{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة:2] {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[الفاتحة:3] {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة:4]، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين؛ سيد الأولين والآخرين، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ}[سبأ:1] {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ}[سبأ:2] {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}[سبأ:3] {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}[سبأ:4] {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ}[سبأ:5]، هذه الآيات افتتاح سورة سبأ، بدأ الله -تبارك وتعالى- هذه السورة بحَمْد نفسه -سبحانه وتعالى-، {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ}[سبأ:1]، الحمد لله؛ الثناء الجميل له -سبحانه وتعالى-، فهو المحمود –جل وعلا- لذاته، ولصفاته، ولأفعاله -سبحانه وتعالى-، فذات الله -تبارك وتعالى- هو الله الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد، ولم يولَد، ولم يكن له كُفوًا أحد، المُتَصف بكل صفات الكمال والجلال -سبحانه وتعالى-، الذي له الأسماء الحُسنى؛ كل أسمائه حُسنى -سبحانه وتعالى-، وكل فعلِه جميل، وكل صنعته مُتقَنة -سبحانه وتعالى-، {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}[الزمر:62]، {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنسَانِ مِنْ طِينٍ}[السجدة:7]، فهو الرب الإله، الحكيم، العليم، الرحمن، الرحيم -سبحانه وتعالى-، فالحمد له -سبحانه وتعالى- لذاته، والحمد له لصفاته، والحمد له لأفعاله -سبحانه وتعالى-، أفعاله كلها خير -جل وعلا-.
يُحمَد الله {الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ}، فكل ما في السماوات وما في الأرض له؛ مُلك له، فهو الذي أنشأها من العدَم -سبحانه وتعالى-، وهو الذي أقامها في ما أقامها فيه، وهو الذي يُصرِّفها -سبحانه وتعالى-، كل تصريف في المخلوق إنما هو به -سبحانه وتعالى-؛ هو الذي يُصرِّفه، {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ}[الزمر:62]، فله ما في السماوات؛ ما فيها مما أعلمنا الله -تبارك وتعالى- به، ومما لم يُعلِمنا -سبحانه وتعالى- به؛ من الملائكة، من الحور، من المخلوقات التي لا يعلمها إلا الله -تبارك وتعالى-، وله ما في الأرض؛ كل هذه التي في الأرض مما نُشاهِده ومما لا نُشاهِده، {فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ}[الحاقة:38] {وَمَا لا تُبْصِرُونَ}[الحاقة:39]، {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ}، فيُحمَد لهذا؛ يُحمَد لأنه الملك الذي لا ملك سواه -سبحانه وتعالى-، وأنه هو الذي له مُلك السماوات والأرض -سبحانه وتعالى-، {وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ}، هذا خصوص بعد عموم، له الحمد -سبحانه وتعالى- في الآخرة، وفي الآخرة يُحمَد على كل أفعال -سبحانه وتعالى-؛ أن أقام الآخرة، إقامة الآخرة ليجزي الله -تبارك وتعالى- أهل الطاعة بطاعتهم، أهل الإيمان بإيمانهم -سبحانه وتعالى-؛ فله الحمد لهذا، وله الحمد كذلك على عقوبة مَن كفر به ومَن تنكَّب أمره -سبحانه وتعالى- فيُعاقِبه؛ له الحمد في هذا -سبحانه وتعالى-، فعقوبة الظالمين يُحمَد الله -تبارك وتعالى- عليها لأنهم يستحقونها؛ يستحقونها لذلك -سبحانه وتعالى-، كما حَمِدَ الله -تبارك وتعالى- نفسه في عقوبتهم المُعجَّلة ويحمِدُ -سبحانه وتعالى- نفسه كذلك بعقوبتهم المؤجَّلة، كما قال -جل وعلا- {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الأنعام:45]، هذه العقوبة الموعجَّلة بأن قطع دابرهم من هذه الأرض، هذه من صفاته الحميدة -سبحانه وتعالى- ومن أفعاله الحميدة.
{وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ}، الحكيم؛ الحِكمة هي كمال العِلم الذي يؤدي إلى أن يوضَع كل أمل في نِصابه، يوصف بها المخلوق أنه حكيم إذا كان يضع الأمور في نِصابها ويتصرَّف بمُقتضى الحِكمة، والله -تبارك وتعالى- هو الحكيم؛ الحِكمة التي تليق به -سبحانه وتعالى-، وذلك أنه الرب العليم بكل شيء، الذي يضع كل أمر في نِصابه، ما في أمر خارج نصابه؛ فالهدى يضعه في نِصابه، والضلال يضعه في نِصابه، والعقوبة في نِصابها، والثواب في نِصابه، كل شيء في مكانه الصحيح والحكيم -سبحانه وتعالى-، الذي لا يخرج شيء عن حكمته -سبحانه وتعالى- وعدله، الخبير؛ الخبرة هي أدق العلم، يعني العليم عِلمًا دقيقًا بكل مخلوقاته -سبحانه وتعالى-، فهو الخبير بكل خلْقه -جل وعلا-، {وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ}، وختام هذه الآية بهاتين الصفتين للرب -تبارك وتعالى-؛ بأن له الحمد في الآخرة، وأن ما يكون في الآخرة من ثواب ومن عِقاب مبني على حِكمته وعلى خِبرته -سبحانه وتعالى-، فعلى حِكمته؛ أهل الطاعة يضعهم في الطاعة في الثواب، وأهل المعصية يضعهم في العِقاب، هذا وضع للأمر في نصابه، وهو الخبير -سبحانه وتعالى- بكل أعمال خلْقه، الخبير بعمل الكفار الذين استحقوا العقوبة، والخبير بعمل أهل الإيمان الذين استحقوا ثوابه -سبحانه وتعالى-، {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ}[سبأ:1].
{يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا}، هذا تفصيل بعض عِلمه -سبحانه وتعالى-، {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ}، ما يلِجُ فيها؛ يدخل فيها، يدخل في الأرض، ماذا يلِجُ في الأرض؟ يلِجُ في الأرض من المطر النازل من السماء الذي يلِجُ فيها، من البذور التي توضَع فيها، من حيوانات وهوام تختبئ فيها، كل ما هو والِجٌ وداخل في هذه الأرض، ما يلِجُ في الأرض مما زخره -سبحانه وتعالى-؛ من معادنها، وكنوزها، من براكينها، من زلالزلها، كل ما يلِجُ في الأرض يعلمه -سبحانه وتعالى-، {وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا}، ما يخرج من هذه الأرض يعلمه كذلك -سبحانه وتعالى-، ما يخرج من الأرض؛ من ماء يفور، من نبات يُخرِجه الله -تبارك وتعالى-، {وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا}، هو العليم كذلك بما ينزِل من السماء، ينزِل من السماء أمور عظيمة؛ ينزِل المطر لنا من السماء، ما في قطرة من هذه القطرات إلا وهي نازلة بعلم الله -تبارك وتعالى-، ينزِل من السماء رحمته ووحيه -سبحانه وتعالى-، ينزِل من السماء أمره -جل وعلا-، هذا كله الذي ينزِل من السماء، {وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا}، وما يعرُج إلى هذه السماء؛ يصعد فيها، تصعد الملائكة الذي يصعدون إلى الرب -تبارك وتعالى-؛ يصعدون بأرواح المؤمنين، بأرواح الكفار الذين تُحجَب السماء عنهم ثم يُعادون إلى هذه الأرض، يعرُج كذلك إلى السماء الدنيا أمور عظيمة؛ يعرُج هذا المطر إلى السماء، يُصعِده الله -تبارك وتعالى- إلى السماء ثم يُنزِله مطر، فكل ما يعرُج؛ العروج هو الصعود، وكل ما ينزِل هو بعلم الله –تبارك وتعالى-، {........ وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ}[سبأ:2]، هو الرحيم بعباده -سبحانه وتعالى-؛ رحمة في الدنيا وفي الآخرة، الغفور؛ المُسامِح، الكريم، الذي يستر ذنوب عباده الطائعين والعائدين إليه -سبحانه وتعالى- والتوَّابين إليه؛ يغفرها الله -تبارك وتعالى-، هذا افتتاح لهذه السورة وفيه وصف للرب -تبارك وتعالى-، وحمْد له على كل أفعاله؛ على خلْقه وفِعله -سبحانه وتعالى-، {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ ........}[سبأ:1]، التي جعلها الله -تبارك وتعالى- نهاية لهذا العالم المُشاهَد، {وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ}، {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ}[سبأ:2].
بعد هذا ينقلنا الله -تبارك وتعالى- نقلة، انظر هذا هو الواقع، هذا هو الحق الموجود، لكن تعالى انظر أين الكافر من هذا الواقع الحق، قال -جل وعلا- {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ}، خارجون؛ هؤلاء الذين كفروا خارجون عن العقل، عن الفكر، عن هذا الأمر الثابت المستقر، انظر صفة الرب -تبارك وتعالى- {الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ}، جعل الآخرة وأنها قائمة لا مجال فيها، {وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ}، وأنه {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ}[سبأ:2]، لكن الكفار دول خارجين عن كل شيء؛ عن كل عقل، وعن كل فَهْم، وعن كل فِكر، خارجين عن هذا الوجود؛ شاذون، {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ}، هكذا بالنفي الجازم عندهم، {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا}، كفروا لأنهم كذَّابون، علِموا الحق وكفروه؛ ستروه، {لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ}، كِبْر منهم، وعناد، واستبعاد منهم، لا تأتينا الساعة؛ يوم القيامة، قال -جل وعلا- {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ}، قُل لهم بلى؛ بلى هذه جواب سؤال مُقترِن بالنفي خاصة، فيكون نفي النفي إثبات، بلى وربي؛ قسم بالله -تبارك وتعالى-، أمر الله رسوله أن يُقسِم لهم، قال له {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ}، لتأتينكم؛ بالتأكيد، لتأتينكم الساعة، {........ عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}[سبأ:3]، وهذا القَسَم الذي جاء في هذه السورة جاء أيضًا في آيتين من القرآن، ثلاث آيات جاء فيها أمر الله -تبارك وتعالى- لرسوله بأن يُقسِم لهم بأن الساعة آتية، منها قول الله -تبارك وتعالى- {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ}[يونس:53]، وهنا هذه الآية {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ}.
ثم قال -جل وعلا- {عَالِمِ الْغَيْبِ}، هذا دليل مجيئها أنه عالم الغيب -سبحانه وتعالى-، الغيب؛ كل ما يغيب عنَّا ونحن طرف من هذه المخلوقات، وكل مخلوقات الله -تبارك وتعالى- يعلمون شيء ويغيب عنهم شيء، ما يعلمونه شهادة وما يغيب عنهم غيب، كالملائكة مثلًا؛ يعلمون شيء ولكن يغيب عنهم أمور عظيمة، من ما يغيب عنهم؛ كل المستقبل هذا، لا يعلمون شيئًا من ما يكون، {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[لقمان:34]، هذي مفاتيح الغيب التي لا يعلمها إلا الله -سبحانه وتعالى-، كل مخلوقات الله -تبارك وتعالى- لا يعلمون هذا الغيب؛ الله يعلمه -سبحانه وتعالى-، فعالم الغيب؛ كل ما يغيب عن خلقْه الله يعلمه -سبحانه وتعالى-، ولا غيب على الله، كل ما عند الله -تبارك وتعالى- شهادة، {عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ}، يعزب؛ يغرُب، يغيب، العزوب هو الغروب، والمغيب، والخفاء، يعني لا يخفى عليه -سبحانه وتعالى-، مثقال ذرَّة؛ وزن الذرَّة، الذرَّة؛ النملة الصغيرة، يعني وزن هذه النملة الصغيرة من أي شيء لا يغيب عن الله -تبارك وتعالى-، من أي موجود؛ من تراب، من رمل، من حديد، من ذهب، من ماء، كل ما يكون وزن ذرَّة من كل هذه المخلوقات لا يغيب عن الله -تبارك وتعالى-، بل هي عند الله -تبارك وتعالى- شهود وحضور؛ يشهدها ويعلمها، ما في ورقة تسقط من شجرتها إلا ويعلمها الله -تبارك وتعالى-، ولا قطرة ماء تنزل من السماء إلا بعِلمه -سبحانه وتعالى-، ولا حبة خردل؛ نبتة هي في الأرض، داخل الأرض أو خارج الأرض إلا ويعلمها الله -تبارك وتعالى-، {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ}[لقمان:16].
{عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ}، أصغر من مثقال الذرَّة مما الآن علِمنا به، مما رأيناه بالأجهزة المُكبِّرة للدقائق، أمور دقائق عرفناها بأجهزة مُكبِّرة، وأن هذه الدقائق كالفيروسات، والجراثيم، وأصغر من هذا كالخلية؛ وما داخل هذه الخلية، وأصغر من ذلك كالذرَّة؛ وما داخل هذه الذرَّة من إلكترون، أمور مبنية في غاية الإحكام، وكل هذا الأمر المبني هذا؛ الخلية الصغيرة عالم كالمجرة بما فيها من الموجودات، في داخل الخلية الواحدة الصفات الوراثية للمخلوق جزء من مكونات الخلية، عرفنا من الصفات الوراثية هذه شفرة؛ أن هناك جينة، الناس فكوا الآن أكثر من ألف ومائتين جينة؛ كل جين من هذه الجينات مُكلَّف بعمل من الأعمال، بعمل من أعمال هذا الخلْق؛ جينة لتلوين العين، وجينة لبناء هذا الأمر، وجينات للمرض، حتى المرض كذلك له جينات مؤثِّرات موجودة فيه؛ فهذا خلْق مُحكم، فلا يعزُب عن الله -تبارك وتعالى- ولا يغرُب عن الله -تبارك وتعالى- مثقال ذرَّة أدنى من مثقال الذرَّة، هذه المكونات الدقيقة في داخل الخلية الحية، هذه المكونات الدقيقة في داخل الذرَّة؛ كلها بعِلم الله -تبارك وتعالى-، {عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ}، لا يغرُب عنه -سبحانه وتعالى-، {........ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}[سبأ:3]، أصغر من مثقال الذرَّة أو أكبر منها، إلا في كتاب مبين؛ فهي في عِلم الله وكذلك مُدَوَنة، ومُسجلة، ومحسوبة عند الله -تبارك وتعالى- في كتاب بيِّن واضح؛ ليس بمُختلِط، بل كل شيء بيِّنٌ فيه؛ واضح فيه، وهذا بعِلم مَن أمر بكتابته -سبحانه وتعالى-، كما جاء من قول النبي -صلوات الله والسلام عليه- «أول ما خلَق الله؛ القلم، فقال له أكتب، قال وما أكتب؟ قال أكتب ما كان وما سيكون إلى يوم القيامة»، فكل شيء قد حفظه الله -تبارك وتعالى- في لوحٍ محفوظ، قد أحصى الله -تبارك وتعالى- فيه كل دقائق هذا الخلْق، فلا يخرج شيء إلا وهو مكتوب محسوب عند الله -تبارك وتعالى-.
قال -جل وعلا- {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}[سبأ:4]، يعني أن الله -تبارك وتعالى- لابد وأن يأتي بيوم القيامة، {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ}، ثم دلَّل الله -تبارك وتعالى- على هذا بأن الرب الإله هذا {عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ}، وهذا العِلم به يُعلِّم ويُهَوِّن على مَن يستكثرون ويستكبرون على الله -تبارك وتعالى- أن يُعيد الأجساد، أن ذرَّاتهم هذه التي ضلت في التراب يمينًا ويسارًا الله -تبارك وتعالى- عالم بكل ذرَّة من ذرَّت مكونات هذا الإنسان؛ وين راحت في الأرض؟ وكيف يُعيدها إلى صاحبها مرة ثانية ليُقيمه بين يديه -سبحانه وتعالى-، قال -جل وعلا- {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ........}[سبأ:4]، يعني يُقيم يوم القيامة؛ سيأتي يوم القيامة ولابد، {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ........}[سبأ:4]، فهذه حِكمته وفضله وإحسانه -سبحانه وتعالى-، ومُقتضى أن الرب الإله الحكَم -سبحانه وتعالى-؛ فكيف يهدِر الله -تبارك وتعالى- عمل الذين آمنوا وعملوا الصالحات؟ لا يمكن أن يُهدَر هذا؛ لأنه الرب الحكيم، فالله هو الحكيم الخبير، ومن حِكمته -سبحانه وتعالى- أنه يُقيم الساعة، وله الحمد في الآخرة، {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ........}[سبأ:4]، يأخذوا أجرهم، جزائهم أن يأخذوا أجرهم، وقد تكفَّل الله -تبارك وتعالى- لهم بهذا وأخبرهم وبشَّرَهم أن لهم أجر عنده على عملهم الصالح، إذن لابد أن الله -تبارك وتعالى- يُقيم هذا ليأخذوا أجرهم -سبحانه وتعالى-، {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ........}[سبأ:4]، جمع الله -تبارك وتعالى- بين الإيمان والعمل الصالح لأن هذا هو سبب الجزاء؛ هذا ملزوم الجزاء، لا جزاء عنده -سبحانه وتعالى- إلا بالإيمان والعمل الصالح، ولذلك كل الآيات التي جائت في القرآن تُذكِّر بجزاء الله -تبارك وتعالى-؛ يربطه الله -تبارك وتعالى- بالإيمان والعمل الصالح، سبعة وخمسين موضِع في القرآن ذكَرَها الله -تبارك وتعالى- كلها تجعل الثواب الأُخروي إنما هو مُرتبِط بالإيمان والعمل الصالح، {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ........}[سبأ:4]، الصالحات جمع صالحة، والعمل الصالح هو العمل المبرور، المشكور، الذي يُثيب الله -تبارك وتعالى- عليه، الذي أمر الله -تبارك وتعالى- به، كل شُعَب الإيمان داخلة في هذا لأنها عمل صالح، «الإيمان بِضع وستون شعبة، أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان».
فهؤلاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات قال -جل وعلا- {أُوْلَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}، إولئك؛ إشارة تنبيه، الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم مغفرة؛ لذنوبهم، مُسامَحة، ستر لهذه الذنوب، لا يؤاخذهم الله -تبارك وتعالى- بها، خلاص يمحوها عنهم ولا يؤاخذهم الله -عز وجل- بها، مغفرة ورزق كريم؛ في الجنة، كريم؛ نفيس، رزق نفيس في الجنة، رزق من كل ما يتمتعون به؛ من الطعام، والشراب، واللباس، والحور، والقصور، والدور، والخيام، وفنون الفنون من الزخارف، والشغل العظيم بهذه المُتَع، لا عمل لأهل الجنة إلا الإستمتاع بالمُتَع، {إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ}[يس:55]، في شغل بما أعطاهم الله -عز وجل-، {فَاكِهُونَ}، {هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ}[يس:56]، هذا شغلهم الذي يشتغلون به، {هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ}[يس:56]، فلهم مغفرة ورزق كريم؛ رزق نفيس، رزق الجنة التي ذولِّلَت قطوفها تذليلًا، الجنة؛ ثمرة ناضجة مُذلَّلة مُسخَّرة، وكأسٌ مُترَعَة؛ كأسًا دِهاقًا، وحُلَّةٌ فاخرة، ولِباس، ورِياش، ومتاع، رزق كريم لا يفنى ولا يبيد، لا يبلى؛ لا تبلى ثياب أهل الجنة، لا يبلى ثيابهم ولا يفنى شبابهم، فهؤلاء لهم هذا الجزاء من ربهم -سبحانه وتعالى-، يُقيم الله -عز وجل- الآخرة لأجل هذا؛ لأجل أن يجزي {........ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}[سبأ:4].
{وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ}[سبأ:5]، هذه الطائفة الأخرى، {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ}، السعي هو المشي السريع أو الجري؛ اللي هو دون الجري، {سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ}، سعوا في آيات الله -تبارك وتعالى- مُعاجزين الرب -تبارك وتعالى-؛ يُريدون أن يُعجِزوا الله -تبارك وتعالى-، يعني يُريدون أن يصدُّوا الناس عن دين الله -تبارك وتعالى-، أن يُطفِئوا نور الله -تبارك وتعالى- بأفواههم، أن يُجادِلوا في آيات الله -تبارك وتعالى- مُحاولين أن يُضحِدوها، أن يغلبوا الرب -تبارك وتعالى-، يظنون بعقولهم القاصرة وبظنونهم المريضة أنهم يُغالِبون الرب -تبارك وتعالى- وأنهم يغلبونه، فسعوا في آيات الله -تبارك وتعالى- مُعاجِزين، مُعاجِزين؛ يظنوا أنهم يُعجِزوا الرب -تبارك وتعالى-، ويهرَبوا منه، ويُبطِلوا دينه، ويفعلوا ما يفعلوا، كما قال -جل وعلا- فيهم {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}[التوبة:32]، فبصدِّهم عن سبيل الله، بإلقائهم الشُبُهات، هذه الآية {سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ}، تشمل هذا كله، تشمل كل سعي للكافر مُريدًا إبطال دين الله -تبارك وتعالى-، وظانًا أنه سيُعجِز الله -تبارك وتعالى-؛ إما أنه هرب منه فلا يبعثه، ولا يُقيمه بين يديه، ولا يُحاسِبه، أو أنه يُغالِبه وهو في الحياة؛ يُغالِب الرب -تبارك وتعالى- فيفعل ما يفعل في أوليائه، يُكذِّب برسله ويصُد عن دينه.
فهؤلاء الذين سعوا في آيات الله -تبارك وتعالى- مُعاجِزين؛ كيف يتركهم الله؟ كيف يُخلِّيهم الله -تبارك وتعالى-؟ قال {........ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ}[سبأ:5]، فهؤلاء الذين أمضوا حياتهم مُعاندين لأمر الرب -تبارك وتعالى-؛ يسعون كل سعيهم في مُعاندة أمر الرب –تبارك وتعالى-، وفي الظن أنهم يُجِزون الله -تبارك وتعالى-، هؤلاء لا يُترَكون؛ كأن الله -تبارك وتعالى- يقول لا يُترَكون، {........ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ}[سبأ:5]، أعدَّ الله -تبارك وتعالى- لهم عذاب يُقاسونه، من رِجز، نجِس، قذِر، أليم؛ مؤلم، وعذاب الآخرة أفظع عذاب، فإن هؤلاء أهل النار -عياذًا بالله- شرابهم من غِسلين؛ وهو عُصارة أهل النار -عياذًا بالله-، أو شراب من غسَّاق أسود، غسَّاق؛ الغسَق هو الظُلمة، يعني أنه أسود شديد الظُلمة، مُنتِن؛ مُنتِن الرائحة، فهذا العذاب الذي هو من رِجز؛ من نجَس وقذَر، أليم؛ مؤلم، هو مؤلم لأنه نار، كما قال الله -تبارك وتعالى- {يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ} {يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ}[الحج:20] {وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ}[الحج:21]، فهو مؤلم، {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ}، فهذا العذاب اللي هو ممن رِجز اللي هو النار وما جعله الله -تبارك وتعالى- فيه من الأشربة الخبيثة، {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ}[ص:57] {وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ}[ص:58]، وآخر؛ من الأشربة، من شكله؛ من شكل الحميم والغساق أزواج، والحميم؛ الماء الذي قد حُمَّ ووصل حدَّه في الحرارة، وهو ماء ليس كماء الدنيا وإنما كما قال -تبارك وتعالى- {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ}، كالمُهل؛ كالمعدن المُذاب، يشوي الوجوه؛ إذا قُرِّب منها فتشوي وجهه قبل أن تشوي شفتيه وبلعومه وبطنه، {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ}.
فيتوعَّدهم الله -تبارك وتعالى- ويتهدَّدهم ويقول {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ}[سبأ:5]، إذن هنا ذكَرَ الله -تبارك وتعالى- حِكمتين وغايتين لقيام الساعة؛ أنه لابد أن تكون، {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ}، ثم أخبر بأن من هذه الحِكمة أنه {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}[سبأ:4]، لا يمكن الله -تبارك وتعالى- أن يُضيِّع عمل هؤلاء، لابد أن يُقيم الله الساعة ليُعطي جزاء أهل الإيمان، وكذلك هؤلاء المجرمون؛ الذي عاندوا الرب -تبارك وتعالى-، وسعوا في آياته مُعاجِزين، لا يُترَكون بل تُقام الساعة ليأخذوا عذابهم، {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ}[سبأ:5]، حِكمة ثالثة؛ قال -جل وعلا- {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[سبأ:6]، هذي الحِكمة الثالثة؛ أن الله -تبارك وتعالى- يُري الناس كلهم، يرى أهل العلم {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[سبأ:6].
سنعود -إن شاء الله- إلى هذه الآية في الحلقة الآتية، نكتفي اليوم بهذا، استغفر الله لي ولكم من كل ذنب، والحمد لله رب العالمين.