الحمد لله ربِّ العالمين, والصلاة والسلام على عبده ورسوله الأمين, سيدنا ونبينا محمد, وعلى آله وأصحابه, ومَن اهتدى بهديه وعمل بسنته إلى يوم الدين.
وبعد؛ فيقول الله -تبارك وتعالى- : {قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}[يونس:68], {قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ}[يونس:69], {مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ}[يونس:70], {قَالُوا}, مشركو العرب, النصارى, اليهود, هؤلاء كلهم زعموا أنَّ لله ولد تعالى الله -تبارك وتعالى- عن ذلك, مشركون قالوا في الملائكة, والنصارى قالوا في عيسى بن مريم -عليه السلام-, واليهود قالوا في العُزَيْر, وغيرهم كذلك مِن المشركين, الوثنين فإنهم ادَّعُوا أنَّ الله -تبارك وتعالى- له أولاد -تعالى الله عن ذلك- قال جلَّ وعلا- : {سُبْحَانَهُ}, تنزيها له -جلَّ وعَلا- فإنَّ هذا نقص والله -تبارك وتعالى- إنما هو الواحد الأحد -سبحانه وتعالى-؛ الذي لا كفء له ولا ند له -سبحانه وتعالى-, {هُوَ الْغَنِيُّ}, عن اتخاذ ولد, لما يتخذ ولد؟ الذي يحتاج إلى الولد إنما هو مَن يريد أنْ يطيل ذِكْرَهُ, بقاءه في هذه الدنيا, الولد يحمل اسم أبيه, ثم الولد سيكون مشاركًا له, ثم مَن يحتاج إلى الولد ليعينه وليساعده -تعالى الله عن ذلك-, {هُوَ الْغَنِيُّ}, عن الولد, {لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ}, ملك يملكه كل ما في السموات وما في الأرض, هذا خَلْقه يملكه الله -تبارك وتعالى- ذاتًا وتصريفًا , ثم قال -جلَّ وعَلا- : {إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا}, {إِنْ}, عندكم سلطان بهذا, ما عندكم مِن سلطان بهذا هذا كذب, أو {إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بِهَذَا}, ه لعندكم سلطان مِن هذا؟ أي فأتوا به, علم, خبر حقيقي مِن الله, أخبركم الله بهذا, {أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}, والسؤال يراد به تعظيم هذا القول, وبيان شناعة ما فعلوه, وهو أنهم تكلموا على الله -تبارك وتعالى- بغير عِلْم, ونسبوا إليه هذا النقص, وشتموه هذا الشتم العظيم, بهذه الوقاحة والكفر والجرأة على الله -تبارك وتعالى-, وفي الحديث : «شتمني ابن آدم وليس له ذلك, أما شتمه إياي فادعاؤه أني لي ولد وأنا الواحد الأحد», فالله هو الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد -سبحانه وتعالى- فكيف يكون له ولد؟ {أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ}, ثم قال -جلَّ وعَلا- : {قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ}[يونس:69], أمرٌ للنبي -صلى الله عليه وسلم- أنْ يُبَلِّغَ هذا, وهذا كلامه يُبَلِّغُهُ الله -تبارك وتعالى- إلى هؤلاء المجرمين القائلين عليه بغير علم, {قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ........}[يونس:69], والافتراء هو الاختلاق هذا الكذب على الله, {لا يُفْلِحُونَ}, ما ينجح, ما يبلغ مراده, الفلاح هو الفوز وحصول المطلوب الأكبر بدفع الضر, والإتيان بالخير هذا ما يفلح, لا يفلحه الله -تبارك وتعالى-؛ وذلك أنَّ النُّجْح والفلاح إنما هو بيد الرب -تبارك وتعالى- إذن لا يفلح, هذا حُكْم الله -تبارك وتعالى-, {لا يُفْلِحُونَ}, ثم إذن ما هم قال -جلَّ وعلَا- : {مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا}, متاع في الدنيا هذه سُنِّةِ الله -عزَّ وجلَّ- أن يمتعهم في الدنيا, {مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا}, يعطيهم متاع بطول الحياة, بالرزق الرغيد الذي يعطيه الله -تبارك وتعالى- إياه, بالأولاد بالصحة, {مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ}, لكن في النهاية المرجع والمآب إلى الله -تبارك وتعالى-, {ثُمَّ}, بعد أنْ يرجعوا إلى الله, {ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ}, نذيقهم بمعنى أنهم يحسون به ويذوقونه بكل أنواع الذوق, سواءً كان ذوق اللسان, أو ذوق الجلد, ومقاساته للحرارة, ذوق الحسرة والألم كَمَد القلب كل جزئية مِن جزئياته يذوق بها العذاب, فالنار هي {الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ}[الهمزة:7], أي تصل إلى قلبه وفؤاده شهاب النار, والضرب بالمقارع والحديد, هذا العذاب الأليم, والله يقول : {نُذِيقُهُمُ}, بكل ألوان الذوق, {الْعَذَابَ الشَّدِيدَ}, وهذا عذاب النار ليس فيه أي فسحة, ولا أي جزئية مِن جزئيات الرحمة به, لا يوجد فيه أي شيء, لا يرتاح بكوب ماء بارد بعد جولة عذاب, ولا يهدأ عنه العذاب يوم, ولا يخرج مِن هذا السجن يوم, لا بل هو سجن دائم مستمر, {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا}, {حَصِيرًا}, أي محصار يحصرون فيه فلا يخرجون منه أبدًا, {وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ}, أنَّ هذا العذاب الشديد بكفرهم وهذا الكفر كفر شنيع, وهو أنهم ردوا الحق الله يقول له أنا الواحد, الأحد, الفرد, الصمد ويخبرهم بهذا وهذه كل الشواهد قائمة على أنَّ الله واحد, فالخَلْق هذا المستقر, خَلْق السموات والأرض الباقي على هذا النحو وحده, الخَلْق على هذا النحو, واستمرار الخَلْق على هذا النحو دليل على وحدانية الخالق, فهذا أمر بالضرورة أنه خالق واحد هم يقولون لا الخالق ما هو واحد, الله له ولد يُخْلُقُ مثل خَلْقِهِ,, ويفعل مثل فعله وكيف يكون له ولد له؟ {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ}[الأنبياء:22], فلا يستحيل أنْ يكون هذا الكون له مدبران, له مدبرٌ واحد -سبحانه وتعالى-, {بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}[المؤمنون:90], {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ}[المؤمنون:91], فهذا دعوة إلى توحيد الله -تبارك وتعالى- ظاهرة في كل ذرات هذا الكون, وجاءت الدعوة الصريحة, الواضحة على ألسنة الرسل, فهؤلاء لمَّا كفروا هذا الكفر استحقوا هذا العذاب الشديد الذي ينتظرهم عند الله -تبارك وتعالى-, {مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَاثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ}[يونس:70], خُتِمَت صفحة النقاش مع هؤلاء الكفار بعد هذا الجولة الطويلة في هذه السورة؛ سورة يونس, وبيان بذاءات وكفر هؤلاء الكفار, وما قالوا عن الله هو كذبهم كذبة, كذبة, كذبة إلى ادعاؤهم أنَّ لله -تبارك وتعالى- ولد, ثم المآل الذي ينتهون إليه, ثم أنَّ الله -تبارك وتعالى- بدأ يُسَلِّي رسوله -صلوات الله والسلام عليه- بذكر مَن سبقه مِن الرسل, وكيف أنهم جوبهوا بمثل ما جُوْبِهَ به النبي -صلى الله عليه وسلم-, وتحملوا صلف وكفر الكفار صم, انظر المآل الذي آل إليه أمر هؤلاء, وكل هذا تثبيت وتعزية للنبي -صلوات الله والسلام عليه-, وكذلك اطْلَاع لهؤلاء الكفار على مَصَارِع الغابرين, انظروا أسلافكم مِن الكفار, المعاندين كيف كانت نتيجتهم, والمآل الذي آلوا إليه بعد أنْ رفضوا دين الله -تبارك وتعالى-, ودعوة الله, قال -جلَّ وعَلا- : {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ}, {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ}, اقرأ, التلاوة القراءة, والأمر للنبي -صلوات الله والسلام عليه-, {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ}, النبأ هو الخبر العظيم, وأمر نوح خبر عظيم؛ لأنَّ هذا رسول يأتي قومه بهذه الرسالة, يدعوهم, يكون بينه وبينهم هذا الجدال حجته هو القاهرة, وحجتهم الداحضة الظاهرة, ثم بعد ذلك يُكَذِّبُونَهُ فيكون مصيرهم, يأمره الله -تبارك وتعالى- بأنْ يصنع هذه السفينة ينجيه الله -تبارك وتعالى- فيها والمؤمنين, ثم يهلك الأرض بِمَن فيها مِن الكافرين, هذا نبأ عظيم, {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ}, النبي أول رسول أرسله الله -تبارك وتعالى- إلى أهل الأرض ليس بينه وبين آدم رسول, آدم أولا ثم عشر قرون كانت على التوحيد, ثم وقع لشرك, ثم أرسل الله رسوله نوح, فهو أول رسول أرسله -تبارك وتعالى- إلى أهل الأرض, {........ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ}[يونس:71], قال لهم نوح, {إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ}, ناداهم, قومه وجماعته فهو منهم, {إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ}, رأى أنه عمره المديد قائمًا فيهم يدعوهم إلى الله -تبارك وتعالى-, ويدعوهم بكل سبيل؛ ببيان الحجة والمنطق والصبر على آذاهم, كما ذكر هذا معتذرًا لربه : {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا}[نوح:5], {فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا}[نوح:6], {وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ .........}[نوح:7], غطوا أنفسهم حتى لا يروني ولا يسمعوني, {........وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا}[نوح:7], {ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا}[نوح:8], ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا}[نوح:9], مرة يخاطبهم مناجاة فيما بينه وبينهم في السر, مرة يعلنه إعلان, {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا}[نوح:10], {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا}[نوح:11], {وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}[نوح: 12], كلها هذا ترغيب وتحبيب في الدعوة وهو حق, هذه المنافع مترتبة على الإيمان بالله هذا حق منافع دنيوية, {........ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}[نوح:12], {مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا}[نوح: 13], مالكم لا تُوَقِّرُونَ الرَّب, وتعظمون الرَّب, الإله -سبحانه وتعالى-, {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا}[نوح:14], انظر خلقك من أي شيء؟ مِن نطفة, علقة, قَدَّرَكَ, ثم جعلك طفل, ثم أنشاك إلى أنْ أصبحت رجلًا, {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا}[نوح:14], {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا}[نوح:15], {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا}[نوح:16], {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا}[نوح:17], {ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا}[نوح:18], {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ بِسَاطًا}[نوح:19], {لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا}[نوح:20], {قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا }[نوح: 21], فهذا نوح قال لقومه : {إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي}, معكم, {وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ}, و تذكيري لكم بآيات الله -تبارك وتعالى- كما في هذه السورة التي قرأنا بعضها؛ سورة نوح, {فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ}, أي إذا كان الأمر كبير عليكم, وشاق عليكم, وغضبانين مِنِّي, وحملتم وأصبح همكم كله إزالتي مِن أمام أعينكم, {إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ}, أنا قد توكلت على الله -تبارك وتعالى-, سَلَّمْتهُ أمري, {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ}, قال لهم : {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ}, علي رأي واحد لا تكونوا متفرقين, اجتمعوا واتفقوا على أمر واحد بشأني, {أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ}, مَن يساعدكم في هذا الأمر, {ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً}, أي اتخذوا طريق لإهلاكي وقتلي وإتلافي واضح عندكم, خذوا السبيل إليه بدون أنْ يكون هذا الأمر مغطى عليكم, الغمة الغطاء, أي يكون ما تبنيتموه تبينوه تمام وتفحصوه تمام, {ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ}, اقضوا إليّ بالشر الذي تريدونه, وبالهلاك الذي توعدوني به, {ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ}, لا تمهلون, مِن الآن افعلوا هذا بمجرد أنْ تجتمع كلمتكم على أمر واحد وعلى وهو وإهلاكي لما تجتمعوا على هذا وتأخذوا حزمكم وعزمكم, وتجمعوا كل الشركاء, ويقول لهم : {ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ}, بهذا الأمر الذي اتفقتم عليه, {وَلا تُنْظِرُونِ}, ما تمهلون, هذا تحدي, تحداهم هذا التحدي؛ لبيان في كنف الله -تبارك وتعالى- ورعايته, وأنَّ الله -تبارك وتعالى- ناصره في نهاية المطاف, وأنه لابد أنْ يكون أمر الله -تبارك وتعالى- أمر الله سيكون, وأمرهم لن يكون, وهذا مِن أعظم الأدلة لهم على أنَّ هذا نوح الذي ليست له منعة تمنعه منهم, وإذا كان هم لا يستطيعون أنْ يصلوا إلي ما يريدون؛ لأنهم قالوا : {قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ}[الشعراء:116], وأنهم لا يستطيعون أنْ ينفذوا مكرهم على هذا النحو, أنْ يؤمنوا بالله -تبارك وتعالى- الذي حمى عبده نوحًا على هذا النحو, وأحاطه بهذه الإحاطة قال : {فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ}, أي عن هذا التحدي الذي أقوله حتى يثبت لكم أني أنا بالفعل عبد الله ورسوله, {فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ}, أتيتكم بخير الدنيا والآخرة, هذا الدين جئتكم به, وما أطلب عليه أجر, لا أطلب أجر على هذا مجانًا أعطيكم هذا, أنا أجري على الله -سبحانه وتعالى-, {َإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ}, ما طلبت منكم لدلالتكم على هذا الخير في الدنيا والآخرة, أعظم خير أدلكم عليه في الدنيا والآخرة, الخير الذي يكفل لكم البقاء في هذه الدنيا, والرزق الحسن, وولاية الرَّب -تبارك وتعالى- في الدنيا, والوصول إلى جنته, هذا أعظم فوز, وهذا ما أطلب عليه مال منكم, {فَمَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ}, أي أجر, {إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ}, بقائي بهذا الأمر وتحملي ما تحملته فيه, تحملي بذاءاتكم وسخريتكم وتكذيبكم كلما افعل هذا مجانًا, فقط أريد أجري على الله, {إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ}, لا الحصر, {........وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ}[يونس:72], ما هو مِن عندي, ليس مِن عندي أتيتكم بهذا الدين, وإنما أُمِرْتُ بالبناء لما لم يُسَّمَ فاعله, والآمِر هو الله, {أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ}, المُذْعِنِينَ للرب, الإله -سبحانه وتعالى- فيما يأمرني به, {........وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ}[يونس:72], لله -تبارك وتعالى-, هل هناك أنصع مِن هذه الدعوة؟ أظهر بيانًا, أظهر حُجَّة؟ أقوى منطق؟ أقطع لكل عذر؟ هل يبقى متشكك بعد ذلك في أنَّ هذا على الحق, وأنَّ غيره على الباطل في أنَّ هذا رسول الله حقًا وصدقًا, رجل يتحدى قومه, بهذه الصورة, بهذا الوضوح, بهذا البيان, وأيضًا ينزه عن الغرض الدنيوي بهذا, بآيات بهذا الدين على هذا النحو, وهو مُنَزَّه عن أي غرض دنيوي لا يطلب منهم شيء على هذا, ثم يقول لهم أنا مُذْعِن لأمر الله -تبارك وتعالى- ومسلم له, قال -جلَّ وعَلا- : {فَكَذَّبُوهُ}, مع كل نصاعة حجة هذا النبي الكريم, ووضحها ووضعه قومه على التحدي وكل هذا, قال -جلَّ وعَلا- : {فَكَذَّبُوهُ}, قالوا أنت كذبًا, معنى كذبوه ردَّوا الحق الذي قاله واتهموه بالكذب, وأنه أتى بهذا الدين مِن عند نَفْسِهِ, قال -جلَّ وعَلا- : {فَكَذَّبُوهُ}, إذن لابد أنْ تأتي عقوبة الرَّب -تبارك وتعالى-, ويأتي الحُكْم والفيصل بينه وبين قومه, قال -جلَّ وعَلا- : {فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ}, {فَنَجَّيْنَاهُ}, نَسَبَ الله -تبارك وتعالى- الإنجاء لنَفْسِهِ؛ لأنه هو الذي نَجَّاهُ -سبحانه وتعالى-, وقد فصل الله تفصيل هذا في موضع ما في كتابه بأنه أمره أنْ يصنع سفينة, وأنْ يحمل فيها مِن كل دواب الأرض ذكر وأنثى, زوجين أي ذَكَر وأنثى, وأخبره الله -تبارك وتعالى- بأنه قد غضب على هؤلاء, وسيهلكهم, ويهلك حتى الدواب الأرض الباقية, كل دواب الأرض الباقية معهم, {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ}[هود:37], لا تخاطبني فيهم باستعجال عذابهم, أو بأنْ يشفق النبي عليهم بعد ذلك قال : {إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ}, وذلك بعد أنْ دعا نوح بعد أنْ يأس مِن إيمانهم وقال : {إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا }[نوح:27], وقال : {........رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا}[نوح:26], صاحب دار, فربنا -سبحانه وتعالى- أخبر بأنه نجاه, {وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ}, وهي السفينة, قال -جلَّ وعَلا- : {........وَجَعَلْنَاهُمْ خَلائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ}[يونس:73], جعلنا هؤلاء الطائفة التي نجت هم الذين تناسلوا بعد ذلك, وصار مِن ذريتهم, كل مَن سكن الأرض بعد ذلك إنما هو مِن ذرية مَن حملهم الله -تبارك وتعالى- في هذه السفينة الصغيرة التي لم يكن فيها إلا نوح والذين آمنوا معه وأخبر الله -تبارك وتعالى- أنه : {مَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ}, فهذا القليل هو الذي جعله الله -تبارك وتعالى- جعل نسلهم بعد ذلك خلائف يخلف بعضهم بعض في هذه الأرض, قال -جلَّ وعَلا- : {وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا}, أغرقهم الله -تبارك وتعالى- بالطوفان العظيم, الماء المنهمر مِن السماء, والأرض التي أخرجت ما في بطنها مِن العيون, والله يقول : {........فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ}[القمر:12], قد قَدَّرَهُ الله -تبارك وتعالى- ليصل الماء إلى أعالي الجبال, بل يعلو أعلي قمة في الأرض حتى يغرق الجميع, يبقى كل الأرض كلها تغرق جميعها ولا تبقى إلا هذه السفينة الواحدة التي حملها الله -تبارك وتعالى-, {وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ}[القمر:13], الدُّسُر وهي هذه العوارض التي توضع في السفينة والألواح, الدُّسُر هي هذه ما القفص الأساسي للسفينة, ثم الألواح التي تكون عليه هذه ذات ألواح ودسر مِن هذا الخشب على هذا النحو التي حمل الله -تبارك وتعالى- فيها هذه نبتة البشرية الثانية بعد ذلك, فنوح هو آدم الثاني بعد آدم الأول, {........ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ}[يونس:73], انظر نظر هنا النظر عِلْم عَايِن, أي العلم هذا الأمر الذي يخبرك الله -تبارك وتعالى- وكيف كانت هذه العاقبة نهاية, {الْمُنْذَرِينَ}, الذين أنذرهم الله -تبارك وتعالى- وخوفهم عقوبته, ولكنهم لم يخافوا ولم يرعوا, {فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ}, قال -جلَّ وعَلا- : {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ}, مِن بعد نوح -عليه السلام-, بَعَثَ الله -تبارك وتعالى- رسلًا إلى قومهم, كل رسول إلى قومه كما أرسل الله -تبارك وتعالى- في عاد هود, وفي ثمود صالح, وفي قوم فرعون موسى -عليه السلام-, وفي عامورة وسدوم أرسل لوط, وأرسل كذلك إبراهيم عليه السلام إماما للناس في الشام, وأرسل رسله بعد ذلك إلى أقوامهم, {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ}, جاء هؤلاء الرسل أقوامهم, {بِالْبَيِّنَاتِ},الدلائل الواضحات, البينة هي الأمر البين الظاهر مِن الدليل الواضح البَيِّن على أنَّ هذا هو رسول مِن الله -تبارك وتعالى- سواء بمعجزات يجريها الله -تبارك وتعالى-, ما مِن نبي وقد آتاه الله ما على مثله مِن البشر دليل قاطع, قال -جلَّ وعَلا- : {فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ}, هذه سُنِّة الله فما كانوا هؤلاء المهلكين, المعذبين, الكافرين, {فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ}, أي أنَّ الله -تبارك وتعالى- عاقب هؤلاء الأقوام عندما كذبوا رسلهم, حرمهم مِن الإيمان بقوا في الكفر دائمًا, {......... فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ}[يونس:74], كذلك كهذا الطبع يطبع الله تكون الحجة بينة ظاهرة, شمس ساطعة, لكن لا يراها هو موجود, لكن لا يؤمنوا بوجوده, فهذا النبي أمامه لكن هو ساطع, حجة ساطعة وبرهان مِن الله -تبارك وتعالى-, ولكن لا يراه, لا يؤمن به, وفي قرارة قلبه ونَفْسِهِ أنَّ هذا حق لكن لا يؤمن به, يكذبه, مع ما يكون مِن الإنذار, أنَّ هذا وراءه نار, وراءه عذاب وما يؤمن به, يخون الله -عز وجل-؛ لأنَّ هذا طبع على القلب, يطبع الله -تبارك وتعالى- على قلبه فلا تنفذ الهداية إليه, يغلق ويقفل, ثم يختم عليه ما في هداية وهذا الذي صندوق قفله الله -تبارك وتعالى-, ثم ختم عليه بهذا الختم, هل ممكن أنْ ينفذ إليه شيء؟ لا ينفذ إليه شيء, {كَذَلِكَ}, كهذا الطبع, وهذا الإغلاق المحكم على قلوب هؤلاء, {نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ}, لما اعتدوا على الرسل, وكذبوهم مع علمهم بأنهم صادقين واعتدوا على أمر الرب -تبارك وتعالى- على هذا النحو, يناديهم ويرسل لهم رسالة, ويحذرهم مِن العقوبة, ثم يرفضوها؛ إذن لابد أنْ يعاقبوا, {........ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ}[يونس:74].
ثم يقص الله -تبارك وتعالى- موسى, وهذا نموذج كيف يُطْبَعُ على قلوب المعتدين, وكيف يُنْجِي الله -تبارك وتعالى- المؤمنين؟ {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ بِآيَاتِنَا فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ}[يونس:75], هذا نموذج يُبَيِّن سُنَّة الله -تبارك وتعالى- في المكذبين, المعاندين, {بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ}, مِن بعد هؤلاء الرسل الذين أرسلهم الله -تبارك وتعالى-, وكُذِّبُوا, موسى النبي, نبي بني إسرائيل, أرسله الله -تبارك وتعالى-, خاطبه في الطور عند عودته مِن مَدْيَن إلى مصر, وحَمَّلَهُ الله -تبارك وتعالى- الرسالة إلى فرعون وملئه؛ لينقذ بني إسرائيل مِن قهر فرعون, وهارون النبي أخو موسى أصبح نبيًا بطلبٍ مِن موسى لربه -تبارك وتعالى- قال : {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي}[طه:29], {هَارُونَ أَخِي}[طه:30], {اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي}[طه:31], {أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي}[طه:32], {كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا}[طه:33], {وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا}[طه:34], فجعله الله, قال : {قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}[يونس:89], {قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ}, أي قد آتيناك سؤلك يا موسى, فالله -تبارك وتعالى- آتاه سؤله عندما طلب أنْ يكون هارون أخوه وزيرًا معه, ويشد أزره, {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسَى وَهَارُونَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ}, {فِرْعَوْنَ}, حاكم مصر, وكان كل مَن يحكم مصر في هذه الحقبة يُسَمَّى الفرعون ككسرى في الفرس, وقيصر عند الروم, {وَمَلَئِهِ}, الملأ جماعته, وهم ووزراؤه وأهله وكبراؤه, وأهل الثراء والغِنَى والوجاهة مِمَن حوله يُسَمُّونَ بالملأ, قيل لأنهم يملؤون العين, أو يملؤون المكان, {بِآيَاتِنَا}, أرسل الله -تبارك وتعالى- موسى بآيات مِن الله -تبارك وتعالى-, كما قال -جلَّ وعَلا- : {فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ}, قال -جلَّ وعَلا-, {فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ}, استكبروا رأوا أنهم أعلى مِن أنْ يبايعوا موسى وهارون, {فَقَالُوا أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ}[المؤمنون:47], {وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ}, فاعلين للإجرام, وأكبر هذا الإجرام هو كفرهم وعنادهم, وأنهم لن يدخلوا في دين الله أبدًا, ولو جاءتهم كل آية كما قالوا : {وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ}[الأعراف:132].
ونكمل -إنْ شاء الله- في الحلقة الآتية, أقول قولي هذا, وأستغفر الله لي ولكم مِن كل ذنب, وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد,