الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 . 22 نوفمبر 2024

الحلقة (500) - سورة لقمان 10-17

{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة:2] {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[الفاتحة:3] {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة:4]، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين؛ سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- {خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[لقمان:9] {خَلَقَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ}[لقمان:10] {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}[لقمان:11]، يخبر -سبحانه وتعالى- أن عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم؛ هذا إخبار، وجنات النعيم عند الله؛ هذه البساتين الدائمة، التي يتنعَّمون فيها بكل أنواع النعيم، خالدين فيها؛ ماكثين فيها مُكثًا لا ينقطع، {وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا}، هذا وعْدٌ من الله حق ولابد أن يكون لأنه وعْدُ الله، وهو العزيز؛ الغالب، الذي لا يغلبه أحد، الحكيم؛ الذي يضع كل أمر في نِصابه -سبحانه وتعالى-، {خَلَقَ السَّمَوَاتِ}، هذه قدرته -سبحانه وتعالى-، ودلائل عِزَّته –جل وعلا-، {خَلَقَ السَّمَوَاتِ}، اللي هي السبع سماوات كما أخبرنا -سبحانه وتعالى-، {بِغَيْرِ عَمَدٍ}، يعني أقامها الله -تبارك وتعالى- وإن كانت بإتساع عظيم لا يعلم سَعتها إلا الله، كما قال -جل وعلا- {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}[الذاريات:47]، وقال -جل وعلا- {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ}[الملك:4]، قال {هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ}، يعني في السماوات، لا يمكن؛ ما فيها شقوق، ثم إذا الإنسان أدار النظر فيها مرة بعد مرة فإنه لا يمكن أن يصل إلى بُعد لها، فهذه السماوات السبع التي هي طبقات بعضها فوق بعض، أقامها الله -تبارك وتعالى- ورفعها بغير عَمَد، بغير عُمُد؛ يعني أعمدة ترفعها وترتكن وترتكز إليها، {تَرَوْنَهَا}، ترونها كذلك؛ يعني أنتم ترونها هكذا مرفوعة أمامكم بغير هذا العَمَد، أو {بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا}، فتكون صفة للعُمُد؛ يعني أنها بعُمُد ولكن لا ترونها، وهذا أيضًا من دلائل قدرته -جل وعلا-.

{وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ}، الأرض التي تعيشون عليها ألقى فيها الله -تبارك وتعالى- رواسي، الرواسي هي هذه الجبال التي أرسى الله -تبارك وتعالى- بها الأرض، قال -جل وعلا- {أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ}، يعني حتى لا تَميد بكم، فإن مَثَل الأرض مَثَل طائرة تطير؛ لابد أن تكون لها أجنحة، وأن يكون لها ذيل، وأن يكون فيها تناسق، حتى تستقر في طيرانها وتصبح راسية، أما لو كان فيه ثِقَل في ناحية وضعف في ناحية فإنها تنحرف عن مسارها وتميل، فالله -تبارك وتعالى- وضع في الأرض هذه الجبال التي وازنها بها، ليكون سيرها على هذا السير الرائق المُنسَجم، تسير بنا؛ تدور حول نفسها، وتدور حول الشمس، ولا نُحِس بدورانها وحركتها من هذه الجبال التي أرسى الله -تبارك وتعالى- بها الأرض، وجعلها كأنها أوتاد خيمة نُصِبَت بها وأحكمتها، {وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ}، يعني حتى لا تميل الأرض بكم، {وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ}، بث؛ نشر، فيها؛ في الأرض، من كل دابة؛ مما علمناه ومما لا نعلمه، الدابة؛ كل ما يدُب على الأرض، من حيوان صغير أو كبير، من الذرَّة إلى الفيل، طير، حشرة، وحوش، أنعام، بثَّها؛ نشرها الله -تبارك وتعالى-، دليل على قدرته وعظمته في الخلق -سبحانه وتعالى-، ودليل على علمه -جل وعلا-، وكذلك ميدان للبحث، والنظر، والتأمل، والعلم، والتفكُّر، الله -تبارك وتعالى- جعل لنا هذا الميدان العظيم، ميدان هذه المخلوقات العظيمة التي نشرها في هذا الكون، فيها الجمال، والنظر، والمتعة، والتعمُّق، والعلم، والبحث، {وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً}، أنزل الله -تبارك وتعالى- من السماء ماء المطر، {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ}، من النبات، كريم؛ نفيس، بألوانه وروائحة الشجِّيَّة الشذيِّة، وطعمه الشهي، زوج كريم من أنواع وألوان النباتات.

{هَذَا خَلْقُ اللَّهِ}، هذا الذي ترونه؛ خلق السماوات على هذا النحو، ووضع الأرض على هذا النحو، وبث الدواب في الأرض على هذه النحوة، وإنزال المطر على هذا النحو، وإنبات هذه المملكة النباتية الهائلة بهذه النباتات النفيسة العظيمة، {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ........}[لقمان:11]، أروني؛ أيها الناس، أيها المكذِّبون المشركون، ماذا خلق الذين من دونه؟ هل هناك شيء خلقه الذين من دونه؟ ممَن تدَّعون له الإلوهية وتجعلونه شريك مع الله -تبارك وتعالى-؛ تعبدونه مع الله، هل هناك ذرَّة من هذا الكون، أو هذا الجانب، أو رُكْن من أركان هذا الكون، فيه ذرَّة واحدة، شيء واحد، خلقه غير الله -تبارك وتعالى-؟ خلقه هؤلاء الآلهة الذين تُشركون بهم؟ والحال أنه طبعًا سؤال للتحقير وبيان حقارة هذا الكافر؛ وأنه يعبُد ما لا ينفع شيئًا، {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ}[سبأ:22]، {فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ}، قال –جل وعلا- {بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}، إضراب انتقال إلى المعنى، الظالمون؛ الذين وضعوا العبادة في غير محِلها وأشركوا بالله -تبارك وتعالى- هذا ظلمهم، والظلم هو وضع الشيء في غير محِله، فهؤلاء آمنوا بآلهة باطلة، عَبَدوا هذه الآلهة، جعلوهم في مصاف الرب -سبحانه وتعالى-، ظَلَموا بهذا ظلم عظيم، فالشرك ظلم عظيم؛ وضع للأمر في غير محِله، قال -جل وعلا- {بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ ........}، عن الحق، الضلال؛ البعد عن الحق، مُبين؛ بيِّن، ساطع، واضح، ما عليه من أي شبهة، فكيف يترُكْ الإنسان ربه وإلهه وخالقه؟ الذي خلق هذا الخِلْق بهذه العظيمة، خالق السماوات، وخالق الأرض، مُنزِل المطر، مَن أرسى في الأرض رواسيها التي حُفِظَت بها، وبثَّ فيها من كل دابة، وأنبت هذه المملكة النباتية العظيمة، يترُكْ هذا الرب الذي هذا خلْقُه ثم يَعبُد ما لا يخلق، وما لا يرزق، وما لا يُحيي، وما لا يُميت، وما ليس له من الأمر شيء، {بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}.

ثم ذكَرَ الله -تبارك وتعالى- عبدًا من عباده ممَن آتاه الله -تبارك وتعالى- الحكمة، وذكَرَ كلماته؛ حكمته في تعليم ابنه، انظر هذا التعليم وهذه التربية في تعليمه إياها، وتعريفه بحق الله -تبارك وتعالى- عليه وكيف يعبده، وكذلك بحقوق الأخرين عليه، قال -جل وعلا- {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ}، لقمان هذا إسم لا شك أنه ليس إسم عربي؛ إسم عجمي، وهذا ممَن كانوا قبل النبي -صلوات الله والسلام عليه-، وهل هو نبي أو غير نبي؟ الله -تبارك وتعالى- يخبره بأنه قد آتاه الحكمة، هل هذه الحكمة تشمل النبوَّة؟ فإن الله -تبارك وتعالى- قد أعطى الأنبياء حكمة؛ التي يُعلِّمون بها، كما أخبر الله عن رسوله -صل الله عليه وسلم- قال {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ........}[آل عمران:164]، فيُعلِّمهم الكتاب المُنزَل من الله -تبارك وتعالى-، والحكمة كذلك المُنزَلة من الله -تبارك وتعالى-، وهي سُنَّة النبي وما يوحي الله -تبارك وتعالى- إليه، {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ}، وهل كان نبي؟ أم هل كان رجلًا غير نبي؟ وإنما آتاه الله -تبارك وتعالى- الحكمة، علَّمه بهذا العلم الذي أعطاه الله -تبارك وتعالى- إياه، وبثَّه في قلبه، وهداه إليه، على كل حال سواءً كان نبيًا منبَّأً من الله -تبارك وتعالى- أم غير منبَّأ، عالم من علماء بني إسرائيل وأعطاه الله -تبارك وتعالى- الحكمة، طبعًا قيل أنه كان من بني إسرائيل، فإن الله -تبارك وتعالى- أشاد به، وأشاد بهذا العلم الذي كان معه؛ أنه عطاء من عطاء الله -تبارك وتعالى-.

{وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ}، يعني أمره الله -تبارك وتعالى- بأن يشكره، بأن هداه الله -تبارك وتعالى- وأعطاه هذا العلم؛ الذي يضع به الأمور في نِصابها، والحكمة هي وضع الأمور في نِصابها، علم يُمكِّن صاحبه من أن يضع الأمور في نِصابها وأن يعرف الأمور على حقائقها، {أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ}، أصل الشكر في لغة العرب هو الزيادة، وشُكر الله -تبارك وتعالى- هو القيام بما يقابل هذه النعمة؛ بالاعتراف بها لله -تبارك وتعالى-، من الثناء بها على الله -تبارك وتعالى- بما هو أهله لأنه هو أسدى هذه النعمة، من العمل بمقتضى هذه النعمة، فأُعطي علم يقوم به ويعمل به، يكون هذا من شُكر هذه النعمة التي أنعم بها الله -تبارك وتعالى- عليه، {أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ}، قُم بحق هذه النعمة التي أنعمها الله -تبارك وتعالى- عليك، ويكون هذا لله لأن الله هو مُسديها وهو مُعطيها -سبحانه وتعالى-، قال -جل وعلا- {وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ}، مَ يشكر؛ أي ربه -سبحانه وتعالى- على إنعامه، فإنما يشكر لنفسه؛ يعني جزاء هذا الشكر لنفسه، لأنه سيعود عليه؛ زيادة له من الله -تبارك وتعالى- من هذا الفضل، وكذلك جزاءً للشكر عنده -سبحانه وتعالى-، والله -سبحانه وتعالى- لا ينتفع بعبادة العابدين، وإنما الله -تبارك وتعالى- يرضى هذا لهم -سبحانه وتعالى-؛ فشُكْر الشاكر لنفسه، {وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ}، كما قال -جل وعلا- {........ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}[إبراهيم:7]، {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}، {وَمَنْ كَفَرَ}، كفَر؛ جحَد هذه النعمة، جائته هذه النعمة لكن جحدها وردَّها، ولم يُقدِّرها حق قدرها، {فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}، غني؛ مُستغني -سبحانه وتعالى-، حميد؛ محمود -سبحانه وتعالى-، محمود بذاته -سبحانه وتعالى- بذاته -جل وعلا-، فالله هو المحمود -جل وعلا-، يحمَده كل خَلقْه -جل وعلا-؛ لذاته ولصفاته -سبحانه وتعالى-، ولا يحتاج الله -تبارك وتعالى- إلى حمْد الحامدين، فهو -تعالى- لا أحدًا يُحصي ثناءً عليه كما أثنى على نفسه -جل وعلا-، فالله هو الغني عن كل خَلقْه -جل وعلا-، العباد كلهم محتاجون إليه وهو غير فقير إلى شيء -سبحانه وتعالى- مما خَلَق، {فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}.

ثم يبين الله -تبارك وتعالى- حكمة هذا العبد في هذه الوصية العظيمة؛ التي يوصي بها لقمان ابنه، قال -جل وعلا- {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[لقمان:13]، وإذ قال لقمان؛ اذكُر، {قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ}، يعني في الحالة التي يعظه فيها، والوعظ يعني التذكير؛ الأمر والنهي، وأن يكون هذا الأمر محفوفًا بما يدعوا إلى الأخذ به، والنهي كذلك محفوف بما يدعوا إلى الانتهاء عنه، فهذا هو الوعظ؛ كلام مباشر يكون ممَن يُحب إلى مَن يُحب، ليوجِّهه إلى الخير ويُبعِده عن الشر، {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ ........}[لقمان:13]، أول شيء هذا، فبدأ بالأمر الذي هو أعلى الأمور وأهمها؛ وهو الشرك بالله، اللي هي أعظم الجرائر والسيئات، أعظم ما يجُر على العبد من الفساد، وأعظم السيئات في الأرض، كما سُئل النبي -صل الله عليه وسلم- «أيُّ الذنب أعظم؟ قال أن تجعل لله ندًا وهو خلَقَك»، فالشرك بالله أعظم الذنوب، فبدأ لقمان يعظ ابنه أولًا بالنهي عن أعظم الأمور فظاعة وشناعة، قال له {لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}، الشرك بالله -تبارك وتعالى- أعظم الظلم، والظلم؛ وضع الأمر في غير محِله في لغة العرب، فهذا وضع للأمر في غير محِله، وهو وضع العبادة في مَن لا يستحقها وما لا يستحقها، لا يستحق العبادة إلا الله -تبارك وتعالى-، {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}، فلا تفعل هذا.

ثم قال -جل وعلا- {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ}[لقمان:14] {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}[لقمان:15]، هاتان الآيتان هنا داخلة في ثنايا وصية لقمان، وليس هو من كلام لقمان وإنما هو من توصية الله -تبارك وتعالى-، تتمة كلام لقمان بعد ذلك {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ}[لقمان:16]، هنا يُدلِّل له على عظمة الرب -تبارك وتعالى-، وأنه يجب عليه أن يتقي الله؛ أن يعبد الله وحده لا شريك له، بعد أن قال له {........ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[لقمان:13]، قال له {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ}، اعلم هذا، {........ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ}[لقمان:16]، ثم قال له {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ}، بعدها، هاتان الآيتان {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ}، جائت في ضمن الوصية وهي ليست من كلام لقمان، وإنما من توصية الله -تبارك وتعالى- عباده المؤمنين بالوالدين، الله -تبارك وتعالى- تولَّى التوصية بنفسه -سبحانه وتعالى- لكل إنسان بأن يتوصَّى بوالديه، والله هو الذي يأمر بهذا -سبحانه وتعالى-، لقمان الحكيم لم يقل هذا؛ يعني لم يوصِّي ابنه بالوالدين، اللي هو أبوه؛ اللي هو لقمان، وأمه، وإنما لم يفعل هذا، وإنما أوصاه بعبادة الله وحده لا شريك له؛ البعد عن الشرك، والقيام بالصلاة، {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ ........}[لقمان:17]، إلى آخر ما وصَّاه به؛ من العبادة، ومن إحسان الأخلاق بعد ذلك؛ من الأخلاق الحسنة بعد ذلك، لكن لم يوصِّي بوالديه وهذا أيضًا من حكمة لقمان، فإنه لو أنه وصَّاه وقال له أنا أبوك، وأنا ليَّ حق عليك، وأمك ليها حق، افعل كذا، وافعل كذا، وافعل كذا ...، لكان هذا فيه نوع من حِفظ النفس، وأنه ربما يُتَهم إنما وصَّى بالتوحيد وبهذه الأمور العظيمة من حظ نفسه، ومن أجل ذلك حتى تكون الوصية كاملة، وصية الله -تبارك وتعالى- لعباده ليأخذوا كلام لقمان لابنه في باب التوحيد، كذلك أدخل الله -تبارك وتعالى- وصيته هو -سبحانه وتعالى- بنفسه؛ يوصِّي الأبناء بالآباء.

فقال -جل وعلا- ووصينا؛ الله -سبحانه وتعالى-، الإنسان؛ كل إنسان، بوالديه؛ يعني أمه وأبيه، ثم ذكَر الأم بالتفصيل بعد ذلك؛ بعد هذا الإجمال في الوالدين، ذكَرَ الأم؛ أولًا لِما لها من حق أعظم، ولِما تحملته من هذا الابن من حِمل أكبر من الأب، قال {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ}، حملته أمه؛ أي في بطنها، وهنًا؛ عندما تحمل الأم فإنها تضعُف، الحمل يُضعف، على وهن؛ على ضعف موجود، فهي أضعف من الأب في البنية، ثم يأتيها الحمل فيُضعفها، فيكون ضعف هنا بالحمل على الضعف الموجود فيها، {وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ}، فصاله؛ فصله وفطامه، وابتعاده عن الأم حتى يستقل ويمشي ويقضي بعض حاجاته، في عامين؛ عامين كاملين وهو مُتَعلق بأمه، فهو محمول أولًا في بطن أمه فيُضعفها، وتقوم به، وتقعد به، وترقد به، حمل في بطنها، ثم بعد هذا تحمله لتُرضعه، فيبقى سنتين وهو محمول عليها وهو خارج البطن ويمكث سنتين، إذن يتعلق الأمر ببضع وثلاثين شهر والطفل مُعلَّق بأمه، {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ}، هذي وصية الله -تبارك وتعالى-، {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ}، أن اشكر لي؛ لله -سبحانه وتعالى-، أولًا لأنه خالق الخلق، مدِّبر الأمر -سبحانه وتعالى-، المُنعِم بكل النعم -سبحانه وتعالى-، الذي هيَّأ كل هذه الرحمة لهذا الإنسان، فلولا الله -تبارك وتعالى- لَمَا كان الوالدين، ولَمَا كان هذا الخلْق كله والانتقال، ولَمَا كان هذا العطف الذي في قلب الوالدين لابنهما، كل هذا إنما هو صنيع الله -تبارك وتعالى- ونعمته، أن اشكر لي أولًا ولوالديك ثانيًا؛ بعد ذلك للوالدين، والشكر بهذا معناه اعتراف القلب، الثناء على المشكور؛ العمل بمقتضى هذه النعمة، ففي جانب الله -تبارك وتعالى- القيام بأمره -سبحانه وتعالى- والالتزام بأمره، وفي جانب الوالدين طاعتهما والإحسان إليهما، {إِلَيَّ الْمَصِيرُ}، إليَّ المصير؛ توجيه إلى الله -تبارك وتعالى- فيه وَعْد ووعيد، فهو بالنسبة لأهل الطاعة والإحسان وَعْد لهم؛ المصير إلى الله -تبارك وتعالى- فتُجازى، مهما قُمت به نحو الوالدين فجزائك موجود عند الله -تبارك وتعالى-، ووعيد؛ للمُقصِّر، أو الجاحد، أو المُكابر، اعلم أن إلى الله المصير فيحاسبك كذلك على عنادك، أو جحودك، أو تقصيرك، أو عقوقك، {إِلَيَّ الْمَصِيرُ}.

{وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا}، وإن جاهداك؛ يعني الأب والأم، يعني بذلوا كل جهد لهم في إثنائك عن الحق، على أن تُشرك بي؛ على أن تُشرك بالله -تبارك وتعالى-، دعوه إلى الشرك وجاهدوه على هذا بكل سبيل، كما مثلًا لون من الألوان قالت أم سعد لابنها والله إن لم تترك هذا الدين فإن سأترك الطعام والشراب حتى أموت؛ فتُعيَّر بي، فهددته بأنها ستمتنع عن الطعام والشراب حتى تموت على هذا النحو، ثم يعيِّره الناس بأنه قتل أمه بهذا السبيل، فطبعًا قال له سعد والله يا أماه لو كانت لكي مائة نفس؛ فخرجت نفسًا نفسًا، ما كنت لأترك دين الله -تبارك وتعالى-، {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}، ولا شك أن كل شرك لا علم عند المُشرك؛ علم يقيني، أنه عنده علم بأن هذا الذي يَعبده هو إله من دون الله لا علم له، ولكن هذا هو؛ أن كل شركٍ إنما يفعله المشرك بجهل، بافتراء، بكذب، فلا علم عند أي مشرك ولا سلطان بالإله الذي يَعبده من دون الله -تبارك وتعالى-، {فَلا تُطِعْهُمَا}، لا تُطع أباك وأمك إذا دعواك إلى الشرك بالله -تبارك وتعالى-، {فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}، لكن تبقى الصُحبة في الدنيا بالمعروف، حتى وإن كانا على الشرك، وإن كان آمرين به، ومجاهدين لولدهما على أن يترك دين الحق، لكن تبقى لهما الصُحبة بالمعروف مع هذا الكفر، {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}، بالمعروف الذي عرَّفه الله -تبارك وتعالى- لعباده؛ يعني الإحسان إليهما، كلامهما، تقديرهما، الإنفاق عليهما، لكن طاعتهما في الأمور المُباحة، وأمَّا فيما يُعصى به الله -تبارك وتعالى- وأعظم ما يُعصى به الشرك فلا طاعة لهما في ذلك.

{وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ}، يجب أن تتَّبِع أيها الإنسان سبيل؛ طريق، مَن أناب إليَّ؛ كل راجع إلى الله -تبارك وتعالى- فهذا الذي يُطاع، كرسل الله -تبارك وتعالى- والدَّاعون إليه، {ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}، هذه وصية الله؛ يعني أيها الأبناء، أيها الناس، ثم إليَّ مرجعكم؛ رجوع الجميع، {فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}، الإنباء هو الإخبار، يعني أخبركم بكل الذي عملتموه في الدنيا، وهذا تحذير من الله -تبارك وتعالى-؛ أن الله مطَّلع على عمل كل عامل، وأنه سيُحاسب كل إنسان بما عمله، وأنه لم يغِب شيء من عمل الإنسان عن علم الله -تبارك وتعالى-، {فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}، والمعنى بعد ذلك أجازيكم على عملكم.

ثم عودة بعد ذلك، هذه كانت الآيتين مُعترضة في الوصية، والله -تبارك وتعالى- وضع وصيته هنا -سبحانه وتعالى- للناس؛ ليراعوا حقوق الوالدين، ثم عاد الكلام إلى كلام لقمان وهو يوصي ابنه، فقال له {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ}[لقمان:16]، يا بني؛ يعني هي يا ابني، بُنِّي؛ تصغير، التصغير هنا للتحبيب، يابُنِّي؛ وهذا أيضًا من الحكمة، أنه خاطب ابنه بهذا الخطاب الندي الرحيم، تصغير للتحبب، يا بُنِّي إنها؛ يعني الشأن والحال، {إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ}، لو كانت هناك مثقال حبة من خردل، الخردل؛ نبات معروف، وبذرته بذرة صغيرة؛ كحبة الرمل الصغيرة، إنه إن تكُ مثقال حبة؛ مثقال وزنها، {مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ}، تكن هذه الحبة الصغيرة من الخردل في صخرة؛ فتختبئ بها، {أَوْ فِي السَّمَوَاتِ}، في أي مكان في هذه السماوات الواسعة، {أَوْ فِي الأَرْضِ}، في أي مكان في الأرض؛ في جوفها، قال {يَأْتِ بِهَا اللَّهُ}، لا تغيب عن الله -تبارك وتعالى-، فحتى مثقال هذه الحبة من الخردل، أي شيء صغير من كل خلْق الله -تبارك وتعالى- في الأرض، داخلة هذه في صخرة، مخفية في مكان في السماوات، في أي شيء، يأتي بها الله -تبارك وتعالى-، فلا لا يَعذُب عنه شيء صغير وكبير في السماوات والأرض، لا موجود ولا متحرِّك؛ يعني ساكن متحرِّك هو كذلك بعلم الله، وما تسقط من ورقة؛ هذي حركة، إلا يعلمها؛ يعلم الورقة ويعلم وقت سقوطها -سبحانه وتعالى-، {........ وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}[الأنعام:59]، فلا يغيب عن علم الله -تبارك وتعالى- شيء؛ شيء ساكن، أو شيء متحرِّك، صغير، أو كبير، كله بعلم الله -تبارك وتعالى-، {........ وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}[فاطر:11]، فضرَب له مثَل بهذا؛ أنه لا يخفى على الله شيء ومن أعمال عباده -سبحانه وتعالى-، {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ}[لقمان:16].

ثم بعد أن انتهى لقمان -عليه السلام- من أهم الأمور؛ وهو العلم بالله -تبارك وتعالى-، والإيمان به وحده لا شريك له، واليقين بأنه يعلم كل هذه الموجودات، بدأ بالأمر الثاني وهو الصلاة؛ لأن الصلاة تأتي بعد التوحيد، فقال له {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ}، لله -تبارك وتعالى-، أقمها؛ يعني صلاة معتدلة لله -تبارك وتعالى-، لأن الله لا يقبل إلا صلاة بشروطها وبأركانها، فلا يقبل أي صلاة، فالصلاة لابد أن تُقام بما جعل الله -تبارك وتعالى- لها من الشروط والأركان، كما قال النبي -صل الله عليه وسلم- «لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدَثَّ حتى يتوضأ»، فالوضوء شرط لصحة الصلاة؛ فهذا من إقامتها، {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ}، أمر ابنه ووَعَظ ابنه أن يأمر بالمعروف؛ يأمر غيره بالمعروف، المعروف؛ كل ما عرَّف الله -تبارك وتعالى- عباده من خِصال الخير، سواءً عرَّفهم عن طريق الرسل أو عرَّفهم عن طريق الإلهام؛ ألهمهم هذا، وفطرَهم على أن هذا من الخير، فهذا هو المعروف، والمنكَر ما نكَّره الله -تبارك وتعالى- لعباده وحذَّرهم منه، المنكَر الذي أنزله الله -تبارك وتعالى- في كتابه ويُحذِّر منه، أو المنكَر الذي ألهَم الله -تبارك وتعالى- وفطَرَ عليه قلوب العباد في أنه أمر مُستقبَح ومُستنكَر، {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ ........}[لقمان:17]، واصبر على ما أصابك في هذا السبيل وفي كل سبيل، الصبر؛ حبس النفس على المكروه بدون تشكِّي وبدون جَذَع، {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ}، يشمل هذا على ما أصابك من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكَر، لأنه كل آمر بالمعرف وناهٍ عن المنكَر لابد وأن يلقى شيء من الأذى من بعض العباد، وكذلك قد يكون هنا واصبر على ما أصابك من وصية لقمان؛ على أي شيء أصابك من الأحداث، فإن الله -تبارك وتعالى- يبتلي عباده بما يشاء -سبحانه وتعالى- من الشر والخير، فاصبر على ما أصابك من الأحداث التي لابد وأن تعتَّوِر وتُصيب الإنسان في هذه الحياة، ففضيلة الصبر فضيلة، {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}، إن ذلك؛ القيام بهذا، من عزم الأمور؛ يعني الأمور التي عزَمها الله -تبارك وتعالى-، بمعنى أنه أوجبها -سبحانه وتعالى-، إقامة الصلاة، الأمر بالمعروف، النهي عن المنكَر، الصبر على المصائب والأحداث، وعلى الطاعة، وعن المعصية، كل هذا من معاني الصبر هذي من عزائم الأمور؛ يعني من الأمور المعزومة التي أوجبها الله -تبارك وتعالى-، {إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}.

نقف هنا ونكمل -إن شاء الله- في الحلقة الآتية، استغفر الله لي ولكم من كل ذنب، وصل الله وسلم على عبده ورسوله محمد.