الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 . 22 نوفمبر 2024

الحلقة (526) - سورة سبأ 5-11

{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة:2] {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[الفاتحة:3] {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة:4]، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين؛ سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}[سبأ:3] {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}[سبأ:4] {وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ}[سبأ:5] {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[سبأ:6]، قول الله -تبارك وتعالى- {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ}، هذه ثالث آية في القرآن أمر الله -تبارك وتعالى- فيها أن يُقسِمَ للكفار بأن الساعة آتية، فهنا قول الله {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ}، ردُّ لا تأتينا الساعة؛ هذا تكذيبهم بيوم القيامة وأن الساعة لا تأتي، استبعدوا هذا استبعادًا عظيمًا ورأوا أنهم إنما يعيشون مرة واحدة فقط هي في الحياة؛ هذه الحياة الدنيا، وليس هناك آخرة، قال -جل وعلا- {قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ}، ومثل هذه الآية قول الله -تبارك وتعالى- {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}[التغابن:7]، وكذلك قول الله -تبارك وتعالى- {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ}[يونس:53]، ثلاث آيات في القرآن يأمر الله -تبارك وتعالى- رسوله فيهم أن يُقسِم بالله -تبارك وتعالى- أن الساعة آتيةٌ لا ريب فيها، وأنها حق؛ وأنه لابد أن يكون، وهذا برهان؛ هذا وحده أولًا برهان، برهان صدق المُخبِر؛ أن المُخبِر بالساعة هو الرسول الصادق -صلوات الله والسلام عليه-، ويؤكِّد هذا الخبر بالقسَم بالله -تبارك وتعالى- أن الساعة لابد آتية، ذكَرَ الله -تبارك وتعالى- في هذه الآيات حِكَم ثلاث لقيام الساعة؛ أنها لابد أن تقوم لهذا الأمر، فقال -سبحانه وتعالى- أولًا من الأدلة على هذا، قال {عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ}، فهذا الذي يعلم الغيب كله، ليس هناك في هذا الكون كله غيبٌ على الله؛ ولا ذرَّة صغيرة، فكيف يخفى عليه أجسادكم إذا مِتُم وكنتم ترابًا واختلطتم بالأرض؟ والله -تبارك وتعالى- لا يغيب عن عِلمه مثقال ذرَّة في السماوات ولا في الأرض، فهو القادر على أن يُعيد هذه الذرَّات كل ذرَّة إلى مكانها الصحيح وأن يُعيدكم إلى الحياة مرة ثانية، {........ عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}[سبأ:3]، فهي بعِلم الله وكذلك مُدوَّنة مُسجَّلة، ما في شيء هدَر ولا شيء خلَقه الله -تبارك وتعالى- ويذهب سُدى وعبَث؛ بل كل شيء محسوب، مكتوب.

ثم أخبر الله -تبارك وتعالى- بالحِكمة في قيام الساعة، قال {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}، فإنه في هذه الحياة قد كان مؤمنون عملوا الصالحات؛ من آدم -عليه السلام-، سلسلة الأنبياء وسلسلة أتباع الأنبياء سلسلة طويلة من الذين آمنوا وعملوا الصالحات؛ كيف يضيع عملهم سُدى؟ لو لم تكن هناك ساعة لكان عمل هؤلاء قد ذهب سُدىً وعبثًا، وأنه لا يُثيبهم الله -تبارك وتعالى-، ولكان وعْد الله -تبارك وتعالى- لهم وعْدًا غير صادق، ولم يصدقهم الله -تبارك وتعالى- وعْده؛ بأن يجزيهم في الآخرة، وأن يُدخِلهم جنته، فأخبر -سبحانه وتعالى- أنه لابد أن يُقيم الساعة ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات، أولئك؛ إشارة لهم جميعًا بالبعيد تنويهًا بذَكرهم، {أُوْلَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}، لهم مغفرة؛ لذنوبهم، ورزق كريم؛ عند الله -تبارك وتعالى-، ورزقهم الكريم؛ الجنة، رزقٌ نفيس.

{وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ}[سبأ:5]، هذا الفريق الثاني من البشر؛ وهم الكفار، الذي سعوا؛ اجتهدوا في آيات الله، مُعاجزين؛ يظنون أنهم مُعجِزون الرب -سبحانه وتعالى-، أرادوا أن يُطفِئوا نوره بأفواههم، فعلوا ما فعلوا وصدُّوا عن سبيل الله، قتلوا أنبياء الله -تبارك وتعالى-، آذوا رُسلَه، كيف يُخلِّيهم الله -تبارك وتعالى- ويتركهم؟ قال -جل وعلا- متوَعِدًا لهم {........ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ}[سبأ:5]، رجز؛ نجِس، وعذاب النار كله في غاية النتَن والنجاسة، فنار تشتعل في الأجساد ويسيل ما يسيل منها من دمٍ وصديد فتجري أنهارًا يُسقَونها؛ فهذا غِسلينهم، {وَلا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ}[الحاقة:36] {لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ}[الحاقة:37]، {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ}[ص:57] {وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ}[ص:58]، غسَّاق؛ شراب بالغ النهاية في السواد، لأن الغسَق؛ السواد والنتَن وهذا يأكلونه، والزقُّوم رِجز؛ نجِس، في غاية النجاسة، يقول النبي «يا عباد الله اتَّقوا الله، لو أن قطرة من الزقُّوم قُطِرَت في الدنيا لأفسدت على الناس معايشهم»، لو قطرة واحدة من الزقُّوم؛ الذي هو طعام الليل والنهار لأهل النار، قطرة واحدة من الزقُّوم قُطِرَت على الدنيا لأفسدت على الناس؛ كل الناس، أفسدت حياة الأرض كلها، انظر ما فيها من نَجَس، وما فيها من أذى، وما فيها من دمار للأرض كلها من قطرة واحدة، فكيف هو بمَن هو طعامه وشرابه؟ يعني في كل يوم هذا هو طعامه وشرابه -عياذًا بالله-، {لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ}.

ثم قال -جل وعلا- هذا الأمر الأخر، {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[سبأ:6]، كذلك حتى يُري الله -تبارك وتعالى- الذين أتوا العِلم من عباده؛ عِلم الدين، عِلم اليقين، عِلم هذا الغيب، {الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ}، يروا أن هذا هو الحق، وذلك أن  أهل العِلم كانوا يرون أن هذا هو الحق؛ وأن هذا نازل من الله -تبارك وتعالى-، وقد قامت عندهم البراهين الأكيدة على أن الله -تبارك وتعالى- يُقيم الساعة، البراهين؛ لأن الساعة هي من أثر أسماء الله -تبارك وتعالى- وصفاته، فهو الغفور الرحيم، وهو العزيز العليم -سبحانه وتعالى-، فمن عِزَّته لابد أن يكونه غالبًا، فكيف يغلبه الكفار؟ فيعيشون وقد فعلوا ما فعلوا في هذه الدنيا، ثم يموتون ويفوتونه ويفلتون منه، كيف يكون وهو العزيز -سبحانه وتعالى-؟ كذلك هو الغفور الودود، هو الغني الكريم -سبحانه وتعالى-، هو المُسامِح العظيم، كيف يُخلِّي عباده المؤمنين؟ الذين آمنوا به، وعبدوه، وتحمَّلوا في سبيله ما تحمَّلوه من صنوف الأذى وصنوف البلاء، منهم مَن قُتِلَ وقدَّم نفسه وروحه لله -تبارك وتعالى-، كيف يُخلِّي الله -تبارك وتعالى- هؤلاء؟ ويتركهم ويموتون ولا ثواب لهم عنده؛ ولا أجر لهم عنده، تعالى الله -تبارك وتعالى- عن ذلك، فهؤلاء الذين قاموا بعبادة الرب -تبارك وتعالى- وتحمَّلوا في سبيله ما تحمَّلوا؛ كيف يُخَلُّون؟ فأهل العلم كانوا موقنين بهذه الأدلة اليقينية أن الله -سبحانه وتعالى- لابد أن يُقيم قيامته، لابد أن يُقيم هذه القيامة لتُجزى كل نفسٍ بما تسعى، {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ}[سبأ:6]، أن الذي أُنزِل من الله -تبارك وتعالى- هو الحق، وهو يهدي؛ يوَفِّق إلى طريق الله -تبارك وتعالى-، العزيز؛ الغالب، الذي لا يغلبه أحدٌ -سبحانه وتعالى-، الحميد؛ المحمود بذاته وبكل خلْقه -سبحانه وتعالى-، يحمَدونه؛ كل خلْقه يقومون بحمده حالًا أو مقالًا، فبالحال؛ أن قيام المخلوق إنما هو شاهد على رحمة الله -تبارك وتعالى-، أولًا على حُسن خلقْه، على إبداعه -سبحانه وتعالى-، على رحمته بهذا المخلوق -سبحانه وتعالى-، فإما حالًا حتى الكافر، وإما مقالًا بكل ألسنة الخلْق المؤمن، كما قال -تبارك وتعالى-، {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}، فكل الأشياء مُسبِّحة بحمد الله -تبارك وتعالى-، الحميد؛ الرب المحمود -سبحانه وتعالى-.

ثم بشَّع الله -تبارك وتعالى- مقالة هؤلاء الكفار، وبيَّن وين ضلالهم؛ بعيدين جدًا عن الحق بصورة هائلة جدًا، {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ}[سبأ:7]، انظر الكفار يتندَّرون بالنبي محمد -صلوات الله والسلام عليه-، يقولوا تعالوا؛ يقولوا بعضهم لبعض تعالوا، شوفوا هذا الرجل الذي جاء بأمر مُستقبَح ومُستنكَر أشد الاستنكار؛ وبعيد عن كل عقل وفَهْم حسْب زعمهم، {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ}، يُنادي بعضهم بعض، {........ هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ}[سبأ:7]، عمركم شوفتوا هكذا؟ كأنهم يقولوا عمركم شوفتوا هكذا رجل؛ يعنون النبي محمد -صلوات الله عليه وسلم-، يُنبِّئكم؛ يُخبِركم بهذا الخبر العظيم عنده، أنكم إذا مُزِّقتم كل ممزَّق؛ بعد أن تموتوا، وتُمزَّق أجسامكم كل ممزَّق؛ يعني لا يبقى شيء مع شيء، اللحم والعظم والعصَب وكل شيء قد مُزِّق في الأرض، وأصبح ممزَّق كل ممزَّق؛ من الناس مَن تأكله الطير وتذهب به، ومن الناس مَن تأكله الأسماك وتذهب به في كل ناحية، يقولون هذا الرجل الذي يُنبِّئكم أن إذا مُزِّقتم كل ممزَّق إنكم لفي خلْقٍ جديد، {إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ}، يعني ستكونون وستُخلَقون، سيُجمع هذا الجسم مرة ثانية ويكون في خلْقٍ جديد، مُستعجبين هذا ومُستنكرينه وكأنه فُرجة؛ يقولون تعالوا شوفوا الفُرجة، تعالوا اتفرجوا على هذا الرجل الذي يقول هذا القول؛ الخارج عندهم عن العقل وعن الفَهم.

ثم يقولون {أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا}، هذا الرجل مُفتري، {أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا}، سؤال لبيان استقباح قول النبي -صل الله عليه وسلم- عندهم، {أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا}، يفتري الكذب على الله -تبارك وتعالى-، {أَمْ بِهِ جِنَّةٌ}، أو مجنون؛ يعني هذا يهزي بما لا فقه ولا فهم ولا هو داخل العقل، {أَمْ بِهِ جِنَّةٌ}، جنون، هذي مقالة الكفار؛ انظر استقباحهم هذا الأمر، واستبعادهم له بكل استبعاد، قال -جل وعلا- {........ بَلْ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ}[سبأ:8]، بل؛ إضراب لقولهم هذا، هؤلاء العميان الذي وصل بهم حد ظُلمة القلوب وعدم الفهم إلى هذا الحد، {........ بَلْ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ}[سبأ:8]، إما في العذاب؛ في الآخرة، والله -تبارك وتعالى- جعل العذاب كأنه ظرف لهم؛ وأنهم سيكونون في هذا، كما الله -تبارك وتعالى- يضعهم في النار فتكون النار سجن لهم، {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا}، يُحصَرون فيها، حصير؛ سِجنهم هذه، أو في العذاب؛ في الدنيا والضلال البعيد، أما في الضلال البعيد؛ فهم في الدنيا في ضلال بعيد، لكن في الآخرة سيُبصِرون؛ في الآخرة سيُبصِرون الحق ويعرفون أن الساعة أصبحت حق أمامهم يرونها، {أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ}[الطور:15]، {........ فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ}[ق:22]، ففي الآخرة سيُبصِرون، يعرفون أن الآخرة التي كذَّبوا بها حق، لكنهم في الدنيا في ضلال بعيد، في ضلال بعيد؛ يعني بعيد عن الهُدى وبعيد عن الطريق بُعدًا عظيمًا جدًا، وهم في الدنيا في العذاب كذلك؛ في العذاب لأنهم في حيرة، وشك، وتقَوُّل، يقولون أهذا الرسول مُتَقَوِّل على الله؟ أو هو مجنون؟ هل هذا بالفعل يكون؟ {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ}، فهم في عذاب الشك، وعذاب الإرجاف الذين هم فيه، والقلق الذي ينتابهم، وعدم الاستقرار على حال من هذه الأحوال، وكذلك في العذاب؛ شِقوة الدنيا، فإن الله -تبارك وتعالى- يُشقيهم في هذه الدنيا، ويجعلهم يعملون ويعملون ويكدحون فيها بلا هدف، وبلا غاية، وبلا نتيجة، فهم في الدنيا في حياة ضنك، كما قال -تبارك وتعالى- {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}[طه:124]، قال -تبارك وتعالى- {فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ}[التوبة:55]، فهم في العذاب في شِقوة، وذلك أن كل مَن لم يهتدي إلى الله؛ لم يعرف إلهه وخالقه -سبحانه وتعالى-، وهذه ما أعلمنا الله به؛ من البداية، ومن النهاية، ومن الطريق إليه، ومن الجنة والنار، فهو في ضلال؛ عايش في ضلال، والضلال عذاب؛ والضلال لا شك أنه عذاب، {........ بَلْ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ}[سبأ:8].

قال -جل وعلا- {أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ}[سبأ:9]، {أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ}، يعني ما أمامهم وما ورائهم، {مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ}، ما نظروا في هذا الخلْق العظيم، وأنه خلْقٌ هم لم يخلقوه ولم يوجِدوه، وإنما خلَقه الله الذي خلقَهم -سبحانه وتعالى-، وأن خالق هذا الخلْق -سبحانه وتعالى- قادر على أن يُهلِكهم بأي صورة من صور الهلاك القريب، {أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الأَرْضَ}، لو شاء الله -تبارك وتعالى- أن يخسف بهم الأرض لخسف بهم -سبحانه وتعالى-؛ فهو قادر عليهم، {أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ}، كِسَف؛ قطع، طبقات من السماء، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ}، إن في ذلك؛ قُدرة الرب -تبارك وتعالى- على خلْقه وعلى عباده، وأنهم ليسوا هم الآلهة المُتحكِّمون القادرون في هذه الدنيا، بل هم خلْقٌ محدود القدرات، وأن خلْق الله -تبارك وتعالى-، وإحاطة الله -تبارك وتعالى- بهم، وقدرة الله -تبارك وتعالى- عليهم؛ ظاهرة بيِّنة لكل ذي عقل وذي لُب، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ}، كل عبد؛ اختار العبودية لله -تبارك وتعالى- وأناب إلى الله، مُنيب؛ راجِع إلى الله -تبارك وتعالى-، قد علِمَ أن إلهه هو الأكبر وهو الأقوى -سبحانه وتعالى-، وأن جميع مصائر الخلْق بيده -سبحانه وتعالى-، وأن الذي خلَق هذا الخلْق لا يمكن أن يُخلِّيه، ولا يمكن أن يتركه سدىً وعبثًا، ولا يمكن أن يترك الكافر والمؤمن هكذا؛ الكافر بدون عِقاب والمؤمن بدون ثواب، كيف يكون هذا؟ لا يكون هذا ولا يسير هذا في ميزان الرب -سبحانه وتعالى-، أحكَم الحاكمين -جل وعلا-، الذي خلَق هذا الخلْق؛ لا يمكن أن يكون خلقَه بدون هدف وبدون غاية -سبحانه وتعالى-.

ثم نقل الله -تبارك وتعالى- الحديث إلى عبد -سبحانه وتعالى- من عباده؛ من الذين أنعم الله -تبارك وتعالى- عليهم فعملوا للآخرة، وأنعم الله -تبارك وتعالى- عليهم بهذه النِعَم في الدنيا فأقامها لله -تبارك وتعالى- وعمِلَ للآخرة، قال {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلًا يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ}[سبأ:10]، هذا نموذج من عباد الله -تبارك وتعالى- الصالحين؛ الذين أكرمهم الله -تبارك وتعالى- بنعمة الدنيا ونعمة الآخرة، {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُدَ مِنَّا فَضْلًا}، فضلًا؛ فضل في الدنيا، فضل بالنبوَّة، والرسالة، والتمكين، والحِكمة، والرؤية الحسنة، من هذا الفضل قال -جل وعلا- {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ}، من هذا الفضل صوته الجميل الحَسن؛ الذي يخترف الجبال الصُم فتسمع له، والطير تُسبى عقولها له وتأتي بمجرد ما تسمع صوته، تأتي الطيور لتسمع هذا الصوت الشجي العذب وهو يُرتِل بزبوره المُنزَل من الله -تبارك وتعالى- أناشيده؛ صوته الحَسن، قال -جل وعلا- {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ}، رجِّعي معه، الجبال تُرجِّع معه، والترجيع هو أن تقول كما يقول؛ في نهاية مقطع قوله تُرجِّع الجبال، وليس هو الصدى كما يظنه بعض الناس، قال الجبال جمادات وليست لها إدراكات، وإنما تُرجِّع معه بمعنى الصدى، يعني يجلس على مكان ويكون الجبل في مدى الصوت، فإذا إصطدم الصوت بالجبل ردَّه مرة ثانية؛ فهذا تأويب الجبال معه، الجبال تُأوِّب الصدا لكل شيء؛ من طلقة مدفع، ومن صقفة يد، ومن صرخة، ومن عِواء كلب، وأي صوت يُخرجه أي مصدر للصوت فإن الجبال تُأوِّب هذا الصوت، ليس هذا هو مراد الله -تبارك وتعالى- وكلام الله -تبارك وتعالى- في قول الله {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ}، بل الجبال لها إدراكات، الجمادات لها إداركات؛ تُدرِك، {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ........}[الحشر:21]، وقال {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}، وكان الحصى يُسبِّح في يد النبي -صل الله عليه وسلم-، يسمعون للحصى تسبيحًا في يد النبي -صل الله عليه وسلم-، ويُسبِّح الطعام في يده، وهذا الجِذع الذي كان يخطُب النبي إليه -صلوات الله والسلام عليه- لمَّا تحوَّل النبي إلى منبره وصعد المنبر الجَذع حن؛ وصرخ صراخ كما يصرخ فصيل الناقة لهفةً على أمه، حتى أن النبي نزل من منبره وأتى إلى الجِذع، فضمَّه إلى صدره -صل الله عليه وسلم- وظل يُهدهده كما تُهدهد الأم ابنها حتى سكن، وذلك أن النبي كان يقوم عليه؛ يقوم بجواره ليخطُب خُطبَته -صلوات الله عليه وسلم-، فلمَّا تركه النبي وذهب إلى المنبر -وهو هذا جِذع- حنَّ إلى قيام النبي إلى جواره -صلوات الله والسلام عليه-، فالجمادات كلها لها إدراكات، الجمادات لا شك أن لها إدراكات تُدرِك بها.

وهنا الجبال كانت تسمع صوت داود -عليه السلام- فتهتز طربًا لصوته وتُرجِّع معه. إذا قرأ المقطع بصوته الشجي الجميل فكان الجبل يُرجِّع معه؛ فيُعيد المقالة أو القول الذي قاله داود، والطير كذلك؛ الطيور كانت تأتي، عندما تسمع صوته تتجمع لتسمع قرائته بصوته الشجي بالزبور، وتُرجِّع معه كذلك نفس الكلمات التي يقولها -عليه السلام-، الصوت الحَسن نعمة من الله -تبارك وتعالى-، والصوت الحَسن بالقرآن يُحبه الله -تبارك وتعالى-، كما في الحديث «ما أذِنَ الله -تبارك وتعالى- لشيء كأذَنِه لنبي حَسَن الصوت يتغنى بالقرآن»، محمد -صلوات الله والسلام عليه-، يقول الصحابي "صليت خلف النبي -صل الله عليه وسلم- فقرأ بالتين والزيتون فلم أرى صوتًا أحسن منه"، وكان النبي يُحب من يقرأ القرآن بصوت حسَن، وكان يسمع لقراءة أبي موسى الأشعري -رضي الله تعالى عنه-، كان النبي يخرج أحيانًا ويجلس عند بابه؛ عند باب دار أبي موسى الأشعري، يسمع قرائته بالليل، وكان النبي يقول له في الصباح لقد استمعت إلى قرائتك البارحة، يقول له أنا قعدت أسمع لصوتك وأنت تقرأ، فيقول له يا رسول الله لو علمت أنك تسمع لحبَّرته لك تحبيرًا، يعني حسَّنته غاية التحسين، وكان الأشعريون على كل حال من رفقة أبي موسى؛ كان لهم صوت حسَن بالقرآن، وكان النبي يقول إن لأعلم أين ينزل الأشعريين، إذا نزلوا بالجيش وكان ينزل بعضهم بجوار بعض؛ فكان النبي يعلم مكانهم بقرائتهم للقرآن، بأصواتهم العذبة عندما يقرأون كتاب الله -تبارك وتعالى-، والشاهد أن النبي قال لأبي موسى لقد أوتيت مًزمارًا من مزامير آل داود، قال له أنت أوتيت شُعبة؛ مزمار واحد، وكأن داود -عليه السلام- كان صوته عبارة عن مجموعة كاملة من الأصوات الحسنة في صوته؛ مجموعة كلها في صوته -عليه السلام-، وكان النبي -صل الله عليه وسلم- يأمر بتحسين الصوت، ويقول حسِّنوا القرآن بأصواتكم، ويقول «إن الصوت الحسَن يزيد القرآن حُسنًا»، القرآن حسَن ولكن إذا قُرئ بصوت حسَن يزيد القرآن حُسنًا، ويقول «مَن لم يتغنَّى بالقرآن فليس منَّا».

فهذا أول شيء بالنسبة لداود؛ يذكُر الله -تبارك وتعالى- عبده داود، وأنه منَّ عليه بمِنَن عظيمة وفضائل كثيرة، من هذا صوته الحسَن الذي كان يقرأ به؛ فالجبال الصمَّاء تُردِّد كلامه بعده، وكذلك الطير تسمعه وتأتي من كل مكان حتى تكون كالظُلَّة حوله؛ وتُردِّد معه عند قرائته، منظر مهيب جدًا؛ أن يقوم هذا النبي حسَن الصوت فيقرأ ما في الزبور قراءة خشوع، ويُعطيه الله -تبارك وتعالى- هذا الصوت الرخيم؛ الذي تُجاوبه فيه الجبال والطير، {يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ}، رجِّعي معه الكلام؛ والطير كذلك، ثم قال -جل وعلا- {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ}، هذا أيضًا من فضل الله -تبارك وتعالى- أن ألان له الحديد، يعني كان يصنع صنعة الحديد؛ ويصنعها بيده دون أن يحميه في النار، دون أن يضع الحديد في النار حتى يحمى؛ لأن الحديد لا يلين إلا بعد وضعه في النار حتى يحمَر، ثم بعد ذلك يمكن ثنيه أو تشكيله حسب ما يُريد صانعه، لكن الله -تبارك وتعالى- جعل الحديد لينًا في يد داود دون وضع في النار، قال {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ}.

{أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ}، علَّمه الله -تبارك وتعالى- صناعة الدروع السابغات، {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ}، يعني الدروع السابغة، ومعنى أنها سابغة يعني أنها تُغطي وتستر الجسم، والدرع هي يقي المُحارِب؛ من ضربات السيوف، من طعنات الرِماح، من رمي السِهام، كما قال الله -تبارك وتعالى- {وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ ........}[الأنبياء:80]، وعلَّمناه؛ أي الرب -جل وعلا-، وعلَّمناه؛ علَّمنا داود، صنعة لَبوس لكم؛ صنعة وهي لَبوس، اللَّبوس؛ الذي يُلبَس، {لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ}، تُحصِنَكم؛ أي لتحميكم من بأسكم في الحرب، {أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ}، يعني علَّمه الله -تبارك وتعالى- أن يُقدِّر تقدير، التقدير اللي هو الخلْق المُحكَم ووضع الشيء بمقدار، في السَّرد؛ في هذه الحلقات التي يصنع منها الزرَد، الحلقات الزرَد التي يصنع منها الدرع، {........ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}[سبأ:11]، هذا كذلك من فضل الله وإنعامه -سبحانه وتعالى-؛ أن هداه للعمل الصالح، أمره الله -تبارك وتعالى- بأن يعمل صالحًا، واعملوا صالحًا؛ أي من الأعمال، {إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}، وهذا فيه أمر بالإجادة، لأن الله إذا كان بصيرًا -سبحانه وتعالى- فيجب على العبد أن يُجيد عمله؛ لأن الله مُبصِر له -سبحانه وتعالى-، وكذلك وعْد بالثواب {إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}، لا تخَف يا أيها العامل لعملك الطيب؛ فالله -تبارك وتعالى- بصير به فيأجُرك عليه، {إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.

هذا ذِكر فضل الله -تبارك وتعالى- على عبده داود؛ الذي آتاه الله -تبارك وتعالى- هذا الفضل، ويأتي هذا بعد هذه الظُلمة من الكفار المُعاندين؛ الذي قالوا لا تأتينا الساعة، انظر نقلة بين ظُلمة الكافر وظلامه وإنكاره للبعث، وبين هذا الهُدى الربَّاني؛ الذي هدى الله -تبارك وتعالى- مَن شاء من عباده، هذه صورة من صور الهُدى؛ داود -عليه السلام- الذي أكرمه الله -تبارك وتعالى- بهذا، حتى إن مما أكرمه الله -تبارك وتعالى- أن الجبال الصمَّاء تُردِّد أقواله، وأقواله في ماذا؟ في الحِكمة، وفي الهُدى، وفي النور، وفي الإيمان بيوم القيامة، وما في النار مما توعَّد به الكفار، الجبال تُردِّده والطير تُردِّده والكافر أعمى، الكافر أعمى؛ يُقسِم بأنه لا تأتيه الساعة.

ثم قال الله -تبارك وتعالى- بعد ذلك {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ}[سبأ:12]، بعد أن ذكَرَ الله عبده داود ذكَرَ ابنه سليمان؛ وذكَرَ ما فضَّله الله -تبارك وتعالى- به، وهذا نعود إليه -إن شاء الله- في الحلقة الآتية، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد.