الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 . 22 نوفمبر 2024

الحلقة (514) - سورة الأحزاب 25-30

{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة:2] {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[الفاتحة:3] {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة:4]، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين؛ سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا}[الأحزاب:25] {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا}[الأحزاب:26] {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا}[الأحزاب:27]، يخبر -سبحانه وتعالى- ممتنًا على عباده المؤمنين؛ أنه هو الذي ردَّ {الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا}، قريش وغَطَفان؛ الأحزاب الذين تمالئوا على رسول الله -صل الله عليه وسلم- في غزوة الخندق، وقد جائوا ليقتلوا النبي ويستأصلوا الإسلام، فردَّهم الله -تبارك وتعالى- بعد حصار شهر، مكثوا شهر محاصرين المدينة، وأرسل الله -تبارك وتعالى- عليهم جنودًا من عنده -سبحانه وتعالى-؛ الملائكة، وأرسل عليهم الريح الشديدة، وقذف في قلوبهم الرعب، فولُّوا بعد ذلك راجعين، خائبين، خاسرين، {لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا}، ردَّهم الله -تبارك وتعالى- كلٌ انشمَر؛ قريش رجعت إلى مكة، وهؤلاء رجعوا إلى نجد؛ غَطَفان، {لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا}، رجعوا بغيظهم؛ أنهم مُغتاظين فيما أنفقوه من الأموال العظيمة والجهود الكبيرة، ثم لم ينالوا شيئًا مما أمَّلوه؛ من قتل النبي -صل الله عليه وسلم-، ومن استئصال الإسلام، {لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا}، أي خير؛ أي خير من خير الدنيا الذي أمَّلوه، وطبعًا لا خير لهم في الآخرة لأنهم كفار؛ يصدون عن سبيل الله، فكل مسيرهم هذا؛ جيئتهم، وذهابهم، وإنفاقهم، كله في سبيل الشر، {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ}[الأنفال:36]، فهذا {لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا}، من كل اللي أمَّلوه، خيرًا من أي خير من الدنيا؛ ما أخذوا شيء، قال -جل وعلا- {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ}، كفاهم؛ أي تولَّاه بنفسه -سبحانه وتعالى- عنهم، بهذه الريح التي أرسلها، بجنود من عنده، بالرعب الذي أرسله فيهم، ولم يُكلِّف الله -تبارك وتعالى- المسلمين أن يقاتلوا ليُدافعوا في هذا، فإن الله كفاهم القتال؛ يعني أنه قام به دونهم -سبحانه وتعالى-، {وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا}، لا يُغلَب -سبحانه وتعالى-، {عَزِيزًا}، العزيز هو الغالب؛ الذي لا يغلبه أحد -سبحانه وتعالى-، قوي لا يُضام، ولا يُتغلَّب عليه، ولا يُغالبه أحد -جل وعلا، سبحانه وتعالى-.

ثم قال -جل وعلا- {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ}، أنزَلَ الله -تبارك وتعالى- الذين ظاهروهم، يعني عاونوا هؤلاء؛ وهم بنوا قُريظة، من أهل الكتاب؛ من اليهود، من صياصيهم؛ من حصونهم، وهذه الصورة التي يُصوِّرها الله -تبارك وتعالى- لهم تُبيِّن قوة الله -تبارك وتعالى-، أنه أنزَل كذلك هؤلاء الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم؛ حصونهم القوية المُمنَّعة، أنزَلهم الله -تبارك وتعالى- منها، أنزَلهم الله -تبارك وتعالى- منها بعد أن حاصرهم النبي -صل الله عليه وسلم- خمسًا وعشرين ليلة، كما جاء في الحديث في صبيحة يوم الخندق؛ عندما انشمَر المشركون وكلٌ عاد، رجع النبي -صل الله عليه وسلم- إلى بيته، ودخل كأنه دخل ليرتاح وليغتسل، نزل جبريل وقال له نزعتهم السلاح؛ فإن الملائكة لم تنزع سلاحها بعد، ثم قال له إن الله يأمرك أن تخرج إلى بني قُريظة، فعند ذلك خرج النبي -صل الله عليه وسلم- وصلى بأصحابه الظهر، وقال لهم مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يُصلينَّ العصر إلا في بني قُريظة، وكان هذا أمر بعد أمر؛ غزوة بعد غزوة في إثر غزوة، المسلمون حُصِروا في الخندق هذا الحصار الشديد وأصابهم هذا البلاء العظيم، وشهر كامل وهم محصورون، لا يستطيع أحدٌ منهم أن يقضي حاجته إلا بصعوبة؛ وهو خائف، وبعد هذه؛ بعد أن أنجاهم الله -تبارك وتعالى- دخلوا بعد ذلك في غزوة جديدة، وهو أن يذهبوا إلى بني قُريظة الذين خانوا الله -تبارك وتعالى- ورسوله، خانوا عهدهم مع النبي -صل الله عليه وسلم-؛ فإن النبي كان قد عاهدهم من جملة ما عاهدهم مع اليهود الأخرين، وأولئك بنوا قين قاع نقضوا عهدهم، وبني النضير نقضوا عهدهم، ثم جاء هؤلاء فنقضوا عهدهم مع النبي -صلوات الله والسلام عليه-، وتمالئوا مع قريش وغَطَفان عندما جاء هؤلاء، وظنوا أن ذهاب الإسلام أصبح قريب، وأنه قد اجتمعت له الآن قوة عظيمة ممكن أن تستأصله، فنقضوا عهدهم مع النبي، وساعدوا المشركين الكفار على ما هم عليه، وأرادوا أن ينالوا كذلك بُغيَتهم؛ في قتل النبي -صل الله عليه وسلم-، واستئصال الإسلام.

خرج لهم النبي -صل الله عليه وسلم- بأمر الله -تبارك وتعالى- وحاصروهم خمسًا وعشرين ليلة، ثم نزلوا على حُكم سعد ابن معاذ -رضي الله تعالى عنه-، وكان سعد قد أُصيب في أكحله بسهم وهو في الخندق وتورَّم هذا، عُولِج بعلاج العرب؛ اللي هو الكي ونحوه وتورَّم، ودعى سعد ربه -تبارك وتعالى- قال ((اللهم إن كنت قد أبقيت من حرب قريش شيئًا فأبقني))، يعني أحيني لحربهم؛ وذلك لينصر الله ورسوله حتى ينتصر، لأن كان هذا هو العدو الأكبر، ((وإن كنت قد وضعت الحربي بينهم فأفجرها))، أفجر جرحي لأموت، ((ولا تُمِتني حتى تُقِر عيني من بني قُريظة))، فدعى الله -عز وجل- أن لا يُمِيته الله -تبارك وتعالى- حتى يُقِر عينه في بني قُريظة، فسعد ابن معاذ بقي؛ لم يخرج مع النبي -صل الله عليه وسلم- إلى غزوة بني قُريظة، وإنما النبي وضع له خيمة في مسجده يُمرَّض فيها، حتي يكون قريبًا من النبي -صل الله عليه وسلم-؛ يعوُدُه، وخرج المسلمون في حصار بني قُريظة، وبقوا في هذا الحصار خمسًا وعشرين ليلة، ثم إنهم لمَّا ضاق بهم الحال استسلموا في النهاية، وأرادوا أن ينزلوا من حصونهم على حُكم، ما رضوا أن ينزلوا على حُكم النبي -صل الله عليه وسلم- بما يحكم فيه النبي، وأرادوا أن ينزلوا على حُكم سعد ابن معاذ -رضي الله تعالى عنه-، لأنه كان سيد الأوس؛ والأوس كانت مُعاهِدة وموالية لبني قُريظة؛ كانوا أولياؤهم في الجاهلية، كما كانت بني قين قاع أولياء الخزرج، ولذلك شفع فيهم عبد الله ابن أُبي ابن سلول شفع في بني قين قاع عندما حاصرهم النبي -صل الله عليه وسلم- ونزلوا على حُكمه، وكان النبي يُريد أن يقتلهم فشفع فيهم عبد الله ابن أُبي، وقال يا رسول الله دول حلفائي؛ منعوني من الأسود والأحمر، هبهم لي، هبهم لي، وظل مع النبي -صل الله عليه وسلم- حتى وهبهم النبي له؛ فتركهم النبي -صل الله عليه وسلم-، فظنت قُريظة كذلك أنهم إن حكَّموا سعد ابن معاذ -رضي الله تعالى عنه-؛ سيد الأوس، فإنه سيكون شأنه في أن يحكُمَ فيهم بحكم خفيف؛ يُخرجهم من القتل، ومن عقوبة خيانتهم لله ولرسوله، فقَبِلوا أن ينزلوا في حُكم سعد ابن معاذ -رضي الله تعالى عنه-، والنبي عندما اختاروا سعد ابن معاذ قَبِل أن يوافق على حُكمه -صلوات الله والسلام عليه-.

فلمَّا نزلوا من حصونهم وقالوا ننزِل ونوافق على حُكم سعد ابن معاذ، أمر النبي -صل الله عليه وسلم- بأن يؤتى بسعد ابن معاذ من المدينة، فجيء به راكبًا على حمار عليه قطيفة، فلمَّا وصل قال النبي -صل الله عليه وسلم- للأنصار قوموا إلى سيدكم فأنزِلوه؛ فقاموا إليه فأنزَلوه، فقال النبي -صل الله عليه وسلم- إن هؤلاء نزَلوا على حُكمك، إن هؤلاء؛ يعني اليهود، وهم بني قُريظة نزَلوا على حُكمك فاحكم فيهم بما تشاء، فقال لهم حُكمي سارٍ فيكم؟ فقَبِلوا هذا، ثم قال وعلى مَن في الخيمة؟ يعني كل الذين في الخيمة؛ من الأنصار، والمهاجرين، والجميع، فقالوا نعم، فقال وعلى مَن ها هنا؟ وأشار إلى الجهة التي فيها النبي -صل الله عليه وسلم-، يعني أن حُكمي كذلك ماضٍ عليه، فالنبي قال له نعم، فبعد هذا طبعًا حُكِّم؛ أصبح هو الحكم، ووافق النبي على حُكمه، وهم وافقوا أن ينزِلوا على حُكم سعد، فقال سعد أحكُم فيهم بأن تُقتَل مُقاتِلتهم، وأن تُسبى نسائهم وذراريهم، فقال له النبي لقد حكمت فيهم بحُكم الله من فوق سبعة أرْكَع؛ قال له هذا حُكم الله من فوق سبع سماوات، لو أنزَل قرآنًا وأنزَل حُكمًا؛ هذا حُكم الله -تبارك وتعالى- الذي يجب أن يُحكَّم فيهم، فأمر النبي بهم فأُخذوا مُقيَدين، كانوا يُقتَلون عشرة، عشرة، حتى قتَل النبي -صل الله عليه وسلم- كل من أنبَت منهم؛ يعني من بلغ الحُلم منهم قُتِل، ثم سُبيَت نسائهم وذراريهم، الله -تبارك وتعالى- امتنَّ على المسلمين بهذا؛ قال {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ}، اللي هم بنوا قُريظة، من صياصيهم؛ من حصونهم، {وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ}، القذف؛ الرمي بشدة، يعني أن الله -تبارك وتعالى- رمى في قلوبهم الرعب، وكأن الرعب هذا شيء محسوس جائهم ودخل في قلوبهم؛ فهو الذي أخافهم وأنزَلهم من حصونهم، قال -جل وعلا- {فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا}، فريقًا منهم تقتلونهم، النبي قتَل كل مَن حمَل السلاح منهم، كل رجالهم الذين يحملون السلاح وقد بلغوا الحُلم قتلهم، {وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا}، أسر فريق أخر وهم النساء والذريَّة.

ثم قال -جل وعلا- {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ}، أورثكم؛ انتقلت مُلكية أرضهم إلى المسلمين، وديارهم؛ دورهم، وأموالهم؛ الأموال كذلك كل ما يُتَموَّل به كان لهم، {وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا}، هذا ممَّا امتنَّ الله -تبارك وتعالى- به، أرض لم تطئوها لشرفها ومعزَّتها عند أصحابها؛ أنهم كانوا لا يسمحون لأحد غيرهم أن يطأ هذه الأرض، الأرض الشريفة، العزيزة، التي كانت ممنوعة ومُصانة عند أهلها، ما كان يحلُم هؤلاء أن يطئوها فإذا بها أصبحت مُلكًا لهم، {........ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا}[الأحزاب:27]، كان الله -سبحانه وتعالى- على كل شيء قديرًا، وهذا من إقدار الرب -تبارك وتعالى- أن مكَّن الطائفة المُسلِمة؛ النبي -صل الله عليه وسلم- والمسلمين، أن يتمكَّنوا من هؤلاء الذين كانوا في حصونهم وفي دورهم أعِزَّة، أقوياء على هذا النحو، انظر فعل الله -تبارك وتعالى- فيهم، هذه الآية هي ختام هذا الفاصل من السورة؛ الذي بيَّن الله -تبارك وتعالى- فيه مِنَّته ونعمته على عباده المؤمنين، في أن نصرهم في هذه الغزوة العظيمة؛ غزوة الخندق، من قول الله -تبارك وتعالى- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا}[الأحزاب:9] {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا}[الأحزاب:10]، إلى قول الله -تبارك وتعالى- {وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا}[الأحزاب:26] {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا}[الأحزاب:27]، غزوة الأحزاب وغزوة بني قُريظة.

ثم إن الله -تبارك وتعالى- وجَّه الخطاب لنبيه -صل الله عليه وسلم-، قال -جل وعلا- {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا}[الأحزاب:28] {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا}[الأحزاب:29]، ومناسبة هذه الآيات بالتي قبلها أنه لمَّا وسَّع الله -تبارك وتعالى- على المؤمنين وعلى نبيه -صلوات الله والسلام عليه-، وفُتِحت هذه الديار، ورجع للنبي -صل الله عليه وسلم- ما رجع من أموال بني النضير وبني قُريظة، أراد نساء النبي -صل الله عليه وسلم- أن يتوسَّعن في المعيشة؛ في المسكن، والمأكل، والمشرب، والملبس، وفي زينة الحياة من المباح كبقية الناس، فأنزل الله -تبارك وتعالى- قوله {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا}[الأحزاب:28] {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا}[الأحزاب:29]، هذا تخيير من الله -تبارك وتعالى- لنساء النبي؛ بين أن يعشنَّ للآخرة ويزهدنَّ في هذه الدنيا، ويعشنَّ كما أراد الله -تبارك وتعالى- لرسوله أن يعيش في أدنى مستوى من العيش يُقام به، أو أن يُردنَّ الحياة الدنيا والتوسُّع فيها، فعند ذلك يُطلَقنَّ من النبي -صل الله عليه وسلم- ويُعطيهم النبي مُتعة طلاق، يخرُجنَّ من عنده، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ}، خطاب من الله -تبارك وتعالى- لرسوله -صل الله عليه وسلم-، والنبي مُنبأ بالأخبار العظيمة وأُخبِر بالأخبار العظيمة من الله -تبارك وتعالى-، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ}، أمر من الله -تبارك وتعالى- أن يقول النبي لأزواجه؛ زوجات النبي -صل الله عليه وسلم-.

{إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا}، إن كنتُنَّ تُرِدنَّ الحياة الدنيا؛ التوسِعة في هذه الدنيا، تُرِدنَّ الحياة الدنيا ليس مع الكفر بالله وإنما مع أن يعشنَّ فيها مُتمتِّعات بالطيبات، متوسِّعات في الأمر المباح، {الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ}، اللي هي متعة طلاق بما يتيسر عند النبي -صل الله عليه وسلم-، {وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا}، أُسرحكُنَّ؛ السلاح هو الطلاق، يعني أُطلقكُنَّ طلاقًا جميلًا؛ سراحًا جميلًا، سراح جميل هو الذي ليس معه مذمَّةٌ، ولا شتمٌ، ولا سبٌ، ولا عقوبة، وإنما بالسهولة واليسر وبقاء المودَّة وأُخوة الدين، بدون أن يكون في أي نوع من الإساءة إليهُنّ، {وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا}، {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ}، إن كنتُنَّ تُرِدنَّ الله -سبحانه وتعالى- ورسوله؛ بقائهم مع النبي -صل الله عليه وسلم-، والدار الآخرة؛ ما عند الله -تبارك وتعالى-، ما ادَّخر الله -تبارك وتعالى- لعباده المؤمنين بالإيمان، وكذلك بالتجافي عن هذه الدنيا، والزُّهد فيها، والبُعد عنها، تُرِدنَّ ما ادَّخره الله -تبارك وتعالى- لعباده المؤمنين الزاهدين في هذه الدنيا، {........ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا}[الأحزاب:29]، أي اعلمنّ أن الله أعدَّ للمُحسِنات؛ اللاتي تُحسِن عقيدة وعملًا، في الإيمان وفي العمل، ومن الإحسان أنه لا شك التجافي عن هذه الدنيا، وطلب ما عند الله -تبارك وتعالى- في الآخرة، والعناية بالنبي، والوقوف بجانب النبي -صلوات الله والسلام عليه- العناية به هذا من أعظم الإحسان، أجرًا عظيمًا؛ عنده -سبحانه وتعالى-.

لمَّا نزَلَت هذه الآيات على النبي -صلوات الله والسلام عليه- بدأ النبي -صل الله عليه وسلم- بأم المؤمنين عائشة، كما في الصحيح أن النبي -صل الله عليه وسلم- بدأ بها، فقال له «يا عائشة إني عارضٌ عليك أمرًا فلا تعجلي حتى تستأمري أبويكي»، قال لها لا تعجلي على الحُكم فيه حتى تستأمري أبويكي؛ يعني تطلبي أمرهم، ولا تفتأتي عليهم فتنتظري ما يُشيران عليكي فيه أن تأخذيه، تقول أم المؤمنين وكان يعمل أن أبوي لا يمكن أن يسمحا لي بفراقه، ثم قرأ النبي -صل الله عليه وسلم- هذه الآيات، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا}[الأحزاب:28] {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا}[الأحزاب:29]، «فقالت يا رسول الله أفي أي هذا أستأمر أبوي؟ فإني أُريد الله ورسوله والدار الآخرة»، قال هذا أمر أستأمر فيه أبوي؛ أطلب أمر أبوي في هذا الأمر، انظر إيمانها، وفِطنتها، وعلو هِمَّتها، وفضلها العظيم، وقد كانت أم المؤمنين عائشة -رضي الله تعالى عنها- في هذا الوقت لا تُجاوِز سن الرابعة عشرة من عمرها؛ ومع ذلك فيها هذا العقل العظيم جدًا، تُخيَّر بين أن تعيش مع النبي على الحال التي هو عليها -صل الله عليه وسلم- دون توسُّع في أمر النفقة والمعيشة، وبين أن تُطلَّق منه وتعيش كما تشاء في شئون المُباحات والتوسُّع في شأن الدنيا، فتقول يا رسول الله أفيك أستأمر أبوي؟! يعني فيك أجعل هذا؛ أنت تكون خيار، وأستأمر أبوي في البقاء معك أو لا، بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة، فهذا أمر عظيم جدًا.

ثم أن النبي -صل الله عليه وسلم- عرض هذا الأمر على سائر نسائه، فكلُّهُنَّ اخترنَّ الله ورسوله والدار الآخرة، اخترنَّ البقاء مع النبي -صل الله عليه وسلم- في الحال التي كان فيها النبي؛ عِلمًا أن هذا الحال كان حال عظيم جدًا، فهذه أم المؤمنين عائشة -رضي الله تعالى عنها- كانت تقول كنا نرى الهلال ونترائى الهلال بعده وهلال أخر، ثلاث أهِلَّة في شهرين ولا يوقد في أبيات رسول الله نار، يقول لها عُروة ابن أختها فما كان طعامكم؟ تقول الأسودان؛ التمر والماء، وهذا حديث عمر ابن الخطَّاب -رضي الله تعالى عنه-؛ «أنه لمَّا آل النبي من زوجاته دخل على النبي -صل الله عليه وسلم- في مشربة له، فيقول فنظرت في المشربة فلم أجد شيئًا يردُّ البصر إلا هابين مُعلَّقين، وقد نام النبي على رِمال سرير قد أثَّر في جنبه»، والرِمال هي الحِبال؛ أحبال السرير، يعني سرير غير مخصوف، «وقد أثَّرت رِمال السرير في جنبه، فقُلت يا رسول الله كِسرى وقيصر في الحرير والديباج، وأنت رسول الله؛ ادعوا الله أن يوَسِّع على أمتك، فقال أشكٌ فيَّ يا ابن الخطَّاب؟ أما ترضى أن يكون لهم الدنيا ولنا الآخرة، ما لي وللدنيا؟ إنما أنا كراكب استظل تحت ظل شجرة ثم تركها»، فحياة النبي -صل الله عليه وسلم- التي كانت على هذا النحو؛ في المسكن الذي كان لا يسع أن ينام فيه شخص ويقوم فيه شخص أخر يُصلي، تقول أم المؤمنين عائشة «كان رسول الله إذا قام يُصلي ثم إذا سجد غمزني»، يعني مددتُّ رجليّ في قبلة النبي -صل الله عليه وسلم-، «فإذا أراد يُصلي غمزني في رجلي فقبضت رجلي؛ فسجد، ثم إذا قام»، أي للصلاة، «تقول مددتُّها، والبيوت يومئذٍ ليس فيها مصابيح»، فأمر عظيم جدًا من صورة الحياة، أخرجَت للمسلمين كسائين غليظين لمَّ توُفيَ النبي، وقالت قُبِضَ رسول الله في هذين؛ هذي ثياب النبي -صل الله عليه وسلم- التي قُبِضَ فيها، فأمر عظيم أن تُخيَّر نساء النبي -صل الله عليه وسلم- بين الحياة معه؛ تلك الحياة التي كانت على هذا النحو من الزُّهد في الدنيا، والبُعد عنها، وعدم التوسُّع في أي نوع من التوسُّع، عِروة يقول لها ماذا كنتم تفعلون بالشعير؟ تقول كنا نطحنه ونُذرِّيه ثم نُثرِّيه بالماء، يقول أما كنتم تنخلون؟ كيف تأكلوا شعير ما هو منخول؟ فقال ما رأى رسول الله مُنخُلًا قط، قال ما دخل بيت رسول الله -صل الله عليه وسلم- مُنخُلٌ قط، ولا رأى رسول الله -صل الله عليه وسلم- في حياته مُنخُلٌ قط، فهذه صورة حياة النبي -صلوات الله عليه وسلم-، يقول ما كنتم تأكلون الخبز النقي؟ يعني الخبز المنخول؛ نقي من القشور، فتقول ما دخل بيت رسول الله مُنخُلٌ قط.

فقول الله -تبارك وتعالى- لنبيه أن يُخيِّر بين أزواجه هنا كان أمر عظيم، لا شك أنه تخيير عظيم وإمتحان كبير، لكن كل زوجات النبي -صل الله عليه وسلم- اخترنَّ الله ورسوله والدار الآخرة، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا}[الأحزاب:28] {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا}[الأحزاب:29]، ولا شك أنه كان هذا التخيير من الله -تبارك وتعالى- لنساء النبي فيه فوائد عظيمة جدًا، أول شيء أن تعيش زوجات النبي -صل الله عليه وسلم- معه لا يُثقِلنَّ كاهله بكثرة الطلبات، ويشغلنَّه عن أمر قيامه بهذا الدين بالتوسُّع في الدنيا وكثرة طلباتها، والدنيا طلباتها لا تنتهي؛ من التوسُّع في البناء، والتوسُّع في المطاعم، والمشارب، والملابس، ونحو ذلك، فهذا أمر كان من نتائجه الطيبة هو أن يُكفى النبي -صل الله عليه وسلم- هذا الباب من أبواب السعي وراء هذه المُباحات، وإشغال الأوقات بما غيره من القيام بأمر الدين أولى منه؛ هذا أمر، الأمر الأخر هو أن توضع نساء النبي -صل الله عليه وسلم- في الموضع العظيم؛ من الزهد في هذه الدنيا، والقيام بأمر الله -تبارك وتعالى-، والانشغال بأمر الدين وما هو أولى، ويكُنَّ خير عونٍ للنبي -صلوات الله والسلام عليه-، ويكُنَّ في المنزِلة التي يُريدها الله -تبارك وتعالى-، الطيبون للطيبات والطيبات للطيبون، فهذا النبي -صلوات الله والسلام عليه- اختار الله -تبارك وتعالى- له هذه الزوجات الطيبات؛ اللاتي أردنَّ الله ورسوله والدار الآخرة، وآثرنَّ ما عند الله -تبارك وتعالى- على التوسُّع في هذه الحياة الدنيا.

كذلك من هذا أن لا يكون هذا من أبواب إثبات نبوَّة النبي -صل الله عليه وسلم-، وصدقه، وأمانته -صلوات الله والسلام عليه-، وأنه لم يكن له غرض من أغراض الدنيا التي يسعى إليها الناس، وهذا بيان صدقه وأمانته، فإن الذي يصبر على هذا الحال التي عاش فيه النبي -صل الله عليه وسلم-؛ صبره على هذا الحال، وعلى زُهده في الدنيا، وصبر زوجاته معه -صلوات الله وسلامه عليه-، وكذلك في سائر أهل بيته كما يأتي في فاطمة -عليها السلام- وفي زوجها، فقد كُنَّ كذلك في نفس الحال من الزُّهد في هذه الدنيا، والرغبة في ما عند الله -تبارك وتعالى-، كل هذا لنفي أي شُبهة أو تُهمة ممكن أن تقع في قلب مريضي القلب؛ من أن النبي كان له غرض دنيوي، وأنه دعى إلى الله -تبارك وتعالى- من أجل ما دعى، من أجل أن يتوسَّع في هذه الدنيا أو تكون له أغراض دنيوية، فهذا أيضًا كذلك من الفوائد العظيمة لأمر الله -تبارك وتعالى- لرسوله؛ أن يكون هو في هذا المستوى من العيش، وتكون زوجاته إما أن يسرنَّ معه وإلا فليُطلِّقهِنّ.

ثم بعد هذا وجَّه الله -تبارك وتعالى- الخطاب إلى نساء النبي -صلوات الله والسلام عليه-، قال -جل وعلا- {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}[الأحزاب:30]، هذا خطاب، {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ}، خطاب من الله -تبارك وتعالى- لنساء النبي -صلوات الله والسلام عليه-، وكُنَّ في هذا الوقت تسعة تحت النبي -صلوات الله والسلام عليه-، وجاء هذا الخطاب بهذه الصيغة الحاسمة الجازمة بأداة الشرط، {........ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}[الأحزاب:30]، صيغة التهديد وبيان أن الوعيد الإلهي لهُن على الفاحشة وعلى الذنب مُضاعَف عن غيرهِن من نساء العالمين، فذنبهُنَّ مُضاعَف؛ العقوبة لها مُضاعَفة، {مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}، الفاحشة؛ الأمر الغليظ، مُبيِّنة؛ واضحة لا شُبهة فيها، {يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ}، عند الله -تبارك وتعالى-، {وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}، ولا شك أن هذا الخطاب لنساء النبي -صلوات الله والسلام عليه-، ولا شك أنهُنَّ معصومان أن يقعنَّ في أمرٍ فاحش؛ في فاحشة، وإنما الخطاب يُخاطِب الله -تبارك وتعالى- فيه أفاضِل عباده وأشراف عباده؛ خطابه للرسل والأنبياء، من أنه إذا وقعنَّ في المعصية يُضاعَف لهم العذاب؛ وإن كان يعلم الله -تبارك وتعالى- أنه لا يقع منهم هذا، كما قال الله -عز وجل- لرسوله {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[الزمر:65] {بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ}[الزمر:66]، فإن النبي وكذلك جميع الرُسُل يعلم الله -تبارك وتعالى- وقد عصمهم الله -تبارك وتعالى- أن يقعوا في الشرك، ولكن هذا خطاب لهم، هذا خطاب ليعلم الجميع أن هذا أمرٌ مُحرَّم عند الله -تبارك وتعالى-، ومن نحو هذا الخطاب خطاب الله -تبارك وتعالى- هنا لنساء النبي، {........ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا}[الأحزاب:30]، على الله يسيرًا أن يُعاقِبها الله -تبارك وتعالى- عقوبة مُضاعَفة عن غيرها من النساء المُسلِمات؛ وهذا للمكانة، وهذا للمكانة؛ لمكانتهِن.

عودة -إن شاء الله- إلى هذه الآيات في الحلقة الآتية، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب.