الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 . 22 نوفمبر 2024

الحلقة (330) - سورة النحل 120-128

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده والرسول الأمين، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن إهتدى بهديه وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[النحل:120]، {شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[النحل:121]، {وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ}[النحل:122]، {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[النحل:123]، {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}[النحل:124]، {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}[النحل:125]، {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ}[النحل:126]، {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ}[النحل:127]، {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}[النحل:128]، في ختام هذه السورة أولًا وجه الله -تبارك وتعالى- مجموعة من المواعظ إلى عبده ورسوله محمد -صلوات الله والسلام عليه-، ثم بيَّن الله -تبارك وتعالى- أشاد بعبده إبراهيم الخليل -عليه السلام-، وذلك في هذا نسبة النبي -صلوات الله والسلام عليه- إلى إبراهيم نسب دم وكذلك نسب دين وإتباع، وفي هذا دعوة إلى العرب أن يدخلوا في هذا الدين، دين أبيهم إبراهيم الذي كانوا يعتزون به ويرون أن هذه الكعبة إنما هي بنائه، وأن هذا البيت والحرم هو بفضل دعوته، وأنه أقام هنا، وأنه كان العلم الذي هدى الله -تبارك وتعالى- به الأمم بعد ذلك وكل الأنبياء من نسله، فقد كانوا يفخرون بإنتسابهم إلى إبراهيم -عليه السلام-، فهذه دعوة إلى أن يكونوا أبنائه حقيقة، أبنائه على دينه وليس على ذلك الدين الذي غيروه وبدلوه.

وذكر الله -تبارك وتعالى- إبراهيم هنا بفضيلة عظيمة مناسبة لهذه السورة، وهي أنه شاكر لأنعم الله -تبارك وتعالى-، فإن هذه السورة سورة النحل قد عدد الله -تبارك وتعالى- فيها كثيرًا من نعمه -سبحانه وتعالى- على خلقه، ودعاهم أن يعلموا أن هذا خلق الله -تبارك وتعالى- وأن هذه منته عليهم، ودعاهم إلى أن يشكروه -سبحانه وتعالى- فهو الرب الإله، بدءًا بقول الله -تبارك وتعالى- {وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ}[النحل:5]، {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ}[النحل:6]، {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}[النحل:7]، {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ}[النحل:8]، وفيها {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ}[النحل:66]، {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}[النحل:67]، {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ}، فالشاهد أن الله -تبارك وتعالى- في هذه السورة عدد كثيرًا من نعمه التي أنعم بها عليهم، ووجه أنظارهم -سبحانه وتعالى- ليعرفوا ربهم الخالق المنعم المتفضل -سبحانه وتعالى-، لكنه بيَّن موقف كثير من عباده إيذاء هذه النعم، قال {يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ}[النحل:83].

فذكر إبراهيم هنا أبو الأنبياء -صلوات الله والسلام عليه- بهذه الفضيلة والخصلة التي كانت فيه أنه شاكر لأنعم الله، قل -جل وعلا- {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[النحل:120]، {شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[النحل:121]، يخبر -سبحانه وتعالى- عباده ويؤكد أن إبراهيم؛ إبراهيم أبو الأنبياء -صلوات الله والسلام عليه-، كان أمة؛ فرد يقتدى به، الأمة هو الفرد الذي يقتدى به، إمام كما قال الله –تبارك وتعالى- {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}[البقرة:124]، فجعله الله -تبارك وتعالى- إمامًا للناس، وإختصه الله -تبارك وتعالى- بأن جعل جميع الأنبياء والرسل من بعده إنما هم من نسله، من فرع إسحاق -عليه السلام- وفرع إسماعيل، فمن إسماعيل بعد إسماعيل النبي الخاتم محمد -صلوات الله والسلام عليه- من نسل إسماعيل إبن إبراهيم، والأنبياء جميعًا أنبياء بني إسرائيل اللي هو بدءًا من يعقوب إبن إسحاق إبن إبراهيم، أولاد يعقوب جميعًا من النبوة؛ اللي هم أنبياء بنوا إسرائيل، أخرهم عيسى -عليه السلام-، كلهم كانوا من نسل إبراهيم -عليه السلام- من نسل إسحاق، فإبراهيم جعله الله -تبارك وتعالى- أمة؛ فرد يقتدى به في كل من بعده، وكذلك أمة بمعنى أنه كان أيضًا أمة وحده -صل الله عليه وسلم-، فإنه كان المؤمن وحده في وقته لم يكن هناك مؤمن غيره، يدعوا إلى الله -تبارك وتعالى- وأول من آمن به لوط -عليه السلام-، قال -جل وعلا- {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ}، وقبل هذا قال إبراهيم كما جاء في الحديث؛ حديث الصحيحين، أن إبراهيم قال لزوجه عندما نزل أرض مصر «يا سارة إنه ليس في الأرض مؤمن إلا أنا وأنتي»، فكان هو المؤمن وحده -صلوات الله والسلام عليه- قبل كل الناس جميعًا، والأرض كلها مليئة بالكفر، وفيها إجتمع عليه قومه ليحرقوه بعد أن كسر أصنامهم ودعاهم إلى الله -تبارك وتعالى-، فكان أمة لذلك.

{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ ........}[النحل:120]، مطيع لله -تبارك وتعالى-، القنوت هو الطاعة، {حَنِيفًا}، يعني مائلًا عن كل طرق الشرك، فقد إختبر كل طرق الشرك هذه التي كانت قائمة، ثم إنه مال عنها وحاد عنها جميعًا وإتجه إلى طريق الرب -سبحانه وتعالى-، الصراط المستقيم، عبادة الله، الإله الواحد الذي لا إله إلا هو -سبحانه وتعالى-، قال يا قوم إني بريء مما تشركون من دونه، فقد تبرأ من كل شرك بالله -تبارك وتعالى-، {قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ}[الشعراء:75]، {أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الأَقْدَمُونَ}[الشعراء:76]، {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ}[الشعراء:77]، {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ}[الشعراء:78]، {وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ}[الشعراء:79]، {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ}[الشعراء:80]، {وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ}[الشعراء:81]، {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ}[الشعراء:82]، {رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ}[الشعراء:83]، فهذا إبراهيم -عليه السلام-، {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[النحل:120]، نفى الله –تبارك وتعالى- عليه أن يكون من المشركين كما زعم العرب الجاهلون، فإنهم نسبوا الشرك إلى إبراهيم -عليه السلام-، وأنه كان يستقسم بالأزلام كما صوروا هذا في الكعبة، ولما دخل النبي الكعبة في السنة الثامنة من هجرته وجد أن المشركين قد صوروا إبراهيم وإسماعيل وهما يستقسمان بالأزلام، والإستقسام بالأزلام يعني أن يطلبان البخت والحظ عن طريق الأزلام؛ اللي هي السهام، إفعل ولا تفعل والسهم الثالث يكون غفلة، فقال النبي -صل الله عليه وسلم- «تالله ما إستقسم بها قط»، والإستقسام بالأزلام نوع من الشرك، وأمر بغسل هذه الصور التي وضعوها للكعبة، فلم يك إبراهيم من المشركين كما كان يزعم المشركون وأنهم على دين أبيهم إبراهيم -عليه السلام-، بل كان إبراهيم مائلًا عن كل هذه طرق الشرك كلها، كل أنواع الشرك الموجودة في الأرض مال عنها، وإتجه إلى طريق الرب -سبحانه وتعالى- عبادة لله وحده.

ثم ذكره الله -تبارك وتعالى- بهذه الصفة اللائقة هنا والمناسبة هنا لهذه السورة، قال {شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ}، كان قائمًا بالشكر لأنعم الله -تبارك وتعالى-، شكر قلب وشكر لسان وشكر عمل بكل أنواع الشكر إبراهيم -عليه السلام-، قال -جل وعلا- {........ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[النحل:121]، الإجتباء هو الإختيار، أن الله -تبارك وتعالى- إختاره وإصطفاه عن جملة الناس، وهداه إلى صرط مستقيم؛ وفقه الله -تبارك وتعالى- إلى صراطه المستقيم، بعد أن مال عن كل طرق هذه الشرك فهداه الله -تبارك وتعالى- إلى طريقه المستقيم.

قال -جل وعلا- {وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً}، إخبار من الله -تبارك وتعالى- بأنه إمتن على عبده إبراهيم بأنه أعطاه في الدنيا حسنة، فقد كان له مال عظيم جدًا من الإبل والبقر والغنم، ووسع الله -تبارك وتعالى- عليه في الدنيا توسعة عظيمة، {وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً}، ويدلك على هذا أنه لما نزل به الأضياف؛ الملائكة، الذين أتوا ليبشروه وهو لا يدري عنهم، وأتوا ليهلكوا قرى لوط، فإنه في التو واللحظة في وقت قليل قال -جل وعلا- {فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ}[الذاريات:26]، عجل كامل قربه إليهم وهم ثلاثة فقط؛ نفر، فآتاه الله -تبارك وتعالى- مالًا عظيمًا في الدنيا، قال {وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً}، حسنة الدنيا وهو ما متعه الله -تبارك وتعالى- به من هذه الأموال، ثم قال -جل وعلا- {........ وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ}[النحل:122]، إنه؛ إبراهيم، يؤكد الله -عز وجل- إنه في الآخرة لمن الصالحين؛ من عباد الله -تبارك وتعالى- الصالحين، وذكر هنا أنه من الصالحين بيان أن هذا الوصف وصف عظيم، فإن هذا الوصف يمكن أن يوصف به أي عبد من عباد الله -تبارك وتعالى- المؤمنين، ممن ليس بنبي وليس برسول، فنقول هذا رجل صالح وهذا عبد صالح، والله -تبارك وتعالى- وصف به إبراهيم وهو أبو الأنبياء، مما يدل على أن المؤمن إذا نال هذا الوصف فقد نال صفة عظيمة جدًا، {........ وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ}[النحل:122].

قال -جل وعلا- {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[النحل:123]، {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}، يعني يا محمد، {أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}، سر في هذا الطريق، والنبي -صل الله عليه وآله وسلم- قد جائه هذا الوحي وفاجأه دون علم منه ودون إستعداد له، فلم يكن يستعد لإستقبال هذا الوحي ولم يكن يعلم به أصلًا، بل لما نزل عليه جبريل أول ما نزل لم يدر أهذا ...، خشي أن يكون هذا الذي رأه رئي من الجن وليس ملك من ملائكة الله -تبارك وتعالى-، فالنبي ما كان عنده إستقبال وتمهيد لأن يستقبل هذا الوحي ولم يعمل هذه المجاهدات لينال هذه النبوة، بل كان غافلًا عن كل ذلك؛ فجائه الوحي، فهذا نعمة الله -تبارك وتعالى- ومنته على عبده ورسوله محمد، قال {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}، فهذا وحي من الله -تبارك وتعالى- {أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}، سر في ملته؛ ملته على التوحيد، {وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، تأكيد من الله -تبارك وتعالى- أن إبراهيم لم يكن -عليه السلام- على شيء من الشرك بالله -تبارك وتعالى-، {وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.

ثم أخبر -سبحانه وتعالى- هنا رد الله -تبارك وتعالى- على اليهود، الذين يعتزون كذلك بنسبتهم إلى إبراهيم وأنهم أبنائه وأنهم على دينه، ويأخذوا على غيرهم أنهم لا يسيروا ويعظموا السبت الذي يعظمونه، قال -جل وعلا- {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}[النحل:124]، {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ}، جعل عليهم فرض وذلك أنهم تمنوه وأخذوه اللي هو يوم السبت، يوم تمنته بنوا إسرائيل مع موسى -عليه السلام- إلى أن يكون لهم يوم يعبدوا الله -تبارك وتعالى- فيه، ويتفرغوا فيه لعمل العبادة، وأنهم عموا عن يوم الجمعة وهو اليوم المفضل عند الله -تبارك وتعالى-؛ أفضل أيام الأسبوع، وإختاروا هذا اليوم الذي قالوا أنه هو نهاية خلق الله –تبارك وتعالى- للسماوات والأرض، فهو يوم يعني اليوم الذي فرغ الله -تبارك وتعالى- فيه من الخلق فنأخذه، ثم إنهم نسبوا إلى الله -تبارك وتعالى- أكبر الظلم وأكبر الشتم لله، إذ قالوا إن هذا اليوم قد جعله الله -تبارك وتعالى- يومًا لراحته، فقالوا أرادوا يبقى نتشبه بالله -تبارك وتعالى- فنتخذ هذا اليوم كذلك يومًا نستريح فيه ونعبد الله -تبارك وتعالى- فيه، وللأسف أنهم كتبوا هذا في التوراة التي نسبوها إلى موسى -عليه السلام-، أنهم قالوا ثم إستراح في اليوم السابع من عمله الذي عمل خالقًا، هكذا قالوا في الإصحاح الأول في التوراة، أول إصحاح في التوراة أنهم قالوا ثم إستراح؛ أي الرب الإله -سبحانه وتعالى-، في اليوم السابع من عمله الذي عمل خالقًا؛ اللي هو يوم السبت، وعندهم أن الله -تبارك وتعالى- بدأ الخلق بيوم الأحد واحد إثنين ثلاثة إلى يوم الجمعة يكون يوم ستة، يوم السبت هو اليوم السابع وأن الله عندهم ديَّت، قال -جل وعلا- {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ}[ق:38]، واللغوب؛ أدنى تعب، -سبحانه وتعالى-، فإن الله -تبارك وتعالى- {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}، فالرب هو العلي العظيم القوي القادر -سبحانه وتعالى-، {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}[النحل:40]، فلا يتعب -سبحانه وتعالى-، لا يتعبه أمر ولا يكرثه أمر ولا يشغله أمر عن أمر –سبحانه وتعالى-.

فالله قال {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ}، يعني فرض عليهم بطلبهم هم، {عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ}، وهم اليهود اختلفوا فيه في اليوم المفضل عند الله -تبارك وتعالى- وإختاروا هذا اليوم فكتب عليهم؛ ضلوا عنه، كما قال النبي -صل الله عليه وسلم- أنهم ديَّت، قال «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة»، قال نحن الآخرون أي في الزمن السابقون يوم القيامة، قال «قال إن اليهود ضلوا عن يوم الجمعة وإختاروا السبت، فالسبت لهم ثم النصارى بعدهم وهدانا الله -تبارك وتعالى- إلى يوم الجمعة قبلهم»، الجمعة بعدها السبت هذا يوم اليهود بعدها الأحد عيد النصارى، أما إن كان النصارى إتخذوا الأحد هل كان هذا بوحي من الله -تبارك وتعالى- إلى عيسى أو بإختيار منهم، أو أن هذا مما أدخله النصارى على دينهم معاندة لليهود، قيل أن هذا كان في عهد قسطنطين عندما أصبحت هناك مفارقة لليهود، عندما فارق اليهود النصارى فأرادوا أن يغيروا الأسس التي هم عليها، فبدلًا من تعظيم السبت عظموا الأحد، وبدلًا من إتجاه إلى قبلتهم؛ قبلة الصخرة في بيت المقدس، جعلوا قبلتهم إلى الشرق دائمًأ؛ إلى مكان شروق الشمس، فبنوا الكنائس كلها إلى شروق الشمس وحولوا عن السبت إلى الأحد، فقول الله -تبارك وتعالى- {إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}[النحل:124]، ليحكم بينهم؛ بين اليهود وبين النصارى وبين المشركين، يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون؛ في كل الذي كانوا يختلفون فيه، من شأن الدين ومن شأن الصراط والهدى والضلال والحق والباطل، كل شيء إنما هذا حكمه بعد ذلك إلى الله -تبارك وتعالى-، فهؤلاء المختلفين في الدين أمر النبي بتركهم وخلافاتهم وإتباع ما شرع الله -تبارك وتعالى- له، والله -تبارك وتعالى- شرع لهذه الأمة تشريعًا مستقلًا ليس ملحقًا بتشريع اليهود والنصارى، وإنما شرعة مستقلة جعلها الله -تبارك وتعالى- لهذا النبي الخاتم -صلوات الله والسلام عليه-، ومن هذه الشرعة تعظيم يوم الجمعة، هذا اليوم الذي هو خير أيام الأسبوع في السماء والأرض، فهذا يوم خلق الله -تبارك وتعالى- فيه آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها، وهو اليوم الذي تقوم فيه الساعة وهو خير أيام الأسبوع، هدانا الله، هدى هذه الأمة إلى هذا اليوم.

بعد هذا وجه الله -تبارك وتعالى- هنا في الآيات الأربع الباقية، وجه الله -تبارك وتعالى- نبيه بمجموعة من المواعظ، فقال –جل وعلا- {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}، أمر من الله -تبارك وتعالى- لرسوله، والأمر للرسول إذن لم يكن مقترنًا بالخصوصية له فإنه أمر للأمة كلها؛ لكل المؤمنين، ادع؛ أي يا محمد -صل الله عليه وسلم- ومن تبعه إلى سبيل ربك، ونقول ولمن تبعه لقول الله -تبارك وتعالى- {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[يوسف:108]، ادع إلى سبيل ربك؛ هذه الجملة تبين كل هدف الدعوة وموضوع الدعوة؛ سبيل الله، ادع إلى سبيل ربك؛ إلى طريق ربك، وجاء في الآية الأخرى {وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، فدعوة النبي إلى الله -تبارك وتعالى- وإلى سبيل الله -تبارك وتعالى- صراطك المستقيم، ثم قال -جل وعلا- {بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، ثلاثة أمور، الحكمة؛ أولًا الحكمة إسم جامع يدل على وضع كل أمر في نصابه، وتحت الحكمة عناصر كثيرة تدخل في معنى الحكمة، فمن معاني الحكمة في الدعوة أمور كثيرة، منها اللين في مخاطبة المدعو كما في قول الله -عز وجل- {فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى}[طه:44]، كذلك البدء بالأهم فالمهم فإن الأهم أولًا يقدم على ما هو دونه في الأهمية، كما قال النبي -صلوات الله والسلام عليه- لمعاذ «إنك تقدم على قوم أهل كتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه أن يوحدوا الله»، فالدعوة أولًا إلى توحيد الله -تبارك وتعالى-، قال «فإن هم أطاعوك لذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإن هم أطاعوك لذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم زكاة؛ تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم»، فهذا أمر هذا من الحكمة، كذلك من الحكمة قول النبي «إياك وكرائم أموالهم»، فإن هذا من الحكمة أنه لا يؤخذ في الزكاة النفيس عند أصحابه وإتقي دعوة المظلوم.

فالدعوة إلى الله -تبارك وتعالى- هذا داخل كله، اللي هو الدعوة، البدء بالأهم فالأهم فالأهم هذا من الدعوة، كذلك أن يخاطب الناس بما يعرفون وبما يستطيعون فهمه، فيتدرج معهم في ما يستطيعون فهمه إلى ما هو ديَّت، كما قيل خاطبوا الناس بما تعرفون أويحبون أن يكذب الله ورسوله، ولذلك نزل القرآن بآيات كثيرة، بالنظر في آيات كثيرة من آيات الخلق، لكن الله -تبارك وتعالى- لم يذكر بعض الحقائق التي لو ذكرت في وقتها لكفر الناس بذلك، فلو أعلمهم الله -تبارك وتعالى- بحقيقة هذه الأرض التي نحن عليها وبحقيقة القمر الذي في السماء وحقيقة الشمس على النحو الذي عرفه الناس بعد ذلك، لكان هذا قد يكون في هذا تنفيرًا لهم وإستعظامًا لهم بهذا الأمر، ولذلك خاطبهم الله -تبارك وتعالى- ووجه عنايتهم، وجه نظرهم إلى هذه الآيات لينظروا فيها وبعبارات فهمنا معناها الحقيقي بعد أن عرفنا حقيقة هذه الآيات، كقول الله -تبارك وتعالى- {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ}، هذا ديَّت، فهذه العبارة لما خوطب بها العرب في ذلك والوقت يفهمون بها معنى ولو أنه فصل لهم المعنى الذي أصبحنا نفهمه الآن من جريان الليل والنهار على هذه الأرض لكذبوا في ذلك الوقت، الشاهد أن موضوع الحكمة {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}، من الحكمة كذلك أن يخاطب الناس بما يعرفون؛ بما يستطيعون أن يعرفوا، وضع الأمور في نصابها، كذلك وضع الشدة في مكانها واللين في مكانه والإسهاب في مكانه والإختصار في مكانه كل هذا من معاني الحكمة، {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}، الموعظة؛ الكلام المباشر الذي يكون فيه توجيه للمخاطب، حثه على ما ينفعه وتحذيره مما يضره وضرب الأمثال له، هذي مواعظ تؤثر في القلوب الحية، كما في الحديث وعظنا رسول الله موعظة بليغة وجلت منها القلوب وزرفت منها العيوم، فهذه المواعظ؛ المواعظ البليغة التي ...، الموعظة هي الكلام المباشر الذي يكون توجيهه فيه إنذار وفيه تبشير وفيه ضرب للأمثال حتى يتبصر الموعوظ، {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}، الحسنة يعني، الحسن هنا يعني أن تأتي بكمالها، فالقصر في مقامه مناسب والتطويل في مكانه مناسب، والتخويل أن يتخول أصحابه بالموعظة مناسب، فلابد أن تكون هناك مناسبة للموعظة.

{وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، الجدال إنما هو سماع حجة المخالف وإعطاء الحجة، نسمع منه ديَّت، وهو مأخوذ من جدل الحبل، كأن هذا يدلي بحجته وهذا يدلي بحجته، فهذا {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، أسلوب من أساليب الدعوة، والنبي -صل الله عليه وسلم- قد إستخدمه مع المشركين ومع اليهود ومع النصارى، سمع مقالاتهم ورد عليها -صلوات الله والسلام عليه-، {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}، والجدال بالتي هي أحسن أيضًا له ...، يدخل فيه معاني، فبالتي هي أحسن يعني بدون سب وبدون تشهير وبدون تعنيف لهذا، وبسماع الرأي المخالف والرد عليه بما يناسبه، هذا من معاني الجدال بالتي هي أحسن، ثم قال -جل وعلا- {........ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}[النحل:125]، وهذا بيان بأن الداعي ليس هو الذي بيده هداية الناس إنما هذه بيد الله -تبارك وتعالى-، وأن الله -تبارك وتعالى- هو أعلم بعباده، أعلم بمن يضل منهم وهو أعلم بمن يهتدي -سبحانه وتعالى-، {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ}، يعني على الداعي إلى الله -تبارك وتعالى- أن يستفرغ الجهد في دعوة المدعو بهذه الوسائل، والله -تبارك وتعالى- في النهاية هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين.

ثم قال -جل وعلا- {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ}[النحل:126]، أمر الله -تبارك وتعالى- رسوله أنه إذا عاقب على مظلمة ينبغي أن يعاقب بمثل الذي عوقب به، {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ}، أن الصبر على المظلمة أفضل من أخذ الحق من الظالم، وإختار الله -تبارك وتعالى- لنبيه الصبر، فقال {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ}، يعني اصبر، ومن أجل هذا كان النبي -صل الله عليه وسلم- لم ينتقم لنفسه قط ممن ظلمه، إلا أن تنتهك حرمة لله فيغضب لله -صلوات الله والسلام عليه-، {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ}، أنه لا يعينك على الصبر إلا الله -سبحانه وتعالى-، {وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ}، على الكفار، لا تحزن عليهم وذلك أن النبي كان يشتد به الحزن والغم حتى يكاد يقتله، فهذا {وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ}، على من أعرض عن هذا السبيل، {وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ}، لا تضق بمكرهم فإن الله -تبارك وتعالى- عنده مكرهم -سبحانه وتعالى- ولن يفلت الرب -تبارك وتعالى-، ولن يوقفوا مسيرة هذه الدعوة وهذه الرسالة التي أراد الله -تبارك وتعالى- أن تكون رسالة للعالمين.

ثم قال -جل وعلا- {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ}[النحل:128]، معية توفيق وتأييد ونصر وتمكين، هذه معية الله -تبارك وتعالى- أنه مع هؤلاء الذين اتقوا؛ خافوه –سبحانه وتعالى- والذين هم محسنون، وإلا أيضًا فإن الله -تبارك وتعالى- مع كل خلقه -سبحانه وتعالى- لا يغيب عنه شيئ من خلقه؛ هذه المعية العامة، {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ........}[المجادلة:7]، هذي معية الله العامة، وأما هذه هنا المعية الخاصة {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا ........}[النحل:128]، أي بنصره وبتأييده وبهدايته وبتوفيقه وبرحمته -سبحانه وتعالى-، نسأل الله -تبارك وتعالى- أن نكون من هؤلاء؛ من الذين اتقوا والذين هم محسنون، وبهذا يكون قد تمت بحمد الله -تبارك وتعالى- سورة النحل، نسأل الله -تبارك وتعالى- أن ينفعنا بما علمنا فيها، وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، وصل الله وسلم على عبده ورسوله محمد.