الجمعة 29 ربيع الآخر 1446 . 1 نوفمبر 2024

الحلقة (279) - سورة هود 108-117

الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على عبده ورسوله الأمين، سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبة ومن اهتدى بهديه، وعمل بستنه إلى يوم الدين.

يقول الله تبارك وتعالى:

"يَوْمَ يَأْتِ" أي يوم القيامة "لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ" (هود: 105) "فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ "(هود: 106) "خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ" (هود: 107) "وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ" (هود: 108) ) "فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ" (هود: 109) "وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ" (هود: 110) "وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ" (هود: 111)

بعد أن بين الله تبارك وتعالى مصارع الغابرين من الأمم التي كذبت رسلها، وهذا في هذه السورة سورة هود، أخبر سبحانه وتعالى، فقال: "إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ" (هود:103) "وَمَا نُؤَخِّرُهُ "(أي هذا اليوم) إ"ِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ" (هود:104) "يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ..." إذا جاء هذا اليوم فإن أحدا من الخلق لا يتكلم إلا بإذن الله حتى الملائكة، ما أحد يقدر يتكلم في هذا اليوم إلا أن يأذن الله تبارك وتعالى له، ثم بين الله قسمة الناس فقال: "فَمِنْهُمْ" أي من الناس، "شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ" (هود:105). وبين حال الأشقياء فقال "فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ" يزفرون فيخرجون النار من أجوافهم ثم يشهقون فيأخذونها "لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (هود:106) "خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ (هود:107) وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (هود:108)"

لا ينقطع، فنعيم أهل الجنة، نعيم لا ينتهي ولا ينقطع، كما أن عذاب النار الذين هم أهل الناس وأصحابها الذين كتب الله لهم الخلود فيها فإن عذابهم كذلك عذاب دائم لا ينقطع، ثم وجه الله تبارك وتعالى بعد هذا الخطاب إلى رسوله، فقال: "فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ" هؤلاء المشار إليهم هم المشركون من العرب "لَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ" لا تك في شك "مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ" يعني أنهم مشركون عابدون للأوثان والأصنام كما كان آباؤهم من قبل. "فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ" يعني مما يعبده هؤلاء "مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (هود:109) تهديد ووعيد من الرب تبارك وتعالى، وإن الرب الإله سبحانه وتعالى هو الذي يتوعد ويتهدد "لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ" موفوهم يعني سيأخذوا نصيبهم من العذاب وافيا كاملا "غَيْرَ مَنْقُوصٍ" لم ينقص لهم. فأخبر سبحانه وتعالى بأنه سيتم وسيوفي لهم عذابهم الذي يستحقونه بكفرهم، وإتباعهم للآباء، على هذا الدين الباطل الذي صاروا عليه، ثم قال جل وعلا: "وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (هود:110)

النبي صلوات الله وسلامه عليه إنما هو في سلسلة الرسل، في سلسلة هؤلاء الرسل، وقد بعث النبي صلوات الله وسلامه عليه وهناك في الأرض من يدعي أنهم على منهج وطريق وسنن رسل الله تبارك وتعالى. من اليهود الذين يدعون أنهم على دين موسى وشريعته، والنصارى الذين يلتزمون في زعمهم شريعة موسى المنزل عليه في التوراة، ويؤمنون بنبي الله تبارك وتعالى عيسى آخر نبي قبل نبينا محمد (صلوات الله وسلامه عليه)، وليس بين عيسى وبين محمد نبي آخر، ما في هذه الفترة الزمنية التي هي نحو 600عام، ليس هناك نبي بين عيسى (عليه السلام) وبين محمد (صلوات الله وسلامه عليه) فالله تبارك وتعالى أخبر بأنه قد آتى موسى الكتاب هو التوراة فأختلف فيه. أختلف فيه اختلف الذين ورثوا هذه التوراة فيها وكفر بعضهم بعضا واختلفوا على فرق كثيرة، كما قال صلى الله عليه وسلام: (افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِحْدَى أَوْ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَتَفَرَّقَتِ النَّصَارَى عَلَى إِحْدَى أَوْ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً).

ثم قال جل وعلى: "وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ" لولا أن الله تبارك الله وتعالى قد سبق في علمه وقد صدر أمره سبحانه وتعالى، بأنه سيوفي الناس حسابهم يوم القيامة، لكان الرب تبارك وتعالى قد قضى بينهم يعني من على الحق منهم ومن على الباطل فيهلكه، لكن الأمر هذا تركه الله تبارك وتعالى ليكون الفصل فيه يوم القيامة، "َقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (هود:110) وإنهم الذين أورثوا، الذين ورثوا هذه التوراة وساروا عليها، "لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (هود:110) "شك منه" مما هم عليه فإنه يعني بليت اسانيدهم إليه وضاع كثير من الحق الذين عندهم وأصبحوا في شك في كثير من دينهم، وجاء النبي المخلص محمد ابن عبد الله (صلوات الله وسلامه عليه) ليوضح لهم الطريق ويوضح لهم الحق، "وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (هود:110)

وكذلك من ضمن الأمر الذي تشككوا فيه محمد ابن عبد الله الذي صلوات الله وسلامه عليه، فإنهم كثير منه شكوا في أنه رسول الله حقا وصدقا علما بأن هناك من علم أنه رسول الله بأوصافه التي وصفه الله بها عندهم، وقال جل وعلى: "الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (البقرة: 146) "وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (هود:111). "وإن كلا" أي من هؤلاء المختلفين الشاكين في الكتاب، سواء كانت من مشركي العرب، أخر الله أنه سيوفيهم، وأنهم على دين باطل اتبعوا فيه الآباء والأجداد دون علم وهدى، واليهود والنصارى متشككون في كثير مما يعني أنزله الله تبارك وتعالى عليهم، مختلفون في الكتاب، ثم أخبر سبحانه وتعالى بأنه سيوفي كل طائفة من هؤلاء حقها وحظها ونصيبها، "َإِنَّ كُلًّا" من هؤلاء وهؤلاء "َلمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ" يوم القيامة "إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (هود:111) إنه الله تبارك وتعالى بما يعملون خبير

وقد بعث هذا النبي (صلوات الله عليه وسلام) النبي الخاتم ليدعوا هؤلاء جميعا إلى صراط مستقيم، (وقال والله لا يسمع لي أحد من هذه الامة يهودي ولا نصراني ولا يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أهل النار) فالنبي جاء داعيا كل هذه الطوائف والأمم إلى دين الله تبارك وتعالى، "قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا..." (الأعراف:158) وقد بعث النبي والحال قد أظلم، فنبينا محمد اختاره الله تبارك وتعالى على حين خاص، دروس للدين الحق، ما بقي على الدين الحق إلا غبرات من أهل الكتاب

كما قال صلى الله عليه وسلم: (وإِنَّ اللهَ نظر إلى أهْلِ الْأَرْضِ، فمقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وعَجَمَهُمْ، إِلَّا بقَايَا من أهْلِ الْكِتَابِ) فالنبي أشرق نوره وكان هو السراج المبين بعد ليل بهيم مظلم قد غطى الأرض، ولم يبقى فيه إلا شميعات قليلة، شموع قليلة متناثرة من الرهبان الذين كانوا على شي من الدين والحق وأما الظلام فقد أصبح دامسا.

فيخبر سبحانه وتعالى بأنه سيوفي هؤلاء. "وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (111) ثم وجه الله تبارك وتعالى خطابه إلى النبي، يعني أنت قد أرسلت هذه هي الحال، يعني حال الأمم حول النبي، قال له "فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ"، أي يا محمد يا رسولنا كما أمرت، كما أمرك الله تبارك وتعالى، استقم على الدين الصحيح، الدين القويم كما أمرك الله تبارك وتعالى، “وَمَنْ تَابَ مَعَكَ" يعني عليهم أن يستقيموا كذلك، وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112)

نهي من الله جازم عن الطغيان، وهذا الطغيان يدخل فيه كل مجاوز للحد يعني لا تجاوزوا الحد، يعني في وصف الرب سبحانه وتعالى في مساري الإيمان، في معاملة غيركم، في العبادة، إياكم والطغيان أي طغيان، بس التزموا أمر الله تبارك وتعالى وطريق الرب تبارك وتعالى.

"فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (هود: 112) وهذا تهديد، تهديد ووعيد، يعني أن الله مبصر لما تعملونه فاحذروه، فاحذروا الرب واعلموا أنه بصير، والبصر هنا يعني العلم الدقيق ورؤية الرب تبارك وتعالى لما أنتم عليه، كمان انتم عليه. "إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (هود:112) وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (هود: 113). "وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ..."

ركن إلى الآمر، بمعنى أنه مال إليه واستكان له، فقال الظالمين لا ركون لهم "وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا.." كل الذين ظلموا هم هؤلاء الطوائف الكافرة من مشركي العرب وإن كان أقرباء من اليهود من النصارى، لا تستنيموا وتستسلموا، وتقروا شيئا من دينهم الباطل "وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا.." وذلك أن الله أرسل رسوله حربا على الكفر والكافرين، كما قال النبي: (بعثت كالسيف بين يدي الساعة) وقال:(أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله الا الله وأني رسول الله، فإن قالوها فقد عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وأَمْوَالَهم إِلاَّ بحَقِّ الإِسلامِ، وحِسابُهُمْ عَلى اللَّهِ)

وقال الله لرسوله: "فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ..." (النساء 84) وقال "قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (التوبة 29)

فالنبي من أول يوم أرسل بأن يقوم بأمر الله تبارك وتعالى، لم يؤمر بالقتال في أول الأمر، ولكن أعلنها صريحة للجميع منذ أول بعثته أن هذا هو الحق دينه الذي أرسله به، وأن كل من ليس على هذا الدين المرسل له من الله فهو كافر، وأن كل من كان على شي من الهدى وخلاص إنتهى، أطفئ شمعتك ومصباحك وسر خلاص جاء ضوء النهار، جاء ضوء النهار فخلاص لا سير إلا فيه، أما إنك تقول والله أنا أهتدى بما كنت عليه من الدين السابق، لا خلاص، طلع الصبح فأطفئ المصباح، فإذا كان عندك المصباح أيها الكتابي يهوديا كنت أو نصرانيا تهتدي به خلاص لست في حاجة إليه اليوم، بعد بعثة النبي قد أشرق ضوء الصباح، طلعت الشمس.

 “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (الاحزاب 45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (الاحزاب 46)

فهذا السراج المنير. انتهى، إللي عنده شمعة صغيرة خلاص لست في حاجة إليه، أدخل في هذا الطريق، فهنا هذا النبي الذي أرسل لهذا فأقول منذ بداية دعوة النبي، وأن كل من ليس على هذا الطريق فهو كافر. ثم بعد ذلك لما مكن الله رسوله، وأصبح في يده قوة وحوله أناس يحمونه أمره الله تبارك وتعالى بقتال الأحمر والأزرق خلاص، بقتال الجميع، كما قال الله تبارك وتعالى لرسوله:وقال: "وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ.." (الأنفال 39) يصبح خضوع الجميع للرب الإله سبحانه وتعالى، فهنا قال جل وعلا: "وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا.." (هود 113) ركون إقرار لهم، إبقاء لهم على هذا الحال، خليكم على ما أنتم عليه، يعطونهم شي إنه كما يقال نأخذ شي مما عندكم، لا، بل لا ركون إلى أهل الظلم.

"وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ.." وتمسكم النار تأخذكم، فقط مجرد الركون. كما قال الله تبارك وتعالى لرسوله: "وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (الاسراء 74) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (الاسراء 75). "وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ". وكان الأمر في الركون ما كان إقرار للنبي من شي باطل عندهم ولا شيء، ولكنهم قالوا له ما نستطيع أن نجلس مع هؤلاء، عبيدنا وأرقاؤنا، أجعل لنا مكان ووقت من عندك نجلس لك فيه، فأرادوا أن ينفصلوا فقط، أن يفصلوا النبي عن ضعفاء المسلمين ليجلسوا إليه، فربنا قال له لا.

قال له: "وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ (الأنعام 52) وقال له: "وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (الكهف 28)

فسمى الله تبارك وتعالى مثل هذا ركون، قال: "وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (الاسراء 74) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (الاسراء 75).

فهنا يقول الله تبارك وتعالى: "وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (هود: 113) يعني أن لن يتخلى الله عنكم، "...وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ" إن أنتم ركنتم إلى الذين ظلموا وواليتموهم وسكتهم عن باطلهم هذا، عند ذلك الله تبارك وتعالى يتخلى عنكم، كما قال جل وعلا: "لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً... (آل عمران 28). "وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ.." ينصرونكم "ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ" وبالتالي لا تنصرون، ما أحد يستطيع أن ينصركم من دول الله، وهذا تحذير شديد للمؤمنين أن يوالوا الكفار، بل أن يركنوا إليه مجرد ركون.

ثم وجه الله نبيه (صلوات الله وسلامه عليه) إلى القنوت إلى الله وإلى العبادة، قال: "وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ" (هود 114) "وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ" (هود 115). "وَأَقِمِ الصَّلَاةَ" أمر من الله لرسول وطبعا هذا أمر لكل المؤمنين "َأَقِمِ الصَّلَاةَ" والإقامة هي يعني صلاتها على خير وجوه، أن تكون مستقيمة، لأن الأمر المقام هو المعدل الذي أتي به على أتم وجوهه وهذا ضد العوج، فالأمر المعوج هو الذي فيه ميل، فيه خلل، جعل يميل "َأَقِمِ الصَّلَاةَ" عدلها، وإقامة الصلاة أداؤها على وجهها الأكمل من أداء شروطها، فمثلا من شروطها: ستر العورة، وأخذ الزينة، استقبال القبلة، الطهارة الكاملة، طهارة البدن، طهارة الثوب، طهارة المكان، دخول الوقت، هذه شروط ثم أركان الصلاة، أركانها بدءا بالتكبير ونهاية بالتسليم، فهذه خشوع القلب فيها، وحضوره كل هذه من معاني إقامة الصلاة، "وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ"، طرفي النهار في أول النهار وآخر النهار. صلاة الفجر وصلاة العصر، هدول أطراف النهار، هدول أطراف النهار، صلاة الفجر وصلاة العصر، وهما أفضل صلاتين. (من صلى البردين دخل الجنة). فجر في أول النهار والعصر في آخر النهار. "وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ" وهي صلاة المغرب وصلاة العشاء، هذه قربة من أقرب وقت من الليل المغرب ثم العشاء "وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ" والصلاة هدي من الحسنات وهي عمل صالح. "يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ" وقد أخبر النبي (صلوات الله وسلامه عليه) أن الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما. فإذا والى المسلم بين صلاة وصلاة فإن الله تبارك وتعالى يغفر له ما بين الصلاتين، كما قال صلى الله عليه وسلم الصلاة إلى الصلاة والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينهن.

فهذه الحسنات تذهب السيئات، "...إنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ" (هود 114) ذلك هذا التذكير، ذكرى من الله تبارك وتعالى للذاكرين لمن يتذكر وأما من لا يتذكر فإنه لا ينفعه هذا.

أيضا مما قاله صلوات الله وسلامه عليه في إذهاب الصلاة للسيئات قوله (صلى الله عليه وسلم): (لو رأيتم أن نهرا بباب أحدكم، يغتسل منه، أو يغتسل فيه كل يوم خمس مرات، يبقى ذلك من درنه شيئا، قالوا لا يبقى ذلك من درنه شيئا، فقال: ذلك مثل الصلوات الخميس، يمحوا بهن الله الخطايا).

فشبه النبي (صلى الله عليه وسلم) من يصلي خمس صلوات فيغفر الله له ذنوبه بذلك بين هذه الصلوات، شبه النبي هذا، غفران الذنوب، ونقاوة هذا العبد، وبقاؤه بلا ذنب وبلا خطيئة بسبب صلاته، كمن عنده نهر، غمر، جارٍ بباب داره ثم يذهب فيغتسل في هذا النهر خمس مرات كل يوم، هل يبقى شيء من القذر والدنس على جسمه هذا المغتسل الذي يكرر الغسل خمس مرات. فإذا كان هذا يبقى، النهر الغمر، الماء الجاري النظيف، هذا يكون نقيا وكذلك الذي صلى خمس مرات في يومه وليلته، فإنه يبقى نقيا خالصا من الذنوب.

"إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ" (هود 114) "وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ" (هود 115). اصبر هنا يذكر الله ما الذي يصبر عليه، والسياق إنما هو صبره على، أذى هؤلاء الكفار، وللنبي أسوة بهؤلاء الذين مضوا، فاصبر عليه، اصبر على أذاهم، تحمل ما تحمل، ثم اصبر كذلك على طاعة الرب تبارك وتعالى وعلى القيام بأمره، فالعبادة تحتاج إلى طاعة، فالصلاة من الصبر، اصبر على الأحداث، ما يجريه الله من أحداث على المؤمن فإنما هو يعني الله تبارك وتعالى يبتلي عباده بأشياء ويبتليه بالخير والشره "وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ" (هود 115) ولا شك أن الذي يصبر على ما يصيبه محسن، هذا هو الإحسان لأن الجزع ورد أمر الرب وعدم الرضى بالقضاء الرب هذا إساءة، هذا مسيء، فالصابر على أمر الله تبارك وتعالى الراضي به هذا محسن، إن الله لا يضيع أجر المحسنين وقد أخبر سبحانه وتعالى، بأن أجر هذا المحسن بالصبر مو محدود، ولا هو معدود، ما يحده الله تبارك وتعالى، قال: "... إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (الزمر 10). يعني بغير عد، يعطيه الله تبارك وتعالى بغير عد، ففرق بين من يعطي واحد مثلا يأتي لمن يوزع مالا فيوزع مال يقول أعطيه 100دينار 200دينار 300دينار بالعدل وفي يقول أغرقوا له، خليه يأخذ من هذا المال ما يشاء.

فالله تبارك وتعالى يبين ولله المثل الأعلى، يعطيه من الحسنات بغير عدد، بغير عدد عنده طبعا لا شك أن كل أمر هو معدود عند الله تبارك وتعالى وإنما هذا تصوير أنه يعطى مش لا يعطي على عمله بالحساب الذي قاده الله تبارك وتعالى على كل حسنة، فإن كل حسنة لها مقدار وكل عمل له مقدار، لكن الصبر عند الله ماله مقدار يعني الله تبارك وتعالى صاحبه بغير عد، "وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (هود 115) ثم قال الله تبارك وتعالى بعد المواعظ العظيمة في آخر هذه السورة: " فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ (116) "فلولا" فهلا "كَانَ مِنَ الْقُرُونِ من قبلكم" القرون التي أهلكها الله قوم نوح، عاد، ثمود، قوم لوط، قوم شعيب. يعني هلا كان فيهم، أولو بقية، بقية من عقل، من حلم، من رؤية حقيقة عرفوا الحق، ينهون عن الفساد في الأرض، قاموا مع رسلهم فنهوا عن الفساد في الأرض، قاموا هذا القيام ونهوا عن هذا الفساد في الأرض والشرك من أكبر الفساد، ثم هذه أنواع الفساد التي أخبر الله عنها من فعل هؤلاء الظالمين، يعني أنه لو وجد هؤلاء العقلاء، أولوا الألباب أهل العقول، قاموا ونهوا عن الفساد في الأرض، إذا لما كان الهلاك، لما كان الهلاك ولا العذاب، لأنقذهم الله تبارك وتعالى،

"فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ..." ما كان إلا أعداد قليلة ممن أنجاهم الله تبارك وتعالى، وهذه الأعداد كانت مستضعفة، يعني لا حول لها ولا قوة، وجاء هؤلاء الكفار فغطوا على هؤلاء وأوقفوا الرسول أمام، يعني خلص، يا إما أن يسكت يا إما أن يطرد، "قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ (الشعراء 116) قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (الشعراء167) إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ...(هود 54)

فكل رسول قد هدد في وقته بأنه إما أن يسكن وإما أن يلقى الموت والهلاك وبقيت هذه الفئة التي معها هذا النبي مستضعفة لا حول لها ولا قوة، إذا ما بقي. فلو كان هناك أولوا بقية من أهل الحزم والعزم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، للوقوف أمام هؤلاء السفهاء والمجرمين، لكان الله تبارك وتعالى قد أنقذ هذه الأمم لكن لم يكن ذلك، كما جاء في الحديث: (ويل للعرب من شر قد إقترب) وحلق النبي صلى الله عليه وسلم، بين السبابة والإبهام هكذا، قال فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج هكذا، فقالت أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها: (أنهلك وفينا الصالحون) يعني يهلكنا الله تبارك وتعالى وفينا الصالحون، فقال: (نعم، إذا كثر الخبث، إذا كثر الخبث يكون الهلاك) والأمم السابقة هكذا، كثر فيها الخبث، وعم فيها الطغيان، وعم الشرك، وأصبح صوت الرسول خلاص مخنوق، بعد أن أعلنه أقام الحجة خلاص أوقفوه وأقفلوا عليه الباب، فلم يبقى إلا استئصالهم بالعذاب،

 فقول الله تبارك وتعالى: "فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ" أي لما وقع هذا الاستئصال لهم. "إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ (هود 116) "وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ" الترف نهاية او الوصول لنهاية التمتع بالنساء والأموال والشهوات، خلاص اتبعوه وساروا خلف هذا، وأصبحت هذه هي نهاية أملهم ومنتهى مرادهم  "وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ (هود 116) مجرمين، أي فاعلوا الإجرام "وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117) وما كان ربك ليهلك القرى بظلم منه سبحانه وتعالى وأهلها مصلحون، أي قائمون بالإصلاح، فلو كان هناك أولوا بقية، أي رجال قائمون بالمعروف ناهون عن المنكر، ناهين عن الفساد لما أهلك الله هذه القرى، ولكن لما علا فيها الباطل على أهل الحق، وأرادوا محو هذا الحق وإنهاءه، فإن الله أنجى الفئة القليلة، واستأصل هذه الأمم.

نقف عند هذا وأصلي وأسلم على عبد الله ورسوله محمد والحمد لله رب العالمين.