الجمعة 29 ربيع الآخر 1446 . 1 نوفمبر 2024

الحلقة (398) - سورة الحج 25-28

الحمد لله رب العالمين, وأصلي وأسلم على عبد الله ورسوله الأمين. وعلى آلة وأصحابه, ومن اهتدى بهديه وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد... فيقول الله -تبارك وتعالى-: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ}[الحج:25-30], بعد أن ذكر الله -تبارك وتعالى- الحال والمآل الذي سينتهي إليه المتخاصمون فيه {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ }[الحج:19-22]: هذا مآل هذه الطائفة المجرمة التي خاصمت أهل الإيمان في الإيمان وعاندت طريق الرب -تبارك وتعالى- وكفرت بالله -تبارك وتعالى-, ثم الطائفة الأخرى أهل الإيمان {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ }[الحج:23-24], ثم شرع الله -تبارك وتعالى- في بيان عظمة ومكانة وحرمة بيته العتيق الذي أقامه الله -تبارك وتعالى- في هذه الأرض وسط أرض مكة ليكون منارة للعالمين, قال -جل وعلا- أول شيء قال: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}[الحج:25], الصد عن سبيل الله هو إخراج المؤمنين من حول هذا البيت جريمة مضافة إلى جرائم هؤلاء المتخاصمين في الله جريمة من جرائم المشركين, مشركي العرب قريش أيضًا بالخصوص الذين قاموا بحرب أهل الإيمان وإخراجهم وهم أهل هذا البيت قال إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا هذه أول جريمة, وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ: عن طريقه لا يريدون أن يكون هناك مؤمن يسعى ويسلك طريق الرب -تبارك وتعالى-, وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ: المسجد الحرام من سبيل الله وهو كعبة الإسلام ومنار صراط الرب -تبارك وتعالى-, قال -جل وعلا-: الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ: جعله الله -تبارك وتعالى- بتشريعه وبقيامه في هذا المكان سواء العاكف فيه والباد, أهله القائمون فيه, وكذلك الباد الذي يأتي لابد أن يكون هذا مفتوح له مبذول لا يمنع عن هذا البيت وإنما يأتي كل من أتى من البوادي ومن خارج هذا البيت فله حق فيه؛ لأنه بيت الله -تبارك وتعالى- الذي أقامه الله -تبارك وتعالى- للعالمين للناس, ثم قال -جل وعلا-: وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ: هذا وهو تهديد ووعيد من الرب -تبارك وتعالى- أن كل من أراد ممن هو في هذا المكان المسجد الحرام, بإلحاد: ميل عن طريق الحق, بظلم نذقه من عذاب أليم: أي ميل عن الحق الذي أراده الله -تبارك وتعالى- وجه إليه صراطه وبظلم: أن يظلم أحد من عباد الله -تبارك وتعالى- فيه قال -جل وعلا- نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ فهذا تهديد منه -سبحانه وتعالى- والعذاب الأليم هذه الصورة التي ذكرها الله -تبارك وتعالى- قبل بأنه قال: فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ: هذا من صور العذاب الأليم الذي أعده الله -تبارك وتعالى- لهؤلاء الكافرين الصادين عن سبيل الله , ثم قال -جل وعلا-: وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ: الله -تبارك وتعالى- أظهره له وعلمه إياه وأراه المكان الذي سيبني فيه بيته ومهد الله -تبارك وتعالى- لهذا الأمر في أن أمر إبراهيم في أول الأمر أن يسكن ابنه إسماعيل وزوجته هاجر إلى هذا المكان, ولما ترك إبراهيم زوجته هاجر وإسماعيل في هذه البرية لم يكن فيها أحد أرض مكة مكان البيت وخرج وكان هذا بأمر الله -تبارك وتعالى- صارت هاجر تركض وراءه تقول له يا إبراهيم إلى من تتركنا في هذا المكان الذي ليس فيه إنس ولا شيء فيرد عليها حسب أمر الله -تبارك وتعالى-, ثم قالت الله أمرك بهذا؟ فقال أشار برأسه أي نعم ما تكلم فقالت إذًا لا يضيعنا, ثم إنه بعد ذلك لما قامت هاجر -عليها السلام- أرضعت ابنه حتى ن نفذ الماء الذي كان عندها, ونفذ الطعام الذي كان عندها, وأصبح ابنها يتلبق من الجوع بدأت تصعد أقرب مكان كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- فدورت على أقرب مكان فوجدت الصفا فذهبت إليها فصعدت وصارت تنظر يمينًا وشمالاً هل ترى من أحد ما تجد فهبطت ثم سارت إلى أن أتت الوادي بين الصفا والمروة فصارت ترمل فيه تركض فيه ثم صعدت إلى المروة وصارت تنظر يمينًا وشمالاً هل تجد أحد لم تجد أحد, ثم عادت مرة ثانية إلى الصفا, فكررت ذلك سبع مرات ثم لما انتهت بالمروة سمعت صوت خفيف, ثم نادت قالت أغث إن كان عندك غياث أين هذا الصوت, ثم عادت تركض إلى المكان الذي تركت فيه إسماعيل فوجدت جبريل -عليه السلام- في صورة رجل هناك وكان ضرب الأرض بطرف قدمه فانفجرت عين الماء وقال لها: إن هاهنا بيتًا لله يبنيه هذا الغلام قال لها الغلام غلامك هذا سيبني بيتاً هنا لله, وقال هذا هذا المكان هو بيت الله وأهله أهل الله -تبارك وتعالى- فلا تخافي أن تضيعي لأن هذا المكان اختصه الله -تبارك وتعالى- بأن يبنى فيه بيت له سيبنيه هذا الغلام.

 فالله -تبارك وتعالى- بوأ لإبراهيم مكان البيت لما شب إبراهيم وإسماعيل وكبر جاءه بعد ذلك أبوه وقال له يا بني إن الله أمرني أن أبني بيتاًا في هذا المكان فتساعدني فقال: نعم فشمر إسماعيل عن ساعديه الجلد وأتوا بدأوا ينقلون الحجارة ويصنعون الملاط لها ويبنون ويقولون: {........ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[البقرة:127], فالله -تبارك وتعالى- هو الذي عين ومكن إبراهيم من بناء البيت في مكانه وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ فهي ليست مجرد مثلاً مخترع أو اجتهاد من إبراهيم وإنما كان هذا بالنص من الله -تبارك وتعالى- أن يبني البيت في هذا المكان, وفي هذا تشريف للبيت وأنه بُني بأمر الله -تبارك وتعالى- أمره المباشر وليس مجرد نفس الروع أو إلهام ألهمه الله -تبارك وتعالى- لإبراهيم وإنما هذا أمر كان الأمر مباشر من الله -تبارك وتعالى- لإبراهيم عن طريق الملك أن يبني بيتًا له في هذا المكان, وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ الذي يقيم عليه هذا, وقيل بأنه قد كان هذا البيت الذي بناه إبراهيم على أسس كانت قد بنتها الملائكة عندما أهبط آدم -عليه السلام- من أول الأمر, ألا تشرك بي شيئا ابن البيت لله -تبارك وتعالى- بدون أن يكون هذا البيت فيه شركة لأحد فينسب إلى الله -تبارك وتعالى-, {أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}[الحج:26] طهارة من كل معاني الطهارة, طهارة حسية من القاذورات أو النجاسات, وكذلك الطهارة المعنوية وهو أن يدخل إلى هذا البيت أي شيء من هذه الدناسة الصور والتماثيل والأصنام التي تُعبَد من دون الله -تبارك وتعالى-, للطائفين هذه صورة العبادة حول الكعبة والقائمين بالصلاة والركع السجود للصلاة كلها من أركان الصلاة حول هذا البيت, وهذه الصور من العبادات صورة لعبادات التي يحبها الله -تبارك وتعالى- الطواف حول بيته والقيام في الصلاة والركوع والسجود.

 {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}[الحج:27]: الآذان هو الإعلام, أي أعلم الناس أخبر الناس وقل لهم بأن يأتوا إلى هذا المكان للحج, أصل الحج هو الزيارة المتكررة أو المجئ المتكرر لمكان معين يحج إنه يؤتى له المرة تلو المرة لهدف ولغاية عند هذا المحجوج, والله -تبارك وتعالى- أقام للعباد مناسك في هذا المكان مناسك عبادات شرعها الله -تبارك وتعالى- ليقوموا بها إذا نظرنا إلى هذه المناسك نجد أنها كلها مرتبطة بإبراهيم -عليه السلام-, فإن الله -تبارك وتعالى- أولًا قد جعل الكعبة المكان الذي بوأه الله -تبارك وتعالى- لإبراهيم الطواف حول البيت هو أشبه بعمل البناء الذي كان إبراهيم كذلك يبني هذا البيت ويدور بالبناء طبقة طبقة حتى أكمل بناء هذا البيت, السعي بين الصفا والمروة والعمل التمام الذي فعلته هاجر -عليها السلام- فإنها عندما ذهب إبراهيم عائدًا إلى الشام وتركها وحدها على هذا النحو ومعها ابنها وفي مكان قفر ما في أي شيء تقول له لمن تتركنا في هذا المكان الذي ليس فيه إنس ولا جن ولا شيء وصارت تصعد إلى الصفا وتنظر, ثم تذهب وترمل نفس المكان الذي أمرنا بالرمل فيه وهو الوادي الذي رمل فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- هو نفس المكان الذي نفس الفعل الذي فعلته هاجر -عليه السلام-, ثم تصعد بعد ذلك إلى المروة ثم تعود مرة ثانية ثم تعود مرة ثالثة نفس الفعل جعله الله -تبارك وتعالى- منسكًا للعباد لينسكوه {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}[البقرة:158] جعل الله -تبارك وتعالى- الذهاب إلى منى ورمي الجمار نفس الفعل الذي أيضًا مرتبط بالفعل الذي فعله إبراهيم, فإن إبراهيم -عليه السلام- لما أراد أن يذبح ابنه أخرجه إلى ذلك المكان وجاءه إبليس تشكل له في صورة إنسان وقال له: أين تذهب لعلام تقتل ابنك أنت ماذا فيك فصار يحسبه يأخذ أحجار ويحسبه بها حصبه في هذه الأماكن الثلاثة التي جعلت كذلك للمسلمين مشعر ليحصبوا فيها الشيطان نفس الفعل الذي فعله إبراهيم بسم الله الله أكبر بسم الله الله اكبر وهذا الفعل الرمزي يرمز إلى ذاك الفعل الحقيقي الذي فعله إبراهيم, وكأن هذا إشعار من المؤمن أن عدوك هو الشيطان هذا عدوك, زمزم التي فجرها الله -تبارك وتعالى- لإسماعيل ولأمه هاجر -عليها السلام- هي التي فجرها الله -تبارك وتعالى- الحجيج وأصبح فيها نسك شر بالنبي -صلى الله عليه وسلم- منها مستقبلًا الكعبة وأمره بالتضلع من ماء زمزم ولتبقى سقيًا للحجاج الذين يأتون كل واحد يأتي تبقى هذه سقيا وجعلها الله -تبارك وتعالى- سقيا أبد الدهر وإلى يومنا هذا ليكون هذا أيضًا مرتبط ما فعله الله -تبارك وتعالى- لهذه الأسرة المباركة إبراهيم وإسماعيل هاجر, جعل الله -تبارك وتعالى- أعمالهم حتى أعمالهم التي يعملوها بطريق عفوي ليس مقصود فإن فعل هاجر -عليها السلام- لم يكن عملًا مقصودًا لعبادة وإنما عمل مقصود للبحث عن من يؤنس وحدتهم من ينقذها في مكانها هذا فجعله الله -تبارك وتعالى- عبادة لكل المؤمنين من لدن إبراهيم وإلى قيام الساعة, وأعلى الله -تبارك وتعالى- منار هذه الأعمال ببعثة النبي محمد -صلوات الله والسلام عليه- فهو أعظم من جدد الآذان إلى حج بيت الله -تبارك وتعالى- وأمته أعظم أمة حجت بيت الله -تبارك وتعالى- وإلا فالحج فإنه منذ آذان إبراهيم -عليه السلام- بالحج فإن هذا البيت لم يأتي بعد ذلك نبي من الأنبياء إلا وحج البيت إلا عيسى, وعيسى يحج بعد ذلك في آخر الزمان, وقد قال النبي في أثناء خروج النبي إلى الحج كان لا يمر بوادي يقول أي وادي هذا فيقول وادي الأزرق يقول كأني بموسى على ناقة له خطامها ليف يمر من هذا الوادي وله جؤار إلى الله بالتلبية يقول كأني أرى موسى الآن وهو راكب ناقة خطامها النبي يصف خطامها هذا أمر فرعي جزئي إنه هذه الناقة وهذه صفتها تمامًا وهذا خطامها وموسى مار من هنا له جؤار من الله بالتلبية وذكر مجموعة من الأنبياء الذين حجوا هذا البيت قبل النبي -صلوات الله والسلام عليه- قال الله لإبراهيم وأذن في الناس بالحج المجئ إلى هذا المكان المجئ المتكرر مرة ومرة ومرة متكرر, فهذا معنى الحج إلى هذا المكان يأتوك رجالًا قال له هذا الآذان وإبراهيم بلغ بلسانه لم يكن يملك في هذا الوقت وسيلة إعلام تغطي الأرض لكن الله -تبارك وتعالى- جعل دعوة إبراهيم هذا إلى حج البيت دعوة تسري في الأمم على لسان الأنبياء الذين أرسلهم الله -تبارك وتعالى- والرسل, يأتوك رجالا: يأتوك مباشرة يستجيبون جعل الله -تبارك وتعالى- العالمين محبة وشوق إلى هذا المكان أيضًا بدعاء إبراهيم عليه السلام {........ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}[إبراهيم:37] يأتوك رجالا: يأتوا رجالا على أرجلهم ماشيين من أماكن بعيدة, وقد كان إلى وقت قريب تاتي قوافل الحجاج من الهند ومن الصين ومن الغرب كلها قوافل رجالا ونساءًا وأطفالًا يسيرون على أقدامهم وكل التاريخ هذا, وكان يأتي أهل اليمن ماشيين على أقدامهم عامتهم ومنهم من يحمل أحد أبويه على ظهره وهو يأتي سائرًا إلى حج هذا البيت يأتوك رجالًا معجزة من معجزات, وإخبار من الله -تبارك وتعالى- ودليل على أن الله -تبارك وتعالى- هذا إخباره حق من رأى هذا المشاهد ورأى كيف أن الناس يأتون هذا البيت بالفعل رجالا على أرجلهم يحملون الأثقال, قد رأيت أن بنفسي ناس تأتي أواسط إفريقيا وهو يحمل كل متاعه على رأسه وزوجته خلفه تحمل ولد من أولادها على ظهرها وابن في يدها وابن في يدها هذا ويؤمون هذا البيت, وكذلك من أواسط آسيا وقد رأيت من يأتي كذلك من الغرب من المغرب والجزائر يسيرون على أقدامهم بقوافلهم رجالًا ونساء حتى يأتوا بيت الله -تبارك وتعالى- وإذن في الناس بالحج يأتوك رجالا سائرين على أرجلهم وعلى كل ضامر من الحيوان والضمور هي ارتفاع البطن من السير الطويل لما تسير الناقة سير طويل فإنها كرشها الكبير وبطنها المتدلي يضمر ويرتفع وعلى كل ضامر من الحيوان يأتين من كل فج عميق, تأني هذه الحيوانات من لك فج من فجاج الأرض لا تكاد تسمع بها ولا تعلمها وأمور بعيدة قرى بعيدة في نأيه في خلف المحيطات وخلف وفي شعب الجبال يأتون, من هنا يؤمون هذا البيت الذي أقامه الله -تبارك وتعالى- في هذا المكان لآية عظيمة من آيات الله -تبارك وتعالى-.

 {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}[الحج:27], لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ: هذه من الغايات التي جعلها الله -تبارك وتعالى- لهذا البيت قال ليشهدوا شهود الحضور وكذلك حضور ورؤيا منافع لهم منافع عظيمة جدًافي الدنيا والآخرة, فالمنافع الدنيوية بالتجارة وتبادل المنافع بالناس وخبراتهم ولقاء بعضهم مع بعض, والمنافع الأخروية إنما هي أولًا بأن هذا أعظم مكان لنيل الأجر والثواب, وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا, فإن الله -تبارك وتعالى- قد جعل الصلاة فيها أشرف أعمال العبد بمائة ألف صلاة فيما سواها وهذا تشريف للعبادة تشريف عظيم جداً أن يكون صلاة واحدة بمائة ألف صلاة فيما سواه كما قال النبي -صلوات الله والسلام عليه-: «الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة فيما سواه, وقال صلاة في مسجدي بألف صلاة فيما سواه», والصلاة في المسجد الحرام بمائة صلاة في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- فيكون مائة ألف, وأما الصلاة في المسجد في بيت المقدس فإنها على النصف من المسجد النبوي أي بخمسمائة صلاة, فتعاظم وزيادة الأجور العظيمة التي يعطيها الله -تبارك وتعالى- لمن أم وصلى في هذا البيت كذلك الوحدة الجامعة لأهل الإسلام سواء عبر الأمم أمم الخير أو في أمة النبي -صلوات الله والسلام عليه- بعد ذلك فإن عبر الأمم عندما نعلم أن هذا البيت هو الكعبة وهو القبلة وهو الذي أمه موسى بن عمران, أولًا بناه إبراهيم أبو الأنبياء وكل الأنبياء الذين جاءوا من بعده هو من نسله, ثم موسى العلم الرسول العلم المخلص لبني إسرائيل الذين انزل الله -تبارك وتعالى- عليه التوراة وهو أكبر رسول من أنبياء بني إسرائيل أولاد إسرائيل, إسماعيل -عليه السلام- قبل هذا الذي هو بني هذا البيت وأنشأ أمة بعد ذلك على التوحيد, ثم كان في ختام هذه الأمة سيد الأولين والآخرين محمد بن عبد الله -صلوات الله والسلام عليه- النبي الخاتم الذي أرسل للعاملين -صلوات الله والسلام عليه-, يؤم هذا البيت ثم أمته بعد ذلك يجعل هذا البيت هو قبلتها وكعبتها ومحط أنظارها من كل مكان في الأرض لتولي وجهها في الصلاة أشرف عمل يقوم به المسلم وهو الصلاة فيولي وجهه شطر هذا البيت خمس مرات في يومه وليلته وجوبًا, وبهذا ترتبط قلوب أهل الإسلام كلها بمكان واحد وعلم واحد منارة واحدة يقيمها الله -تبارك وتعالى- منافع عظيمة لذلك الله -تبارك وتعالى- هنا قال ليشهدوا منافع لهم بالتنكير الذي يدل على التكثير منافع كثيرة عظيمة, ثم وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ: هذا كذلك من المنافع وهو ذكر الله -تبارك وتعالى- وما في ذكره من التذكير والأجر والثواب اسم الله هو قولهم بسم الله في أيام معلومات لأن الله -تبارك وتعالى- جعل الحج بشعائر مخصوصة في أيام معلومات ليس الحج له أوقات معينة كما قال -جل وعلا-: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ........}[البقرة:197], في الوقت الذي يعلن فيه الحج هو شوال وذي القعدة والعشر من ذي الحجة هذه أوقات الحج وأعمال مخصوصة مرتبطة كذلك بأوقات مخصوصة فيوم عرفة هذا يوم مخصوص وهو يوم التاسع من ذي الحجة, والنحر هو في يوم العاشر ورمي الجمار هو في هذه الأيام أيام التشريق فأعمال الحج مرتبطة بهذه المواقيت, ويذكروا اسم الله في أيام معلومات: أيام التشريق, وكذلك يوم عرفة الذي جعله الله -تبارك وتعالى- ذكر في وقت معين بصورة معينة على ما رزقهم من بهيمة الأنعام يذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام على الذي رزقهم من بهيمة الأنعام فإن بهيمة الأنعام هي ثماني أزواج الذكر والأنثى من الإبل والبقر والغنم والماعز ومن الضان اثنين ومن ماعز اثنين ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين هذه الأنعام هذه من أعظم نعم الله -تبارك وتعالى- التي انعم بها على عباده, فهي اشرف وأعلى طعامهم اللحم وبعد ذلك ما فيها من اللبن الذي هو أكمل وأفضل غذاء للبشر, ثم المنافع التي دون هذا من جلودها ومن قرونها ومن عظامها ثم الحمل على الإبل لتركبوا منها ومنها تأكلون ولعل حياة الإنسان الأساس في طعامه وشرابه تقوم على بهيمة الأنعام, ثم النبات فهذه نعمة عظيمة جدًا من النعم كما قال -تبارك وتعالى- في بيان إنعامه -سبحانه وتعالى-: {وَمِنَ الأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ}[الأنعام:142]: تحملونها وفرش بالصوف والوبر الذي يؤخذ منها والشعر فإن الشعر للماعز والصوف الغنم والوبر مأخوذ من الإبل هو يشكل فراش الإنسان, فالأنعام بهذه المنافع العظيمة نعمة كبرى من نعم الله -تبارك وتعالى- فيكون البشر كون الله -تبارك وتعالى- يجعل من مناسكهم في الحج أني ذكروا اسم الله -تبارك وتعالى- على ما رزقهم من بهيمة الأنعام بالذبح, ويذكروا هذه النعمة التي سخرها الله -تبارك وتعالى- لهم ليذكروا اسم الله علي ما رزقهم من بهيمة الأنعام قال -جل وعلا-: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}[الحج:28]: إباحة منه -سبحانه وتعالى- وتذكيرًا بنعمة الله -تبارك وتعالى-, ثم لا تنسوا حق الفقير واطعموا البائس الفقير صاحب بؤس أطعموه من هذه, وقد شرع لنا عند ذبح هذا النسك أن يأكل منه صاحبه, وأن يطعم منها الفقراء في هذا المكان كما فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- فإنه في حجته ذبح بيده -صلى الله عليه وسلم- ثلاثا وستين بدنة بسني كل واحدة بسني عمره -صلوات الله والسلام عليه-, ثم أخذ من كل واحدة بضعة طبخت وشرب من مرقها -صلوات الله والسلام عليه- ليأكل منها, ثم وزعت بعد ذلك في الفقراء والمساكين.

نقف هنا إن شاء الله, ونكمل في الحلقة الآتية, -وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد-.