{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة:2] {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[الفاتحة:3] {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة:4]، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين؛ سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.
وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}[الروم:28] {بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ}[الروم:29] {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}[الروم:30] {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[الروم:31] {مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}[الروم:32]، بعد أن ذكَر الله -تبارك وتعالى- في هذه السورة؛ سورة الروم، وهي سورة مكية كما سبق، آيات الله -تبارك وتعالى- في الخلق، وفي الناس، وفي الحياة، وفي السماوات والأرض، من عظيم صنعه -سبحانه وتعالى- الذي لا يشاركه فيه أحد، ولا يمكن لأحد أن يصنع شيئًا من هذا وأن يفعل شيئًا من هذا، بدءًا من قوله {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ}[الروم:20]، مَن يخلِق هذا الخَلق؟ فهذا الخلق؛ هذي البشرية كلها بأجيالها المتعاقبة جيل بعد جيل، من وقتنا هذا إلى أبو البشرية كلهم؛ آدم -عليه السلام-، الذي خلقه الله -تبارك وتعالى- من تراب هذه الأرض، وأسكنه جنته ثم أنزله، ثم خلق الله -تبارك وتعالى- زوجه له؛ من ضلع من أضلاعه، إسكانها معه وخلقه ليسكن إليها، {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[الروم:21]، ثم خلق هذه السماوات والأرض، قال {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ}[الروم:22]، ثم خلق هذا البشر مختلفي الألوان ومختلفي الألسنة؛ آية من آيات الله -تبارك وتعالى-، ثم ما وضعه لهؤلاء البشر من النوم ليرتاحوا فيه ومن السعي في الحياة ليسعوا، هذا لا يفعله ولا يصنعه إلا الله -تبارك وتعالى-، وكذلك هذا المطر الذي به حياتهم على الأرض؛ أنه يبدأ هناك بالبرق، {وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَيُحْيِي بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}[الروم:24].
ثم أخبر بأن من آياته أن يعيد هذا الخلق، {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الأَرْضِ إِذَا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ}[الروم:25] {وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ}[الروم:26]، الرب الإله المتفرد الذي تفرَّد بهذا الخلق فهو كذلك متفرِّد -سبحانه وتعالى- بتصريف هذا الخلق، وبقهره، وبأنه تحت أمره ومشيئته، لا يخرج شيء ولا ذرة من ذرات هذا الوجود عن أمره -سبحانه وتعالى-، {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[الروم:27]، وله المثل الأعلى، ثم ضرب لهم مثل؛ كيف يجعلوا لله -تبارك وتعالى- شريكًا له من خلقه؟ والحال أنهم لا يرضون أن يكون عبيده وأرقَّائهم شركاء لهم في أموالهم؛ علمًا أنهم لم يخلقوهم، أنت لم تخلق عبدك ولم تخلق أمَتَك، مجرد أنه عبد عندك إشريته بمال، وضعته ظروفه وهو إنسان مثلك، قد يكون العبد أكثر ذكاءً وقدرةً من سيده، لكن ظروفه التي هي وضعته هذا، أنت لا تقبل أن يكون هذا العبد اللي هو مشارك لك في الإنسانية؛ مثلك، مثلك مثله، خلقك خلقه، ربما كان أوفر منك حظًا من علم، ومن عقل، ومن إرادة، ومن قدرة، لكن وضعته ظروفه ليكون عبدًا لك، ومع هذا لا ترضى أن يكون شريكًا لك في مالك وتأنف أشد الأنَفَة من هذا، فكيف ترضى هذا لإلهك وربك وملاك -سبحانه وتعالى-؟ كيف ترضى لله -تبارك وتعالى- أن يكون من خلقه؛ من خلقه الذين خلقهم، أن يكونوا أنداد لله –تبارك وتعالى-، وأن يتصرفوا في ملك الله -تبارك وتعالى- كالله، وأن يكونوا شركاء لله -تبارك وتعالى- في العبادة، وأنت أيها المشرك الكافر لا ترضى أن يكون عبدك؛ الذي إشتريته، أن يكون ندًا لك وشريكًا لك ويتصرف في مالك، وأنه إذا إشترك؛ كان في شركة، تخافه كما تخاف الحر، ما ترضى هذا، فكيف ترضاه لله -تبارك وتعالى-؟ والحال أنه كان يجب أن ينسب لله المثل الأعلى -سبحانه وتعالى-، لا يمكن أن يكون هناك صفة مدح في المخلوق الله لا يتصف بها -سبحانه وتعالى-، كيف؟ كيف يمدح المخلوق بالقوة، أو بالملك، أو بالسمع، أو بالبصر، أو بأي صفة من صفات الكمال، والله -تبارك وتعالى- لا يتصف بذلك، قل الله له المثل الأعلى -سبحانه وتعالى- في السماوات والأرض وهو العزيز العكيم.
لمَّا بيَّن -سبحانه وتعالى- فساد قياس ما عند الكافر من قياس، ما عنده من أمر، وينسب لله -تبارك وتعالى- من صفات النقص ما لا يرضاه هو لنفسه، يعني هو لا يرضى لنفسه صفة هذا النقص التي يرضاها لله -تبارك وتعالى-، فمثل هذا أنه لا يرضى أن يكون عبده شريكه، كذلك لا يرضى أن يكون مما يرزق بنات؛ ما يرضى البنات لنفسه، ومع هذا ينسبونه لله -تبارك وتعالى-، ويقولون الله -تبارك وتعالى- جعل ملائكته بنات، كيف هذا؟ أنت لا ترضى أن ترزق بالبنات، {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ}[النحل:58] {يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ ........}[النحل:59]، ومع هذا يرضى لله وينسب لله -تبارك وتعالى- ما يأنف هو نفسه أن يكون هذه له وصفة له، فيجعل الملائكة بنات الله -تبارك وتعالى-، {أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}.
قال -جل وعلا- {بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ}، لكن مصيبة الكافر وهذه أنه فقط يتَّبِع هواه بغير علم، وهواه هذا يخلق له ويبني له عقائد من الباطل والزيف، ولا تَثبُت هذه العقائد عند أي نظر وأي برهان لكن بالهوى، خلاص بالهوى ظنَّ أن الله -تبارك وتعالى- لما خلق الملائكة خلقهم بنات، فقال الملائكة بنات، الله تزوج، ظهر بنات، بمجرد الهوى وبمجرد الظن يتَّبِع هذا ويجعله حقيقة، وبعد ذلك بنات هم يشاركوا الله -تبارك وتعالى-، إذا عبدناهم هم يرفعون شيكاتنا ويرفعون سؤالنا لله -تبارك وتعالى-، والله يستجيب لهم إذن يَعبُد ويمشي، سار على هذا الأمر وهو عبارة عن ظنون كاذبة؛ اتَّبعَها بهواه وسار فيها، وعلى هذا الأمر الشرك كله على هذا النحو؛ ظنون كاذبة واتِّباع للهوى، اتِّباع للهوى؛ فالذين عبدوا عيسى، الذين عبدوا الشمس، عبدوا القمر، عبدوا النجوم، عبدوا الكواكب، عبدوا هذه المخلوقات، إنما زَيَّنت لهم أهوائهم هذه، ليست هذه آلهة في الحقيقة، وإنما بتزيين الشيطان لهم وبتزيين الأهواء لهم واتَّبَعوها، {بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا}، وضعوا الأمور في غير محلها، {أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ}، أهوائهم؛ ما تهواه أنفسهم، ما تحبه، وسمي اتِّباع الإنسان لما يحب ويشتهي دون نظر ودون عقل؛ سمي هوى لأنه يهوي بصاحبه، لأنه يهوي بصاحبه ويُسقِط صاحبه، {أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ}، قال -جل وعلا- {فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ}، هؤلاء لا هداية لهم، مَن يستطيع أن يهدي هؤلاء الضلَّال العميان؟ الذين أعماهم الله -تبارك وتعالى- وأضلهم، أضلهم الله عقوبة لهم عندما تركوا الحق الواضح البيِّن واتَّبعوا الهوى، عند ذلك طمس الله بصيرتهم، فالله أضلَّهم لمَّا زاغوا عن طريق الحق وتركوا طريق الحق بعد ما عرفوه وبُيِّن لهم، ولكنهم آثروا اتِّباع أهوائهم، قالوا هذا آبائنا وأجدادنا، وهذا كنَّا عليه، وهذا أمر سرنا عليه، فلَّما اتَّبعوا أهوائهم بغير علم عند ذلك عاقبهم الله -تبارك وتعالى-؛ فطمس على بصائرهم، {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ}[البقرة:6] {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[البقرة:7].
{فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ}، يعني من أضلَّه الله من يستطيع أن يهديه؟ الله -سبحانه وتعالى- إذا أضلَّ عبده هل يستطيع أحد أن يكشف قلب هذا؟ الذي أضلَّه الله -تبارك وتعالى-، أن يفتح قلبه للهدى وقد قفل الله قلبه، يستحيل، قال -جل وعلا- {وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ}، فليس لهم هدى، لن يهديهم أحد مادام الله -تبارك وتعالى- أراد إضلالهم، وليس لهم من ناصرين؛ ليس لهم من أحدٍ ينصرهم مِن دون الله -تبارك وتعالى-، ومَن هذا؟ مَن هذا الذي سينصرهم مِن دون الله؟ يقوم يخرجهم من عقوبته، يفديهم من النار، لا ناصر لهم، لا ناصر لهم مع الله -تبارك وتعالى-، فالله خازلهم ولا شك أن كل من أراد أن ينصرهم فهو مخزول، {وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ}، مادام الأمر على هذا النحو إذن، ما دام الأمر؛ أمر الكافر على هذا النحو، أنه لا عقل له ولا فهم له، وأنه ينسب إلى ربه ما لا يرضى هو أن ينسبه لنفسه، وأنه متَّبِع لهواه، وأن الله أضلَّه على هذا النحو، وأنه لا ناصر له، إذن فعليك أيها المؤمن بقى أن تتوجه إلى الطريق الصحيح.
{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا}، أمر من الله -تبارك وتعالى- لرسوله وهذا أمر لكل المؤمنين، {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا}، أقم وجهك؛ الإقامة الإستقامة، يعني إجعل وجهك قائمًا للدين، حنيفًا؛ بعيدًا عن كل طرق هذا الشرك، للشرك طرق كثيرة منحرفة، معوجة، مَل عن كل هذه الطرق إلى صراط الرب -تبارك وتعالى-، {فَأَقِمْ وَجْهَكَ}، وإذا أقام الإنسان وجهه خلاص يبقى هذا معنى السير، لأن الذي يريد أن يسير في طريق أول ما يُوَجَّه شيء منه يُوَجِّه وجهه، وجه في هذا الطريق خلاص ثم يتجه فيه، {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ}، دين الله، الدين هذا هو الدين، هذا هو الدين الحق، {لِلدِّينِ حَنِيفًا}، مائلًا عن كل ديَّت، {........ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}[الروم:30]، {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}، الخلق؛ الله -تبارك وتعالى- خلق الخلق هكذا، خلق الخلق لا إله لهم إلا هو -سبحانه وتعالى-، لأنه هو الخالق وحده؛ هو الخالق وحده، وكل هذه الخلائق تصمد إلى الله -تبارك وتعالى-، الله هو الصمد، كل مخلوقاته تصمد إليه، ما في هناك موجود يَصمُد إليه شيء من هذه الخلائق، بل كل الخلائق تصمد إلى الله -تبارك وتعالى-، كلها صامدة إلى الله، لأن في كل نظر وفي كل اعتبار الخالق لهذه المنظومة العظيمة من الخلق خالقها واحد، لأنها منظومة؛ منظمة، موجودة وجود واحد، مرتبط كل جزء منها بالأخر، أمر مُحكَم في غاية الإحكام كأنها آلة بتروس وبنظام واحد، نظام واحد يجمعها كلها، فالله -تبارك وتعالى- خلق الخلق على هذا النحو؛ أنه خلق واحد، كلٌ منه مُحتاج إلى الأخر، ودليل على أن خالقه إله واحد -سبحانه وتعالى- لا إله إلا هو، هذا هو الإحكام، فهذه {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا}، الدين؛ الله -تبارك وتعالى-، {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}، هذه فطرة الله؛ أن الخلق كلهم شاخصون ومتجهون أن ثمة إله واحد هو الذي خلقهم -سبحانه وتعالى-، وهو الذي يصمدون إليه، هذه الفطرة تتغير في الإنسان الكافر بالتعليم الباطل، عندما يأتيه التعليم الباطل والتزييف من صغره يقوم يخرج عن هذا، كما قال النبي -صل الله عليه وسلم- «كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه»، فالتنصير والتهود والتمجيس بالمجوسية يبدأ من الصغر، لأن من الصغير ييجي النصارني يعلق الصليب على إبنه، ويرسم أمامه الصليب، عندما يأكل يرسم أمامه الصليب، فيعلمه النصرانية من الصغر، يلويه ويبعده عن الفطرة، وكذلك اليهودي عندما يبدأ ديَّت ويبدأ يغذيه باليهودية من صغره، مع أول شربه للحليب يغذيه باليهوديه ويبثها فيه، فيصرفه عن فطرة الله -تبارك وتعالى- التي فطر الله -تبارك وتعالى الناس عليها، وهي أن يشهدوا لربهم بالواحدانية؛ وأنه الإله الواحد لا إله إلا هو -سبحانه وتعالى-، فهذه فطرة الله فَطَر الله الناس عليها، لكن إخراجهم عن هذه الفطرة إنما هو بالتعليم الباطل؛ بالتعليم الكاذب، هذا الذي يصرفهم ويخرجهم عنها.
{فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ}، هذا خلق الله -تبارك وتعالى- الأول مستمر كما هو، التبديل والتغيير إنما يكون بالتنصير والتمجيس والتهويد بعد ذلك، لكن الخلق الأساس؛ الخلق الأساس على التوحيد، كما قال -صلوات الله والسلام عليه- «كل مولود يولد على الفطرة»، فالولادة على الفطرة وييجي التهويد بعد ذلك، «فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه»، وقال -صل الله عليه وسلم- «الفطرة كما تنتج البهيمة جمعاء؛ ليس فيها من جدعاء»، البهيمة عندما تنتج؛ تنتج كاملة الأطراف، يشوفها الإنسان تنزل البهيمة من بطن أمها، ولد الناقة عندما ينزل؛ ينزل كامل، ما فيه شيء؛ لا فيه أذن مقطوعة، ولا فيه خَشم فيه ديَّت، ولا فيه وسم، ولا فيه شيء، وكذلك البقرة، وكذلك العنز، عندما تنزل؛ تنزل كاملة، ليس فيها من جدعاء؛ ما فيها تَجدِّيع، ولكن التَجدِّيع هذا والتشويه إنما يأتي بعد ذلك، فكل إنسان يولد على الفطرة مثل هذه؛ مثل الخلق الأول كامل، كامل في كل شيء، لو خُيِّر بينه وبين فطرت لاختار الرب -تبارك وتعالى-، ولاهتدى إلى الرب الخالق الذي لا إله إلا هو -سبحانه وتعالى-، ولكن يأتي التَجدِّيع ويأتي التشويه بعد ذلك، {لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}، هذا هو الدين القيِّم، هذا هو الدين القويم؛ أنه لا إله للعالمين إلا الله -سبحانه وتعالى-، ولا رب لهم سواه -سبحانه وتعالى-، وأن صراطه هو الصراط المستقيم وحده، وأن كل صراط غير صراط الله -تبارك وتعالى- فباطلة، فهذا هو الدين القيِّم، الدين القيِّم؛ الدين القويم، المستقيم؛ الذي لا عِوج فيه، قال -جل وعلا- {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}، ولكن أكثر الناس لا يعلمون هذه الحقيقة، وانطلق كلٌ منهم في طريق من طرق الضلال وتركوا الصراط المستقيم؛ صراط الرسل، {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}.
ثم قال -جل وعلا- {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[الروم:31] {مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}[الروم:32]، {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا}، ثم قال -جل وعلا- {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ}، يعني كونوا مُنيبين إليه، مُنيبين؛ الإنابة الرجوع، يعني راجعين إليه، في كل شئونكم وأحوالكم كل مرجعكم إلى الله -تبارك وتعالى-، استبدادًا لشرعه، تنفيذًا لأمره، تصديقًا لخبره، صبرًا على قضائه وقدره، هذ الإنابة إلى الله؛ الإنابة إلى الله هي الرجوع إليه، الرجوع إليه في كل شيء، ترجع إليه في الحكم؛ فالحكم منه -سبحانه وتعالى-، ترجع إليه في التشريع، ترجع إليه -سبحانه وتعالى-، الإنابة إليه في التصديق؛ أن خبره هو الصدق -سبحانه وتعالى-، تصدِّق خبره، تنفِّذ أمره -سبحانه وتعالى-، {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ}، في كل شئونكم، واتقوه؛ خافوه، خافوا الله -تبارك وتعالى- وذلك أن الله -تبارك وتعالى- يعاقب، ويؤاخذ بالذنب، بل هو شديد العقاب، بل لا أحد يعاقب كما يعاقب هو، ما في أحد يعاقب من يريد عقوبته كما يعاقب الرب -تبارك وتعالى- أعدائه، {فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ}[الفجر:25] {وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ}[الفجر:26]، ما أحد يُعذِّب كعذاب الله، ولا يوثق أحد كما يوثق الله -عز وجل- مهما وجد من المخلوق من يُعذِّب مخلوقًا مثله، ماذا يصنع له؟ يجيب له قيد من الحديد، من الصلب، القيد هذا يحميه بهذه النار، بسلسلة مترين، ثلاثة، عشرين متر، يقيده فيها، أين هذا من قيد الآخرة ومن اغلالها، غُل الآخرة لو وضعت الحلقة منه على جبل لدكته؛ من شدة حرها ونارها، {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ}[الحاقة:30] {ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ}[الحاقة:31] {ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ}[الحاقة:32]، ذرعها؛ طولها، سبعون ذراع؛ قيل بذراع الملك، {فَاسْلُكُوهُ}، {إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ}[الحاقة:33]، لا أحد يقيد أعدائه ويسلسلهم كما يقيد الله -تبارك وتعالى- أعدائه ويسلسلهم، كذلك لا يُعذِّب أحدًا أعدائه كما يُعذِّب الله -تبارك وتعالى-، قال {وَاتَّقُوهُ}، خافوه، يؤاخذ بالذنب، وإن كان الذنب صغير عندك قد يكون كبيرًا عند الله -تبارك وتعالى-، {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ}، فهو الذي يُقدِّر هذا الذنب؛ صِغَره أم كِبَره، والعقوبة عليه كم تكون، وكيف تكون، فاتقوه؛ خافوه -سبحانه وتعالى-، احذروا أن تعصوا أمره -جل وعلا-.
{مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ ........}[الروم:31]، أشرف ما أمر الله -تبارك وتعالى- به عباده الصلاة، وذلك أنها هي تعظيم الله، هي الأعمال والأقوال التي شرعها الله-تبارك وتعالى- لتعظيمه وذِكرِه -سبحانه وتعالى-، لِما فيها من الأقوال القويمة والأفعال العظيمة التي تدل على عبودية العبد نحو إلهه وخالقه ومولاه، من قيامه قائمًا بين يديه قيام الذليل الخاشع، وركوعه ركوع العبد الذليل، وسجوده؛ فيضع أشرف مواضعه في الأرض بين يدي الله -تبارك وتعالى-، أشرف ما في الإنسان وأعلاه جبهته وأنفه فيضعها في الأرض؛ خضوعًا لإلهه ومولاه -سبحانه وتعالى-، فالصلاة بما فيها من الأقوال الأعمال العظيمة التي تدل على عبودية العبد، وخضوعه، وذله، وإنابته، وتذلُّله لربه -سبحانه وتعالى-، هذي أشرف الأعمال، {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ}، وأقيموها يعني خلوها على الوجه المستقيم، {وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، لا تكونوا من هؤلاء المشركين الذين إتخذوا لهم إلهًا مع الله -تبارك وتعالى-، أو إليه غير الله -جل وعلا-.
{مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ........}[الروم:32]، المشركين ألوان وضروب ما تنتهي، الشرك ليس له حده؛ ما له حد ينتهي إليه، فكل قوم من أهل الشرك إتخذوا لهم إله غير إله الأخر، فهذا الذي إتخذ عيسى إلهًا، وهذا أخذ الملائكة، وهذا أخذ الشمس، وهذا أخذ القمر، وهذا أخذ النجوم، وهذا أخذ شجرة، وهذا أخذ حجر، وهذا أخذ بوذا وصنم وضعه ونصبه، وهذا أخذ كونفشوش، وهذا أخذ الكذا، وهذا أخذ الملك، وهذا أخذ الطاغوت، ومن الناس من تتخذ ما تتخذ، هذا الشرك تهاويل وألوان لا حد لها، فقد عُبد حتى الحيوانات الحقيرة والنجسة عُبدت من دون الله، كالقرود، والفئران، والحيات، وغيرها من أمور كلها ضرر وخبث، ومع ذلك عُبدت من دون الله، وجعلت إله يُعبَد؛ يعني يُطلَب منه الرحمة، يُطلَب منه الخير ويُتقى به الشر، والحال أنه ليس في الوجود كله من يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًا دون الله -تبارك وتعالى-، ولا يملك لعابده نفع ولا ضر، لا عيسى ولا من هو أشرف من عيسى ولا أقل منه يملك لعابده نفع ولا ضر، ما يملك نفع ولا ضر لهم، ومع ذلك إتخذوهم آلهة يعبدنهم من دون الله -تبارك وتعالى-، {مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ}، هؤلاء المشركين، {وَكَانُوا شِيَعًا}، أحزاب وجماعات مختلفة، {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}، كل حزب؛ كل جماعة، مجتمعة من هؤلاء المشركين حول صنمه وحول إلهها فرحة به، تفرح بهذا وترى بأن هم الأمة المهتدية الذين على صواب، وقد تحتقر غيرهم وتنظر إلى غيرهم من هذا، كما كان المشركون من العرب يقولون للنبي -صلوات الله والسلام عليه- مفتخرين بأنهم يعبدون الملائكة، يقولون نحن نعبد الملائكة، الملائكة بنات الله، وأما النصارى فإنما يعبدون بشر؛ يعبدون عيسى، ويقولون عنه إبن الله، ويقولون {أَآلِهَتُنَا خَيْرٌ أَمْ هُوَ}، أآلهتنا التي نعبدها وهم الملائكة خير أم هو؛ أم عيسى ابن مريم، يعبده من يعبده من النصارى، قال -جل وعلا- {........ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ}[الزخرف:58]، النبي جاي يفاضل لهم بين إله من الخلق وإله، إنما جاء النبي محمد -صل الله عليه وسلم- يدعوهم إلى الله؛ خالق الخلق -سبحانه وتعالى-، مُدبِّر الأمر وحده -سبحانه وتعالى-، ولم يكن يأتي ليفضل لهم بين شرك وشرك، فالشرك كله من باب واحد؛ فمن عَبدَ عيسى، ومن عَبدَ صنمًا، ومن عَبدَ اللات والعُزَّة، كل هؤلاء مشركون، لا فرق في هذه العبادة بين إله وإله لأنه لا إله إلا الله، الإله على الحقيقة إنما هو الله -تبارك وتعالى- وكل ما يُعبَد من دونه فعبادته باطلة.
فالله هنا هدى المسلمين ووجَّههم إلى أن يعبدوا الإله الواحد الذي لا إله إلا هو، ويتركوا هؤلاء الأخباث الأنجاس من أهل الشرك، الذين تحزَّبَت كل جماعة منهم نحو إله يعبدونه، وكلٌ منهم فرح بما هو عليه من الدين، قال -جل وعلا- آيات عظيمة جدًا في توجيه الله -تبارك وتعالى- لعباده المؤمنين، {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ}، الدين الحقيقي، {حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}، هذا الدين القويم على الحقيقة، {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}، {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ}، يعني أقم وجهك إلى الدين وأنتم منيبين إليه، منبين إلى الله؛ راجعين إليه في كل أموركم، {وَاتَّقُوهُ}، خافوه، {........ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[الروم:31] {مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}[الروم:32]، وفي هذا كذلك توجيه للمسلمين ألا يختلفوا، فإن إلههم -سبحانه وتعالى- واحد ودينهم واحد وصراطهم واحد، وألا يختلفوا ولا يكونوا مثل هؤلاء المشركين المختلفين في أديانهم وفي طرقهم.
ثم قال -جل وعلا- {وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ}[الروم:33]، هنا فاصل جديد لبيان فسان هؤلاء المشركين، وأنهم لا يستقيمون على حال، وأنهم قد يعودون إلى الله -تبارك وتعالى- وقت الشدة، ولكن وقت الرخاء يرجعون إلى شركهم مرة ثانية، فيا سخف عقولهم، ويا عمى أبصارهم، {وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ}، الناس؛ هؤلاء المشركين، {دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ}، إذا مسهم مجرد المسيس؛ أن يصلهم هذا الضر، بمرض، ولا بقحط، ولا بآفة من الآفات، أي ضرر يأتيهم، دعوا ربهم؛ ربهم الذي هو ربهم -سبحانه وتعالى-، رب السماوات والأرض، منيبين إليه؛ راجعين إليه، {........ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ}[الروم:33]، ثم إذا الله -تبارك وتعالى- كشف هذا الضر، وأذاقهم رحمة من عنده -سبحانه وتعالى-؛ بذهاب الضر واستبدال ضرهم إلى رحمة، {إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ}، إذا فريق؛ إذا على طول مباشرة جماعة منهم، بربهم يشركون؛ يشركون بالله -تبارك وتعالى-، يعودون إلى شركهم مرة ثانية، أو ينسبون ما رفعه الله -تبارك وتعالى- عنهم من الضر، وما أبدلهم به من الخير، ينسبونه لغير الله -تبارك وتعالى-.
قال -جل وعلا- {لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}[الروم:34]، يعني أنهم فعلوا هذا، ليكفروا؛ لام العاقبة، أن هذا الفعل فعل كفر، فعاقبة هذا الفعل أنهم كفروا بنعمة الله -تبارك وتعالى- الذي دعوه وكشف عنهم هذا الضر، ولكنهم نسبوا هذا الكشف وهذه الرحمة لغيره، {لِيَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ ........}[الروم:34]، أي من الرحمة، ومن استبدال ضرهم بخير، قال -جل وعلا- {فَتَمَتَّعُوا}، هذا أمر للإهانة، أمر للإهانة فتممتعوا؛ أي أيها الكفار المعاندون، {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}، تهديد، {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}، يهددهم الله -تبارك وتعالى-، تعلمون عاقبة كفركم هذا وشرككم، ولجوئكم إلى الله -تبارك وتعالى- في وقت الشدة، ثم نكولكم بعد ذلك إلى الشرك؛ ونسبة ما يأتيكم من الخير إلى غيره -سبحانه وتعالى-، {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ}.
نقف هنا ونكمل -إن شاء الله- في الحلقة الآتية، استغفر الله لي ولكم من كل ذنب، وصل الله وسلم على عبده ورسوله محمد.