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله الأمين ، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومِن اهتدى بهداه وعَمِل بسنته إلى يوم الدين.
وبعد, فيقول الله -تبارك وتعالى-: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}[التوبة:112], {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}[التوبة:113], {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ}[التوبة:114], قول الله -تبارك وتعالى-: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}[التوبة:112]: هذه عشر صفات جعلها الله -تبارك وتعالى- لأهل الإيمان الذين أخبر -سبحانه وتعالى- أنه قد عَقَدَ معهم هذه البيعة وهذه الصفقة لقوله: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[التوبة:111], أعظم صفقة بين مؤمن قَدَّمَ روحه, وماله لله -تبارك وتعالى-, ونال الجنة دار الخلود, أعطى عمر قليل ثم أخذ الخلود مال قليل وأخذ الجنة دار المتقين الذي جمع الله -تبارك وتعالى- فيها كل أنواع السرور لأهلها, نسأل الله أن يجعلنا منهم, صفات هؤلاء المؤمنين الذين باعوا أنفسهم لله -تبارك وتعالى- وصفهم الله بأنهم تائبون, كثيرُ التوبة إلى الله -تبارك وتعالى- دائمًا راجعون إلى الله -عز وجل- مِن كل ذنوبهم ومعاصيهم عمل دائم, الْعَابِدُونَ: قائمون, عبد قائم بالعبودية لله -تبارك وتعالى- في طاعته لربه في كل ما أمر, في الانتهاء عن كل ما نهى الله -تبارك وتعالى- عنه, في وقوفه عند حدود الله -تبارك وتعالى-, فهذا عبد مُذلَّل مُعَبَّد لربه -سبحانه وتعالى-, الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ: الحمد: الثناء على الله -تبارك وتعالى-, ذِكْر الله بالجميل؛ أسمائه, وصفاته, لأنعامه وأفضاله -سبحانه وتعالى-, لا تَمُر نعمة على المؤمن إلاَّ ويحمد الله -تبارك وتعالى- ويشكره على ذلك, إن الله يرضى عن المؤمن يأكل الُّلقمة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها, السَّائِحُونَ: السياحة أي خروجٌ وانتقالٌ في هذه الأرض لله وجوبًا, أو استحبابًا في جهاد, وفي حج وفي عمرة, وفي طلب عِلم, وفي دعوة إلى الله -تبارك وتعالى-, وفي زيارة لأهل الإيمان وصِلة, فانتقالهم وسياحتهم لله -تبارك وتعالى-, السَّائِحُونَ, الرَّاكِعُونَ: خَصَّ مِن أنواع العبادة الركوع وهو صفة عظيمة يُحبُهَا الله -تبارك وتعالى- مِن عبده؛ لأن هذه الصفة تُبَيِّن ذُلّْ العبد بين يدى الإله وخالقه ومولاه -سبحانه وتعالى-, وهو ركن من أركان الصلاة, الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ: بدأ بالركوع, ثم ثَنَّىْ بعد ذلك بالسجود وذلك أنه يأتي متتابعًا على هذا النحو في الصلاة, والسجود لاشك أنه أكمل صفة كما قال النبى -صلى الله عليه وسلم-: «أقرب ما يكون العبد مِن ربه وهو ساجد فأكثِروا فيه مِن الدعاء فإنه قَمَنٌ أن يُسْتَاجبَ لكم», فهم عبادٌ دائمًا تجدهم في ركوع وسجود صفة الصلاة كما وصف الله -تبارك وتعالى- نبيه محمد -صلوات الله والسلام عليه-, وأصحابه, فقال: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا........} [الفتح:29]: أي كأنك لا تراهم إلاَّ هكذا, فلا تقع عينيك عليهم إلاَّ وهم في ركوعٍ أو سجود, {الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ}: هذه مِن صفاتهم أنهم يأمرون غيرهم بالمعروف, مع أمتثالهم للمعروف, والمعروف: هو كل خير وبر عرَّفَنا الله -تبارك وتعالى- به وكل خِصَال الإيمان خير مِن قول لا إله إلاَّ الله إلى إماطة الأذى عن الطريق, الإيمان بضع وستون أوبضع وسبعون شعبة, كلها مِن خِصَال الخير, فهذا هو المعروف عرَّفنا الله -تبارك وتعالى- به إما بشرعه المُنزَل وأوامره, وإما ما فطر الله -تبارك وتعالى عليه- قلوبنا وفِطر أهل الإيمان بأن هداهم إلى الخير فَيُعَرِّفهم إياه, فَسُمِيَ معروف بهذا؛ معروفًا بتعريف الله -تبارك وتعالى- سواء كان بالوحي, أو بالفطرة.
{وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ}: إذًا مِن صفاتهم أنهم ينهون عن المنكر، والمنكر: كل ما نَكَّرَه الله لنا وبغَّض أهل الإيمان فيه, أعلى ذلك الشرك بالله -تبارك وتعالى- والقول على الله -تبارك وتعالى- بلا عِلم, وثم فروع الكفر والشرك مِن كل عِصيان لأمر الرب -تبارك وتعالى- وشُعَب الكفر كثيرة والمعاصي كلها مِن شُعَب الكفر فهذا كله منكر لأن الله نَكَّرَهُ -سبحانه وتعالى- فجعله أمرًا مُبَغَّضًا ثم كذلك بالوحى أو كذلك بما بَغَّض الله -تبارك وتعالى- قلوب أهل الإيمان وفِطر أهل الإيمان فيه, {وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ}, حِفظ الصيام وحدود الله -تبارك وتعالى- حدود كثيرة أي حدود في العقود, في الزواج في الطلاق, في المواريث عند الوفاة, حين يقول: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا........}[البقرة:234]: هذا الحد مِن الزمان تمكث فيه المرأة في هذه العدة تعتد هذه العدة وهذه عدة المرأه على زوجها, إحدادها مثلًا ترك الزينة على غير ذلك, فيقول لا يحل لامرأةٍ تؤمن بالله واليوم الآخر أن تَحُد على ميتٍ فوق ثلاث إلَّا على الزوج أربعة أشهر وعشر فإذا مات لمرأه مات أبوها مات أخوها مات ابنها فإنه لا يحل لها أن تفارق الزينة فقط ثلاثة أيام لكن على الزوج أربعة أشهر وعشر, فإذا مات للمرأة أبيها, مات أخيها, مات ابنها فإنه لا يَحِلُ لها أن تُفارق الزينة إلَّا ثلاثة أيام فقط, لكن على الزوج أربعة أشهر وعشر, فهذه حدود, {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوء}, فهذا حد فلا تحل له بعد حتى تنكح زوجًا غيره, {يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}[الطلاق:1]: فهذه حدود الله -تبارك وتعالى- أمور محددة أحيانًا تكون مواقيت, أحيانًا تكون صفات شراع, هي أحكام بالوضع وضعها الله -تبارك وتعالى- على هذا النحو لا يَحِل للعبد أن يتجاوزها بل يكون واقفًا لها, {وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ}.
ثم قال -جل وعلا-: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}: الإيمان هي الصفة الكُبرَىْ التي تجمع كل هذا؛ لأن كل هذه الأعمال هي مقبولة إذا كانت نابعة مِن الإيمان بالله -تبارك وتعالى- والإيمان بالله -تبارك وتعالى- هو التصديق والعمل بِمُقْتَضَىْ هذا التصديق, {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}: المُصَدِّقِين الذين يؤمنون بالغيب, والذين يفعلون بِمُقْتَضَىْ هذا التصديق عرفوا ربهم -سبحانه وتعالى- فاستجابوا له, وخافوه وأحبوه وتوكلوا عليه, والتزموا أمره, هذا مفهوم الإيمان بعناصره المعروفة لأن الإيمان الناجي لابد أن يكون عقيدةً في القلب, قولًا في اللسان, عملًا بالجوارح, {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}: بشر المؤمنين بهذه البِشارة العظيمة أنَّ كل عمل مِن هذه الأعمال له ثوابه وله أجره الحسن والبِشَارة الكُبرَىْ بِشارة هذه الصفقة التي عقدها الله -تبارك وتعالى- مع من باعوا أنفسهم وأموالهم له -جل وعلا-, {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}, سياق السورة هذه عظيم والذي جاء فيها بيان أحوال المنافقين, ثم بيان أحوال أهل الإيمان ومالهم مِن الفضل عند الرب -تبارك وتعالى- هُنا يأتى فاصل جديد يُبَيِّن الله -تبارك وتعالى- انقطاع الصِلَةْ بين أهل الإيمان, وأهل الكفر, وأن هذه الصِلة تنقطع بمجرد موت الكافر على الكفر إذا مات الكافر على الكفر أنقطعت الصلة ولا يبقى له الأنوار بالتراب ولا يَحِلُ للمؤمن بعد ذلك أن يُخْرِج دعاءً يدعو الله -تبارك وتعالى- برحمة.
قال -جل وعلا- :{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}[التوبة:113]: هذا الأمر أو هذا النهي الإلهي جاء في صورة باتَّة وصورة نهي بات مع أن هذا لا ينبعي أن يقول: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ: أي ما ينبغي, ليس لا يَحسُن كذلك, بل لا ينبغي بتاتًا أن يكون هذا وأن يقع مثل هذا, {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ}, وبدأ بالنبي -صلوات الله والسلام عليه-؛ لأنه هو رأس الأمة -صلوات الله والسلام عليه-, وأحيانا الخِطاب يكون للنبي والمقصود به غيره لأن النبي لا يقع في هذا لكنه يُقصَد كذلك بالخطاب ليُعلم أن هذا حكمٌ على الجميع وأنه إذا خُطِب النبي بهذا فغيره طريق الأَوْلَىْ والأخرى -صلوات الله والسلام عليه-, فهذا لتشريفه الخطاب, وبيان أنه أمرٌ لازم, كقول الله -تبارك وتعالى- للنبي: {لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا}[الإسراء:22], ومعلوم أن النبي لا يجعل مع الله إلهًا أخر؛ لأن الله -تبارك وتعالى- حفظه مِن ذلك وصانه ولكن هذا أمره, {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[الزمر:65], {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ}[الزمر:66], {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا}[الإسراء:23], ومعلوم أن النبي قد مات أبواه قبل أن ينزل هذا الأمر الإلهي, ويقول الله -تبارك وتعالى- له الخطاب مُوَجَّه: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا}: فهذا الشاهد في توجيه الخطاب, {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى}: أي لا يَصِحُ ولا ينبغي بتاتًا أن يكون هذا منهم, يَسْتَغْفِرُوا: ويطلب المغفرة للمشركين, وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى: أي كان هؤلاء المشركين هم آباءهم, إخوانهم, أبناءهم.
قال -جل وعلا-: {مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}: و تَبَيَّنَ لهم أصحاب الجحيم بموتهم على الكفر إذا مات الكافر على الكفر فهو حتمًا مِن أصحاب الجحيم؛ لأن هذا حكم الله-تبارك وتعالى- لأن الله حكم بأن مَن مات على الكفر فإن الله -تبارك وتعالى- قد جعل النار مثوى له, ولا يقبل فيه شفاعة وليس هناك صورة مِن صور النجاة له والخروج له, فلا يُغَيِّرُ الله -تبارك وتعالى- حكمه فيهم, {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}[ق:29]: قول الله هذا لا يُغَيِرُه, فالله لا يُغَيِر قوله قال سَيَدخُل النار سَيَدخُل النار لن يقبل الله فيه شفاعة, لن تنتهي هذه النار, لا فدية, لا خُلة, لا شفاعة أبدًا, مِن بعد {مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}: أصحابها أهلها الباقون فيها الصُحبة والمكث الطويل أو المُلك كأن الله مَلَّكَهُم النار والجحيم هو النار عياذا ًبالله, فَتَبَيَّنَ لهم هذا إذا مات الكافر على الكُفر فلا يُستَغفَر له, {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}: تَبَيَّنَ لهم بموتهم على الكفر, ثم بأن الله -تبارك وتعالى- هذا حكمه, {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ........}[النساء:48]: فالمُشرِك إذا مات على الكفر والشرك فلا مغفرة له.
ثم قال -جل وعلا- : {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ}}[التوبة:114]: أي حتى لا يحتج بعض أهل الإيمان بأن إبراهيم -عليه السلام- قد استغفر لأبيه وهو مُشرِك, فإن إبراهيم لمَّا قال له أبوه: {لَئِنْ لَمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا}[مريم:46] فأصر على الكفر بعد أن دعاه إبراهيم -عليه السلام- دعوته الرقيقة قال: {يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا}[مريم:44], {يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا}[مريم:45], قال له بعد ذلك: {قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ}: أي هل ترغب عن آلهتي لا تريد أن تعبد ما أعبد وهذه آلهتي التى أعبدها, ومعنى الإله هو المعبود {أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا}[مريم:46]: أي لا أُريد أن أرى وجهك, فقال له: { قال سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا}[مريم:47]: فاخبره بأنه سيستغفر الله له فحتى لا يحتج بعض أهل الإيمان بأن إبراهيم -عليه السلام- وهو مِن الرسل الذين أُمِرنا بأن نتبع طريقهم وسبيلهم كما قال -جل وعلا-: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ........}[الأنعام:90], فأخبر -سبحانه وتعالى- بأن استغفار إبراهيم إنما كان عن موعدة وعدها إياه في أن ينظر في الأمر وأن يراجع الحق وأن يراه وأن هذا قبل أن يموت أبوه لكنه لمَّا مات أبوه تبرأ منه, فالله يقول -جل وعلا-: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ}: لمَّا تَبَيَّنَ لإبراهيم أنَّ أباه عدوًا لله وأنه أصَرَّ على الكفر ومات على الكفر تبرأ منه, والبراءة: هي الابتعاد كل البُعد وإظهار أنه لا صلة له به ولا دعاء له عنده تبرأ منه.
قال -جل وعلا-: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ}: إن إبراهيم -عليه السلام- لَأَوَّاهٌ حَلِيم, هذا مدحٌ مِن الرب -تبارك وتعالى- لإبراهيم في أنه لمَّا قال له: سأستغفر لك إنه أَوَّاهٌ كثير التأوه، والتأوه: هو التَّوَجُّع والتَّفَجُّع وذلك مِن عِلمَهِ بالعقوبات الشديدة التى رتبها الله -تبارك وتعالى- على الكفر والمعاصى, ومِن خوفه الدائم مِن الله -تبارك وتعالى- وإنابته الدائمة لله, فهو أواه كثير التأوه والخوف مِن الله -تبارك وتعالى-, ثم إنه حليم؛ والحلم هو: سَعة الصدر وعدم مقابلة السيئة بالسيئة وإنما الصبر عليها والصَفح عنها ولذلك قابل سيئة أبيه في تهديده له وطرده منه قال له: سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي: بالرغم أنه رقَّ وخاطب أباه بمنتهى الرقة يدعوه مع البيان والتفصيل للعودة للإنابة إلى الله -تبارك وتعالى- وكان رد أبيه سيء, {قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا}, إلاَّ أنه قابل هذه الإساءة الشديدة مِن أبيه قابلها بالصفح والغفران فقال: {قَالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا}[مريم:47]: أي الله -تبارك وتعالى- شديد العناية بأبيه ولذلك سأطلب منه وهو مُتاملًا ألاَّ يرد طلبه فيه, فقال -جل وعلا-: مادح لإبراهيم إن إبراهيم -عليه السلام- لأواه حليم, هذا لمَّا نزل بعض المؤمنين ممن استغفروا يكون قد صدر استغفار لأهلهم وأقربائهم مِن ماتوا على الكفر يتلوَّمون ويتحسرون أنه وقع هذا الأمر منهم, فهُنا يُطَمئِنَهم الله -تبارك وتعالى- ويُهدِّئُ من روعهم فيقول لهم: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[التوبة:115], وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ: أي قوم, يَدخُل في هؤلاء المُخاطبون أهل الإيمان, {بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ}: أي أنه لا لوم عليكم؛ لا لوم على مَن استغفر لأهله ممن ماتوا على الكفر قبل أن ينزل هذا القرآن فإنهم فعلوا هذا بظنهم إنه يُمكن أن تنالهم رحمة الله -تبارك وتعالى-, وما كان الله: أي أن الله لم ينهاهم عن هذا, {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ}, {حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}, وحَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ: أي ما الذي, الاتقاء: أي الاجتناب أي ما الذي ينبغي أن يجتنوه مِن الأقوال والأعما ولِما أنه لم يُنَزِّل في هذا قرآن قبل هذا فإن هؤلاء الذين فعلوا هذا غير ملومين,{إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
ثم قال -جل وعلا-: {إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ}[التوبة:116], ختم الله -تبارك وتعالى- أي هذا الفاصل مِن هذه السورة العظيمة ببيان أنَّ كل الخلق إنما هو مِلكٌ لله -تبارك وتعالى-, وبالتالى الرب -جل وعلا- إنما يتصرف في ما يملك -جل وعلا-, فإن كان قد مَنَّا على هذا بالهداية ومَنَّا على هذا بالإضلال فالكل في ملكه وفي قبضته وتحت أمره سبحانه وتعالى-, {إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}: مالكها ذاتًا, ومالكها تصريفًا, فذوات هذه المخلوقات يملكها الله هو أنشأها مِن العدم -سبحانه وتعالى-, وهو الذي يرعاها وربَّاها ورزقها وأقامها في ما أقام فيه, ورحمته -سبحانه وتعالى- قد وسِعت كل مخلوقاته فيملكها ذأتًا, وكذلك يملكها تصريفًا كل التصريف الواقع على هذه المخلوقات إنما هو بيد الله -تبارك وتعالى-, {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[آل عمران:26], {تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[آل عمران:27]: فكل هذا التصريف لله -عز وجل- إحياءً وإماتةً ورزقًا وتصريفًا لليل والنهار لهذه الأجرام العظيمة كل هذا إنما هو بيده -سبحانه وتعالى-, وكذلك من هذا الأمر كذلك الهدى والإضلال كله إلى الله -عز وجل-, {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى}[النجم:42], {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى}[النجم:43], {وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا}[النجم:44], {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى}[النجم:45], {مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى}[النجم:46] {وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرَى}[النجم:47], {وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى}[النجم:48], {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى}[النجم:49], {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الأُولَى}[النجم:50], {وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى}[النجم:51], {وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى}[النجم:52], {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى}[النجم:53], {فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى}[النجم:54], {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى}[النجم:55], فأمْرُ العباد كله وتصريفه في ما يُصَرِفَهُم الله -تبارك وتعالى- فيه كله إلى الله -تبارك وتعالى-, {إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}.
ثم قال -جل وعلا-: { يُحْيِي وَيُمِيتُ}: هذه الحياة والموت المُشاهِب الذي كل يوم يحصل منه ملايين الملايين مِن أي الأفراد والأنواع, ولادة الإنسان, ولادة الحيوان, النبات الزرع, كل هذه حياة, ثم الموت؛ هذا الزرع يأخذ دورته ثم يموت, الحيوان يأخذ دورته ويموت, الإنسان يمكث عمره المُقَدَّر له ثم يموت, فهذه الحياة والموت عملًا كل لحظة يكون, وكذلك يُحي ويُمِيت بالدين فإن الذي يُعطِيه الله -تبارك وتعالى- الهداية أحياه كان ميت بالكفر فأحياه الله -تبارك وتعالى- بالإيمان فإنه لما آمن أبصره الطريق وكان أعمى لا يرى ماشي في طريق يوصله إلى جهنم, سمع الحق وكان الأول أصم لا يسمع كلام الله -تبارك وتعالى- الآن أصبح يسمع, كان غير عاقل لا يعقل, ثم إنَّ الله -تبارك وتعالى- لمَّا أدخل الإيمان في قلبه عقل عن الله -تبارك وتعالى- وفهم, {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الأنعام:122], فالذي أعطاه الله -تبارك وتعالى- الهداية أحياه حيا, وأبصره, واستفاد بكل ما أعطاه الله -تبارك وتعالى- مِن الحواس وخاصة منافذ المَعرِفة العظيمة, القلب الذي يفقه, العين التى تُبْصِر, الأذن التى تسمع, وأما الكافر فإنه مُعَطِّل لكل هذه المُقَوِّمات, {إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ}: الحياه والموت المعروف, يُحْيِي وَيُمِيتُ بالهدى بالإيمان والكفر, فمَن رزقه الله -تبارك وتعالى- الإيمان أحياه، ومَن سلبه الله -تبارك وتعالى- الإيمان أماته.
ثم قال -جل وعلا-: {وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ}: مالكم أيها المخاطبون أيها المؤمنون مِن دون الله: غير الله, من وَلِيّ يواليكم ولا نصير ينصركم, ليس لكم من دون الله من وليًا ولا نصير فإذًا اجعلوا ولَايتكم كلها لله, ورجاءكم كله في الله وتوكلكم كله على الله -تبارك وتعالى-؛ لأن الله هو الولى الحقيقي وهو النصير الحقيقي -سبحانه وتعالى-, فأيُ شيء تلجأون إليه غير الله -تبارك وتعالى- لا ينفع, {وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ}: أي أعلموا هذا أنه لا ولي لكم دون الله -تبارك وتعالى-, ولا نصير لكم دون الله -جل وعلا-.
فاصل عظيم جدًا جاء في ثناية هذه السورة من أول قول الله -تبارك وتعالى-: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}[التوبة:113], {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ}[التوبة:114], {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[التوبة:115], {إِنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ}[التوبة:116], فاصل مُترابط معناه: يربط بعضه بعضًا كما سمعنا إن شاء الله وفَهِمْنَا, أسال الله -تبارك وتعالى- أن ينفعنا بما عَلَّمَنا, وأن يرزقنا فَهْم كِتابه, والعمل به.
نَقِف إن شاء الله عند هذا, أستغفر الله لي ولكم مِن كل ذنب, -وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد-.