الجمعة 29 ربيع الآخر 1446 . 1 نوفمبر 2024

الحلقة (536) - سورة فاطر 25-31

{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[الفاتحة:2] {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[الفاتحة:3] {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة:4]، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين؛ سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلا فِيهَا نَذِيرٌ}[فاطر:24] {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ}[فاطر:25] {ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ}[فاطر:26] {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ}[فاطر:27] {وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ}[فاطر:28]، يخبر -سبحانه وتعالى- أنه هو -جل وعلا- هو الذي أرسل عبده ورسوله محمدًا -صل الله عليه وسلم-، {بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا}، إنَّا؛ الرب -جل وعلا-، أرسلناك؛ يا محمد، بالحق؛ الثابت من عنده -سبحانه وتعالى-، هذا الدين القويم، العلم بالله -تبارك وتعالى-؛ وملائكته، وغيبه، وشِرعته، ومِنهاجه، وكل هذا حق ثابت؛ لا شُبهة فيه، ولا باطل فيه، {بَشِيرًا وَنَذِيرًا}، حال كون النبي -صل الله عليه وسلم- مُبشِّر؛ يحمل البِشارة من الله –تبارك وتعالى- إلى أهل الإيمان، بكل أنواع البِشارات لهم في الدنيا وفي الآخرة، ونذيرًا إلى العالمين؛ يخوِّفهم عقوبة الرب -تبارك وتعالى-، ثم قال -جل وعلا- {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلا فِيهَا نَذِيرٌ}، فما من أمة من الأمم السابقة إلا وقد أرسل الله -تبارك وتعالى- نذيرًا؛ رسولًا لهم، يُنذِرهم ويُخوِّفهم عقوبة الله -تبارك وتعالى-، فشأن النبي كشأن إخوانه من الرُسُل والأنبياء الذين سبقوه.

{وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ}، هؤلاء المشركون، {فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}، ليسوا بِدعًا في الأمم؛ فهناك أمم كذلك قد كذَّبت رُسلها، {فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ}، الدلائل الواضحات على صدقهم، كل رسول أعطاه الله -تبارك وتعالى- ما على مثله آمن البشر؛ آية من عنده -سبحانه وتعالى- تؤيِّده، ومُعجِزة قاهرة حتى يعلم الناس أن هذا رسول الله حقًا وصِدقًا؛ وأن دعواه في الرسالة حق، {وَبِالزُّبُرِ}، الكتب المزبورة؛ المكتوبة، الزَبْر هو الكتابة، يعني بكتابة من عند الله -تبارك وتعالى-، بمكاتيب من الله؛ كصحف إبراهيم، وتوراة موسى -عليه السلام-، وإنجيل عيسى، وزَبور داود، {وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ}، بالكتاب المُبيِّن؛ الواضح، المُنير؛ الظاهر، المُضاء من الله -تبارك وتعالى-، الذي فيه الأدلة والبيان والنور الساطع؛ الذي يكشف الله -تبارك وتعالى- به الحق والباطل، فكتبهم فرقان؛ يُفرِّق الله -تبارك وتعالى- به بين الحق والباطل، يهدي إلى طريق الرب -تبارك وتعالى-، ومع هذا كذَّب هؤلاء الأقوام؛ كذَّبوا رُسلهم على هذا، قال -جل وعلا- {ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ}[فاطر:26]، يعني أنهم لا عُذر لهم عند الله -تبارك وتعالى-، فقد جائتهم رسلهم؛ بالبينات، وبالزبر، وبالكتاب المنير؛ البيِّن، الواضح، لا عُذر لهم إذن ما في إلا إهلاكهم، {ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا ........}[فاطر:26]، أي بالهلاك أخذهم الله -تبارك وتعالى-، {فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ}، سؤال للتقرير؛ حتى يقول كل ذي عقل وبصيرة والله قد كان شديدًا، والله لقد كان إنكار الله -تبارك وتعالى- عليهم إنكارًا شديدًا عظيمًا، انظر ما فعله بقوم نوح؛ فإن الله أغرقهم -سبحانه وتعالى-، وما فعل بعاد، وبثمود، وبقرى لوط، وبقوم فرعون، انظر صنيع الله -تبارك وتعالى- فيهم، وإنكار الله -تبارك وتعالى- عليهم بكفرهم وتكذيبهم، {ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا ........}[فاطر:26]، أي بالعذاب والهلاك المُستأصِل، {فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ}، وهذا تحذير لهؤلاء المُكذِّبين بالنبي محمد -صلوات الله والسلام عليه- أي اعتبِروا؛ اعتبروا بمَن سبقكم من الأمم وانظروا، شأن النبي كشأن إخوانه من الرُسُل والأنبياء، وشأنكم كذلك كشأن كل مَن أُرسل فيهم هؤلاء؛ المؤمنون لهم البُشرى من الله -تبارك وتعالى-، والكفار المُكذِّبون لابد وأن يُهلكهم الله -تبارك وتعالى-.

بعد هذه الموعظة شرَعَ الله -تبارك وتعالى- يذكُر طائفة أخرى من آياته في الكون والحياة -سبحانه وتعالى-، وهكذا يُلوِّن الله -تبارك وتعالى- الخطاب؛ مرة إنذار ووعيد وتبصير، ومرة ضحد للباطل وبيان له، ومرة عرض منه -سبحانه وتعالى- لآياته ومُخترعاته ومصنوعاته، وتبصير للعباد ليعرفوا ربهم -سبحانه وتعالى- ويؤمنوا به عن طريق هذه الآيات؛ التي نصبها أمام أعينهم، قال -جل وعلا- {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ}[فاطر:27]، انظر هذا الاختيار لله -تبارك وتعالى- وهذا الخلْق، ألم ترَ؛ قد عَلِمت، {أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً}، من السماء؛ العلو، من السحاب الذي يسير في السماء، ماءً؛ ماء المطر، {فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا}، الله هو الذي أخرج -سبحانه وتعالى-، ينزل هذا الماء إلى الأرض فيُنبِت الله -تبارك وتعالى- به الزروع، ومن هذه الزروع يُخرِج ثمرات مُختلفٌ ألوانها، كل الألوان؛ من الأسود كالكباث إلى الأبيض، إلى الأصفر، إلى الأحمر، إلى كل الألوان، لو وضعت الفاكهة التي تخرج من الأرض ونظرت إلى ألوانها لوجدت كل درجات الألوان على اختلافها موجودة، ثمرات؛ لهذه الجِنان التي يُنبِتها الله -تبارك وتعالى- في الأرض، مُختلِفًا ألوانها؛ وهذا دليل على الاختيار، دليل على قدرة الرب -تبارك وتعالى- على أن يخلُق وأن يختار وأن يُعدَّد هذه الأنواع، دليل على قدرته وعظمته -سبحانه وتعالى-؛ وإبداعه -جل وعلا-، ثم {وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا}، فلننظر كذلك من الجبال هذه الصُم جُدَد؛ طرائق في الجبال، بيض؛ تلاقي جبل أبيض، كهذا الذي يُستخرَج منه الرخام الأبيض؛ ناصع البياض، وحُمر؛ كذلك طرائق وشرائح مطروقة في الجبل تجدها حمراء، انظر ألوان الأحجار التي نُخرِجها ونثقُلها بعد ذلك ونُخرج منها ألوان من الرخام الأحمر، مُختلف ألوانها؛ كذلك على اختلاف درجات اللون، {وَغَرَابِيبُ سُودٌ}، غرابيب؛ شديدة السواد، يعني سوداء كسواد الغربان، انظر بعض طرائق الجبال ويخرج منها ما يستخدمه الناس الآن؛ رخام أسود سواد الغربان، هذا دليل على عظمة الخالق -سبحانه وتعالى-؛ وعلى تلوينه لهذا الخلْق، وتكثيره لهذه الأنواع.

قال -جل وعلا- {وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ}، من الناس مختلف الألوان كذلك، انظر ألوان الخلْق؛ البشر من الناس، من الأبيض اليقق؛ الناصع البياض، إلى الأسود العميق في السواد، ثم ما بين هذه من الألوان؛ من الصُفر، والنحاسي، وما بين ذلك من ألوان البشر، لوَّنهم الله -تبارك وتعالى- هذه الألوان، والدواب لو أخذت كل دابة من الدواب؛ الأبقار، الغنم، الإبل، الإبل من الأسود الكامل إلى الأبيض الناصع البياض؛ مع درجات اللون كذلك، وكذلك سائر ما خلَقَ الله -تبارك وتعالى- من هذه الدواب؛ كل ما يدُب على الأرض، والأنعام؛ الإبل، والبقر، والغنم، كذلك قد خلَقَها الله -تبارك وتعالى- مختلفة الألوان، قال -جل وعلا- {مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ}، دليل على عظمة الرب -تبارك وتعالى-؛ وعلى إبداعه، وعلى جميل صنعه -سبحانه وتعالى-، فإن التفنَّن وتكثير هذه الألوان على هذا النحو دليل على عظمة الخالق -سبحانه وتعالى-، وأنه الرب الإله المُصوِّر؛ الذي أحسَن كل شيء خلَقَه وجمَّله على هذا النحو، {وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ}[النحل:6]، جمال في خلْقه -سبحانه وتعالى-؛ وتِعداد هذا الخلْق على هذا النحو، وتلوينه، وبهجته على هذا النحو، هو من دلائل عظمته وقدرته -تبارك وتعالى-، قال -جل وعلا- {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}، إنما يخشى الله؛ يخافه، يُعظِّمه، مخافة خوف وتعظيم لله -تبارك وتعالى- وخشية، {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}، العلماء به، ومن العلم بالله -تبارك وتعالى- العلم بآياته في الخلْق، فإن عظمة المخلوق دليل على عظمة الخالق؛ فهذا خلْق عظيم، هذا خلْق الله العظيم؛ المتنوع، المُتلوِّن بهذه الألوان العظيمة، هذا خلْق عظيم دليل على عظمة خالقه -سبحانه وتعالى-.

{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}، يخافونه -سبحانه وتعالى-؛ ويُعظِّمونه، ويعلمون أن الله -تبارك وتعالى- لم يخلُق هذا الخلْق عبثًا وسُدى، كما في قول الله -تبارك وتعالى- {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ}[آل عمران:190] {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}[آل عمران:191] {رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}[آل عمران:192]، فهذا صنيع العلماء بالله -تبارك وتعالى-، الذين يتفكرون في هذه المخلوقات ثم يخافون ربهم -سبحانه وتعالى-، لأنهم يعلمون أن الله لا يمكن أن يكون قد خلَقَ هذا الخلْق سُدى، وعبثًا، وبغير فائدة، بل خلَقَه خلْق ليدُل عليه -سبحانه وتعالى-؛ يدُل على عظمته، وقدرته -سبحانه وتعالى-، {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}[البقرة:163] {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}[البقرة:164]، فهذه آيات الله -تبارك وتعالى- في الخلْق؛ الدالة عليه -سبحانه وتعالى-، فالذي يعرف هذه الآيات يعرف ويستدل بعظمة هذا الخلْق على عظمة الله -تبارك وتعالى-؛ يخشاه ويخافه -سبحانه وتعالى-، {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}، به، {إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ}، إن الله عزيز؛ غالب، لا يغلبه شيء -سبحانه وتعالى-، ومن عِزَّته -سبحانه وتعالى- قدرته على هذا الخلْق؛ وعلى هذا التصريف، وعلى هذا الإبداع، وعلى هذا الجمال -سبحانه وتعالى-، غفور؛ مُسامِح، كريم -سبحانه وتعالى-، يغفر الذنوب، فكم من هؤلاء البشر الذين خلَقَهم الله على هذا النحو؛ والذين أراهم الله -تبارك وتعالى- هذه الآيات، كانوا مُعِرضين عن هذه الآيات؛ وكانوا غافلين عنها، ثم فتح الله -تبارك وتعالى- أبصارهم، ثم تابوا إلى الله -تبارك وتعالى-؛ وعفا الله عن سيئاتهم، وغفر لهم، ومسح ذنوبهم -سبحانه وتعالى-، {إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ}.

ثم بيَّن -سبحانه وتعالى- عباد الله -تبارك وتعالى- الذين يستفيدون بكل هذه الآيات، قال -جل وعلا- {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ}[فاطر:29]، هؤلاء الموفَّقون؛ السعداء من خلْق الله -تبارك وتعالى-، {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ}، يقرأون كتاب الله، كتاب الله هذا العظيم؛ الذي هو كلامه والذي موضوع التعريف بالله -تبارك وتعالى-، وأنه عرَّف العباد بربهم وإلههم وخالقهم، القرآن كله حديث عن الله -تبارك وتعالى-، حديث عن الله؛ عن أسمائه، وعن صفاته، وعن أفعاله، وعن خلْقه، وعن آياته -سبحانه وتعالى- في الوجود، وعن سُننه -سبحانه وتعالى- في الخلْق، فهو كله حديث عن الله -تبارك وتعالى-؛ وعن تشريعه، وما يُحِبه لعباده، وما يرضاه لهم، وعن ما لا يرضاه لهم -سبحانه وتعالى-، فهؤلاء الذين يتلون كتاب الله؛ كتاب الله العظيم، المبارك، القرآن، {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ}، طبعًا تلاوة؛ تلاوة إيمان، وتلاوة فِقه، وتلاوة فَهْم، يتلونه حق تلاوته، {إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ}، هذا من أثر تلاوتهم لكتاب الله -تبارك وتعالى-؛ أنهم آمنوا بالله -تبارك وتعالى-، وأقاموا الصلاة، أقاموا؛ جعلوها صلاة مُستقيمة، وهذا بأن يُصلوها على النحو الذي يُحِبه الله -تبارك وتعالى- من توفُّر شروطها؛ أن تكون شروطها حاضرة متوفِّرة، وكذلك القيام بأركانها، وبإحسانها، وبخشوعها، {وَأَقَامُوا الصَّلاةَ}، لا تكون الصلاة مُقامة إلى بهذا.

{وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ}، أنفقوا؛ أخرجوا مال في سبيل الله، مما رزقناهم؛ من الذي رزقهم الله -تبارك وتعالى- إياه، وجوبًا؛ كالزكاة، واستحبابًا. كأنواع الصدقات، وكذلك ما أوجبه الله -تبارك وتعالى- على العبد أن يُفِقه على نفسه وعلى مَن يعول، {وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً}، هذه السر اللي هي غير الزكاة في أبواب الخير، سِرًا؛ وقدَّم السِر لأنه أفضل من العلانية، وعلانية؛ جهرًا أمام الناس، يعني يعلمه الناس، سرًا لا يعلمه إلى الله -تبارك وتعالى-، وعلانية قد يَعلَمها بعض الخلْق، وكل هذا وهذا خير ولكن صدقة السِر أفضل من صدقة العلانية، كما قال الله -تبارك وتعالى- {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ........}[البقرة:271]، وهنا خير بمعنى أخير، يعني إن تُخفوها وتُؤتوها الفقراء فهو خير لكم، وفي الحديث «سبعة يُظِلهم الله في ظِله يوم لا ظِل إلى ظِله»، ذكَرَ منهم النبي -صلوات الله والسلام عليه- قال «ورجل تصدَّق أخفى؛ حتى لا تعلم شِماله وما تُنفِق يمينه»، ورجل تصدَّق بصدقة لكن أخفاها، أخفى حتى لا تعلم شِماله وما تُنفِق يمينه؛ مبالغة منه في إخفاء صدقته، حتى أنه لم يجعل اليد اليُسرى تعلم ما أنفقته اليد اليُمنى، {........ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ}[فاطر:29]، هذا حالهم؛ أنهم يرجون بهذا العمل وهو قرائتهم كتاب الله -تبارك وتعالى-، وإقامتهم للصلاة، وإخراجهم لهذه الزكوات وهذه الصدقات، هؤلاء يرجون بعملهم هذا تجارة مع الله، لن تبور لأنها مع الله، لا يمكن أن يُبوِّرها الله -تبارك وتعالى-، هل مَن يُتاجِر مع الله -تبارك وتعالى-؛ يبيع لله يمكن أن يبخسه الله -تبارك وتعالى- حقَّه وأن يُضيِّعه؟ لا، هذه تجارة مع الله، قال {يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ}، يخبر الله -تبارك وتعالى- أنها لا يمكن أن تكون بائرة، واحد دفع مائة دينار لله -تبارك وتعالى-؛ لا يمكن أن يُبوِّر الله –تبارك وتعالى- تجارته معه، صلَّى لله؛ فهذا قدَّم عمل سيؤجَر عليه، لن يبور عمله، قرأ كتاب الله -تبارك وتعالى-؛ لن يبور، وهذه الأعمال قد فسَّرتها السُنَّة بالأجر العظيم الذي يكون للعبد فيها، فكتاب الله -تبارك وتعالى-؛ قرائته مُجرَّد قراءة، مُجرَّد القراءة فقط، «مَن قرأ حرفًا من كتاب الله أعطاه الله عشر حسنات»، يقول النبي «لا أقول لكم الم حرف»، الم ليست حرف واحد، «وإنما ألف حرف، لام حرف، ميم حرف»، فيُعطيه الله عشر حسنات لأن الحسنة بعشر أمثالها، فكيف مع التدبُّر، ومع القراءة، ومع العِظة، ومع الاعتبار، ومع القيام بهذا القرآن آناء الليل وأطراف النهار؛ هذا أمر عظيم جدًا يقوم به في صلاته، النفقة؛ لا يُنفِق العبد نفقة إلا وقعت في يد الله -تبارك وتعالى- فيُنمِّيها له ويجعلها له؛ وهي كفَّارة لخطاياه، قيام العبد في الصلاة بين يدي الله -تبارك وتعالى- في كل لحظة من لحظاته هو في أجر وفي ثواب مع الله -تبارك وتعالى-؛ منذ أن يبدأ يشرَع في الوضوء بأعمال الصلاة، ثم يشرَع في الذهاب إلى المسجد إلى أن يعود إلى بيته؛ يعود أدراجه إلى مكانه، كل هذا هو في صلاة والأجر مستمر له في كل لحظة من هذه اللحظات، {يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ}، البوار هو الضياع والخراب، ليست تجارة كاسِلة بل تجارة رابحة مع الله -تبارك وتعالى-.

قال -جل وعلا- {لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ}، الله هو الذي سيُوفيهم أجورهم، يُوفِّيهم؛ يُعطيهم إياه وافي، كامل، ما يُنقِصهم شيء، حتى لو فلس أنفقه ما سيضيع عليه، لو لحظة زادها في المسجد؛ قامها في الصلاة، تسبيحة، ما ستضيع عليه أبدًا، حرف قرأه من كتاب الله -تبارك وتعالى- ما سيضيع عليه، {لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ}، يُعطيهم أجرهم وافيًا كما كتَبَه -سبحانه وتعالى-، وإن كان هذا الثواب إنما هو من عند الله -تبارك وتعالى-، ليس ما يُعطيهم الله -تبارك وتعالى- ثمَن لعملهم ولكن هذا تفضُّل منه -سبحانه وتعالى-، لكن سمَّى هذا أجر وهو الذي يُعطيه -سبحانه وتعالى-، الله سمَّاه أجر؛ لأنه أخبَر بأنه مَن عمِل هذا العمل فله عند الله كذا وكذا، هذا الذي يُعطيه الله -تبارك وتعالى- ليس ثمنًا لهذا، وإلا فإن العباد ما يوفون الله -تبارك وتعالى- نِعَمه التي أنعمها عليهم في الدنيا، نعمة السمْع، والبصر، والوجود، والرزق، ما للإنسان قدرة ومهما عمِل من عمَل فإنه لا يوفي ربه -سبحانه وتعالى- ما يستحق من إنعامه وإفضاله، ولذلك عمل الإنسان الذي يعمله رجاء الثواب من الآخرة هذا عطاء من الله -تبارك وتعالى-، سمَّاه الله أجرًا؛ ليس ثمنًا، وإنما هو أجر من عنده -سبحانه وتعالى-، قال {لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ}، على كل عملهم الصالح، {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا}[النساء:40].

{وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ}، يزيدهم من فضله -سبحانه وتعالى-، ليس الزيادة في العطاء ولكن الزيادة في مُسمَّى الأجر، فمَن تصدَّق بدينار يجعله الله كأنه تصدَّق بعشرة؛ هذا الحد الأدنى، ثم يزيد لبعض الناس كأنه تصدَّق بسبعمائة دينار، ثم يزيد إلى آلاف عند بعض الناس، فهو فقط دينار واحد الذي تصدَّق به لكن الله -تبارك وتعالى- جعله له كأنه تصدَّق بألف دينار؛ بأكثر من ألف دينار، {وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ}، فيكتُب هذا ثم يُعطيه بعد ذلك الأجر؛ وهو الثواب الذي كتَبَه الله -تبارك وتعالى- على هذا الأجر، {وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ}، زيادة في مُسمَّى هذا الأجر الذي كتَبَه -سبحانه وتعالى-، {إِنَّهُ غَفُورٌ}، -سبحانه وتعالى- مُسامِح، يغفر الذنب؛ يُقيله -سبحانه وتعالى-، وهذه من صفاته الحميدة -سبحانه وتعالى-، صفات الله -تبارك وتعالى- كلها حميدة، وكونه -سبحانه وتعالى- غفور؛ فهذا العبد قد يكون قد سبَق منه ذنب؛ وسبَق منه ما سبَق، وبعض هؤلاء العباد قد يكون سبَق منهم شِرك وكفر بالله -تبارك وتعالى-، ولكنه يعود إلى الله -تبارك وتعالى- فيغفر الله -تبارك وتعالى- ذنبه، كما قال -جل وعلا- {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ........}[الزمر:53]، فكم من الكفرة؛ المُعانِدين لله -تبارك وتعالى-، المُحارِبين لله ولرُسُله، لكن منَّ الله -تبارك وتعالى- عليهم بعد ذلك بالإيمان؛ وغفر الله -تبارك وتعالى- ذنوبهم، وأزال كل ما فعلوه، وكذلك بالنسبة لعباد الله المؤمنين قد يقع منهم ما يقع من الذنوب؛ وقد يقع منهم بعض الكبائر، ثم يغفرها الله -تبارك وتعالى- لهم؛ إما بعمل صالح لهم، وإما بمنَّة منه -سبحانه وتعالى-، {إِنَّهُ غَفُورٌ}، كثير المغفرة -سبحانه وتعالى-، {شَكُورٌ}، الشكر؛ الزيادة، يعني أنه يزيد من فضله -سبحانه وتعالى-، يعمل العبد عمل قليل ولكن الله -تبارك وتعالى- يُعطيه ثوابًا كبيرًا جدًا عليه، هذا من أن الله -تبارك وتعالى- شكور، يُجازي على حسنة؛ قد تكون عمل قليل، لكن الله -تبارك وتعالى- يُعطي عليها الثواب الجزيل، سبحان الله؛ «مَن قال سبحان الله غُرِسَت له نخلة في الجنة»، عبد سار فوجَد غُصن شوك في الطريق؛ فنحَّاه عن طريق المسلمين، قال «لأنزِلن فأُنحينَّ هذا عن طريق المسلمين، فلمَّا نحَّاه كُتِبَ له خلود في الجنة؛ ومغفرة لذنوبه»، قال النبي -صل الله عليه وسلم- «فشكَر الله له فغفر له»، شكَرَ له أن عمل هذا العمل هذا، عمل قد لا يستغرق من فاعله إلا دقائق معدودة، نزَل رجل عن دابته، وجدَ غُصن من شوك في طريق المسلمين فنزل، قال هذا الغُصن آذى طريق المسلمين؛ لأُنحينَّه عن طريقهم، فنزَل ونحَّاه وأبَعَدَه، فربنا قال له فعلت هذا؛ وفعله لله، فشكَرَ له؛ فغفرَ له -سبحانه وتعالى-، إنه شكور؛ يُجازي على العمل القليل أجرًا عظيمًا منه -سبحانه وتعالى-.

ثم قال -جل وعلا- {وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ........}[فاطر:31]، {وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ}، هذا القرآن سُمِّي كتاب لأنه مكتوب في السماء؛ وكُتِبَ في الأرض، وشاء الله -تبارك وتعالى- له الخلود؛ وأن يُكتَب، وأن يكون بأيدي الناس في كل مكان، كتاب الله -تبارك وتعالى- المنسوب إلى الله -تبارك وتعالى-؛ القرآن الكريم، والذي أوحينا إليك؛ يا محمد، وجائه بالوحي، الوحي هو الإعلام بطريق خفي، جائه عن طريق جبريل الذي كان يقرأ القرآن فيسمعه النبي -صل الله عليه وسلم-؛ فيُطبَع في صدر النبي -صلوات الله والسلام عليه-، {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ}[الشعراء:193] {عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ}[الشعراء:194] {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}[الشعراء:195]، {وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ}، الصدق الثابت، لأن كل ما نزَل به حق، ونزول هذا الكتاب حق، {هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ}، يعني أنه جاء مُصدِّقًا ما بين يديه من الكتب السابقة من التوارة والإنجيل؛ في الدعوة إلى الله -تبارك وتعالى-، والإيمان به، وتوحيده، وكذلك يُصدِّق ما فيها من الصدق؛ الباقي فيها من الصدق، دون ما حرَّفَه أهل الكتابين وكذبوه على الله -تبارك وتعالى-، كما قد كذَبَ اليهود في كتابهم، عندما كتبوا التوراة أدخلوا فيها كثير من الكذب؛ مما لم يقوله الله -تبارك وتعالى-، كما قالوا في الإصحاح الأول في أول التوراة "ثم استراح في اليوم السابع الذي عَمِلَ خالقًا وباركه"، تعالى الله عن ذلك؛ أن يكون الله تعب ليستريح، بل قال -تبارك وتعالى- {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ}[ق:38]، أدنى تعب، فهذا القرآن يُصدِّق ما بين يديه من الكتب السابقة من التوراة والإنجيل؛ في الصدق الذي جائت به، {مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ}، أي من الكتب السابقة، {إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ}، إن الله بعباده؛ تأكيد أن الله -تبارك وتعالى- بعباده لخبير؛ عِلمه العِلم الدقيق، والخبرة بمعنى العِلم الدقيق الذي يعلم كل أفعالهم بما يخفى منها؛ أسرارهم التي يفعلونها في الخفاء، بل خفايا قلوبهم يعلمها الله -تبارك وتعالى-، بصير؛ بصير بعباده -سبحانه وتعالى-، مُبصِر لهم، لا يغيب شيء عن عِلمه وعن بصره -سبحانه وتعالى-.

ثم قال -جل وعلا- {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ}[فاطر:32]، هذه بركات هذا الكتاب العظيم، {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ}، هذا القرآن، {........ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ}[فاطر:32]، وسنأتي -إن شاء الله- إلى تفصيل معاني هذه الآية في الحلقة الآتية -إن شاء الله-، استغفر الله لي ولكم من كل ذنب، والحمد لله رب العالمين.