الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 . 22 نوفمبر 2024

الحلقة (565) - سورة الزمر 41-44

 الحمد لله رب العالمين, وأصلي وأسلم على عبد الله ورسوله الأمين, وعلى آله وأصحابه, ومن اهتدى بهديه وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد... فيقول الله -تبارك وتعالى-: {إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلا يَعْقِلُونَ قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}[الزمر:41-46] بعد الآية التي هي آية المفاصلة بين الايمان والكفر بين طريق النبي, وطريق هؤلاء المجرمين قول الله -تبارك وتعالى- لهم قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ: استمروا على الطريق الذي انتم سائرون فيها على المقام والمكانة التي أنتم فيها من الشرك والكفر بالله -تبارك وتعالى- على مكانكم هذا فيما أنتم فيه من الكفر والشرك إِنِّي عَامِلٌ: أي إني عامل على مكانتي أنا عامل على ما أمرت به من توحيد الله -تبارك وتعالى-, والإيمان به والدعوة اليه فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ: تهديد لكن علم يترتب عليه الحساب والعقوبة {فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ}[هود:39]: سوف تعلمون العلم اليقين هنا من يأتيه عذاب يخزيه في الدنيا والخزي والعار والشرار أن يعلم أن ما كان عليه هو الباطل وهو الكذب فيفتضح, ثم يأتيه هذا العذاب فيجعله في محل الصغار والخزي وذلك انه قد كان مكابرًا معاندًا مستنكفا يرى أن ما هو فيه الحق والصواب, ثم جاءه بعد ذلك ضد هذا الكبر الذي كان في صدره {وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ}[الزمر:40]: عذاب النار عياذًا بالله الذي لا ينفك عنه بل هو باق بقاء لا ينقطع.

بعد هذا وجه الله -تبارك وتعالى- الخطاب لرسوله -صلوات الله وسلامه عليه- فقال: إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ: الله -سبحانه وتعالى-, وهنا ينسب الله -تبارك وتعالى- إنزال الكتاب إلى نفسه إنا أنزلنا الكتاب عليك يا محمد -صلوات الله وسلامه عليه- الكتاب هذا القران سمي كتابًا؛ لأنه مكتوب في السماء ويكتب في الأرض وهو أعظم كتاب, وأعظم قرآن قرئ, فهو رسالة من الله -تبارك وتعالى- للناس لكي تستمع, وتقرأ  كلام الله -تبارك وتعالى- وبالتالي هي رسالة الله إلى العالمين {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}[الفرقان:1]: للناس كلهم؛ فإن الله -تبارك وتعالى- قد أرسل رسوله لكل أحد, ولو قال الله تعالى ولو شئنا لجعلنا في كل قرية نذير كل قرية كل أمة من الأمم كل مكان من هذه الأمكنة قرية يجتمع فيها الناس أرسل الله إليها نذير ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا, لكن الله -تبارك وتعالى- شاء أن يجعل رسول في أم القرة لكل القرى {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا ........}[الشورى:7]: مكة وكل من حولها من قرى العالم, فالنبي أرسل إلى الناس كلهم -صلوات الله وسلامه عليه-, قل يا أيها الناس إني رسول الله اليكم جميعًا, إِنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ: نزوله حق؛ لأنه من الله -تبارك وتعالى-, والله -تبارك وتعالى- أراد أن ينذر العباد بطشه وعقوبته لمن كفر, وكذلك يبين لهم الطريق إليه -سبحانه وتعالى-, وكذلك يبشر عباده المؤمنين بأن من سلك طريقه فان له الحسني عند الله -تبارك وتعالى- فهو نازل نزوله بالحق لهذه الحكم العظيمة, ثم مضمونه حق القران نازل بالحق وتمت كلمة ربك صدقًا وعدلًا, فكل ما فيه صدق وكل ما فيه من الحكم عدل فأخباره صدق وأحكامه عدل, ثم هذه القضية الضقية الكبرى, إذن فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ: الله هو يشهد بأن هذا القرآن نازل من عنده -سبحانه وتعالى-, وهذه أدلته, وأنه نازل بالحق ومضمونه حق وإذن من اهتدى إلى هذا الحق, وأخذ به, وعلم أن هذا كلام الله -تبارك وتعالى- فلنفسه يبقى نفع نفسه نفع هذا وفائدة هذا لنفس هذا المهتدى ولنفس هذا الذي أخذ بطريق الهداية فلنفسه, وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا: من ضل عن هذا الحق بعد وضوحه وسطوعه وبيانه, وأنه من الله -تبارك وتعالى- فعليها على نفسه فعلى نفسه جنى جنايته وأثر هذا الكفر تكون على نفسه أثر هذا الضلال يكون عليه, {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ}[الزمر:41]: أي النبي -صلى الله عليه وسلم- على هؤلاء الناس متوكل بشئونهم, أو متولي أمورهم لا, فالله -تبارك وتعالى- لم يوكلك عليهم بأن أنت تقوم فيهم فتحاسب كل إنسان على عمله حسابهم على الله -تبارك وتعالى-, وأنت لا تتولى شئونهم وأمورهم, وأن الله -تبارك وتعالى- هو الوكيل على كل خلقه -سبحانه وتعالى- وما أنت عليهم بوكيل, أي من الله -تبارك وتعالى- وكلك الله بهم وسلمهم لك لتعاقب من تعاقب وتهدي من تهدي, أو تجازي من تجازي هذا كله إلى الله -تبارك وتعالى-, أن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو البيان وأنه إيصال هذه الرسالة؛ رسالة الله -تبارك وتعالى- إلى العالمين, وهذا لتذكير الكفار بأن ترى النبي فقط هذه رسالة الله, وهذه جاءت واعلموا أن كفركم هو سيعود عليكم بعاقبة الكفر واعملوا عاقبة الكفر التي ستكون, وأن النبي فقط إنما هو مبلغ لهذه الرسالة, وهي رسالة جاءته من الله -تبارك وتعالى- وهو يؤديها للناس, ثم  شاء الله -تبارك وتعالى- في بيان قدرته وعظمته -سبحانه وتعالى-, وأن الخلق كلهم بيده -جل وعلا- قال: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[الزمر:42]: آية عظيمة جدا تبين قدرة الرب -تبارك وتعالى-, وأن كل هؤلاء العباد إنما هم في قبضته -سبحانه وتعالى- فأول شيء وفاة العباد بيد الله -تبارك وتعالى-, هذه أعظم لحظة في حياة الإنسان لحظة الموت التي يسلب فيها هذه الحياة, وأخطر لحظة فيه, وأخوف لحظة عند الإنسان, وأكبر خطر يجابه الإنسان في هذه الدنيا الموت, وهذا بيد الله -تبارك وتعالى- الله الذي لا إله إلا هو -سبحانه وتعالى- رب السماوات والأرض يتوفى الأنفس حين موتها يتوفاها أي يأخذها وافية يقبض روحه, فيأخذ كل  شيء ويبقى هذا الجسد لاحركة فيه, لا يستطيع أن يرفع عن نفسه ذبابة, والتي لم تمت في منامها فالنفس التي لم تمت بقبض الروح الله -تبارك وتعالى- يتوفاها في منامها, فهو النوم هذا عملية كل يوم كل 24  ساعة لابد لكل إنسان كل حين أن ينام فعند النوم كذلك الله يتوفى وفاة جزئية والتي لم تمت في منامها يتوفاها -سبحانه وتعالى- في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ممكن وهونائم, وقد توفاه الله تبارك وتعالى هذه الوفاة الجزئية يأخذ روحه كذلك فيكون انتقل من الوفاة لصغري إلى الوفاة الكبرى فيمكس التي قضي عليها الموت, ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى, يرجع روحجهم مرة ثانية لمن لم ينتهي أجله, فإن الله يقيمه يبعثه من النوم مرة ثانية حتى يتكرر العمل إلى أن ينهي العمر الذي له, ويظل هذا الذي لم ينقضي أجله إلى وقت محدد لكل نفس لها وقت قد حدده الله سماه الله -تبارك وتعالى- يبقى الرب الذي يملك كل هذا انظر كل هؤلاء البشر الله -تبارك وتعالى- يملك أرواحهم فالموت الذي هو أعظم خطر في حياة الإنسان الله هو الذي يملكه -سبحانه وتعالى- لكل نفس كون الله -تبارك وتعالى- هو المتوفي, وقد اخبر بأنه يباشر هذه الموفاة رسله من الملائكة وملك الموت هذا لا ينافي هذا لأنهم يقومون بأمر الله -تبارك وتعالى- كما قال –جل وعلا-: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ولكنه موكل من الله -تبارك وتعالى-, وقال أيضًا: {........ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ}[الأنعام:61]: توفته ملائكة الرحمة او ملاكة العذاب وهم لا يتأخرون في اخذ روحه من يد ملك الموت ولا لحظة كما جاء في الحديث: «إذا كان العبد في إقبال من الآخرة وأدبار من الدنيا لحظات التي قبل نزع الروح آتاه ملك الموت فجلسة عند رأسه هذا إذا كان من أهل الخير وقال للمؤمن هذا قال لروحه أخرجي ايها الروح الطيبة كانت تسكن في الجسد الطيب فتخرج تفيض كما تفيض القطرة من الماء في السقاة فلا يدعونها» يقول يأتيه يقول البني صلى الله علسه وسلم فيأتيه ملائكة بيض الوجوه كانه وجوههم الشمس يجلسون منه مد بصره معهم حنوط من الجنة وكفن من الجنة يقول النبي هؤلاء ملائكة الرحمة لا يدعون روح المؤمن في يد ملك الموت طرفة عين إلا أخذوها منه حنطوها بهذا الحنوط كفنوها بهذا الكفن, ثم رفعوها حتى يأتوا بها إلى السماء التي فيها الله -سبحانه وتعالى-, وقال النبي كذلك في روح الكافر: «أما العبد الكافر والمنافق إذا كان في أدبار من الدنيا وإقبال من الآخرة آتاه ملك الموت فجلس عند رأسه وآتاه ملائكة سود الوجوه معهم  حنوط من النار وكفن من النار مسوح من النار فجلسوا منه مد بصره ثم يقول ملك الموت لروحه أخرجي أيتها الروح الخبيثة كانت تسكن في الجسد الخبيث فينتزع يقول النبي فتفرق في بدنه فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبتل فلا يدعونها في يده طرفة عين وهم ملائكة العذاب حتى يحنوطها بذلك الحنوط ويكفنوها بهذا الكفن ويصعدون بها إلى السماء فلا يمورا بها على ملأ من الملائكة إلا شموا منها كأنتن ريح جيفة وجدت على سطح الأرض فيقول روح من هذا فيقول روح فلان بن فلان بأخبث الأسماء التي كان يسمى بها في الدنيا, ثم تقفل أبواب السماء», الشاهد في هذا الحديث إن توفي التوفي ملك الموت للأرواح, وأخذ هذه الروح بيد ملائكة الرحمة للعباد المؤمنين وملائكة العذاب للعباد الكافرين, وأن الموت سلبهم سلب هذه الخلق ارواحهم بيد الله -تبارك وتعالى-؛ فهو الذي يمبتهم ويتوفاهم الوفاة الكاملة هووافاة الموت, وكذلك يتوفاهم كل يوم وفاة النوم وفاة الصورة والتي لم تمت في منامها يتوفاها الله -تبارك وتعالى- في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت في النوم فيكون قد نام, ثم لا يقوم يؤخذ روحه وهونائم ويرسل الأخرى لجسد صاحبه ليقوم مرة ثانية, وكان النبي إذا أخذ مضجعه يقول بسمك اللهم أموت وأحيا, وإذا قام من النوم يقول الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا واليه النشور باسمك اللهم أموت وأحيا, أموت هنا موت النوم هونام فالنوم موت, وأحيا عندما يريد الله -تبارك وتعالى- إحياءه اذا اراد الله -تبارك وتعالى- وإذا كان في العمر بقية فيقوم الإنسان من نومه بعد ذلك, فالنوم موت لكنه موت أصغر من ذلك الموت الأكبر, وكله بيد الله -تبارك وتعالى- كل هذا الفعل لله -جل وعلا- اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[الزمر:42], ان في ذلك في تعريف العباد بهذا وتعلمي بهذا آيات عظيمة أولًا آيات إنك أيها الإنسان تعيش أنت بقبضة الله -تبارك وتعالى-, والله كل يوم يموتك روحك التي هي سر حياتك وبقائك هي بيدي الله ب كل يوم هي عند الله يأخذها وقد يردها, يأخذها ينيمك, ويأخذها أخذا لا تعود إليك بعد ذلك إلا في القبر عند السؤال, وقد يعيدها لك في الصباح عندما تقوم هذا علم انه بيد ربه وخالقه ومولاه, كيف يكفر بهذا بالرب! الذي هذه صفته -سبحانه وتعالى-, وهذه قدرته على عباده وأن أرواحهم التي هي أعز ما يملكون بيده -سبحانه وتعالى- إن شاء أن يعطيهم إياها يرجعها مرة ثانية لهم, وإن شاء ألا يرجعها -سبحانه وتعالى- هذه من آيات الله, كذلك آية أخرى قدرة الرب -سبحانه وتعالى- على هذا الخلق العظيم الخلق الكبير هذا ملايين الملايين من البشر والله ت ينيمهم ويحييهم يأخذ أرواحهم وقت ما يشاء -سبحانه وتعالى-  في الوقت الذي يشاء, ويرسبلها في الوقت إلي يشاء, وله القدرة التامة في هذا, وقد أقام عباده الملائكة يعملون بأمره كما يشاء -سبحانه وتعالى-, فالملك كله له والأمر كله بيده -سبحانه وتعالى- إذن هذا من أدلة عظمة الرب وسلطانه, وأن عباده إنما هم في قبضته وتحت قهره, وأن حكمه الكوني القدري نافذ فيهم  لا يمكن لأحد أن يمنع الموت عنه بل من يستطيع أن يمنع النوم الأصغر عنه ييحي وقت خلاص يسقط ينام يسلبه الله -تبارك وتعالى- هذه الحياة الكاملة بالنوم هذا الجزئي, أو يسلبه بعد ذلك حياته الكاملة بأخذ روحه ونزع روجه منه, ثم عندما يذكر الرب بهذه الصفاتيجعل الله -تبارك وتعالى- مقارنة لما يعبد من دونه فقال -جل وعلا-: {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلا يَعْقِلُونَ}[الزمر:43] هذا يجعل له شفعاء يشفعون عنده رغمًا عنه وبدون إرادته ويقبل شفاعتهم, وهم لا يملكون شيئًا ولايعقلون, ما أحد يملك شئ إلا مما ملكه الله -تبارك وتعالى- إياه, ولا يعقلون هؤلاء الأصنام, والأوثان التي اتخذوها أحجار لا تعقل لا عقل لها, وبعد ذلك يجعلون لها شركة مع الله -تبارك وتعالى- وشفاعة لله ومعنى الشفعاء أنه إن عبدوهم وتقربوا إليهم فإن شفاعتهم عند الله لازمة لله -تبارك وتعالى- يقبلها الله, والحال أن الله -تبارك وتعالى- لا يمكن أن يقبل شافعًا إلا بإذنه لابد أن يأذن لهذا الشافع, ثم لابد أن يشفع فيمن يرضى الله -تبارك وتعالى- الشفاعة فيه إما أن يقترح عليه أن يشفع فيمن لا يرضى الله -تبارك وتعالى- الشفاعة فيه لا يمكن أن يكون هذا من حكم الله -تبارك وتعالى- بأنه في النار, وقد حكم بأن كل كافر يموت على الكفر في النار ما يقبل الله لأحد يشفع فيه ما كان هذا ولوكان من هو كان ملاك من الملائكة, نبي رسول أن يشفع فيمن كتب الله -تبارك وتعالى- عليه النار {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}[التوبة:113], {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ}[التوبة:114], فهذا لا يمكن أن أحد شفاعته تقبل عند الله إلا من ارتضى الله -تبارك وتعالى- الشفاعة فيه كما قال الله في ملائكته {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ}[الأنبياء:28], فهؤلاء للأسف المشركون اتخذوا من دون الله شفعاء من آلهتهم وأوثانهم, وظنوا أن شفاعتهم لازمة عند الله -تبارك وتعالى-, وأن هذا الحال عندما يشفعون عند ملوك أهل الأرض, فالملك يكون ذو سلطان, وذو عزة وذو قوة  من ملوك الأرض, ولكن وقد يكون قد تغيظ قلبه وأراد ان يقتل من يقتل من عدو له ولكن تأتيه أحيانًا شفاعة ممن يخاف, أو يرجو فيتراجع عن أمره تحيله شفاعة من صاحب منصب من وزير من كبير من الكبراء من صاحب عشيرة من غيره من زوجته من ابنه من  ناس من أهله لا والله اعفوا عن هذا وسامحه فيضطر أحيانًا الملك العظيم الكبير أن يقبل الشفاعة رغم أنفه لأنه يخاف أن أغضب هذا العظيم أو الأثير عنده أن اغضبه, أن ينتقذ عليه, أو أنه تفارقه زوجته, ابنه الذي شفع فيه كيف أبي لم يقبل هذه الشفاعة وزيره, أميره وصاحب العشيرة فيقبل الشفاعة أحيانًا وهو غير راض, وهذا طبعًا لأنه بشر, ومهما كان في الجاه والسلطان إنما يرغب ويرهب فله رغبة, وله رهبة, وفي أمور يخاف منها, وفي أمور يرغب فيها؛ ولذلك يقل الأمر الذي لا يريده رغمًا عنه فقد يكون هذا الذي يشفع فهي شخص قد سب هذا الملك, وأذاه وفعل وفعل وهو يريد ان ينتقم منه بكل انتقام, ولكن لا يستطيع أن ينفذ إرادته لهذه الشفاعة التي جاءته, وهؤلاء جعلوا الأمر عند الله -تبارك وتعالى- شفاعة عند الله, هكذا قال -جل وعلا- {أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلا يَعْقِلُونَ}[الزمر:43] لا تملك شئ ولا تعقل ذلك تكون تشفع لكم عند الله -تبارك وتعالى- قل لله الشفاعة جميعًا قل لهم لله الشفاعة جميعا الشفاعة كلها لله أركان الشفاعة, أولًا الشافع المشفوع فيه المشفوع عنده؛ فالمشفوع عنده الرب تبارك وتعالى, يبقى عندنا ركنين الشافع, والمشفوع فيه فالشافع والمشفوع فيه الله تبارك وتعالى كل هؤلاء لا يملك أحد منهم شئ لا بد أن يأذن الله تبارك وتعالى للشافع أن يشفع قبل ما يشفع ولا يستطيع أحد من خلق الله تبارك وتعالى أن يتقدم على الله -تبارك وتعالى بشفاعة دون أن يأذن له لابد أن يأذن للشافع أولًا, ثم إن هذا الشافع الله تبارك وتعالى يقول له اشفع في هذا يحدد له من يشفع فلا يستطيع أن يقترحه, ومن شاء, ويقول يا رب أنا جئتك اشفع وأطلبك وأدعوك, أو اشفع في هذا لابد أن يحدده الله -تبارك وتعالى-, وهذا نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه من له الشفاعة العظمى فلا شافع عند الله اكبر من النبي محمد صلوات الله وسلامه عليه هوله الشفاعة العظمى والمقام المحمود ومع ذلك فإنه لا يشفع إلا بأمر الله عز وجل يقول أسجد تحت ربي ويقول له لي يا محمد ارفع رأسك وسل تعطى, واشفع تشفع قبل ما يذهب في الشفاعة العظمي يسجد أولًا تحت عرش الله تبارك وتعالى ويسبح الله ويحمده تسيبح يقول ادعوه بتسبيح وتحميد لا أعلمه الآن, ثم يقول يا محمد ارفع رأسك وسل تعطى واشفع تشفع, جاءه الإذن بالشفاعة فيقول يا رب أُمتى أُمتي, فالله يحد له حد يقول ادخل من لا حساب عليه من أمتك من الباب الأيمن من الجنة وهم شركاء الناس فيما ذلك من أبواب فهذا فحدد الله تبارك وتعالى له من يشفع فيهم, ثم يسجد مرة ثانية ويدعو له مرة ثانية يقول النبي ثم يقال لي ارفع رأسك, وشافع تشفع وسل تعطى ويقول النبي فيحد لي ربي حدا فأدخلهم الجنة يحدد له حد يقوله أدخِل هؤلاء الجنة هذا الحد صفة معينة لمن يشفع فيهم النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا الحد أنا أشفع في هؤلاء الذين حددهم الله تبارك وتعالى فيشفع فيهم فالله له الشفاعة جميعًا الشفاعة كلها لله هي لله سبحانه وتعالى فهو الذي يعين الشافع وهوالذي المشفوع فيه, وهو الذي يقبل بعد ذلك -سبحانه وتعالى-, إذن لا أحد يستطيع هذا مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ, أو أنه يذهب هذا الشافع ثم يقترح ويقول للرب تبارك وتعالى ويعين أناس وأفراد ما أذن الله له أن يشفع فيهم كذلك لا يمكن أن يفعل هذا بل من ارتضى من يعلمون أن الله -تبارك وتعالى- يرضى عنهم, أو يحددهم الله -تبارك وتعالى- هم الذين يشفعون فيهم, {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}[الزمر:44]: ملك السماوات والأرض لله؛ ملكها وما في هذه السماوات والأرض, ثم إليه أيها البشر والخلق كلكم في النهاية راجعون إلى ربكم -جل وعلا-.

نقف هنا ونكمل إن شاء الله في الحلقة الآتية, أستغفر الله لي ولكم من كل ذنب, -وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد-.