الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 . 22 نوفمبر 2024

الحلقة (383) - سورة الأنبياء 23-29

الحمد لله رب العالمين، وأصلي، وأسلم على عبدالله، ورسوله الأمين سيدنا، ونبينا محمد، وعلى آله، وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد؛ فيقول الله -تبارك وتعالى- { أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (24) وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25) وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ}[الأنبياء:24-29].

في هذه الآيات يبين الله -تبارك وتعالى- سخافة عقول هؤلاء المشركين، وأنهم عبدوا ما عبدوه من هذه الآلهة الباطلة دون أن يكون عندهم أي دليل، وبرهان على هذا إلا مجرد الظنون، والتخمين؛ فهذه الآلهة أخبر -سبحانه وتعالى- بها أنها لا تخلق {أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ}[الأنبياء:21] يعني هذه الآلهة الذين اتخذوها من الأرض صنعوا لهم تمثال هنا، وهنا، هل هذه تخلق، ترزق، تحيي، تميت؟ [يُنشِرُونَ] يعيدون خلق من يعبدهم ، أو خلق شيء آخر {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا........}[الأنبياء:22] لو كان في السماوات، والأرض إله مع الله، أو أكثر [لَفَسَدَتَا] وذلك لا بد أن تعلوا هذه الآلهة بعضها على بعض، ولا بد أن ينفرد كل منهم, كما قال -جل وعلا- {بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}[المؤمنون:90] [مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ] لأن الولد سيكون خالق، رازق كأبيه [وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ] كذلك مستقل يخلق، ويرزق، ويحي، ويميت {........إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ}[المؤمنون:91] [سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ] لأنه الإله الواحد المتفرد -سبحانه وتعالى- ووحدة هذا الكون، واستقراره؟، وثباته، وكونه يسير في نظام محكم، ووحدته، وافتقار كل جزء منه إلى الآخر ليبقى كأنه آلة واحدة كل جزئية مرتبطة بالجزء الآخر في نظام بديع محكم لا يخرج ذرة من ذراته عن هذا النسق العظيم الذي يعني أقامه الله -تبارك وتعالى- فيه دليل على أنه خالقه إله واحد، وحدة الخلق تدل على وحدة الخالق -سبحانه وتعالى- لكن لو كان هناك خالقان لا يمكن أن يكون الخلق على هذا النحو لا بد أن يكون هناك فيه فساد في هذا الخلق، ومضاربة بعضه لبعض، وأن هذا الخلق مختلف عن هذا الخلق؛ فهذا يخلق بصورة؟، وهذا يخلق بصورة، ويفسد نظام الكون [لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا ] آلهة على الحقيقة لكن آلهة باطلة هذا لا تساوي شيء لأن هذه الآلهة الباطلة لا تفيد شيء، لا تخلق، ولا ترزق، ولا تحيي، ولا تميت، ولا تنفع عبادها بشيء، وهي في قهر الله -تبارك وتعالى-  ولذلك تجمع هذه الآلهة الباطلة، وتلقى في النار هي، ومن اتبعها {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ}[الأنبياء:98] لو كان هؤلاء آلهة لعبدتهم هذه ما وعدوهم، ما كان يلقون في النار يعني هذا الإلقاء المهين.

 {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ.......}[الأنبياء:22] صاحب العرش -سبحانه وتعالى- العرش المهيمن، والمغطى لكل هذه الموجودات، والله -تبارك وتعالى- رب العرش هو يعني صاحبه، ومالكه -سبحانه وتعالى- ومقيمه، والله -سبحانه وتعالى- مستوىٍ فوق عرشه على النحو اللائق به، وهذا هو العلي، والقاهر فوق عباده -سبحانه وتعالى- {........رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ}[الأنبياء:22]{لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}[الأنبياء:23].

[ أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً] والحال أنهم اتخذوا آلهة لكن هذه الآلهة الذي اتخذوها ليست آلهة على الحقيقة، وإنما سموها آلهة. هي ليست آلهة [قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي] هاتوا برهانكم أن هذه آلهة، هاتوا لي دليل أن هذا الذي عبدتموه إله على الحقيقة هبل، اللات، العزى، مناة، الملائكة، ما عبدتموه عيسى، غيره، شجر، حجر، وثن هذا الذي، هاتوا دليل على أن هذا إله يعني أنه إله يستحق الألوهة بالفعل، ومعنى يستحق الألوهية لا بد أن يكون يحيي، يميت، يخلق، يرزق يملك لمن يعبده يملك له نفع، أو ضر يفيده بفائدة، والحال أن هؤلاء لا يفيدون من يعبدهم، لا يملكون لأنفسهم هم أصلاً نفعا، أو ضرا إلا بمشيئة خالقهم، ومولاهم -سبحانه وتعالى- فبالتالي من باب أولى ما يملكون لعابيدهم [قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ] هاتوا برهانكم على كفركم، وشرككم، وأن هذا الذي تعبدونه إله على الحقيقة.

[ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي] هذا ذكر من معي القصد يقول أنا عندي الدليل على أن الرب الإله خالق السماوات، والأرض هو الإله وحده -سبحانه وتعالى- وهذا دليلي معي [هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي] ذكر من معي مما أوحى إليه الله -تبارك وتعالى- بهذا الوحي ببرهانه، وأنه وحي من الله -تبارك وتعالى- [وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي] من هؤلاء الرسل، هذه كتب الله -تبارك وتعالى- قائمة، وكلها داعية إلى عبادة الرب الإله الواحد الذي لا إله إلا هو -سبحانه وتعالى-.

 قال -جل وعلا- {........بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ}[الأنبياء:24] [بَلْ أَكْثَرُهُمْ] أكثر هؤلاء لا يعلمون الحق، ولذلك اتخذوا هذه الآلهة التي عبدوها يعني من دون الله -تبارك وتعالى- بمجرد الظنون، والتخمين، لا، لا برهان معهم في هذا الأمر [فَهُمْ مُعْرِضُون] عن الحق، معرضون عن ذكر الله -تبارك وتعالى- معرضون عن ذلك.

 ثم أخبر -سبحانه وتعالى- بأن الحق الذي جاء به النبي هو الحق بالفعل، قال -جل وعلا- {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء:25] كل رسول أرسله الله -تبارك وتعالى- إلى الناس قبل النبي محمد كانت هذه دعوته يوحي الله -تبارك وتعالى- إليه أنه لا إله إلا أنا، لا إله على الحقيقة إله بالفعل، يستحق الألوهية هو الإله بالفعل [إِلَّا أَنَا] إلا الله موحي هذا الوحي لرسوله، وعبده محمد -صلوات الله عليه وسلم- [فَاعْبُدُونِ] أيها الناس، وهذه كتب الله -تبارك وتعالى- موجودة، وفيها أن إبراهيم دعا إلى الله -تبارك وتعالى- وحده، ونوح دعى الى الله -تبارك وتعالى- وحده، موسى دعا إلى الله -تبارك وتعالى- وحده، وعيسى الذي قال فيه يعني هؤلاء الظالمون ما قالوه، هذا انجيله موجود، ومع تحريفه أنه يدعوه إلى عبادة الرب الإله وحده -سبحانه وتعالى- ويخبر بأنه عبد لله -تبارك وتعالى- وليس له يعني أي تصريف مع ربه، وإلهه، ومولاه، وأنه جاء للناس يعني أمرهم بعبادة الرب الإله الذي لا إله إلا هو ملك السماوات، والأرض -سبحانه وتعالى- فكل الرسل الذين أرسلهم الله -تبارك وتعالى- إنما دعوا أقوامهم إلى عبادة الرب الواحد الذي لا إله إلا هو [وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ] أي رسول [إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ] ينزل عليه الوحي [أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا] لا إله على الحقيقة إلا الرب -جل وعلا- [فَاعْبُدُونِ] أي أيها الناس.

 قال -جل وعلا- [وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا] قال -جل وعلا- {........سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ}[الأنبياء:26] هذه مقالة مشركي العرب وأنهم [وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا] الذي هم الملائكة، قالوا هؤلاء أولاد الله -عز وجل- اتهموا الرب -جل وعلا- بأنه تزوج من الجن، وولد له الملائكة، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً، كما قال -جل وعلا- {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا........}[الصافات:158] جعلوا بينه وبين الله وبين الجن نسباً، أو تزوج منهم، وولد له الملائكة، تعالى الله عن ذلك علواً كبيرا، وهي مقالة اليهود كذلك المجرمين، كما افتروا هذا، وقال، ورأى أبناء الله أن بنات الناس جميلات؛ فاتخذوا منهن زوجات تعالى الله تبارك وتعالى عما يقولون علواً كبيرا [وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا] وكذلك هي مقالة طبعاً من الذين قالوا اتخذ الرحمن ولداً مقالة النصارى أعظم الأمم كفراً، وشركاً، ونسبة إلى هذا الشرك إلى الرب -جل وعلا- قال -جل وعلا- {........سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ}[الأنبياء:26] يعني هؤلاء الملائكة الذين زعموا هم أنهم أولاد الله، بنات الله [عِبَادٌ مُكْرَمُونَ] خلقهم الله -تبارك وتعالى- عبيداً له، وليسوا أولاده وإنما كرمهم الله -تبارك وتعالى- كرمهم بعبادته، شرفهم الله -تبارك وتعالى- وكرمهم كرمه بصفاتهم الطيبة، وإنما كرمهم الله هذا التكريم بالعبودية له -سبحانه وتعالى- لأنهم{لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ}[الأنبياء:27] لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ يعني لا يقولون إلا بعد أن يقول الرب -تبارك وتعالى- فلا يقولون قولاً من عند أنفسهم يقترحون اقتراح يفعلون أمرا، لا، وإنما أولا يسمعوا كلام الرب -تبارك وتعالى- {لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ}[الأنبياء:27] هذا من تمام عبوديتهم لإلههم، وربهم، وخالقهم -سبحانه وتعالى- [وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ] يعني يعملون بأمره لا يعصون الله -تبارك وتعالى- أمراً ما بل هم منفذون لأمر الله -جل وعلا-.

[ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ] يعلم الله -تبارك وتعالى- [مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ] أمامهم؛ فالغيب كله، وما سيصنعه هؤلاء علمه الله -تبارك وتعالى- [وَمَا خَلْفَهُمْ] كذلك ما فعلوه من أعمال؛ فالله -تبارك وتعالى- قد علمها؛ فالله محيط علم بما سيعملونه، وبما عملوه قبل ذلك {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى........}[الأنبياء:28] لا يشفعون عنده يعني يرحم الله -تبارك وتعالى- عبداً، ويصرف عنه العذاب، أو يدخله الجنة بأي نوع من الشفاعة، طلب يعني الشفاعة من الله، الشفاعة إنما هي طلب من الله -تبارك وتعالى- بخير للمشفوع، أو بدفع ضر عنه؛ فهؤلاء لا يشفعون في أحد إلا لمن ارتضى الله -تبارك وتعالى- يعني إلا لأهل الإيمان الذين رضيهم الله -تبارك وتعالى- فلا يشفعون في كافر، ولا معاند، ولا يشفعون من عند أنفسهم، كما جاء في دعائهم للمؤمنين في قول الله -تبارك وتعالى- [الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ] وهؤلاء ملائكة [وَمَنْ حَوْلَهُ] من الملائكة {........يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ(7) رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(8) وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[غافر:7-9] هذه الدعوات الكريمة، والشفاعة العظيمة من ملائكة الرب -تبارك وتعالى- في عباد الله المؤمنين، وهذا الرابط بين الملائكة، وبين عباد الله المؤمنين إنما هي رابطة الإيمان ما في رابطة دم، ولا نسب، ولا شيء هؤلاء ملائكة خلق آخر، مستقل, خلقهم الله -تبارك وتعالى- من نور، وهؤلاء البشر خلق آخر المؤمنين من أولاد آدم خلق آخر، ولكن الملائكة من محبتهم لهؤلاء المؤمنين يدعون لهم، ويدعون لهم بوصف الإيمان {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا........}[غافر:7] فاستغفارهم إنما هو لأهل الإيمان، ويقولون: رَبَّنَا يعنى يا ربنا [وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا ] يصفون ربهم -سبحانه وتعالى- بأن رحمته، وعلمه وسعت كل شيء ما في مخلوق من المخلوقات إلا وفيه من رحمة الله -تبارك وتعالى- وكذلك قد علمه الرب -جل وعلا- فكل مخلوق خلق برحمة الله -عز وجل- ويجريه في رحمته -جل وعلا- رحمة وسعت الخلائق، رحمة الله وسعت الخلائق [رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ] انظر دعائهم كذلك في أنهم يدعون للذين تابوا، تابوا عن الشرك، والكفر ما يدعون لمن هو مقيم على كفره، وعناده، أو معاصيه [فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا] هذه مقالتهم، وهذا يدل على أنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى الرب -تبارك وتعالى- [فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ] تاب عن الذنب، واستقام على أمر الله هذا هو التائب التوبة الصحيحة، أما المقيم على الذنب، ومعرض عن الله -عز وجل- فلا تناله، ولا يشفع فيه دعاء الملائكة {........فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ}[غافر:7]{رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم........}[غافر:8] ووعد الله إنما هو للمؤمنين؛ فيدعون الله -تبارك وتعالى- بأن يدخل أهل الإيمان الجنة، وهم الذين وعدهم الله -تبارك وتعالى- بدخول الجنة {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[غافر:8] وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ يدعون بأن يقي الله -تبارك وتعالى- أهل الإيمان السيئات، السيئات الشديدة في الآخرة [وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ ] الكلام من الملائكة، وأمر عظيم يعني من وقاه الله -تبارك وتعالى- السيئات في هذا اليوم العظيم، والمشهد الفخيم هذا هو الذي رحمه الله -تبارك وتعالى- {........وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[غافر:9] فهذه شفاعة الملائكة للمؤمنين في الدنيا، ودعائهم ربهم -سبحانه وتعالى- وليست شفاعة من يفرض أمراً على الله -تبارك وتعالى- ويدخل على الله -عز وجل- ويقول له: ارحم هذا، اعفوا عن هذا، أو ادخل هذا، لا، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، بل عباد يدعون ربهم -سبحانه وتعال- يعني واصفين إياه بهذه الصفات العظيمة [رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا] ويتوسلونه -سبحانه وتعالى- ويدعونه في إخوانهم المؤمنين، إخوة هنا إخوة إيمان، وليست بينهم، وبينهم نسب؛ فيقول -جل وعلا- [وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى] لا هنا بالدعاء، ولا يوم القيامة يعني يشفعون الله -تبارك وتعالى- يعني في شخص لم يرتض الله -تبارك وتعالى- لم يرتضيه الله -عز وجل- والله لا يرتضي الكافر؛ فإذاً لا يمكن أن تنال شفاعة الملائكة كافر.

  {........وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ}[الأنبياء:28] وَهُمْ الملائكة مِنْ خَشْيَتِهِ من خشية الرب مُشْفِقُونَ يعني خائفون، خوفا عظيما جداً، وهذا من الأمر العجب، والذي ينبغي أن إذا علمه البشر أن يبتعدوا عن  تكبرهم، وغطرستهم، ويعني عدم خوفهم من ربهم، وإلههم، وخالقهم، ومولاهم -سبحانه وتعالى- فالملائكة خلق أعلى، وأعظم، وأقوى لا مناسبة بين خلقهم، وخلق الإنسان، الإنسان مخلوق ضعيف، خلق الإنسان، ضعيفاً ضعيف القوة، ضعيف الإرادة، ضعيف البنية ... هذا ضئيل جداً ولا يمكن مساواته بالملائكة، عندما يقارن خلق الإنسان بالملك العظيم ملك. النبي يقول أذن لي أن أحدث عن ملك من حملة العرش، ملك واحد ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه هذه المسافة شحمة الأذن إلى العاتق الكتف تخفق الطير خمسمائة عام يعني لو أنها طيراً كالصقر مثلاً يسير بسرعته خمسمائة سنة طيران متواصل؛ فإنه لا يقطع هذه المسافة، كيف بيعني بطوله بقامته الكاملة، كم من آلاف السنين يعني تحتاج بهذه السرعة حتى؟ خلق عظيم جداً، ملك واحد من ملائكة الله -عز وجل- جبريل، الله يقول: {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ........}[الأعراف:171] جبريل يأخذ الجبل ينتقه يعني يأخذ القطعة من الجبل؛ فيقتلعه من مكانه، ويضعه على رأس بنى إسرائيل {........خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[الأعراف:171] يرسل الله تبارك وتعالى جبريل إلى قرى لوط؛ ثم يقول جبريل، ميكائيل، وإسرافيل ثلاث ملائكة أرسلهم الله -تبارك وتعالى- بهم يقول: للوط، وأهله أخرجوا {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ}[الحجر:65]؟؟؟؟؟ يقول: {........أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ}[الحجر:66] في الصباح يأتي جبريل بطرف جناحه يدخل طرف جناحه تحت كل هذه القرى، وادي كامل من البشر، من القرى القائمة بمبانيها، بأحوالها؛ ثم يرفعها كلها؛ ثم يأفكها على رؤوس أصحابها، ما هذه القدرة الهائلة؟ قدرة ملك واحد من ملائكة الرب -تبارك وتعالى- هذا يمكن قياس هذه الملائكة بهؤلاء بالبشر، بقدرة البشر المحدودة، الصغيرة، هؤلاء الملائكة الذين بهذه القوة، وبهذه المتانة، وبهذه العظمة، وهم عند الرب -تبارك وتعالى- لكنهم في رعب دائم، وخوف من إلههم، وخالقهم -سبحانه وتعالى- ومولاهم؟، كما قال -جل وعلا- {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[النحل:50] وهنا يقول الله -تبارك وتعالى- {........وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ}[الأنبياء:28] وَهُمْ هؤلاء الملائكة مِنْ خَشْيَتِهِ من خوف الله -تبارك وتعالى- مُشْفِقُونَ الإشفاق هو نهاية الخوف، آخر ما عند الإنسان من الخوف يكون مشفق يعني هم في أتم، وفي غاية الخوف من إلههم، وخالقهم، ومولاهم -سبحانه وتعالى-.

 ثم قال -جل وعلا- {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ}[الأنبياء:29] بعد أن نفى الله -تبارك وتعالى- عن الملائكة أي تعالى عن الرب -تبارك وتعالى- وبين خوفهم منه، وأنهم لا يفعلون إلا بما يأمرهم الله -تبارك وتعالى- فيه، وأنهم لا يقترحون اقتراحاً، وأنهم لا يتقدمون عن ربهم، وإلههم بقول، أخبر -سبحانه وتعالى- عن الذي لا يكون منهم، لو كان كيف يحاسبهم الرب -تبارك وتعالى- فالذي لا يكون منهم التأبي، والخروج عن طاعة الرب -جل وعلا- وادعاء أنهم آلهة مع الله -تبارك وتعالى- وأن لهم من الأمر شيء، قال -جل وعلا-[ وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ] لو فرض أن ملكاً من هؤلاء الملائكة، قال للناس إني إله مِنْ دُونِهِ من دون الرب -تبارك وتعالى- يعني معبود اعبدوني، قال -جل وعلا- [فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ] ذلك يعني هذا الملك الذي كان في مقام يعني التكريم من الرب -تبارك وتعالى- والعناية، والرفعة هذا نجريه جهنم يكون جزاؤه جهنم لأنه هنا يكون يعني متعالي ؟؟؟؟؟؟ يكذب كذبا عظيما جداً، والله -تبارك وتعالى- لا إله معه -سبحانه وتعالى- هو الإله وحده -سبحانه وتعالى- هو  لا يعبد إلا وحده -سبحانه وتعالى- ولا يرضى الله -تبارك وتعالى- بأن يعبد، وأن يكون هناك إله معه، لا ملك يعبد من دونه على أنهم ملائكة الرب؛ فيعبد ما يقبل الله -تبارك وتعالى- أن يعبد مع الله -تبارك وتعالى- . فمن يقل إني إله من دونه يعني اعبدوني  أنا قدسوني، اسجدوا لي، اعطوني ما تعطوا الرب هذا يعذب {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ}[الأنبياء:29] لأن هذا  على حق الرب -تبارك وتعالى- لا يقبل الله -تبارك وتعالى- لا من ملك، ولا من رسول، ولا عبد أن ينتزع، ويأخذ حق الرب -تبارك وتعالى- حق الرب في أن يكون معبود وحده، الله  فقط هو الذي يعبد، ولذلك أيضاً الذين عبدوا الأنبياء، والرسل، قال الله تبارك وتعالى {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ........}[آل عمران:79] ما يأتيه الله -تبارك وتعالى- هذه الصلاحية، أنه يقول أنا الله يعطيه، يمن عليه بالرسالة؛ ثم يذهب هذا الرسول [ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ] لا، لا يمكن أن يفعل يعني النبي هذا {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ}[آل عمران:79]{وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا........}[آل عمران:80] يعني لا يأمر الله -تبارك وتعالى- عباده بأن يعبدوا الملائكة، ويعبدوا النبيين، ويتخذوهم أربابا لهم يعني يأمروهم، وينهوهم، ويطيعوهم، لا، بل الطاعة كلها لله الرب هو، الرب وحده هو الإله وحده -سبحانه وتعالى- فهو المعبود وحده، وهو سيد الجميع -سبحانه وتعالى- هو السيد وحده، لا رب مع الله، ولا إله مع الله -سبحانه وتعالى- فالله لا يأمر خلقه بهذا، والملائكة لا تفعل هذا، لو كان هناك ملك دعا الناس إلى عبادته، وقال أنا ملك الرب فاعبدوني، وقدموا لي  صوموا لي، أو زكوا لي، أو اسجدوا لي، أو اعبدوني أنا أقربكم من الله أنا ملاك الرب، وأنا أقربكم إلى الله -تبارك وتعالى- لكان يعذب [وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ] أي واحد وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ نجزي هذا الملك جهنم كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ فالله -جل علاه- -سبحانه وتعالى- لا يقبل بتاتاً أن يعبد في الكون كله إلا هو -سبحانه وتعالى- ولذلك كل من عبد غيره يخسر. فإذا كان يدعوا الناس إلى عبادته هذا طاغوت، كل من دعا الناس إلى عبادته دون الله يكون طاغوت، الملائكة الذين عبدهم هؤلاء لا يمكن أن يتأتى منهم هذا، وأخبر الله بأنهم لو فعلوا هذا لعذبهم الله -عز وجل- لو جاء ملك ودعا الناس إلى عبادته نفسه لأهلكه الله -تبارك وتعالى- وعذبه  [فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ ] وكذلك الرسل، كل الرسل الذين يرسلهم الله -تبارك وتعالى- إنما يدعوا الناس إلى عبادة الله الواحد، ولا يمكن يتأتى إن رسول يرسله الله -عز وجل- إلى الناس، ويقول للناس اعبدوني صلوا لي، صوموا لي، اسجدوا لي، اعطوني ما تعطوا الرب -تبارك وتعالى- أنا رسول الرب؛ فيقول لهم أنا رسول الرب، أنا الذي أرسلنى؛ فاصرفوا شيء من التعظيم  لي، لا [مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ] ما يمكن أن يكون هذا {........وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ}[آل عمران:79] ولو كان، لو حصل إن يعني نبي قال هذه المقالة لكان هذا أعظم مفتري على الله -تبارك وتعالى- ولعذبه الله -عز وجل- ولا يمكن لنبي أن يقول هذا، لا يمكن. فإذاً كل من دعا الناس إلى عبادة نفسه طاغوت، وكل من افترى على هذا الحق لله -تبارك وتعالى- لا بد أن يهلكه الله -عز وجل- ويعذبه مهما كان؛ فهذه مقالة عظيمة، ورد عظيم من الله -تبارك وتعالى- لعباده، واعتقاد هؤلاء المشركين الذين عبدوا الملائكة، وهي تتمة لقول الله -عز وجل- {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}[الأنبياء:18] فالباطل الذي أفكه الكفار من عبادتهم لغير الله -تبارك وتعالى- ووضعوا لهذا أصول، وحطوا، زخرفوا القول في هذا، وحطوا يعني مبررات من عند أنفسهم، وأن الملائكة تقربهم إلى الله، وأن الذين عبدوا عيسى كل هؤلاء الذين وضعوا المبررات الكاذبة أبطلها الله -تبارك وتعالى- بهذا الكلام الواضح، البين، المنزل من الله -تبارك وتعالى- أن الملائكة الذين قالوا أنهم هم عباد الرحمن.

 قال -جل وعلا- { وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (26) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (27) يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ (28) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ}[الأنبياء:26-29]. [كَذَلِكَ] كهذا الجزاء في جزاء هنا من يقول يعني إنه إله من دون الله [نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ] يقول كَذَلِكَ كهذا الجزاء [نَجْزِي الظَّالِمِينَ] كل ظالم دعا الناس إلى عبادة نفسه دون الله -تبارك وتعالى- فإن مصيره إلى جهنم.

أسأل الله -تبارك وتعالى- أن ينفعنا بهذا الكتاب الكريم، وأن يجعله نوراً لنا, نعيماً في الدنيا، والآخرة، اللهم علمنا منه ما جهلنا، وذكرنا منه ما نسينا، أستغفر الله، نقف عند هذا الحد، ونكمل إن شاء الله في الحلقة الآتية، وصلى الله وسلم على عبده، ورسوله محمد.