الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 . 22 نوفمبر 2024

الحلقة (462) - سورة النمل 79-87

{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة:2]، {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[الفاتحة:3]، {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة:4]، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن إهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}[النمل:76]، {وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}[النمل:77]، {إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ}[النمل:78]، {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ}[النمل:79]، {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ}[النمل:80]، {وَمَا أَنْتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ}[النمل:81]، {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ}[النمل:82]، يبين -سبحانه وتعالى- أن هذا القرآن المنزل على عبده ورسوله محمد -صلوات الله والسلام عليه- يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون، وهذا من أدلة صدق النبي -صلوات الله والسلام عليه- وبيان أن هذا القرآن من عند الله -تبارك وتعالى-، فإن رسول الله -صل الله عليه وسلم- نشأ رجل أمي، لم يكن عنده أي علم بالرسالات السابقة، فكونه يأتي بكتاب يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون، يعلم الأمور الدقيقة عن بني إسرائيل ويحكيها ويفصل بينها، ويأتي هذا القرآن مهيمن على هذه الكتب والباطل الذي إبتدعوه وغيروه وبدلوه، هذا لا شك دليل مضاف إلى أدلة صدق النبي محمد -صلوات الله والسلام عليه-.

وإنه؛ أي هذا القرآن، {........ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}[النمل:77]، فهذا كذلك القرآن المنزل على عبد الله ورسوله محمد -صلوات الله والسلام عليه-، أنزله الله -تبارك وتعالى- هداية؛ هداية توفيق، ورحمة لعباد الله –تبارك وتعالى- المؤمنين فإن الله يهديهم بهذا القرآن، يرشد قلوبهم، يجعلها مستجيبة لأمر الله -تبارك وتعالى-، {ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}[البقرة:2]، هدى خاص ورحمة وذلك أن الله -تبارك وتعالى- خاطب عباده هنا خطاب؛ بالنسبة للمؤمنين خطاب بيان وخطاب رحمة وخطاب حث وخطاب موعظة، ولا شك أن المؤمن يستجيب قلبه لكلام الله –تبارك وتعالى- ويؤمن به ويعمل بمقتضاه، هذا من توفيق الله -تبارك وتعالى-، وانظر بركة القرآن في هذه الأجيال التي آمنت بالنبي -صلوات الله والسلام عليه-، وتبعها جيل بعد جيل ممن هداهم الله -تبارك وتعالى- بهذا القرآن، هذا دليل كذلك على أن هذا الكتاب؛ كتاب الله -تبارك وتعالى- المنزل من عنده -جل وعلا-، {وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}[النمل:77].

ثم قال -جل وعلا- {إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ ........}[النمل:78]، بين هؤلاء جميعًا، وربك يا محمد يقضي بينهم؛ بين الجميع، بحكمه؛ الذي لا حكم غير حكمه -سبحانه وتعالى-، فحكم الله النافذ في عباده -سبحانه وتعالى- ولا معقب لحكم الله -تبارك وتعالى- ولا مبدل له ولا مانع له -سبحانه وتعالى-، وهو العزيز؛ الغالب الذي لا يغلبه أحد، العليم؛ بكل شئون خلقه -سبحانه وتعالى-، فعندما يحاسبهم ويحكم فيهم فيحكم فيهم بعلمه -سبحانه وتعالى- الذي وسع كل شيء، {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}، في قيامك بهذا الأمر وفي دعوتك إلى الله -تبارك وتعالى-، هذه الآيات نزلت على النبي -صلوات الله والسلام عليه- وهو بمكة، حال الضعف وحال علو الكفار في الأرض ورؤيتهم أن النبي لن يمر وأن دينه ودعوته إلى ذهاب، فيكون هذا كلام الله -تبارك وتعالى- هذا المنزل على النبي في هذا الوقت تثبيت له -صل الله عليه وسلم-، وبيان أنه إنما هو آتٍ بهذه الرسالة من الله ملك السماوات والأرض -سبحانه وتعالى-، رب السماوات والأرض، رب الخلق الذي ينفذ حكمه في الجميع، {فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ}، سلم أمورك لله وأعلم أن الأمر أمره -سبحانه وتعالى-، {........ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ}[النمل:79]، تأكيد منه -سبحانه وتعالى-، إنك؛ للنبي خطاب للنبي -صل الله عليه وسلم-، على الحق المبين؛ البيِّن الواضح، الحق هو الثابت، فدينك هو الحق من الله -تبارك وتعالى-، المبين؛ البيِّن لكل أحد، لكن {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}، يعني كون هؤلاء لا يسمعون لأنهم موتى؛ ماتت قلوبهم، وبالتالي حواسهم التي بعد هذه القلوب لا يستفيدون بها، ما يستفيد قلب ميت أقفله الله -تبارك وتعالى- وأغلقه وأماته، لم يحيه بهذا الدين، ويصبح بعد ذلك الكلام؛ كلام الحق المنزل من الله -تبارك وتعالى- كأنه يصيح في ميت، العين لا يستفيد بها، الأذن لا يستفيد بها، يسمع الكلام ولا يفيده السمع، {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ ........}[الأعراف:179].

فهؤلاء موتى فيقول الله -تبارك وتعالى- ...، قال له لن يسمعوا منك {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ}[النمل:80]، أصم وفار، جمعوا بين الصمم وبين الفرار من الحق؛ من سماع القرآن، فكيف تسمعهم؟ {وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ}، الصم؛ الذين فقدوا حاسة السمع، الدعاء؛ عندما تدعوهم تعالوا، هلموا، أيها الناس، هذا الدين، هذا الفلاح، تعالوا قولوا لا إله إلا الله تفلحوا، دعوة النبي -صل الله عليه وسلم- لهم ولكنهم قد صموا آذانهم عنها، وولوا مدبرين في الجانب الأخر وزينت لهم أعمالهم الشريرة وكفرهم وباطلهم وما كان عليه آباؤهم وأجدادهم، فأنى لهؤلاء أن يسمعوا! فقول الله -تبارك وتعالى- هذا كله تثبيت للنبي وبيان أن الدين الذي عليه هو الحق وهو من الله -سبحانه وتعالى- والله هو الذي سينفذ أمره وحكمه، وأما هؤلاء موتى لا يسمعون؛ فارون من الحق، {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ}[النمل:80].

{وَمَا أَنْتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ}، العمي جمع أعمى، كيف تهديه وهو في هذه الضلالة؟ ما تستطيع هدايته مادام هو ضال على هذا النحو، {........ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ}[النمل:81]، هؤلاء الذين يسمعون منك، إن تسمع؛ بالحصر، إلا من يؤمن بآياتنا؛ من يصدقها، من يصدق بأن هذه آيات الله -تبارك وتعالى- وأدلة هذه الآيات، أدلة صدقها وأنها من الله -تبارك وتعالى- قائمة لكل ذي عينين، فهؤلاء الذي آمنوا وصدقوا بآيات الله -تبارك وتعالى- وأسلموا لله -تبارك وتعالى- وإستجابوا له، هؤلاء هم الذين يسمعون هذا الذكر، فوصف الله -تبارك وتعالى- الكفار هنا بأنهم معطلون، قلوبهم معطلة؛ موتى، أعينهم معطلة، آذانهم معطلة، كل هذه منافذ المعرفة، هذي منافذ المعرفة الأساسية، القلب وهو مكان العقل، الأذن وهي مكان السمع الذي يوصل الكلام، كل العلوم تدخل عن طريق الأذن إلى القلب الذي يعقلها والعينان تنظر، هؤلاء كلهم قد عطلوا هذا، قال -جل وعلا- {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}، ما في قلب، {........ وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ}[النمل:80]، {وَمَا أَنْتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ}، لكن حصر الله -تبارك وتعالى- من يستفيد بهذا القرآن ويكون هداية له، {........ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ}[النمل:81]، مسلمون لله -تبارك وتعالى- منقادون مزعنون، إسلام قلب وإسلام جوارح.

ثم بيَّن الله -تبارك وتعالى- بعد ذلك المآل الذي سيئولون إليه ويكونون ديَّت، فبيَّن أن آياته لن تنقضي إلى الساعة ثم ماذا سيكون عند قيام الساعة، قال -جل وعلا- {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ}[النمل:82]، {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ}، قول الله -تبارك وتعالى- إذا وقع عليهم، يعني نزل عليهم قول الله -تبارك وتعالى- بقرب قيام الساعة وبأنها قائمة، {........ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ}[النمل:82]، هذا من آيات الله -تبارك وتعالى- ومن أشراط الساعة العظيمة، يخرج الله -تبارك وتعالى- دابة من الأرض، ليست دابة من هذه الدواب المعلومة التي تنتج بالولادة وإنما دابة تخرجها الأرض، {أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ}، هذه الدابة ليست عجماء كسائر العجماوات وإنما تكلم كل أناس بلسانهم، فمن يتكلم العربية تكلمه بالعربية ومن يتكلم بغير العربية تكلمه بلغته، {تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ}، أي أنها تسم الناس وتقول هذا مؤمن؛ أنت مؤمن، أنت كافر، وتبين أن هذا إيمان وهذا كفر، هذي ىية من آيات الله -تبارك وتعالى-، وقد أخبر النبي -صل الله عليه وسلم- أن هذه أحد العشر آيات التي تكون قبل قيام الساعة، كما جاء في صحيح مسلم حديث حذيفة إبن اليماني -رضي الله تعالى عنه- «قال رسول الله -صل الله عليه وعلى آله وسلم- لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات، طلوع الشمس من مغربها، والدخان، والدابة»، هذه ذكرت في الحديث هنا في الآية الثالثة، «والدابة، وخروج عيسى إبن مريم، والدجال، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف؛ خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب، ونار تخرج من قعر عدن تحشر الناس أو قال تسوق الناس، تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا»، فهذي عشر آيات لابد أن تكون قبل قيام الساعة، منها هذه الدابة التي جاء ذكرها هنا في هذه الآية، {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ}[النمل:82].

جائت أحاديث في وصف هذه الدابة كثير منها لا يصح سنده، والذي يتخلص من الأحاديث الصحيحة أنها دابة تخرج؛ في بعض الأحاديث قالوا أنها تخرج من الصفا، وفيه أنها في الأرض بين ومكة والمدينة، وفيه أنها لها ثلاث خرجات، وأنها إذا خرجت علم بها بعض الناس دون بعض ثم يعلم بها الجميع بعد ذلك، وأنها تسم الناس، تسم الناس يعني تخبرهم؛ تخبر المؤمن بأنه مؤمن والكافر بأنه كافر، حتى يتعارف الناس بعد ذلك أن هذا وسمته الدابة بالكفر وهذا وسمته هذه الدابة بالإيمان، والذي هنا في هذه الآيات أن الله -تبارك وتعالى- أخبر بأن هذه الدابة تكلم الناس كلام بلغتهم، {أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ}، لا يوقنون بآيات الله، وتكون هذه علامة من العلامات ودلالة من الدلالات للناس، وهذه الآيات العشر أخبر النبي -صل الله عليه وسلم- بأنها ينفع الإيمان عند بعضها، ولكن فيه آية إذا ظهرت فإنه لا ينفع الإيمان، كما قال -تبارك وتعالى- {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ}[الأنعام:158]، {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ}، وقد بيَّن النبي -صل الله عليه وسلم- هذا وأخبر بأنها خروج الشمس من مغربها، إذا خرجت الشمس من مغربها يقال لها إرجعي من حيث أتيتي، فإذا رآها الناس راجعة من المغرب آمنوا كلهم؛ كل من على الأرض آمن، قال -جل وعلا- {لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا}، لكن بقية هذه الآيات فإنها لو ظهرت وآمن الناس بذلك فآمن الناس عند نزول عيسى إبن مريم -عليه السلام- أو في وقت الدجال، طبعًا الإيمان يكون عزيز جدًا في وقت الدجال لأنه لا يبقى على الإيمان إلا القلة القليلة ولكن عامة الناس يكفرون بذلك، أو في الدابة أو في غيرها، فهذه الآيات الله -تبارك وتعالى- جعلها علامات على قرب الساعة، ثم هي ظهور هذه الآيات في هذه الأوقات إنما هو دلالة من الله -تبارك وتعالى- للعباد الموجودين، على أن دين الله -تبارك وتعالى- حق وعلى أن هذه الرسالة التي جاء بها محمد إبن عبد الله هي من عند الله -تبارك وتعالى-، فيصدقون بهذا وأن النبي أخبر بهذا وأن القرآن النازل على النبي أخبر بهذا.

ثم هذا بالنسبة للدينا هذه آيات الله -تبارك وتعالى-، أما بالنسبة للآخرة فقال -جل وعلا- {وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ}[النمل:83]، ويوم؛ يوم القيامة، نحشر من كل أمة فوجًا؛ جماعة، {مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ}، كل الذين كذبوا بآيات الله -تبارك وتعالى- فإنه يوم القيامة يحشرون ويجمعون، يوزعون؛ يعني الأوزاع هذه تجمع ويكون بعضها مع بعض، {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ}[الصافات:22]، {مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ}[الصافات:23]، {حَتَّى إِذَا جَاءُوا}، ليوم القيامة وللحساب، قال -جل وعلا- مبكتًا لهم {........ قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}[النمل:84]، {وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لا يَنطِقُونَ}[النمل:85]، فيقال لهم {أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا}، سؤال للتقريع والتوبيخ والتأنيب في هذا اليوم العصيب العظيم، {أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا}، لم تحيطوا علمًا بهذه الآيات، لم تعلموها علم اليقين وكذبتموها هكذا من البداية وأنها ليست آيات الله -تبارك وتعالى- ورفضتموها، {........ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}[النمل:84]، أم ماذا كنتم تعملون في الدنيا؟ ولا شك أن الذي عملوه هو التكذيب والكفر والعناد والبعد عن الله -تبارك وتعالى-، قال -جل وعلا- {وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا ........}[النمل:85]، ووقع القول عليهم؛ قول الله -تبارك وتعالى- بأن من كفر يعذب، بأن من يأتي ربه مجرمًا لابد له من العذاب، فقول الله -تبارك وتعالى- هذا خلاص يصبح حقًا عليهم، بما ظلموا؛ بسبب ظلمهم وكفرهم وهو العذاب، {فَهُمْ لا يَنطِقُونَ}، لا يستطيعون أن يحيروا جوابًا ويردوا على الرب -تبارك وتعالى- هنا، وذلك أنهم بالفعل كذبوا بآيات الله -تبارك وتعالى- ولم يحيطوا بها علمًا، وبقوا في هذا التكذيب والكفر والعناد إلى أن ماتوا على ذلك، {وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا ........}[النمل:85]، قال -جل وعلا- بظلمهم، يعني أن وقوع العذاب عليهم وكون العذاب أصبح حقًا عليهم إنما كان بظلمهم {فَهُمْ لا يَنطِقُونَ}.

ثم ذكر الله -تبارك وتعالى- بعض آياته في الخلق في هذا الحياة كذلك، قال -جل وعلا- {أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}[النمل:86]، ألم يروا؛ قد علموا، {أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ}، جعل الليل؛ جعل الله -تبارك وتعالى- الليل، خلق الليل -سبحانه وتعالى- على هذا النحو، مظلم، يغطي الأشياء، ساكن، بارد، بعد أن تغيب الشمس يبدأ جو البرودة، وهذا كله وقت مناسب للراحة والسكون؛ تسكن فيه الخلائق، الناس تسكن فيه، الأنعام تسكن فيه، النبات يسكن فيه، ليسكنوا فيه؛ السكون هو الهدوء والراحة، وهذا خلاص بعد تعب ومشقة النهار، {أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ........}[النمل:86]، النهار مبصر بهذه الشمس الساطعة القوية، التي خلقها الله -تبارك وتعالى- لتكون آية النهار، وفي سطوعها حرارة ودفء وبالتالي نشاط وبصر، يبصر الناس معايشهم وطرائقهم في الزراعة والصناعة الرعي والسفر فيبصرون، وذكر الله -تبارك وتعالى- الليل والنهار لأن هؤلاء يغطون كل الخلق وكل مخلوق في حاجة إليهم ولا ينفك عنهم، لا ينفك كل مخلوق من هذه المخلوقات عن الإحتياج والإفتقار الجبلي لليل والنهار، لابد له من ليل ونهار، لابد لكل إنسان بل ولكل حيوان ولكل نبات من ليل ونهار ليبقى، فهذه آية من آيات الله -تبارك وتعالى- لا تنفك عنها، أنت تعيش فيها؛ تعيش في هذه الآية في كل يوم، اليوم نصفه نهار ونصفه ليل، فأنت في كل يوم بل في كل لحظة وأنت تتقلب بين هاتين الآيتين العظيمتين التي لا تنفك عنهما من آيات الله -تبارك وتعالى-، فكيف تكذب بالله! كيف تكفر أيها الكافر بالله -تبارك وتعالى- بعد ذلك، وأنت بهذا تعيش في آياته وتعيش في نعمائه على هذه الصورة التي لا تستطيع أن تخرج عنها وأن تنفك عنها، أين تذهب؟!.

{أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}[النمل:86]، إن في ذلك لآيات؛ مش آية واحدة، أولًا قدرة الرب -تبارك وتعالى- على أن يخلق الليل والنهار، والآن نحن نرى الليل والنهار نراه بالبصر الآن بعد أن صورت الأرض، وعرفت كيف تكون هذه كرة على هذا النحو معلقة في السماء وهي تدور حول نفسها هذه الدورة، تشرق عليها الشمس فيكون هذا الجانب مضيء والمكان الأخر الذي لا يقابل الشمس يكون مظلم، ثم تدور بهذه الدورة على هذا النحو العظيم البديع، الذي يجعل كل عاقل يسجد لله -تبارك وتعالى- تعظيمًا لهذه العظمة الإلهية ديَّت، الذي خلق هذا الخلق ديَّت، أرض تكون بهذا النحو وهي تحمل ما عليها من جبال، من محيطات، من أناسي، من أشجار، من بحار، من دور، ثم تسير بهذا السير في سكونها لا يتحرك كوب الماء على ظهرها، تضع كوب الماء ثابت على ظهرها لا يتحرك أي حركة، انظر هذا الثبات وهذا الإستقرار وهذا الخلق العظيم البديع، وجريان الليل والنهار على هذا النحو على سطح هذه الأرض يراه الناس آية من آيات الله -تبارك وتعالى-، لكن من يتعظ؟ من يعتبر؟ من يعلم أن هذا خلق الله -تبارك وتعالى-؟ إن هذا خلق الله وإنك في ملكه وفي قبضته وتحت قهره وتعيش بنعمته -سبحانه وتعالى- ولا فكاك لك عن ذلك، وهذا الرب -سبحانه وتعالى- يناديك عن طريق رسله، هلم إمشي في هذا الطريق، إسعى فيه، هذا طريق الرب يوصلك إلى جنته، يوصلك إلى رضوانه، لقاء الله حق، وقوفك بين يديه حق، تبدل السماوات والأرض هذا حق، وأنه لابد أن تكون في نهاية المطاف في جنة أو نار، لكن من يسمع لهذا الكلام؟! كما قال الله {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ}[النمل:80]، {وَمَا أَنْتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ}[النمل:81]، {أَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}[النمل:86].

ثم قال -جل وعلا- {وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ}[النمل:87]، ويوم ينفخ في الصور؛ يوم القيامة، ينفخ بالبناء لما لم يسمى فاعله وقد بيَّن النبي أن النافخ ملك من ملائكة الله -تبارك وتعالى- هو إسرافيل، وأن هذا الصور قرن إذا نفخ فيه ...، بوق إذا نفخ فيه هذا الملك حصل ما حصل، وقد جاء في القرآن أنهما نفختان؛ النفخة الأولى ينفرط عقد هذا النظام الكوني المتناسق المحكم خلاص ينفرط عقده، {إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ}[الانفطار:1]، {وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ}[الانفطار:2]، {وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ}[الانفطار:3]، فجرت؛ يفجر بعضها على بعض، {وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ}[الانفطار:4]، {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}[التكوير:1]، {وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ}[التكوير:2]، {وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ}[التكوير:3]، {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ}[التكوير:4]، {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ}[التكوير:5]، {وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ}[التكوير:6]، {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ}[التكوير:7]، {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ}[التكوير:8]، {بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ}[التكوير:9]، {وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ}[التكوير:10]، {وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ}[التكوير:11]، {وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ}[التكوير:12]، {وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ}[التكوير:13]، {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ}[التكوير:14]، ينفخ في الصور {وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ ........}[النمل:87]، فزع، الفزع؛ شدة الخوف عندما ديَّت، وأول ما يكون النفخة الأولى يقول النبي ينفخ في الصور فيسمع الناس ليتًا ديَّت، يعني يصيغ بصفحة عنقه شيئًا وبصفة العنق الأخرى يسمع النفخ، ثم يخبر النبي بأنه يكون أو من يصعق رجل كان في البر يلوط حوضه لإبله فيقع على وجهه، ثم بعد ذلك يتناثر هذا الوجود كله، {فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ}[الحاقة:13]، {وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً}[الحاقة:14]، {فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ}[الحاقة:15]، {وَانشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ}[الحاقة:16]، {وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ}[الحاقة:17]، {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ}[الحاقة:18].

{وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ........}[النمل:87]، نفخة الفزع هذه، {وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ}، في النفخة الثانية، فالنفخة الثانية تأتي وكلٌ من كل هذه المخلوقات أتوه؛ أتوا ربهم -سبحانه وتعالى-، داخرين؛ يعني أذلة خاضعين، الداخر هو الذليل الخاضع، يعني جاء ذليلًا خاضعًا، مهما كان في دنياه من العز والمكانة والحشم والخدم والجنود والأعوان لكنه يأتي فردًا ذليلًا وحده، يجر قدميه وحده، إنكم تحشرون إلى ربكم عراة حفاة غرلا، كل واحد يأتي؛ يأتي، ويأتينا فردًا {وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا}[مريم:80]، يأتي ربه -تبارك وتعالى- فردًا، قال الله -تبارك وتعالى- هذا في هذا العاص إبن وائل السهمي، الذي كان إذا غضب؛ غضب له خمسون ألف من قومه، كل خمسين ألف يقفوا يحملوا السلاح له، {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا}[مريم:77]، في الآخرة، قال هذا لصهيب، لما جاء صهيب يطالبه بحق له، صنع له شيء من الحديد ديَّت، كان حدادًا وذهب إلى العاص إبن وائل وقال له أعطني الدين الذين لي عليك، فقال له لا أعطيك حتى تكفر بمحمد، فقال له والله لا أكفر بمحمد حتى تموت وتبعث، قال له أونبعث؟ يعني سيكون بعث؟ قال نعم، قال له خلاص إذن إذا بعثت فسيكون لي هناك مال وولد؛ أعطيك، يستهزئ به.

قال -جل وعلا- {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا}[مريم:77]، {أَطَّلَعَ الْغَيْبَ أَمِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا}[مريم:78]، {كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ}، ويأتينا فردًا، الولد وهذا النادي العظيم والأمة العظيمة التي كانت إذا غضب تغضب له ويأتينا فردًا، {وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ وَيَأْتِينَا فَرْدًا}[مريم:80]، {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا}[مريم:93]، {لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا}[مريم:94]، {وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا}[مريم:95]، يأتي وحده، فقال -جل وعلا- {وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ}، يعني أذلة خاضعين، الجميع يأتوا ربهم -سبحانه وتعالى- ذليلين خاضعين مناقدين له -سبحانه وتعالى-.

ثم قال -جل وعلا- {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ}[النمل:88]، موعدنا -إن شاء الله- مع هذه الآيات وبقية السورة في الحلقة الآتية -إن شاء الله-، أستغفر الله لي ولكم من كل ذنب، وصل الله وسلم على عبده ورسوله محمد.