السبت 22 جمادى الأولى 1446 . 23 نوفمبر 2024

الحلقة (436) - سورة الفرقان 20-26

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله الأمين، وعلى آله وأصحابه, ومَن اهتدى بهداه, وعمل بسنته إلى يوم الدين.

 وبعد؛ فيقول الله -تبارك وتعالى- : {وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا}[الفرقان:20], {وَقَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا}[الفرقان:21], {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا}[الفرقان:22], {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا}[الفرقان:23], {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا}[الفرقان:24], {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنزِيلًا}[الفرقان:25], {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا}[الفرقان:26], قول الله -تبارك وتعالى- : {وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ........}[الفرقان:20], هذا جاء في سياق الرد على هؤلاء الكفار الذين استنكروا أنْ يُرْسِلَ الله -تبارك وتعالى- بشرًا رسولًا يدعوه مِن الله -تبارك وتعالى-, فإنهم تصوروا أنْ يكون مَلَكًا، أو يُنْزَل إليه مَلَك مِن السماء ليشهد له، فأخبر -سبحانه وتعالى-, رَدَّ على هؤلاء المعاندين, المكذبين بأنَّ سنة الله -تبارك وتعالى- قد جرت في عباده أنْ يصطفى مِن كل أُمَّة فردًا منهم، رسول منهم يتكلم بلسانهم، فيرسله إليهم، وهذا مِن مقتضى الحكمة الإلهية، فإنَّهم بذلك مبدأ هذا الرسول ومنشأه، ويكون قدوة لهم، بشر مثلهم فإذا أُمِرَ بأوامر مِن الله -تبارك وتعالى- وطبقها كان أمام لهؤلاء القوم فيتبعونه، أما لو كان مَلَك فإنَّ النقلة الهائلة, والبعد الشاسع بين الإنسان وبين الملك قائمة، وكيف يصدقون مثل هذا، والملك لا يتحملون مرآه، فالشاهد أنَّ السنة التي جرى عليها الأمر في أنَّ الله -تبارك وتعالى- يصطفى رسلًا مِن البشر, يرسلهم إلى قومهم هي مقتضى الحكمة والعلم الإلهي، {وَما أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الأَسْوَاقِ........}[الفرقان:20], بشر مثلهم مِثْل الأخرين، يقاسون الحياة، ويكدحون فيها بكسب المعاش والسعي في الأسواق بيعًا وشراءً, وأنهم بشر كالبشر، ولم يجعل الله -تبارك وتعالى- لهم خواص يختلفون بها عن سائر البشر ليكون الأمر كله جارٍ عن الجميع, ثم قال -جل وعلا- : {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ}, أي جعل الله -تبارك وتعالى- الرسول على هذا النحو، اختبار وابتلاء للناس، فمن آمن بالنبي الذي أرسله الله -تبارك وتعالى-, بالرسول الذي أرسله الله -تبارك وتعالى- اهتدى وعرف الحق، ومِن ضل عن ذلك وَرَدَّ الآيات البينات, الواضحات، وكَذَّبَ الصادق الأمين؛ فقد حَلَّت عليه كلمة الله -تبارك وتعالى- بالعذاب، وكذلك الرسول يُبْتَلَى بالمكذبين المعاندين الذين يقابلونه بهذا التكذيب، وبهذه المقترحات السخيفة وبالاستهزاء، وبصنوف الأذى؛ ليصبر ليكون هذا مجال له، ابتلاء له؛ ليصبر ويظهر معدنه, وتظهر إمامته على الحقيقة, ويظهر للناس صدقة وأمانته، وأنه منزه عن الغرض، فقد جاء يدعوهم إلى الله -تبارك وتعالى-, ولا يطلب أجر على ذلك, ويتحمل أذاهم، ويتحمل سفاهاتهم، فهذا يكون للناس مِن أعظم الأدلة على صدقة إنه رجلًا منزه عن الغرض، لا غرض له في هذه الدنيا، وإنما غرضه فقط هو نفع الناس, وإخراجهم مِن الظلمات إلى النور, وهدايتهم إلى طريق الحق والثواب؛ فالله يقول : {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَة أَتَصْبِرُونَ}, {أَتَصْبِرُونَ}, هذا خطاب للرسل أيصبرون على ما ابتلاهم الله -تبارك وتعالى- به, وحَمَّلَهُم مِن هذه الرسالة، كما قال الله -تبارك وتعالى- لرسوله في أول الأمر : {وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ}[المدثر:7], هذه أول مواعظ نزلت على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأول أوامر له عندما أرسل إلى الناس، {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}[المدثر:1], {قُمْ فَأَنذِرْ}[المدثر:2], {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ}[المدثر:3], {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ}[المدثر:4], {وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}[المدثر:5], {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ}[المدثر:6], {وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ}[المدثر:7], اصبر لربك، {وَلِرَبِّكَ}, هذا قُدِّمَ هنا مِن المعمول على العامل لبيان أنَّ الصبر كله إنما ينبغي أنْ يكون صبره لله -سبحانه وتعالى- وكذلك الأمر بالصبر جاء للرسول كثيرًا, {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ........}[الأحقاف:35]، فأُمِرَ النبي به, {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ........}[الكهف:28]، فالنبي قد أُمِرَ بالصبر في سبيل هذه الدعوة، {........أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا}[الفرقان:20]، هذا تأنيس وترغيب للرسل بأنَّ الله -تبارك وتعالى- سبحانه وتعالى- مُبْصِرٌ لعملهم، وبالتالي أنه لا يغيب عن الله شيء مِن أحوالهم، ومادام أنَّ الله بصير بهم -سبحانه وتعالى- فهو ربهم والذي أرسلهم، وهو راحمهم، وهو مؤيدهم, وهو ناصرهم -سبحانه وتعالى-، وهذا تأنيس, كما في قول الله -تبارك وتعالى-  لرسوله : {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}[آل عمران:121], فَيُبَيِّنُ أنه في هذه المواطن الله -تبارك وتعالى- سميع له, وعليم له، {وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ........}[يونس:61], قول الله -تبارك وتعالى- لموسى وهارون قال : {إِنَّنِي مَعَكُمَا}, لما خشي أنْ يفرط فرعون عليهم، {قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}[طه:46]، ومادام أنَّ هؤلاء قد قاموا بأمر الله -تبارك وتعالى-, والله يؤيدهم ويقول لهم أنا أسمع وأرى، سمعي وبصري وأنا معكم، فهذا تأييد, {........أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا}[الفرقان:20]، فمادام الله -تبارك وتعالى- مبصر شئون عباده؛ فإنَّ هذا الرسول الذي أرسله للناس، وابتلاه بهذه الابتلاءات، وجاء هؤلاء المجرمين  ليدفعوا رسالته, ويسبوه على هذا النحو, ويقولون فيه ما قالوا، عندما يعلم أنَّ الله بصير به فيهون عليه كل الأمر، كما قال النبي -صلوات الله والسلام عليه-، انظر مقالة النبي عندما كان في الغار مع أبو بكر الصديق، وهو كان خائف على النبي -صلى الله عليه وسلم-، خائف على مستقبل الرسالة، فيقول : يا رسول الله, والله لو نظروا تحت أقدامهم لرأونا، فيقول : (يا أبى بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما)، أي الله معنا, وكما قال -تبارك وتعالى- : { إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}، فاستشعار وإيمان الرسول بأنَّ الله -تبارك وتعالى- معه ومنصر معه، يُهَوِّنُ عليه كل كرب، ويُهَوِّنُ عليه كل أمر عسير, {........أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا}[الفرقان:20].

انتهى هذا الفاصل, وبدأ أيضًا فاصل جديد في بيان تعنت هؤلاء الكفار، وطلباتهم التي لا تنتهي, وعتابهم على ربهم -سبحانه وتعالى- في إرسال رسول منه -سبحانه وتعالى- يهديهم إلى طريقه، قال -جلَّ وعَلا- قالوا : {وَقَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا........}[الفرقان:21], هذا كذلك مِن جملة تعنتاتهم، قال -جلَّ وعَلا- : {لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا}[الفرقان:21], {وَقَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا........}[الفرقان:21]، هم هؤلاء الكفار الذين ردوا رسالة الله -تبارك وتعالى-, وسبب ردهم رسالة الله هو أنهم لا يرجون لقاء الله، لا يرجونها أي لا يطمعون في هذا الأمر، ولا يظنون أنَّ هذا أمرٌ واقع, وبالتالي لا يخافون أنْ يقولوا ما يقولوا؛ لأنهم في ظنهم أنهم غير راجعين إلى الله -تبارك وتعالى-, {وَقَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا........}[الفرقان:21]، لا ينتظرونه، ولا يطمعون فيه، ولا يؤمنون به، {لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ}، {لَوْلا}, هَلَّا, {أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ}، {أُنزِلَ}, بالبناء لما لم يُسّمَّ فاعله، أي يُنَزِّلُ الله -عز وجل- علينا مِن الملائكة، فيأمر يقول بأن الله يأمركم أنْ تعبدوه، وأنَّ الرب الذي في السماء قد أرسلنا لكم؛ لتعبدوا ربكم وإلهكم, {لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا}, {أَوْ نَرَى رَبَّنَا}, فيتجلى لنا، وهو يخاطبنا هكذا كفاحًا، ويأمرنا بما يريد أنْ يأمرنا به، قال -جلَّ وعَلا- : {لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ}، كبر وتَعَالِى عن الحق، ورد للرسالة النبي, الله -تبارك وتعالى- قد احتفى بهم، وقد اعتنى بهم، وأرسل لهم -سبحانه وتعالى- مَن يدعوهم إليه -سبحانه وتعالى- ممن يعرفون صدقه وأمانته, ولكن يردوا هذا الأمر ويقولوا فليأتي الله بَنَفْسِهِ ليخبرنا بما يريد، {لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ}، فالذي في صدورهم هو الكبر والعلو، وهذه المقالة مقالة كبيرة، أي في تحقيرهم، شأن مِن الرب -سبحانه وتعالى-, الإله, القوي, العزيز، رب السموات والأرض، {........لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا}[الفرقان:21], عن الحق، العتو والعِتِيّ هو القسوة واللُّبس والصلابة وهذا في الباطل, وفي الاستكبار، وفي التعالي عن أمر الله –تبارك وتعالى-, {وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيرًا}, بطلبهم أنْ يأتي الله -تبارك وتعالى- بَنْفِسِهِ ليخبرهم -سبحانه وتعالى- بما يريد.

 قال -جلَّ وعَلا- : {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ........}[الفرقان:22]، الملائكة الذين تمنوا أنْ يأتوهم؛ ليدعوهم إلى الله, أو ليشهدوا للرسول، يقول الله -تبارك وتعالى- عندما يرون الملائكة : {لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ}, لم تكون رؤية الملائكة يوم فرح وسرور لهم وبشرى لهم, بل {لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ}, لهؤلاء المجرمين, وذلك أنَّ الملائكة ستأتيهم بالعذاب، { يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا}[الفرقان:22], كل المواطن منذ الموت التي يرون فيها الملائكة؛ ستكون وبالا عليه، فعند الموت, قال -جلَّ وعَلا- : {فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ}[محمد:27]، فعند التوفي يضربون وجوهم وأدبارهم, {........ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ}[آل عمران:181], {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}[آل عمران:182] فبداية عند الموت ضرب الوجوه، وضرب الأقفاء من الملائكة, وقال -عز وجل- {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ}[الأنعام:93], في الأرض بغير الحق ، وبما كنتم تفسقون، {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْت........}[الأنعام:93], كل هؤلاء الظالمون الكافرون, والله سماهم بالظالمين؛ لأنهم وضعوا الأمر في غير محله، بدل أنْ يؤمنوا بالله -تبارك وتعالى- جعلوا محل هذا الإيمان هو الكفر، {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْت........}[الأنعام:93], أي ما زالوا ينازعون, تُنْزَعُ أرواحهم مِن أجسادهم، لم تُخْرَج بعد، {وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ}, بالضرب، {أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمُ}, مِن العذاب الذي بدأ الآن يحل بكم، {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ}، عذاب الزلة والمهانة, {........بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ}[الأحقاف:20]، فهذا أول مرأى للملائكة يراه هؤلاء الكفار، ثم بعد ذلك في قبورهم عندما يأتي منكر ونكير، ويقرعهم ملكان, أزرقان, أسودان، يأتيان ويقولان له مَن ربك؟ مادينك؟ ماذا تقول في هذا الرجل؟ فيقول الكافر لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته، فعند ذلك يضربونه على رأسه بمطرقة لو نزلت على جبل لدكته، وينادي منادي أنْ كَذَبَ عبدي؛ فافرشوا له فراشًا مِن النار, وافتحوا له بابًا إلى النار، ويقال له هذا مقامك يوم يبعثك الله، فهذا كذلك مِن رؤية الملائكة، هذا منزل آخر يرون فيه الملائكة، والمنزل الآخر الذي يرون فيه الملائكة عندما يبعثون مِن قبورهم؛ فتقابلهم ملائكة فتقول له أبشر بالسوء والعذاب؛ فيبشرونه بالعذاب عندما يخرج مِن قبره، ثم عندما  تهبط ملائكة كل سماء وتحيط بالناس، وهذا سيأتي بيانه في آخر هذه السورة، ثم بعد ذلك الملائكة الذين يأتون إليه ويَدُعُّونَهُم دَعًا, ويدزونهم دَزًا إلى النار، {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا}[الطور:13], {هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ}[الطور:14],ثم ملائكة العذاب بعد ذلك الذين يُوَكَّلُونَ بهم وهم زبانية النار، {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ}[المدثر:30]، {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا........}[المدثر:31]، والله يُحَذِّرُ عباده المؤمنين مِن هؤلاء، ملائكة العذاب؛ فيقول : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[التحريم:6]، فالرد على هؤلاء المجرمين يقول لهم : الملائكة الذين أنتم تستعجلون نزولهم، وتقول لماذا لا يأتي الملائكة هم يدعون إلى الله-تبارك وتعالى-؛ فيقول الرب -جلَّ وعَلا- : {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ........}[الفرقان:22], لن تكون بشرى لهم, لهؤلاء المجرمين أنْ يروا الملائكة، بل إنَّ الملائكة منذ أنْ يبدؤا برؤيتهم عند سحب أرواحهم يأتونهم بكل عذاب، فهذا ملك الموت عندما يأتي الكافر فيقول لروحه : (أخرجي أيتها الروح الخبيثة، كانت في الجسد الخبيث)، فتتفرق في جسده وتهرب، فينتزعها كما ينتزع السَّفُّود مِن الصوف المبتل، فبدءًا مِن ملك الموت، ونهاية بمالك خاذزن النار في هذه السلسلة التي يرون فيها الملائكة في مواطن كثيرة، في كل هذه المواطن, { لا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ}, أي هؤلاء المجرمون, {.........وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا}[الفرقان:22], يا ليت بيننا وبينهم سد، الحِجْر هو السد الذي يحجر الأمر، سمي حجرة لأنها محوطة بالجدران، {حِجْرًا مَحْجُورًا}, يا ليت بيننا وبين الملائكة حِجْر, أي حاجز يحجبنا ويبعدنا عنهم، {مَحْجُورًا}, في كل جوانبه فلا يأتي إلينا مَلَك مِن هؤلاء الملائكة, {.........وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا}[الفرقان:22].

 ثم قال -جلَّ وعَلا- : {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا}[الفرقان:23], {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ........}[الفرقان:23], لهؤلاء الكفار مما ظنوه نافعًا لهم، فإنَّ الكفار عملوا أعمال كثيرة ظنوها زلفى وقربى مِن الله -تبارك وتعالى- كان لهم صدقات, وكان لهم بِرّ بالحجاج, السقاية لهم، وإطعامهم للحجيج، وصلاة وصوم، كانوا يصومون يوم عاشوراء، ويُصَلُّونَ ويطوفون بالبيت ويحجون، وقال -تبارك وتعالى- : {وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ}[الأنفال:35]، فأعمالهم مِن العتاقة والخير، وإطعام الفقراء والمساكين، وذبح الهَدْي وإهدائه إلى الكعبة، كل هذه الأعمال التي ظنوها نافعة لهم عند الله -تبارك وتعالى-, الله يقول : {........فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا}[الفرقان:23], الهباء هو هذه الذرات الذي تذروها الرياح مِن بقايا النار، فإنَّ رماد  النار يتحول النار بعد ذلك، تتحول إلى ذرات صغيرة، خشب النار, أو وقود النار يتحول إلى ذرات صغيرة جدًا؛ فإذا جاءت الريح وذرتها تصبح ذرات صغيره عالقة بالهوى، وتنثر في  كل مكان، مِن أين بعد ذلك جمعها؟ لا يستطيع أحد أنْ يجمعها على هذا النحو، {........فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا}[الفرقان:23], أي أنمه لا يملكون شيئًا مِن هذا الذي فعلوه.

 ثم قال -جلَّ وعَلا- : {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا}[الفرقان:24], {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ}, هؤلاء هم أهل الإيمان الذين آمنوا برسول الله, واتبعوا هذا الرسول هم أصحاب الجنة، أصحابها مُلَّاكُهُا، صاحب يأتي بمعني مالك، وصاحب يأتي بمعني مصاحب، مُلَّاكُهَا؛ لأنَّ الله -تبارك وتعالى- يُمَلِّكُهُم إياها وراثة، وراثة أبدية لا ينتقل مُلْكُهُم عنها قَطّ، الله يُمَلِّكُ كل مؤمن مكانه في الجنة مُلْك أبدي خالد، لا يخرج عنه, ولا يفارقه، ولا يباع، ولا يوهب، ولا يموت عنه، وينظر إلى أقصى مُلْكِهِ كما ينظر إلى أقرب مُلْكِهِ، فكل مُلْكُهُ أمامه، ومُلْك مُتَّسِع، أقل أهل الجنة مُلْكًا في الجنة مَن يعطيه الله مِثْلَ الأرض وعشرة أمثالها؛ فهؤلاء أصحاب الجنة, مُلَّاكُهَا، {خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا}, خير في اللغة العربية تأتي هي مِن أفعال التفضيل، لكن التفضيل هنا بمعني أخير، التفضيل هنا ليس بابه؛ فإنَّ الطرف الآخر المفضل عليه ليس فيه شيء مِن هذه الخيرات في الجنة، فإنَّ هؤلاء في النار، وهؤلاء في الجنة، هم ضدان، الذي في النار في عذاب بكل معاني العذاب، لا يوجد أي نوع مِن الراحة، والطمأنينة فيها، والذي في الجنة في كل أنواع السرور والحرور والراحة, وما يشتهيه، وليس فيه أدنى نوع مِن الشرور، {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا........}[الفرقان:24], مستقرهم مكان استقرارهم، مكان إقامتهم الدائم، جنات عدن، استقرار الكافرين في النار، وهم مستقرهم في الجنة، {وَأَحْسَنُ مَقِيلًا}, المقيل هو مكان القيلولة، والقيلولة في وسط النهار ليرتاح، وقد فُهِمَ مِن هذه الآية أنه إذا انتصف نهار يوم القيامة، كان أهل الجنة في الجنة، يوم القيامة هو خمسين ألف سنة، عندما ينتصف هذا اليوم يكون أهل الجنة قد دخلوا الجنة، وأهل النار قد دخلوا النار، {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا}[الفرقان:24], هؤلاء يردون إلى الجنة، وأولئك -نسأل الله تبارك وتعالى ألا يجعلنا معهم- يردون إلى النار.

ثم أخبر -تبارك وتعالى- أيضًا صورة مِن صور نزول رؤية الكفار للملائكة، قال -جلَّ وعَلا- : {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنزِيلًا}[الفرقان:25], {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا}[الفرقان:26], {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ........}[الفرقان:25], هذا يوم القيامة، {تَشَقَّقُ}, تتشقق, {السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ}, الغمام هو ذلك السحاب الذي يغطي قطع مِن الناس؛ فيأتي غمام وهذا الغمام عليه تنزل ملائكة الرب -تبارك وتعالى-, وتتشقق الغمام أي كأن هذا الغمام نازل مِن شقوق في السماء نازل مِن كل جهة، {وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنزِيلًا}, {وَنُزِّلَ}, بالبناء لما لم يُسَمَّ فاعله، هذا أمر الله -تبارك وتعالى-, {الْمَلائِكَةُ}, جمع ملك وهم هؤلاء رسل الله -تبارك وتعالى- الذي خلقهم مِن نار، {تَنزِيلًا}, أي جماعةً تنزيل في إثر جماعة، كما جاء في الحديث أنه ينزل ملائكة السماء الأولى فيحيطون بأهل المحشر، يُبْعَثُ الناس مِن قبوهم على أرض مستوية، ثم تنزل ملائكة السماء الأولى فيقفون صفًا, إما صف مستدير حول هؤلاء, وإما صف مِن الصفوف، ثم ترفع هذه السماء، وينزل ملائكة السماء الثانية، فيكونون صف آخر وهكذا حتى يكتمل نزول الملائكة من السماوات السبع، كما قال-جلَّ وعَلا- : {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا}[الفجر:22], {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى}[الفجر:23], {وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنزِيلًا}[الفرقان:25], نَزَلَ كل ملائكة سماء فوقفوا صفًا مِن الصفوف حول الناس، وهذا يكون بالنسبة للكافر، وقت للرعب والخوف وسواد الوجه عندما يرى أنه قد أحيط به مِن ملائكة الرب على هذا النحو، وأنه لا وَزَر، {كَلَّا لا وَزَرَ}[القيامة:11], {إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ}[القيامة:12], لا يوجد ملجأ, {........مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ}[الشورى:47] لا ملجأ يهرب الإنسان ولا نكير يُنْكِرُ له ويقف معه ضد ما سيحل به مِن العذاب والنكال، {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا}[الفرقان:26], {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ........}[الفرقان:26], {الْمُلْكُ}, كل ما سِوَى الله مُلْكُهُ مِن السموات والأرص، والعرش والكرسي، كل صنوف المخلوقات، الملائكة والجن والانس، هؤلاء خلق الله -تبارك وتعالى- وكلهم ملكه يتصرف فيهم -سبحانه وتعالى-, والمُلْكُ لله -تبارك وتعالى- في الدنيا والآخرة، في كل وقت الله -تبارك وتعالى- هو مالك المُلْك, {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[آل عمران:26], لكنَّ الله -تبارك وتعالى- استخلف بعض عباده في مُلْكِهِ، فالإنسان يملك ماله الذي عنده، هذا يُمَلِّكُهُ الله -تبارك وتعالى- إياه، وقد يستخلف الله -تبارك وتعالى- مَن يشاء على مُلْكِ الناس؛ فيتصرف فيهم فيكون هو مَلِكُهُم ومقدمهم ورئيسهم، {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ........}[آل عمران:26], هذا في الدنيا, لكن في يوم القيامة لا يبقى لأحد مُلْك، حتى هذا المُلْك الظاهري الذي يجعله الله -تبارك وتعالى- خِلْفَة الناس مستخلفين فيه، هذا لا يبقى لأحد، لا يبقى له لا ثوب، ولا حذاء في رجليه، ولا ساعة في يده, ولا مظلة يستظل بها، ولا بيت يأوي إليه، ماله أي شيء، إنكم تحشرون إلى الله -تبارك وتعالى- حفاةً, عراةً غرلا، {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ}[الأنبياء:104], فالناس جميعهم ملوكهم وسوقتهم محشورون إلى الله -تبارك وتعالى- كما ولدتهم أمهاتهم، مثل ما ولدتهم أمهاتهم، الملك، والخادم، كلهم يُحْشَرُونَ على هذا النحو سواسية، لا فرق بين هذا وهذا، كلًا على قدميه، وقدماه حافيتين، فهذا حال الجميع، فهؤلاء الناس تحشر على هذه الصورة، فيبقى هنا المُلْك في ظهوره لكل الخَلْق أنه لله، {الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ.......}[الفرقان:26], عندما يصف الله -تبارك وتعالى- نَفْسَهُ بأنه الرحمن، وأنَّ له المُلْك، ويصف تجليه -سبحانه وتعالى- على عباده وخَلْقِهِ، وهم على هذا النحو، وأنه الرب الرحمن -سبحانه وتعالى-، فيه كذلك بيان أنَّ رحمته وسعت كل شيء -سبحانه وتعالى-, وأنه لا يهلك على الله -تبارك وتعالى- إلا هالك, {........وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا}[الفرقان:26], اليوم هذا الذي يتجلى الرحمن -سبحانه وتعالى- على عباده، وهم على هذا النحو مِن الفقر والعجز والاحتياج إلى الرب, الإله -سبحانه وتعالى-؛ يصبح الكافر هو الخاسر، الكافر الذي كفر بالله -تبارك وتعالى-, وكفر بربه هو الخاسر، ويصبح هذا اليوم أشر يوم عليه، وهو يوم عسير عليه كل العسر، وعندما نقابل هذا بهؤلاء الذين قالوا : {لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرَى رَبَّنَا}، هؤلاء هم الملائكة عندما ينزلون؛ سيكون حالكم أيها المكذبون على هذا الحال.

نقف هنا, وأستغفر الله لي ولكم مِن كل ذنب، وصلى الله وسلم علي عبده ورسوله محمد, سيد الأولين والآخرين.