الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله الأمين، سيدنا ونبينا محمد, وعلى آله وأصحابه, ومَن اهتدى بهداه, وعمل بسنته إلى يوم الدين.
وبعد؛ فيقول الله -تبارك وتعالى- : {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ}[الشعراء:105] ,{إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ}[الشعراء:106], {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ}[الشعراء:107], {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ}[الشعراء:108], {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الشعراء:109], {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ}[الشعراء:110], {قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ}[الشعراء:111], {قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الشعراء:112], {إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ}[الشعراء:113], {وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ}[الشعراء:114], {إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ}[الشعراء:115], {قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ}[الشعراء:116], {قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ}[الشعراء:117], {فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[الشعراء:118], {فَأَنجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ}[الشعراء:119], {ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ}[الشعراء:120], {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ}[الشعراء:121], {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}[الشعراء:122], هذه صفحة مِن صفحات الرسالات، نوح -عليه السلام- أول رسول أرسله الله -تبارك وتعالى- إلى أهل الأرض، بدأ الله -تبارك وتعالى- قصته هنا في هذه السورة؛ سورة الشعراء ببيان تكذيب قومه له، قال -جلَّ وعَلا- : {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ}[الشعراء:105], بهذه البداية للقصة، وذلك أنَّ السياق هنا في هذه سورة الشعراء هو بيان أنَّ أكثر الذين أُرْسِلَ إليهم الرسل كذبوهم مع وضوح الحجة وبيانها، وكان هذا تسهيلًا على النبي -صلوات الله والسلام عليه- الذي شق عليه وكبر عليه جدًا تكذيب الناس, وابتعادهم عن الدين القويم الذي أُرْسِلَ به، وقال الله -تبارك وتعالى- في مقدمة هذه السورة : {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}[الشعراء:3], لعلك قاتل نفسك حزنًا وأسفًا وغمًا وهمًا، ألا يكون الذين أُرْسِلْتَ إليهم جميعهم يؤمنون.
ثم أخبره الله -تبارك وتعالى- عن هذه الرسالات, عن إخوانه مِن الرسل الذين أرسلوا، وأنهم مع إتيانهم بالأدلة القوية، بالحجج الباهرة، بالمعجزات الباهرة، فإنهم مع ذلك قد جوبهوا وقوبلوا بالتكذيب والعناد, {........وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ}[الشعراء:103], {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ}[الشعراء:105], إخبارٌ مِن الله -تبارك وتعالى- بأنَّ قوم نوح كذبوا المرسلين، وقال -تبارك وتعالى- : {الْمُرْسَلِينَ}, والله أرسل فيهم نوح فقط، لكن تكذيب نوح تكذيب لكل رسل الله -تبارك وتعالى-؛ فإنَّ هذا الرسول هو فرد مِن أفراد كلهم أصحاب رسالة واحدة، ودعوة واحدة فتكذيب واحد منهم تكذيب للجميع؛ فهم مكذبون لكل رسل الله -تبارك وتعالى- بتكذيبهم رسولهم -صلوات الله والسلام عليه-، {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ}[الشعراء:105], {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ}[الشعراء:106]، اذكر, {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ........}[الشعراء:106], وقول الله -تبارك وتعالى- : {أَخُوهُمْ}, بيان أنه منهم؛ فهو مِن القبيلة، وِمن الأمة, ومِن الشعب يعرفونه بلغته, بمبدئه، يعرفون مخرجه, مدخله، فهو منهم؛ وبالتالي يمكن أنْ يختبروا دعوته، ويعرفوا حقيقة أمره، {إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلا تَتَّقُونَ}[الشعراء:106]، دعوة إلى الإيمان بهذا الأسلوب؛ أسلوب العرض، وليس الفرض، {أَلا}, التي هي عرض, {تَتَّقُونَ}, تتقون العذاب، تتقون عقوبة الرب -تبارك وتعالى-, تخافون ربكم -سبحانه وتعالى- حتى تتقوا عذابه فتؤمنون به -سبحانه وتعالى-, وتستجيبون لأمره, {أَلا تَتَّقُونَ}, {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ}[الشعراء:107], {إِنِّي}, تأكيد لهم, {لَكُمْ رَسُولٌ}, منه -سبحانه وتعالى-, {أَمِينٌ}, صادق، مؤتمن على وحي الله -تبارك وتعالى-, وأمين لكم لا أخونكم، فالأمين لا يخون، لا أخونكم، ولا أغشكم، فأنا ناصح لكم, {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ}[الشعراء:107], {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ}[الشعراء:108], هذه الرسالة، هذا هو مضمون الرسالة، {اتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ}[الشعراء:108], {اتَّقُوا اللَّهَ}, خافوه -سبحانه وتعالى-, اجعلوا وقاية, حماية لكم مِن عذاب الله -تبارك وتعالى-، {وَأَطِيعُونِ}, فأنا رسوله الذي أرسله إليكم، {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ}[الشعراء:109], {مَا أَسْأَلُكُمْ}, على تبليغي لهذه الدعوة، والتي فيها رشدكم وفلاحكم، وفوزكم وأكبر نجاة لكم، تحققون أكبر مطلوب، أكبر مِن كل مطلوبات الدنيا، ولا آخذ عليها أجرًا، لا آخذ منكم أجر على هذا، حتى تظنوا أنَّ لي غرض، أو أنَّ هذا يكون حِمْل يكلفكم فيصدكم عن طاعة الله -تبارك وتعالى-, {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الشعراء:109], أجري في تبليغ هذه الرسالة، وفي تحمل ما أتحمله في سبيلها مِن رب العالمين -سبحانه وتعالى- الذي أرسلني, {رَبِّ الْعَالَمِينَ}, خالقهم وسيدهم -سبحانه وتعالى-, {الْعَالَمِينَ}, كل هذه العَوَالِم, كل ما سِوَى الله عالم، والله -تبارك وتعالى- هو ربها؛ لأنه هو خالق كل شيء -سبحانه وتعالى-, {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ}[الشعراء:108]، تأكيد للأمر، وكذلك إعادة له, لهذا المكث الطويل الذي عاش فيهم يكرر على أسماعهم الدعوة بأنه هذه الرسالة, {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ}[الشعراء:108]، فانظر نحن أمام رسول يدعو قومه دعوةً طاهرةً تَحْمِلُ كل معاني الخير والبر والصلاح بهم, وهو رجلٌ صادقٌ, أمين يعرفونه, أدلتها قائمة أنها رب العالمين هو الذي أرسله, خالق هذا الكون كله، وانظر بعد ذلك الرد السيء مِن هؤلاء العميان المجرمين، {قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ}[الشعراء:111], {أَنُؤْمِنُ}, بالسؤال هنا السؤال بهمزة الاستفهام, {أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ}[الشعراء:111], أي يستنكرون هذا فبدلًا مِن أنْ يناقشوا حجته، وأنْ يعرفوا هدفه ومقصده، قالوا كيف نؤمن لك، نصدقك, {وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ}, أتباعك الذي قد سارعوا إلى الدخول في دينكم، {الأَرْذَلُونَ}, الرذالة هي السفالة وسوء الخلق، ونسبوا أتباع نوح -عليه السلام-، إلى قلة الأدب، وسوء الخلق، والسفول في المجتمع؛ وذلك أنهم رأوا أنهم مِن الفقراء, كما هم في بداية الأمر دائمًا أتباع الرسل يكونون مِن فقراء الناس, وظن هؤلاء المتكبرون المتعجرفون أنَّ كلّ فقير، وكل ذي حاجة مِن طبقات الناس، فإنما الفقر يصاحب سوء الأخلاق، هذا ليس بضرورة مصاحبة الفقر، وكون الإنسان ليس مِن علية القوم، وإنما مِن أسافلهم مِن الخدم، ومِن السوقة أنْ يكون مِن أراذل الناس أخلاقًا، {قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الأَرْذَلُونَ}[الشعراء:111], فقال لهم نوح -عليه السلام- قال : {قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الشعراء:112], لا أعلم حقيقة قلوب الناس، ولا حقيقة أعمالهم إنما لي ظاهرهم، وهؤلاء قد سارعوا ودخلوا في الإيمان, وليس لي أنْ أطردهم, {إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ}[الشعراء:113]، حسابهم بعد ذلك في الآخرة على الله -تبارك وتعالى-, ولا أحسابهم, وليس مطلوب مني أنْ أُفَتِش وأُنَقِّب عن كل مَن دخل في هذا الإيمان، وأرتضي وآخذ مَن يروق لي, ومَن لا يروق لي لا آخذه، لا, إنما أنا رجلٌ مُبَلِّغٌ رسالة الله -تبارك وتعالى-, وكل مَن سارع إليها، وكل مَن دخل فيها؛ فقد دخل في رحمة الله -تبارك وتعالى-, وإنْ كانت له دخيلة، وغير هذا الذي يظهر منه؛ فهذا حسابه عند ربه -سبحانه وتعالى- يوم القيامة، {إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ}[الشعراء:113]، لو تشعرون وتعلمون الحق؛ لعلمتم أنَّ حساب الجميع عند الرب -تبارك وتعالى-, وأنَّ الرسول ليس مِن مهمته أنْ يحاسب الناس، وإنما كل مَن أعلن الإسلام والدخول في الدين، فيجب أنْ يقبله على ظاهره، ولا يفتش في قرارة نَفْسِهِ, {إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ}[الشعراء:113], {وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ}[الشعراء:114], كأنهم طلبوا أنْ يطرد هؤلاء؛ حتى ربما أنهم يدخلوا في دينه، كالشأن تمامًا الذي صنعه كفار قريش مع النبي -صلوات الله والسلام عليه- ؛فقال له اطرد هؤلاء لا يشترهون علينا، إذا أردت أنْ نجلس لك, وأنْ نسمع منك؛ فاطرد هؤلاء عنك فقراء المسلمين، فقراء الصحابة الذين سارعوا بالإيمان للنبي -صلوات الله والسلام عليه- في مكة؛ فقال الله -تبارك وتعالى- لرسوله -صلى الله عليه وسلم- : {وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ}[الأنعام:52], وأمره ربه بعد ذلك أنْ يصبر معهم؛ فقال : {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا}[الكهف:28], فنوح قال لقومه : {وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ}[الشعراء:114], {إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ}[الشعراء:115], {إِنْ أَنَا}, في حقيقة الأمر رسول, {إِلَّا نَذِيرٌ}, أُخَوِّفُ، أحمل النذارة، النذارة مِن الله-تبارك وتعالى-، والنذارة هي الإخبار بما يخيف، {إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ}[الشعراء:115], بَيِّن, واضح، هذا الذي أرسلني الله -تبارك وتعالى- فيه، فأنا نذيرً لكم أخوف لكم مِن عقوبة الله -تبارك وتعالى-, انظر لم يناقشوا الأمر, وعند ذلك قفلوا الباب على أنفسهم؛ فقالوا : {قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ}[الشعراء:116], فقدوا الحجة، فقدوا منطق يقابلون به هذه الدعوة الصريحة, الواضحة للإيمان، فلجأوا إلى بطشهم، وإلى عنادهم وكبرهم وجبروتهم, ورأوا أنهم أكبر وأعلى وأقوى مِن نوح ومَن معه، فهددوه بالرجم أسوء أنواع القتل، {قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا نُوحُ........}[الشعراء:116], أي عن دعوتنا، وإظهار هذا الذي تدعو إليه, {لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ}, {لَتَكُونَنَّ}, بالتأكيد, {مِنَ الْمَرْجُومِينَ}, نرجمك, أي نضربك بالحجارة حتى الموت, اشتكى نوح بعد ذلك بعد أنْ قُفِلَ الباب في وجهه على هذا النحو, وعاند قوم على هذا النحو؛ فلجأ إلى الله -تبارك وتعالى-, {قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ}[الشعراء:117], {رَبِّ}, يا ربي, دعا الله -تبارك وتعالى- واصفًا الله -تبارك وتعالى- باسم الرب؛ فهو الرب السيد، الحاكم -سبحانه وتعالى-, الحَكَم, {قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ}[الشعراء:117], {إِنَّ قَوْمِي}, الذي أرسلتني إليهم, {كَذَّبُونِ}, كذبوني، اتهموه بالكذب, وقالوا له هذه المقالة، {فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[الشعراء:118]، {فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا........}[الشعراء:118]، الفتح الحُكْم، كما في قول الله -تبارك وتعالى- : {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ}, {تَسْتَفْتِحُوا}, تطلبوا الحُكْم مِن الله -تبارك وتعالى- فيما بينكم وبين النبي فقد جاءكم فتح، {فَافْتَحْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحًا}، احكم بيني وبينهم بحكمك، {وَنَجِّنِي وَمَنْ مَعِيَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[الشعراء:118], طلب نجاته، وطلب نجاة الذين آمنوا معه مِن المؤمنين، مِن العقوبة الإلهية التي ستحيق وتنزل بهؤلاء الكافرين المعاندين الذين ردوا رسالة الله -تبارك وتعالى-, وهددوا رسوله على هذا النحو، بأنه إنْ لم ينتهِ عما يقول فإنهم سيرجمونه.
قال -جلَّ وعَلا- : {فَأَنجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ}[الشعراء:119], {فَأَنجَيْنَاهُ}, الرب -تبارك وتعالى-, {وَمَنْ مَعَهُ}, أي مِن المؤمنين, {فِي الْفُلْكِ}, السفينة, {الْمَشْحُونِ}, بصنوف الطير والحيوان, كل ذي روح؛ لأنَّ الله -تبارك وتعالى- أمره أنْ يأخذ مِن كل زوجين، مِن كل دواب هذا الأرض أنْ يأخذ منها زوجين ذكر وأنثى، وذلك أنَّ الله -تبارك وتعالى- قد أَذِنَ بإغراق الأرض بَمَن فيها، بإهلاك هؤلاء المجرمين كلهم بِمَن فيهم، وإهلاك الأرض كلها، وإنجاء نوح ومَن معه مِن المؤمنين فقط، وتبقى هذه بذور الخلائق كلها، مجموع هنا ذكر وأنثى, ذكر وأنثى مِن كل زوجين اثنين؛ حتى تقام حياة جديدة على أرض نظيفة بعد أنْ يطهرها الله -تبارك وتعالى- مِن هؤلاء الكفار.
قال له الله -تبارك وتعالى- : {اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا فَإِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ مِنْهُمْ وَلا تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ}[المؤمنون:27], {فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}[المؤمنون:28], {وَقُلْ رَبِّ أَنزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ}[المؤمنون:29], استوت السفينة بعد ذلك، ونزلت على منزل مبارك، ونشأت حياة أخرى بالإيمان, وأهلك الله -تبارك وتعالى- هذه الموجة العاتية مِن هؤلاء الكفار، وطوى الله -تبارك وتعالى- صفحتهم؛ وذلك أنَّ الله -تبارك وتعالى- قد كتب هذا، قال : {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}[الأنبياء:105], {إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ}[الأنبياء:106]، سيرث الأرض الأقوام الصالحة، يهلك الله -تبارك وتعالى- الظالمين، ثم يلقي الله -تبارك وتعالى- أهل الإيمان.
قال الله -تبارك وتعالى- في ختام هذه الصفحة مِن صفحات الرسالات, قال -جلَّ وعَلا- : {ثُمَّ أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ}[الشعراء:120], {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ}[الشعراء:121], {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}[الشعراء:122], هذه اللازمة التي يذكرها الله -تبارك وتعالى- بعد كل قوم مِن هؤلاء الأقوام، بعد كل رسالة مِن هذه الرسالات، بعد أنْ أغرق الباقين كلهم، بعد إنجاء لله -تبارك وتعالى- الفئة المؤمنة في السفينة، قال : {فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ}[العنكبوت:15]، أغرق الله الباقين, كل الباقين على الأرض، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً........}[الشعراء:121], {فِي ذَلِكَ}, هذا الذي قَصَّهُ الله -تبارك وتعالى- آية دلالة واضحة على أنَّ الله -تبارك وتعالى- هو العزيز الرحيم، وأنَّ كل رسول قد جوبه بالتكذيب، وأنَّ أكثر الذين كذبوا به كانوا أكثر كثيرًا مِن الذين آمنوا به؛ فإنَّ نوح لم يؤمنوا معه إلا قليل، كما قال الله -تبارك وتعالى- : {........وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ}[هود:40], {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ........}[الشعراء:121], أكثر هؤلاء الذين أُرْسِلَ إليهم نوح, {مُؤْمِنِينَ}, {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ........}[الشعراء:122], الغالب -سبحانه وتعالى- الذي لا يغلبه أحد, {الرَّحِيمُ}.
بعد هذه الصفحة نشر الله -تبارك وتعالى- إلى صفحة جديدة مِن صفحات الرسالات؛ فقال -جلَّ وعَلا- : {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ}[الشعراء:123]، نفس التقديم أول الافتتاح لكل صفحة, إعلان مِن الله -تبارك وتعالى- بأنَّ عاد كذبت المرسلين، عاد قبيلة عربية كانت تسكن في هذه الجزيرة، في جنوب الجزيرة في الأقحاف، {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ........}[الأحقاف:21], صحراء الأحقاف, وهي صحراء معروفة في آخر الجزيرة، في أماكن الربع الخالي ومَا حولها, {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ}[الشعراء:123], قال الله -تبارك وتعالى- : {الْمُرْسَلِينَ}, وإنْ كان الذي أُرْسِلَ إليهم هو أخوهم هود -عليه السلام-، لكن تكذيبه هود تكذيب لكل المرسلين، تكذيب لكل الرسل الذي أرسلهم الله -تبارك وتعالى- فإنَّ دعوة الرسل واحدة, {إِذْ قَالَ لَهُ مْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ}[الشعراء:124], {قَالَ لَهُ مْ أَخُوهُمْ}, ابن قبيلتهم هذا منهم, {أَلا تَتَّقُونَ}، ألا تخافون الله -تبارك وتعالى- وتتقونه, {إِذْ قَالَ لَهُ مْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ}[الشعراء:124], {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ}[الشعراء:125], إخبار لهم، تعريف بَنَفْسِهِ أنا رسول أمين، أمين صادق مؤتمن، لا أغشكم، بل أنا ناصح لكم، {إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ}[الشعراء:125]، {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ}[الشعراء:126], خلاصة الرسالة، خافوا الله -تبارك وتعالى- وأطيعوني أنا رسول الله, {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ........}[الشعراء:127], لا أسألكم على تبليغي لهذه الدعوة، وقيامي بها، وتعليمكم لها أي أجر على ذلك، فأجري على الله -سبحانه وتعالى-, والله -تبارك وتعالى- قد جعل الرسل على هذا النحو؛ حتى لا يُشَكّ في نياتهم, وفي إخلاصهم فيقال أنهم ما دعوا بهذه الدعوة إلا يريدون مِن الناس منفعة مادية، مال، أو جاه، أو سلطان، {وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ........}[الشعراء:127], أي أجر, سواء كان هذا الأجر في صورة نقد، أو في صورة منفعة مِن المنافع, أي أجر ما سألتكم، {........إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الشعراء:127]، أجري على تبليغ هذه الرسالة، وحَمْلِي ما أحمله في سبيلها على رب العالمين، الذي أرسلني -سبحانه وتعالى-.
ثم قال لهم : {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ}[الشعراء:128], سؤال كذلك للإنكار، {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ}, الريع هو شق الجبل، {آيَةً}, آيَة في البناء، {تَعْبَثُونَ}, كان مِن سفاهتهم أنهم يبنون للبناء، أي يبني الإنسان ليسكن، لينتفع بهذا البناء، أم أنْ يبني آية فخمة في البناء لمجرد البناء، ولمجرد كأنه الفن للفن، ففن البناء لمجرد البناء، ولمجرد إظهار مقدرتهم وعلوهم وحزقهم, {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ}[الشعراء:128], عبث ضياع وقت، وضياع عمر، وضياع مال، {وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ}[الشعراء:129], {وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ}, أي لصناعتكم كأنكم مخلدون في هذه الدنيا، تعملون ليس لأعماركم، وإنما لأعمار, لأجيال أخرى قادمة، فكأن عيشكم ليس لأنفسكم، وإنما كأنكم ستخلدون في الدنيا خلودًا لا ينقطع، أي اعملوا فقط لمقدار هذه الحياة الذي تعيشونها, ولا تبنوا وتعملوا هذه مصانع لِتُصَنِّعُوا لأجيال أجيال، ليس لأجيالكم, بل تظنون هذا مخلدكم وأنكم باقون في هذه الدنيا بقاءً لا ينقطع، {وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ}[الشعراء:129], {وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ}[الشعراء:130]، أنكر عليهم مِن جملة ما أنكر كذلك أنهم إذا غلبوا عدوًا لهم بطشوا به بطش أهل الجبروت والقوة، أذلوهم إذلال؛ وذلك بأن أنها كانت قبيلة قوية في بناء أجسامها، كما قال -جلَّ وعَلا- : {إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ}[الفجر:7] ,{الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ}[الفجر:8], كانوا عمالقة وأهل قوة, وأهل شدة، وأهل ضراوة، وكانوا إذا غلبوا غيرهم أذلوهم غاية الإذلال، {وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ}[الشعراء:130], {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ}[الشعراء:131], خافوا الله -تبارك وتعالى-, وأطيعوني أنا رسول الله -تبارك وتعالى- إليه، {وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ}[الشعراء:132], {اتَّقُوا}, خافوا الله -تبارك وتعالى-, {........الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ}[الشعراء:132], مِن الخيرات، وقوله : {بِمَا تَعْلَمُونَ}, يدخل في علمكم من هذه الخيرات العظيمة التي أمدكم بها.
ثم قال : {أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ}[الشعراء:133], {أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ}, مِن الإبل والبقر والغنم بشقيها، {وَبَنِينَ}, بنين ذكور، هذه الذكور يقومون بالكسب والعمل؛ ولذلك هو أحب إلى أبويه مِن الأنثى التي تكون غالبًا عالة في كل أوقاتها، {أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ}[الشعراء:133], {وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ}[الشعراء:134]، {جَنَّات}, بساتين، {وَعُيُونٍ}, ماء تجرى، فالله -تبارك وتعالى- هيئه لكم هذه حياتكم على هذا النحو فأمدكم بهذه النعم العظيمة، انظر كيف بين لهم تصرفاتهم السيئة في عبادتهم غير الله -تبارك وتعالى-, وفي عبثهم بالأموال، وعبثهم بالبناء، وبناءهم بالحياة كأنهم مخلدون فيها، ثم ذكرهم بنعم الله -تبارك وتعالى- في ما خلقه لهم مِن الأنعام، وما رزقهم بالبنين، وما أعطاهم مِن الجنات والعيون، ثم قال : {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}[الشعراء:135], في يوم القيامة, انظر هذه الموعظة البليغة، والدعوة الناصعة, الواضحة، والبيان العظيم، وانظر ماذا قابلوه به، {قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ}[الشعراء:136], {سَوَاءٌ عَلَيْنَا}, أي لا نتبعك، أوعظتنا، وعظ بما بَيَّنْتَ لنا مِن هنا، وحذرتنا مِن العقوبة الإلهية في الآخرة، وبينت فساد ما نعمله, وزجرتنا عنه، كل هذا معنى الموعظة، أي إذا وعظت بهذه المواعظ، {........أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ}[الشعراء:136], فهذا بالنسبة للناس واقع، تقول أو لا تقول، {إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الأَوَّلِينَ}[الشعراء:137], {إِنْ هَذَا}, الذي نحن عليه, {إِلَّا خُلُقُ الأَوَّلِينَ}, أخلاق أباءنا وأسلافنا الأولين، ونحن نسير على سيرتهم ومنهجهم، {وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ}[الشعراء:138]، ليس هناك يوم قيامة نوقف فيه، ونحاسب فيه، ونُسْأَلُ فيه، ونُعَذَّب فيه، {وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ}[الشعراء:138]، ليس هناك مَن يعذبنا، هذا أكبر صور التكذيب، قال -جلَّ وعَلا- : {فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ}، كذبوا رسولهم هذا التكذيب, وردوا مقالته هذا الرد, قال -جلَّ وعَلا- : {فَأَهْلَكْنَاهُمْ}، هنا طوى الله -تبارك وتعالى- صفحتهم بهذه الكلمة : {فَأَهْلَكْنَاهُمْ}، وقد فَصَّلَ الله -تبارك وتعالى- إهلاكهم في آيات أخرى في القرآن، قال : {........إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ}[الذاريات:41], أرسل الله -تبارك وتعالى- الريح العقيم تسفي عليهم, {........سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ}[الحاقة:7], فهؤلاء المتجبرون في الأرض الذين يقولون مَن أشد منا قوة، يروا أنهم أشد الناس قوة، وأنه لا مجال لقلعهم مِن هذه الأرض، قَلَعَهُم الله -تبارك وتعالى- فيها بريح، جعلها تسفي عليهم حتى جففتهم وأسقطتهم، وكانت تدخل على كل إنسان في قعر داره، ولو كان في وسط جبل تدخل إليه، قال -جلَّ وعَلا- : {فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً}, {إِنَّ فِي ذَلِكَ}, الذي ذكره الله -تبارك وتعالى- مِن إهلاك هذه الأُمَّة العظيمة، والقبيلة العظيمة، عاد قوم هود، آية, ثم قال -جلَّ وعَلا- : {........وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ}[الشعراء:139], أي ليس أكثر الذين أرسل فيهم هود -عليه السلام- مؤمنين، {........وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ}[الشعراء:139], {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ........}[الشعراء:140], الغالب -سبحانه وتعالى-, {الرَّحِيمُ}, بعباده المؤمنين, نفس الخاتمة التي يختم الله -تبارك وتعالى- بها كل صفحة مِن صفحات هذه الرسالة في هذه السورة، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ}[الشعراء:139], {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}[الشعراء:140].
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، والحمد لله رب العالمين.