الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 . 22 نوفمبر 2024

الحلقة (518) - سورة الأحزاب 41-44

{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة:2] لا{الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[الفاتحة:3] {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة:4]، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين؛ سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا}[الأحزاب:41] {وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}[الأحزاب:42] {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}[الأحزاب:43] {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا}[الأحزاب:44] {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا}[الأحزاب:45] {وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا}[الأحزاب:46] {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا}[الأحزاب:47] {وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا}[الأحزاب:48]، هذا أمر من الله -تبارك وتعالى- لعباده المؤمنين، يُناديهم الله -تبارك وتعالى- بهذا الإسم الحبيب الكريم؛ يا أيها الذين آمنوا، حضًّا منه -سبحانه وتعالى- على العمل، كما يُقال يا ابن الأكرمين إفعل كذا، وكذا ...، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}، وكذلك الزامًا بالأمر والنهي؛ لأنه إن كنت مؤمنًا فافعل هذا، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا}[الأحزاب:41]، أمر منه -سبحانه وتعالى- لعباده المؤمنين أن يذكروا الله ذِكرًا كثيرًا، ذِكره؛ استحضار عظمة الله -تبارك وتعالى- وأسمائه وصفاته في قلوبهم، وجريان هذا على ألسنتهم -سبحانه وتعالى-، وقد شُرِعَ لنا أن نذكُر الله -تبارك وتعالى- أولًا في الصلاة؛ التي ما شُرِعَت إلا لإقامة ذكر الله -تبارك وتعالى-، {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي}، لتذكُرَني، فالصلاة هي أعظم ما شُرِعَ، وأفضل وأعلى وأشرف ما شُرِع للقيام بذِكر الله -تبارك وتعالى-، شُرِعَ لنا أن نذكُر الله –تبارك وتعالى- بحمده والثناء عليه، بالكلمات الطيبة؛ بالتسبيح والتحميد، تسبيحه؛ تنزيهه -سبحانه وتعالى-، عمَّا لا يليق -جل وعلا-؛ من الشريك، والولد، والنظير، والشبيه، وكذلك عن كل نقص وآفة؛ من الظلم، والغفلة والنسيان، {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ ........}[الفرقان:58]، {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ}، فيُسَبَّح الله -تبارك وتعالى- ويُنزَّه عن كل ما لا يليق به -سبحانه وتعالى-، وتُثبَت له محامده؛ محامد ذاته -سبحانه وتعالى-، {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}[الزمر:67]، محامد صفاته؛ فهو الرب الرحمن، الرحيم، الغفور، الودود، كل أسمائه حُسنَّى، وكل صفاته عُلا -سبحانه وتعالى-، فيُثنى على الله -تبارك وتعالى- بهذه الكلمات الطيبة؛ الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلى بالله، الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له المُلك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، علَّمنا النبي -صل الله عليه وسلم- كثير من هذه؛ من عبارات لنذكُر بها الله -تبارك وتعالى-، تحمل هذه العبارات معاني عظمة الله -تبارك وتعالى-، واتصافه بما هو أهلٌ له -سبحانه وتعالى- من الصفات الحميدة، ونفي كل الصفات الذميمة عنه -سبحانه وتعالى-.

الذِّكر أولًا للمناسبة وهذه كثير؛ ممَّ شرَعه النبي -صل الله عليه وسلم- أن نذكُر عند المناسبة، فالمناسبة مثلًا كالصباح والمساء؛ لأنها آية من آيات الله -تبارك وتعالى-، ذِكر الله -تبارك وتعالى- في البُكرَّة وفي العشي، ذِكره عند رؤية آياته كرؤية الهلال؛ رؤية بداية الهلال فيه ذِكر، رؤية أي آية من آيات الله -تبارك وتعالى-، رؤية نِعَمه؛ حصول نِعمته -سبحانه وتعالى- في الطعام، وفي الشراب، وفي اللباس، وعند النوم، وعند القيام من النوم، كل هذا فيه ذِكر وارد علَّمنا إياه النبي -صل الله عليه وسلم-، بإسمك اللهم أموت وأحيا عند النوم، اللهم بك وضعت جنبي وبك أرفعه، اللهم إن أخذت روحي فإرحمها، وإن أرسلتها فإحفظ بما تحفظ به عبادك الصالحين، اللهم إني وجَّهت وجهي إليك، قُل إني وجَّهت وجهي إليك؛ حديث البراء ابن عازب، علَّمه النبي -صل الله عليه وسلم- «قال يا رسول الله إني آرق، فقال له إذا أخذت مضجَّعك توضأ وضوئك للصلاة، ثم قُل اللهم إني وجَّهت وجهي إليك، وألجأت ظهري إليك، وفوَّضت أمري إليك؛ رغبة ورهبة إليك، آمنت بكتابك الذي أنزَلت وبنبيك الذي أرسلت، وإجعلهُنَّ آخر ما تقول»، قراءة آية الكرسي عند النوم، وقد أخبر النبي -صل الله عليه وسلم- أن مَن قرأها كانت له حِصن من الشيطان، وأنه لا يقرَبَه شيطان حتى يُصبح، فأذكار عند النوم وأذكار عند اليقظة، اللهم بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك النشور، اللهم ما أصبح بي من نِعمة أو بأحدٍ من خلْقك فمنك وحدك لا شريك لك؛ فلك الحمد، ولك الشكر، ذِكر الله -تبارك وتعالى- عند الخروج من البيت؛ بسم الله، توكلت على الله، عند دخول المسجد وعند الخروج من المسجد، عند دخول الخلاء وعند الخروج من الخلاء، فهذه أذكار تُقال للمناسبة؛ فيكون الإنسان مع كل مناسبة ومع كل تغيُّر من تغيُّر حاله يكون ذاكِر لله -تبارك وتعالى-، ورابط هذه المناسبة بآيات الرب -تبارك وتعالى- وصفات الرب، فهذا الطعام الذي يُقدَّم لك طعامه؛ الله -تبارك وتعالى- خلْقه، {فَلْيَنْظُرِ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ}[عبس:24] {أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا}[عبس:25]، ماء المطر، {ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا}[عبس:26]، بالزرع، {فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا}[عبس:27] {وَعِنَبًا وَقَضْبًا}[عبس:28] {وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا}[عبس:29] {وَحَدَائِقَ غُلْبًا}[عبس:30] {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا}[عبس:31] {مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ}[عبس:32]، فهذا رؤية هذه النِعمة، ماء؛ كوب ماء يرفعه الإنسان إلى فيه يشربه، يعلم أن هذا إنما هو خلْق الله -تبارك وتعالى- وتقديره، وأنه لو اجتمع أهل السماوات والأرض أن يخلقوا قطرة من الماء ما خلَقوها، يُذكِّر الإنسان بهذه النعمة العظيمة؛ ها دي التي هي حياة، {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ}.

يُسأل الإنسان يوم القيامة، يُسأل الإنسان الكافر؛ الذي لم يُقدِّر هذه النِعَم، عاش في هذه النِعَم ولم يذكُر الله -عز وجل- عليها، فيُقال له ألم نُصِحَّ جسمك؟ ونُروِّك من الماء البارد؟ صحة البدن هذي التي لم يَحمَد الله -عز وجل- عليها ولم يذكُر هذه النعمة لله، ألم نُصِحَّ جسمك؟ ونُروِّك من الماء البارد؟ فذِكر الله -تبارك وتعالى- في المناسبة عند كل نعمة؛ عند الركوب، عند النزول في المكان، عند لقاء المسلم بالمسلم؛ السلام عليكم ورحمة الله، ويرُد عليها بنفس التحية أو بأحسن منها، هذه الذِّكر للمناسبة، الذِّكر المعدود والذِّكر غير المعدود؛ شُرِعَ لنا كذلك بالذِّكر المعدود، وقد أعطى النبي -صل الله عليه وسلم- جموع عظيمة جدًا من الأذكار التي نعُدُّها، ونكون إذا أتممنا هذا العدد لنا هذا الأجر والثواب عند الله -تبارك وتعالى-، كما قال النبي -صلوات الله عليه وسلم- «مَن قال في دُبُر كل صلاة سبحان الله ثلاث وثلاثين، والحمد لله ثلاثًا وثلاثين، والله أكبر ثلاثًا وثلاثين، وقال تمام المئة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له المُلك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، غُفِرَت ذنوبه وإن كانت مثل زَبَد البحر»، فهذا ذِكرٌ معدود له فضل عند الله -تبارك وتعالى-، وجزاء عنده -سبحانه وتعالى-، من الذِّكر المعدود قول النبي -صلوات الله والسلام عليه- «مَن قال في يوم وليلة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له المُلك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير مائة مرة، كُتِبَت له مائة حسنة، ومُحيَت عنه مائة سيئة، وكان كعِدل عِتق عشر رقاب من ولد إسماعيل، ولم يأتِ أحدٍ يوم القيامة بمثل ما جاء به»، أي من الأجر والثواب، «إلا رجل عَمِل مثل عمله أو زاد»، يعني عَمِل مثل هذا العمل في أنه ذكَرَ هذا الذِّكر مئة مرة أو زاد، وهذا الذِّكر إذا قاله الإنسان مائة مرة يقوله في غضون عشر دقائق فقط، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له المُلك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، إذا زاد؛ يُحيي ويُميت وهو على كل شيء قدير، لا تأخذ من الوقت أكثر من عشر دقائق وفيها هذا الفضل العظيم؛ فهذا الذِّكر المعدود.

وكذلك الذِّكر غير المعدود، ذِكر غير معدود وهو أن يذكُر الإنسان ربه -سبحانه وتعالى- بلا عد وبلا حصر، كما قال النبي -صل الله عليه وسلم- للذي قيل يا رسول الله إن شرائع الإسلام كثُرَت علي؛ أأمرني بأمر أتمسَّك به، يعني شرائع الإسلام من هذه أعمال النوافل كثيرة، يعني دُلَّني على أمر من الأمور أتمسَّك له، فقال له النبي لا يزال لسانك رطبًا بذِكر الله، يعني فليكن لسانك دائم الذِّكر لله -تبارك وتعالى-، وكان النبي يذكُر الله -تبارك وتعالى-؛ بالمعدود في دبُر الصلوات، وبغير المعدود كذلك، فإنهم كانوا يَحسِبون للنبي -صل الله عليه وسلم-؛ كانوا يقولوا كنَّا نَعُد للنبي -صل الله عليه وسلم- أكثر من مائة استغفار في المجلس الواحد، هذه لم يَعُدَّها النبي -صل الله عليه وسلم- وإنما كان يستغفر الله -تبارك وتعالى-؛ دائم الاستغفار للرب -تبارك وتعالى-، فالذِّكر الدائم هو أن يكون الإنسان دائم الذِّكر، لسانه دائمًا قائم بذِكر الله -تبارك وتعالى-، لا يجلس مجلسًا ولا يقوم منه إلى وهو يذكُر الله -تبارك وتعالى-، ولا شك أن الإنقطاع عن الذِّكر حسرة؛ مصيبة، الإنقطاع مجرد الإنقطاع عن الذِّكر في فترة، كما قال النبي -صل الله عليه وسلم- «ما من قومٍ يجلسون مجلسًا ثم يقومون منه لا يذكرون الله فيه»، مجلس؛ جلسوا ساعة، ساعتين، وقت أكثر أو أقل، وقاموا ما جاء ذِكر الله -تبارك وتعالى- على ألسنتهم، يقول النبي «إلا كان هذا المجلس عليهم حسرة وندامة يوم القيامة»، أو قول النبي -صل الله عليه وسلم- «إلا كان هذا المجلس تِرةً عليهم يوم القيامة»، تِرة يعني حسرة وندامة، حسرة وندامة قد يكون للعقوبة، أن حسرة وندامة؛ يتحسَّر ويندم أنه إيش لون مضت ساعة ولم يذكر الله -تبارك وتعالى- فيها؟! ولو ذكَرَ الله -عز وجل- لكان له هذا الأجر العظيم، لأن كل كلمة فيها هذا الأجر العظيم وهذا الثواب العظيم، هذا الثواب ما يُتَخيَّل، كما قال النبي -صل الله عليه وسلم- «كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن؛ سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم»، ماذا يأخذ من الوقت ومن الجهد سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم؟ سبحان الله وبحمد، سبحان الله العظيم؛ تأخذ جزء قليل من الدقيقة، الإنسان ممكن يقول هذا ستين مرة، سبعين مرة، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، في الدقيقة الواحدة، فهذه جزء لعله ثانية من الستين ثانية التي في الدقيقة، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.

لكن يقول النبي -صل الله عليه وسلم- «سبحان الله والحمد لله تملآن ما بين السماء والأرض»، هذي تملأ ما بين السماء والأرض؛ يعني حسنات، يعني لو وُجِدَت حسنات تحوَّلت هذه؛ سبحان الله وبحمد، سبحان الله العظيم، إلى أجرام من الحسنات لملأت ما بين السماء والأرض، فلذلك هذا العبد الذي جلس ساعة لم يذكُر الله -تبارك وتعالى- يتحسَّر يوم القيامة، يعني مضى وقت طويل من العمر وهو لم يذكُر الله -تبارك وتعالى-، لو ما كان في ذِكر لله -تبارك وتعالى- كان يكون فاته أمر عظيم، ويوم القيامة هو يوم التغابُن؛ فاته أمر عظيم، أو حسرة أنه كيف يمضي عليه هذا الوقت وقد يُعاقِب على مثل هذا الوقت دون أن يذكُر الله -تبارك وتعالى-؟! ولذلك شُرِع لنا في المجلس الذي يكثُر لَغَطه ويكون فيه شيء من اللَّغَط ومن اللغو أن نقول "سبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت، استغفرك وأتوب إليك"، هذه كفَّارة المجلس، كما أخبَر النبي -صل الله عليه وسلم- «أن الإنسان إذا جلس مجلسًا كثُرَ لَغَطه أن يقول كفَّارة لهذا المجلس سبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت، استغفرك وأتوب إليك»، عندما يقوم من هذا المجلس، فهذا ذِكر الله -تبارك وتعالى-؛ الذِّكر المعدود، والذِّكر غير المعدود، والذِّكر للمناسبة، والذِّكر اللي هو الصلاة التي فرضها الله -تبارك وتعالى- ليُقام ذِكره -جل وعلا-.

فالله -جل وعلا- يأمر عباده المؤمنين -سبحانه وتعالى- أن يذكُروه ذِكرًا كثيرًا، قال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا}[الأحزاب:41]، اذكُروا الله بأسمائه وصفاته -سبحانه وتعالى-، اذكروا عظمته؛ وإذا ذكَرَ الإنسان عظمة الله -تبارك وتعالى- عرف موقعه ومكانه في الوجود؛ فتضائل، وخشع، وعَلِم أنه عبدٌ صغير مأمور، إذا ذكَرَ عقوبة الله -تبارك وتعالى- خاف، وعَلِم أن الله -تبارك وتعالى- يؤاخذ بالذنب ويُعاقِب، وأن النار من آثار عقوبته؛ من آثار أنه -سبحانه وتعالى- شديد العِقاب، {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[الحجر:49] {وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ}[الحجر:50]، وإذا عَلِم ما عند الله -تبارك وتعالى- من الفضل؛ وأنه الجواد، الكريم، الودود، الرحيم -سبحانه وتعالى-، وأنه ذو الفضل والإحسان، وذو الإكرام -سبحانه وتعالى-، وعَلِم ما عنده من الثواب؛ رغب فيما عند الله -تبارك وتعالى-، وسارع إلى هذا الأمر، فيكون ذِكر الله -تبارك وتعالى- ذِكر قلب؛ يستحضر هذه المعاني، وذِكر لسان؛ يجري حمْد الله -تبارك وتعالى- وتسبيحه والثناء عليه عنده، ويقظة دائمة وفعل دائم يعيش المسلم فيه ذاكِرًا لله -تبارك وتعالى- بقلبه؛ ذاكرًا بلسانه، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا}[الأحزاب:41].

{وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}[الأحزاب:42]، سبِّحوه؛ نزِّهوه، بُكرة؛ البُكرة هي البكور والصباح، وأصيلًا؛ وقت الأصيل هو الوقت الذي يعني وقت العصر إلى المغرب هذا وقت الأصيل، وسُمِّي الأصيل لأنه من آصل ومن أحسن أوقات النهار، سبِّحوه في هذين الوقتين، والتسبيح هو التنزيه؛ اعتقاد نزاهة الله -تبارك وتعالى-، وأنه -سبحانه وتعالى- مُنزَّه عن كل عيب ونقص، سبِّحوه؛ عن ماذا نُسبِّح الله -تبارك وتعالى-؟ نُسبِّحه عن الولد، عن الشريك، عن النظير، عن المثيل، عن أن هناك مَن يَرُد أمره، عن أن هناك مَن يخلُق فِعله دون الله -تبارك وتعالى- أو يُنفِذ مشيئته رغمًا عن الله -تبارك وتعالى-، عن أن هناك مَن يشفَع عنده بغير إذنه، عن كل ما لا يليق به، يُنزَّه الله -تبارك وتعالى- عن كل ما لا يليق به؛ مم أبانه -سبحانه وتعالى- وأن هذا لا يليق به، فأخبرنا -سبحانه وتعالى- أن لا يليق به النوم، إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، وأنه لا تأخذه سِنَة؛ أقل النوم، {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ}، ما في أحد يملك شيء دون الله -تبارك وتعالى- وتصرَّف فيه بغير مشيئة الرب؛ يستحيل هذا، {لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ}، يستحيل أن يكون هناك مَن يشفع عند الله -تبارك وتعالى- دون يأذَن الله له، أو دون أن يأذَن في المشفوع، تعاظم الرب -تبارك وتعالى- أن يكون على هذا النحو؛ ناقص السلطان، هناك مَن يدخل عليه ويُقدِّم شفاعته دون إذن منه -سبحانه وتعالى-؛ يستحيل هذا، هذا أمر مستحيل في جناب الرب -تبارك وتعالى-، {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ}، لا يوجد شيء مما يفعله كل الخلْق ويخفى على الرب -تبارك وتعالى-، لا يخفى على الله شيء من أعمال خلْقِه؛ من أعمال ملائكته، ولا جنِّه، ولا إنسه، ولا أي شيء، ما تغيب عنه ذرَّة من أعمال خلْقه -سبحانه وتعالى-، فمَن ظنَّ أن هناك ما يخفى على الله أو أن هناك ما يكون بعيدًا عن عِلمه -سبحانه وتعالى- فهو قد سبَّ الله -تبارك وتعالى-، وقد نسَبَ لله -تبارك وتعالى- النقص؛ لم يُسبِّح الله -تبارك وتعالى- ويُنزِّه.

{يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ}، كل ما يناله خلْقه من العلم قد شاء به الله -تبارك وتعالى-، وهو الذي هداهم إليه، وهو الذي أرشدهم إليه -سبحانه وتعالى-، {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ}، السماوات والأرض كلها في كرسي الله -تبارك وتعالى- كحلقة في فلاء، {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا}، لا يُثقِل ولا يُتعِبه حفظ السماوات والأرض على ما هي عليه، أن يحفظها كل هذه؛ مجرة من المجرات، وكل كوكب من الكواكب، وكل نجم من النجوم، وكل سماء من هذه السماوات، قائم في فلكه؛ في مكانه، بأمره -سبحانه وتعالى- والله لا يتعب من هذا؛ ولا يُكرِثه، ولا يُثقِله -سبحانه وتعالى- {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}، وسبِّحوه؛ نزِّهوه، بُكرةً وأصيلًا؛ صباحًا ومساءًا، في وقت البكرة وفي وقت الأصيل، وقد شُرِعَ لنا صلاتان عظيمتان وهي صلاة الفجر وصلاة العصر في هذين الوقتين؛ اللذان هم أفضل الأوقات، وقد جائت هناك عناية خاصة بهاتين الصلاتين كما قال النبي -صل الله عليه وسلم- «مَن صلى البَردين دخل الجنة»، «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، يجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، فيعرُج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم؛ كيف تركتم عبادي؟ فيقولون ربي أتيناهم وهم يُصلون»، يعني صلاة العصر، «وتركناهم وهم يُصلون»، يعني صلاة الفجر، {وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}[الأحزاب:42].

ثم قال -جل وعلا- {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ}، هو؛ الله -سبحانه وتعالى-، {الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ}، يُصلي عليكم؛ صلاة الله -تبارك وتعالى- على عباده هي رحمته -سبحانه وتعالى- بعباده المؤمنين، ورحمة الله -تبارك وتعالى- بعباده المؤمنين لا تُحَد؛ فمنها أن هداهم للإيمان، هدايتهم للإيمان، إخراجهم من الظلمات إلى النور، {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}، ظلمات الكفر والشرك والضلال الذي كانوا فيه؛ الله -تبارك وتعالى- هداهم إلى نور الإيمان، وحبَّب هذا الإيمان في قلوبهم؛ وزيَّنه، وجمَّله، وجعل المؤمن يؤثِر الإيمان على كل شيء حتى على حياته؛ يمكن يُضحِّي بحياته ولا يُضحِّي بإيمانه، لو خُيِّر بين الحياة وبين الإيمان لاختار الإيمان ولو كان سيُلقى في النار، يُلقى في النار ويبقى مع إيمانه ولا يُفلِته ولا يتركه، جعل الله -تبارك وتعالى- هذا من رحمته -تبارك وتعالى- بالعبد المؤمن؛ أن حبَّبه في الإيمان على هذا النحو، ثم هداه الله -تبارك وتعالى- إلى سُبله، فتجد أنه من الصلاة، إلى الصوم، إلى الذِّكر، إلى العبادة، إلى الطاعة، هداية من الله -تبارك وتعالى- للعمل الصالح، {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ........}[البقرة:257]، فالله يُصلي على عباده المؤمنين؛ رحمة بهم، هداية لهم، توفيقًا لهم، ثم بعد ذلك إيصال لهم إلى جنته ورضوانه -سبحانه وتعالى-، فهذه صلاة الله على عباده المؤمنين.

{هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ}، ملائكة الله -تبارك وتعالى- يُصلون كذلك على المؤمنين، أما صلاة الملائكة للمؤمنين فهي دعاء الله -تبارك وتعالى- لهم؛ يدعون الله -عز وجل- للمؤمنين، والملائكة من حملة العرش إلى مَن دون ذلك من الملائكة، الملائكة مُتفاضلون كما قال -سبحانه وتعالى- {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[فاطر:1]، فملَك له جناحان، وملَك له ثلاثة أجنحة، وملَك له أربعة، وملَك له ستمائة جناح، جبريل -عليه السلام- له ستمائة جناح، يقول النبي «رأيته وله ستمائة جناح، كلما نظرت في الأفُق كله»، الأفُق اللي هي الجهات الأربع وجَدَه أمامه، إذا نظر هنا وجده أمامه، إذا نظر هنا، هنا ...، في خلفه وجدَه أمامه، رآه والنبي هابط من جبل حِراء إلى مكة، رأى جبريل على كرسي بين السماء والأرض ويقول له يا محمد أنت رسول الله إلى هذه الأمة، فَرِقَ منه؛ خاف منه، من مرآه وقد سدَّ الأفُق على هذا النحو، هذا ملَك من ملائكة الله -تبارك وتعالى-، وهناك حملة العرش؛ يقول النبي -صل الله عليه وسلم- «أُذِن لي أن أُحدِّث عن ملَك من حملة العرش، ما بين شحمة أُذنه إلى عاتقه تخفُق الطير خمسمائة عام»، هذا في المكان هذا فقط؛ فكيف بطول هذا الملَك؟ من أعلاه من رأسه إلى قدميه؛ أمر عظيم لا شك، وهؤلاء الملائكة الله -تبارك وتعالى- أخبر أنهم يُصلون على عباد الله -تبارك وتعالى- المؤمنين، كما في قول الله -تبارك وتعالى- {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ}[غافر:7] {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[غافر:8] {وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[غافر:9]، هذا من دعاء الملائكة لعباد الله المؤمنين، من حملة العرش؛ {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ}، هذا ذِكرهم لله، {وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا}، فهذا من دعاء الملائكة لعباد الله المؤمنين، {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا}، الله يقول يقولون {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا}، من البشر، {وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ}، {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم}، إلى آخر الآية، وكذلك قال النبي -صلوات الله والسلام عليه- «مازالت الملائكة تُصلي على أحدكم مادام في مُصلَّاه، تقول اللهم اغفر له، اللهم ارحمه»، فإذا صلى العبد المؤمن وجلس في مُصلَّاه فإن الملائكة تظل تستغفر الله -تبارك وتعالى- له؛ الله اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، إلى أن يخرج من المسجد أو يُحدِث، إذا أحدَث أو خرج من المسجد عند ذلك يتوقفون عند الدعاء له، فانظر هذا كذلك من حرص وصلاة ملائكة الله -تبارك وتعالى- على عباده المؤمنين.

هو؛ الله، {يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ}، قال -جل وعلا- {لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}، هذه صلاة الله -تبارك وتعالى- بعباده المؤمنين؛ فِعله -سبحانه وتعالى- بعباده المؤمنين، وكذلك دعاء الملائكة بأن يُخرِج الله -تبارك وتعالى- عباده المؤمنين من الظلمات إلى النور، قال -جل وعلا- {للَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}، فهذه رحمة الله -تبارك وتعالى-، يُخرِجهم من ظلمات الكفر والشرك والضلال والمعاصي إلى نور الإيمان والطاعة، {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}، كان الله -سبحانه وتعالى- بالمؤمنين رحيمًا؛ رحيمًا بعباده المؤمنين، فهذا من رحمته -جل وعلا-؛ شرح صدورهم، إنارة أبصارهم، تزيين الإيمان في قلوبهم، إخراجهم من كل هذه الظلمات، تعريفهم أن هذه ظلمات، وأن هذه مفاسد، وأن هذه آفات، وتوجيههم إلى الحق، وتمسيكهم به، كل هذا من فعل الله -تبارك وتعالى-، يعني يا أيها الذين آمنوا اذكروا رحمة الله -تبارك وتعالى- بكم، وفِعله الجميل، وصنيعه العظيم بكم، إذن فاذكروه؛ اذكروا الله -تبارك وتعالى-، كما قال -جل وعلا- {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ}[البقرة:152]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا}[الأحزاب:41] {وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}[الأحزاب:42] {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}[الأحزاب:43].

ثم ذكَّر الله -تبارك وتعالى- بأعظم مشهد من هذه وهي يوم أن يُلاقوا الله -تبارك وتعالى- يوم القيامة، قال -جل وعلا- {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا}[الأحزاب:44]، تحيتهم؛ تحية المؤمنين، يوم يلقونه؛ يلقون ربهم -سبحانه وتعالى- في الجنة، سلام؛ منه لهم -سبحانه وتعالى-، كما قال -جل وعلا- {سَلامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ}[يس:58]، يُسلِّم الله -تبارك وتعالى- عليهم، ويرُدُّون تحية الرب -جل وعلا-؛ فهذي تحية الله، الله خالق السماوات والأرض يُسلِّم على عباده المؤمنين، {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا}[الأحزاب:44]، هذا الأجر الكريم الجنة، نسأل الله -تبارك وتعالى- أن نكون من هؤلاء.

استغفر الله لي ولكم من كل ذنب، وصل الله وسلم على عبده ورسوله محمد.