الحمد لله ربِّ العالمين، الرحمن الرحيم, مالك يوم الدين, والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين, سيدنا ونبينا محمد, وعلى آله وأصحابه, ومَن اهتدى بهديه, وعمل بسنته إلى يوم الدين.
وبعد؛ فيقول الله -تبارك وتعالى- : {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا}[الفرقان:45], {ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا}[الفرقان:46], {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا}[الفرقان:47], {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا}[الفرقان:48], {لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا}[الفرقان:49], {وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا}[الفرقان:50], {وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا}[الفرقان:51], {فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}[الفرقان:52], بعد أنْ ذكر الله -تبارك وتعالى- في الآيات التي سبقت هذا حال هؤلاء الكفار, المعاندين، وفرحهم واستمساكهم بما هم عليه مِن الشرك والكفر، والتمسك بهذه الأصنام، التي لا تنفع ولا تضر، وتحقيرهم شأن النبي, الذي يدعوهم إلى عبادة الله الواحد الذي لا إله إلا هو -سبحانه وتعالى-، بعد هذا بَيَّنَ الله -تبارك وتعالى- صفاته، أنه الرب, الإله, الذي له الحق -سبحانه وتعالى- في أنْ يأمر عباده بما يشاء، والذي يستحق العبادة وحده -جلَّ وعَلا-، قال -جلَّ وعَلا- عن هؤلاء الكفار : {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا}[الفرقان:43], {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا}[الفرقان:44], وذلك بعد قول الله -تبارك وتعالى- : {وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا}[الفرقان:41], {إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا}[الفرقان:42], انظر ما قاله, {إِنْ كَادَ}, هذه جريمة النبي عندهم، {إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا}[الفرقان:42] أي الهه هذه التي تزعمون بأنكم كنتم عن الحق، وأرادا النبي أنْ يزيحكم عنها، وأنكم صبرتم عليها, صبرهم على هذا، وتمسكهم لهذا الأمر واستعدادهم لأنْ يقاتلوا مَن يحول بينهم وبين هذه الآلهة الباطلة، قال -جلَّ وعَلا- : {وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا}[الفرقان:42], ثم بَيَّنَ عمى هؤلاء, {أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ........}[الفرقان:43], ما يهونه يتخذونه إله يعظمونه, {........أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا}[الفرقان:43], {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا}[الفرقان:44].
ثم شرع الله -تبارك وتعالى- يُبَيِّن صفاته -سبحانه وتعالى- وأعماله العظيمة، التي لا يقدر عليها إلا هو -سبحانه وتعالى-؛ فقال -جلَّ وعَلا- : {أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا}[الفرقان:45], هذه مِن رحماته العظيمة -سبحانه وتعالى- أنه مد الظل على هذه الأرض، الظل على هذه الأرض فالليل ظل، وكذلك بداية النهار قبل أنْ تشرق الشمس هذا ظل، مده الله -تبارك وتعالى- وفي هذا الظل الذي هو غير ضوء الشمس، هذا رحمة مِن الله -تبارك وتعالى- بعباده،{أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ........}[الفرقان:45], قال -جلَّ وعَلا- : {وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا}, أي مستديمًا لكن لله -تبارك وتعالى- حكمة ورحمة في أنْ يجعل شمس وظل، قال : {........ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا}[الفرقان:45], جعلنا الشمس على الظل دليل؛ لأنه لولا وجود الشمس لما عُرِفَ رحمة الله -تبارك وتعالى- بالظل، والشمس وإشراقها على هذه الأرض لها كذلك المنافع العظيمة، في الضوء والحرارة وغير ذلك, فلو شاء الله –تبارك وتعالى- لجعل ظلًا دائمًا على هذه الأرض، لا يأتيها الشمس تموت، ولكن أنْ يأتي الظل ويأتي الشمس؛ فهذا مِن رحمة الله -تبارك وتعالى-, {........ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا}[الفرقان:45], وجود الشمس دليل على وجود الظل؛ لأنه عند ذلك يتميز الإنسان يعرف أين كان, ما عرفنا الظل إلا بوجود الشمس.
{ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا}[الفرقان:46], {قَبَضْنَاهُ}, جعلنا الشمس ينقبض, {........إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا}[الفرقان:46], وذلك عندما تعلوا الشمس شيئًا فشيئًا؛ فإنه يبدأ الظل يرجع، يرجع إلى مركزه شيئًا فشيئًا، ثم بعد ذلك يمتد بعد ذلك في المساء, {ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا}[الفرقان:46], {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا........}[الفرقان:47]، هذا مِن رحمته -سبحانه وتعالى- أنه جعل لكم الليل لباسًا، {لِبَاسًا}, غطاء، هذا الليل يلبسه الدنيا فيكون هذا الوقت للراحة، لأنَّ بسدول، بنزول الليل وسدوله على هذا النحو فيغطي الأشياء فيجعلها مهيئة للسكون، {وَالنَّوْمَ سُبَاتًا}, نوم الخلائق سبات، السبات هو السكون منه السبت وهو يوم السكون، ويوم الراحة، {وَالنَّوْمَ سُبَاتًا}, سكون للناس؛ حتى يرتاحوا وتتجدد بعد ذلك خلاياهم ونشاطهم؛ للقيام بعد ذلك بهمة ونشاط ليزاولوا حياتهم, {........وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا}[الفرقان:47], جعل الله -تبارك وتعالى-, صير النهار نشورا، النشور حياة، النشر بعد هذا الموت بالنوم إعادة الحياة مرة ثانية باليقظة، {........وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا}[الفرقان:47], وهذا الأمر أي الظل والشمس, الليل والنهار تداول هذا على الإنسان لابد منه، رحمة مِن الله -تبارك وتعالى-, حاجة المخلوقات إلى النوم لما فيه مِن الثبات والراحة، وحالتها إلى النهار لتقوم وتنشط وتعمل, وهذا بالمقارنة مع الآلهة الباطلة التي تعبد مِن دون الله -تبارك وتعالى-، ماذا تملك هذه الآلهة الباطلة التي تعبد مِن دون ما لله مِن هذا فعل، ومِن هذا الخلق، هذا مِن صنيع الرب -تبارك وتعالى-, لا يملكون شيئًا، هل يملكون أنْ يأتوا بليل، أنْ يأتوا بنهار، أنْ بدأوا الليل والنهار على الناس، على هذا النحو، أنْ يرتبوا حياة المخلوقات على هذا النحو، الذي أقامه الله -تبارك وتعالى-, لا يملكون شيئًا مِن كل ذلك، {وَهُوَ}, الله -سبحانه وتعالى- ليس غيره وليس هذه الآلهة، {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ........}[الفرقان:48]، {هُوَ}, الله -سبحانه وتعالى- وليس غيره، {أَرْسَلَ الرِّيَاحَ}, إرسالها للتسيير, {بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ}, مبشرًا، هذه رياح المطر، فإنَّ رياح المطر قبل أنْ يأتي مطر كانون يعرفون مجيء المطر بشم هذه الريح, ومعرفة ما تحمله مِن الرطوبة، ومِن بداية الماء؛ فيقولون هذه ريح المطر، سيأتي بعد هذا السحاب المحمل بالمطر, فتكون بشارة، فيكون مجيء الريح، هبوب الريح الأول التي تسبق المطر، وأنَّ السحاب في إثرها, والمطر قادم؛ يكون هذه بشارة لِمَن تَهُبُّ عليهم مَن تهب عليهم هذه الريح، {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ........}[الفرقان:48]، بالمطر قبل أنْ يأتي المطر، فتأتي هذه الرياح مبشرات، كما قال الله -عز وجل- : {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ........}[الفرقان:48]، أي بقرب المطر، وليذيقكم مِن رحمته, ثم قال -جلَّ وعَلا- : {........وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا}[الفرقان:48], فعله -عزَّ وجل- {وَأَنزَلْنَا}, الله -تبارك وتعالى-, {مِنَ السَّمَاءِ}, مِن العلو، وهي المنطقة التي فيها سحاب، {مَاءً طَهُورًا}, ماء طهور، يطهر الأشياء غاسل، وطهور لكل شيء، طهور لهذه الأجواء التي يتنفسها الإنسان، يسقط المطر كل ما على هذه مِن هذه الأرض مِن دخانها وقاذوراتها وغبارها، فيطهر هذا أول شيء, يغسل هذا الهواء يتنفسه الإنسان, ثم تغسل مع الأرض، تغسل مع الأرض أشجارها، نباتها، ما عليها تغسل نَفْس الأرض؛ فطهور لمن على الأرض، ثم الماء نفسه بعد ذلك يتطهر به الإنسان، يغسل به كل أدرانه وقاذوراته, أمر عظيم جدًا، انظر فعل الرب في إنزال الماء مِن السماء على هذا النحو؛ لينزل فيغسل كل ما دونه فيطهره، {........وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا}[الفرقان:48], أي مطهر للأشياء, {لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا........}[الفرقان:49]، أنزله الله -تبارك وتعالى- هذا الماء طهور, ثم ليحيى الله -تبارك وتعالى- {بَلْدَةً مَيْتًا}، {بَلْدَةً}, الأرض, {مَيْتًا}، تكون ميتة, الأرض ميتة بأنه لا نبت فيها، مِن الجفاف والحرارة، فإذا نزل عليها هذا الماء, {........اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ}[الحج:5], {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[فصلت:39], {لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا........}[الفرقان:49]، بالنبات, {........وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا}[الفرقان:49]، وكذلك يسقيه الله -تبارك وتعالى- يقول : {مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا}, والأنعام عليها حياتنا، فمنها اللحم الذي نأكله، ومنها اللبن, ومنها الجلود ومنابعها, ومنها الصوف والوبر والشَّعْرُ، فهي منافع لها، لتحيا هذه الأنعام بهذا الماء الذي ينزله الله -تبارك وتعالى- مِن السماء، {........وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا}[الفرقان:49]، يسقيهم الله تبارك وتعالى- فيحيون على هذا الماء.
ثم قال -جلَّ وعَلا- : {وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا........}[الفرقان:50], {وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ}, تصريفه تنويعه وتوزيعه، أي وزع الله -تبارك وتعالى- المطر على ظهر هذه الأرض، ليذكروا بينهم, وهذا التصريف كذلك فيه حكم عظيمة لله -تبارك وتعالى-, أماكن تنزل عليها مطر دائم حتى تجرى الأنهار، وتجرى إلى أماكن قاحلة صحراوية فتحيا، وأماكن ينزل عليها مطر في مواسم، وتقوم على هذه المواسم أنواع مِن الزراعات ينتفع بها هؤلاء، وتنقل إلى آخرين، ومواسم ثانية، وهذا مطر شتوي، وهذا صيفي، وهذا موسمي، وهنا مياه قليلة، وهنا مياه كثيرة، أمطار كثيرة هنا, وقليلة هنا, كذلك هذا الأمر نوع مِن التبصر والتصريف، وأنَّ فاعل هذا إنما هو الإله -سبحانه وتعالى-, الذي يجعل هذا التنويع والتصريف دليل على اختياره، وعلى رحمته، وعلى عنايته، وعلى ابتلائه لِخَلْقِهِ -سبحانه وتعالى- كذلك بأنْ يشكروه عند النعمة، وأنْ يصبروا عند المحنة، {وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا........}[الفرقان:50], ففي هذا التصريف والتنويع تذكرة عظيمة للناس، أولا لبيان قدرة الرب -تبارك وتعالى-؛ فإنَّ الذي جعل هذه المياه الهائلة هذه تحمل هذه إلى السماء، ثم تسير في جنبات الأرض، سحب هائلة مُحَمَّلَة بملايين وملايين مِن أطنان الماء يوزعها الله -تبارك وتعالى- هنا ويفرقها هنا وهنا، والحال أنها تتفرق على هذا النحو، لا تزحم للناس طريقًا، ولا تقلع لهم شجرًا، وإنما تظهر في هذه المنطقة العالية، المستوى هذا العالي مِن الأرض، لا يضر الناس, بل ينفعهم نفع عظيم جدًا وهم يرون رحمة الله -تبارك وتعالى- فوق رؤوسهم تسير في جنبات هذه الدنيا، ثم تسقط عليهم لا يسقطها الله -تبارك وتعالى- عليهم دفعة واحدة، وإنما يسقطهم عليهم, {فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ}, حبات المطر وقطراته تنزل عليهم شيئًا فشيئًا، ينزل رزاز، وينزل كثيف، بَحَسِبِه وتذكرة ورحمة عظيمة للعالمين، ونزوله على هذا النحو يجعله الله -تبارك وتعالى- طهور لأمر، طهور للأجواء التي تحته، طهور للتربة، طهور للأشجار، طهور للناس، هذا أمر عظيم جدًا, {وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا........}[الفرقان:50], رحمة الله، قدرته ونعمته، صفاته -سبحانه وتعالى-، لكن قال -جلَّ وعَلا- : {........فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا}[الفرقان:50]، الإباء هو الامتناع، أي امتنع أكثر الناس وأبوا إلا أنْ يكفروا، أي أبوا مِن كل شيء، إلا الكفر, أي لا تذكر، ولا شكر، ولا استحضار نعمة الله -تبارك وتعالى- فقط الكفار، كل ما ملأ قلوبهم، وملأ نفوسهم حول هذه النعمة الكبرى مِن نعم الله -تبارك وتعالى-، نعمة الحياة، المطر هو الحياة، ليس عندهم مِن كل هذا إلا الكفر فقط، موقفهم مِن هذه النعمة, {........فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا}[الفرقان:50]، أبوا كل باب مِن الأبواب إلا أنْ يكفروا، فإما ينسبون هذا لغير الله -تبارك وتعالى-, يجعلون هذا المطر ليس شأن الله -تبارك وتعالى-, ولا هي رحمة -سبحانه وتعالى-, كما في الحديث، حديث الصحيح أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى الفجر بعد ليلة وهو في الحديبية كان فيها مطر؛ فقال للناس بعد صلاة الفجر : «أتدرون ما قال ربكم الليلة؟ قالوا الله ورسوله أعلم»، لا ندري هذا وحي نزل على النبي -صلى الله عليه وسلم- مِن السماء؛ فقال : «قال ربكم أصبح مِن عبادي مؤمن بي وكافر بي»، قل بعد إثر هذا المطر الله يقول مِن عباد الله -تبارك وتعالى- مَن أصبح مؤمنًا بالله، وكافرًا بالله، فأما مَن قال : مُطِرْنَا بفضل الله ورحمته؛ فهو مؤمن بي, كافر بالكوكب، وأما مَن قال : مُطِرْنَا بنوء كذا, ونوء كذا؛ فهو كافر بي, مؤمن بالكوكب، فهذا أول عمل مَن يكفر بالله -تبارك وتعالى- حيال هذا الأمر العظيم المطر، فإنه ينسبه إلى غير الله -تبارك وتعالى-, ينسبه إلى أنواع، حركة النجوم، أو حركة معينة، وأنه بهذه الحركة هي التي سببت هذا الأمر، فينسى مسبب الأمر -سبحانه وتعالى-, وأنَّ الله -تبارك وتعالى- هذا مسبب مِن الأسباب، إنْ كان هذا مسبب حقيقي؛ فإنَّ الله -تبارك وتعالى- هو الذي سَبَّبَهُ، وأنه هو الذي أتي بهذا المطر -سبحانه وتعالى-؛ فينسب المطر إلى هذا السبب، ويُنْسَى ولا يذكر فعل الرب -تبارك وتعالى -وإرادته واختيار ومشيئته, وأنَّ هذه رحمته -سبحانه وتعالى- إلى عباده، فهذا كافر بالله، فينسبون المطر إلى غير الله -تبارك وتعالى-, ينسبونه إلى هذا الأسباب, ثم لا يرفعون رأسًا بتاتًا بهذا الكفر لأنْ يتذكروا هذه النعمة وما هي عليه، وكيف لو فقدوها, لا يتذكرون أنَّ آلهتهم التي يعبدونها ويشكرونها مِن دون الله -تبارك وتعالى- لا تملك شيء مِن ذلك، لا تملك أنْ تجعل الرياح تذهب، فتسير السحاب، فترفعه إلى هذه الأجواء، فتنشره على جنبات الأرض، فيسقط مطر على هذا النحو بهذا النحو البديع ، لا يتذكرون عندما يعبدوا هذه الآلهة أنَّ هذه الآلهة لا اختيار لها, ولا فعل لها في هذا، وأنَّ هذا فعل الله -تبارك وتعالى-، والحال أنهم لو فعلوا هذا لتوجهوا إلى الرب, الإله وحده -سبحانه وتعالى- بالعبادة ما يعبد سواه، يقول الله : {........فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا}[الفرقان:50]، أبوا أي يا تذكر, أي شكر لله -تبارك وتعالى-, واختاروا فقط أنْ يكفروا بالله -تبارك وتعالى- في مقابل هذه النعمة العظيمة.
ثم قال -جلَّ وعَلا- : {وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا}[الفرقان:51], بعد هذا {وَلَوْ شِئْنَا}, لأردنا أنْ نرسل رسولًا إلى كل قرية مِن قرى العالم هذه لفعلنا، يفعل الله -عز وجل-، ولكن الله -تبارك وتعالى- شاء أنْ يختاروا رسولًا واحدًا فقط لكل قرى العالم، ولكل شعوب الأرض، ولكل أُمَمِهَا, وهو نبيه ورسوله محمد -صلوات الله والسلام عليه-، إذن أمامك يا أيها الرسول حِمْل عظيم، {وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا}[الفرقان:51],ينذرهم, {فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}[الفرقان:52]، {فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ}, هؤلاء الكافرين, الذين يدعون إلى هذا الكفر والجحود والنكران، {وَجَاهِدْهُمْ بِهِ}, بهذا القرآن, {جِهَادًا كَبِيرًا}, فإنَّ الرب -تبارك وتعالى- قد أنزل هذا القرآن نذيرًا للعالمين، نربط هذا بما قاله الله -تبارك وتعالى في أول السورة : {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}[الفرقان:1], يحمد الله تبارك وتعالى- نَفْسَهُ ويُبَيِّنُ عظيم بركته، وعظيم إفضاله على عباده؛ لأنه نَزَّلَ هذا الفرقان، المُبَيِّن هنا للحق والباطل، والذي فرق الله -تبارك وتعالى- بين الحق والباطل، بين الشرك والتوحيد، بين طريقه وبين طريق أعدائه، فهذه بركة الله -تبارك وتعالى- التي عمت، {لِيَكُونَ}, هذا القرآن, {لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}, فالله يقول الله لرسوله أنه لو شاء لأرسل في كل قرية مِن قرى العالم الآن، نذير ينذرهم إليه، لكنَّ الله اختار أنْ يكون هذا النبي, ومعه هذا الكتاب المنزل مِن الله -تبارك وتعالى-، كلام الله -تبارك وتعالى-؛ ليغير به العالم، {فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ........}[الفرقان:52]، جاهدهم بهذا القرآن, {جِهَادًا كَبِيرًا}, هذا القرآن المبارك، الحمد لله -تبارك وتعالى- فإنَّ هذا القرآن قد أدخله الله -تبارك وتعالى- إلى كل قرية، وكل مدينة مِن مُدُنِ العالم، أخذه وقبله وكتب الله لهم السعادة، ورده واحتقره ولم يؤمن به، مَن أراد الله -تبارك وتعالى- له الشقاء، فهو نذير العالمين, كما قال الله -تبارك وتعالى- : {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}[الفرقان:1], وما زال هذا القرآن هو كتاب الله -تبارك وتعالى-, كتاب الله المبارك, الذي ما زال يطرق كل سمع، ويدخل كل قرية، وينفذ إلى كل مدينة يحمله هذا كلام الله -تبارك وتعالى-, هذا كلمة الله -تبارك وتعالى- التي أُرْسِلَتْ إلى النبي محمد -صلوات الله عليه وسلم-؛ ليكون هذا القرآن نذيرًا للعالم، {فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ........}[الفرقان:52]، بهذا القرآن, {جِهَادًا كَبِيرًا}, وإلى أنْ يشاء الله -تبارك وتعالى- برجوع هذا القرآن إليه، القرآن مِن الله بدء وإليه يعود هذا في آخر الزمان، عندما تأتي الملائكة فترفع هذا القرآن مِن الصدور والسطور، ويعود القرآن بعد ذلك، وترفع الكعبة إلى آخر الزمان, ولا يبقى إلا أشرار الخَلْق وعليهم تقوم الساعة، فهذا القرآن نذيرًا للعالمين طيلة هذه المدة، منذ بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى أنْ يشاء الله -تبارك وتعالى- برفع القرآن مِن الأرض، {........وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا}[الفرقان:52].
ثم بعد ذلك فصلٌ جديدٌ مِن بيان آيات الرب -تبارك وتعالى-, وآياته في الخَلْق -جل وعلا-، قال : {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا}[الفرقان:53], انظروا إلى آيات الرب -تبارك وتعالى-، الآيات السابقة بَيَّنَ الله -تبارك وتعالى- فيها الظل والشمس والليل والنهار، والمطر الذي به الحياة، ثم هنا آية في خَلْقِ الدنيا، في خَلْقِ الأرض؛ فقال -جلَّ وعَلا- : {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ........}[الفرقان:53], المرج هو الاختلاط, {الْبَحْرَيْنِ}, عذب ومالح، {هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ}، يلتقى العذب الفرات مع الملح الأجاج، ويختلط بعضهم مع بعض عند مصبات الأنهار، {وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا}، جعل بين العذب الفرات سائغ للشرب والملح الأجاج برزخ، {وَحِجْرًا مَحْجُورًا}, أنْ يعتدى هذا المالح على العذب ولو كان هذا الأمر؛ لفسدت الأرض، وهذا البرزخ, الحاجز جعله الله -تبارك وتعالى- حاجز، إما بعلو هذا ونزول هذا، والحال أنَّ الأرض كرة، ومع هذا الله -تبارك وتعالى- جعل هناك حاجز بين الماء الحلو والماء العذب، وأنه لا يختلطون مع التقائهم، وضرب هذا في هذا، وخلط هذا بهذا، إلا أنه قد جعل حاجزًا وهذا حاجزًا؛ حتى لا يطغى الماء المالح فيدخل في مصبات الأنهار، ويدخل الى الأنهار، وينتشر في الأرض فتفسد حياة الناس، {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا}[الفرقان:53], {حِجْرً}, حاجز, {مَحْجُورًا}, ممنوع، فممنوع على البحر المالح أنْ يطغى على البحر العذب، آية عظيمة مِن آيات الله -تبارك وتعالى- نراها, {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا}[الفرقان:54], {وَهُو}, الله -سبحانه وتعالى-, {الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا}, خَلَقَ الله -تبارك وتعالى- {مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا}، {الْمَاءِ}, قيل هنا هو الماء النُّطَف, خَلَقَ الله -تبارك وتعالى- منه بشر, أي هذا الإنسان سمي الإنسان بشرًا؛ لظهور بشرته وعدم تغطية بالصوف أو الوبر، أو غير ذلك كما الشأن في الأنعام والحيوانات، {بَشَرًا}، هو هذا الإنسان، كما قال الله في آدم : {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ}[ص:71], {فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ}[ص:72], فالله خَلَقَ هذا البشر مِن الماء، هذا الماء المهين، {خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ}[النحل:4], {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا}[الفرقان:54], انظر الماء يخرج منه بشر، ثم يكون منه نسب وصِهْر، نسب إلى الآباء، فالإنسان إلى أبيه, وأبيه جده وكذا, وإلى أمه وكذا، فيصبح هذا منسوب، وهذا فلان هو ابن فلان، ابن فلان، ابن فلان، وهذا الله -تبارك وتعالى- خَلَقَ هذا الكل مِن هذا الماء، لكن انظر بعد ذلك النقلة العظيمة في أنْ يخلق هذا كل إنسان فيجعله نسبًا وصِهرًا، المصاهرة وهي بالزواج هذه المرآه مِن هذه القبيلة، مِن هذا البلد تأتي وتتزوج بهذا، فيصهر بين هذا، ويكون هناك روابط المصاهرة، هذا أخ للزوج، وهذا أخت للزوج، وهذه بنت الزوج، فتصبح هناك في هذه المصاهرة يدخل هناك أنواع مِن القرابة بين تلك الأسرة، وتلك الأسرة التي انصهر بعضها في بعض، ودخل بعضها في بعض، على هذا النحو، انظر أقام الله -تبارك وتعالى- هذه العلاقات مِن وشائج القرابة، القرابة بالنسب, والقرابة بالصِّهْر، وما في هذه القرابة بعد ذلك مِن المودة, ومِن المحبة، ومِن العلاقات، ومِن الأحكام بعد ذلك ، قدرة هائلة، قدرة الرب -تبارك وتعالى-, لا يقدر على هذا إلا الله -سبحانه وتعالى-، أنْ يخلق مِن هذه النطف، يخلق منها هذا الخلق العظيم؛ فيجعل هذه النطفة خُلِقَ منها الإنسان, وهذا الطفل ينسب بعد ذلك إلى أبيه وإلى جده، وإلى وإلى ويُخْلَقُ هذا الطفل فيتم المصاهرة بين قبيلة وقبيلة، وبين أناس وأناس، ويدخل بعضهم في بعض على هذا النحو بروابط وبوشائج، لا يقدر على هذا إلا الرب, الإله, الخالق, الذي لا إله إلا هو -سبحانه وتعالى-؛ فأين الآلهة الباطلة؟ أين ما يعبد مِن دون الله -تبارك وتعالى-؟ أين الملائكة ، أين عيسى؟ أين ما عبده هؤلاء العباد مِن دون الله -تبارك وتعالى-؟ هذا لا يقدر عليه دون الرب -جلَّ وعَلا-، {وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا}, هذا مِقدرته, هذا قدرته وعَظَمَتِهِ -سبحانه وتعالى- أنْ يخلق مِن هذا الشيء هذا الخلَقْ العظيم، ويجعل هناك عواطف التي تكون بعد ذلك، محبة الابن لأمه ، محبة الابن لأبيه، عطفه عليه, أين نشأت هذه الروابط مِن المحبة ومِن الإخوة، ومِن كذا، ومِن الحَمِيَّة ، ومِن ، ومِن، كل هذه العواطف قامت والأساس في الخلَقْ إنما كان بشر, مخلوق مِن الماء، {وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا}.
ثم بعد ذلك جاءت المقارنة بعد ذلك بهذه الآلهة، قال : {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا}[الفرقان:55]، ومع هذا ينسون الخَلْق العظيم لهذا الرب، {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ........}[الفرقان:55]، لا نفع منه, ولا ضر منه، كيف هذا بالنسبة للرب الذي مد الظل, والذي جعل النوم ثباتا، والليل لباسا، والذي خلقنا هذا الخَلْق, الذي أرسل المطر, وزعه على هذه الأرض، وأرسل الرسول بهذا النذارة ، أين ما يعبد مِن دونه، مما لا ينفع ولا يضر مِن الرب الإله -سبحانه وتعالى-, ولكن {........وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا}[الفرقان:55]، الكافر مجرم إنما فقط يقوم بمعادات الرب -تبارك وتعالى-, ويظاهر ويعين مَن يعادي الرب -تبارك وتعالى-.
هذه آية عظيمة نعود إليها -إنْ شاء الله- في الحلقة الآتية، أستغفر الله لي ولكم مِن كل ذنب، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد.