الجمعة 29 ربيع الآخر 1446 . 1 نوفمبر 2024

الحلقة (508) - سورة السجدة 12-18

{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة:2] {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[الفاتحة:3] {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة:4]، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين؛ سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- {وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ}[السجدة:10] {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ}[السجدة:11] {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ}[السجدة:12] {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}[السجدة:13] {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[السجدة:14]، يخبر -سبحانه وتعالى- عن مقالة هؤلاء الضَّالين؛ المكذِّبين بالبعث، أنهم استبعدوا أن يُعيد الله -تبارك وتعالى- أجسادهم إلى الحياة مرة ثانية؛ وقد ضلَّت أجسادهم في الأرض، وقالوا؛ أي الكفار المكذِّبين بالبعث، {أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ}، أي اختلطت عظامنا ولحومنا وأجسادنا بتراب هذه الأرض، وضلَّت فيها وانتشرت وأصبحت ليست أمرًا مجسَّمًا مُنحازًا، ولكنها انتشرت ذرَّاتها بذرَّات هذه الأرض، كما تقول العرب هنا ((ضلَّ السمن في الطعام))، بمعنى أنه انتشر في كل أجزائه، {أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ}، أيخلقنا الله -تبارك وتعالى- خلْقًا جديدًا؟ قال –جل وعلا- {بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ}، وهذا إضراب لقولهم هذا الباطل وإتيان بالبرهان الساطع، هؤلاء مكذِّبون بلقاء ربهم، ربهم هو الذي خلقِهم -سبحانه وتعالى-، فكيف يكذِّب الإنسان بلقاء من خلقِه وسوَّاه -سبحانه وتعالى-؟ {بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ}، هذه حقيقتهم؛ أنهم كافرون، الكفر هنا هو الجحود والنكران؛ أن يلاقوا ربهم -سبحانه وتعالى-، وإلا فإن البرهان قائم لكل ذي عقل وذي بيان؛ لابد أن يُقر بأن مَن خلقِه يستطيع أن يُعيده -سبحانه وتعالى-، وأنه لا مفر من لقاء الرب –جل وعلا-.

قال -جل وعلا- {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ}[السجدة:11]، قُل لهم يتوفاكم؛ يأخذكم، الوفاة هي الأخذ وافيًا، يعني يقبض أرواحكم ملَك الموت، الذي وُكِّل بكم؛ وكَّله الله -تبارك وتعالى- بكم، وهنا أنه وُكِّل بهم والملائكة لا يعصون الله ما أمرهم فإنهم ينفذون أمر الله -تبارك وتعالى- ما أُمروا به، ثم إلى ربكم تُرجَعون؛ في النهاية مرجعكم إلى الله -تبارك وتعالى- ليحاسبكم على أعمالكم.

ثم وصف الله -تبارك وتعالى- حال المكذِّبين يوم القيامة، فقال {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ}، يعني لو ترى ذلك لرأيت أمرًا عظيمًا مهولًا، ولو ترى؛ يعني إذ ترى، إذ المجرمون؛ حين يكون المجرمون هؤلاء المكذِّبون بالبعث، {نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ}، تنكيس الرأس هو النظر إلى أسفل، يعني أنهم مُرسلون رؤوسهم إلى أسفل؛ خزيًا، وعارًا، وندامةً، لتكذيبهم بالبعث يوم القيامة، وهذا يوم البعث قد أصبح حقيقة قائمة واقعة، {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ}، عند ربهم؛ عند لقاء ربهم في هذا اليوم العصيب، طبعًا جواب لو هنا محذوف، والمعنى أنك لو رأيت هذا لرأيت شيئًا فظيعًا، لرأيت حال هؤلاء غير حالهم هنا، وهم يشمَخون برؤوسهم وأنوفهم ويقولون {أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ}، مستبعدين هذا ومستكبرين ورادين أمر الله -تبارك وتعالى-، فانظر هذا الذي رافع رأسه هنا في الدنيا لو تراه عندما يكون يوم القيامة وهو مُنكِّس رأسه، ويقولون {رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا}، لكن انتهى الوقت، هذه مقالتهم، ربنا؛ يعني يا ربنا، أبصرنا؛ الحق ورأيناه، رأينا الأمر عيانًا بالبصر؛ النظر، وسمعنا؛ الحق وسمعنا قولك، وما تعدُنا به تحققنا منه خلاص؛ تحقُق العيان، {فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا}، أرجعنا؛ أي إلى الدنيا مرة ثانية، نعمل صالحًا؛ ونعمل هنا بالجزم، يعني إن تُرجِعنا إلى الدنيا فإننا سنعمل صالحًا، صالحًا؛ من العمل، من الإيمان والاستقامة، {إِنَّا مُوقِنُونَ}، الآن إنَّ موقنون بوعدك وبصدق قولك وبأن ما وعدتنا به حق، {إِنَّا مُوقِنُونَ}، قد أيقنَّا، لكن هذا لا يتحقق وذلك أن الله -تبارك وتعالى- قد أعذر إليهم في الدنيا، وأنه لا يمكن أن يُعطيهم فرصة ثانية ليرجعوا إلى الدنيا، ولو عادوا إلى الدنيا لرجعوا إلى كفرهم وعنادهم مرة ثانية.

قال -جل وعلا- {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا}، يعني ولو شئنا أن يكون الجميع مُهتدٍ لهديناهم، {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا}، ألهمناها الهدى والتقى وجعلناها على هذا لا تضل، {........ وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}[السجدة:13]، ولكن حقَّ القول منِّي؛ يعني أصبح القول حقًا من الله -تبارك وتعالى-، بأن قال {لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}، وذلك عندما قال الله -تبارك وتعالى- الذي تحدَّى وقال {قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا}[الإسراء:62]، وقال {........ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}[ص:82] {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}[ص:83]، وقال {........ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ}[الحجر:39] {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}[الحجر:40]، وأن الله -تبارك وتعالى- قال له {........ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا}[الإسراء:63]، إن جهنم جزاؤكم؛ جزاؤه هو ومَن تَبعه من هؤلاء البشر الضَّالين؛ فإن جزاؤكم جزاءً موفورًا، {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ}، وقال له {........ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ}[الحجر:41] {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ}[الحجر:42] {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ}[الحجر:43] {لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ}[الحجر:44]، فقد أصبح قول الله -تبارك وتعالى-لإبليس حقًّا على مَن؟ على إبليس ومَن تَبعه من هؤلاء ضُلَّال بني آدم أن النار مثواهم، قال {النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا}، قال {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي}، يعني أصبح قول الله -تبارك وتعالى- حق والله لا يقول إلا الحق، {لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}، باللام المؤكِدة وبالنون المؤكِدة؛ فأكَّد الله -تبارك وتعالى- هذا الأمر تأكيدًا، {لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ}، من الجِنَّة؛ هذا الذي رأسهم إبليس، وسمُّوا الجِنَّة من التسر؛ يعني أنهم يستترون، والناس أجمعين؛ ومن الناس أجمعين، من كل من تَبع هذا الشيطان فإن مأواه جهنم.

ثم يقول لهم الله -تبارك وتعالى- {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[السجدة:14]، هذه من أعظم آيات الوعيد في كتاب الله -تبارك وتعالى-، {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ ........}[السجدة:14]، ذوقوا؛ قاسوا العذاب، عذاب جهنم -عياذًا بالله-، بما نسيتم لقاء؛ يعني بسبب نسيانكم، لقاء يومكم هذا؛ يوم القيامة، نسوه؛ أهملوه، يعني أهملوه، فجائهم الخبر به ولكنهم أهملوا هذا الخبر وردُّوه وعاندوه، ثم لم يعملوا شيء؛ لم يعملوا لهذا اليوم، بل تركوه وأهملوه وخلُّوه خلف ظهورهم نيسيًا، {بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ}، يُجازيهم الله -تبارك وتعالى- عقوبة بنفس عملهم، إنَّا نسيناكم؛ يُهملهم الله -تبارك وتعالى-، يتركهم، لا يسمع منهم رجاءً، ولا يقبل لهم شفاعة، ولا يُغيثهم إذا استغاثوا، ولا يستجيب لهم في دعاءٍ يدعونه، ولا يُستعتبون، إنَّا نيسناكم؛ أي أن الله -تبارك وتعالى- يُخلِّهم ويتركهم في النار -عياذًا بالله-، ولا يسمع لهم صراخًا -سبحانه وتعالى-، يُقال لهم {فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ}، يُقال {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا}، ويُقال لهم {لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُورًا وَاحِدًا وَادْعُوا ثُبُورًا كَثِيرًا}[الفرقان:14]، لا تدعوا على أنفسكم بالهلاك مرة واحدة، بل ادعوا بالهلاك كيف شئتم إلى أن تتعبوا من الدعاء بالهلاك على أنفسكم؛ فلا يُستجاب لهم شيء، {........ إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}[السجدة:14]، ذوقوا عذاب الخُلد؛ قاسوا، عذاب الخُلد؛ العذاب الذي لا ينقطع، وإنما يستمر، يستمر، يستمر ...؛ أبدًا بدون انقطاع، بما كنتم تعملون؛ أي بسبب عملكم الخبيث الذي عملتموه في الدنيا، وإجرامكم، وكفركم، وعنادكم، فهذا هو جزاؤكم ومصيركم.

ثم قال -جل وعلا- {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ}[السجدة:15]، هؤلاء الذين يؤمنون بآيات الله على الحقيقة، إنما؛ بالحصر، يؤمن بآياتنا؛ يصدِّق بها، ويعمل بمقتضى هذا التصديق، يعلم أنها حق ثم يقوم بالعمل بمقتضى هذا التصديق، يؤمن بآياتنا؛ آيات الله -تبارك وتعالى- هذه المُنزَلة، المسموعة، النازلة منه -سبحانه وتعالى- إلى العباد، {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا}، إذا ذُكِّروا؛ بمجرد أن يُذكَّروا بآيات الله -تبارك وتعالى-، {خَرُّوا سُجَّدًا}، وهذا أعظم لون من ألوان الاستجابة، ليست الاستجابة بأن وهو جالس يقول سمعت وأطعت، أو وهو قائم، أو أنه أقرَّها في قلبه، بل إن إيمانه بآيات الله يحمله على أن يخِّر، والخُرور هو السقوط من علٍ إلى الأرض بقوة، خروا سُجَّدًا؛ ساجدين لله -تبارك وتعالى-، فيكون هذا استجابة بكل كيانهم؛ بقلوبهم، وبأبدانهم، وبظهورهم بهذا المظهر؛ مظهر السجود، اللي هو أعظم مظاهر الذل والخضوع لله -سبحانه وتعالى-؛ لربهم -جل وعلا-، {........ خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ}[السجدة:15]، {وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ}، سبَّحوا حال كونهم أيضًا متلبسين بالحمْد؛ تسبيح وحمْد، والتسبيح هو التنزيه، يعني نزَّهوا الله –تبارك وتعالى- عن كل عيب وسوء؛ عن ما لا يليق به -سبحانه وتعالى-، تنزيه ذات، وتنزيه صفات، وتنزيه أفعال، كل صفة لله -تبارك وتعالى- وكل عمل له -جل وعلا- كله كمال، والله لا يعتريه نقص -سبحانه وتعالى- بأي شيء؛ لا في ذاته ولا في أعماله -سبحانه وتعالى-، فهو الحي القيوم الذي لا تأخذه سِنَةٌ ولا نوم، والذي له ما في السماوات وما في الأرض، {........ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}[البقرة:255]، {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}[الإخلاص:1]، لا شبيه له، لا شريك له، لا ندَّ له، {اللَّهُ الصَّمَدُ}[الإخلاص:2]، الذي كل الخلائق تَصمِد إليه -سبحانه وتعالى-، فالله هو المُقيم للخلق كلهم -سبحانه وتعالى-، الله قائم بذاته -سبحانه وتعالى- مُقيم لغيره -جل وعلا-، {اللَّهُ الصَّمَدُ}[الإخلاص:2] {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}[الإخلاص:3] {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}[الإخلاص:4]، فالله -تبارك وتعالى- هو المُنَزَّه عن كل عيب وسوء -سبحانه وتعالى-، لا ندَّ له، لا شبيه له، لا نظير له، لا شريك له، لا شفيع عنده إلا من بعد إذنه، كل الخلْق مُحتاجون إليه وهو الغني عن كل خلْقه -سبحانه وتعالى-، والرب الرحمن الرحيم -سبحانه وتعالى-، الغفور، الودود، كل أسمائه حُسنَّى، وكل صفاته عُلا -سبحانه وتعالى-، في يُسبِّحون حال كونهم كذلك متلبسين بحمد الله؛ تسبيح وحمْد، يُثبتون المحامد لله -تبارك وتعالى-، الله يُحمَد لذاته، ويُحمَد لصفاته، ويُحمَد لأفعاله وإنعامه وإفضاله -سبحانه وتعالى-.

فهؤلاء المؤمنون {........ الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ}[السجدة:15]، عن عبادته، لا يستكبرون عن عبادة الرب -تبارك وتعالى-، بل إنهم في غاية الخوف، والخشية، والتواضع بربهم وإلههم ومولاهم -سبحانه وتعالى-؛ فهؤلاء هم المؤمنون، فأين هذا الحال؛ حال أهل الإيمان من حال أهل الكفر؟! الذي يشمَخ أحدهم بأنفه، ويقول إي لون؟ {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ}[الصافات:53]، {أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ}، والذي يقابل رسول الله -تبارك وتعالى- بالإساءة، وبالتكذيب، وبالتهديد، وبالوعيد، ويشمَخ بأنفه، ويتكبر في هذه الأرض، ويظن أنه هو الإله هنا، وهو الذي يفعل ما يشاء، ويحكم ما يُريد، وأنه خُلِق في هذه الدنيا وهو يأتي الذي يأتي ويترك الذي يترك؛ لا مُعقِّب له، ولا حساب عليه، وأن خالق هذه السماوات والأرض ليس له شِرعة، وليس له منهاج، وليس له دين، بل الدين ما يختاره هذا الإنسان، أين هذه مقالة الكافر وفعله وحاله من مقالة المؤمن؟ الذي يُذكَّر بمقالة الله -تبارك وتعالى- فيخِر ساجدًا، مُسبِّحًا بحمد الله -تبارك وتعالى-، مُطيع؛ خاضع لله -تبارك وتعالى-، خاشع له، صورتان متباينتان تمام التباين، لا لقاء بين المؤمن والكافر، وكذلك في الآخرة لا يمكن أن يكون هناك تسوية بين المؤمن والكافر، الكافر له طريق أخر والمؤمن له طريق.

تتمَّة لحال أهل الإيمان هؤلاء {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ}[السجدة:15] {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}[السجدة:16]، {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}، صورة عظيمة جدًا من صور اليقظة لله، التجافي؛ البُعد، {جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}، المضجَّع هو مكان الراحة، مكان اتضجاع، المكان الذي يهدأ فيه ويرتاح فيه؛ قد يكون من عناء يومه، لكن جنبه ما يُريد؛ مو هو نفسهم، جنوبهم لا تحب المضجَّع؛ تتجافى، هي تبتعد نفس الجنب، كان كل كيانه قد أصبح إحساسًا وخوفًا من الله -تبارك وتعالى- وقيامًا بحقه، فالله يصف هنا التجافي وهو البُعد عن المضجَّع، والحال أن كيان الإنسان وجنب الإنسان وحال الإنسان إذا كان مُتعَب في نهاره، فإنه إذا أتى إلى ليله يتضجع؛ هذا وقت راحته، ووقت نومه، ووقت هدوءه، لكن جنب المؤمن كأنه لا يهدأ بل يبتعد عن المضاجع، {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}، يعني يقومون سِراعًا إلى الله -تبارك وتعالى- لصلاة الليل، {يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا}، حال كونهم يدعون ربهم خوفًا وطمعًا، يدعون الله -تبارك وتعالى-، الدعاء هو الطلب منه -سبحانه وتعالى-، ربهم؛ خالقهم، رازقهم، سيدهم -سبحانه وتعالى- الذي يؤمنون به؛ فهو ربهم، خوفًا منه؛ من عقوبته، لأنه يُعاقِب ويؤاخذ بالذنب -سبحانه وتعالى-، وطمعًا؛ في مرضاته، وجنته، وعطائه، فهو الرب الغني، الكريم، الرؤوف، الرحيم، الودود -سبحانه وتعالى-، لا حد لعطائه، ولا حد لرضائه، ما له حد يمكن أن ينتهي عنده رضا الله -تبارك وتعالى- عن العبد وعطائه له، فلذلك هم يطمعون في ما عند الله -تبارك وتعالى-، فيدعون الله -تبارك وتعالى- خائفين من العقوبة، وطامعين في رحمة الله -تبارك وتعالى-، {........ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}[السجدة:16]، مما رزقناه؛ من ما، من الذي رزقهم الله -تبارك وتعالى-، ينفقون؛ في وجوه الخير، في وجوه الخير من الذي رزقهم الله ينفقوه؛ على فقير، على مسكين، على ابن سبيل، في سبيل الله، في أبواب الخير الكثيرة، ثلاث وأربعون باب بيَّنها النبي من أبواب العطاء والخير، فيُنفِقون في أبواب الخير ابتغاء وجه ربهم -سبحانه وتعالى-، فهذه صورة أهل الإيمان؛ صورة كريمة، الله -تبارك وتعالى- يُصوِّر بها أهل الإيمان الحقيقي؛ الذين يؤمنون بآيات الله، {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ}[السجدة:15] {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}[السجدة:16].

{فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ........}[السجدة:17]، هذا الجزاء الإلهي لهذه الطائفة المؤمنة، العظيمة، المباركة، {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ........}[السجدة:17]، سبحانك ربي، ما أعظم شأنك وأوسع عطائك، فالله يجعل لهم عطاء عنده وجائزة عنده؛ لا يُطلِع عليها أحد من الخلْق كلهم، الله -سبحانه وتعالى- هو الذي يُخبِّئها لهم -سبحانه وتعالى-، لتكون لهم هذه جزاء يوم القيامة، مفاجأتهم يوم القيامة وجائزتهم، {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ........}[السجدة:17]، أُخفي؛ والله -تبارك وتعالى- هو الذي أخفى لهم هذه عنده -سبحانه وتعالى-، الجزاء المُعلَن الذي أعلنه الله -تبارك وتعالى- وبشَّر به عباده المؤمنين شيء يفوق الوصف؛ كثير جدًا، الجنة التي عرضها السماوات والأرض، الجنة التي هي نهر مطَّرِد، وشجرة مُثمرة، وجارية حسناء، وأرض ترابها المسك والزعفران، حصبائها اللؤلؤ، قصورها لبنة فضة ولبنة ذهب، أهلها لا يبولون، ولا يمتخطون، ولا يتخوَّطون، رشَحهم المسك، يأتيهم رزقهم فيها بكرة وعشيًا، أوصاف عظيمة جدًا من أوصاف الجنة قد نقلها الله -تبارك وتعالى- وصوَّرها لنا كأننا نراها، لكن هذا شيء فوق هذا، هذا الذي أخفاه الله –تبارك وتعالى- لهم لم يُطلِع عليه أحد قط؛ لا نفس ملَك، ولا نفس إنسان، ولا خطر على قلب بشر؛ مجرد خاطر أن يخطُر عليه، نوع من المتعة يتمتع بها المؤمن ما تخطُر على قلوب البشر، إيش لون تكون متعتهم؟ قال -جل وعلا- {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ........}[السجدة:17]، أُخفي؛ والله جعل هذا بالبناء للمجهول، والله هو الذي أخفاه لهم -سبحانه وتعالى-.

{مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ}، قُرَّة أعين؛ ما تَقَر به العين، وقرار العين هو فرحها وسرورها، والعين الفرحة قارة؛ بمعنى أنها ساكنة، وكذلك باردة إذا كانت من القر، إذا كان القرار هنا مُشتَق من القر فتكون باردة، بغير عين المهموم والمريض والمكروب فإن دمعته تكون حارة، كما يُقال ((أحر من دمع المقلاة))، أمَّا عين الفرح المسرور فتكون قارة؛ ساكنة وباردة، قُرَّة الأعين؛ كل ما يُدخِل البهجة والسرور إلى النفس وتُقَر به العين، {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[السجدة:17]، جزاء إلى هذا العمل الذي عملوه، بما كانوا يعملون؛ بالذي كانوا يعملون، وهنا بهذا يظهر التباين الهائل بين مصير هؤلاء الكفار المكذِّبين بالبعث وبين مصير أهل الإيمان، فمصير الكفار المكذِّبين بالبعث؛ الله يقول {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ}[السجدة:12]، ويأتيهم الجواب الإلهي يقول لهم {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ ........}[السجدة:14]، في النار، {وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ}، الدائم الذي لا ينقطع، {بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}، وأمَّا هؤلاء فإن الله -تبارك وتعالى- يقول {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[السجدة:17].

وفي الحديث القدسي الإلهي «أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر»، فالله أعد لعباده الصالحين أمور تفوق الوصف، لا عين رأت؛ هذه الجائزة، وهذا العطاء المخزون المخبوء لهم، ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر؛ نوع من المتعة ممكن أن يتمتع بها الإنسان على هذا النحو، فكل الجنة هذه موصوفة ومعروف صفة التمتع بهذه الطيبات، ففيها فاكهة ونخل ورمان؛ معروفة هذه، وكيف يتمتع الإنسان بلذيذ طعمها، وأريج عطرها، وجميل مرآها، وكذلك نساء أهل الجنة؛ معروفة المتعة، لأن يماثلها من هذه الدنيا، المناظر الجميلة، والأصوات الحسنة، والبيوت الفارهة، والقصور التي إصطف فيها ما إصطف فيها؛ من السُرُر المُتقابلة، وأنواع الآنية، {فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ}[الغاشية:13] {وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ}[الغاشية:14] {وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ}[الغاشية:15] {وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ}[الغاشية:16]، فمثل هذا له نظير في الدنيا، وإن كان ما في الآخر أعلى وأجل وأعظم مما يُماثله في هذه الدنيا، لكن هذا الذي إدَّخره الله -تبارك وتعالى- لعباده المؤمنين إنما هو شيء غير هذا، يعني لا أسمائه ولا يخطُر على قلب بشر هذه الصور من صور المتاع والفرح والسرور؛ الذي أعدَّه الله -تبارك وتعالى- لعباده المؤمنين، {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ........}[السجدة:17]، «أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت»، ما تسمع بمثله، ولا خطر على قلب بشر نوع هذه المُتع والبهجة والسرور التي أعدَّها الله لعباده المؤمنين، {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[السجدة:17]، أخبر الله -تبارك وتعالى- بأن هذا جزاء لعملهم، وهذا الجزاء إنما هو جزاء من الله؛ عطاء، ولكن ليس ثمنًا في مقابل العمل، بل هو عطاء من الله -تبارك وتعالى-، لأن عمل المؤمن مهما كان فإنه لا يساوي مقدار هذا العطاء العظيم من الرب -تبارك وتعالى-، هذا عطاء لا يعدِله شيء؛ لا يعدِله شيء مهما كان العمل، وإنما هو تفضُّل من الله -تبارك وتعالى-.

ثم لمَّا تباين الأمر على هذا النحو بين المؤمن والكافر قال –جل وعلا- {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ}[السجدة:18]، سؤال يُراد به التقرير، {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا}، وهذا حاله؛ الذين {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}[السجدة:16]، ومن {........ الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ}[السجدة:15]، هل يكون هؤلاء المؤمنين كحال الكافر المعاند؟ الذي يتكبر على ربه، ويشمَخ بأنفه، ويقول أنا وين؟ هذا فين؟ متى سيكون يوم القيامة؟ وأين لله شريعة؟ وأين؟ وأين؟ {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ}[السجدة:18]، لا يمكن أن يستوي عند الله -تبارك وتعالى- المؤمن الذي كان في الدنيا على هذا الحال والفاسق الذي كان على تلك الحال، قال -جل وعلا- {لا يَسْتَوُونَ}، لا يتماثلون؛ لا يمكن أن يكون هذا مثل هذا، وبالتالي لا يمكن أن يكون مصير هذا هو مصير هذا.

نقف هنا -إن شاء الله- ونكمل في الحلقة الآتية، استغفر الله لي ولكم من كل ذنب، اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد.