الحمد لله ربِّ العالمين, وأُصَلِّي وأُسَلِّم على عبد الله ورسوله الأمين, وعلى آله وأصحابه, ومَن اهتدى بهديه, وعَمِلَ بسنته إلى يوم الدين.
وبعد؛ فيقول الله -تبارك وتعالى- : {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}[هود:18], {الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ}[هود:19], {أُوْلَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ}[هود:20], {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ}[هود:21], {لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ}[هود:22], هذه هي حال ووصف الرب -تبارك وتعالى-, والمآل الذي سيؤول إليه هؤلاء الذين افتروا على الله الكذب, أي نوع مِن الكذب افتروا على الله, وأكبر ما افْتُرِيَ على الله -تبارك وتعالى- هو ادِّعاَء أنَّ لله ولد, له نِدّ, له شريك, أنَّ الملائكة بنات, وأنَّ عيسى ابنه أو إنكار إخباره -سبحانه وتعالى-تكذيب رسله, وأنهم لم يُرْسَلُوا مِن الله -تبارك وتعالى- وافتروا, كل هذا داخل في معنى افتراء الكذب على الله, الله أخبر بأمر هؤلاء الذين افتروا على الله الكذب على هذا النحو, هؤلاء هم أهل الخسار, هؤلاء {لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ}[هود:22], بعد أنْ وصف الله -تبارك وتعالى- حالهم, وأنه طردهم مِن رحمته -سبحانه وتعالى-, وإنهم ما يعجزوه, أين يذهبوا؟ {أُوْلَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ........ }[هود:20], عذابهم مضاعف وصُعُد دائمًا, {مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ}, في الدنيا, {وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ}[هود:20], {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ}[هود:21], {لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ}[هود:22]هذا فريق.
الفريق الثاني, قال -جلَّ وعَلا- : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[هود:23], هذا الفريق الآخر, فريق أهل الإيمان, {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا}, الإيمان الذي هو تصديق هذه الأخبار مِن الله -تبارك وتعالى-, تصديق الرسل فيما أخبروا به, وعملهم بمقتضى هذا التصديق, علموا أنَّ لهم رَبًا, إلهًا -سبحانه وتعالى- هو الرب, الرحمن, الرحيم, الغفور, الودود -سبحانه وتعالى-؛ فعملوا بمقتضى هذا, رجوه -سبحانه وتعالى-, وساروا في مرضاته, وعلموا أنه -سبحانه وتعالى- الرَّب الذي يؤاخذ بالذنب, وهو شديد العقاب؛ فخافوه وعَظَّمُوا أمره -سبحانه وتعالى-, علموا أنه أَرْسَلَ رسوله وأنه أتى بِدِين, وأنه بطريق فآمنوا بهذا الرسول, والتزموا ما قاله هذا النبي لهم, وساروا في هذا الطريق قيل لهم : اسلكوا في هذا وأَسْلِمُوا واسلكوا, سلكوا هذا الطريق, هذا معنى الإيمان؛ لأنَّ الإيمان حقيقة مُرَكَّبَة مِن ثلاثة أمور شهادة باللسان, إقرار بالجنان, عمل بالجوارح ومنِ العمل عمل القلب, الخوف مِن الله -تبارك وتعالى- بالإذعان لأمر الله, بالاستجابة لأمر الله, بالرجاء فيما عند الله -تبارك وتعالى-, وعمل كذلك بالجوارح يدًا ورجلًا وعينًا وبصرًا, {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}[الإسراء:36], فهذه حقيقة الإيمان, {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ........}[هود:23], {عَمِلُوا}, الأعمال الصالحة التي أمرهم بها ربهم -سبحانه وتعالى-, {وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ}, أصل الإخبات هو التواضع والسكون والإذعان, والعرب تُسَمِّى الأرض المتواضعة, المنبسطة خبت؛ لأنها فهذا {أَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ}, بمعنى أنهم استكانوا له, واستجابوا له, وذَلُّوا له -سبحانه وتعالى-, وإخباتهم هذا إلى ربهم فهو خالقهم, وهو متولي شئونهم -سبحانه وتعالى-, وهو الذي بيده نفعهم وضرهم؛ فإخباتهم وإذعانهم وذُلُّهم إنما هو إلى ربهم هو الذي يستحق هذا, يستحق أنْ يكونوا مخبتين له -سبحانه وتعالى-؛ لأنه ربهم -سبحانه وتعالى-, {وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ}, قال -جلَّ وعَلا- : {أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ}, {أُوْلَئِكَ}, إشارة للبعيد, وهذا لتعظيم شأنهم, ورفع منزلتهم, {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ}, الصحبة تأتي للملازمة الطويلة فلان صاحب فلان, أي أنه قد لازمه ملازمة طويلة؛ فهو صاحبٌ له, أو الصحبة أي الملك, أنا صاحب الدار أنا مالكها, {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ}, إلا أنهم سيلزمونها ملازمة لا تنقطع, أخبر الله -تبارك وتعالى- أنَّ أهل الجنة لا يبغون عنها حِوَلًا, وهم باقون فيها, كما قال -جلَّ وعَلا- : {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ}, فيدخلوا أبواب الجنة, {........خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ}[العنكبوت:58], فَيُبَشَّرُونَ بأنهم باقون فيها بقاءً لا ينقطع فهم, أصحابها بمعنى الصحبة المستمرة وكذلك هم مُلَّاكُهَا, {........وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}[الأعراف:43], والميراث أعظم أسباب انتقال الملْك, الملْك ينتقل مِن شخص إلى شخص بأسباب كثيرة بالهبة, بالعطية, بالبيع ينتقل الملك لكن أعظم ما ينقل إليك مِن ملك الآخرين هو الميراث؛ لأنَّ الميراث يقع في ملك صاحبه شاء أم أبى, شئت أم أبيت, مات ميت أنت وارث له, وقع حظك ونصيبك مِن هذا الميت في ملْكِكَ, شئت أم أبيت غير البيع والشراء, ثم ليس هناك كأن يقال : الميت ما يرجع مرة ثانية لكي يسترد ما أعطاك؛ فوقوع المال في الملك بالميراث أعظم شيء فالله -تبارك وتعالى- جعل إيقاع ملك الجنة لأهلها كأنه ميراث أعظم شيء, قال : {أُورِثْتُمُوهَا}, أي أخذتموها أخذ كما يؤخذ الميراث, وذلك أنه عطاء لازم, دائم مِن الله -تبارك وتعالى-, {بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}, فهؤلاء أصحاب الجنة, مُلَّاكُهَا يُمَلِّكُهُم الله -تبارك وتعالى- إياه وهذا الجنة, الجنة في اللغة العربية البستان, لكن هذا بستان الرَّب, العظيم -سبحانه وتعالى- الجنة, جنة الآخرة, بستان الرَّب, العظيم الذي أعد فيه بعباده الصالحين ما لا عين رأت, ولا أذن سمعت, ولا خطر على قلب بشر, أَعَدَّ فيه مِن الأمور التي لم يخبرنا عنها, فضلًا عما أخبرنا عنها مِن أمور عظيمة جدًا, أخبرنا عن أشجارها الملتفة, وثمارها فهي غير مقطوعة ولا ممنوعة, ما تأتي صيف دون الشتاء, أو في الشتاء دون الصيف, أو في فترة مِن الفترات في الربيع لا, بل {أُكُلُهَا دَائِمٌ}, وظلها ظلها لا تنسخه شمس, {أُكُلُهَا دَائِمٌ}, , {أُكُلُهَا}, ثمارها دائمة مهما قُطِع مِن ثمرها يخرج محل هذه الثمرة, ثمرة أخرى فلا ينقص مِن ثمرها ثمرة أبدًا مع ما يتمتع به مِن التمتع, ثم قد ذُلِّلَت قطوفها, ثم نساؤها وعبيرهن وثيابهن أمرٌ يفوق الوصف, كما وصف الله -تبارك وتعالى-, {وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا}[النبأ:33], {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ}[الصافات:49], {كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ}[الرحمن:58], يقول النبي : «يُرَى مخ عظامها مِن خلال سبعين حُلَّة تتحلى بها », أمرٌ عظيم, فهذه الجنة بستان الرب -سبحانه وتعالى- وما زخر به أصحابها هؤلاء أصحاب الجنة بالألف واللام هذه الجنة المذكورة, المعلومة التي أخبر الله -تبارك وتعالى- عنها, والتي خلقها وهيأها, وزخرها بكل أنواع السرر والملذات مما ذكره الله -تبارك وتعالى- لنا, ومما لا نعلم حقيقته, وإنما الأسماء كما قال ابن عباس كما قال : ( ليس في الجنة مما ذُكِرَ لكم إلا بالنسبة للدنيا إلا الأسماء), فذكر نساء الجنة لا يمكن أنْ تكون ليست حقائق نساء الجنة كنساء الدنيا لا, كما قال الله -عزَّ وجلَّ- : {........وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[البقرة:25], لكنها لا تبول ولا تتغوط ولا تبصق ولا يوجد نُخَامَة, ريحها لو أطلت إلى أهل الأرض لملأت ما بين السماء والأرض ريحًا, فأين تلك المرأة؟ وأين تلك المرأة؟ فعندما يقال امرأة مِن الآخرة, امرأة مِن نساء الجنة وامرأة مِن نساء الدنيا مهما كانت أجمل نساء الدنيا لكن ليس هي امرأة شتان بين هذا وهذا, كذلك ثمرة وثمرة, ومتعة ومتعة, وطُنْفُسَة وطُنْفُسَة, وأريكة وأريكة, وأين هذا وكوب وكوب, وكأس وكأس, وخمر وخمر, فخمر الآخرة غير خمر الدنيا تمامًا, {لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ}[الصافات:47], {بَيْضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ}[الصافات:46], لذة بكل معاني اللذة فالأمور أسماء تشتبه, وأسماء متماثلة لكن حقائق مختلفة كل الحقائق, {........أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[هود:23], {هُمْ}, هؤلاء وهم أهل الإيمان والعمل الصالح, {فِيهَا}, في هذه الجنة, {خَالِدُونَ}, الخلود المكث الطويل, وقد أخبر الله -تبارك وتعالى- أنَّ مكث أهل الجنة في الجنة, وبقاؤهم فيها بقاء لا ينقطع ما له حد ينقطع عنده مليون سنة, اثنين مليون ملايين السنوات, بل هو بقاء لا انقطاع له, نسأل الله -تبارك وتعالى- أنْ نكون إخوانًا مؤمنين مِن أصحاب هذه الجنة, {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[هود:23], هذه مقارنة بين هؤلاء, {........الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ}[هود:21], {لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ}[هود:22], وبين أهل هذه الجنة, {........أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[هود:23].
ثم ضرب الله -تبارك وتعالى- كذلك مقارنة بين هؤلاء وهؤلاء فقال {مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ}, الكافر والمؤمنين, {........كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا أَفَلا تَذَكَّرُونَ}[هود:24], {مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ}, أهل الكفر والعناد الذين افتروا على الله -تبارك وتعالى-, والذين {يَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ}[هود:18], وبين أنْ يكونوا في هذا المصير مِن النار, وأهل الإيمان, {الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ}, وأصبحوا أهل الجنة, الله يقول : {مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ}, واحد أعمى وأصم وبصير وسميع, فالأعمى مقابله البصير, والأصم مقابله السميع, {هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا}, هل يستوي الأعمى والبصير؟ وهل يستوي الأصم والسميع؟ لا يستوون, فالكافر أعمى بُذِلَت له حقائق الدين, وآيات الرسول والبراهين, ولكنه لم يرَ شيئًا مِن ذلك, جاءه كتاب الله -تبارك وتعالى-, جاءه القرآن كلام الله -تبارك وتعالى- يُتْلَى عليه, يُذَكِّرُهُ, يخبره ببدئه ونهايته, بمعاده عند الله, بطريق الرب -تبارك وتعالى- بأنه سيحاسب على عمله, ولكنه لم يسمع شيئًا مِن ذلك سمعه وأهمله تركه صم, والمؤمن لا المؤمن, عرض الله -تبارك وتعالى- عليه هذه الآيات جاءه الرسول أبصر معه هذه الهدى ومعه النور, ومعه الآيات, فعرف أنَّ هذا رسول الله, دَلَّهُ النبي على طريق الرب -تبارك وتعالى- فراعي طريق الرب -تبارك وتعالى-, وسار فيه, سمع كلام الله -تبارك وتعالى- فوصل هذا السمع, فتح أذنه له وصل إلى قلبه وفقهه, واستمع إلى كلام الرب وآمن به, فالمؤمن سميع بصير, والكافر أعمى أصم, الله يقول : {هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا}, يستوي هذا وهذا, {أَفَلا تَذَكَّرُونَ}, بعد هذا الإيضاح, وهذا النور وبيان حقيقة كلٍّ ومآل كلٍّ, وهذا خطاب الرب, هذا كلام الله -تبارك وتعالى-, وأنَّ هذا لا يسقط, هذا مآله كما يقول الله -تبارك وتعالى- أنَّ مآل هذا الكفار الذي هذا صفته كذا وكذا, مآله كذا كلما الله, وهذا المؤمن الذي أخبت إلى الله وآمن به, هذا مآله الجنة هذا لابد أنْ يكون, {أَفَلا تَذَكَّرُونَ}, سؤال يراد به التحضيض والتذكير والتنبيه أرعوى, ارجع إلى عقلك, تَذَكَّر أنَّ هذا كلام الله -تبارك وتعالى-, وأنه ضرب لك الأمثال على هذا النحو, {أَفَلا تَذَكَّرُونَ}, هذا فاصل مِن هذه السورة نستطيع أنْ نقول أنَّ هذا الفاصل الثاني بعد مقدمة السورة التي بَيَّنَاهَا في الحلقات السابقة, والتي نَوَّعَ الله -تبارك وتعالى- فيها هذا القرآن الذي {........أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}[هود:1], وبَيَّنَ الله أنَّ مهمة القرآن أنْ اعبدوا الله -تبارك وتعالى-, وأنَّ في النهاية إذا قمتم بهذه العبادة لله -تبارك وتعالى-؛ فإنَّ الله سيعطي كل ذي فضل فضله, {يُمَتِّعْكُمْ}, في هذه الدنيا, {مَتَاعًا حَسَنًا}, هذا بالنسبة لأهل الإيمان, {........وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ}[هود:3], ثم اعلموا {إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[هود:4], هذه المقدمة.
ثم بعد ذلك جاء بعد هذه المقدمة هذا الفاصل الثاني الذي بَيَّنَ الله -تبارك وتعالى- فيه أدلة هذا الحق, أدلة هذه الرسالة, أدلة الرسول وموقف الكفار مِن هذا الأمر, وانقسام الناس بعد ذلك إلى هذين الفريقين, فريق أهل الإيمان, وفريق أهل الكفر, بَيَّنَ الله -تبارك وتعالى- في النهاية وصف هؤلاء, وصف هؤلاء, مآل هؤلاء, مآل هؤلاء.
ثم شَرَعَ الله -تبارك وتعالى- في فاصل طويل مِن هذه السورة؛ سورة هود التي قال النبي فيها -صلى الله عليه وسلم- عندما قيل له شِبْتَ يا رسول الله, قال : «شَيَّبَتْنِي هود وأخواتها الواقعة والحاقة والمرسلات», شَرَعَ الله -تبارك وتعالى- هذا الفاصل الثالث مِن هذه السورة يذكرنا بِمَصَارِع الغابرين, الأمم يعرضوا علينا الأمم أُمًة, أُمَّة, نوح مع قومه, هود مع قومه, صالح مع قومه, لوط مع قومه, شُعَيْب مع قومه, وتكاد القصة في كل أُمَّة مِن هذه الأمم أنْ تكون هي هي مع اختلاف الوجوه, فالأنبياء جميعهم دعوةٌ واحدةٌ, مقالةٌ واحدةٌ, رَدُّ الأمم ردٌ واحد, الكفار موقفهم ي في كل أُمَّة يكاد يكون موقف واحد مِن هذا الرسول, والمؤمنون في كل أمة كذلك موقفهم مِن الرسول موقف واحد, ثم يكون صنيع الرب -سبحانه وتعالى-في نهاية المطاف, وهو الصنيع الواحد, سُّنة الإيمان واستئصال أهل الكفران؛ فيعرض الله -تبارك وتعالى- هذه الأمم أمةً أمة لعلنا نرعوي, ولعل الذين يسمعون عن الله -تبارك وتعالى-, ويقرأون يتعظون, انظر كأن الله يقول انظر مصارع الذين مِن قبلكم, وشأن النبي محمد -صلوات الله والسلام عليه- كشأن إخوانه مِن الرسل, نفس القصة هو رسول كنوح وهود وصالح وإبراهيم ولوط وشعيب, شأنه شأن هؤلاء الأنبياء, دعوته مع هؤلاء الأنبياء هي دعوة واحدة, وصنيع الرَّب -سبحانه وتعالى- مع الكافرين ومع المؤمنين سيكون صنيع واحد, لن يتغير, سُنَّةَ الله ولن تجد لسنة الله تبديلًا, شَرَعَ الرب -سبحانه وتعالى- أولًا مع نوح؛ لأنه أول رسول أُرْسِلَ إلى أهل الأرض, قبل نوح مِن آدم إلى نوح كان كما ذكر ابن عباس -رضي الله تعالى- عنه : (كان فيه عشر قرون مِن الأمم كلها علي التوحيد), كان بين آدم ونوح, عشر قرون كله على التوحيد, على الإيمان بالله -تبارك وتعالى-, ثم وقع الشرك بعد ذلك بفعل الشيطان الذي هو عدوا لهم, أولًا بحيلة عندما مات لهم بعد الناس الصالحين, وحزنوا عليهم قال لهم في البداية انصبوا لهم أنصابًا في أماكنهم التي كانوا يجلسون فيها؛ فإذا رأيتم هذه الأنصاب؛ تذكرتم صورهم, اشتقتم لعبادة الله -عز وجل-, الإنسان إذا رأي هذا الذي كان مثال في الخُلُق والدين والصلاة, لما يرى صورته يتذكره؛ فإذن تنشط في عبادة الرب, فكان المدخل مِن البداية مدخل حسن نُصِبَت هذه الأنصاب وَدّ وسُوَاع ويَغُوث ويَعُوق ونَسْر, يقول ابن عباس : (كانوا رجالًا صالحين بين آدم ونوح), نصبوا لهم هذه الأنصاب, وما مشى الحال على هذا زمان, واتخذت هذه الأنصاب كصور مُذَكِّرَة ومُشَجِّعَة بما كان عليه هؤلاء الصالحون, ثم بعد ذلك جاء الشيطان, وجاء للأجيال التي تلت بعد ذلك وما عرفت في الأساس لماذا نُصِبَت هذه الأنصاب؟ قال لهم : هذه الأنصاب التي نصبت إنما كان مَن قبلكم كانوا يستشفعون بها إلى الله, هؤلاء ناس صالحين, هؤلاء ناس لهم منزلة عند الله اطلبوا عندما تطلبون شيء, تريدون شيء لا يتحقق بهذه الدنيا مِن مطر, مِن خير مِن زرع, مِن كشف ضر الجئوا إلى هؤلاء, هم يوصلون كلامكم إلى الله -تبارك وتعالى-, وهم يشفعون لكم عند الله, فبدأوا هؤلاء بدلا أنْ يوجهوا الدعاء إلى الرَّب -تبارك وتعالى-, وأنْ يكون هذه الأنصاب تكون في الأساس إنما هي تذكير بتاريخ السابقين, لا, أصبحت وسائط, جعلوها الناس وسائط بينهم وبين الله -تبارك وتعالى- وسائط ليس في تلقي الدين وتعليمه, وإنما وسائط في أنهم إذا أرادوا أنْ يصلوا إلى شيء مِن دعاء الرَّب -تبارك وتعالى-؛ اتجهوا إلى هذه الوسائط, وأوهمهم الشيطان أنَّ هذا أدعى إلى أنْ يقبل الله -تبارك وتعالى- دعاءهم, عُبِدَت مِن دون الله, لمَّا عُبِدَت مِن دون الله -تبارك وتعالى- أصبح شرك, وقع الشرك في هؤلاء, هم رجال صالحون لكن وقع الشرك بهم, أصبحوا يُدْعَونَ مع الله يُسْتَشْفَعُ بهم, يُطْلَبُ بهم ما يُطْلَبُ مِن الله -تبارك وتعالى-, يطلب مِن هؤلاء, أَرْسَلَ الله -تبارك وتعالى- عبده ورسوله نوحًا -عليه السلام-؛ ليرد الناس مرة ثانية إلى التوحيد فماذا كانت قصته؟ يقول الرَّب -تبارك وتعالى- : {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ}[هود:25], {أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ}[هود:26], {وَلَقَدْ}, تأكيد مِن الرب -تبارك وتعالى- أنه هو الذي أرسل عبده نوحًا, {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ........}[هود:25], نوح أول رسول إلى أهل الأرض, {إِلَى قَوْمِهِ}, القوم هم الجماعة الأقربين, ولم يكن في الأرض كلها في ذلك الوقت إلا أُمَّة واحدة هي أمة نوح, وقوم نوح, ما مهمة هذا الرسول؟ {إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ}, {إِنِّي}, يُعَرِّفُ الرسول نَفْسَهُ إلى قومه, {إِنِّي}, مُؤَكِّد هذا, {لَكُمْ} أيها الناس, {نَذِيرٌ مُبِينٌ}, {نَذِيرٌ}, مخوف مِن عقوبة الرب و-تبارك وتعالى-, {مُبِينٌ}, مُظْهِر هذه النذارة على أتم صورها أو {مُبِينٌ}, مِن بان وهي اللازمة, أي بَيِّن, واضح, نذارة وكون نذير بين, واضح لا شُبْهَة ولا غموض في ذلك, {أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ}, هذه المهمة, جئت لكم بهذه المهمة, {أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ}, {تَعْبُدُوا}, بكل معاني العبادة وهو الذُّل والخضوع والاستسلام والطاعة, كل ما يريده الله -تبارك وتعالى- مما هو داخل في مفهوم العبادة, {إِلَّا اللَّهَ}, -سبحانه وتعالى- الله المعلوم خالق السموات والأرض, رب العالمين -سبحانه وتعالى-, {........إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ}[هود:25], {.........إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ}[هود:26], إذا لم تقوموا بهذه المهمة فأخاف عليكم مِن حَدَبِهِ ومِن شفقته عليهم, {أَخَافُ}, أي وأَحْذَر أنْ يعذبكم الله -تبارك وتعالى-, {عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ}, إذا لم تقوموا بهذا الأمر, {.........إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ}[هود:26], وهذا اليوم الأليم يوم القيامة, يأتيكم الله عذاب الله -تبارك وتعالى- فيه, أمر واضح, هذا نوح منهم ولا شك أنهم يعلمون صدقه وأمانته, يعرفوه ما هو شخص لا يعرفونه, وكلامه واضح أنا نذير مبين, فيها عقوبة تنتظركم, عقوبة الرَّب -تبارك وتعالى- ,ثم الدعوة واضحة, بَيِّنَة وحق {أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ}, لأنَّ الله هو خالقكم, وهو ربكم, وهو يستحق أنْ تعبدوه, تَذِلُّوا له؛ فهو الذي خلقكم وخَلَق لكم كل ما حولكم, وقد فصل الله -تبارك وتعالى- في سورة نوح المقالات العظيمة التي قالها نوح لقومه : {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا}[نوح:5], {فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا}[نوح:6], {وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا}[نوح:7], {ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا}[نوح:8], {ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا}[نوح:9], {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا}[نوح:10], {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا}[نوح:11], {وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}[نوح:12], {مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا}[نوح:13], {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا}[نوح:14], {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا}[نوح:15], {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا}[نوح:16], {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتًا}[نوح:17], {ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا}[نوح:18],{وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ بِسَاطًا}[نوح:19], {لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا}[نوح:20], بَيَّنَ لهم بكل أنواع البيان على أنَّ هذا الذي يدعوهم إليه حق, وأنَّ الله -تبارك وتعالى- ربهم وخالقهم, وخالق لهم كل هذا النعم التي يتمتعون فيها, والتي هي بها قيامهم, فدعوة نوح -عليه السلام- لقومه دعوة واضحة, {........إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ}[هود:25], {أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ}[هود:26], فماذا كان الرد؟ قال -جلَّ وعَلا- : {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ}[هود:27], انظر الرد, الرد المجرم لهؤلاء الكفار قالوا : {مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا}, لماذا الله يختارك مِن دوننا؟ أنت مثلنا, ماذا في هذا مِن العيب والنقص ومخالفة الحكمة أنْ يكون الله قد اختار لهم الشخص, هذا اختيار الله, الاعتراض على اختيار الله, وبشر مثلكم يكون أقرب إليكم تعرفونه, تعرفون إنْ كان هو صادق في هذه المقالة, وفي هذه الدعوة أم لا, أما لو جاءكم مَلَك ما تستطيعوا تميزوه, ما هو هذا الملك؟ وكيف صفته؟ كيف جاء؟ وما تعرفوا هو ملك ولا غير ملك, فعندما يكون شخص منكم يكون أدعى إلى معرفة دعواه, وكذلك يكون مثال أمامكم, فقالوا : {مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ}, انظروا الذين سارعوا إلى الانضمام إليك, والإيمان بك هم الأراذل, ويعنون بالأراذل ليس أراذل الخَلْق, وإنما فقراء الناس وضعفتهم, هؤلاء الضعفاء وأهل العقول المتواضعة, {بَادِيَ الرَّأْيِ}, أي أنهم بمجرد ما سمعوك تقول هذا الكلام؛ صَدَّقُوكَ ودخلوا فيه دون أنْ ينظروا في حقيقة الأمر, فالرأي البادي والبادئ هو الذي كأنه يأخذه صاحبه ببداهة الأمر, وببداهة العقول, ولا يفكر فيه, ولا يتعمق فيه, وإنما يقول صدقوه بمجرد أنْ قلت قولًا فصدقوك فيه, واتهامهم هنا أنهم بالأراذل, وأنَّ أخلاقهم أخلاق منحطة ورذيلة مِن باب السَّب؛ لأنهم نظروا إلى أنهم ضعاف مِن حيث الدنيا, وأنَّ هذا تلازم بين الفقر وقلة المال وفساد الخُلُق, قالوا : {وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ}, لماذا تفضل عليما وتصير أحسن منا, ولما يكون هؤلاء الذين سارعوا إليك, أصبحوا مِن السابقين, وهم أفضل منا, {بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ}, نشك أنكم كاذبين, ظن, رجحان ما هو متأكد, وهذا أمر يحكمون هكذا بالسب والشتم, وبمجرد الظن نظن أنكم تكذبون في هذه الدعوة التي تَدَّعُونَهَا .
سنقف -إنْ شاء الله- عند هذا, ونكمل في الحلقة الآتية, نعيش -إنْ شاء الله- مع ما ذكره الله -تبارك وتعالى- وقَصَّهُ هنا عن نوح وقومه, أستغفر الله لي ولكم مِن كل ذنب, وأُصَلِّي وأُسَلِّم على عبد الله ورسوله محمد.