الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 . 22 نوفمبر 2024

الحلقة (390) - سورة الأنبياء 90-97

الحمد لله رب العالمين، والصلاة، والسلام على عبده، ورسوله الأمين سيدنا، ونبينا محمد، وعلى آله، أصحابه، ومن اهتدى بهداه، وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد؛ فيقول الله -تبارك وتعالى- {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90) وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ (91) إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء:89-92]

في ختام هذه الطائفة العظيمة من الأنبياء، والرسل ذكر الله -تبارك وتعالى- عبده زكريا، وما من الله -تبارك وتعالى- به عليه، قال: {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ}[الأنبياء:89] طلب من الله -تبارك وتعالى- أن يرزقه الله -تبارك وتعالى- ولداً ليرث علمه، ويكون خليفته في بني إسرائيل؛ فإن بني إسرائيل كانت تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي ما تنقطع، ما انقطعت فيهم النبوة إلى آخر أنبيائهم عيسى عليه السلام؛ فاستجاب الله -تبارك وتعالى- له، ورزقه الولد على حين كبر منه {قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا}[مريم:4] وأخبر بأن زوجته عاقر، كبيرة، عجوز، ومع ذلك استجاب الله -تبارك وتعالى- له، وأعطاه الولد في هذه الحال، وقال -جل وعلا- فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى النبي العظيم الذي لم يكن له مثيل؛ فإن الله -تبارك وتعالى- قد أعطاه الحكم، وهو غلام صغير {........وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا}[مريم:12].

 قال -جل وعلا- بعد أن ذكر هؤلاء الأنبياء إِنَّهُمْ هؤلاء الأنبياء كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ انظر هذا الحال التي كان عليها الأنبياء بأنهم أي خير يأمر به الله -تبارك وتعالى- فهم يسارعون إليه ينشطون، ويعملون، ويسعون سعي الحسيس إليه من صلاة، من صيام، من زكاة، من حج، من بر، من إحسان، من دعوة، من صبر كل هذه الخيرات، الخيرات كل ما أمر الله -تبارك وتعالى- به من خصال الخير.

 ثم [وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ] والدعاء هو العبادة، الدعاء هو العبادة كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- فهم يدعون الله -تبارك وتعالى- لا يدعون غيره، قال: وَيَدْعُونَنَا ثم قال: رَغَبًا وَرَهَبًا  حال كونهم راغبين راهبين يعنى راغبين الرغبة هو إرادة حصول الخير فيما عند الله -تبارك وتعالى- والخير كله بيد الله، خير الدنيا، والآخرة وَرَهَبًا خوف يعني يدعون الله -تبارك وتعالى- حال كونهم خائفين كذلك من عقوباته في الدنيا، والآخرة؛ فهذه حالة الرسل، هذا حالة هؤلاء الأنبياء، والرسل الذين ذكروا جميعاً أنهم كانوا داعين لله -تبارك وتعالى- وهذا توحيدهم للرب -جل وعلا- ثم إنهم كانوا خائفين راغبين من الرب -تبارك وتعالى- وهذا يدلك على فساد من قال بأنه يعبد الله -تبارك وتعالى- خوفا من نار، ولا طمعاً في جنة، وأن هذا ليس حالاً قط لبشر، وأن هذا كذب؛ فإن كل عبد إنما هو فقير لله -تبارك وتعالى- كلما كان الإنسان أشد فقراً، فقر لله، فقر الذي هو هذا الطوع شعوره، وإيمانه بأنه مفتقر إلى ربه، وإله، وخالقه، ومولاه في كل الخير، ودفع الضر هذا هو يعني كمال العبد في هذا؛ فهؤلاء الأنبياء عليهم السلام هذا كان حالهم مع الرب -تبارك وتعالى- .

ثم قال: وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ خشوع، والخضوع، والذل للرب -تبارك وتعالى- كانوا لله -تبارك وتعالى- ذليلين، خاضعين لأمره مستجيبين لأمره -سبحانه وتعالى- ثم ذكر الله -تبارك وتعالى- يعني هذه المرأة الصالحة التي فضلها الله -تبارك وتعالى- على نساء العالمين، مريم ابنة عمران عليه السلام، وذكرها الله -تبارك وتعالى- بعض طوائف الأنبياء لم تكن نبية، وإنما صديقة، كما قال الله -تبارك وتعالى- فيها [وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ] ، وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا ذكرها الله -تبارك وتعالى- بهذا الوصف، وهي مريم عليها السلام التي أحصنت فرجها تحصينه إنها منعه، وعفتها،  وأنها الطاهرة، البتول عليها السلام؛ فإنها قد نذرتها أمها للبيت؛ فكانت معتكفة، قائمة ببيت الله -تبارك وتعالى- في بيت المقدس طاهرة، مطهرة أحصنت فرجها، قال -جل وعلا- فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا روحنا جبريل، روح الله -تبارك وتعالى- هو جبريل كما قال -جل وعلا- {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ}[الشعراء:193]{عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ}[الشعراء:194] وقال: {........فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا}[مريم:17] فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا يعنى جبريل فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا سوياً يعني مستوي الخلق ليس فيه تشويه{قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنتَ تَقِيًّا}[مريم:18]{قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا}[مريم:19] نسب الله تبارك وتعالى يعني نفخنا ذاته -سبحانه وتعالى- وهو ذلك إنه الآمر به، وإلا فالمباشر لهذا النفخ، وهو جبريل عليه السلام [فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا] الله -تبارك وتعالى- أمر جبريل أن ينفخ في ضرع مريم؛ فحملت به  مِنْ رُوحِنَا قال -جل وعلا- وَجَعَلْنَاهَا أي مريم عليها السلام وَابْنَهَا هو عيسى عليه السلام  آيَةً لِلْعَالَمِينَ آية علامة على أمور عظيمة جداً، على قدرة الرب -تبارك وتعالى- وعنايته، ورحمته، وأن هؤلاء ممن اصطفاهم الله -تبارك وتعالى- واختارهم، وقد حملت من غير زوج، وبرئها الله -تبارك وتعالى- وشرفها، ورد كيد من اتهموها بأن أنطق الله -تبارك وتعالى- وليدها في المهد لما أتت به، قال -جل وعلا- {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا(27)يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا}[مريم:28] فعيروها بهذا {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا}[مريم:29]{قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ.......}[مريم:30] أنطقه الله وهو في هذه الحالة {قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا}[مريم:30]{وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا}[مريم:31]{وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا}[مريم:32]{وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا}[مريم:33] فجعلها الله -تبارك وتعالى- آية للعالمين هذه يعني هو من أول ما كانت جنين في بطن أمها؛ فنذرتها أمها في البيت الله تبارك وتعالى حفظها الحفظ، وجعلها آية، حفظت من الشيطان، كفلها الله زكريا، نشأت في بيت خير، وبيت نبوة صانها الله -تبارك وتعالى- وحفظها خرجت عابدة، تقية لله -تبارك وتعالى- الله -تبارك وتعال- جعلها تحمل على هذا النحو، وتبتلى، وينجيها الله -تبارك وتعالى- من الفرية، ويشرفها هذا التشريف، ويصطفيها هذا الإصطفاء {........يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ}[آل عمران:42] وجعل الله -تبارك وتعالى- عيسى ابنها آية للعالمين، وآية عيسى عليه السلام يعنى آية ظاهرة، باهرة؛ فهو خلقه آية من آيات الله -تبارك وتعالى- ومعجزة؛ فإن الله خلقه من نفخة من ملك دون هذا السنة التي يعني جرت في خلق الله -تبارك وتعالى- وأن يكون الذرية من اجتماع الذكر، والأنثى الله -تبارك وتعالى- خلقه من هذى الأنثى بلا ذكر؛ ثم بعد ذلك جعله يتكلم في المهد؛ ثم بعد ذلك أجرى الله -تبارك وتعالى- الكثير من معجزاته الباهرة، يسوي من الطين كهيئة الطير؛ فينفخ فيها؛ فيكون طير حية بإذن الله، ويبرئ الأكمه، والأبرص، يحيي الموتى بإذن الله ينادي للميت من قبله أخرج؛ فيخرج آية، جعله الله -تبارك وتعالى- آية علامة على أنه عبدالله، ورسوله القائم، والمؤيد بهذه المعجزات العظيمة من الرب -تبارك وتعالى-.

 ثم قال -جل وعلا- بعد ذكر هؤلاء هذه الطائفة العظيمة من الأنبياء إبراهيم، وموسى، وهارون، ونوح، وزكريا، ويحي، وذا النون، أيوب هذه الطائفة العظيمة التي ذكرها الله -تبارك وتعالى- في هذه السورة من الأنبياء، قال -جل وعلا- مخاطباً عباده جميعاً عباده المؤمنين [إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً] إن هذه الطائفة العظيمة من الأنبياء، والمرسلين هي أُمَّتُكُمْ الأمة الجماعة ملتفة على أمر واحد أُمَّةً وَاحِدَةً أمة الدين، أمة الهداية، أمة الإيمان بالله -تبارك وتعالى- وتوحيده أُمَّةً وَاحِدَةً كل دينهم واحد، كل هؤلاء الأنبياء، والرسل دينهم واحد، وهو الإيمان بالله -تبارك وتعالى- وعبادته، وسلوك الطريق التي عرفه الله -تبارك وتعالى- بها، ومسكهم بها وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ خطاب من الله -تبارك وتعالى- إلى المؤمنين أن الله هو ربنا -سبحانه وتعالى- أي أنا ربكم أيها المخاطبون فَاعْبُدُونِ والعبادة أسم جامع لكل ما يحبه الله -تبارك وتعالى- من الأقوال، والأعمال التي جعلها الله خاصة به أن يختص الله تبارك وتعالى به -سبحانه وتعالى- لا بغيره  التقرب، وهي ذل، وخضوع، وطاعة للآمر -سبحانه وتعالى- مع محبة الله، هذا مفهوم يعني عبادة الله -تبارك وتعالى- وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ فهذا خطاب عظيم يبين الله -تبارك وتعالى- فيه أن أسرة الأنبياء كلها أسرة واحدة، وهم أمة واحدة، كما قال النبي: نحن الأنبياء أولاد علات ديننا واحد، أولاد علات يعني أولاد زوجات مختلفات من رجل واحد؛ فهم كأنهم أسرة واحدة؛ فهي أمة واحدة، أمة هداية، أمة الإيمان لا فرق بين هذا الدين، وهذا الدين فإنها الفروق إنما هي فقط في الأعمال التشريعية، ولكن الدين عبادة الرب -تبارك وتعالى- وتقديسه، وعبادته دين واحد.

 قال -جل وعلا- {وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ}[الأنبياء:93] وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ تقطعوا من خلف من بعد هؤلاء الأنبياء، والرسل؛ فإن الأمر الواحد تقطعوه كأنه ثوب واحد، ولكن مزقوه كل أخذ مزقة منه؛ فجعلوا الدين فرق، وحزب، ومزق؛ فافترقت اليهود في دينهم، وافترقت النصارى في دينهم، وكل أخذ يعني جانب من هذا الدين، وكفر بعضهم بعضاً وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وقال الله -تبارك وتعالى- في الآيات الأخرى {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}[المؤمنون:53] يعني هؤلاء الذين آمنوا ببعض هؤلاء الرسل، قطعوا أمر الدين الواحد الذي هو دين واحد قطعوه فيما بينهم، قال -جل وعلا- كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ والحال أن دين الله -تبارك وتعالى- واحد، وقد أمر الله -تبارك وتعالى- نبيه، وعبده محمداً -صلى الله عليه  وسلم- هو، والمؤمنين أن يقولوا بهذا {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}[البقرة:136] فهذا دين الله -تبارك وتعالى- أننا أهل الإيمان مؤمنون بكل ما أنزله الله -تبارك وتعالى- على كل نبي، ورسول من هؤلاء الأنبياء، وقال في الآيات الأخرى {قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ(84) وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[آل عمران:85] وشهد الله -تبارك وتعالى- لعبده، ورسوله محمد بهذه الشهادة أنه هو، والذين آمنوا، آمنوا بكل أنبياء الله، ورسله، كما قال -جل وعلا- {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ........}[البقرة:285] لا نفرق فنؤمن بهذا الرسول، ونكفر بهذا الرسول {........لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}[البقرة:285] فهذا هو الدين الحق، أما ما كان عليه اليهود من أنهم آمنوا ببعض هؤلاء الرسل، جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم، عيسى كفروا به، وسبوه، وشتموه، وسعوا في قتله فأولئك كفار، كفروا بعيسى، كفروا بكل الرسل، وكذلك جاء النصارى فإنهم آمنوا بالرسل، والأنبياء السابقين؛ ثم لما جاءهم محمد بن عبدالله رسول من عند الله مصدق لهؤلاء الرسل يدعو إلى ما دعوا إليه كذبوه، ورفضوا يعنى الإيمان به، ولا شك أن هؤلاء كفار؛ فكل من سمع بالنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- من هذه الطائفتين اليهود، والنصارى، ولم يؤمن به إلا جعله الله من أهل النار، كما قال -صلى الله وسلم- «والله لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي، ولا نصراني، ولا يؤمن بالذي  أرسلت له إلا كان من أهل النار»  وكذلك لو أن مسلماً آمن بمحمد -صلى الله عليه وسلم- وكفر بنبي من هؤلاء الأنبياء، وكفر برسول، وفرق بين هذا، وهذا، قال لا نؤمن بموسى لأنه مثلاً من بني إسرائيل، أو لا نؤمن بكذا لا شك أنه كافر بالله -تبارك وتعالى- فمن كفر برسول واحد؛ فهو كافر بكل الرسل، هؤلاء جميعاً الرسل، والأنبياء إنما هم أمة واحدة، أصحاب دين واحد.

 قال -جل وعلا- عن هؤلاء الأتباع [وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ] أمرهم، هذا أمر الدين تقطعوه كل أخذ قطعة منه، قال -جل وعلا- كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ هذا وعيد من الله -تبارك وتعالى- كُلٌّ من هؤلاء اليهود، والنصارى، والجميع، وأتباع الرسل رَاجِعُونَ إلى الله -سبحانه وتعالى- ثم قال إِلَيْنَا لا إلى غيرنا [إِلَيْنَا رَاجِعُونَ] في نهاية المطاف بعد الموت حيث يبعثهم الله؛ فيرجعهم الله ويحاسبهم كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ تهديد، ووعيد من الله -تبارك وتعالى- لهؤلاء المختلفين الذين آمنوا ببعض رسل الله -تبارك وتعالى- وكفروا بالبعض.

 ثم قال -جل وعلا- {فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ}[الأنبياء:94] من من كل هؤلاء من صيغ العموم يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ يعمل من الصالحات قدم الله -تبارك وتعالى- العمل على الصالحات أنها برهان الإيمان، والصالحات جمع صالحة، وهي كل أمر مما أمر الله تبارك وتعالى به، ولا يأمر الله -تبارك وتعالى- إلا بالعمل الصالح الذي يصلح النفوس، ويصلح الحياة؛ فهو صالح؛ ثم يثيب الله -تبارك وتعالى- عليه كالصلاة، والصيام، والزكاة، والحج، وبر الوالدين، وسائر ما أمر الله -تبارك وتعالى- [فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ] ومن هنا  لأنه ليس مأمور العبد بأن يؤمر بأن يعمل كل الصالحات لأصبح هذا في غاية المشقة، كان يصبح هذا في غاية المشقة لأنه لا يمكن أن يجمع إنسان كل ما أمر الله -تبارك وتعالى- به، وإنما المأمور للعبد به أن يعمل [مِنَ الصَّالِحَاتِ] وخاصة الواجبة التي فرضها الله -تبارك وتعالى- عليه وهذا إذا كان له مشاركة بعد ذلك في النوافل فكل شيء يعني من ذلك بأجره.

[ فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ] وهو مؤمن جملة حالية يعني حال كونه يعمل من الصالحات لا بد أن يكون مؤمناً ممن يشهد بأنه لا إله إلا الله، ويؤمن برسالة رسوله، ولا يكفر برسول من الرسل؛ فهو مؤمن، الإيمان كل، لأن الإيمان قضية واحدة لا تتجزأ، الكفر بفرعية من فرعية الإيمان كفر بالإيمان كله؛ فمن كفر بالملائكة مثلاً، ولو ملك من الملائكة كفر بكل، بالله -تبارك وتعالى- ورسالته {قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ(97)مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ}[البقرة:98] فلا شك أن معاداة  لو ملك واحد يعاديه، أو يقول لم أحب الملك هذا؛ فهذا يخرج يعني من دائرة الأيمان [فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ] لا كفران لسعيه يعني عند الله -تبارك وتعالى- أن الله -تبارك وتعالى- يضيع عمله، ويغطي يعني حسناته، ولا يثيبه على فعله، لا، تعالى الله -تبارك وتعالى- يقول الله: فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ يعنى هذا سعيه سعيه الإيمان، والعمل الصالح محفوظ عند الله -تبارك وتعالى- ولو مثقال ذرة {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا........}[النساء:40] أي حسنة يفعلها العبد؛ فإن الله -تبارك وتعالى- لا يعطيها الحسنة حسنة، وإنما على الحسنة عشر أمثالها {........يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا}[النساء:40] فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ إنا تأكيد الرب -جل وعلا- له لهذا السعي الضيق كَاتِبُونَ والكتابة بكتابة  ما كتبه الله -تبارك وتعالى- في اللوح المحفوظ من القدر، وكذلك ما يكتبه ملائكة الرب -تبارك وتعالى- لكل عبد، ما يعمل العبد عمل صالح إلا يسجله، ويدونه الحفظة الكاتبين [وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ] فلا يخاف لأن الله -تبارك وتعالى- لا يخاف أى مؤمن يعمل عمل صالح، يؤمن بالله، ويعمل عمل صالح لا يخاف عمله محفوظ، عمله محفوظ عند الله -تبارك وتعالى- [وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ].

 ثم قال -جل وعلا- {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ}[الأنبياء:95] الحرام هو المنع الله يقول ممنوع عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ يعني إلى الدنيا كل أمة أهلكها الله -تبارك وتعالى- بسبب ذنوبها كما أهلك قوم نوح الكفرة، وأهلك عاد، وأهلك ثمود، ونجى الله -تبارك وتعالى- عباده المؤمنين، أهلك قوم فرعون كل أمة أهلكها الله فلا عودة لها إلى الدنيا مرة ثانية طبعاً يعودون، يعودون كما قال -جل وعلا- {وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ(11) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ(13) لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ(14) قَالُوا يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ}[الأنبياء:11-14] ويدعو الله تبارك وتعالى يعني أن يعيدهم مرة ثانية إلى الدنيا ليصلحوا فيها، وليقوموا بأمر غير الأمر الأول لكن الله -تبارك وتعالى- قد كتب بأنه لن يعيد إلى الدنيا من أزاله الله -تبارك وتعالى- عنها بموت، بعذاب فإنه لا يعود مرة ثانية  {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ}[الأنبياء:95] هذا حكم الله -تبارك وتعالى-

 {حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ(96)وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ}[الأنبياء:96-97] إن الله -تبارك وتعالى- يعني يجري هذه الدنيا إلى أن تكون الأحداث الكبرى التي قبل القيامة، قبل الساعة، قبل القيامة أنه فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وفتح يأجوج، ومأجوج هو يكون خلاص في نفس الساعة إذا جاءت فتكون الساعة خلاص كالحبلى التي يعني ينتظر ساعة ولادها، ويأجوج، ومأجوج شعب كبير، ولكن هو من نسل آدم، وكان لهم شأن حدث الله -تبارك وتعالى- عنهم في القرآن، وأخبر النبي عن تفصيلات كثيرة من أحوالهم، ومما أخبر الله -تبارك وتعالى- فيه  أنهم كانوا مفسدون في الأرض، وأن ملك، ملك من الملوك العظام من ملوك الدين، والإسلام وصلهم، ووصل القوم الذي عندهم، واشتكوا له إفسادهم في الأرض {قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا(94)قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا}[الكهف:95] وأنه أتى إلى المعبر الذي كانوا يعبرون إليه يعني ثغرة بين الجبال، وبنى فيها سد سميكة من الحديد، والقطر النحاس، قال: [آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ] قطع الحديد [حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ] بين قمة الجبل قَالَ انفُخُوا ليكون نارا؛ ثم قال: {........آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا}[الكهف:96] قال -جل وعلا- {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا}[الكهف:97] قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي أي بالآخرة جَعَلَهُ دَكَّاءَ {........وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا}[الكهف:98] {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ.......}[الكهف:99] أخرج الله -تبارك وتعالى- هذا الشعب العاتي القوي الذي يأتي على كل شيء فيدمره، ما يترك شيء؛ فالله يقول: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ.......}[الكهف:99] يَمُوجُ فِي بَعْضٍ بالقتل، والدمار حتى إنهم يعني لا يبقون نهر إلا شربوه، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أتوا إلى طبرية يقولون، آخرهم يقول قد كان ها هنا ماء فإنهم مدمرين حتى إن الله -تبارك وتعالى- يقول عيسى يعنى هذا يكون في وقت خروج يأجوج، ومأجوج وقت نزول عيسى ابن مريم، وقيادته إلى المؤمنين في هذا الوقت؛ فيوحي الله -تبارك وتعالى- إلى عيسى أن إنحز بعبادي إلى الطور فأني مرسل عباداً لي لا يدان لأحد بقتالهم  لا يستطيع لأحد أن يقف أمامهم؛ فالمؤمنون ينحازوا يخرجوا من وجوه هذه الشعوب التي ستأتي لتدمر الأرض؛ فينحازوا إلى الطور، قيل الطور هنا في سيناء، ويحبسوا فيه، وتقل يعني  أزوادهم، طعامهم حتى يقول النبي حتى يكون رأس الثور لأحدهم كمائة دينار لأحدكم اليوم يعني رأس الثور أغلى من مائة دينار من قلة الأزواد، وهم محصورون في هذا المكان؛ ثم بعد ذلك يرجع عيسى عليه السلام، والمؤمنون إلى الله -تبارك وتعالى- فعند ذلك يهلك الله -تبارك وتعالى- هذا الجند المفسد العاتي، وهم يأجوج، ومأجوج يرسل الله -تبارك وتعالى- عليهم النغف دود يعني يأخذهم في أعناقهم فيموتون فرسا، كنفس واحدة كلهم يموتوا في وقت واحد كأنهم نفس واحدة علماً أن هذه الجموع قد تكون بملايين الملايين وهي تجتاح الأرض، قال -جل وعلا- عن هذه، وهذا من العلامات الكبرى، ومن العقوبة الإلهية المسلطة التي تسلط على هؤلاء الكفرة في هذا الوقت [حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ] يعني هدم السد الذي يحول بين يعني الناس، وبينهم، وخرج هؤلاء من يعني محبسهم وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ يعنى يأجوج، ومأجوج مِنْ كُلِّ حَدَبٍ الحدب هى يعني ثنية جبل من الجبال يَنسِلُونَ النسلان هو يعني الجري، الجري الخفيف يعني يجرون، يأتون من هنا، ومن هنا فلا يستطيع  أن يرد يعني هذا الجيش العرمرم المفسد الذي يزيح كل ما أمامه .

{حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ}[الأنبياء:96] وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ تكون الساعة خلاص الْوَعْدُ الْحَقُّ يوم القيامة، والله سماه وعد لأنه وعد عباده به، وهو حق، ثابت لا بد أن يكون، لأن هذا موعود، لا يمكن أن يتخلف {وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ}[الأنبياء:97] فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ الشخوص هي أنها تنظر وتقف؛ فالشاخص هو القائم [شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا] يعني أنها تنظر، ومن هول الأمر لا ترتد، ما تطرف العين، ما تطرف [شَاخِصَةٌ] من الهول، وواقفة تقف العين تثبت على يعني المنظر الفظيع الذي أمامها، ولا يرتد عين الناظر [فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا] ويقولون: [يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا] يدعون على أنفسهم بالويل، وهو الهلاك، والدمار [قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا] كنا نحن غافلين عن هذا الأمر [مِنْ هَذَا] هذه مقالة يعني من لعله من يفاجئهم خروج يعني يأجوج، ومأجوج على هذا النحو من الكفار، وكذلك إذا جاءت الساعة؛ فإنه خرج يعني أهل القبور من قبورهم، والكفار وراء هذا الأمر تبدلوا أن وعد الله -تبارك وتعالى- قد جاء فعند ذلك يعني لا يرتد إليهم طرفهم كما قال الله -عز وجل- [لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ] وقلوبهم هواء يبقى قلبهم. فقال -جل وعلا- [فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ] عند ذلك اعترفوا بالجريمة التى ارتكبوا أنهم كانوا ظالمين يعني بعيدين عن الحق، فاعلين للظلم، وذلك بكفرهم، وعنادهم، ويعني تركهم لهذا الأمر الإلهى، والوعد الإلهى كانوا قد نسوه، وتركوه قالوا بعد أن اعترفوا على أنفسهم قد كنا ظالمين.

نقف إن شاء الله عند هذا نكمل إن شاء الله في الحلقة الآتية.

 أستغفر الله لي، ولكم من كل ذنب، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد.