الجمعة 29 ربيع الآخر 1446 . 1 نوفمبر 2024

الحلقة (502) - سورة لقمان 22-27

{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة:2] {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[الفاتحة:3] {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة:4]، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين؛ سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ}[لقمان:21] {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ}[لقمان:22] {وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}[لقمان:23] {نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ}[لقمان:24] {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ}[لقمان:25] {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}[لقمان:26]، ذكَّر الله -تبارك وتعالى- عباده بأنه هو وحده -سبحانه وتعالى- الذي سخَّر لهم ما في السماوات وما في الأرض، قال {أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ........}[لقمان:20]، يعني ما يظهر لكم من هذه النعم، كما يشاهدوه الإنسان من نعمة الخلْق، والطعام، والشراب، والرزق، وباطنة؛ أمور من أسرار هذه الحياة، الله -تبارك وتعالى- سخَّرها للإنسان ليست بظاهرة للإنسان، ممكن يعرفها الإنسان عن طريق البحث والعلم بها، كما عرفنا الآن كثير من أسرار وجودنا ومن أسرار خلقْنا؛ أمور من نِّعم الله -تبارك وتعالى- لم نكن نعلمها، {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}، قال -جل وعلا- {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ}.

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ}، وهذي دعوة إلى الحق، لأن اتِّباع ما أنزَل الله -تبارك وتعالى- هو موافق إلى هذه الفطرة؛ التي فطَر الله -تبارك وتعالى- الناس عليها، هذا طريق الهدى، طريق النور، هذه دعوة إلى ربكم وإلههكم وخالقهكم -سبحانه وتعالى-، {قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا}، طيب هؤلاء الآباء إذا كانوا ضالِّين فكيف يُتَّبَعون؟ لا يُتَّبَع الآباء إلا إذا كانوا على هُدى ونور وبيِّنَة، أمَّا لمجرد ما عليه الآباء فهذا لا يُتَّبَع لمجرده، قال -جل وعلا- {أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ}، الشيطان هو قائد آبائهم، هو الذي أوحى لهم وأمرهم بما هم فيه؛ من الشرك، والكفر، والمعاندة، فالشيطان هو قائدهم وليس آبائهم، لأن آبائهم قد كانوا عُميان على ضلال، فإذا اتَّبعوهم اتَّبعوا الشيطان الذي كان يقودهم، {أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ}، ويدعوهم إلى أي شيء؟ {إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ}.

قال -جل وعلا- {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ........}[لقمان:22]، {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ}، يُسلِمه؛ الإسلام هو الاستسلام والتسليم، يُسلِم وجهه إلى الله؛ يوجِّهه مستسلمًا له، مزعنًا له -سبحانه وتعالى-، وجهه؛ وجهته، فيكون وجهته قصدًا ونيَّة وسعيًا في طريق الرب -تبارك وتعالى-، إلى الله؛ إلى الله في عمله، في قصده، في أنه ملاقي ربه -سبحانه وتعالى-، {وَهُوَ مُحْسِنٌ}، والحال أن يكون مُحسِن، ولا يكون مُحسِنًا إلا إذا عمل الصالحات وانتهى عن السيئات؛ هذا هو الإحسان، فالصلاة، والصيام، والزكاة، وكل ما أمر الله -تبارك وتعالى- من الإحسان، والانتهاء عما نهى الله -تبارك وتعالى- عنه من الإحسان، {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ........}[لقمان:22]، العروة اللي هي الدائرة التي تكون في طرف الحبل، وإذا كانت وثقى يعني الموثقة؛ التوثيق الذي ليس بعده توثيق، فهذه من تمسَّك بها لا يسقط، فلو أن إنسان في بئر ودُلِّيَ له حبل، وهذا الحبل فيه عروة مُتقَنة تمام الإتقان وتمسَّك به جيدًا، فإن هذا ممكن إنقاذه، أمَّا إذا كانت العروة مُختلَّة أو الحبل مُختَّل فإنه يسقط، فشبَّه الله -تبارك وتعالى- مَن وجَّه وجهته نحو الله -تبارك وتعالى- وسار في صراطه وهو مُحسِن، بمَن استمسك بعروة الحبل المُتقَنة والمُحكَمة تمام الإحكام، هذا لا يسقط؛ لا يضيع، {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى}، والعروة الوثقى هي المُنقِذة، فطريق الإنقاذ من الهلاك ومن الشيطان أن يكون وجهة الإنسان؛ أن يُسلِم الإنسان وجهته لله -تبارك وتعالى- في هذه الحياة، خُلِقت هنا ووُجِدت هنا لأعبد الله -تبارك وتعالى-، الله ربي، الإسلام ديني، هذا صراط الرب -تبارك وتعالى-، أنا سائر في طريق الرب -تبارك وتعالى- لا ألوي على شيء، ما أمرني الله -تبارك وتعالى- أؤدِّيه، ما نهاني الله -تبارك وتعالى- عنه انتهي، هذا معنى {وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ}، فهذا هو الناجي، هذا هو الناجي وهو الذي استميك بالعروة الوثقى.

{وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ}، إلى الله؛ لا إلى غيره -سبحانه وتعالى-، عاقبة الأمور؛ نهاية الأمور كلها إلى الله -تبارك وتعالى-، فنهاية هذه الدنيا ونهاية الخلْق ومصائرهم إلى الله -تبارك وتعالى-، وسيُحاسِب كل إنسان على عمله في هذه الدنيا، وحساب مباشر من الله للخلْق؛ لكل نفس، {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ}[الغاشية:25] {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ}[الغاشية:26]، ما منكم إلا وسيكلمه ربه، ليس بينه حاجب أو ترجمان؛ يحجبه دونه، فيقول له ألم يأتك رسولي فبلَّغك؟ وآتيتك مالًا وأفضلت عليك، فما قدَّمت لنفسك؟ فمصائر العباد كلها إلى الله -تبارك وتعالى-، الله هو الذي سيحاسب كل هذه الأمم، كل هؤلاء الناس حسابهم إلى الله -تبارك وتعالى-، ومآلهم ومرجعهم إلى خالقهم وإلههم ومولاهم -سبحانه وتعالى- الذي لا إله إلا هو، وسيلقى كل إنسان جزائه لابد؛ هذا حتم، أمر محتوم؛ حتمه الله -تبارك وتعالى- وقضاه، {وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ}، كلها راجعة إلى الله -سبحانه وتعالى-.

ثم قال -جل وعلا- {وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ}، هذا تهوين الأمر على رسوله -صلوات الله وسلامه عليه-، {وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ}، لا يَحزُنك؛ وذلك أن كفره أولًا واقع بمشيئة الله -تبارك وتعالى-، وأن ضرر هذا الكفر على صاحبه، والله -تبارك وتعالى- لا يقع عليه ضرر -سبحانه وتعالى-، {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا}، والأمر عند الله -تبارك وتعالى- قد قضاه الله -تبارك وتعالى- وقدَّره، وكان النبي -صل الله عليه وسلم- لا شك أن يحزن أشد الحزن على إعراض الناس عن الدين، {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}[الشعراء:3]، يعني قاتل نفسك حزنًا وكمدًا عليهم ألا يكونوا مؤمنين، فالله قال {وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ}، هذا كفر؛ عرف الحق وتركه، كفر بالله -تبارك وتعالى-، جائته آيات الله -تبارك وتعالى- سترها وغطَّاها، فلا يُحزنك كفره، على نفسه؛ يجر إثم الكفر على نفسه، ولا يضر الله -تبارك وتعالى- شيئًا، {إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ}، إلينا؛ إلى الله -سبحانه وتعالى- لا إلى غيره، مرجعهم؛ سيرجعون إليه -سبحانه وتعالى-، {فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا}، نخبرهم؛ نُنبِّئهم، الإنباء هو الخبر العظيم، يخبرهم الله -تبارك وتعالى- بأعمالهم، بل بدقيق أعمالهم، بل بما كانوا يخفوه في صدورهم، فكل أمر حتى ما كانوا يخفونه ولا يظهرونه للناس الله -تبارك وتعالى- يُنبِّئهم به؛ حتى عن أعمال القلب، {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ}[الطارق:9] {فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا نَاصِرٍ}[الطارق:10]، {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}، نُنبِّئهم بما عملوا؛ كل ما عملوا، ثم أخبر -سبحانه وتعالى- {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}، ذات الصدر؛ سره الدفين، الصدر فيه القلب، والقلب محل العقل ومحل القرار، كل قرار يُصدره الإنسان يصدر من قلبه، أي قرار؛ بالإيمان، بالكفر، كل وسواس، كل خَطرَة، هذا القلب، فذات الصدر هو السر الذي كان في صدره ولم يبُح الإنسان به، ما باح بهذا السر لأي أحد بل بقي حبيس الصدر؛ هذا ذات الصدر، لأن الإنسان إذا باح بما عنده نفسه خلاص خرج من الصدر إلى الناس؛ أصبح معلوم، لكن في سر لا يبوح به الإنسان، وقد يبقى يكتمه عن كل أحد، لا يعلمه إلا نفسه؛ هذا بعلم الله -تبارك وتعالى-، هذا يخبره الله -تبارك وتعالى- به، فالله هو العليم بهذا؛ العليم بالأسرار المكنونة التي لم يُخرجها صاحبها، حتى لأقرب الناس إليه؛ لزوجه، لولده، لصديقه، لحميمه، كان عنده سر دفين أخفاه وخبأه؛ الله يعلمه -سبحانه وتعالى-، فقال له لا تحزن عليه، {وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}[لقمان:23].

{نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ}[لقمان:24]، {نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا}، هذا سُنَّة الله -تبارك وتعالى- وفعل الله -تبارك وتعالى- مع المجرمين؛ مع الكافرين، نُمتِّعهم قليلًا في الدنيا، خليِّه يتمتع، ممكن يكون كافر بالله -تبارك وتعالى-، أضمر كل الشر والكفر في قلبه، أظهر هذ وقاله وفعله، ومع ذلك يرزقه الله، ويُطعِمه، ويسقيه، ويمده بالقوة، ويمده بالمال، وبالجاه، وبالسلطان، ويجعله في فرح دائم، ويتقلَّب من نعمة إلى نعمة، يتقلَّب في كل الخيرات والنِّعَم، عنده بساتين، وعنده مراكب، ومفارش، وملاهي، ومسارح، ومتمتِّع بكل أنواع المُتع، لكنه قليل؛ متعة قليل، {نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا}، بس هذه؛ فترة الحياة، لأن كل متعته هذه إنما هي في فترة هذه الحياة، {........ ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ}[لقمان:24]، نضطرُّهم؛ الاضطرار هو الضرور، يعني الأمر المُلجئ الذي لا محيص عنه ولا مناص منه، خلاص فهذه الضرورة؛ اللي هي الأمر المُلجئ الذي يُلجِئه إلجاءً، نضطرُّه؛ يعني نُلجئه إلجاءً إلى النار، يجيء غصبًا عنه؛ رغمًا عنه، يأتي إلى العذاب الغليظ، فسيموت رغمًا عنه، ولو حاول يَفِر في أي مكان من الموت لا يكون، يدركه الموت وين ما يكون، لو كان في السحاب سيدركه الموت، في أقصى الأرض سيدركه الموت، فيموت وعند بداية الموت تبدأ دموعه ويبدأ عذابه، {وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ}[الأنفال:50] {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}[الأنفال:51]، فتبدأ إهانته من الغرغرة، من الموت تبدأ إهانته، وفي القبر يُشاهِد، وفي البعث يُشاهِد، ثم يُلجأ إلجاء، {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا}[الطور:13] {هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ}[الطور:14]، فالضرورة يُضطَر إضطرار، إيش لون يسير خلاص؛ أمر مُلجيء، لا مهرَب، لا وزَر، فليس هناك له أي مهرَب ولا أي ملجأ ولا أي مكان سيهرب فيه، سيأتيه من عدَم، ثم إنه يوم القيامة من المُحضَرين؛ لابد يَحضُر للعذاب، فوين هيروح؟ فالكافر هذا يقول الله -تبارك وتعالى- لرسوله؛ يخاطب رسوله أن هذا مصيره لا تحزن عليه، {وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}[لقمان:23] {نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ}[لقمان:24]، لو كان يعلم الكافر هذا العلم، ويدرك هذا الخطاب الإلهي، وأن هذا الخطاب من الله ليس من غيره، هذا خطاب من الله، مَن؟ ملك السماوات والأرض؛ الذي يملك الكون كله، الذي كل ما سواه هو في تصرفه وفي قبضته -سبحانه وتعالى-، ويعلم هذا؛ ويعلم أن هذا تهديد الرب -تبارك وتعالى- لَما كفر، تراجع عن هذا الكفر، لكن الكافر أعمى، الكافر أعمى، مطموس، مطبوع على قلبه، وإلا هذا خطاب الله -تبارك وتعالى- بلسان عربي مُبين؛ ظاهر للكل، وقد نُقِل هذا الوعيد والتهديد؛ كلام الله -تبارك وتعالى- إلى كل لسان، لم يبق عذر لأحد أن يكفر بالله -تبارك وتعالى-، نُمَتِّعهم قليلًا؛ الكفار، {........ ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ}[لقمان:24].

ثم ذكَرَ الله -تبارك وتعالى- تناقض مشركي العرب في اعتقادهم، وأنهم في غاية التناقض وغاية الأمر؛ يؤمنون باللازم ولا يؤمنون بالملزوم له، كيف يكون هذا؟ قال -جل وعلا- {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ........}[لقمان:25]، ولئن سألتهم؛ سألت هؤلاء العميان، المشركين، الكفار، مَن خلق السماوات والأرض؛ مَن الذي أوجد هذه السماوات والأرض؟ {لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}، الله الذي هو عندهم رب السماوات والأرض الذي في السماء، وكان الله يقول لهم {أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ}[الملك:16] {أَمْ أَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ}[الملك:17]، فهم يعلمون أنه الله، وأنه -سبحانه وتعالى- الذي في السماء؛ في هذا العلو، على عرشه -سبحانه وتعالى-، فهم يعتقدون هذا ويؤمنون به، فإذا قيل لهم مَن خالق السماوات والأرض؟ يقولون الله، {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ}، أبرزها من العدَم وأقامها على هذا النحو، {لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ}، إذن الجواب الحمد لله -سبحانه وتعالى-، الحمد لله في كل الوجود، الحمد لله؛ يُحمَد الرب -تبارك وتعالى- لخلْقه السماوات والأرض، فيُحمَد أولًا لصفاته؛ أنه له هذه القدرة في أن خلَق السماوات والأرض، ثم أنه خلَقها بهذا الإبداع؛ فيُحمَد لإبداعه، وإتقانه، وإحكامه، ثم أنها مخلوقة برحمته -سبحانه وتعالى-، ما من مخلوق فيها إلا ونالته رحمة الله -تبارك وتعالى-؛ رحمة الوجود، ورحمة هذه الحياة، ورحمة الهداية؛ التي هداها الله -تبارك وتعالى- لكل موجود إلى طرق معايشة، وطرق الحفاظ على رزقه، كلها من رحمة الله {........ الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}[طه:50]، فالحمد لله، الحمد لله لهذا؛ لأنه هو خالق السماوات والأرض، {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ}، ثم قال –جل وعلا- {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ}، بل أكثرهم؛ أكثر هؤلاء الذين بُعث إليهم النبي -صل الله عليه وسلم-، لا يعلمون؛ جُهَّال، ليس جهل في عدم العلم ولكن جُهَّال في أنهم لم يُقدِّروا الله -تبارك وتعالى- حق قدره، ولم يعلموا أن خالق السماوات والأرض لابد أن يكون إله؛ رب حكيم، له شِرعة، أرسل رسل، أنزل كتب، هذه رسله، هذه كتبه، هذه صراطه المستقيم، هذه صُرُط الشيطان لا تتَّبِعوها، ما عندهم علم؛ لا علم لهم، يظنون أن هذا الرب الذي خلق السماوات والأرض لا شأن له بعد ذلك بهذا الخلْق؛ تركه وخلَّاه، كيف يكون هذا؟ كيف يكون أن الله -تبارك وتعالى- خلَق هذا الخلْق وتركه وسيَّبه لكل مجرم يفعل ما يشاء ولا يكون هناك عقوبة ولا حساب؛ هذا خارج العقل، ثم يعتقدون بأن الله -تبارك وتعالى- خالق هذه السماوات والأرض لا يستطيع أن يُعيدهم مرة ثانية، كيف يكون؟ هذه قضية برهانية ظاهرة؛ فالذي خلَق هذا الخلْق قادر على إعادته، قال -جل وعلا- {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ}.

ثم قال -جل وعلا- {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}[لقمان:26]، لله؛ لا إلى غيره -سبحانه وتعالى-، {مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}، ما فيها؛ كل ما في السماوات فهو له، لأنه خالقه، وهو مُدبِّره، وهو حاكمه، وهو قاهره، فهو له؛ في قبضته -سبحانه وتعالى-، هل هناك من شيء في هذا الخلْق خارج القدرة الإلهية؟ يفعل ما يشاء ويسير كما يشاء... لا، كل شيء محكوم، كل شيء في نِصابه وفي حكمه يسير في نظام لا يتعدَّاه، {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ........}[لقمان:26]، له هذا؛ له مُلك -سبحانه وتعالى- يملكه ويملك تصرفاته كذلك، {........ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}[لقمان:26]، إن الله -سبحانه وتعالى-؛ إن بالتأكيد، الله هو الغني؛ عن كل ما سِواه، الحميد؛ المحمود -سبحانه وتعالى-، فالله غني عن كل ما سِواه؛ عرشه، كرسيه، سماواته، أرضه، ملائكته، إنسه، جِنُّه، لا يحتاج الله -تبارك وتعالى- إلى شيء من هذه الموجودات، كل هذه الموجودات إنما يُقيمها الله -تبارك وتعالى-؛ الله هو الذي خلَقها، وهو الذي يُقيمها، وهو الذي يرزقها، وهو الذي يُصرِّفها، وهي قائمة بأمره، والله غير مُحتاج إلى شيء منها -سبحانه وتعالى-، لا يحتاج الله -تبارك وتعالى- ديَّت، فالله هو الحي القيوم؛ القائم بنفسه، المُقيم لغيره -سبحانه وتعالى-؛ العرش يقوم به، والسماوات والأرض تقوم به -سبحانه وتعالى-، {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}[البقرة:255]، يئُوده؛ يُثقِله، يُتعِبه، يُكرِثه، يعني لا يكترث بأن يُقيم السماوات والأرض -سبحانه وتعالى-، {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}، {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}[فاطر:41].

فالله هو الغني عن كل خلْقه -سبحانه وتعالى-، الحميد؛ المحمود، تحمَده كل مخلوقاته؛ هي حامدة له -سبحانه وتعالى-، لأنها كلها مؤمنة به، قائمة بحق حمده وذِكرِه -سبحانه وتعالى-، إلا الكافر؛ إلا الكافر من الإنس والجن فقط، هذا الخارج عن منظومة الوجود، كل منظومة الوجود حامدة لله -تبارك وتعالى-، شاكرة له، مُنفِّذة لأمره، إلا الكافر من الإنس والجن؛ هذا الخارج عن الطاعة، هذا فقط الخارج عن الطاعة؛ من إبليس وجُندِه، وممَن كفر من هذا الإنسان، وإلا فالباقي قائم بأمر الله -تبارك وتعالى-، {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ}[الحج:18]، {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}، والملائكة {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[النحل:50]، {تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[الشورى:5]، فقط الكافر هو المُتأبِّي عن عبادة الله -تبارك وتعالى-، والسجود له، والإزعان له -سبحانه وتعالى-، فالله يَحمَده هؤلاء؛ كل هذه المنظومة من الخلْق تَحمَد الرب -تبارك وتعالى-، والله -تبارك وتعالى- هو المحمود الذي حَمِد نفسه -سبحانه وتعالى- بكلمات التي لا تُحصى كثرة، ولا يستطيع أحد أن يُثني على الله كما أثنى الله على نفسه، لأنه لا يعلم الله على الحقيقة إلا الله، فكل مخلوقات الله -تبارك وتعالى- لا تُحيط عِلمًا بالله؛ ما في أحد يُحيط عِلمًا بالله كما الله.

فما في لا الملائكة ولا غيرهم يعلمون الله كما الله -سبحانه وتعالى- كما هو الله -تبارك وتعالى-؛ في أسمائه، وصفاته، وأفعاله، فهم لا يُحيطون عِلمًا به؛ ملائكة الله -تبارك وتعالى-، وهم أقرب الخلْق إليه -جل وعلا-، اللي هم {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[النحل:50]، والذي هم علومهم لا شك أنها فوق علوم البشر، ولكنهم لا يُحيطون عِلمًا بإلههم وربهم وخالقهم –سبحانه وتعالى- مع قدراتهم العظيمة، «أُذِنَ لي أن أُحدِّث عن ملك من حمَلة العرش؛ ما بين شحمة أُذنه إلى عاتقه تخفق الطير خمسمائة عام»، جبريل له ستمائة جَناح؛ كل جَناح يَسُد الأفق، يقول النبي لمَّا رأيته كلما نظرت في الأفق رأيته أمامي؛ يعني الأفق كله من الأربع جهات، أو من الجهات كلها، أصبح النبي كلما ينظر في الغرب يراه، في الشرق يراه، في الشمال يراه، في الجنوب يراه، هذا جبريل؛ عبد من عباد الله -تبارك وتعالى-، وملَك من ملائكته، وهذه الملائكة العظام كلها لا تُحيط بالله -تبارك وتعالى- عِلمًا ومُنفِّذون لأمره، فالله -تبارك وتعالى- هو المحمود بذاته، والذي حَمِد نفسه -سبحانه وتعالى- بحمْد لا يبلغه حمْد الحامدين، وكان النبي يقول في دعائه «سبحانك لا أُحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك»، ما أحد يقدر يُحصي ثناء على الله كما أثنى الله على نفسه، فهو الغني الحميد؛ المحمود -سبحانه وتعالى-.

ثم بيَّن الله -تبارك وتعالى- شيء من عِلمه، فقال {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[لقمان:27]، {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ}، هذا مثَل الله -تبارك وتعالى- يَضرِبه لنا؛ تقريب لعِلمه -سبحانه وتعالى-، فيقول {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ}، تتحوَّل كل أشجار الأرض هذه؛ تُقَص وتُحوَّل إلى أقلام للكتابة، كل أشجار الأرض بغاباتها وأشجارها؛ كلها تُحوَّل إلى أقلام، والبحر يتحوَّل إلى مِداد؛ حِبر ليكتب، وبعد البحر سبعة أبحر؛ مُحيط إثر مُحيط، إثر مُيحط ...، تتحوَّل كلها إلى مِداد للكتابة، وكتَبَة يكتبون، فممكن تفنى هذه الأقلام، تفنى هذه البحار كلها، البحار يفنى مِدادها؛ حِبرها الذي يُكتَب به، ولا تفنى كلمات الله؛ ما تنتهي كلمات الله -تبارك وتعالى-، كلمات الله التي هي حاملة لعِلمه -سبحانه وتعالى-؛ فهذا عِلم الله، الإنسان منَّا -ولله المثَل الأعلى- ينال أعظم الشهادات في هذه الدنيا من شهادات العلم، لكن إذا جمع كل معلوماته وصبَّها ممكن تُكتَب بدواية قليلة من الحِبر، بقارورة صغير من الحِبر يُكتَب بها كل علم هذا الإنسان، وكل محتواه العلمي؛ والذي نال به أعظم شهاداته، الإنسان أحيانًا منَّا يتخصص؛ يقولك مُتخصص دكتوراة في سِن واحدة من الأسنان، أو في ناحية واحدة من نواحي الشعر، في أمر واحد من جزئية صغيرة من جزئيات الإنسان، في حشرة من الحشرات يُفني عمره تعلُّمًا لها ولا ينتهي الحد الذي يُحيط عِلمًا بهذه الحشرة، نبتة واحدة من النباتات ممكن يُفني الإنسان عمره فيها عِلمًا بها، يقول لك أخذ دكتوراة فقط في شجرة الطماطم هذه بحوث كلها فيها؛ فهذا نهاية علمه وتخصصه، انظر كل جزئية من جزيئات هذا الخلْق؛ ما تحتها من العلوم، الله -تبارك وتعالى- خالق هذا الخلْق كله قد حواه علمًا -سبحانه وتعالى-، هذه صورة لتقريب علم الله -تبارك وتعالى-، فهذا بالنسبة للإنسان، والحيوان، والنبات، وهذه الأرض، والمحيطات، ثم ما بعدها، ثم ما بعدها، ثم ما بعدها ...، إلى العرش الذي لا يَقْدر قدرَه إلى الله، قدره من حيث السعة والعظمة لا يقدره إلى الله -تبارك وتعالى-، فكيف العلم بكل هذا؟ الله -تبارك وتعالى- هذا كله قائم بعلمه، يعني الله بنى هذا الكون وخلَقه بعمله -سبحانه وتعالى-؛ كلها تحمل علوم، فعلوم الله -تبارك وتعالى-، علم الله -تبارك وتعالى- لا يمكن أن ينفد ولو كانت هذه البحار كلها مِدادًا لعلمه -جل وعلا-، {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ........}[لقمان:27]، غالب، لا يغلبه شيء -سبحانه وتعالى-، قد غلب كل هذه الأشياء؛ غلبها بعلمه، وحكمته، وقدرته، وقهره -سبحانه وتعالى-، وأحاط بها، حكيم؛ يضع كل أمر في نِصابه، ما في ذرَّة من هذا الوجود إلا وهي موضوعة في نِصابها؛ في مكانها الصحيح.

سبحان الله العلي العظيم، ونقف -إن شاء الله- عند هذه الآية، نكمل في الحلقة الآتية -إن شاء الله-، استغفر الله لي ولكم من كل ذنب، وصل الله وسلم على عبده ورسوله محمد.