الجمعة 29 ربيع الآخر 1446 . 1 نوفمبر 2024

الحلقة (521) - سورة الأحزاب 55-58

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده والرسول الأمين؛ سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- {إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}[الأحزاب:54] {لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ وَلا إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلا نِسَائِهِنَّ وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا}[الأحزاب:55] {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[الأحزاب:56]، بعد أن ذكَرَ الله -تبارك وتعالى- في هذه السورة؛ سورة الأحزاب، طائفة من الأحكام التي جعلها الله -تبارك وتعالى- خاصة بنبيه -صلوات الله والسلام عليه-، وأرشَد المؤمنين إلى كثير من الآداب التي يجب أن يتأدَّبوا بها مع النبي -صلوات الله والسلام عليه- ومع زوجاته؛ من ذلك ألا يدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذَن لهم، وكذلك ألا يكون كإنتظار؛ أن يدخلوا قبل أن ينضج الطعام، أو يأكلوا ثم يجلسوا بعد الطعام كذلك، قال {إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا}، أي زوجات النبي، {فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ}، أي هذا الفعل، {كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا}.

قال -جل وعلا- {إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا}، أي من الإمتعاض أو من الكراهية لهذه الأحكام، {أَوْ تُخْفُوهُ}، في قلوبكم، {........ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}[الأحزاب:54]، يعني ينبغي أن يكون هناك إيمانٌ بهذه الأحكام؛ أنها من الله -تبارك وتعالى-، وأنها خُلُقٌ، وطهارةٌ، ورُقِيٌّ، وإكرامٌ لرسوله وإعلاءٌ له في المنزِلة الصحيحة من أمته -صلوات الله والسلام عليه-، وتكريم كذلك لزوجات النبي -صل الله عليه وسلم-، فيجب أن يكون قلب المؤمن طاهرًا ومؤمنًا بأن ما حكم الله -تبارك وتعالى- من حُكم فإنما هو الحُكم العدل، والحُكم الصحيح والطاهر الذي يُحافظ الله -تبارك وتعالى- به على حق النبي -صلوات الله عليه وسلم-، وعلى مكانته -صلوات الله عليه وسلم- في الأمة، قال {إِنْ تُبْدُوا شَيْئًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}[الأحزاب:54].

ثم ذكَرَ الله -تبارك وتعالى- مَن يصِح أن يدخُلنَّ على زوجات النبي -صلوات الله والسلام عليه- بدون الحَرَج من هذا؛ وليس فقط باستئذان النبي، قال {لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ}، زوجات النبي، {فِي آبَائِهِنَّ}، أن يدخل عليها أبوها، {وَلا أَبْنَائِهِنَّ}، الأبناء كذلك، {وَلا إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ}، التي تكون هي المرأة خالته، {وَلا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلا نِسَائِهِنَّ}، نسائهِن؛ قيل المسلمات لأنهُنَّ من جنسهِن، أن نسائهِن اللي هو جنس النساء؛ فيجوز للمرأة أن تدخل على زوجات النبي -صلوات الله والسلام عليه-، {وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ}، ما تملِكه مُلك كامل فإنه يجوز أن يدخل عليه وأن يطَّلِع على شيء من زينتها، {وَاتَّقِينَ اللَّهَ}، أمر لنساء النبي بتقوى الله -تبارك وتعالى-، اتقين الله؛ يعني يا زوجات النبي خفْنَّ الله -تبارك وتعالى-، {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا}، اعلموا أن الله -تبارك وتعالى- على كل شيء شهيد؛ أنه حاضر -سبحانه وتعالى-، ولا يغيب عنه شيء من أعمال خلْقه –جل وعلا-.

ثم ذكَرَ الله -تبارك وتعالى- هذه الآية العظيمة؛ التي يُبيِّن فيها الرب -سبحانه وتعالى- عنايته واحتفاؤه برسوله -صل الله عليه وسلم-، فقال {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[الأحزاب:56]، إن الله -سبحانه وتعالى- من فوق سبع سماوات، الله رب العالمين، خالق الخلْق أجمعين، الواحد القهَّار، الذي له المُلك كله؛ وله التصريف كله، الله مع ما يحمله هذا الإسم من معنى وما يتبَعَه من صفات؛ صفات العُلا والكمال، ثم عطف -تبارك وتعالى- عليه ملائكته؛ قال {وَمَلائِكَتَهُ}، وملائكة الله -تبارك وتعالى- هو هذا الخلْق العظيم، القوي، المتين، الذي لا مُقارنة بينه وبين الناس، فهذا الخلْق العظيم الشريف الذي خلَقَه الله –تبارك وتعالى- من نور؛ يُسبِّحون الله -تبارك وتعالى- ليلًا ونهارًا لا يَفْتُرون، {يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}، صلاة الله -تبارك وتعالى- على رسوله -صل الله عليه وسلم- إنما هي رحمته، رفِعَته؛ رِفعَة النبي -صل الله عليه وسلم-، بركات الله -تبارك وتعالى- المُنزَّلة على عبده ورسوله -صلوات الله والسلام عليه- في الدنيا والآخرة، ولا يمكن أن نحصر رحمة الله -تبارك وتعالى- بالنبي، فإن اختياره رسولًا منه -سبحانه وتعالى- للعالمين من رحمته -جل وعلا-، فضل الله -تبارك وتعالى- وإحسانه؛ بأن علَّمه، بأن هداه، بأن وفَّقه، بأن ثبَّته، بأن فضَّله على سائر الأنبياء والمُرسَلين بما فضَّله -سبحانه وتعالى- هذا التفضيل العظيم، ومن هذا التفضيل أنه أعطاه الكثر الكاثرة في مَن يدخل الجنة، {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}[الكوثر:1]، الكثرة الكاثرة، يدخل من أمته الجنة أكثر ممَن يدخل من كل الأنبياء والمُرسَلين؛ أتباع جميع الأنبياء والمُرسَلين، فهذا فضل عظيم، {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ}[الشرح:1] {وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ}[الشرح:2] {الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ}[الشرح:3] {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}[الشرح:4]، ذِكره في السماوات والأرض رفَعَه الله -تبارك وتعالى-، لا يُذكَر الله إلا ويُذكَر معه نبيه محمد -صلوات الله والسلام عليه-، {وَالضُّحَى}[الضحى:1] {وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}[الضحى:2] {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}[الضحى:3]، {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى}[الضحى:6] {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى}[الضحى:7] {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى}[الضحى:8]، فهذا كله من رحمة الله -تبارك وتعالى-، هذي صلوات الله على رسوله؛ إنعامه، وإكرامه، وإفضاله لهذا النبي الكريم -صلوات الله والسلام عليه-.

فالله وملائكته يُصلون عليه وكذلك يذكُره؛ ذكَرَه الله -تبارك وتعالى- بالخير، ذكَرَه الله بالخير قبل أن يوجد، فلا يكاد نبي ممَن أوحى الله -تبارك وتعالى- إليه إلا وذكَرَ له محمدًا -صل الله عليه وسلم-، {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ ........}[آل عمران:81]، فكل نبي قد أُخذ عليه العهد والميثاق أنه إن بُعِث النبي محمد وهو حي أن يؤمن به وأن يتَّبِعه، هذ موسى ابن عمران نبي من أولي العزم من الرسل والذي فضَّله الله -تبارك وتعالى- بما فضَّله، يقول الله -تبارك وتعالى- له بعد أن رَجَفَ بهم الجبل؛ مع السبعين الذين اختارهم، {وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ}[الأعراف:155]، {وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ}، قال الله -تبارك وتعالى- إليه {........ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ}[الأعراف:156] {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[الأعراف:157]، هذا خطاب الله لموسى؛ إشادة بالنبي محمد -صلوات الله والسلام عليه-، وإشادة بأمته -صل الله عليه وسلم-، فالله -تبارك وتعالى- يُصلي على النبي بذِكره؛ بأن ذكَرَه بالذِّكر الحسَن قبل أن يوجد، وذكَرَه حال وجوده بالرسالة بالذِّكر الحسَن؛ هذا القرآن ذِكر للنبي -صلوات الله والسلام عليه-، رحمة من الله -تبارك وتعالى- لرسوله، كان يتنزَّل عليه كلام الله -تبارك وتعالى- صباحًا ومساءًا في كل عُمرِه الرسالي، كلام الله -تبارك وتعالى- يتنزَّل عليه ويُخاطبه الله -تبارك وتعالى- فيه الخطاب الكريم؛ يا أيها الرسول، يا أيها النبي، يا أيها المُدَّثِّر، يا أيها المُزَّمِّل، بالخطاب الكريم وهذا كله من ذِكره، ثم من ذِكره بعد ذلك صلاة الله -تبارك وتعالى- على رسوله؛ ذِكره الدائم في الخلْق، وحثٌّ العالمين كلهم على أن يذكُروه، وأن لا يقبل الله -تبارك وتعالى- دعاء عبد إلا إذا صلى على نبيه محمد -صلوات الله والسلام عليه-، كما سمِعَ النبي رجل دعى؛ لم يحمَد الله ولم يُصلي على نبيه، قال لقد تعجَّل هذا؛ تعجَّل وذكَرَ حاجته، فلو أنه حَمِدَ الله وأثنى علي ثم صلى علي لكان يقينًا أن يُستجاب له؛ كان هذا أجدَّر بالاستجابة، فأمر عظيم، وجعل الله -تبارك وتعالى- البخيل كل البخيل كل مَن ذُكِر النبي عنده -صل الله عليه وسلم- ولم يُصلي عليه، إفضال الله وإنعامه وهي بمعنى صلاته على نبيه -صلوات الله والسلام عليه- كثيرة لا تُحصى، {وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا}، وكان فضل الله عليك؛ يعني يا محمد عظيمًا، فالله -تبارك وتعالى- يُصلي عليه وملائكة الله يُصلون عليه، ثناء هؤلاء الملائكة؛ صلاة الملائكة إنما هي ثناؤهم ودعاؤهم، والرب -تبارك وتعالى- للنبي محمد -صلوات الله والسلام عليه- يصلي على النبي، {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}.

ثم الله -تبارك وتعالى- أمر العباد، يعني هذا شأن النبي الذي هذا شأنه؛ الله يُصلي عليه، ملائكة الله -تبارك وتعالى- يُصلون عليه، وجَّه الله الخطاب إلى المؤمنين قال {........ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[الأحزاب:56]، صلوا عليه؛ صلاة العباد والمؤمنين على النبي -صلوات الله والسلام عليه- معناها الدعاء له، الإشادة بذِكره، أن يُدعى له، ودعاء الله -تبارك وتعالى- له بأن يُصلي الله -تبارك وتعالى- عليه، كما في الحديث «يا رسول الله علِمنا كيف نُصلي عليك؛ فكيف نُسلِّم عليك؟ قال قولوا اللهم  صلي على محمد وآل محمد كما صليت على آل إبرهيم، وبارك على محمد وعلى آله محمد كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد»، هذه الصيغة المُثلي أعظم صيغة للصلاة على النبي –صلوات الله والسلام عليه-، صلوا عليه؛ فمن صلاة العباد عليه هو هذا الدعاء، وكذلك قول النبي -صلوات الله والسلام عليه- «من سمِعَ المؤذِّن فقال مثل ما يقول، ثم صلى علي، ثم طلب الله -تبارك وتعالى- لي الوسيلة والفضيلة، كنت له شفيعًا يوم القيامة»، وهذه الوسيلة منزِلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد واحد، يقول النبي عنها «لا تنبغي إلا لعبد واحد من عباد الله، وأرجوا أن أكون أنا هو»، فهذا أيضًا من الصلاة على النبي -صل الله عليه وسلم- أن يُدعى له بالوسيلة والفضيلة، «اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة، آت محمدًا الوسيلة والفضيلة، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته»، فدعانا الله -تبارك وتعالى- إلى الصلاة عليه، وقد حثَّنا النبي -صل الله عليه وسلم- وبيَّن الأوقات الفاضلة للصلاة عليه -صلوات الله والسلام عليه-، فمن ذلك الصلاة عليه وجوبًا في الصلاة، في الصلاة المفروضة بعد التشهُّد أن يُقال «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد»، وهذا على الصحيح من أقوال أهل العلم أنه واجب، أنه واجب؛ يجب أن يُصلى على النبي في الصلاة، في التشهُّد؛ التشهَّد الأخير، وكذلك في التشهُّد الأوسط في الصلاة الرباعية والثلاثية؛ صلاة المغرب، فيُصلى على النبي -صلوات الله والسلام عليه-.

وكذلك وجوبًا في الصلاة عند ذِكره -صل الله عليه وسلم-، كما في الحديث «رغم أنف امرئٍ ذُكِرت عنده ولم يُصلي علي»، رغم أنفه؛ يعني ذلَّ وخاب وخسر، مَن يُذكَر عنده النبي؛ بأي ذَكر ولو ذِكر عارض، أي ذِكر؛ إذا مرَّ ذِكر النبي يجب على المؤمن الذي يسمع هذا ويُدرك هذا أن يُصلي على النبي -صل الله عليه وسلم-، أي أن يطلب من الله وأن يدعوا الله -تبارك وتعالى- أن يُصلي على نبيه -صلوات الله والسلام عليه-، فهذه الوجوب؛ أما الاستحباب فباب الاستحباب لها كثير، فقول الله {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}، وجوبًا في هذا وكذلك استحبابًا في كل الأوقات؛ ولا حدَّ لهذا، كما في الحديث «أن رجلًا قال للنبي -صلوات الله والسلام عليه- يا رسول الله آجعل لك شِطر صلاتي»، يعني كل دعائي الذي أدعوا به فأجعل لك الشِطر، إذا دعوت أدعوا نصف الوقت لك ونصفه لي؛ طلب لي، فقال له «ما شئت من الصلاة علي فافعل، وإن زِدت فهو خيرٌ لك»، إذا ازددت فهو خير لك، «فقال له آجعل لك الثلثين؟ فقال له ما شئت، وإن زِدت فهو خير لك، قال له آجعل لك صلاتي كلها؟»، يعني كل دعائي الذي أُريد أن أدعوه أدعوا لك، أدعوه للنبي -صل الله عليه وسلم-؛ أُصلي على النبي، «فقال له إذن تُكفى همُّك وغمُّك»، فكل حاجاتك تُقضى، كل حاجاتك التي تُريدها إذا صليت على النبي تُقضى، وذلك أن مَن صلى على النبي مرة واحدة صلى الله عليه بها عشرة، الله يُكافئه ويُجازيه بأن يُصلي عليه عشرًا، فهي من أعظم قُربى؛ من أعظم القُربات إلى الله -تبارك وتعالى- الصلاة على النبي لتقترب منه، وكذلك من أعظم وسيلة لقبول الدعاء؛ تُريد أن تدعوا صلي على النبي، تُريد أن تذكُر حاجتك وتُصلي على النبي؛ هذا استجابة، تُريد أن تُصلي على النبي دون ذِكر حاجتك يُستجاب لك أكثر من هذا؛ لأنك صليت على نبيه -صلوات الله والسلام عليه-، {........ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[الأحزاب:56]، سلِّموا تسليمًا؛ اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد -صلوات الله والسلام عليه-.

والنبي يُسلَّم عليه حيًا وميتًا -صلوات الله والسلام عليه-، فيُصلى عليه في حياته؛ ولا شك أن النبي إذا ردَّ السلام وهو في حياته شيء عظيم جدًا، وكان بعض الصحابة يأتي النبي مثَلًا دورهم فيُسلِّم عليهم؛ السلام عليكم، فيرُد السلام في سِره حتى لا يُسمِع النبي -صل الله عليه وسلم-؛ حتى يُكرِّر النبي، لأن النبي كان يرى الاستئذان ثلاثًا؛ يقول السلام عليكم، إذا ما سمع إجابة يقول السلام عليكم، إذا ما سمع يقول السلام عليكم؛ فيقولها ثلاثًا، فبعض الصحابة كان يسكت؛ يرد سِرًا، يقول وعليكم السلام؛ لأن رد السلام واجب، وفي الثالثة يقول والله يا رسول الله كنت أسمعك، ولكن أحببت أن تُسلِّم علي، فسلام النبي -صل الله عليه وسلم- سواء مُبتدئًا أو رادًا النبي السلام فهذا رحمة من الله -تبارك وتعالى-؛ التعرُّض للسلام على النبي -صل الله عليه وسلم-، النبي يُسلَّم عليه حيًا ويُسلَّم عليه ميتًا، كما قال النبي -صل الله عليه وسلم- «ما من مسلم يُسلِّم علي إلا ردَّ الله عليَّ روحي؛ فأرد عليه السلام»، فكل مَن سلَّم على النبي -صل الله عليه وسلم- يرُد الله -تبارك وتعالى- روح النبي له؛ فيرُد النبي عليهم السلام، سواء كان عند قبره -صل الله عليه وسلم- أو في أي مكان في هذه الأرض، يقول النبي «إن لله ملائكة سياحين؛ يُبلِّغوني عن أمتي السلام»،  فمَن سلَّم على النبي وقال السلام عليك يا رسول الله، فإن هذه الرسالة تُحمَل؛ يحملها الملائكة، ويخبرون النبي بمَن سلَّم عليه، ونحن في الصلاة عند تشهُّدنا نُسلِّم على النبي، فنقول "التحيات لله والصلوات والطيبات"، هذا ذِكر الله -تبارك وتعالى- والثناء عليه، أو "التحيات الزَّاكيات المُباركات لله" ثم نقول "السلام عليك أيها النبي؛ ورحمة الله وبركاته"، نُسلِّم على النبي -صلوات الله والسلام عليه-، ولا شك أن النبي يرد السلام، لابد يُبلَّغ سلام العباد ويرد السلام -صلوات الله والسلام عليه-، "السلام عليك أيها النبي؛ ورحمة الله وبركاته"، «إن لله ملائكة سياحين؛ يُبلِّغوني عن أمتي السلام»، فيُبلَّغ النبي السلام؛ سلام مَن يُسلِّم عليه، ويرد السلام -صلوات الله والسلام عليه-، فالنبي يُسلَّم عليه حيًا وبعد مماته -صلوات الله والسلام عليه-، وكان الصحابة كذلك؛ إذا كانوا في صلاتهم يقولون كما علَّمهم التشهُّد، ابن مسعود يقول «علَّمني رسول الله التشهُّد يده في يدي كما يعلِّمني الفاتحة، التحيات المباركات الزَّاكيات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي؛ ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله»، فالله يأمر عباده -سبحانه وتعالى- ويقول {........ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[الأحزاب:56]، بالتأكيد؛ سلِّموا تسليمًا أكيدًا على النبي -صلوات الله والسلام عليه-، هذا المفعول المُطلَق؛ الذي هو لتأكيد هذا {وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.

بعد أن ذكَرَ الله -تبارك وتعالى- هذا؛ منزِلة النبي عنده -صل الله عليه وسلم-، وأنه هو -سبحانه وتعالى- بذاته العلية -جل وعلا- وبأسمائه وصفاته يُصلي على نبيه -صلوات الله والسلام عليه-، وقد علِمنا من معاني صلاة الله -تبارك وتعالى- على نبيه، وأن ملائكته كذلك يُصلون على النبي، وأن صلاة الملائكة على النبي دعاء له؛ وقد يكون هذا مستمر، كما أخبر الله -تبارك وتعالى- أنهم كذلك الملائكة تُصلي على المؤمنين، كما في قول الله -تبارك وتعالى- {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ}، وهم أشرف الملائكة وأعلاهم؛ حملة عرش الرب -تبارك وتعالى-، {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا ........}[غافر:7]، فقول الله {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} هذا من صلاة حملة العرش والملائكة على عباد الله -تبارك وتعالى- المؤمنين، فكذلك هم يُصلون على النبي -صل الله عليه وسلم-؛ يذكُرونه بالجميل، ويُثنون عليه، ويدعون الله -تبارك وتعالى- له، {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[الأحزاب:56].

بعد هذا ذكَرَ الله -تبارك وتعالى- مَن يؤذون النبي، فقال {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا}[الأحزاب:57]، هذا إخبار من الله -تبارك وتعالى- بالعقوبة الإلهية الشديدة لكل من آذى النبي -صل الله عليه وسلم-، وقد جمع الله -تبارك وتعالى- بين نفسه -سبحانه وتعالى- وبين النبي، قال {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}، ولا شك أن الله -تبارك وتعالى- قد أضاف نفسه إلى النبي هنا في هذه الآية؛ لبيان أن الأذى الواقع على الرسول هو يقع على الله -تبارك وتعالى-، أن مَن يؤذي رسول الله هو مَن يؤذي الله -تبارك وتعالى-؛ وذلك أن هذا رسوله، أن هذا رسوله الذي اختاره الرب -سبحانه وتعالى-، أو أن الله -تبارك وتعالى- جعل أذى النبي مثل الأذى الذي يتوَجَّه إلى الله -تبارك وتعالى-، فالذي يؤذي الله -تبارك وتعالى- بمعنى أنه يسبُّ الله، يشتمه، يعيب الرب -تبارك وتعالى-، يذكُره بالنقص، ينفي صفاته -جل وعلا-، ينسب له الولد؛ هذا من شتم الرب -تبارك وتعالى- كل هذا، وآذى النبي -صل الله عليه وسلم- بالقول أو بالفعل؛ كسبِّه، شتمه، عيبه، طبعًا ما فعله الكفار من أذى النبي -صل الله عليه وسلم-؛ كفرهم به، ادِّعائهم بأنه كاذب، بأنه كاهن، بأن له نيَّة في قلبه غير الذي يُظهِره، كل هذا من أذاه، إذا وقع هذا الأذى من المؤمن للنبي فلا شك أن مَن سبَّ النبي كَفَر، مَن سبَّ رسول الله -تبارك وتعالى- وتعمَّد أذاه كَفَر، أما إذا وقع الأذى منه دون السب والشتم فإنه كذلك قد ارتكب هذا الإثم العظيم.

{إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ........}[الأحزاب:57]، اللعن هو الطرد من رحمة الله -تبارك وتعالى-، الطرد من رحمة الله -تبارك وتعالى-؛ أنهم قدر طردهم الله -تبارك وتعالى- من رحمته، وأصل اللعن في لغة العرب أن القبيلة كانت إذا كَثُرَت جرائر الشخص؛ واحد منهم تكثُر جرائره ومشاكله، أو يعمل عمل فاضح ممكن تُعيَّر به القبيلة فإنها تلعنه، القبيلة تلعنه بمعنى أنها تنفيه عنها، يذهبون في الأسواق ويقولون ترى فلان ابن فلان؛ نحن قد لعنَّاه، فيُخرِجونه من قبيلتهم ويلعنونه ويُبعِدوه عنهم، لعن الله -تبارك وتعالى- لشخص معناه طرده من رحمة الله -تبارك وتعالى-، كما قال الله -تبارك وتعالى- لإبليس عندما ارتكب ما ارتكب من معصية الله -تبارك وتعالى-، قال له {........ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ}[ص:77] {وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ}[ص:78]، وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين يعني يبقى في هذا الطرد من رحمة الله -تبارك وتعالى- إلى يوم الدين؛ حيث يكون في جهنم -عياذًا بالله-، لعنهم الله؛ طردهم الله -تبارك وتعالى- من رحمته، في الدنيا والآخرة؛ فهو ملعون مطرود من رحمة الله، أن يناله الله -تبارك وتعالى- برحمة في الدنيا، وكذلك أن يناله برحمة في الآخرة، {وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا}، أعدَّه؛ هيَّأه وحضَّره لهم، لهم؛ لهؤلاء المؤذين الذين يُؤذون الله -تبارك وتعالى- ورسوله، مُهينًا؛ فيه إهانة، فيه إهانة وهذا من جنس عملهم؛ يكون دائمًا الجزاء من جنس العمل، لمَّا أرادوا أن يُهينوا رسول الله؛ بسبِّه، بشتمه، بأذاه، فإن الله -تبارك وتعالى- أعدَّ لهم عذاب يُهينهم على هذا النحو، والعذاب المُهين إما بالإهانة المعنوية؛ بالتقريع، والتأنيب، أو الإهانة الحسِّية؛ بالدز إلى النار، وصب الحميم فوق رأسه، ونحو هذا مما ذكَرَه الله -تبارك وتعالى- في إهانة الكافرين -عياذًا بالله- في النار.

ثم ذكَرَ بعد ذلك مَن يؤذي أهل الإيمان، قال {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}[الأحزاب:58]، {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا ........}[الأحزاب:58]، يؤذونهم؛ يُسوون لهم الأذى، والأذى أي شيء من الإهانة؛ سواء بسبٍّ، أو بشتمٍ، أو بلعنٍ، أو باتِّهام، أو بغير ذلك، أو باستهزاء؛ بكلمة، أو قول، أو فعل، {يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا}، يعني بغير ما اكتسب المؤمن، لأن الأذى إذا وقع من مؤمن لمؤمن قِصاصًا؛ فهذا عدل، فهذا من العدل مما أباحه الله -تبارك وتعالى-، كما قال -جل وعلا- {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ........}[الشورى:40]، فمَن اعتُديَ عليه باعتداء من المسلم وأراد أن ينتصف لنفسه وأن يأخذ حقه منه بأن اعتدى عليه مثل هذا العدوان؛ فهذا قد أخذ حقه، أما إذا كان مسلم بريء لم يعتدي وأتى العدوان من أخر فهذا هو الذي آذى المسلم بغير ما اكتسب؛ يعني دون أن يكون هذا قِصاصًا منه أو حقًا منه، قال -جل وعلا- {فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}، بُهتان؛ الكذب، يكون قد افترى كذب على أخيه المؤمن، وإثمًا مُبينًا؛ إثم ظاهر، واضح، لا خفاء فيه، {فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}، فرَّق الله -تبارك وتعالى- هنا بين أذى النبي؛ الذي هو كفر، وبين أذى المؤمن؛ الذي هو معصية كبرى، وبحسَب هذا الأذى طبعًا درجات الأذى مختلفة؛ فيكون بحسَب هذا الأذى، فأذى النبي وسبُّ النبي -صلوات الله والسلام عليه- كفر ناقل عن المِلَّة كسبِ الله -تبارك وتعالى-؛ ينقل المؤمن من الإسلام إلى الكفر -عياذًا بالله-، وأما سبُّ المؤمن أو شتمه أو أذاه بأي أذى فإنه ذنب عظيم؛ لا ينقل عن مِلَّة الإسلام، ولكنه يبقى في دائرة الحرام، أما إذا أخذ حقه من مؤمن ظلمه فهذا يكون قد أخذ حقه، {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}[الأحزاب:58].

ثم قال -جل وعلا- {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}[الأحزاب:59]، ونعود -إن شاء الله- إلى هذه الآيات في الحلقة الآتية -إن شاء الله-، وصل الله وسلَّم على عبده ورسوله محمد.