الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على عبد الله والرسول الأمين، سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه، ومن إهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.
وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- {وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ}[العنكبوت:39]، {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}[العنكبوت:40]، {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}[العنكبوت:41]، {إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[العنكبوت:42]، {وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ}[العنكبوت:43]، يخبر -سبحانه وتعالى- أن هذه الأمم كذبت رسلها، وأن الله -تبارك وتعالى- أخذهم؛ هذا في سياق هذه السورة، الآيات في سورة العنكبوت، وفي جملة هذا السياق بيان أخذ الله -تبارك وتعالى- للظالمين، فقد أخبر -سبحانه وتعالى- عن مدين وأن الله -تبارك وتعالى- أرسل لهم شعيب، وتكلم -سبحانه وتعالى- بعد ذلك عن عاد وثمود، قال {وَعَادًا وَثَمُودَ}، أي أن الله -تبارك وتعالى- أهلكهم، {وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ}، سبيل الله، {وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ}، أهل بصيرة في الدنيا.
{وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ........}[العنكبوت:39]، الواضحات، الدلائل الواضحة على ما يدعوهم إليه، {فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ}، قال -جل وعلا- فكلًا؛ من هؤلاء المذكورين، عاد وثمود وقارون وفرعون وهامان، {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا}، وهم عاد، {وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ}، وهم ثمود، {وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ}، وهو قارون، {وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا}، وهو فرعون وهامان، {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}، وهنا قول الله -تبارك وتعالى- فكلًا؛ أي من هؤلاء المجرمين، {أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ}، أخذناه؛ أهلكناه بسبب ذنبه، وأخذه الله -تبارك وتعالى- في ذنبه؛ يعني بإثر ذنبه الذي فعله، {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}.
ثم ضرب الله -تبارك وتعالى- مثل للكافر الذي يظن فيما أعطاه الله -تبارك وتعالى- إياه من الركن الشديد؛ من الدولة والقوة والمال، ومن التمكين في الأرض؛ من الزروع والثمار والقصور، أنه في حسن حصين من عذاب الله -تبارك وتعالى-، والحال أنه مهما تحصن الإنسان به في هذه الدنيا من حصن؛ جيش قوي عرمرم، أمة، قبيلة قوية تتجبر في الأرض وتقول من أشد منا قوة، كل هذا الذي يتحصن به الإنسان في هذه الدنيا ويتقوى به ويظن أنه متمكن في الأرض به فإنه لا شيء، أمام بأس الله -تبارك وتعالى- لن يكون شيئًا، قال {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ}، يضرب الله -تبارك وتعالى- مثل للكفار الذين إتخذوا من دونه أولياء، أولياء؛ أنصار ينصرونهم، الولي في لغة العرب هو كل من قامت بينك وبينه علاقة تجعله يواليك وأنت تواليه، والولاية هي النصرة والمحبة والتعاضد على الأمر، فالعرب تسمي الأخ ولي وتسمي السيد ولي وتسمي العبد ولي كذلك؛ مولى، فالعبيد هم مواليهم بمعنى أنهم أنصارهم، والحليف كذلك نسميه أولياؤنا دول يعني حلفاؤنا؛ أنهم يوالون، إذا قامت علاقة بين شخص وأخر تجعل هذا يوالي هذا وهذا يوالي هذا فهذا وليه، فكل من إتخذ له أخر؛ أي شيء أخر، ويظن أنه ناصره ومؤيده، {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ}، غير الله -تبارك وتعالى- أولياء، قال -جل وعلا- {كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ}، هذي الحشرة المعروفة، {اتَّخَذَتْ بَيْتًا}، اتخذت بيتًا؛ هذه بيتها الذي هو شبكة صيدها ومكان إيوائها، مملكتها؛ مملكتها في هذا البيت الذي تصنعه من هذه الخيوط الضعيفة وتنسجه، والله يقول {وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ}، أوهن بيت يتخذه من هذه المخلوقات ليحميه بيت العنكبوت، فكل الحشرات والحيوانات كل شيء له بيت، يعني الصقر يجعل له بيت وكر في أعالي الجبال والنسور، النمل يتخذ بيوت في باطن الأرض، هي تحمي كذلك، لها حماية تحميها من أمور عظيمة لأنه فيه نوع من التحصين، العصفور يتخذ عشًا في الشجرة، بيت كذلك يحميه؛ أنه مرتفع، منسوج، ممكن الريح تأتي وتميل الشجرة يمينًا وشمالًا ويكون عش العصفور الصغير هذا محصن فيه، لكن كحشرة أو مخلوق إتخذ بيت يحميه أوهن البيوت في بيوت هذه المخلوقات كلها بيت العنكبوت، لأنه هذه الخيوط الدقيقة والتي لا تصمد أمام أي حركة، فحركة من قشة صغيرة فإنها ممكن أن تزيل هذا البيت من مكانه، فشبه الله -تبارك وتعالى- حصن الكافر الذي يتحصن به من ربه -سبحانه وتعالى- ويظن أنه منجيه من عقوبة الله -تبارك وتعالى- ومن بطش الله -تبارك وتعالى- وأنه متمكن في هذا، كمثل العنكبوت التي تحصنت في هذا البيت وتظن أن هذا حصن مانعها، والحال أنه لو جاء طفل صغير ومر بها شيء صغير وأزال هذا البيت فإنه يزول.
{مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ ........}[العنكبوت:41]، لكل المخلوقات {لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}، لو كانوا يعلمون؛ العلم الحقيقي، لعلموا أن ما يظنونه تحصنوا به من الله -تبارك وتعالى- فإنه لا حصن، ما يساوي شيء، فإنه إن كانت العنكبوت يصمد بيتها للعواصف وللريح فإنه يصمد ما إتخذوه؛ بيوت هؤلاء وحصونهم ومواليهم، يصمد أمام بأس الله -تبارك وتعالى-، والحال أنه لا يصمد، هذا هو المعنى الصحيح في هذا المثل المضروب الذي ضربه الله -تبارك وتعالى-، ولكن بعض المتحذلقين ممن يبحثون عن الإعجاز القرآني العلمي طبعًا قلبوا هذي المعاني، فقالوا إن خيوط بيت العنكبوت هي أقوى خيوط موجودة، بل إن هذا الخيط يصنع من مادة؛ المادة التي يصنع منها العنكبوت خيوط بيته، لو كان لها مثيل؛ مثيلها من الحديد الصلب، هي أقوى من مثيلها من الحديد الصلب، لو جئنا بحديد صلب وجعلناه بهذه الرقة فإنه يكون هذه المادة التي يصنع منها العنكبوت؛ هذه الخيوط الحريرية التي يصنع منها هي أقوى من الصلب، وإنها تنسجه ويكون هو مثلث أو مربع، يعني أكثر من خيط تلفه هذا اللف القوي ولذلك هو بيت في غاية الإحكام، طبعًا لما قالوا هذا وأن بيت العنكبوت هو أعظم وأقوى في الوجود إذا هنا قارناه بمثيله ممن يبنى بأي مادة أخرى، طبعًا إضطروا بعد ذلك إلى تأويل قول الله -عز وجل- "أوهن البيوت"، فإضطروا هنا إلى التأويل المعنوي، فقالوا أوهن البيوت من باب أنه بيت مجرم، فإن العنكبوت قالوا من أخلاقها أن الأنثى تقتل الذكر، وأن الأنثى هي التي تبني وأنها خادعة مخادعة، وأنها بمجرد أنها تلقح من الذكر تقتله ولا يعيش فيه فليس فيه إستقرار، يقولوا أن البيت هذا ما في إستقرار ولا فيه رحمة ولا فيه أنس، ما فيه ذكر وأنثى يعيشوا مثلًا مثل عش الطير، الذي يكون فيه الزوجين متآنسين ونحو ذلك، طبعًا ذهبوا إلى هذه التأويلات السخيفة بعيدًا عن الأمر، وأضاعوا المعنى الذي يراد هنا من الآية، يعني كأن بيوت المشركين أو مجتمعاتهم مجتمعات تقوم على الفساد وتقوم على السرقة والنهب والخيانة وغيرها من فساد الأخلاق، فقالوا أن الله -تبارك وتعالى- شبه مجتمع بمجتمع بيت العنكبوت، وهذا إخراج للآية عن معالها وعن مسارها وكلام تأويل وقول على الله -تبارك وتعالى- بغير علم.
والمثل واضح ظاهر للعيان وسياقه واضح، سياقه بيان أن هؤلاء الذين تحصنوا بما تحصنوا به، عاد الذين قالوا من أشد منا قوة وبغوا في الأرض، وثمود الذين كانوا متمكنين في أرضهم وديارهم وفي زروعهم وثمارهم ورفضوا ديَّت، قارون الذي قال وذكر بنعمة الله -تبارك وتعالى- {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي}، وفرعون الذي كان متمكن ومعتز بركنه الذي يركن إليه، من الجيش والشعب والناس الذين معه والبناء القوي والأمة القوية والتمكن في الأرض، وهامان هذا وزيره، منفذ مشاريعه، فهولاء الله –تبارك وتعالى- يقول قال {فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ}، قال {وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ ........}[العنكبوت:39]، قال -جل وعلا- {وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ}، يعني لا يغلبوننا، وقال {فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ}، كلًا من هؤلاء المجرمين أخذناه بذنبه، {فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا}، فالله -تبارك وتعالى- هنا في هذا السياق يبين قوته وبأسه وشدته -سبحانه وتعالى- على هؤلاء المجرمين، الذين ظنوا أنهم الأقوياء وأنهم يسبقون الله ويعجزونه، ثم ضرب الله المثل فقال {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ}، ينصرونهم، {كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ}، فالسياق يبين ضعف هؤلاء الذين تحصنوا بما تحصنوا به من الأمور الدنيوية، ضعفهم وهزالهم أمام قوة الرب -تبارك وتعالى-، وليس السياق هنا بيان أن مجتمع الكفار مجتمع فاسد، والله -تبارك وتعالى- أراد أن يشبه مجتمعهم بمجتمع العنكبوت الذي الأنثى فيه تقتل الذكر ونحو ذلك، هذا أمر للأسف أنهم أخرجوا هذا الأمر عن معناه، أما إذا كان في الحقيقة العلمية أن خيوط بيت العنكبوت خيوط قوية وأنها أقوى من مثيلتها من الصلب ما يتغير الأمر هذا، ما يتغير الأمر لكن هذه الخيوط وإن كانت بهذه فإنها في ذاتها ضعيفة، هي نعم كمادة قوية لكنها في المحصلة في النهاية وإن كانت خيوط مبنية، طبعًا القوة التي فيها حتى تبنى هذه الشبكة التي تصطاد فيها وتعيش فيها، لكنها في المؤدى وديَّت أنها جدًا ضعيفة، بعود صغير ممكن إزالة هذا البيت، فإزالته على الإنسان أهون من إزالة بيت النمل أو عش النحل أو عش الطائر أقوى من هذه، لا شك أن هذه كلها أقوى من البيت الذي يتخذه العنكبوت، أحببت أن أعرج على هذا لأن كثيرًا من المولعين بما يسمى بالحقائق العلمية يأتوا أحيانًا إلى آيات الله -تبارك وتعالى- ويصرفوها عن معناها، ويأولونها بهذا الذي يظنونه أنه التفسير والتأويل الصحيح، ويظنوا أن هذا هو الشيء الصحيح وبعد ذلك يسفهوا أحلام علماء الأمة وسلف الأمة، وكذلك يخرجوا آيات الله -تبارك وتعالى- عن معانيها، ويقولون بعد ذلك {وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ}[العنكبوت:43]، أنهم هم العالمون الذي عقلوا هذه الأمثال وأن غيرهم لم يعقلوها.
قال -جل وعلا- بعد ذلك {إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ........}[العنكبوت:42]، ما إما أن تأتي هنا موصولة بمعنى الذي {إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ........}[العنكبوت:42]، يعني الله -تبارك وتعالى- يعلم كل ما يدعونه من دونه، من شيء؛ أي شيء يدعونه من دون الله -تبارك وتعالى- فالله يعلمه وسيحاسبهم عليه، وهذا فيه تهديد لهم، أو إن الله يعلم؛ هذا ديَّت، ما يدعون من دونه من شيء؛ ما تكون ما النافية، ممكن أن تكون ما النافية؛ ما يدعون من دونه من شيء، يعني أن هذا الذي يدعونه من دون الله مو هو شيء، ونفيه أنه ما هو شيء من باب نفي أنه له نفع، وهذا في سياق من كلام العرب أن ينفوا حقيقة الشيء وهم يريدون نفع فائدته وثمرته، كما سئل النبي -صلوات الله والسلام عليه- عن الكهان، فقال ليسوا بشيء، لما سألوه عن الكهان فال ليسوا بشيء، يعني ليس معناه أن ليس لهم وجود وإنما ليسوا بشيء مفيد فيما إتخذ فيه، أنهم كهان ها دول أنهم يعرفون الغيب وأن لهم معرفة به قال ليسوا بشيء، وكما في لغة العرب مثلًا يقول لك فلان ليس برجل، ليس برجل ليس هو نفس أنه رجل وإنسان وإنما نفي الصفة التي ترتجى من الرجال؛ اللي هو صفات الرجولة، من القوة والأخلاق وديَّت، فالنفي هنا ليس يراد به نفي الحقيقة وإنما نفي المنفعة والتأثير، {إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ........}[العنكبوت:42]، ما يدعون من دونه من شيء نافع، فالذي يدعونه ويطلبونه من دون الله لا يحقق لهم شيء وبالتالي هو ليس بشيء، مهما دعوا؛ دعوا الشمس، دعوا القمر، دعوا النجوم، دعوا هذه الآلهة، ما تنفعهم شيء، كما قال -تبارك وتعالى- {........ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ}[الرعد:14]، {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ}، الله -سبحانه وتعالى- إذا دعي هذي دعوة الحق.
{........ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ}[الرعد:14]، هذا مثل ضربه الله -تبارك وتعالى-، يوضح هذا المثل هنا فيمن يدعوا من دون الله -تبارك وتعالى-، وأن الله هو الذي يدعى فيجيب -سبحانه وتعالى- لأنه الرب الإله الذي بيده ملكوت كل شيء، {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ}، الذين يدعونهم من دون الله، {لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ}، ما في غير الله -تبارك وتعالى- مما يدعى يمكن أن يجيب داعيه بشيء، ثم قال -جل وعلا- {إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ}، فصور الله -تبارك وتعالى- دعاء الكافرين لأوليائهم بدعاء من يجلس على شفا بئر ودعوا الماء وهو في الأسفل يقول للماء تعالى؛ إصعد لي أيها الماء، والماء لن يستجيب، الماء هذا السائل المائع هو في قاع البئر سيظل ولا يستجيب له مهما دعاه، لو وقف على شفا البئر يدعوا الماء إلى أن يخرج ليشربه ويصعد إليه الماء ما هيصعد إليه، {........ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ}[الرعد:14]، فهؤلاء الذين يدعون من دون الله وينتصرون بهم ويدعونهم في وقت الكرب ما هيسووا لهم شيء، ولذلك لما جاء بأس الله -تبارك وتعالى- ووقع على هؤلاء ما إستفادوا شيئًا بهذه الآلهة الباطلة التي كانوا يعبدونها من دون الله.
{إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ........}[العنكبوت:42]، يعني ليس هؤلاء الذي يدعون من دونه آلهة هي شيء نافع لهم، على المعنى الأول الما هذه موصولة، {إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ........}[العنكبوت:42]، يعني الذي يدعونه من دونه وهذا تحذير، كل الذي دعوه من دون الله -تبارك وتعالى- فيعلمه الله، وهو العزيز؛ الغالب، الذي لا يغلبه أحد، العزيز في لغة العرب هو الغالب، والعرب تقول من عز بز، من عز بز يعني من غلب إستلب، يعنون من غلب إستلب، فهو العزيز؛ الغالب الذي لا يغلبه أحد، الحكيم؛ الذي يضع كل أمر في نصابه، يعني العليم بكل شيء والذي يضع كل أمر في نصابه، الهدى في نصابه والضلال في نصابه، كل أمر من الأمور إنما هو واقع من الله -تبارك وتعالى- في مكانه الصحيح؛ الحكيم، ويكون هنا وهو العزيز الحكيم {إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[العنكبوت:42]، الغالب الذي لا يغلبه أحد، الحكيم؛ الذي يضع كل أمر في نصابه، وبالتالي هو الذي يستحق أن يدعى وأما ما يدعونه من دون الله ما هو شيء، لا يستجيب لهم بشيء.
ثم قال -جل وعلا- {وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ}[العنكبوت:43]، وتلك الأمثال؛ إشارة إلى ما ضرب الله -تبارك وتعالى- إلى المثل هنا، والأمثال التي يضرها في كتابه، {نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ}، ضربها؛ بيانها، تأتي ضرب لمعاني كثيرة، تأتي للضرب بالمعروف وهو إنزال العقوبة بها ديَّت، وتأتي للنصب كما أقول ضربت الخيمة، وتأتي للطبع كما أقول ضربت هذه العملة في سنة كذا وكذا، ومنه ضربت عليهم الذلة والمسكنة؛ يعني طبعت عليهم، وضرب المثل هو يعني قوله وصياغته، يعني أن الله يضرب هذا المثل؛ يعطي هذا المثل -سبحانه وتعالى-، ويقوله على هذا النحو، يبينه على هذا النحو، {وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ}[العنكبوت:43]، لا يعقلها؛ من العقل، والعقل في القلب، إلا العالمون؛ إلا أهل العلم الذين يعقلون هذه الأمثال، وهذا مثل عظيم جدًا يجعل كل من له تعلق بغير الله -تبارك وتعالى- أن يكفر بمتعلقه هذا وأن يتركه، لأن شبه من يتعلق بغير الله كالعنكبوت التي تتعلق ببيتها؛ ما تحميها، لا يحميها، إذن {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ}.
ثم قال -جل وعلا- {خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ}[العنكبوت:44]، هذا إخبار من الله -تبارك وتعالى- بأن هذا خلق السماوات ليس سدى وليس عبث، وإنما هو مخلوق بالحق، بالحق خلقها الله -تبارك وتعالى- بالحق، أولًا خلق الله -تبارك وتعالى- هذا الخلق ليعبد ويعرف، فهذه المخلوقات دالة على خالقها، عظمة المخلوقات دالة على عظمة الخالق -سبحانه وتعالى-، ووحدة المخلوقات وارتباط بعضها ببعض وهي أجزاء متباعدة، لكنها كلها ترتبط في وحدة واحدة، وحدة الخلق دليل على وحدة الخالق -سبحانه وتعالى-، دقة الصنع في كل شيء من الذرة الصغيرة إلى المجرة الكبيرة، دقة الصنع دليل على عظيم صنع الله -تبارك وتعالى-، على أن الصانع صانع قدير عليم -سبحانه وتعالى-، كذلك التسخير والتسيير مع قوة هذه المخلوقات إلا أنها مسخرة مسيرة، فالشمس هذه الكبيرة العظيمة وما علاها من النجوم كلها تسير في نظام بديع لا تتقدمه ولا تتأخره، دليل على قهر من خلقها ومن وضعها في نصابها؛ فهذي آيات، {خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ ........}[العنكبوت:44]، فهذا من دلالة الخلق، وطبعًا لا يمكن أن يكون خلق الله -تبارك وتعالى- هذا الخلق عابثًا وسدى، بل خلق هذا الإنسان وأمره بأن يسير في هذا الطريق، {........ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى}[طه:123]، {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}[طه:124]، {قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا}[طه:125]، {قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى}[طه:126]، {وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى}[طه:127]، فهذا فيه عقوبة وفيه مجازاة، فهذا الحق الذي قامت عليه السماوات والأرض، الله قال لموسى {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى}[طه:15]، ستقوم الساعة ليأخذ كلٌ جزائه، وأما أن يكون الله -تبارك وتعالى- قد خلق السماوات والأرض ولا قيامة ولا جزاء بعد ذلك فيكون عبث وسدى، {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ}[المؤمنون:115]، {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ}، قال -جل وعلا- للكفار {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا ........}[ص:27]، فاعتقاد الذين كفروا أنه لا هدف؛ ما في غاية من الخلق، نقول خلقنا نأكل، نشرب، نتمتع، نعيش، نفعل ما نشاء، الإنسان هو سيد نفسه، هو سيد هذا الكون، يفعل ما يشاء بحريات شخصية، لا يصح لأحد أن يتدخل في شئونه ويعيش ما يشاء، ثم ينتهي ويموت ولا تبقى حكومة ولا الذي خلق هذا الخلق يريد من خلقه ماذا يريد منه؟ لماذا خلقه؟ هل له أمر؟ هل له نهي؟ لا يسأل عن هذا، طبعًا هذا إتهام للرب -تبارك وتعالى- بأنه خلق هذا الخلق عبث وسدى، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.
{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ}[ص:27]، {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ}[ص:28]، يجعل الله هذا مثل هذا ويسوي بين هذا وهذا وتكون نهاية واحدة، ولا تكون قيامة ولا محاسبة ولا مؤمن يأخذ جزائه ولا كافر يأخذ عقابه، يبقى هذا الخلق لا معنى له وهذا الخالق يكون عندهم عابث ولاهي ولاعب، وخلق هذا الخلق لا فائدة من خلقه، بل يكون هذا العالم ليس عاقلًا؛ ما له عقل ولا له حكمة، تعالى الله عن ذلك، {خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ}[العنكبوت:44]، إن في ذلك؛ هذا الذي ذكر، آية للمؤمنين أن الله -تبارك وتعالى- لم يخلق خلقه سدى وعبثًا، وإنما خلقه بالحق، خلقه ليعبد -سبحانه وتعالى- وليكون هذا الخلق دالًا على الإله المولى الرب العظيم القادر على كل شيء -سبحانه وتعالى-.
ثم وجه الله -تبارك وتعالى- الخطاب لرسوله فقال {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}[العنكبوت:45]، {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ}، التلاوة؛ القراءة، ما أوحي إليك؛ والموحي هو الله -تبارك وتعالى-، من الكتاب؛ هذا الكتاب، وهذا الأمر هنا له معاني عظيمة جدًا، أولًا الإستغناء بهذه القراءة عن كل شيء؛ هذي واحدة، الأمر الأخر أن ما يقرأه النبي من الكتاب فيه الإنذار لهؤلاء الذين أرسل إليهم، فالكتاب نزل نذارة لهؤلاء الكفار، {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}[الفرقان:1]، كذلك الكتاب فيه بشارة لأهل الإيمان، {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا}[الكهف:1]، {قَيِّمًا لِيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا}[الكهف:2]، {مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا}[الكهف:3]، كذلك هو بعد أنه نذارة للكفار، بشارة للمؤمنين، تثبيت لقلب النبي -صلوات الله والسلام عليه-؛ أي ثبات، {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا}[الفرقان:32]، كذلك لما في هذا من الرد على شبهة الكفار، {وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا}، {وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا}[الفرقان:33]، فتلاوة النبي للقرآن هذا تثبيت لقلب النبي، بشرى لأهل الإيمان، نذارة لهؤلاء الكفار، بيان وهدى، {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ}، بهذه المنافع العظيمة التي أنزل وأرسل من أجلها القرآن، {وَأَقِمِ الصَّلاةَ}، وأقم الصلاة؛ توجيه للنبي -صلوات الله والسلام عليه- بأن يقيم الصلاة لله -تبارك وتعالى-، ولم يكون هذا الأمر هنا في هذا السياق لأن النبي -صل الله عليه وسلم- قد إختبره الله -تبارك وتعالى- وإبتله بحمل هذه الرسالة العظيمة الشديدة، {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا}[المزمل:5]، {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}[المدثر:1]، {قُمْ فَأَنذِرْ}[المدثر:2]، ينذر من؟ ينذر الأمم كلها، ينذر الأمم والشعوب كلها ويخبرهم بأمر الله -تبارك وتعالى-، فهو مرسل برسالة للعالمين -صلوات الله والسلام عليه-، وسيتحمل في هذا ما يتحمله فالصلاة كهفه، الصلاة كهفه، {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}[العنكبوت:45].
سنعود -إن شاء الله- إلى هذه الآية في الحلقة الآتية، استغفر الله لي ولكم من كل ذنب، وصل الله وسلم على عبده ورسوله محمد.