الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 . 22 نوفمبر 2024

الحلقة (484) - سورة العنكبوت 28-40

{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة:2]، {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[الفاتحة:3]، {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة:4]، والصلاة والسلام على عبده ورسوله الأمين، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن إهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.

يقول -تبارك وتعالى- {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ}[العنكبوت:28]، {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}[العنكبوت:29]، {قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ}[العنكبوت:30]، {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ}[العنكبوت:31]، {قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ}[العنكبوت:32]، {وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ}[العنكبوت:33]، {إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}[العنكبوت:34]، {وَلَقَد تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}[العنكبوت:35]، يخبر -سبحانه وتعالى- في سياق هذه السورة؛ سورة العنكبوت، وقد سبق أنها سورة الرابط بينها كلها موضوعها هو الفتنة والإبتلاء، وإختبار الله -تبارك وتعالى- عباده المؤمنين وإبتلائهم، بدءًا بالأنبياء وأتباع الأنبياء بالدعوة إلى الله -تبارك وتعالى-، يبتليهم الله -تبارك وتعالى- بهؤلاء المجرمين من الأقوام كما قال -جل وعلا- {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا}[الفرقان:31].

ولوطًا إبن أخي إبراهيم الذي آمن له وخرج مع إبراهيم -عليه السلام- إلى الأرض المقدسة؛ الأرض المباركة، ثم إن الله -تبارك وتعالى- أرسله إلى أهالي قرى وادي الأردن؛ فيما يسمى بسدوم وعمورة، ليدعوهم إلى الله -تبارك وتعالى-، مكان غور الأدرن في مكان البحر الميت وما حوله، {وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ}، هؤلاء الذين أرسله الله -تبارك وتعالى- إليهم في غور الأردن، قال لهم {........ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ}[العنكبوت:28]، إنكم؛ بالتأكيد، الفاحشة؛ إتيان الذكور، كما في قول الله -عز وجل- عن لوط لقومه {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ}[الشعراء:165]، {وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ}[الشعراء:166]، وسميت الفاحش لأن الفاحش هو الغليظ، فهذي غليظة في القبح يعني أن قباحتها أمر فظيع غليظ، {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ}، ولا تكاد تطلق الفاحشة إلا ويراد بها هذا، فاحشة الزنا أو فاحشة هذا الفعل وهو إتيان الذكور وهو أفحش الفحش، {........ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ}[العنكبوت:28]، فهم أول من إنحرفوا إلى هذا الفعل الخبيث وأول من إبتدعوها وإنتشرت في أوساطهم، من أحد من العالمين؛ من الناس أجمعين، من الأمم السابقة كلها ما عرفت هذه الفاحشة إلى في هؤلاء الأخباث.

{أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ}، يعني أئنكم؛ بالتأكيد، لتأتون الرجال؛ سؤال يراد به الإستفظاع والإستنكار والإحتقار لهذا الأمر الفظيع الذي يفعلونه، {أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ}، تقطعون السبيل؛ الطرق، تقطعونها؛ تجلسون على الطرق للإستيلاء والقبض على هؤلاء الناس المارين، يفعلوا بهم الفاحشة أو يسلبوهم كذلك أموالهم، وكان سلب الأعراض عندهم هو منتهى آمالهم، {وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ}، فظاعة، في ناديكم؛ النادي هو ما يتنادى إليه القوم ليجلسوا فيه ليتشاوروا فيه، هو مكان سمرهم وحديثهم، فيأتون فيه المنكر يعني أنهم يفعلون هذا الفعل الخبيث الفاحش في أنديتهم وأمام بعضهم بعض، لا يستحون من هذا الأمر ولا يقبح في نظرهم، {وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ}، فانظر مقالة لوط لهم بهذا الإستقباح والإستعظام لهذا الأمر، وأنهم إنحرفوا عن جادة الرب وعن الصراط السوي المستقيم، قال -جل وعلا- {........ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}[العنكبوت:29]، فما كان جواب قومه؛ لم يكن لهم جواب يجيبون به رسولهم إلا هذا الخبث وهذا التحدي، وأنهم مستعدون للقاء عذاب الله، ائتنا بعذاب الله؛ هات عذاب الله، إن كنت من الصادقين؛ إن كنت من الصادقين فيما تدعونا إليه، من أنك رسول الله وأن فعلنا هذا خبيث وأن وأن ...، فائتنا بعذاب الله، فبدلًا من أن يدعوا بالهداية وبالتوفيق وأنهم يوفقوا للخير إن كان هذا هو الحق والصدق، لكنهم دعوا على أنفسهم وتحدوا رسولهم زعموا أنه كاذب فيما يدعيه، وتحدوه وقالوا له هات العذاب إن كان كما تقول.

{قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ}[العنكبوت:30]، قال؛ أي لوط -عليه السلام-، {........ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ}[العنكبوت:30]، قفلوا الطريق، قفلوا طريق الهداية على أنفسهم وتحدوا الرسول، قالوا إن كنت صادقًا فيما تدعي فهات العذاب، فعند ذلك دعى ربه -سبحانه وتعالى- {قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ}[العنكبوت:30]، طلب نصر الله -تبارك وتعالى- وهو أن يجعله غالبًا على هؤلاء القوم المفسدين في الأرض، وهذا من أعظم الفساد؛ الإنحراف عن جادة الحق إلى هذا الفعل الشائن الخبيث.

قال -جل وعلا- {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ}[العنكبوت:31]، ولما؛ يعني انظر كيف نصره الله -تبارك وتعالى-، فإن الله أرسل له مجموعة ثلاثة من الملائكة؛ جبريل وميكائيل وإسرافيل، ليدمر الله -تبارك وتعالى- عليهم، وفي أثناء نزولهم لهذه المهمة أمرهم الله -تبارك وتعالى- أن يمروا على إبراهيم، وأن يخبروه بأن الله -تبارك وتعالى- سيرزقه ولد من زوجته سارة، مروا عليه وجائوه في صورة رجال، ولأن الأنبياء لا يعلمون الغيب فإن إبراهيم -عليه السلام- لما نزل به هؤلاء الرجال حسبهم أضياف من البشر، فذهب كما قال -تبارك وتعالى- {فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ}، يعني مشوي على الرضف وقربه إليهم وقال ألا تأكلون، كرمًا منه لأضيافه حتى الذين لم يعرف من أين هم، ولكنهم لما قدم لهم ضيافتهم ودعاهم إلى الطعام وجد أنهم إذا مدوا يدهم إلى الطعام لا يصل الطعام إلى أفواههم، فنكرهم وأوجس منهم خيفة وعند ذلك قالوا له لا تخف ولا تحزن، أخبروه بعد ذلك بوجهتهم، {وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا}، لما قال لهم بعد ذلك فما خطلكم؟ قالوا نحن رسل الله -تبارك وتعالى-، نحن ملائكة، نحن لا نأكل، عرف حقيقتهم بعد ذلك وأنهم جائوه بهذه الصورة على هذا النحو، {قَالَ فَمَا خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ}[الحجر:57]، وين انتوا رايحين؟ قالوا له {إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ}، قد أرسلنا الله -تبارك وتعالى- لإهلاك هذه القرى؛ اللي هي قرى لوط، إبراهيم كان في الخليل في فلسطين في الشام، والقرى هذه في وادي الأردن، {قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ}، وأشاروا هنا بالقريب لأنها قريبة من الموقع الذي هم فيه، {إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ}، إن أهلها؛ أهل هذه القرية، كانوا ظالمين؛ ظالمين لأنفسهم، بكفرهم بالله -تبارك وتعالى- وبأفعالهم الخبيثة التي يفعلوها.

فقال لهم إبراهيم {قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا}، هو رسول الله، {قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا}، كيف تهلكوها يعني رسول الله -تبارك وتعالى- لوط، {قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا}، قالوا نحن أعلم؛ أي منك، بمن فيها؛ وذلك أنهم ملائكة الرب -تبارك وتعالى-، والله -تبارك وتعالى- عندما يرسلهم لا شك أنه قد أعلمهم من فيها، من الذي سينجى ومن الذي سيهلك بالتفصيل، {قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا}، ثم أخبروه بديَّت {لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ}، فسننجي لوط وأهله وذلك بأنهم يأمرونهم بأنهم يخروجوا من القرية قبل أن يطبقوا بها أو يرفعوها أو ينكسوها على رؤوس ساكنيها، وقد أمر لوط بأن يأخذ أهله معه الذين آمنوا وهما إبنتاه، وأن يترك أمرأته ولا يأخذها وأنه مصيبها ما أصابهم، {قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ}[هود:81]، لما جائوا لوط، فإبراهيم قال لهم {........ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ}[العنكبوت:32]، فأخبروه بمن الذي سينجوا ومن الذي سيهلك مع الهالكين.

ثم قال -جل وعلا- {وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالُوا لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ}[العنكبوت:33]، {وَلَمَّا أَنْ جَاءَتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ}، وهذا من العجب، رسل الله -تبارك وتعالى- ملائكته جائوا لوط والذين جائوا بإنقاذ لوط وإنقاذ أهله، واستجابة إلى دعوة لوط {........ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ}[العنكبوت:30]، لكن قال -جل وعلا- {سِيءَ بِهِمْ}، وذلك أنه لا يعلمهم، جائوه في صورة بشر جميل حسن الصورة وعند ذلك سائه هذا الأمر وعلم أن هذا أمر عصيب جدًا، لما يعلم من خبث قومه من ودنائتهم وحقارتهم وأنهم ينتظرون كل مار بقريتهم ليعتدوا عليه، ويسلبوه عرضه ويفعلوا الفاحشة فيه فيقطعوا السبيل فلذلك سيء بهم، وهذا من أعظم الأدلة على أن الأنبياء لا يعلمون الغيب، فإبراهيم ما يعلم الغيب، إبراهيم لو علم الغيب لعلم أن هؤلاء أنبياء الله -تبارك وتعالى- وأنهم ليسوا رجل، وكذلك لوط جائوه بهذه الصورة، الملائكة الذين عندهم نصر لوط والفرج؛ الذين جائوا بالفرج، لكنه لم يكن يعلم هذا لذلك سيء بهم لما رآهم على منظرهم الذي جائوا به، قال -جل وعلا- {وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا}، ضاق بهم ذرعًا؛ يعني الذرع هو مأخوذ من الزراعة ويؤخذ من الخطو، الإنسان إذا خطى يعني ديَّت يقول ذرعت الأرض مشيًا، وهذا فعل الذي فعله لوط -عليه السلام- فعل المتحير المهموم الذي نزل به أمر كرب، فإنه يقوم يدخل ويخرج ويسير ديَّت، يذرع المكان بالجيئة والذهاب، يفكر في أمر وفي مخرج مما هو فيه، {وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا}، ضاق عليه الأمر وأصبحت نفسه في ضيق شديد وبدأ يدخل ويخرج ويفكر في هذا الأمر الذي وقع، ثم كان بعد ذلك لما كان من المناقشة الطويلة بعد ذلك أخبروه بوجهتهم، فقالوا له {لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ}، لا تخف؛ من أمر مستقبل أي شيء، ولا تحزن؛ على أمر سابق، {إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ}، إنا؛ رسل الله هؤلاء، منجوك؛ أنت وأهلك، {إِلَّا امْرَأَتَكَ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ}، إلا إمرأتك؛ حكم الله -تبارك وتعالى- فيها أنها كانت كافرة، وكانت موافقة قومها على فعلهم الخبيث هذا، من الغابرين؛ الغابرين المتروكين، يعني ممن سنتركهم؛ سنتركها مع هؤلاء القوم تهلك مع من يهلكوا.

ثم أخبروه بما سيصنعونه بهم {إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}[العنكبوت:34]، {إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا ........}[العنكبوت:34]، رجز؛ عذاب، عذاب من السماء، هذا العذاب في صورة حجارة أصابت كلًا منهم فقتلته ودمرته، {إِنَّا مُنزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ}[العنكبوت:34]، بسبب فسقهم؛ خروجهم عن جادة الحق، عن سنن الفطرة، عن طريق الرب -تبارك وتعالى-، عن صراطه المستقيم إلى هذا الطريق الخبيث الأعوج الذي ساروا فيه، من الكفر بالله -تبارك وتعالى- وإتيان هذه الفواحش.

ثم قال -جل وعلا- {وَلَقَد تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}[العنكبوت:35]، ولقد تركنا منها؛ من هذه القرية، آية؛ علامة، بينة؛ ظاهرة، تنظر وتحس وتشم فهي واقعة تحت الحس، وهي هذا البحر الذي يسمونه بالبحر الميت، هذه آثار العذاب؛ المطر الخبيث الذي أسقطه الله -تبارك وتعالى- عليهم، قال -جل وعلا- {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ}[الشعراء:173]، مطر لا يمثله أي ماء في الأرض كلها، فإن ماء المطر حياة، ماء المطر الذي ينزله الله -تبارك وتعالى- من السماء حياة، يحيي الأرض ويحيي النفوس ويشرقها ويسقي الزرع ويسقي الأناسي، هذا كله حياة، ولكن هذا المطر كله موت، هذا مطر هو نفسه ميت، فإنه لا يعيش فيه شيء ولا يحيى فيه أي حياة ويهلك الزرع الذي نزل عليه، مطر خبيث ويظل على هذا الوضع من ذلك الوقت وإلى يومنا وإلى يوم القيامة وهو على هذا النحو، لا تنبت فيه ولا تحيا فيه أي خلية حية لا تبقى فيه، ولا يحيى فيه أي نوع من الحياة النباتية أو الحياة الحيوانية، مطر خبيث {........ فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنذَرِينَ}[الشعراء:173]، الله جعل هذه آية قال {وَلَقَد تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً ........}[العنكبوت:35]، ظاهرة واضحة، لكن لقوم يعقلون؛ لقوم عندهم عقول، أما من لا يعقل فإنه يرى هذه الآية ولا يتعظ ولا يعتبر، الآن هذه الآية باقية والناس تمر عليها منذ آلاف السنين ويرونها ويشاهدونها، ويعلمون أنها نازلة هذه عذاب من الله -تبارك وتعالى- ورجز على قوم كانوا هنا، موجودين قائمين يصنعون الفاحشة ويفعلون المنكرات وأن الله عاقبهم بهذه العقوبة، ولكن من يتعظ؟ ومن يعتبر؟ ومن يخاف أن يصيبه مثل ما أصاب القوم؟ هذا من له عقل، ولكن قليل من يعقل، قليل من يعقل وإلى يومنا هذا بهذا المطر الخبيث، يجعله بعض الناس مكان للراحة الإستجمام والإستشفاء، وأن يستشفي بطينه وبمائه ما يؤخذ فيه من معادن والحال أن كله خبيث، هذا مكان عقوبة من الله -تبارك وتعالى- ولا يمكن أن يجعل الله –تبارك وتعالى- في مثل هذا شفاء من مرض، بل هذا هو بذاته مرض لكن هؤلاء القوم لا عقل لهم.

وهذا نبينا محمد -صلوات الله والسلام عليه- عندما مر على الحجر؛ حجر ثمود، والمكان الذي نزل فيه عذاب الله -تبارك وتعالى- وصاح فيه الملك الصيحة في القوم، قال «لا تدخلوا على هؤلاء القوم المعذبين إلا أن تكونوا باكين أو متباكين»، ونهاهم أن يستخدموا ويشربوا من أي مكان من المياه في هذا المكان الذي عذب قومه، وقال لهم بس بئر الناقة فقط، البئر الذي كانت تشرب منه الناقة هذا الذي إستثناه الله -تبارك وتعالى- من العذاب، فأمرهم أن يشربوا فقط وأن يسقوا دوابهم ويعجنوا عجينهم من بئر الناقة فقط، وأما ما سوى ذلك فلا يأخذوا أي ماء من ماء ثمود، ولكن هؤلاء الذين لا يعقلون يرون هذه العقوبة، يرون هذا البحر الميت ولكنهم يعكفون عليه ويظنون أنه يمكن أن يستشفى بما جعله الله -تبارك وتعالى- عقوبة على قوم، {وَلَقَد تَرَكْنَا مِنْهَا آيَةً بَيِّنَةً ........}[العنكبوت:35]، لكن لقوم يعقلون.

ثم ذكر الله -تبارك وتعالى- هذي صفحة، ذكر الله -تبارك وتعالى- صفحة أخرى وإبتلاء أخر مما إبتلى الله -تبارك وتعالى- به أنبيائه ورسله، والإختبار الذي إختبرهم -سبحانه وتعالى- به، قال {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الآخِرَ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ}[العنكبوت:36]، وإلى مدين؛ وهي كذلك في الأردن قريبة من هذا المكان، أخاهم؛ يعني أرسل الله -تبارك وتعالى- أخاهم شعيبًا، إبن القبيلة؛ إبنهم، شعيب؛ النبي الرسول، فقال يا قوم؛ ناداهم يا قومي، {اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الآخِرَ}، اعبدوا الله -تبارك وتعالى-، وارجوا اليوم الآخر؛ ليكن رجاؤكم وطمعكم ومؤملكم في اليوم الآخر، هذا الذي فيه ثواب الله -تبارك وتعالى- وجنته، {وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ}، عثى بمعنى أفسد؛ خرج للإفساد، ولا تعثوا في الأرض؛ يعني لا تسيروا في الأرض حال كونكم مفسدين، وكانت أنواع الفساد الكثيرة التي يفعلونها من الشرك بالله -تبارك وتعالى-، من تطفيف الكيل والميزان، من بخث الناس أشيائهم، أمور كثيرة من الفساد كانوا يصنعونها فنهاهم عليها، قال {وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ}.

قال -جل وعلا- فكذبوه؛ نفس الأمر، فأخذتهم الرجفة؛ لما كذبوه أخذتهم الرجفة، الرجفة؛ الزلزلة الشديدة، رجف الله -تبارك وتعالى-؛ زلزل الله -تبارك وتعالى- الأرض التي هم عليها، {........ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ}[العنكبوت:37]، فأصبحوا؛ بعد هذه الرجفة، في دارهم؛ التي هم فيها، جاثمين؛ الجاثم هو الساقط بجسمانه على الأرض، جاثم لا حركة به، {........ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ}[العنكبوت:37]، فهذا كذلك صورة من أخذ الله -تبارك وتعالى- للظالمين.

ثم قال -جل وعلا- {وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ}، يعني أنه كذلك عاد وثمود كانوا من المكذبين لرسلهم، فعاد في الأحقاف، فيما يسمى الآن في صحراء الأحقاف الربع الخالي؛ جنوب الجزيرة، أرسل الله -تبارك وتعالى- فيهم ولهم نبيهم هود -عليه السلام-، دعاهم وكذبوه، وثمود في شمال الجزيرة في الحجر؛ في أرض الحجاز، كذلك أرسل الله -تبارك وتعالى- لهم نبيهم صالح -عليه السلام-، قال -جل وعلا- {وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ}، هذا خطاب للمخاطبين بهذا القرآن، تبين لكم؛ ظهر لكم، من مساكنهم؛ الباقية الآن، مساكنهم الباقية لهم، قال -جل وعلا- {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ}، زين لهم الشيطان أعمالهم؛ حسن الشيطان وجمل الشيطان أعمالهم الوقحة الخبيثة من الشرك والكفر وما يصنعونه في نظرهم، فرأوا أن ما يعملونه هو الحسن، {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ}، صدهم؛ منعهم، عن السبيل؛ السبيل الصحيح، الطريق المستقيم، طريق الله -تبارك وتعالى-، {وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ}، مستبصرين؛ أهل بصيرة، نظر، لكنه للأسف محصور في الدنيا، كانوا أهل بصيرة دنيوية، فعاد أمة قوية، شديدة البناء، كثيرة العمران، كما قال لهم الرسول {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ}[الشعراء:128]، {وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ}[الشعراء:129]، {وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ}[الشعراء:130]، {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ}[الشعراء:131]، {وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ}[الشعراء:132]، {أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ}[الشعراء:133]، {وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ}[الشعراء:134]، {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}[الشعراء:135]، قوم كانوا أهل بصيرة وحذق في الدنيا وبناء ومصانع.

وكذلك قوم صالح كانوا ناس كذلك أهل دنيا وأهل بصر فيها وأهل زراعة وأهل فن، {أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ}[الشعراء:146]، {فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ}[الشعراء:147]، {وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ}[الشعراء:148]، {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ}[الشعراء:149]، انظر هذه الأمة التي تحسن الزراعة على هذا النحو، وتحسن نحت الصخر وبناء البيوت الواسعة الفارهة في داخل الجبل، وتجملها بصنوف الزينة والجمال، أمة مستبصرة عالمة بشئون الدنيا، فقد كان هؤلاء عاد وثمود من الأمم والقبائل العليمة بشئون الدنيا والمستبصرة فيها، ومع هذا الشيطان جمل لهم أعمالهم الخبيثة من الشرك والكفر والفساد الذي كانوا فيه، وصدهم عن سبيل الله -تبارك وتعالى- وعن أن يجيبوا دعوة الرسل، آيات عيظمة، انظر هذي آيات عظيمة في هذه السورة؛ سورة الفتنة والإبتلاء، {وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ}[العنكبوت:38].

ثم قال -جل وعلا- {وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ}، هذا الثلاثة الكبار في قوم فرعون، قارون وهو قد كان من قوم موسى؛ من بني إسرائيل، ولكنه حاذق ماهر في جمع الأموال؛ جمع مالًا عظيمًا، الله يقول {وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ}، مجموعة كبيرة من الرجال لا يستطيعون حمل مفاتيح الكنوز عنده فما بالك بما تحويه هذه الكنوز، وفرعون ملك مصر في وقته؛ وهامان وزيره، هامان وزيره؛ وزير فرعون، قال -جل وعلا- {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ}، هؤلاء الثلاثة جائهم موسى بالبينات، هؤلاء رؤساء القوم ومقدميهم، وموسى النبي الرسول -صلوات الله والسلام عليه-، بالبينات؛ الآيات الدلالات الواضحات على ما يدعوهم إليه، من الإيمان بالله -تبارك وتعالى- وأنه الرب الإله الذي لا إله إلا هو -جل وعلا-، وأن كل ما يعبد من دونه فباطل، قال -جل وعلا- {فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ}، استكبروا؛ طلبوا العلو والكبر، في الأرض؛ أرض مصر، قال -جل وعلا- {وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ}، يعني استكبارهم في الأرض فإن استكبارهم لا يكون على الله -تبارك وتعالى-، وما كانوا سابقين لله؛ لا يسبقونه، يعني لا يغلبونه مهما كانوا من التمكن والقوة، وما أعطاهم الله -تبارك وتعالى- من الكنوز والأموال والصناعة العظيمة والجيوش المجيشة وعدة الحرب وآلاتها والفن في الزراعة والصناعة، كل هذا الذي جعلهم يتكبرون في الأرض لكنهم ما كانوا ليسبقوا الله -تبارك وتعالى- {وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ}.

قال -جل وعلا- {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ}، كلًا؛ من كل ما ذكر من هؤلاء، عاد وثمود وقارون وفرعون وهامان؛ كلًا من هؤلاء أخذنا بذنبه، الأخذ؛ الإهلاك، بذنبه؛ بسبب ذنبه، يعني بسبب ذنبه أخذه الله -تبارك وتعالى- فأهلكه، {فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا}، اللي هم عاد، أرسل الله -تبارك وتعالى- عليهم الريح العقيم؛ حصبتهم وأهلكتهم في مكانهم، {وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ}، وهم ثمود، فإن الله -تبارك وتعالى- أرسل لهم ملك صاح فيهم صيحة واحدة، كما قال -جل وعلا- {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ}[القمر:31]، الهشيم؛ النبات المجموع المهشم، المحتظر؛ الذي يوضع في الحظيرة، فإذا مر عليه سنة يتفتت ويتهرى، فوصف الله -تبارك وتعالى- أجسادهم عندما أصابهم هذه الصاعقة من صرخة الملك فيهم بأنه مثل تهرت، يعني تهرت أجسامهم وتحطمت كما يتحطم الهشيم، {وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ}، خسف به الأرض؛ سقطت به الأرض وهو قارون، وجاء هنا السلسلة على سلسلة الذكر، {وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا}، وهو فرعون وهامان، فرعون رأس القوم وهامان فهؤلاء أغرقهم الله -تبارك وتعالى-، أغرقهم في اليم، كان هذا آخر المطاف، قال -جل وعلا- {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ}، ما كان الله ليظلمهم؛ يعني أن يأخذهم الله -تبارك وتعالى- بذنوبهم وأن يعاقبهم هذه العقوبات بظلم... لا، {وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}، ولكن كانت هذه الأمم والشعوب والأفراد الذين أخذهم الله -تبارك وتعالى- على هذا النحو أنفسهم يظلمون؛ يظلمون أنفسهم، وهنا أنفسهم قدم على يظلمون تقديم المعمول هنا على العامل لبيان الحصر، يعني أن كل ظلمهم وقع على أنفسهم، الله لا يظلمهم -سبحانه وتعالى-، ظلموا أنفسهم بكفرهم، بعنادهم، فوقع كل النتيجة وقعت عليهم، {وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}، إذ حرموا أنفسهم من الهداية والنور والصراط المستقيم، فحرموا أنفسهم الجنة وأدخلوا أنفسهم في هذا الهلاك، فبسبب ظلمهم لأنفسهم أخذهم الله -تبارك وتعالى-.

نقف هنا ونكمل -إن شاء الله- في الحلقة الآتية، استغفر الله لي ولكم من كل ذنب، وصل الله وسلم على عبده ورسوله محمد.