الجمعة 29 ربيع الآخر 1446 . 1 نوفمبر 2024

الحلقة (506) - سورة السجدة 1-5

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على عبد الله والرسول الأمين؛ سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- بسم الله الرحمن الرحيم {الم}[السجدة:1] {تَنزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[السجدة:2] {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ}[السجدة:3] {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ}[السجدة:4] {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}[السجدة:5] {ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}[السجدة:6] {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِنْ طِينٍ}[السجدة:7]، هذه الآيات هي ابتداء سورة السجدة، {الم}[السجدة:1]، السجدة، وهذه السورة كان النبي -صلوات والسلام عليه- يقرأ بها كل فجر جمعة؛ في الركعة الأولى من فجر يوم الجمعة، ويقرأن في الركعة الثانية بـ {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ ........}[الإنسان:1]، وقد ذكَر أهل العلم أن سبب مداومة النبي -صلوات الله والسلام عليه- على القراءة بها في كل فجر جمعة هي والإنسان، أن فيها مُجمل مسائل الإيمان؛ من تعريف العباد بربهم وخالقهم -سبحانه وتعالى-، ولماذا خلَقهم؟ والجزاء عنده -سبحانه وتعالى-، وما في هذا من المواعظ البليغة للناس، وأمرهم بتقوى الله -تبارك وتعالى-، وتقدير هذا اليوم العظيم، وضرْب الأمثال لهم في هذا الصدد؛ فهو تذكير بالبعث والمعاد، ووعظ من الله -تبارك وتعالى- عظيم في هذه السورة للعباد؛ أن يتَّقوه -سبحانه وتعالى-، وأن يقدِّروا هذا اليوم، وفيها {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ}[السجدة:12] {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}[السجدة:13] {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[السجدة:14]، وسنستعرض هذه السورة ونسير معها -إن شاء الله-، ونعلم مقدار المواعظ البليغة والخطاب الربَّاني للعباد؛ ليأخذوا طريقهم إلى الرب -تبارك وتعالى- في هذه السورة العظيمة.

بدأ الله -تبارك وتعالى- هذه السورة بهذه الحروف الثلاثة المقطَّعة كالشأن في كثير من سور القرأن؛ الألف، واللام، والميم، {الم}[السجدة:1]، وقد مضى تفصيل القول في أقوال أهل العلم في معاني هذه الحروف، {الم}[السجدة:1] {تَنزِيلُ الْكِتَابِ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[السجدة:2]، {تَنزِيلُ الْكِتَابِ}، يخبر الله -تبارك وتعالى- بأن تنزيل هذا الكتاب ...، الحال التي نزَل بها الكتاب أنه لا ريب فيه من رب العالمين، فتنزيل الكتاب من رب العالمين، هذا الكتاب الذي لا ريب فيه، الكتاب هو هذا القرآن، سماه الله -تبارك وتعالى- كتابًا لأن الله -تبارك وتعالى- كتَبَه في السماء، وينزِل إلى هذه الأرض منجَّمًا من كلام الله -تبارك وتعالى-، الله -تبارك وتعالى- يتكلم به فيسمع جبريل كلام الرب -تبارك وتعالى-، وينقل الكلام كما سمعه من الله -تبارك وتعالى- إلى قلب نبينا محمد -صلوات الله والسلام عليه-، {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ}[الشعراء:193] {عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ}[الشعراء:194] {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}[الشعراء:195]، فهو كلام الله -تبارك وتعالى- المنزَّل على عبده، كُتِبَ في السماء وقد أمر الله –تبارك وتعالى- أن يكْتَبَ في الأرض، وهو أعظم كتاب كُتِبَ في الأرض، وقد اختصه الله -تبارك وتعالى- بخصائص لم يختص بها كل سائر كتبه المنزَّلة من -سبحانه وتعالى- على أنبيائه ورسله، بأن جعله كتابًا مُعجِزًا في مبناه؛ في ألفاظه، وتحدَّى العرب البلغاء أن يأتوا بسورة من مثل سوره، وكذلك ما جعله الله -تبارك وتعالى- فيه من تيسير الفهم وسهولة الوصول إلى المعنى فيه، {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}[القمر:17]، وخصائص عظيمة خصَّ الله -تبارك وتعالى- بها هذا الكتاب؛ كتابه الأخير المُنزَل على عبده ورسوله محمد -صلوات الله وسلامه عليه-، فهذا الكتاب يخبر الله -تبارك وتعالى- أنه لا ريب فيه؛ نزَل حال كونه لا ريب فيه، الريب؛ الشك، لا ريب فيه من الله -تبارك وتعالى-، فأدلة كونه من الله -تبارك وتعالى- قائمة في ذات هذا الكتاب، ذات الصياغة المُتحدَّى بها، التي لا يمكن للبشر أن يأتوا بصياغة مثلها؛ مهما صاغوا لأي معنى من المعاني، وكذلك لِما اشتمله هذا الكتاب من الحق والبراهين العظيمة، التي يجزم كل ذي بصر وذي لُب أن يتكلم بهذا، ويعرف هذه العلوم وهذه الأسرار التي نزل بها الكتاب، وهذه الأخبار لِمَن مضى ولِما يأتي إلا الله -سبحانه وتعالى-، فلا ريب فيه؛ لا شك فيه بأي وجه من الوجوه.

{مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، تنزيل الكتاب هذا من رب العالمين، نازل من رب العالمين، ربهم؛ خالقهم كلهم، وسيدهم، ومتولي شئونهم -سبحانه وتعالى-، فالرب في لغة العرب بمعنى المالك، أنا رب الدار، فلان رب الإبل؛ يعني مالكها، فالله -تبارك وتعالى- رب العالمين؛ مالكهم، العالمون جمع عالم، والعالم كل قطاع من الخلْق له صفات واحدة، فالملائكة عالم من عوالم الله -تبارك وتعالى-، والجن عالم، والإنس عالم، والسماوات عالم، والأراضين عالم، والبحار عالم، والطير عالم، الله -تبارك وتعالى- هو رب كل هذه العوالم -سبحانه وتعالى-، فالله ربها؛ خالقها، المنشئها، المتصرِّف فيها -سبحانه وتعالى-، ولا رب لأي أحد من هؤلاء العالمين سواه -سبحانه وتعالى-، فالله رب الكل؛ رب كل العالمين -سبحانه وتعالى-، {........ لا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[السجدة:2]، وكَوْن تكون هذه الرسالة وهذا الكتاب من رب العالمين إلى الناس وأنها نازلة من رب العالمين؛ هذا أمر عظيم جدًا، أن يكون رب العالمين هو الذي أنزَلَ هذا الكتاب على عبده ورسوله محمد؛ ليبلِّغ الناس ويخبرهم، هذه رسالة الله -تبارك وتعالى- وكتاب الله -تبارك وتعالى- المُرسَل لكم.

قال -جل وعلا- {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ}، أم التي هنا بمعنى بل؛ وهمزة الاستفهام، يعني إضراب وهمزة استفهام، يعني أيقولون افتراه، بل أيقولون افتراه، {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ}، يقولون؛ الكفار، افتراه؛ كذَبَه، يعنون بهذا النبي محمد -صل الله عليه وسلم- أنه افتراه؛ يعني أنه اختلقه، وقال لهم في رمي النبي -صل الله عليه وسلم- باختلاق القرآن أفانين وأقوال متعاكسة؛ متعارضة، فمرة يقولوا افتراه من عند نفسه، ومرة يقولوا لا؛ هذا {........ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}[الفرقان:5]، ومرة يقولوا أنه بشر من الناس هو الذي يُعلِّمه، ويقولون هذا مغلوب على عقله ويُلقى إليه هذا الكلام، لا ندري أي جِنَّ وغيره يُلقيه عليه هذا الكلام، فقد نسبوا هذا الافتراء للنبي -صل الله عليه وسلم- وأن الذي يُنزِله عليه ويُعلِّمه إياه بهذه المصادر الشتَّى، كذبوا وافتروا ونسبوا إلى النبي -صل الله عليه وسلم- هذه الفِريَّة، {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ}، قال -جل وعلا- {بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ}، بل؛ إضراب لقولهم هذا، هو؛ القرآن، هو الحق؛ الثابت الذي لا شك فيه، ضد الباطل، من ربك؛ يعني أنزله الله -تبارك وتعالى- من عنده عليك، هذا نازل من ربك يا محمد، وكَونه أن يكون هو رب النبي -صل الله عليه وسلم- فهو متولي شئونه، وهو الذي أكرمه بهذا الإنزال، وشرَّفه، وأعلى منزلته -صل الله عليه وسلم-.

{........ بَلْ هُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَا أَتَاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ}[السجدة:3]، غاية عظيمة وهدف عظيم لإنزال هذا القرآن، أن يُنذِر قومًا؛ وهم العرب، ما أتاهم من نذير من قبلك؛ لم يأتهم نذير كهذا النبي المُنذِر، من قبلك؛ يعني من قبل أن تكون فيهم، لعلهم يهتدون؛ يعني لعلهم أن يأخذوا طريق الرب -تبارك وتعالى-، ولعل للترجي والترجي هنا بحسب هؤلاء البشر؛ لعلهم أن يهتدوا ويأخذوا طريق الهداية لله -تبارك وتعالى-، وليس الترجي من الله -تبارك وتعالى-، فإن الله لو شاء أن يجمعهم على الهدى لهداهم، لكن الترجي بالنسبة إليه هذا سبب؛ اللي هو نزول القرآن، ليشرح لهم ويُبيِّن لهم الله -تبارك وتعالى- فيه طريق الهداية؛ فلعلهم أن يهتدوا بهذا، إذا أحسنوا إتخاذ هذا السبب وصدَّقوا به وآمنوا به هداهم الله -تبارك وتعالى-، والعرب لم يأتهم نذير قبل النبي -صلوات الله والسلام عليه-، وإنما العهد بينهم وبين الرسالة عهد بعيد، فأبوهم إسماعيل -عليه السلام-؛ أبو العرب كلها، وبين النبي محمد -صل الله عليه وسلم- وإسماعيل آلاف من السنوات، حوالي أربعة آلاف سنة بين إسماعيل وبين النبي -صلوات الله والسلام عليه-؛ فهذي المدة طويلة جدًا، كان بنوا إسماعيل من العرب على دين التوحيد؛ وبقوا على هذا أجيال طويلة، ثم إنه تغيَّر دينهم بعد ذلك ودخل فيهم الشرك عن طريق رجل من بني خزاعة غلبوا على مكة؛ اللي هو عمرو ابن لُحي الخزاعي، الذي قال النبي «أول من بدَّل دين العرب عمرو ابن لُحي الخزاعي، ولقد رأيته يجُر قُصْبَه في النار»، فتغيَّر دينهم وأصبحوا على الشرك والكفر، وأمَّا الرسل الذين كانوا قبل النبي قريبين منه فأولهم عيسى، ليس بين عيسى وبين النبي -صل الله عليه وسلم- رسول؛ وهذا من ستمائة سنة، ولكن عيسى -عليه السلام- قد كان رسولًا في بني إسرائيل، ومن قبله كل الرسل الذين قبله إلى موسى النبي كلهم كانوا مرسلين في بني إسرائيل، فرسالتهم محدودة في بني إسرائيل ولم تكن للناس جميعًا، فإذن نبينا -صلوات الله وسلامه عليه- قد أُرسل نذيرًا ليُنذر قومًا ما أتام من نذير قبل هذا النبي -صل الله عليه وسلم-، {لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ}، لعلهم أن يأخذوا طريقهم إلى الله -تبارك وتعالى-، الهداية؛ طريق الهداية، هذا اللي هو طريق الهدى، طريق النور؛ الذي يهتدي به الإنسان إلى شاطئ السلامة، إلى جنة الله -تبارك وتعالى- وينجوا من عقابه.

ثم شرَعَ الله -تبارك وتعالى- بعد ذلك يُبيِّن صفاته العظيمة -جل وعلا-، فقال {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ}، يعني هذا رب العالمين الذي أنزَل هذا الكتاب هو الله؛ الذي خلَق السماوات والأرض، الله؛ تعرفه العرب بهذا الإسم، الله -سبحانه وتعالى- إسم تعرفه به العرب، بل تعرفه كل الشعوب، يعرفه اليهود والنصارى بهذا الإسم؛ أنه رب السماوات والأرض، إذا أُطلق لفظ الله فإنما يعرفه هذه الأمم التي تعرف الله بأنه خالق السماوات والأرض؛ رب الجميع -سبحانه وتعالى-، {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ........}[لقمان:25]، فيُجيبوا على هذا، عِلما أنه كانت لهم آلهة يعبدونها معه؛ من الملائكة، من الأصنام؛ هُبَل، والَّلات، والعُزَّة وغيرهم، لكنهم لم ينسبوا خلقًا للسماوات والأرض لهؤلاء، بل الملائكة زعموا أنهم بنات الله ولكن ليس لهم أي شيء نصيبًا من الخلْق، وأنهم في ملْك الله ولا يملكون شيئًا، وكانوا يقولون لبيك لا شريك لك لبيك، لا شريكًا تملِكه وما ملَك، تملِكه؛ أنت تملِكه، وما ملَك؛ ما يملك شيء، فقد كانوا يعلمون أن الله هو رب السماوات والأرض، كما كان اليهود والنصارى يعلمون أن الله هو رب السماوات والأرض، وإن كان النصارى طبعًا أشركوا بالله -تبارك وتعالى-، وجعلوا الله ثلاثة وليس هو الله فقط، فإنما أطلقوا على الله إسم الأب وأن له ابن؛ هو عيسى، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا، وأن هناك روح القدس، وأن الأب والابن وروح القدس هم الثلاثة كلهم ذات واحدة، إله واحد، معبود واحد، تعالى الله عمَّا يقولون علوًا كبيرًا، وأمَّا اليهود فقط كانوا يعلمون الله وإن كانوا قد سمُّوه أحيانًا بغير هذا الإسم؛ سمُّوه يهوا، كما كان عندهم في التوراة ماذا نقول لك؟ قال قولوا يهوا، وكذلك يعلمون أن إسم الله -تبارك وتعالى- هو خالق السماوات والأرض، وإن كانوا طبعًا وصفوه بغير وصفه -سبحانه وتعالى-، ونسبوا له ما لا يليق به -جل وعلا-، تعالى الله عمَّا يقولون علوًا كبيرًا.

{اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ}، يُعرِّف الله -تبارك وتعالى- عباده بنفسه -سبحانه وتعالى-، فهذه أعماله؛ فهو الذي خلَق السماوات والأرض، خلَقَها؛ إخراجًا من العدم إلى الوجود، وكذلك تقديرًا لها؛ كل جزئية من هذه السماوات والأرض الله -تبارك وتعالى- هو الذي أعطاها قدرها ومقدارها وهداها، خلَق الشمس على هيئتها، وعلى قدرها، ومقدارها؛ وكذلك سخَّرها في سبيلها، {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}[يس:38] {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ}[يس:39]، فهذ وضع الشمس في مكانها، والقمر في مكانه، والنجوم في مكانها، {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ}[الصافات:6] {وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ}[الصافات:7] {لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ}[الصافات:8] {دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ}[الصافات:9] {إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ}[الصافات:10]، فكون الملائكة تكون زينة للسماء، وكذلك شُهُب لتنطلق منها لتضرب الشياطين؛ كل هذا من تقدير الله -تبارك وتعالى-، فالله خلَق السماوات والأرض خلْقًا من العدم؛ أبرزها من العدم دون أن تكون، فمادة هذه السماوات والأرض الله هو الذي خلَقها، وكذلك تصويرها ووضعها الله -تبارك وتعالى- الذي فعله، وليس كما يقول الجُهَّال ممَن يُسمُّون بالفلاسفة؛ أن مادة الكون كانت موجودة، وأن الله هو الذي خلْق من هذه المادة السماوات، يعني أخذ هذه المادة الموجودة وبنى منها السماوات والأرض، وهذا من جهلهم؛ كيف يكون؟ ومَن أوجَدَ هذه المادة في الأساس؟ لو كان الأمر على هذا النحو؛ مَن أوجَدَ هذه المادة؟ هذه ذرَّات السماوات والأرض وإن كانت ما كانت؛ مَن الذي أوجَدَها؟ يبقى لابد أن يكون لها مُوجِد، الله -تبارك وتعالى- هو الذي أنشأ هذه السماوات والأرض من العدم، أخرجها من العدم -سبحانه وتعالى-؛ لم تكن شيئًا وأوجَدَها، ثم بناها على هذا النحو البديع الذي بناه، بديع السماوات والأرض -سبحانه وتعالى-.

{الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا}، ما بين السماوات والأرض أمور عظيمة جدًا، ما بينهما؛ من شموس، من نجوم، من مجرات، من غير ذلك، من سُحُب، من أشعة، ممَّا نعلمه وما لا نعلمه، {فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ}[الحاقة:38] {وَمَا لا تُبْصِرُونَ}[الحاقة:39]، وما لا نُبصِر ولا نعلم أكثر من الذي نعلمه، فما بين السماوات والأرض هذا كذلك هو الذي خلَقه -سبحانه وتعالى-، ثم قال -جل وعلا- {فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ}، يعني خلَق هذا الخلْق العظيم، البديع، الواسع، الذي لا يُعرَف نهاية له إلا الله -سبحانه وتعالى-؛ في ستة أيام، ستة أيام؛ الصحيح أن هذه الأيام من أيام الله -تبارك وتعالى- وليس من أيام كوكب الأرض الذي نعيش عليه، فإن اليوم عندنا إنما هو هذه الدورة الكاملة للأرض حول نفسها تجاه الشمس؛ الذي يحدث منها ليل ونهار، مجموع هذا الليل والنهار يوم عندنا، لكن الأيام عند الله -تبارك وتعالى- مختلفة، كما قال -جل وعلا- {........ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}[الحج:47]، وهناك أيام تكون أكبر من هذا، كما قال الله -تبارك وتعالى- عن يوم القيامة {........ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ}[المعارج:4]، خمسين ألف سنة؛ أي مما نَعُد في هذه الأرض، خمسين ألف سنة؛ من عدِّنا للسنوات في هذه الأرض، فعلى كل حال الله -تبارك وتعالى- يخبر -جل وعلا- بأنه خلَق السماوات والأرض في ستة أيام، هل هذه الآيام أيام الأرض أم أيام عند الله -تبارك وتعالى-؟ نقول الله -تعالى- أعلم، أخبرنا الله -تبارك وتعالى- بأنه خلَقها في ستة أيام.

{ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}، يعني بعد أن خلَقها الله -تبارك وتعالى- استوى على عرشه -جل وعلا-، وجود العرش قبل السماوات والأرض، وجود العرش؛ العرش موجود قبل أن يخلُق الله السماوات والأرض، كما في الحديث أن النبي سُئِل «ما أول ما خلَق الله؟ أول ما خلَق الله -تبارك وتعالى- خلَق القلم، فقال له أُكتُب، فقال وما أكتب؟ قال أُكتُب ما كان وما سيكون إلى يوم القيامة» وكان عرشه على الماء، قال النبي -صل الله عليه وسلم- «كان الله ولا شيء معه، وكان عرشه على الماء»، فكان الله -تبارك وتعالى- والله هو الأول بلا بداية، لا بداية لأوَّليتهِ -سبحانه وتعالى-؛ فالله هو الأول، وهو الآخر بلا نهاية، وهو الظاهر لا أحد فوقه، وهو الباطن لا شيء تحته -سبحانه وتعالى-، {هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[الحديد:3]، فالله -تبارك وتعالى- عندما خلَق السماوات والأرض كان عرشه على الماء، {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ........}[هود:7]، فكان عرش الله سابق، فالله -تبارك وتعالى- خلَق السماوات والأرض؛ وهذه بعد أن كان عرشه موجودًا -سبحانه وتعالى-.

{ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}، العرش هو سقف هذه المخلوقات جميعًا، السماوات كلها تحت العرش، والأرض تحت السماوات، فالله -تبارك وتعالى- استوى على العرش، والاستواء هنا بمعنى العلو والارتفاع، وهذا لا شك أنه عمل نسَبَه الله -تبارك وتعالى- إليه ويليق بذاته -سبحانه وتعالى، استواء المخلوق على المخلوق معلوم لنا؛ لأن ذات المخلوق معلومة، وأما استواء الله -تبارك وتعالى- على مخلوقاته فغير معلوم لنا؛ لأن ذات الله -تبارك وتعالى- غير معلومة لنا، أما استواء المخلوق على المخلوق فهذا معلوم، كما قال -تبارك وتعالى- {........ وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ}[الزخرف:12] {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ}[الزخرف:13] {وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ}[الزخرف:14]، فالله يخبر بأنه خلَق لنا من الفُلك والأنعام ما نركب، الفُلك؛ السفن، والأنعام معروفة الذي نركب منها، قال {لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ}، فاستواء الإنسان على السفينة معلوم؛ وهو صعوده عليها وركوبه عليها، واستواء الإنسان على الأنعام معلوم، لأن هذا الخلْق كلٌ معلوم؛ الإنسان معلوم، والأنعام معلومة، معلوم صفاتها وذاتها فيُعلَم معاني الاستواء، أما بالنسبة للرب -تبارك وتعالى- فإن حقيقة هذا وكيفيته غير معلومة لنا، ولذلك لمَّا سُئِل الإمام مالك -رضي الله تعالى عنه-؛ ((قيل له الرحمن على العرش استوى، كيف استوى؟ قال الاستواء معلوم والكيف مجهول، الكيف بالنسبة إلى الله مجهول والسؤال عنه بِدعة))، فكل سائل عن كيفية اتصاف الله بصفاته غير معلومة لنا؛ لأن ذات الله -تبارك وتعالى- غير معلومة لنا، فلا يُقال كيف يتكلم؟ وكيف يأتي لفصل القضاء؟ وكيف يسمع؟ وكيف يُبصِر؟ مع وجوب الإيمان بهذا؛ بأن الله يسمع ويبصِر -سبحانه وتعالى- فهو السميع البصير، وأنه -سبحانه وتعالى- يتكلم ويُنادي، كما قال -جل وعلا- {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[الشعراء:10]، لكن كيف تكون هذه الصفة؟ كيف يتصف الله -تبارك وتعالى- بهذه الصفة؟ نقول الله -تعالى- أعلم.

فالله -تبارك وتعالى- استوى على العرش؛ هذا الاستواء معناه معلوم، لكن كيفيته لا يعلمها إلا الله -تبارك وتعالى-، ولا شك أن هذا أمر يليق بذاته -سبحانه وتعالى-، فأفعاله وصفاته غير صفات خلْقه -جل وعلا-، هذا تذكير من الله -تبارك وتعالى- وإعلام من الله بأن ربهم؛ هذا الذي يُناديهم، وأنزَل هذا الكتاب لهم، يقول إعلموا هو الذي خلق السماوات والأرض وما بينهما، وأنه خلَق هذا في ستة أيام، وأنه استوى على العرش بعد ذلك، وهذا يدل على هيمنته -سبحانه وتعالى- وجمعه لهذا، فإن كل هذه السماوات والأرض، والتي فيها الإنسان على هذه الأرض في جُزَيء صغير؛ جزء جدًا صغير من خلْق الله -تبارك وتعالى-، والله -تبارك وتعالى- هو القاهر فوق عباده كلهم، فهو خالق هذا الخلْق وهم في قبضته وتحت أمره ومشيئته -سبحانه وتعالى-، قال -جل وعلا- بعد ذلك {مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ}، ما لكم؛ أيها المخاطبون، من دونه؛ غيره، من ولي؛ يواليكم، ولا شفيع؛ يشفع لكم عنده، {أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ}، من دون الله -تبارك وتعالى-؛ إذا عاديتم الله -تبارك وتعالى- وعاداكم الله -تبارك وتعالى- فلا يمكن أن يكون لكم ولي من دون الله، ولي يعني يواليكم؛ ينصركم، يُخرجكم من عذاب الله -تبارك وتعالى- أو يُنيلكم رحمته، ما لك ولي، ليس لك أيها الإنسان الكافر إذا كفرت وابتعدت عن الله ما لك من ولي ولا شفيع؛ يشفع لك عند الله -تبارك وتعالى-، تكون شفاعته مقبولة؛ لأن الله -تبارك وتعالى- لا يقبل شفاعة في كافر مهما كان، إذن هنا الله -تبارك وتعالى- يقطع أمل الكافر في أي نُصرة له؛ أو أي خروج له من عقوبة الله -تبارك وتعالى-، وأنك أُعبد الله -تبارك وتعالى-؛ أُعبده وحدَه، وإعلم أنك لا يوجد هناك من دون الله لك لا ولي يواليك، ولا شفيع يشفع لك، {أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ}، سؤال يُراد به الحض، والتذكير، وفتح الأعين، وفتح القلوب، {أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ}، يعني أيها المخاطبون أن ربكم على هذا النحو الذي وصف به نفسه -سبحانه وتعالى-، وأنكم على هذا النحو من حيث الاحتياج إليه -سبحانه وتعالى-، ومن حيث أنه لا أمل لكم، ولا رجاء لكم، ولا مُعين لكم، ولا ناصر لكم؛ دونه -سبحانه وتعالى-، فليس لكم من دونه أي ولي ولا أي شفيع، {أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ}.

ثم بعد ذلك إضافة إلى صفات الله، قال -جل وعلا- {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}[السجدة:5]، فهو أولًا خالق هذه السماوات والأرض، والمستوي على عرشه، ثم إنه -سبحانه وتعالى- كذلك قد ضَبَطَ وأحكَمَ أعمال خلْقه -جل وعلا-، {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ}، أولًا التدبير هو النظر في دُبُر الأمر؛ اللي هو عواقبه، ويُطلَق على كل عمل مع النظر لِما سيئول إليه الأمر في المستقبل؛ فيُقال هذا تدبير، والتدبير هو عبارة عن تخطيط الأمر وفعله مع النظر في عواقبه والمآل الذي سيئول إليه، فالله يُدبِّر الأمر؛ بمعنى أنه -سبحانه وتعالى- يُقدِّر مقادير الأشياء عالمًا بكل النهايات التي ستنتهي إليه الأمور، {مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ}، ينزل أمر الله -تبارك وتعالى- من السماء؛ من عنده -سبحانه وتعالى- إلى الأرض، يُنزِله الله -تبارك وتعالى- في ما يُقدِّره، فيُرسل ملائكته -سبحانه وتعالى- بالأمر، ملَك الموت ينزل عنده بقبض الأرواح، الكتَبَة الحافظون ينزلون فيكتبون أعمال العباد، ويرفعونها إلى الله -تبارك وتعالى- يومًا بيوم، لا يتأخر عمل يوم عن الله -تبارك وتعالى- إلى يوم أخر، {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ ........}[السجدة:5]، يعرُج إليه أمر العباد، فالله يُدبِّر الأمر، يقضي كذلك مقادير الخلْق، ثم كذلك تُرفَع إليه أعمال العباد؛ إلى الله -تبارك وتعالى-، كما قال النبي -صلوات الله والسلام عليه- «الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يُرفَع إليه عمل النهار قبل عمل الليل، وعمل الليل قبل عمل النهار»، ترفعه الملائكة له، أعمال العباد تُرفَع إلى الله –تبارك وتعالى- في كل وقت، ويقول النبي «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، فيصعد الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم؛ كيف تركتم عبادي؟ فيقولون يا رب أتيناهم وهم يُصَلون»، صلاة العصر، «وتركناهم وهم يُصَلون».

صلاة الفجر، فالله -تبارك وتعالى- {يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ ........}[السجدة:5]،  العروج هو الصعود، {فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}، يعني أن أيام الله -تبارك وتعالى- هذه؛ اليوم عند الله -تبارك وتعالى- بألف سنة، مما تعُدُّون؛ يعني أيها الناس على ظهر هذه الأرض، يعني ما نعُدُّه ألف سنة هو يوم واحد من أيام الله -تبارك وتعالى-، وهذا في المعنى أن الله -تبارك وتعالى- قد أحكَمَ خلْقه -سبحانه وتعالى-، وأنه مطَّلع عليه، وأن كل شيء مُنضَبط، ومكتوب، ومحسوب، وأن ليس هناك شيء مُنفَلِت؛ وأن هناك شيء ضائع، بل الله -تبارك وتعالى- هو الذي يُدبِّر أمر خلْقه وأمر عباده -سبحانه وتعالى- وقتًا بوقت، وأنه تُرفَع إليه أعمال العباد -سبحانه وتعالى-، وأقام الملائكة -سبحانه وتعالى- في ما أقامهم فيه، {ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ}[السجدة:6].

نقف هنا -إن شاء الله-، نعود إلى هذه الآيات في الحلقة الآتية -إن شاء الله-، استغفر الله لي ولكم من كل ذنب، وصل الله وسلم على عبده ورسوله محمد.