الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده والرسول الأمين؛ سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهديه وعمل بسنته إلى يوم الدين.
وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}[فاطر:15] {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ}[فاطر:16] {وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ}[فاطر:17] {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}[فاطر:18] {وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ}[فاطر:19] {وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ}[فاطر:20] {وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ}[فاطر:21] {وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلا الأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ}[فاطر:22] {إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ}[فاطر:23]، هذه موعظة عظيمة ونداء عظيم من الله -تبارك وتعالى- إلى الناس ليعلمون حقيقة الأمر، يقول -جل وعلا- {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ........}[فاطر:15]، نداء من الله -تبارك وتعالى- إلى الناس جميعًا في هذا القرآن المُنزَل من عنده -سبحانه وتعالى- رسالة للعالمين، مُنزَل على قلب النبي -صلوات الله والسلام عليه- ليخبر به وليُنذِر به كل الأمم؛ كل الناس، يا أيها الناس؛ العالمين، {أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ}، هذا تعليم من الله -تبارك وتعالى- للإنسان بحقيقة خلْقِه وحقيقة أمره، {أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ}، الفقير اللي هو المحتاج، وإحتياج البشر جميعًا إلى ربهم -سبحانه وتعالى- إحتياج جِبلِّي خَلقي؛ مخلوق هكذا، وذلك أنه مُفتقِر في خَلْقِه ووجوده إلى الله؛ فالله هو خالقه، ومُفتقِر في رزقه وحياته إلى الله -تبارك وتعالى-؛ فالله هو الذي يرزقه، والإنسان لا يستطيع أن يرزق نفسه بشيء، ومُفتقِر إلى كل هذه النِعَم الذي أحاطه الله -تبارك وتعالى- بها وأسبغها عليه -سبحانه وتعالى- إفتقار جِبلِّي، والله -تبارك وتعالى- هو فاعل كل هذا، فالشمس التي بها حياة مَن على هذه الأرض شمس الله -تبارك وتعالى-؛ وهو مُنشئها، وهو خالقها، وهو الذي يُجريها في أماكنها، والقمر، والليل، والنهار، وكل ما هو مما زخره الله وخَلَقه الله -تبارك وتعالى- وبنى عليه السماوات والأرض؛ مما لابد منه، ولو اختل شيء قليل منه لاختلت حياة الإنسان، فالإنسان مُفتقِر في وجوده إلى الله وبقائه إفتقار جِبلِّي خَلقي إلى خالقه وإلهه ومولاه -سبحانه وتعالى-، وكذلك في حقيقة كيانه؛ فكيان هذا الإنسان على هذا النحو القائم الله -تبارك وتعالى- هو الذي يُنظِّمه، وهو الذي يُقيمه، مَن يُنظِّم لك ضربات قلبك؟ مَن يخلق لك هذا الخلْق؟ مَن يُنيمك؟ مَن يُحييك؟ مَن يُنظِّم لك كل دقيقة من خلاياك؟ ولو اختل شيء قليل من هذا في داخل الخلية لَمَا كان لك أن تعيش، مَن الذي جهَّز لك جهاز مناعة كامل في جسدك؟ تقاوم به الأمراض والعواد التي تعدوا عليك مما تعلمها ومما لا تعلمها، أنت أيها الإنسان في كل دقائق لا وجود لك ولا بقاء لك إلا بخالقك وإلهك ومولاك -سبحانه وتعالى-.
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ ........}[فاطر:15]، في كل لحظة وثانية من لحظات حياتكم؛ لا بقاء لكم إلا به، ولا وجود لكم إلا به -سبحانه وتعالى-، {وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}، الإنسان بالنسبة لله -تبارك وتعالى- لا شيء؛ وجوده وعدمه بالنسبة لله -تبارك وتعالى- سواء، فالله هو القائم بنفسه؛ المُقيم لغيره -سبحانه وتعالى-، والعباد لا ينفعونه بشيء، العباد لا ينفعوا الله -تبارك وتعالى- وكذلك لا يضروه، كما في الحديث القدسي «يا عبادي لن تبلغوا نفعي فتنفعوني، ولن تبلغوا ضُرِّي فتضُروني»، فالعباد فقراء إلى الله -تبارك وتعالى-، والله ليس فقيرًا إليهم -سبحانه وتعالى-، بل ولا هو فقيرًا إلى شيء من مخلوقاته -سبحانه وتعالى-، هو الغني عن كل ما سواه، كل ما سوى الله -تبارك وتعالى- مُفتقِر إليه؛ عرش الله، كرسيه، سماواته، أرضه، ملائكته، جنه، إنسه، كل مخلوقاته تحتاج إليه وهو -سبحانه وتعالى- مُستغنٍ عن الجميع، فالله هو الغني -سبحانه وتعالى- بذاته؛ القائم بذاته -سبحانه وتعالى-، لا يحتاج إلى غيره، وكل مخلوق هو فقير فقر جِبلِّي إلى الله -تبارك وتعالى-، وبالخصوص هؤلاء الناس المُخاطبين بهذا يجب أن يعلموا أنهم مُفتقِرون إلى الله -تبارك وتعالى- إفتقار أصلي جِبلِّي؛ في أصل جِبلَّتهم وأصل خلْقِهم، وأن وجودهم أو عدمهم بالنسبة إلى الرب -تبارك وتعالى- لا شيء، {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا}[الإنسان:1]، جاء على الإنسان؛ الإنسان مخلوق طارئ، مخلوق طارئ جاء على هذه الأرض لم يكن قد سبقه دهور ودهور، ولم يكن شيئًا مذكورًا على سطح هذه الأرض، ثم خَلَقه الله -تبارك وتعالى- في السماء وأنزله إلى هذه الأرض وأسكنه -سبحانه وتعالى-، وهو قادر أن يُذهِيه وأن يُزيله في الوقت الذي يشاء -سبحانه وتعالى-، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ ........}[فاطر:15]، بنفسه، الذي لا يحتاج إلى غيره -سبحانه وتعالى-، الحميد؛ المحمود -سبحانه وتعالى-، المحمود بذاته؛ لا يحمَد الله -تبارك وتعالى- حمْد حقيقي إلا الله -تبارك وتعالى-، لأنه لا يعلم الله على الحقيقة إلا الله، ولا يُحصي أحدًا من خَلقِه ثناءً عليه كما أثنى على نفسه –سبحانه وتعالى-، فالله هو المحمود كذلك بذاته -سبحانه وتعالى-، نعم يحمَده الحامِدون بلسان المقال، ممَن خَلَقَهم الله -تبارك وتعالى- ووفقهم إلى معرفته وطاعته؛ كملائكته وكالمؤمنين يحمَدونه، وكذلك كهذا الخلْق الذي بلسان المقال وبلسان الحال يُسبِّح بحمد الله -تبارك وتعالى-، كما قال -جل وعلا- {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ}، فهو الرب الحميد -سبحانه وتعالى-؛ المحمود.
{إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ}[فاطر:16]، يعني يا أيها الناس إن شاء الله -تبارك وتعالى- أن يُذهِبكم؛ ويُزيلكم من ظهر هذه الأرض، ويأتي بخلْق جديد فعل هذا؛ وليس بمُستعصٍ على الله، ولا بمستعظم عليه، وأنتم لا تضروه شيئًا، فإذا أذهَبَكم لا تضرونه شيئًا -سبحانه وتعالى-، إن يشأ يُذهِبكم؛ من الوجود، ويأتي بخلْق جديد؛ يخلفكم، يخلُق ما يشاء كما يشاء -سبحانه وتعالى-، فالله له القدرة وله العظمة –سبحانه وتعالى-، يخلْق ما يشاء مما يشاء كما يشاء -سبحانه وتعالى-، {وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ}[فاطر:17]، وما ذلك؛ إذهابكم وإتيان بخلْق جديد، على الله -سبحانه وتعالى- بعزيز؛ يعني بممتَنِع، يعني لا يمتنع على الله -تبارك وتعالى- شيء من هذا؛ ويعزُّ عليه، ويمتنع عليه، ويغلبه -سبحانه وتعالى-، لا يُغلِب الله أن يأتي وأن يُنشئ خلْقًا مما يشاء -سبحانه وتعالى- كيفما يشاء.
ثم بيَّن الله -تبارك وتعالى- سُنَّته –سبحانه وتعالى- في الثواب والعقاب بالنسبة لهذا البشر الذي خَلَقه الله -تبارك وتعالى-؛ وهو فقير ومُحتاج إليه، قال {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، اعلموا هذا، لا تزر وازرة؛ يعني تحمل ذنب مُذنِبة ذنب نفس أخرى، لا يُحمِّل الله -تبارك وتعالى- ذنب أحد على غيره، بل كل نفس ستحمل ذنبها بنفسها، الذنب الذي أذنبته تحمله، {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}، ذنب نفس أخرى، {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ}، وإن تدعُ مُثقَلة؛ يعني نفس مُثقَلة بالذنوب، أي نفس من بني البشر تحمَّل بذنوب عظيمة يدعوا غيرها ليحمل عنه شيء؛ يدعوا أباه، يدعوا أمه، يدعوا إخوانه، يدعوا أنصاره، يدعوا أولاده؛ يقول يا أولادي أي أبٌ كنت لكم؟ احملوا عني شيئًا من ذنوبي؛ ما في، {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى}، يعني ولو كان هذا المدعوا إلى أن يحمل شيئًا من الذنوب عن غيره فإنه لا يحمل، أولًا يوم القيامة كل إنسان يكفيه همُّه؛ ولا يمكن أن يُطيع لأخر، {وَلا يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيمًا}[المعارج:10]، أن يذهب ليحمل ذنب الأخرين مهما كانوا أقرباء له، {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى}، هذه صورة هائلة جدًا من صور الوعظ؛ يعِظ الله -تبارك وتعالى- بها عباده، فأولًا بيَّن لهم -سبحانه وتعالى- أنه غني عنهم، وأنهم ليسوا عندهم بأمر عظيم جدًا؛ يستطيع -سبحانه وتعالى- أن يُزيلهم ويأتي بخلْق جديد، ولكن الله -تبارك وتعالى- لمَّا خلَقَهم جعلهم خلاص؛ هذا مخلوق مُكلَّف، الإنسان مخلوق مُكلَّف، وأنه إذا حَمَلَ ذنب فإنه خلاص؛ يركبه، وأنه لن يُحمِّل الله -تبارك وتعالى- ذنوب أحد إلى أحدًا أخر، بل كل إنسان سيحمل ذنبه، {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ}، أي نفس مُثقَلة بالذنوب تدعوا قريبًا لها أو صديقًا لها أن يحمل عنها شيء من حِملها لا يُحمَل منه شيء، {وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى}.
ثم بيَّن -سبحانه وتعالى- أن هذه الموعظة العظيمة لا يستفيد بها إلا هؤلاء الناس؛ أهل الإيمان والصلاح، قال {إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالغَيْبِ}، يعني اعلم مع وضوح هذه المواعظ العظيمة لكن لا تنفع ولا تؤتي ثمارها إلا للذين يخشون ربهم بالغيب هنا، والرب غائب عنهم -سبحانه وتعالى- لأن الرب -سبحانه وتعالى- لا يقع تحت الحِس، {لا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ ........}[الأنعام:103]، وإنما يؤمَن به بالخبر الذي أخبره؛ وبالآيات التي أقامها -سبحانه وتعالى-؛ فالله بالغيب، {إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالغَيْبِ}، إنما تُنذِر؛ وهذا حصر نذارة النبي -صل الله عليه وسلم- إنما هي للذين يخشون ربهم بالغيب، يعني والرب لا يرونه -سبحانه وتعالى- وإنما يؤمنون به ولم يرونه، فهؤلاء الذين آمنوا وخشوا ربهم -سبحانه وتعالى- والأمر بالنسبة إليهم غيب مازال، ولكنهم يؤمنون بالغيب؛ يؤمنون بعذاب الله -تبارك وتعالى-، يؤمنون بيوم الحساب، يؤمنون بجنته، يؤمنون بناره فيخافوا من هذه النار وهم لم يرونها بعد، ما رأوا النار هذه ولكنهم خائفين منها لأنهم يؤمنون بها وأنها واقع، {إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ}، أقاموا الصلاة لله -تبارك وتعالى-؛ فهؤلاء أهل الصلاة، أهل الإيمان وأهل الصلاة الذين يخافون الله -تبارك وتعالى- هم الذين تنفعهم النذارة، يعلمون أن هذا الأمر والتحذير أمر حقيقي وليس لعبًا؛ ليس لعب، ولا تهويش، ولا كذب، بل يعلمون أن هذا أمر حقيقي، وأن في نار في نار، وأن في حساب في حساب، وأن قائمون بين يدي ربهم -سبحانه وتعالى- يوم يُحاسِبهم... نعم، فلذلك هم خائفون؛ خائفون من ذلك اليوم، وكذلك مُقيمون للصلاة خوفًا من الله -تبارك وتعالى-؛ وطاعة لربهم، وحمْدًا له وشُكرًا -سبحانه وتعالى-.
ثم قال -جل وعلا- {وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ}، مَن تزكَّى من البشر؛ تَطهَّر، فالدين زكاة، الدين طهارة للقلب وطهارة للنفس، وطهارة بكل معاني الطهارة، أخلاق طاهرة؛ أن الله -تبارك وتعالى- أنزَل شِرعة ومِنهاجًا مِلئها الطهارة، والحِكمة، ودين يُطهِّر النفس، أولًا طهارة بالإيمان؛ لأن الإيمان طهارة والكفر نجاسة، فالإيمان تصديق بالحق وإقرار به، الله حق، والجنة حق، والنار حق، وغيب الله -تبارك وتعالى- حق، المُصدِّق بهذا صدَّق بالحق، حق الله -تبارك وتعالى- على العباد أن يعبدوه هذا حق لأنه يستحق هذا، الرب -سبحانه وتعالى- يستحق أن يُعبَد -سبحانه وتعالى-؛ فهو رب العباد، وخالقهم، ورازقهم، والذي بيده أمرهم كله -سبحانه وتعالى-، كل أمر العباد بيده فهو الذي يستحق العبادة؛ فهذا حق، هذا تزكية، هذا زكاة، لأن هذا من شُكر المُنعِم ومن التصديق بالصدق، كل هذه فضيلة، الشرك نجاسة لأنه قائم على الكذب؛ وقائم على الظن والبُهتان، فالذي يقول أن لله ولد، أو هناك شريك مع الله، أو يدعوا غير الله، أو اتخذ له إله مع الله، أولًا كذَّاب؛ ما في إله مع الله -تبارك وتعالى-، مفتري؛ نسي الإله الذي خلَقَه، ورزقه، وعبَدَه، وأشرك به، وجحده، وكذَّب بموعوده، فهذا نجِس، فالشرك نجاسة، وكذلك كل مَن شرَّع لنفسه وشرَّع بهواه لابد أن يصُد عن طريق الحق؛ ما ممكن يهتدي إلى الحق، فيجعل ما جعله الله -تبارك وتعالى- نجاسة وقذارة؛ يجعلها من حقوقه، وأنها من نفعه، ويسير في هوى نفسه، ترك شِرعة الرب -تبارك وتعالى- وطهارته، فالدين طهارة.
الله يقول {وَمَنْ تَزَكَّى}، أي بهذا الدين وسار عليه، {فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ}، يعني زكاته لنفسه، لأن أثر هذا ونتيجة هذا له وليس لله -سبحانه وتعالى-، لأن الله -تبارك وتعالى- لا ينتفع بطاعة الطائعين، كما في الحديث القدسي؛ حديث البراء ابن عازب، الحديث الإلهي، أن الله -تبارك وتعالى- قال «يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضُري فتضُروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في مُلكي شيئًا، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من مُلكي شيئًا، يا عبادي إنما كلكم عارٍ إلا مَن كسوته؛ فاستكسوني أكسكم، يا عبادي كلكم جائع إلا مَن أطعمته؛ فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم ضال إلا مَن هديته؛ فاستهدوني أهدكم، يا عبادي إنما هي أعمالكم أُوفيها لكم؛ فمَن وجَدَ خيرًا فليحمَد الله، ومَن وجَدَ غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه»، فالذي يتزكَّى يتزكَّى لنفسه، إذا تزكَّى وتطهَّر بالإيمان والعمل الصالح؛ والتخلُّق بالأخلاق الطيبة التي هي زكاة النفوس التي أنزَلها الله، «إنما بُعِثت لأُتمم صالح الأخلاق»، فهذا يتزكَّى لنفسه لأن زكاته لنفسه، كل فعل من أفعال الخير يفعله سيُحصِّل ثوابه وأجره عند الله -تبارك وتعالى-، الدين في ذاته قيمة؛ قيمة في الدنيا، فالصدق في ذاته قيمة؛ يأخذه كل ذي عقل ولُب ولو لم يكن عليه ثوابٌ في الآخرة، كما أن الكذب رذيلة وأمر من الرذائل، وإن لم يكن فيه عقوبة في الآخرة فهو دنس، وكل عاقل لو يعقِل بإنه يختار الصدق ويترك الكذب، وهكذا كل سائر الأخلاق الطيبة هي قيمة في نفسها، فكيف وقد جعل الله -تبارك وتعالى- هذا الأمر القيِّم، الطيب، النظيف في هذه الدنيا له ثوابه في الآخرة، وأن كل مَن ترك الخنى، والخبث، والقذارة، والدنَس من هذه المعاصي له أجر عظيم بهذا عند الله -تبارك وتعالى-، يترك القذارة ويكون له بهذا أجر عند الله -سبحانه وتعالى-؛ هذا أمر عظيم جدًا، فلنفسك أيها الإنسان؛ لنفسك تزكَّيت.
{وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}، إلى الله لا إلى غيره، ما قال والمصير إلى الله...لا؛ قال إلى الله المصير، والتقديم هنا ما يُسمَّى بتقديم المعمول على العامل هذا دليل على الحصر، مصير العباد إلى الله -تبارك وتعالى-؛ إليه وحده، فكل العباد سيكون مصيرهم إلى الله -تبارك وتعالى- ليُحاسِب الجميع -سبحانه وتعالى-، إلى الله لا إلى غيره -سبحانه وتعالى- مصير العباد، وهذا أعظ الوعظ؛ أن مآلك يا أيها العبد إلى الله، ما تقدِر تروح يمين ولا شِمال ولا تفِر، {كَلَّا لا وَزَرَ}[القيامة:11] {إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ}[القيامة:12]، {كَلَّا لا وَزَرَ}[القيامة:11]، ما في ملجأ؛ في غار، في جبل، {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ}[القيامة:7] {وَخَسَفَ الْقَمَرُ}[القيامة:8] {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ}[القيامة:9] {يَقُولُ الإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ}[القيامة:10] {كَلَّا}، ما في مفر، {........ لا وَزَرَ}[القيامة:11] {إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ}[القيامة:12]، مصير العباد كلهم وجمع العباد إلى الله -سبحانه وتعالى- لا إلى غيره؛ ليُحاسِب الجميع، وهو الذي يُحاسِبهم -سبحانه وتعالى- وليس غيره، ولا يتولَّى حساب الناس غير الله -تبارك وتعالى-، فلا يوكِل الله -تبارك وتعالى- ملائكة ولا غيرهم بحساب أحد من خلْقِه، بل سيُحاسِبه ربه -سبحانه وتعالى-، «ما منكم إلا وسيُكلِّمه ربه ليس بينه وبينه حاجِب أو ترجمان يحجبه دونه، فيقول له ألم يأتِك رسولي فبلَّغَك؟ وآتيتك مالًا وأفضلت عليك؛ فما قدَّمت لنفسك؟ فلينظرنَّ أيمن منه فلا يرى شيئًا، ولينظرنَّ أشأم منه فلا يرى شيئًا، ولينظرنَّ تِلقاء وجهه فلا يرى إلا النار، فاتَّقوا النار ولو بشِق تمرة»، اجعل وقاية بينك وبين عذاب الله والنار ولو بشِق تمرة، اعمل شيء لتقي نفسك عذاب الله -تبارك وتعالى-، {وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}.
ثم بيَّن الله -تبارك وتعالى- بأن هذا المصير النهائي ما يستوي في الأمر بتاتًا؛ حتى الأمور المُتفاوتة في الدنيا ما تستوي، قال -جل وعلا- {وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ}[فاطر:19]، الكافر أعمى والمؤمن بصير، الكافر أعمى لأنه لم يرَ ربه؛ لم يرَ طريقه، لم يرَ الجنة، لم يرَ النار، فعمي عن الحق؛ فأعمى، والمؤمن بصير؛ رأى أن هذا دين الله -تبارك وتعالى-، آمن بالله -تبارك وتعالى-، رأى أن هناك جنة، ورأى أن هناك نار، ورأى وأبصَر الطريق، {وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ}[فاطر:19]، المؤمن والكافر؛ الكافر أعمى والمؤمن بصير، {وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ}[فاطر:20]، الظلمات؛ التي يعيش فيها الكافر، والنور؛ الذي يعيش فيها المؤمن، فالكافر يعيش في الظلمات، كما وصَف الله عمل الكافر فقال {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ}[النور:40]، فالكافر في الظلمات والمؤمن في النور، {اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ}، إلى أن قال -تبارك وتعالى- {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ}[النور:36] {رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ}[النور:37]، فهذا الذي أقام الصلاة؛ وآتى الزكاة، وخشي هذا اليوم الذي سوف يأتي؛ يوم حقيقي قادم، تتقلَّب فيه القلوب والأبصار، يبقى هذا عايش في النور؛ عرف اليوم، وعرف الآخرة، وعرف الجنة، وعرف النار، هذا يعيش في النور، وأما مَن لم يعرف هذا وكانت حوالة بينه وبين هذا؛ عايش في الظلام، {وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ}[فاطر:19] {وَلا الظُّلُمَاتُ وَلا النُّورُ}[فاطر:20] {وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ}[فاطر:21]، الظِل؛ الذي فيه أهل الجنة، أهل الجنة يكونوا في الظِلال، والحَرور؛ ما فيه أهل النار -عياذًا بالله-، والظِل والحَرور معلوم في الدنيا، لكن شتَّان بين ذاك الظِل وذاك الحَرور، قال الله -تبارك وتعالى- في أهل الجنة {وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا}، ظِل يقول فيه النبي -صل الله عليه وسلم- «إن في الجنة لشجرة يسير تحتها الجواد المُضمَّر السريع مائة عام لا يقطعها»، يعني قدِّر هذه الأرض التي نعيش عليها؛ تُغطِّي قدْر هذه الأرض التي نعيش عليها مئات المرات، شجرة واحدة فهذا الظِل الظليل، {........ الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ}[فاطر:21]، الحَرور؛ النار -عياذًا بالله-، {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ}[المؤمنون:104]، فهذا لا يستوي؛ لا يستوي يوم القيامة الظِل الذي هو ظِل أهل الجنة، والحَرور؛ حَرور أهل النار -عياذًا بالله-.
{وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلا الأَمْوَاتُ}، لا يستوون، الأحياء؛ أهل الإيمان، حي بالدين، والأموات؛ الكافر، الكافر ميت لأنه لا يستفيد بأي شيء من حواسه؛ قلبه لا يفقه، عينه لا تُبصِر، أُذُنه ولا تسمع، {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}[الأعراف:179]، فالكافر ميت لأنه لا يستفيد بهذه النِعَم؛ بهذه الحواس، بهذه القدرات التي أعطاه الله -تبارك وتعالى- إياها؛ القدرة على الفَهْم، القدرة على السمْع، القدرة على البصر، ما بيستفيد فيها؛ فميت، والمؤمن حي لأنه يستفيد بهذا؛ أبصَر بعينه، وسمِعَ بأُذُنه، وفَقِهَ ووعى بقلبه، فحيا بهذا؛ حيا بالله -تبارك وتعالى-، {وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلا الأَمْوَاتُ}، المؤمنون أحياء والكفار أموات، {........ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ}[فاطر:22] {إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ}[فاطر:23]، {إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ}، هذا الوحي يجعله يسمعه، فالكافر يسمع لكن ليس سمعْه بسمْع؛ فكأنه لا يسمع، {إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ}، هؤلاء أهل الإيمان؛ الذين سمِعوا عن الله -تبارك وتعالى-، واستفادوا بسمعهم هذا، {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ}، خطاب للنبي -صل الله عليه وسلم- بأنه لن يُسمِع الكفار؛ لأن حالهم كمَن في القبر، فحال مَن في القبر لو ناديته مهما ناديته لأنه ميت؛ ما إطَّلَعَ حواسه فإنه لا يسمع، فكذلك هذا الكافر لا يسمع، {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ}[البقرة:171]، فهم في صمم، بُكم؛ لا يتكلمون، عُمي، وهم لا يعقلون، فهذا قول الله –تبارك وتعالى- للنبي إنك لا تُسمِعهم، كقول الله –تبارك وتعالى- {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ........}[القصص:56]، فلا يستطيع النبي -صل الله عليه وسلم-؛ ليس بقدرته وإنما هذا بفعل الله -عز وجل-، ليس بقدرته أن يفتح هذه الآذان الصُم ليُسمِعها كلام الله -تبارك وتعالى-، ومعنى ليُسمِعها؛ ليُسمِعها سمْع فَهْم، وسمْع فِقه، وسمْع استفادة، أما أنه بصوت النبي يقرع أسماعهم ويعلمون ما يقول... نعم، الكفار يسمعون كلام الله -تبارك وتعالى-، ولكنه سمْع لا يُفيد في النهاية لبقائهم على الكفر والعناد، {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} {إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ}[فاطر:23]، أنت مُنذِر لهم؛ مُخوِّف لهم، تُسمِعهم نِذارة الله -تبارك وتعالى-، ويعلم الله -عز وجل- بأنهم لم يستفيدوا بهذه النِذارة، والكافر ما يستفيد بهذه النِذارة، {إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ}[فاطر:23].
{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلا فِيهَا نَذِيرٌ}[فاطر:24]، إنَّا؛ الله -سبحانه وتعالى-، أرسلناك؛ يا محمد -صلوات الله والسلام عليه-، فالله هو الذي أرسَله -سبحانه وتعالى-؛ هو الذي اختاره من بين الخلْق، وهو الذي أنزَل له هذا الكتاب، وهو الذي أرسَله -سبحانه وتعالى-، {أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ}، بالحق النازِل من الله -تبارك وتعالى-؛ هذا القرآن، وهذا الدين، وهذا الوحي حق، والحق هو الثابت المُستقِر، والباطل هو الزائل المُضمحِل؛ المبني على الظنون والأكاذيب، {بَشِيرًا وَنَذِيرًا}، حال كونك بشيرًا لأهل الإيمان، البِشارة؛ الإخبار بما يسُر، أن تُخبِر أهل الإيمان بما يسُرَّهم من نعمة الله -تبارك وتعالى- وفضله في الدنيا والآخرة، ونذيرًا؛ مُخوِّفًا، تُخوِّف أهل الكفر والعناد وتُنذِرهم عقوبة الله -تبارك وتعالى-، ونذير للناس كلهم؛ تُخوِّفهم آثار البُعد عن طريق الرب -تبارك وتعالى-، {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلا فِيهَا نَذِيرٌ}، يعني شأنك كشأن إخوانك من الرُسُل، فإن الله -تبارك وتعالى- لم يترك أمة من الأمم السابقة إلا وأرسَل لها مَن يُنذِرها؛ أرسَل لها نبي يقوم فيها، رسول يقوم فيها، ليُنذِرهم وليُخوِّفهم عقوبة الله -تبارك وتعالى-، {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلا فِيهَا نَذِيرٌ}.
ثم قال -تبارك وتعالى- {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ}[فاطر:25] {ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ}[فاطر:26]، عَودًا -إن شاء الله- إلى هذه الآيات في الحلقة الآتية، استغفر الله لي ولكم من كل ذنب، وصل الله وسلم على عبده ورسوله محمد.