{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة:2] {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[الفاتحة:3] {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة:4]، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين؛ سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.
وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}[الأحزاب:59] {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا}[الأحزاب:60] {مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا}[الأحزاب:61] {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا}[الأحزاب:62]، هذا أمر من الله -تبارك وتعالى- لرسوله -صل الله عليه وسلم-؛ مُصدَّر بالنداء له بوصفه النبي -صلى الله عليه وسلم-، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ}، وهذا خطاب تكريم من الله -تبارك وتعالى- لرسوله -صلوات الله والسلام عليه-، أن يُصدِّر الله -تبارك وتعالى- إليه الخطاب بوصف كونه نبي من عنده -جل وعلا-، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ}، بدأ الله -تبارك وتعالى- بالزوجات؛ وذلك أن المسئولية في الأقربين أولى، وأقرب الناس إليه زوجاته، ثم قال وبناتك، ثم قال ونساء المؤمنين؛ عموم الأمة، {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ}، يعني قُل لهم أدينهن عليكُنَّ من جلابيبكُنَّ فيُدينين، والإدناء هو الإطالة؛ إطالة الجِلباب، والجِلباب؛ ما تتجلبب به المرأة فوق الثياب الداخلية، فوق دِرعها ونحو ذلك، تَلبَس الجِلباب أي الساتر السابغ؛ تُدنيه إلى أن تُغطي به سائر جسمها، قال الله -تباك وتعالى- إطالة جِلباب المرأة على هذا النحو؛ تتجلبب به حتى يصل إلى الأرض، والنبي -صل الله عليه وسلم- أمر النساء؛ قال لمَّا نهى عن جر الثوب بالنسبة للمرأة، سألته أم سلَمَة فقال «أدنين شِبرًا، قالت إن إنكشف؟ قال ذِراعًا»، آخر شيء يعني يكون من جر الثوب وراء المرأة ذراع.
{يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ}، ثم أشار الله -تبارك وتعالى- إلى هذا الأمر الإلهي أنه حِكمَته، قال {ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ}، ذلك أدنى أن يُعرَفن؛ أقرب إلى أن يُعرَفن بالعِفَّة وبالمكانة، لأن المرأة إذا كانت ساترة لجسمها وساترة لزينتها وتخرج على هذه الصورة فإنها تُعرَف بأنها من اهل العفاف والكمال، بغير المرأة التي تخرج كاشفة ومُتبرِّجة فإنها تتشبَّه بالإماء وبغيرهِنَّ ممَن يدعين إلى الفاحشة، ذلك أدنى أن يُعرَفن؛ أي بالعِفَّة، وبالإيمان، وبالكمال، فلا يتعرض لهُنَّ الفُسَّاق، فلا يؤدين؛ أي بتعرُّض الفُسَّاق والفُجَّار لهُن، كما الشأن في الفُسَّاق أنهم يتعرَّضون للمرأة التي يظهر منها لهم ما يدل على أنها يُمكن أن تُطاوعهم في فعلهم الخبيث، {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}، وكان الله غفورًا رحيمًا لِما سلَف، لِما سلَف قبل أن يُنزِل الله -تبارك وتعالى- هذا الأمر، وهذا أيضًا من مغفرة الله -تبارك وتعالى- ورحمته بأن أمر المؤمنين بهذا السِتر، وقد يقع منهم شيء عن السهو والخطأ؛ فالله -تبارك وتعالى- هو الغفور الرحيم -جل وعلا-.
ثم قال -جل وعلا- {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ........}[الأحزاب:60]، في آخر هذه السورة هذا تهديد ووعيد من الله -تبارك وتعالى- للمنافقين، {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ}، عن فعلهم الخبيث؛ عن نفاقهم وكفرهم، والمنافقون جمع منافق، والمنافق هو الذي أظهر الإيمان وأبطن الكفر؛ باطنه كافر ولكنه مُظهِر للإيمان، وكانوا يتلونون بكل لون ويُظهِرون الإيمان ظاهرًا وقلوبهم تقطر سُم على النبي -صل الله عليه وسلم- وعلى المؤمنين، فالله -تبارك وتعالى- يُخبِر بإن لم ينتهوا، ينتهوا عن أفعالم الخبيثة؛ كفرهم، ثم بعد ذلك كان هؤلاء المنافقون يعملون كل ما من شأنه أن يُضعِف المسلمين؛ إطلاع الكفار على عرواتهم، محاولة التفريق بينهم، {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ ........}[التوبة:47]، نقل الأخبار الكاذبة، التهويل في الأمر؛ كأن يكون المؤمنون قد هُزِموا في أمر ويدَّعون العكس، أو بالعكس لتشويش الأخبار وتشويه القلوب، والطعن خفية في النبي -صلوات الله والسلام عليه-، والطعن في المؤمنين، محاولة التحريض بينهم، أمور عظيمة جدًا من الفساد كان يصنعونها مع إظهارهم الحَدَب والحِرص على الإسلام، وعلى المسلمين، وعلى النبي، {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ}، قال -جل وعلا- {........ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ}[المنافقون:1] {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[المنافقون:2]، فهؤلاء المنافقون بأعمالهم الخبيثة.
ثم قال -جل وعلا- {وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}، مرض الشك أو مرض الشهوة، مرض القلب هو ما هو ضِد سلامته، السلامة؛ الاستقامة على أمر الله، الإيمان والاستقامة على أمر الله -عز وجل-، كل خروج عن طاعة الله -تبارك وتعالى- إنما هي بمرض القلب، سواء كان الخروج هذا بأمراض الاعتقاد؛ كالشك في الله -تبارك وتعالى-، الشك في رسالاته، الشك في أن ينتصر المؤمنون، الشك في ألا يقع موعود الله -تبارك وتعالى- كما أخبَر ونحو ذلك، أو أمراض القلب من الميل إلى ما حرَّمه الله -تبارك وتعالى-، فكل ميل إلى ما حرَّمه الله -تبارك وتعالى- فهذا من سَقام القلب ومن مرضه، {وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ}، المُرجِفون؛ الإرجاف هو نشر الأخبار وما يؤدي إلى زلزلة المؤمنين وحصول الخلل في أوساطهم، فالمُرجِف هو الذي يسعى لمحاولة زعزعة صف المؤمنين، بصنوف ما كانوا يصنعونه مما ذكرناه قبل ذلك من أعمال المنافقين؛ وهو نشر أخبار كاذبة، الطعن في النبي -صل الله عليه وسلم-، الطعن في المؤمنين، محاولة التفريق بين عباد الله -تبارك وتعالى- المؤمنين، التعرُّض للمؤمنات الطاهرات العفيفات، وكان من أعظم صنيعهم ما صنعه المنافقون مع أم المؤمنين عائشة -رضي الله تعالى عنها-، {وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ}، الذين يُسبِّبون هذا الإرجاف وهذا الخلل والإهتزاز في صف المجتمع المسلم والأسرة المسلمة، في المدينة؛ مدينة النبي -صل الله عليه وسلم-، قال -جل وعلا- {لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ}، أمر من الله -تبارك وتعالى- بحربهم، إغراء الله -تبارك وتعالى- النبي بهم يعني أمر الله -تبارك وتعالى- بأن ينتقم من هؤلاء المنافقين وأن يحاربهم؛ أو أن يأخذهم، أو أن يقتلهم، فإعلانهم للنبي -صل الله عليه وسلم- وأخذهم بجرائمهم لإنزال العقوبة بهم، {لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا}، لا يجاورنك في المدينة إلا قليلًا؛ يعني إلا وقتًا قليلًا، فهذا تهديد عظيم ووعيد من الله -تبارك وتعالى- لهؤلاء الطائفة؛ على اختلاف درجاتهم في الكفر والنفاق، المنافقون اللي هم أعلاهم؛ الذين أظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر، والذين في قلوبهم مرض؛ أي نوع من المرض، وكذلك المُرجِفون في المدينة؛ السَّاعون أن يزلزِلوا وأن يُفرِّقوا بين المؤمنين، الله -تبارك وتعالى- قال {لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ}، لنأمرنك بأن تُعاقِبهم؛ إمَّا عقوبة بالقتل، وإمَّا عقوبة بالنفي والإبعاد من المدينة، {لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا}، لا يُجاورنك؛ يبقوا في جوارك، إلا قليلًا؛ إلا بقاءًا قليلًا.
ثم قال الله -تبارك وتعالى- في حُكمه فيهم، قال {مَلْعُونِينَ}، ملعونين؛ مطرودين من رحمة الله -تبارك وتعالى-، هؤلاء الذين يسعون بالإفساد في هذا المجتمع المسلم الناشئ؛ مجتمع المدينة وفيه رسول الله -صلوات الله والسلام عليه-، ويُحاولون أن يُمزِّقوا نواة هذه الأمة وهذا المجتمع هؤلاء ملعونون، يقول الله -تبارك وتعالى- {مَلْعُونِينَ} من الله -تبارك وتعالى-، {........ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا}[الأحزاب:61]، أينما يُقِفوا؛ الثقف هو التمكُّن منهم، في أي مكان يُتمكَّن منهم ويُقبَض عليهم ويكونون تحت اليد، أُخذوا وقُتِّلوا تقتيلًا؛ يُقتَّلون، وقول الله {وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا}، يعني هنا بتكثير القتل فيهم؛ لا يُكتفى بواحد منهم وإنما كلٌ منهم يُقتَل، {أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا}.
قال -جل وعلا- {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا}[الأحزاب:62]، سُنَّة الله؛ طريقته -سبحانه وتعالى-، {فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ}، أن الله -تبارك وتعالى- دمَّر بهم؛ إما دمَّر بهم بنفسه -سبحانه وتعالى-، وإما أغرى بهم رُسله بأن يقتلوهم، ففي الذين لم يُكتَب عليهم القتال من الأنبياء تولى الله -تبارك وتعالى- شأن المُعاندين للرسل، والذين كانوا مع الرسل فإن الله -تبارك وتعالى- أمر نبيه بأن ينتقم منهم، كما أمر الله -تبارك وتعالى- موسى -عليه السلام- لمَّا إتخذَ أصحابه العِجل من بعده؛ في غيبته، وهو يُناجي ربه في المواعدة التي وعَدَه الله –تبارك وتعالى- إياها ورجع، فإنه نكَّل بالذين عبَدوا العجل؛ أمر بقتلهم، وقال للذي صنع هذا الصنيع {قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَنْ تَقُولَ لا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا}[طه:97]، فإنزال العقوبة بهؤلاء الذين يُفسدون في المجتمع المسلم، {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا}[الأحزاب:62]، في أخذه بالشدة والعقوبة لهؤلاء المُعاندين، المُكذِّبين، الساعين بالإفساد بين المؤمنين، {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا}[الأحزاب:62].
ثم قال -تبارك وتعالى- في ختام هذه السورة {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا}[الأحزاب:63]، {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ}، ممَن كان يسأل النبي -صل الله عليه وسلم- عن الساعة طبعًا سؤال الكفار؛ وهذا سؤال استبعاد، واستعظام، وأنها لا تكون، وقد أجابهم الله -تبارك وتعالى- على هذا ولتنتظروا ما سيأتيكم الله -تبارك وتعالى- به، كان بعض أهل الإيمان يسأل النبي عن الساعة لا شكًا فيها، وإنما نظر إلى وقت مجيئها، وقُرب مجيئها، وماذا يكون من علامات هذا، فأمر الله -تبارك وتعالى- رسوله -صل الله عليه وسلم- أن يُخبِر الجميع عن الساعة، {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ}، يوم القيامة، سُمِّيَت بالساعة لأن لها ساعة مُحدَّدة تقوم فيها، قد وقَّت الله -تبارك وتعالى- لها وقت؛ ساعة مُعيَّنة تقوم فيها، {قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ}، عِلمها في الوقت المُحدَّد الذي تأتي فيه إلى الله -تبارك وتعالى-، وقد بيَّن الله -تبارك وتعالى- في آيات أخرى أنه لا يُجلِّي هذا الوقت لأحدٍ من خلْقه قط، قال {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً ........}[الأعراف:187]، فهذي الساعة، وقال الله -تبارك وتعالى- لموسى {إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى}[طه:15]، فالساعة عِلمها إلى الله -تبارك وتعالى- وحده وليس إلى سِواه، حتى الملَك الذي ينفخ في الصور لقيام الساعة لا يدري متى يؤمر بالنفخ؛ متى يأمره الله -تبارك وتعالى- بهذا الأمر، فهذا قد جعل الله -تبارك وتعالى- عِلمه إليه، {قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ}.
ثم قال -جل وعلا- {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا}، يعني وما يُدريك لعل الساعة تكون قريبًا؛ لأنها في الوقت الذي يشائه الله -تبارك وتعالى-، ولا شك أنها قريبة في ميزان الله -تبارك وتعالى-؛ وفي أيام الله -جل وعلا-، ولا شك أنها قد أصبحت قريبة ببعثة النبي محمد -صلوات الله والسلام عليه-، لأن نبينا هو آخر الرُسُل -صل الله عليه وسلم-؛ لا نبي بعده، ولذلك هو العَلَم على قُرب مجيء الساعة، {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلا تَمْتَرُنَّ بِهَا ........}[الزخرف:61]، النبي -صل الله عليه وسلم- أعظم عَلَم يكون للساعة وأعظم شاهد عليها، لأنه خلاص يقول «بُعِثت والساعة كهاتين»، فهي مُلازِمة له -صل الله عليه وسلم-، بعد انتهاء مدة أمته في هذه الدنيا تقوم الساعة، ولا أمة تقوم بعد أمة النبي -صلوات الله والسلام عليه-، قال «بُعِثت في نفَس الساعة»، ونفَس الإنسان يكون مُقدَّم له، فكأن الساعة آتية وهذا النبي بُعِث في نفَسِها؛ خلاص هي في خلفه -صل الله عليه وسلم-، وهذا يوم واحد؛ يعني {........ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ}[الحج:47]، {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا}، أي فاعمل لهذا، ثم إن مَن مات فإنه قد قامت قيامته، قامت ساعته وأصبح دخل في باب الحساب، {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا}.
{إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا}[الأحزاب:64]، فالذي يستعجِل بالساعة؛ ماذا يستعجِل به؟ يستعجِل بالساعة وهو من أهل الكفر؛ والعذاب قد أُعِد له وهُيئ له، {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ ........}[الأحزاب:64]، طردهم -سبحانه وتعالى- من رحمته، لا تنالهم رحمة الله –تبارك وتعالى-، {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا}[الأحزاب:64]، أعدَّه؛ هيَّأه وجهَّزَه وأحضَره، سعيرًا؛ نار مُشتعِلة، السعير هو النار التي تشتعل، وتشتعل في الحجارة وفي أجسادهم، يعني أن أجسادهم تشتعل بهذه النار -عياذًا بالله-، وأعدَّ لهم سعيرًا؛ نار مُشتعِلة، كما قال الله -تبارك وتعالى- في النار {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}، فسعير هذه النار بالحجارة وبالناس، {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا}[الأحزاب:64]، {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}، الخلود؛ المُكث، يعني ماكثين فيها مُكثًا مؤبد؛ لا ينقطع، ليس له حد ونهاية ينتهي إليها، {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا}[الأحزاب:65]، لا يجدون وليًّا يواليهم، ما في أي حبيب لهم، مَن يواليهم بأي شيء من الموالاة؛ محبة، نُصرة، شفاعة، عطف؛ يعطف عليهم، من كل الخلْق؛ لا مَن حولهم من أهل النار يتناصرون، بل يلعن بعضهم بعضًا، ويسب بعضهم بعضًا، ويُلقي كلًا منهم باللائمة على الأخر، فهم مشتركون في العذاب ولكنهم مُتفرِّقون فيه، فالعذاب لا يؤلِّف بينهم ولا يجعلهم يعطف بعضهم على بعض؛ ويحزن بعضهم لبعض، بل كل مَن في النار يلعن الأخر، {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا}، أوائل الأمم تلعن أواخِرها، وأواخر الأمم تلعن أوائلها، وكلٌ يُلقي باللائمة؛ القادة يُلقون باللائمة على الأتباع، والأتباع يتنَصَلون ويقولون بل أنتم {وَكُنتُمْ قَوْمًا مُجْرِمِينَ}، والناس تُلقي باللائمة على إبليس، إبليس يقول لهم {مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}، فكل أحد يتبرأ من كل أحد في النار، كل واحد في النار فإنما يتبرأ من صاحبه ويلعن صاحبه، {هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ}، على طول يقولوا {........ لا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ}[ص:59]، ما يتعاطفون؛ أنه والله {هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ}، يجيء معكم إلى النار، فيصرخون لهم ويحزنون لهم؛ يحزنون لأنفسه ولمَن معهم في النار... لا، بل يقولوا {........ لا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ}[ص:59]، فيلعنهم الأخرون فيقولون {........ بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ}[ص:60]، فيدعوا كلهم على بعض {قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ}[ص:61].
فهذه حال أهل النار؛ ما في عطف بين أحد، ثم الذين انطلقوا إلى الجنة لا وليَّ منهم لأهل النار، مهما كانوا في الدنيا؛ كانت بينهم من أخوَّة، من مودة، من صداقة، من محبة، تنتهي؛ ما يبقى هناك ولي لهم ممَن كان يواليهم، فإخوانهم، أو زوجاتهم، أو آباؤهم، أو عشيرتهم، أو مَن كان لهم؛ تنقطع كل العلائق، {الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ}[الزخرف:67]، المتقين بعضه مع بعض يوالي بعضهم بعضًا، أما المؤمن لا يوالي أهل النار، {وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ}[الأعراف:50]، يقول النبي -صل الله عليه وسلم- «الزوج يُنادي زوجته يقول لها أي زوجتي؛ أي زوج كنت لكي؟ أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله، فتقول إن الله حرَّمهما على الكافرين، الزوجة تقول أي زوجي؛ أي زوجة كنت لك في الدنيا؟»، يعني كنت مُطيعة لك، وكنت مُحِبَّة لك، وكنت، وكنت ...، «أفيضوا علينا من الماء»، إذا كان زوجها في الجنة وهي في النار، «أو مما رزقكم الله، فيقول إن الله حرَّمهما على الكافرين»، الأخ لأخيه، الإبن لأبيه، نفس الأمر؛ ما لهم ولي يواليهم، وكذلك لا ولي لهم من الملائكة، وكذلك الله -تبارك وتعالى- لا يواليهم، وإنما يلعنهم -سبحانه وتعالى- ويُخلِّيهم في النار، فلا ولي لهم؛ لا يجدون وليًّا يواليهم، كل مَن في النار لا يجد له صديق يذرف عليه دمعة، ولا يكسر له خاطر؛ ما ينكسر خاطر لأحد، فهو وحده ملعونٌ فيها، ويلعن كل مَن حوله، ويلعنه كل مَن حوله من أهل النار، وكذلك تنقطع صلة أهل الجنة به، وصلة الملائكة، وصلة الجميع، لا يجدون وليًا؛ يواليهم، ولا نصيرًا؛ ينصرهم، ما لهم نصير ينصرهم من الله -تبارك وتعالى-؛ عِزوة، جماعة، تكتُّل، يُقال لهم {مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ}[الصافات:25]، يعني يُنادى أهل النار وهم ذاهبون إليها؛ يُقال لهم {مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ}[الصافات:25]، ليش ما ينصر بعضكم بعض؟ قال -جل وعلا- {بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ}[الصافات:26]، للحُكم الإلهي الذي وقع عليهم على هذا النحو، خالدين فيها؛ في النار -عياذًا بالله-، {........ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا}[الأحزاب:65].
{يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ}، تُقلَّب وجوههم؛ إلى كل الجهات، في النار؛ لكن في النار -عياذًا بالله-، فالنار تلفح وجوههم وتصِل إلى الوجوه، في كل الجسد؛ وبما فيه كذلك القلب، {إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُوصَدَةٌ}[الهمزة:8] {فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ}[الهمزة:9]، {الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ}[الهمزة:7]، تطَّلِع على الأفئدة؛ يعني النار تخترق إلى الأفئدة، وفي الحديث «بَشِّر الكنَّازين برُضف يُحمى لهم في النار، يوضَع على ناغِض كتفه حتى يخرج من حلمة ثديه، ويوضَع على ثديه حتى يخرج من ناغِض كتفه»، فالنار تصل إلى كل جزء فيه؛ سواء كيانه الخارجي، {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ}، أو داخل بدنه وتخترقه النار كذلك -عياذًا بالله-، {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ}، لا يسْلَم جزء ممَن يدخل النار إلا عُصاة أهل الإيمان فقط، المؤمنين الذين إذا دخلوا النار فإن النار تأكل مواضع السجود منهم؛ فهؤلاء فقط، أما الكافر فإن النار تأكل منه كل بدنه وكل جسمه؛ كل جسمه يصله النار، {كَلَّا إِنَّهَا لَظَى}[المعارج:15] {نَزَّاعَةً لِلشَّوَى}[المعارج:16]، تنزِع فروة الرأس، الشوى هي الغشاء الرقيق الذي يكون تحت الفروة، بين جلِدة الرأس وبين الجمجمة؛ عظمة الرأس، {نَزَّاعَةً لِلشَّوَى}[المعارج:16] {تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى}[المعارج:17] {وَجَمَعَ فَأَوْعَى}[المعارج:18]، يخبر الله -تبارك وتعالى- بهؤلاء الكفار، قال {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ}، يقولون؛ أي هؤلاء الكفار، {........ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا}[الأحزاب:66]، تمني في غير موقِعه؛ حيث لا ينفع التمني، يا ليتنا؛ تمني، أطعنا الله؛ أي في الدنيا، وأطعنا الرسول؛ رسول الله -تبارك وتعالى-، وذِكر الرسول هنا بعد ذِكر الله -تبارك وتعالى- لأن كل سياق هذه السورة لبيان مكانة النبي –صل الله عليه وسلم- في الأمة؛ ومنزِلته، والواجب نحوه -صلوات الله والسلام عليه-، وما اختصَّه الله -تبارك وتعالى- به دون سائر المؤمنين من الأحكام الخاصة به؛ في بيته، وفي زوجاته، فهذا النبي -صلوات الله والسلام عليه- الذي اعتنى الله -تبارك وتعالى- به هذه العناية، والذي يُصلي الله -تبارك وتعالى- عليه وملائكته، ويأمر عباده المؤمنين بالصلاة عليه، هذا النبي الذي له هذه المكانة؛ يوم القيامة يتحسَّر الكافر الذي كفر به، ويقول وهو في النار {........ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا}[الأحزاب:66]، لكن هذا التمني في غير وقته، لا يمكن أن يقع، لا يستجيب الله -تبارك وتعالى- له.
ثم يكون عُذرهم على هذا النحو {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا}[الأحزاب:67]، وقالوا؛ أي وهم في النار، ربنا؛ يعني يا ربنا، {إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا}، السادة جمع سيِّد، والسيِّد هو الأمير المُطاع، يعني الشخص سيِّدهم هو أميرهم وكبيرهم المُطاع، {أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا}، كبرائنا؛ في المنزِلة وفي المكانة وفي المجتمع، وكذلك كبرائنا من الأكابر؛ أكابر الناس الذي كان الناس تبعًا لهم، {فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا}، أضلونا السبيلا؛ أرشدونا إلى طريق الضلال، وتركنا السبيل؛ اللي هو سبيل الله -تبارك وتعالى-، وذهبنا في سبل الضلال والغي التي أرشدونا إليها، وهذا كأنه اعتذار منهم لأنفسهم، ولكن انظر بعد ذلك لعنهم لهؤلاء؛ {رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا}[الأحزاب:68]، يقولون ربنا؛ يعني يا ربنا، آتهم؛ آت هؤلاء السادة والكبراء الذين كانوا هم في زعمهم السبب في الإتيان بهم في هذا المكان وهذه النار، آتهم ضعفين من العذاب؛ يعني اجعل عذابهم مُضاعَفًا عن عذابنا، {وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا}، والعنهم؛ اطردهم من رحمتك، لعنًا كبيرًا؛ إبعاد كل البُعد عن رحمتك يا رب، فهذا دعاء هؤلاء الأتباع الخائبين الخاسرين على سادتهم؛ الذين أضلوهم، وساقوهم إلى هذا المساق، وطبعًا هذا الدعاء هو دعاء بالشر لسادتهم وكبرائهم وهم أنفسهم في العذاب؛ لن يُغني عنهم شيء، الله -تبارك وتعالى- يقول لهم في نهاية المطاف {قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ}، فكلٌ هو مُضاعَف له العذاب على هذا النحو، وعذابه مستمر استمرارًا لا إنقطاع له.
هذه الآيات موعظة عظيمة من مواعظ هذا القرآن، وتذكير من الرب -تبارك وتعالى- بالمصير والمآل الذي سيئول إليه الكافر يوم القيامة، والذي يتكلم متبجحًا؛ وين الساعة؟ {يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ}، استهزاء واستبعاد لها، قُل هم أولًا {إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ}، ثم {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا}، ثم انظر ما الذي سيكون لكم يوم تقوم الساعة، {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا}[الأحزاب:64]، هذا موجود، {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا}[الأحزاب:65] {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا}[الأحزاب:66] {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا}[الأحزاب:67] {رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا}[الأحزاب:68]، لا جواب على دعائهم هذا للرب، والجواب معروف أنهم كلهم؛ السادة، الكبراء، والأتباع، كلهم ملعونون؛ مطرودون من رحمة الله -تبارك وتعالى- وباقون، ولكن إهمال الجواب هنا إهمال لهم، وبيان أن هذا لا ينفع هؤلاء الداعين شيئًا، وتحذير لكل مَن أطاع سيدًا له في معصية الله -تبارك وتعالى-.
نكتفي بهذا، استغفر الله لي ولكم من كل ذنب، وصل الله وسلم على عبده ورسوله محمد.