الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله الأمين, سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومَن اهتدى بهداه، وعمل بسنته إلى يوم الدين.
وبعد؛ فيقول الله -تبارك وتعالى- : {اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[النور:35], {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ}[النور:36], {رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ}[النور:37], {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[النور:38], فاصل مِن هذه السورة، وجاء بعد هذه الأحكام العظيمة التي أنزلها الله -تبارك وتعالى- في هذه السورة؛ سورة النور، قال -جلَّ وعَلا- : {اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ........}[النور:35], {اللَّهُ}, هذا الاسم اسم العَلَم الأعظم على ذات الرَّب -تبارك وتعالى-, ويعرفه كل خَلْقِهِ، وكل الأُمَم بهذا الاسم، وهو الله رب العالمين، خالق السموات والأرض -سبحانه وتعالى-, {اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ........}[النور:35], النور يُطْلَقُ على النور الحسي، والنور المعنوى؛ فالنور الحسي المخلوق هو ما نراه مِن نور الشمس، ونور القمر، ونور الكواكب، ونور النار, ونور ما يستصبح به مِن هذه الأنوار؛ فهذا نور حسي مخلوق، والنور المعنوي هو ما يُشَبَّه به هذا النور، وهو الهداية إلى طريق الحق والصواب، والعِلْم الذي يكشف حقائق الأشياء، كما يقال : العلم نور؛ فإنَّ العلم يكشف حقائق الأشياء؛ فيريك ويُطْلِعَكَ على الأشياء على حقيقتها فكأنه ضوء ينير لك، ويُبَصِّرُكَ بحقائق الأمور هذا العلم، وليس الظن والتخمين, اللَّهُ -سبحانه وتعالى- ذاته ليست كذوات المخلوقات، الله -تبارك وتعالى- ذاتًا وصفاةً لا يشبه شيئًا مِن خَلْقِهِ -سبحانه وتعالى-؛ فإنَّ الله هو الواحد الأحد -سبحانه وتعالى-, الفرد، الصمد، الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد، وذات الله -تبارك وتعالى- لا شك أنها غير معلومةٍ للخَلْق، وإنما قد جاء في بيان شيءٍ مِن ذاته أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- لما قيل له : يا رسول الله, هل رأيت ربك؟ قال : (نورٌ أنَّى أراه)، نور أنَّى أراه أي حيث رأيته هذا في المعراج رأيت نورًا، أو أنَّى أراه, كيف أراه، وقد حجبه النور، كما جاء : «حجابه النور لو كشفه لأحرقت سُبُحَاتُ وجهه ما انتهى إليه بصره مِن خَلْقِهِ», أي لو كشف الله -تبارك وتعالى- هذا الحجاب الذي يَحُولُ بين الخلائق، وبين الرب -تبارك وتعالى- وبين رؤيتهم للرب -تبارك وتعالى- «لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره مِن خَلْقِهِ», فالله -تبارك وتعالى- نور، وليس الله -تبارك وتعالى- كهذه المخلوقات؛ فإنَّ الله خَلَقَ هذا، بعض مخلوقات الله -تبارك وتعالى- ينبعث منها النور، والله ليس كشيء مِن خَلْقِهِ -سبحانه وتعالى-, {اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ........}[النور:35], قيل أنه، فَسَّرَ بعض أهل العلم, {نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}, أنه هو الذي نور السموات والأرض بهذه المخلوقات، وبهذه النيرات التي خلقها؛ فأضاء الله -تبارك وتعالى- به السموات، والأرض كما أضاء السماء بهذه النجوم، والشموس -سبحانه وتعالى- وأضاء الأرض بما أضائها مِن انعكاس هذه الأضواء عليها، ومِن ضوء الشمس، ومِن ضوء القمر, {اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ........}[النور:35], ثم قال -جلَّ وعَلا- : {مَثَلُ نُورِهِ}, وفُسِّرَ هنا النور، النور المعنوي, {مَثَلُ نُورِهِ}, هدايته -سبحانه وتعالى- مَن شاء مِن خَلْقِهِ إليه -سبحانه وتعالى-, قال -جلَّ وعَلا- : {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ}, المشكاة الكُوَّة، الكُوَّة التي تكون في الجدار، والمصباح إذا كان في الفضاء يتشتت نوره، أما إذا كان فيه مصباح فيه كُوَّة حفرة مبنية في الجدار، ومستورة ليست نافذة، وهذه الكُوَّة إذا وضع فيها المصباح؛ فإنها تجمع ضؤه ينعكس بعضه على بعض ويجتمع؛ فيكون أقوى, {كَمِشْكَاةٍ}, هذه المشكاة، الكُوَّة فيها مصباح, {الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ}, هذا المصباح إنما يضيء ليس فتيلة بدون زجاجة، وإنما الزجاجة؛ فإنما الزجاجة مِن شأنها أنها تصفي نور المصباح، تجعله صافيًا, {الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ}, الزجاجة التي على هذا المصباح زجاجة نقية, {كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ}, أي مثل الدر في صفائه ولمعانه؛ فإنَّ الكواكب التي نراها, أحيانًا يكون الكوكب ناصع البياض جدًا كالدر، وأحيانًا يكون كالكوكب الأحمر, نسمي المريخ مثلًا الكوكب الأحمر، والكواكب تكون فيها شيء مِن الكدرة؛ فهذا {كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ}, أي أنه ينبعث ضوئه اللون الأبيض وهو مع الزرقة كأنه درة خارجة مِن صَدَفَتِهَا, {يُوقَدُ}, هذا المصباح, {مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ}, إذا كان المصباح يضاء مِن الزيت، زيت الزيتون هذا مِن أنقى وأشرف الزيوت المستعملة للإضائة، وإذا كان هذا الزيت يأتي مِن شجرة, {لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ}, {لا شَرْقِيَّةٍ}, الزيتونة التي تكون شرقية هي التي يأتيها الشمس في وقت الشروق إلى الظهر؛ ثم يكون هناك ساتر كجبل، أو نحوها؛ فإذا كانت الشمس في الغروب لا يأتيها الضوء؛ فيأتيها الضوء مِن جهة واحدة, {وَلا غَرْبِيَّةٍ}, أي أنها لا يأتيها ضوء الشمس إلا بعد الزوال، والشمس تنضاف، وتتحول إلى الغروب، أما شجرة الزيتون إذا كان يأتيها الشمس صباحًا ومساءً؛ فإنَّ زيتها يكون أنقى, الزيت يتكون مِن الضوء، التمثيل الضوئي في الزيتون؛ فهذه يكون زيتها مشرق، مضئ، ناصع، وسَمَّى الله -تبارك وتعالى- هذه الشجرة مباركة؛ لما فيها مِن البركات العظيمة، الزيادة العظيمة أنها طعام، وأنها كذلك استصباح, والاستخدامات العظيمة والكثيرة لزيت الزيتون, {مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ}, أي زيتها مِن شدة صفائه يكاد إنه إذا وضعته يضيء, {وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ}, قبل أنْ يستصبح به في النار, {نُورٌ عَلَى نُورٍ}, يصبح نور يأتي متكسر, {عَلَى نُورٍ}, صفاء الزيت، صفاء الزجاجة، وجود الكوة التى تجمع هذا؛ فالنور يتجمع كله على بعض؛ فيكون أزهى وأصفى وأنصع, ثم قال -جلَّ وعَلا- : {يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ}, وهذا يدل على أنَّ المقصود هنا بضرب هذا المثل إنما هو نور الله -تبارك وتعالى-, هذا نوره في ما يقذقفه الله -تبارك وتعالى- في قلب عباده المؤمنين, النور المعنوي، نور الهداية، ونور التوفيق إلى طاعة الله -تبارك وتعالى-, وهو النور الذي يُجَلِّي الله -تبارك وتعالى- حقائق الأشياء ما نراه، وما لا نراه, {نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ}, {يَهْدِي اللَّهُ}, يوفق الله -تبارك وتعالى- لوجود هذا النور في القلب, {مَنْ يَشَاءُ}, أي مِن العباد, ثم قال -جلَّ وعَلا- : {وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ}, الله -تبارك وتعالى- ضرب هذا المثل للناس، والله هو الذي يضرب المثل، وهذا مِن رحمته وإحسانه -سبحانه وتعالى- بعبيده وخَلْقِهِ, ومِن إفضاله على نبيه محمد -صلوات الله والسلام عليه- أنْ نزل عليه هذا الكتاب الواضح، البين، ويضرب الله -تبارك وتعالى- فيه الأمثال لأنَّ الأمثال تُقَرِّب المعنى المراد وتوضحه، تضع وتجعل الغيب كأنه شهادة، والبعيد تجعله قريب، والأمر المعقول تجعله كأنه ملموس، كأنه يحس إحساسًا؛ فالله يقول : {وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ}, يضرب الله -تبارك وتعالى-, والله هو الذي يضرب -سبحانه وتعالى- الأمثال للناس, هذا مِن إحسانه وإفضاله -سبحانه وتعالى-, {........وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[النور:35] والله عليم بكل شيء -سبحانه وتعالى- لا يخفى عليه شيء، ومِن هذا علمه -سبحانه وتعالى- بهذه الأمور، وضربه المثل على هذا النحو للناس ليتبينوا هذا المعنى الذى يراد، وهو معنى كيف يكون قلب المؤمن، ونور الهداية الذي يقذفه الله -تبارك وتعالى- فيه، ويجعله به, كيف أنه يسير به، وكأنه ضوء ساطع بهذا الصفاء يريه الله -تبارك وتعالى- به حقائق الأشياء, {........نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[النور:35].
ثم بَيَّنَ الله -تبارك وتعالى- الكيفية والوسيلة التي بها يُزْهِر نور الله -تبارك وتعالى- في قلب العبد المؤمن، وأنَّ هذا بالصلاة، وأنَّ هذا بالصلاة، قال -جلَّ وعَلا- : {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ}[النور:36], {رِجَالٌ}, {فِي بُيُوتٍ}, أي أنَّ نور الله -تبارك وتعالى- يشع في قلوب عباده المؤمنين في هذه البيوت، هذه بيوت الله -تبارك وتعالى- وهي المساجد, {أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ}, {أَذِنَ}, أعلم -سبحانه وتعالى-, يُعْلِمُ الله -تبارك وتعالى- عباده بأنه أراد منهم أنْ يرفعوا هذا، ترفع هذه البيوت، ومعنى رفعتها أي صيانتها وحفظها عن اللغو والرَّفَث والشرك وعبادة الأصنام، وعن كل ما لا يليق بها؛ فالمساجد يجب أنْ تكون خالصة لعبادة الله -تبارك وتعالى-, كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة : «هذه الصلاة لا يصلح لها شيء مِن أعمال الناس, إنما هي للتسبيح والتحميد وقراءة القرآن», ونهى النبي في المساجد عن إنشاد الضالة، وقال : «مَن رأيتموه ينشد ضالته فقولوا لا ردها الله عليك», ونهى عن البيع في المساجد، ونهى عن هيشات الأسواق، قال : «وإياكم وهيشات الأسواق», فاللغو والرفث والفسوق والبيع والشراء وإنشاد الضالة كل هذا أُمِرَ أنْ يرفع مِن المسجد، وكذلك القذر؛ فإنَّ الله -تبارك وتعالى- أمر بتطهير مساجده, كما قال -سبحانه وتعالى- : {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ}, لما بُنِيَ بيته الذي هو أول بيت بُنَي للناس, {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ}[آل عمران:96], قال الله -تبارك وتعالى- لإبراهيم الذي بناه، ولسليمان : {........أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}[البقرة:125], طهارته أولًا مِن الأصنام والأوثان، وكذلك طهارته مِن الأرجاس الحسية، وقد رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- النُّخَامَة في جدار القبلة؛ فغضب النبي -صلى الله عليه وسلم- لما ظهر هذا في وجهه، وقال : «إنَّ الله يمقت على ذلك», إنَّ الله يمقت, أي يكره أشد الكراهية على ذلك؛ فالمساجد يجب أنْ تطهر, {أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ}, {تُرْفَعَ}, الرفعة المعنوية؛ فتعظم ويكون لها حرمتها، وكذلك الرفعة, {أَنْ تُرْفَعَ}, الرفعة الحسية كذلك بأن تكون بعيدة عن كل هذه الأدناس والأوساخ، والصحيح أنه {أَنْ تُرْفَعَ}, هنا رَفْعُ البناء؛ فإنَّ رفع البناء للمساجد هو مكروه في الإسلام، وليس مستحبًا, {أَنْ تُرْفَعَ}, أنْ يرفع بناؤها؛ فإنَّ النبي نهى عن تشييد المساجد -صلوات الله والسلام عليه- وعن زخرفتها، وعن زينتها؛ لأنَّ كل هذا إنما يشغل المصلى عن الغرض الذي مِن أجله بنيت المساجد؛ ولذلك كان مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- مِن أبسط المساجد، وهو مِن أعظم المساجد التي عُبِدَ فيها الرب -تبارك وتعالى- بعد المسجد الحرام مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي بناه، ومدح الله -تبارك وتعالى- القائمين في هذا المسجد، قال : {........لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ}[التوبة:108], وكان هذا المسجد الذي أسس على التقوى مِن أول يوم كان مسجد أراد المسلمون أنْ يشيدوه، النبي لا, بناه باللَّبِن، وجعل فقط الباب فقط عضادتيه مِن حجارة، وسَقَفَهُ -صلى الله عليه وسلم- بجريد النخل كان مسقوف بجريد النخل، وكان إذا نزل المطر؛ فإنه السقف هذا لا يحفظ المطر؛ فإنما يسقط في المسجد، وكان المسجد أرضه مِن التراب، ولذلك كان إذا سقط المطر صار طينًا، وقد جاء في حديث أبي سعيد الخدري يقول إنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- رأيته سجد في هذه الليلة التي وكف فيها المسجد؛ فسجد في ماء وطين، رأيت أثر الطين على جبهته في صبيحة ذلك اليوم، اليوم الذي قال أبو سعيد، وحلف بأنه هو يوم ليلة القدر, الشاهد أنَّ النبي قال : عريش كعريش موسى فالنبي بنى مسجدًا عريشًا كعريش موسى؛ فقول الله -تبارك وتعالى- : {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ}, الصحيح أنه ليس المقصود رفع البناء، وإنما الرفع المعنوي، والرفع الحسي عن الأدناس والقاذورات, {وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ}, يذكر في هذه المساجد اسم الرب -تبارك وتعالى- {وَيُذْكَرَ}, وجوبًا في الصلاة؛ فالصلاة كلها ذكر الله -تبارك وتعالى- الله أكبر ذكر لله؛ ثم : {وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا}, الاستفتاح كلها ذكر لله -تبارك وتعالى- الفاتحة ذكر لله، {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة:2], {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[الفاتحة:3], {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة:4], {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة:5], {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}[الفاتحة:6], كل الفاتحة، وقراءة القرآن ذِكْر لله؛ ثم ذِكْر في حال الركوع سبحان ربي العظيم؛ ثم في حال الاعتدال؛ ثم في حال السجود؛ فهى ذِكْر الله, الصلاة كلها ذِكْر لله -تبارك وتعالى- ودعاء للرب -جلَّ وعَلا- وكذلك ذِكْر الله بعد الصلوات سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير, هذه أذكار كذلك شَرَعَها لنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أنْ نقولها بعد الصلاة وأدعية؛ فهذه هي مهمة المسجد أنها بيوت لله -تبارك وتعالى-, {أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ}, عن كل عيب ونقص معنوي وحسي, {وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ}, يذكر فيها اسم الرب -تبارك وتعالى-, قال -جلَّ وعَلا- : {........يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ}[النور:36], {رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ........}[النور:37], {يُسَبِّحُ لَهُ}, يُسَبِّحُ لله -تبارك وتعالى-, التسبيح التنزيه، التنزيه والإبعاد عن النقص, والله هو السُّبُّوح، المسبح -سبحانه وتعالى- عن كل نقص وعيب؛ فلا نقص في ذاته، ولا نقص في صفاته، ولا في أفعاله، لا يعتريه نوم، ولا نسيان، ولا موت، ولا آفة مِن آفات الخَلْق, كل آفات الخَلْق لا تعتري الخالق -سبحانه وتعالى- بل هو الحي القيوم, {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ........}[البقرة:255], ثم لا يعتريه -سبحانه وتعالى- أي نقص في أفعاله، وفي صفاته -جلَّ وعَلا-, كل أسماءه حسنى، وكل صفاته عليا -سبحانه وتعالى- وكل أفعاله خير، والخير كله بيده -سبحانه وتعالى-؛ فالله يسبح له, أي ينزهه -سبحانه وتعالى- عن كل ما ينزه عنه الرب -تبارك وتعالى- مِن الشريك والنظير والمثيل، ومِن أي آفة مِن الآفات الله -سبحانه وتعالى- المنزه, {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا}, {يُسَبِّحُ لَهُ}, لله -تبارك وتعالى-, {فِيهَا}, في هذه البيوت التي يجب أنْ تصان وترفع وتحفظ وتنظف, {بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ}, الغدو، وقت الغداء وقت الصباح, {وَالآصَالِ}, الصحيح أنَّ وقت الأصيل مِن بعد صلاة الظهر هذا مساء، ووقت الأصيل ما بعد العصر هذا الوقت الأصيل سمي؛ لأنه أأصل وقت في النهار وأشرفه وأعلاه؛ ففي وقت الغدو، وفي الأصال، وقد شَرَعَ الله -تبارك وتعالى- لنا صلوات مفروضات في هذا الوقت؛ فصلاة الغداة هي صلاة الصبح، وصلاة الأصائل الظهر والعصر, والعصر هو الصلاة الوسطى, {........يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ}[النور:36], {رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ........}[النور:37], مَدَحَ الله -تبارك وتعالى- الذين يقومون بذكر الله -تبارك وتعالى- في هذه البيوت ويسبحونه، قال : {........يُسَبِّحُ لَهُ}, لله, {فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ}, {رِجَالٌ} وخَصَّ الله الرجال؛ لأنَّ الله -تبارك وتعالى- لم يفرض على النساء صلاة الجماعة، بل صلاة المرأة في بيتها خير مِن صلاتها في المسجد لذلك قال -جلَّ وعَلا- : { رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ........}[النور:37], هؤلاء الرجال الذين فُرَضَتْ عليهم هذه الصلوات لا تلهيهم التجارة, {وَلا بَيْعٌ}, تجارة سواءً كانت بشراء، أو بيع، أو وكالة، أو أي صورة مِن صور المساهمة في التجارة, {وَلا بَيْعٌ}, البيع هو شيء مِن التجارة لكن التجارة أعم؛ فكأنه أتى بالخاص بعد العام؛ وذلك أنَّ البيع لخصوصيته أكثر ما يشغل الإنسان؛ فأكثر ما يشغل التاجر أنْ يبيع, لكن المشترى قد يشتري في هذا الوقت وفيما بعد، وكذلك الوكالة، وغيرها, لكن البيع مما يشغل ذهن التاجر أنْ يبيع سلعته؛ فلذلك قال -جلَّ وعَلا- : {وَلا بَيْعٌ}, { رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ........}[النور:37], أنْ يذكروا الله -تبارك وتعالى- أي في هذه الصلاة المفروضة, {وَإِقَامِ الصَّلاةِ}, أنْ يقيموها يؤدوها على الوجه الأكمل؛ فإقامتها تعديلها وإقامتها على الوجه الأصح, {وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ}, ذلك لا تلهيهم أي شيء على أنْ يؤتوا الزكاة، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ}, دائمًا الزكاة إما أنْ يراد بها المعنى العام، وهي تزكية النفس وتطيبها وتطهيرها، أو المعنى الخاص الذي نُقِلَت إليه لفظة الزكاة إلى هذا، وإخراج جزء مِن المال كما فرض الله -تبارك وتعالى- في وجوه التي فرض الله -تبارك وتعالى- هذه الزكاة، وسمى هذا الإخراج جزء مِن المال لله -تبارك وتعالى- سمى زكاة؛ لأنه طهرة للنَّفْسِ عن الشح، وعن البخل، إخراج حق هؤلاء الضعفاء الذي أُمِرَ المسلم بأنْ يعطوهم، وكذلك طهرة للمال؛ لأنَّ مال تبقى فيه الزكاة, بقي فيه حق الله يبقى نجس، يبقى هذا المال نجس؛ لأنه لم يخرج منه حق الله -تبارك وتعالى- فكأن الشخص الذي يأكل هذا المال الذي لم تخرج منه الزكاة يأكل حرام؛ فهذه طهرة للمال, {وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ}, قال -جلَّ وعَلا- : {........يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ}[النور:37], وَصْف عظيم, وَصَفَ الله -تبارك وتعالى- هؤلاء الرجال بهذا الوصف العظيم أنه أولًا : {لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ}, ثم إنهم مع هذا يفعلون الأعمال العظيمة مِن الصلاة، ومِن الزكاة، وكذلك هم خائفون، مِن وصفهم كذلك أنهم خائفون ألا يتقبل الله -تبارك وتعالى- هذا العمل, وخائفون مِن يوم القيامة, {.......يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ}[النور:37], {يَخَافُونَ يَوْمًا}, يوم القيامة وهذا يوم أخبر الله, {تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ}, {تَتَقَلَّبُ}, وذلك أنَّ القلوب والأبصار مما ترى وتسمع مِن الهول العظيم تبقى كأنها تنقلب يمينًا وشمالًا؛ فأمر يوم القيامة أمرٌ شديد، فيه قوارع، فيه شدة، فيه مواقف عظيمة جدًا, المؤمن قبل أنْ يجاز ويُسْمَحُ له بدخول الجنة يبقى في قلق هائل جدًا, ما يدري ما مصيره عنده ذنوب، ستوزن أعماله، وسيأتي بعد ذلك تتطاير الصحف، ويأتيه كتابه يا ترى ماذا في هذا الكتاب؟ لأنه يقال له : {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا}[الإسراء:14], يقرأ يفتح الكتاب؛ فتظهر فيه سيئاته كل شيء الذي فعله مِن السيئات مدونة, موجودة إنْ آخذه الله -تبارك وتعالى- عليها أصبح الأمر عظيم, هذا بالنسبة لأهل الإيمان، أما بالنسبة لأهل الكفران؛ فإن هذا أمر مشهد؛ فإنها تسود وجوههم، وتأتيهم القوارع، وكلما يأتيهم أمر مِن الشدة يأتيه بعده ما أشد منها، أشد منه إلى أنْ يلقوا في النار -عياذًا بالله-؛ فمنذ أنْ يخرج مِن قبره، وهو يبشر، يقول له : أبشر بأسوأ يوم ، أبشر بما يسوئك أنت إلى النار؛ فيسود وجهه؛ ثم بعد ذلك يوقف على أعماله, يُبَكَّت في هذا اليوم عند الحساب يحاول أنْ ينكر ما كان منه؛ ثم بعد ذلك يُقَرَّر بعمله، وتشهد عليه جوارحه, تأتي بعد ذلكم تقرب النار، ويقال له : هذه النار؛ فأمور مِن الأهوال العظيمة هول بعد هول، بعد هول، بعد هول، بعد هول إلى أنْ يلقى في النار؛ فهذا يوم شديد، يوم شديد الله يقول : إنَّ أهل الإيمان يخافون هذا اليوم, يفعلون هذه الطاعات لله -تبارك وتعالى-, {........يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا}, في هذه المساجد, {رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ}[النور:37], للجميع حتى الرسل يظلوا خائفين، حتى يأذن الله -تبارك وتعالى- لهم, ويُؤَمِّنهُم عند ذلك، وأما كل نبي؛ فقد جاء في حديث الشفاعة : «أنَّ كل نبي يقول : إنَّ ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله, وكثير منهم مِن هؤلاء الرسل يقولون، وإني قد عصيت ربي اذهبوا إلى غيري», فيبقى حتى الرسل أنفسهم يكونون في قلق هل يؤاخذهم الله -تبارك وتعالى- بالذنب الذي كان منهم أم لا؛ فيبقى الأمر, هذا يوم شديد؛ لذلك أهل الإيمان إنما يصلون وهم خائفون، وقد وصفهم الله -تبارك وتعالى- بمثل هذا في قول الله -تبارك وتعالى- : {وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ}[المعارج:27], {إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ}[المعارج:28], فعذاب الله -تبارك وتعالى- غير مأمون لأحد إلا بعد أنْ يُؤَمِّنَهُ الله -تبارك وتعالى- وبعد أنْ يجيزه، ويدخله الجنة، ويرضى عنه عند ذلك نعم، نفذ، وأما قبل ذلك؛ فإنَّ كل مؤمن إنما هو في مظنة الخطر، الخطر قائم، والعذاب ممكن أنْ يكون, {.......يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ}[النور:37], قال -جلَّ وعَلا- : {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[النور:38], هؤلاء الذين اتصفوا بهذه الصفات أخبر -سبحانه وتعالى- أنَّ الله سيجزيهم جزاءهم, {أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا}, بأحسن ما عملوا يعطيهم الله -تبارك وتعالى-, {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا}, كل أعمالهم الحسنة التي عملوها, يعطيهم الله -تبارك وتعالى- جزاءها، وقد بَيَّنَ الله -سبحانه وتعالى- في الآيات الأخرى أنَّ جزاء الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، إلى أكثر مِن هذا, {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ}, وهنا يأتي ذِكْر فاعل الجزاء، وهو الله -سبحانه وتعالى- وعندما يقال : {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ}, يُعْلَم مقدار هذا الجزاء لأنَّ عظم الجزاء مِن عَظَمِةِ فاعل الجزاء هو الرب -سبحانه وتعالى-, {أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ}, يزيدهم مِن إحسانه وفضله -سبحانه وتعالى- فإنَّ منة هم بحسنة كتبها الله حسنة كاملة، وإذا عملها كتبها الله له عشر حسنات، إلى مائة ضعف، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة لا يعلمها إلا الله -تبارك وتعالى-, وقد يُعْطَى بغير عَدّ، وقد يُعْطَى الجزاء بغير حساب، كما قال -جلَّ وعَلا- : {........إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[الزمر:10], أي بغير عدد، فوق العدد, {وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ}, ثم قال -جلَّ وعَلا- : {........وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[النور:38], أي أنَّ مِن صفته -سبحانه وتعالى- أنه : {........يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[النور:38], وأعظم الرزق رزق الجنة، رزق في الدنيا عطاؤه في الدنيا رزق، وعطاؤه في الجنة رزق، كما قال المؤمنون : {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ}[ص:54].
نقف هنا، وإنْ شاء الله نكمل في الحلقة الآتية, أستغفر الله لي ولكم مِن كل ذنب، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد.