الجمعة 29 ربيع الآخر 1446 . 1 نوفمبر 2024

الحلقة (428) - سورة النور 41-46

الحمد لله ربِّ العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين, سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومَن اهتدى بهداه، وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد؛ فيقول الله -تبارك وتعالى- : {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ}[النور:41], {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}[النور:42], {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ}[النور:43], {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُوْلِي الأَبْصَارِ}[النور:44], {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[النور:45], {لَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[النور:46], هذا الفاصل مِن هذه السورة العظيمة؛ سورة النور يُبَيِّنُ الله -تبارك وتعالى- فيها، ويذكر لعباده فيها بعض آياته في هذا الكون الدال على قدرته وعظمته ووحدانيته -سبحانه وتعالى-, وأنه -سبحانه وتعالى- الرب, الإله, الذي لا إله إلا هو, وهو الجدير بأنْ يعبده الخَلْق ويوحدوه وحده لا شريك له, وأنْ يلتزموا أوامره، وأنْ يطيعوه -سبحانه وتعالى- فيما يأمرهم به هذه السورة التي بدأها الله -تبارك وتعالى- بقوله : {سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}[النور:1], يقول الله -سبحانه وتعالى- : {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ........}[النور:41], أي قد عَلِمْت, {أَنَّ اللَّهَ}, -سبحانه وتعالى-, {يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}, تسبيح بلسان المقال, وكذلك تسبيح بسان الحال؛ فكل هذه الموجودات لها إدراكات، وتسبح الله -تبارك وتعالى- أي تنزهه -سبحانه وتعالى- مما لا يليق به -جلَّ وعَلا- بلسان قالها، وكذلك بلسان حالها، التسبيح التنزيه، والله -تبارك وتعالى- منزهٌ أولًا وقبل كل شيء عن الشريك والمثيل، وعن النظير؛ فهو الإله الواحد الذي لا إله إلا هو، لا مثل له، ولا كفء له، ولا نِدَّ له، ولا نظير له، وبالتالي لا ولد له، ولا زوجة له -سبحانه وتعالى-, {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ}, كل شيء مما عداه مخلوق، الله خَلَقَهُ -سبحانه وتعالى- وبالتالي هو مربوب، مقهور في مُلْكِ الله -تبارك وتعالى- وقبضته وقهره, وكل هذه الموجودات تسبح لله -تبارك وتعالى- وتنزهه ببلسان مقالها الذي يعلمه الله، وبلسان حالها؛ فإنَّ كل موجود شاهد بوجوده على أنَّ ربه وإلهه وخالقه هو الله -سبحانه وتعالى-, وأنه لم يشاركه أحد -سبحانه وتعالى- وحدة الخَلْق، وقيامه دليل على وحدة الخالق، وعَظَمَةُ الخَلْق دليل على عَظَمَةِ الخالق -سبحانه وتعالى-, خَلْق عظيم مِن رب عظيم -سبحانه وتعالى-, {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ........}[النور:41], {وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ}, أجنحتها، وصف الطير لجناحه هو أنْ يبسطهما في السماء دون حركة، ودون القبض، ويسير وينطلق الطير، وهو صاف أجنحته دون أي حركة مِن الخفق بالطيران، ومع ذلك ينطلق في السماء, {صَافَّاتٍ كُلٌّ}, أي مِن كل هذه الطيور, {قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ}, {قَدْ عَلِمَ}, الله -تبارك وتعالى- كيف يصلي، كيف يُسَبِّحُ، وكذلك قد عَلَّمَهُ الله -عز وجل- كيف يصلى ويُسَبِّحُ, {كُلٌّ قَدْ عَلِمَ}, الضمير إذا عاد إلى الله -تبارك وتعالى- أي قد عَلِمَ الله {صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ}, أو كل قد علم مِن هذه الطيور, {صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ}, أي كيف يصلي لله، وكيف يُسَبِّحُ لله, {........وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ}[النور:41], سِوَى ذلك كل فعل لهم؛ فالله, {عَلِيمٌ}, به مَن ساكن السماوات، وساكن الأرض، وهذه الطيور, {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}[النور:42], {وَلِلَّهِ}, لا لغيره, قدم هنا المعمول على العامل, {وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ........}[النور:42], فمُلْكُ السموات والأرض لله لا لغيره -سبحانه وتعالى- يملكها ذاتًا، ويملكها -سبحانه وتعالى- تصريفًا, {السَّمَوَاتِ}, كل ما علانا, {وَالأَرْضِ}, ما تحتنا, {وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}, {إِلَى اللَّهِ}, لا إلى غيره -سبحانه وتعالى- بالحصر هنا, {الْمَصِيرُ}, رجوع كل هذه العالمين والممالك إلى خالقها، وبارئها -سبحانه وتعالى-, المصير إليه؛ وذلك أنَّ حساب الجميع عنده -سبحانه وتعالى-, آية أخرى، قال -جلَّ وعلَا- : {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ........}[النور:43], {أَلَمْ تَرَ}, قد علمت, {أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا}, الإجزاء هو الدفع, أي يدفع الله -تبارك وتعالى- هذا السحاب، وقد عَلَّمَنَا الله -تبارك وتعالى- أنه بالريح تجزى, تدفع هذا السحاب في هذه الطبقة مِن السماء التي جعلها الله -تبارك وتعالى- لمرور السحاب, {يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ}, يؤلف بين هذا السحاب, هذا التأليف بتداخل هذه السحب بعضها على بعض؛ {ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا}, {رُكَامًا}, طبقات بعضها فوق بعض، وهذه السحب الركامية تكون طبقات بعضها فوق بعض وهي السحب الممطرة, {فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ}, {الْوَدْقَ}, حبات المطر, {يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ}, من خلال هذا السحاب يتكثف هذه حبات المطر فى هذا السحاب المتراكم بعضه على بعض؛ ثم تسقط مطرًا على الناس، خَلْق بديع، ومنظر بديع، وإنشاء بديع أمر عظيم جدًا في هذا نشأة السحاب، وجراينه في السماء، وكونه في هذه الطبقة مِن السماء، وانتقاله مِن مكان إلى مكان، وتصريفه على الأرض كلها على هذا النحو، وتصريفه كذلك في أنْ يكون دائم في هذا المكان، شتوي في هذا المكان، صيفي في هذا المكان، فصلي في هذا المكان, في كل هذا آيات تحت كل هذا آيات عظيمة مِن آيات الله -تبارك وتعالى- في علمه وحكمته -سبحانه وتعالى-, ودقة عمله -جلَّ وعَلا-, {فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ}, ودق ينزل، وكذلك ينزل مِن السماء مِن هذه العلو مِن السحاب, {مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ}, جبال، منظر السحاب عندما يكون متراكب بعضه على بعض، وله قمم كذلك؛ فمنظر الجبال كأنها جبال على الأرض، وإذا بَرَد هذه السحب، بعد تكون حبات المطر خلالها إذا كان الأمر برودة، وتحت ما يسمى بالصفر المأوي؛ فإنه يتحول إلى يعنى كتلة مِن الصخر؛ فإذا نزلت شيئًا ما، وجاءتها الريح؛ فرفعتها مرة ثانية تتكون عليها طبقة أخرى؛ فينزل مِن هذه الجبال يخبر الله -تبارك وتعالى-, {مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ}, بعض هذه, {فِيهَا مِنْ بَرَدٍ}, ينزل البَرَد، والبَرَد هو حبات الثلج النازلة مِن السماء, {فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ}, يصيب بالبَرَد مَن يشاء؛ لأن َّالبَرَد قد يأتي بالشر يتلف أحيانًا الزراعات والثمار، ومساكن الناس، وإذا كانت حباته كبيرة؛ فقد يقتل كذلك, {فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ}, وأحيانًا يكون رحمة إذا كان حبات صغيرة، ونزل في مكان، ونزل فيه بَرَد؛ فيكون أيضًا كذلك رحمة لعباده، ومنظر مِن المناظر العظيمة, {فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ}, يصيب به مَن يشاء صَيِّب خير، وكذلك صوب شر, {وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ}, يصرف هذا البَرَد، ويبعده عن مَن يشاء كان فيه شر؛ فيبعده الله -تبارك وتعالى- {عَنْ مَنْ يَشَاءُ}, مِن عباده؛ ثم قال -جلَّ وعَلا- : {........يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ}[النور:43], البرق هذا اللمعان الشديد، شرارة الضوء هذه التي تشتعل بين السحاب، قيل أنها مِن اصتكاك السحاب بعضه على بعض, يكون فيه شحنة موجبة بعض السحاب يكون فيه شحنة؛ فتفرغ هذه الشحنة؛ فتنطلق هذه الشرارة العظيمة؛ فينشأ عنها الضوء اللامع، البرق, {........يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ}[النور:43], إذا نظر الإنسان فاجأه هذا البرق، وهو ينظر إلى السماء في هذا، وانفجر الضوء على هذا النحو؛ فإنه قد يذهب بالأبصار مِن لمعان هذا البرق, {........يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ}[النور:43], منظر بديع، وخَلْقٌ بديع للرب -سبحانه وتعالى-, بديع السموات والأرض، وكل هذا آيات مِن آياته -سبحانه وتعالى-, وانظر تداخل الرحمة مع العذاب أحيانًا؛ فالسحب، المطر رحمة، البَرَد رحمة أحيانًا, عذاب أحيانًا، البرق منظر بديع أحيانًا, ثم قد يكون عذاب أحيانًا في أنْ يخطف أبصار مَن يخطف تداخل رحمات الله -تبارك وتعالى-  بعذابه، وإظهار آيات الرب -تبارك وتعالى- وهو الذي يُسَبِّحُ الله -تبارك وتعالى-, {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ........}[الرعد:13] فالرعد الذي يأتي، الصوت الذي يأتي بعد البرق مِن تسبيح الله -تبارك وتعالى-, وكل هذه المخلوقات هذه مخلوقات دالة على قدرة الله مُسَبِّحَةٌ لله -تبارك وتعالى-, {........يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ}[النور:43], آية أخرى، قال -جلَّ وعَلا- : {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ........}[النور:44], التقليب أنْ يأتي هذا بعد هذا؛ فيكون هذا الأمر أنت الآن في نهار مشمس, مضيء، وبعد ساعات تكون في ليل مظلم, ساكن، انقلب هذا الأمر، هذا الوقت أصبح مِن ليل إلى نهار، ومِن نهار إلى ليل، ومِن حرارة إلى برودة، ومِن طول إلى قصر, {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ}, يُصَرِّفُهُ -سبحانه وتعالى- فيجعل هذا في إثر هذا، ويجعل هذا بخواصه، وهذا بخواص أخرى مختلفة، وكل خاصية مِن هذه الخاصيات الخَلْق في حاجة إليها؛ ففي ضوء النهار يحتاج الناس الدفء والضوء للعمل والنشاط والحركة، وطلب المعاش، وفي سكون الليل وظلمته يحتاج الناس هذا لنومهم وسباتهم وراحتهم، وقد يكون العكس عند بعض المخلوقات؛ فالنبات يحتاج الضوء في تمثيله الضوئي، ويحتاج الليل ليعمل عملية أخرى مِن عملياته غير هذه العملية؛ فهذا أمر عظيم, {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ}, لما في ذلك مِن المنافع العظيمة للخلق -سبحانه وتعالى-, وكذلك الآيات الدالات على قدرته -سبحانه وتعالى-, فهو الرب الإله القادر هذا مُلْكُهُ، ويتصرف فيه هذا التصرف، وفي كل تصرف حكمة مِن حِكَمِهِ -سبحانه وتعالى- حكمة له -جلَّ وعَلا-, قال -جلَّ وعَلا- : {........إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُوْلِي الأَبْصَارِ}[النور:44], {إِنَّ فِي ذَلِكَ}, الذي ذُكِرَ لكم, {لَعِبْرَةً}, نظر عابر، نظر يعبر هذا الظاهرة، وهذا المُشَاهَد، والمسموع إلى ما وراءه، ما الذي وراء هذا الخلق؟ وراء هذا الخَلْق المُشَاهَد الرب الإله القدير، العظيم لأنَّ هذا الخَلْق لا يمكن أنْ يكون هذا الخَلْق المبدع، المحسن على هذا الإحسان أنْ يكون بغير خالق، لا بد بخالق, ثم هذا الخالق لا بد أنْ يكون مبدعًا، حكيمًا، عليمًا يضع كل أمر في نصابه؛ ثم لا بد أنْ يكون قادر، قوى، قاهر؛ فإنه لا يستطيع أنْ يقهر الليل والنهار على هذا النحو، ويقهر هذه المخلوقات على هذا النحو، ويجعلها تسير في مسارها، وفي مدارها إلا رب, إله -سبحانه وتعالى-, رفع هذه السحب العظيمة، القوية يرفعها -سبحانه وتعالى- إلى السماء؛ ثم تنظيمها على هذا النحو, على سطح هذه الأرض, ثم أنْ ينزل مطر هنا، أنْ ينزل بَرَد هنا هذا أمرٌ في غاية الحكمة يدل على حكمة خالقه -سبحانه وتعالى- وقدرته, ثم في النهاية أنَّ هذا الخالق الذي خَلَقَ هذا الخلق لا يمكن أنْ يكون خَلْقه سُدىً ولا عبثًا، ولا لعبًا لا بد أنْ يكون له شِرْعة ومنهاج وأمر ونهى، وهذا بالتالي يكون هذا يؤدي إلى أنَّ الإيمان بأنه هو الذي أرسل الرسل، وهو الذي أنزل الكتب -سبحانه وتعالى- ليرشد العباد إليه -سبحانه وتعالى- ويعلم الخلق به -جلَّ وعَلا-, ولا بد أنْ يكون له أمر ونهى، وشرعة ورسل فيؤدى إليهم بالرسل؛ ثم يؤدى بعد ذلك إلى طاعة الرسل -سبحانه وتعالى- هذا مَن يعتبر، هذا للذى يعتبر بهذا الخَلْق المشاهد؛ فالله -تبارك وتعالى- يُبْيِّن هذا الخَلْق المشاهد، ويذكره -سبحانه وتعالى- وما فيه مِن أدلة قدرته, {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً}, لكن لمن؟ {لِأُوْلِي الأَبْصَارِ}, الأبصار الحقيقية، البصر عين، وبصر قلب؛ فالذي له بصر بعينه يبصر، وله قلب يبصر بعد ذلك, يعرف ما وراء هذا، هذا الذى يستفيد بهذه الآيات، أما مَن لا قلب له، ويمر على هذه الآيات يبصرها، ولكن لا يعتبر، يعرف فقط، يقف عند هذه الظاهرة؛ ثم لا يعرف ما خلفها؛ فهذا لا يعتبر بشيء مِن ذلك, {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ}[يوسف:105], يعرض عن هذه الآيات، ويظن أنَّ هذا العلم هو أنْ يعرف هذه الظاهرة، ظاهرة المطر والسحاب، وكيف يتكون، وكيف ينزل, والبرق والمطر يعرف هذا, ثم لا يعرف ما وراء ذلك، وهذا عمل الكافر.

ثم آية أخرى من آيات الله -تبارك وتعالى- قال -جلَّ وعَلا- : {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ........}[النور:45], {اللَّه}, -جلَّ وعَلا- لا غيره, {خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ}, الخَلْق كله له، لم يشارك الله -تبارك وتعالى- أحد في خَلْقِ شيء أبدًا، ولا أعانه في خَلْقِ شيء، ولا أعد له إعدادًا ليخلقه الله -تبارك وتعالى-, بل الله هو المستقل بالخَلْق دون سائر خَلْقِهِ -سبحانه وتعالى- لا جبريل يَخْلُق، ولا الملائكة يخلقون، ولا الجن يخلقون، ولو اجتمع أهل السماوات والأرض على أنْ يخرجوا ذرة مِن ذرات الوجود إلى الوجود لا يستطيعون، وأن يخلقوا ذبابة مِن هذه حشرة مِن هذه الحشرات الحقيرة المنتشرة في الأرض لا يستطيعون, {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ........}[الحج:73], ما يستطيعوا أنْ يخلقوا ذباب ولو اجتمعوا لهذا ما يفعلون, {........وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ}[الحج:73], {وَاللَّهُ}, -سبحانه وتعالى-, {خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ}, الدابة في لغة العرب كل ما له دبيب، والدبيب سير؛ فكل ما يدب على سطح هذه الأرض هذه دابة سواءً كان مِن هذه النمل الصغير التي تدب على الأرض، أو الفيل العظيم، أو الإنسان، أو الطير، أو الزواحف كل هذه الحشرات، والزواحف، ومَن يسير على رجلين، ويسير على أربع كلها دواب, {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ}, مِن ماء قيل ماء النطف، وقيل : {مِنْ مَاءٍ}, أصل الخَلْق, أي أصل خَلْق هذه الدواب مِن الماء، وقد عُلِمَ أنَّ الماء جزء أساسي مُكَوِّن لكل الأحياء, بل يوجد حي لا يكون بالماء الإنسان أكثر مِن تسعين في المائة مِن مكوناته ترجع إلى الماء في الأساس، فالماء جزء أساسي, {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ}, فإما أنْ يكون خَلَقُهُ أنه بالماء حياته، أو أنه خَلَقَهُ -سبحانه وتعالى-, {مِنْ مَاءٍ}, أي مِن ماء النُّطَف, {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ........}[النور:45], منهم؛ مِن هذه الدواب التي خلقها, {مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ}, كسائر هذه الزواحف مِن الحيات، وغيرها التي تسير على بطونها دون أرجل تحملها، أو على بطنه كذلك مع أرجل قصيرة صغيرة، ولكن اعتمادها الزحف على البطن, {وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ}, {مِنْهُمْ}, مِن هذه المخلوقات والدواب, {مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ كالإنسان وكالطير, الطيور تمشي على رجلين، والإنسان يمشي على رجلين, {وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ}, كهذه الحيوانات الكثيرة مِن بهيمة الأنعام، ومِن غيرها مِن الوحوش والسباع هذه تسير على أربع، قال -جلَّ وعَلا- : {يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ}, فالله يخلق ما يشاء -سبحانه وتعالى- لا مُعَلِّمَ له، ولا مرشد له -سبحانه وتعالى- بل هذا الخَلْق خلقه، وهو الذي يختاره -سبحانه وتعالى- وهو الذي يخلقه -سبحانه وتعالى- وكذلك لا ينقله مِن خَلْق آخر، أو مِن إله خالق آخر بل هو بديع السموات والأرض؛ فالله هو الذي يخلق ما يشاء، كما يشاء -سبحانه وتعالى- ولذلك خَلَقَ هذا الخلق المتعدد الكثير، وفي هذا حكم عظيمة، لماذا ربنا -سبحانه وتعالى- خَلَقَ هذا؟ ومِن الجنس الواحد ألوف الأنواع, أي الذبابة في أكثر مِن ألفين نوع، والبعوضة كذلك، والغزلان تجد لها عشرات الأنواع وهذه غير هذه، واختلاف الخَلْق في الإنسان بين الألوان بداية مِن اللون الأبيض الناصع إلى الأسود الغامق، وما بينهما مِن الألوان المختلفة في هذه, ثم اختلاف الأشكال مختلفة, ثم إذا اختلاف الأشكال إلى اختلاف الخواص, ثم بعد ذلك ليكون كل نَسَمَة له تركيبة خاصة في كل شيء، تركيبة خاصة لِعَرَقِهِ ولدمعه ولتركيبته ودمه، ولفصيلة جلده، ولمكوناته الوراثية تبقى هي بصمة خاصة, لا تنطبق إنسان مع إنسان آخر التنوع في الخَلْق على هذا النحو, خَلْق هذه المخلوقات، {وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ}, مِن كل هذه الدواب باختلاف أشكالها وألوانها وصفاتها وعاداتها وطبائعها, كل هذا دليل على عظمة الخالق -سبحانه وتعالى- إنَّ هذا الخالق الذي خَلَقَ هذا الخلق المتنوع، المتعدد بهذا التنوع العظيم جدًا، الكثير جدًا, هذا دليل على أنه إله عظيم، واسع العِلْم، وكذلك أنه -سبحانه وتعالى- له القدرة على هذا الأمر، وأنه يعلمه، وأنَّ هذا كله إنما خَلَقَهُ -سبحانه وتعالى- بعلمه وبقدرته، ولا شك أنه كذلك ما دام خَلَقَهُ على هذا النحو؛ فلا يغيب عنه من هذا الخلق لا صغير ولا الكبير بل أخبر -سبحانه وتعالى- أنه ما مِن دابة مِن هذه الدواب, {إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا}, يخلق لها الرزق, {وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا}, يعلم أين تستقر، وأين مستودعها، مستودعها لبيضها، لفراخها، وكذلك لطعامها وشرابها الذي تخزنه؛ فهذا أمر عظيم مِن بيان كل هذا يُبَيِّنُ صفة الرب -تبارك وتعالى- وسعة علمه، وسعة قدرته -جلَّ وعَلا-, {........يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[النور:45], تأكيد, {إِنَّ اللَّهَ}, -سبحانه وتعالى-, {عَلَى كُلِّ شَيْءٍ}, أي شيء {كُلِّ}, هنا بعمومها, {عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}, لا يعجزه شيء -سبحانه وتعالى-, فكما لم يعجزه هذا الخَلْق العظيم، المتنوع، المتعدد على هذا النحو الذى يتنوع أنواعًا وأجناسًا, ثم بعد ذلك يتخصص تخصصًا؛ فيصبح كل مخلوق له صفاته الخاصة التي لا يمكن أنْ تنطبق مع مخلوق آخر، أمر عظيم مِن خَلْقِ الله -تبارك وتعالى-.

بعد أنْ بَيَّنَ الله -تبارك وتعالى- آياته في الخلق على هذا النحو, بَيَّنَ أنه هو الذي أنزل هذه الآيات المقروءة -سبحانه وتعالى-, قال : {لَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ........}[النور:46]  هذه آيات مقروءة -سبحانه وتعالى-, {لَقَدْ أَنزَلْنَا}, يُخْبِرُ الله -سبحانه وتعالى- أنه هو الذي أنزل يؤكد هذا, {أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ}, مُبَيِّنَات لماذا؟ لكل هذا العلم العظيم الذي يعلمنا الله -تبارك وتعالى- به, {مُبَيِّنَاتٍ}, لصفة الرب -تبارك وتعالى- وأسمائه وأفعاله وقدرته -جلَّ وعَلا-, {مُبَيِّنَاتٍ}, لشريعته وأمره ونهيه -سبحانه وتعالى-؛ فهي تبين شريعة الله -تبارك وتعالى- فهذه آيات الله المنزلة مِن عنده -سبحانه وتعالى- مبينة لكل هذا, {لَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[النور:46], يبقى هنا لماذا لا يؤمن الخَلْق بعد هذا البيان الإلهي الناصع, الواضح، قال -جلَّ وعَلا- : {وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}, أي إلى طريقه, {إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}, الصراط الطريق, {مُسْتَقِيمٍ}, طريق الله -تبارك وتعالى- لا عوج فيه، بل كله {صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}, كل أمر يأمر الله -تبارك وتعالى- به هو الحق والعدل؛ فإخباره كلها صدق، أحكامه كلها عدل، لا يوجد فيه التواء، ولا لف، ولا دوران، ولا كذب، ولا غش فهو : {صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}, {وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}, -سبحانه وتعالى-, {إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}, والهُدَى هنا بمعنى التوفيق، أما الهداية، هداية الوضوح والبيان فهي للخلق جميعًا؛ فإنَّ الله -تبارك وتعالى- قد بَيَّنَ طريقه للناس جميعًا، ويمكن للمنافق والكافر وإبليس أنْ يعرف طريق الرب -تبارك وتعالى- مِن حيث المعرفة والعلم، لكن الهداية والتوفيق, {........وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[النور:46], وقد أخبر -سبحانه وتعالى- بأنه يهدي إليه مَن ينيب, يهدى المنيب إلى الله، الطائع إلى الله، الراجع إلى الله -تبارك وتعالى- الذي يسير في طريقه، المصدق بما أنزل، أما إذا كان يكذب، يبتعد عن طريق الرب -تبارك وتعالى-؛ عند ذلك تأتي العقوبة, يضله الله -تبارك وتعالى-, {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى}[الليل:5], {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى}[الليل:6], {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى}[الليل:7], {وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى}[الليل:8], {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى}[الليل:9], {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى}[الليل:10], فالله -تبارك وتعالى- يهدي، يوفق إلى دينه -سبحانه وتعالى- مَن يشاؤه أولًا هو، والذي يشاء الله -تبارك وتعالى- هدايته يكون موفق إلى سلوك طريق الرب، إلى الإيمان به، وإلى سلوك طريقه؛ فيوفقه الله -تبارك وتعالى-, {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ........}[البقرة:257], قال -جلَّ وعَلا- : {إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا}[الإنسان:29], {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا}[الإنسان:30], {يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}[الإنسان:31], فالله -تبارك وتعالى- يدخل مَن شاء مِن عباده, {فِي رَحْمَتِهِ}, مِمَن استجاب لله -تبارك وتعالى-, وسار على أمر الله -تبارك وتعالى-, أما أهل الظلم، وأهل الغش؛ فهؤلاء أخبر الله -تبارك وتعالى- بأنه يعاقبهم، قال -جلَّ وعَلا- : {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}[الزخرف:36], {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}[الزخرف:37], لما؟ لأنه عشى عن ذِكْر الرحمن، وقال : {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ........}[الأنعام:110], لما لم يؤمنوا به أول مرة ويصدقوه، وقد عرفوا أنه الحق عند ذلك نقلب {أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ}, فيعميهم الله -تبارك وتعالى-, {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ........}[الأنفال:24], {أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}, يجعل حوالة بينه وبين الهداية إذا لم يستجب لأمر الله -تبارك وتعالى-, فإذا تَنَكَّبَ أمر الله، وترك أمر الله عند ذلك الله يحول بينه وبين الهداية, {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ}[البقرة:6]{خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[البقرة:7], وبهذا ينتهي هذا الفاصل، الفاصل الذي جاء بعد هذه الآيات العظيمة مِن آيات الله -تبارك وتعالى- في التشريع, ذَكَرَ الله -تبارك وتعالى- آياته في الخلق, ثم بَيَّنَ -سبحانه وتعالى- أنزل آياته كذلك المقروءة, {مُبَيِّنَاتٍ}, لصراطه المستقيم, {لَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[النور:46].

 نقف عند هذا, هدانا الله -تبارك وتعالى- وإياكم إلى صراطه المستقيم, أستغفر الله لي ولكم مِن كل ذنب، والحمد لله رب العالمين.