الجمعة 29 ربيع الآخر 1446 . 1 نوفمبر 2024

الحلقة (566) - سورة الزمر 45-50

الحمد لله رب العالمين, وأصلي وأسلم على عبد الله ورسوله الأمين, وعلى آله وأصحابه, ومن اهتدى بهديه وعمل بسنته إلى يوم الدين.

يقول الله -تبارك وتعالى-: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون فَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ }[الزمر:45-51].

يخبر -سبحانه وتعالى- عن حال هؤلاء المشركين الكافرين المعاندين وأنهم بلغوا في الضلال كل مبلغ وإذا ذكر الله وحده -سبحانه وتعالى- أنه المستحق وحده, للآية بعدها وأنه هو رب العالمين وخالق الخلق أجمعين ومن بيده ملكوت كل شيء وإليه يرجع الأمر كله وأنه لا يستحق العبادة  إلا  هو -سبحانه وتعالى- اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة الذين لا يؤمنون بالآخرة من هؤلاء الكفار المشركين اشمأزوا من توحيد الله -تبارك وتعالى- كل اشمئزاز, ومعنى اشمأزت كرهت ونفرت وابتعدت عن هذا وذلك أنهم كانوا يرون أنه منتهى الجنون وقلة العقل وعدم الفهم أن يعبد الله وحده لا شريك له وأنه كيف تترك هذه الآلهة الكثيرة التي يعبدونها وهي تراث أبائهم وأجدادهم وهي معظماتهم وألهتهم, وهي كذلك ما يرونه أنه التي تجلب لهم ما هم فيه من النفع وتبعد عنهم الضر, ولذلك قالوا {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ}[ص:5]: أي عندهم أن هذه القضية أنه لا يعبد إلا الله وحده لا شريك له وأنه تترك عبادة هذه الآلهة المعظمة عندهم والتي ورثها الأبناء عن الآباء هذا أمر عندهم خارج عن المنطق وعن العقل فلما يذكرون بأنه لا يعبد إلا الله وحده -جل وعلا- خالق السماوات والأرض خالقهم وفاطرهم يشمئزون من هذا كل الاشمئزاز وينفرون من هذا كل النفور وإذا ذكر الله وحده -سبحانه وتعالى- أي أنه لا تحل ولا تجوز ولا تصح العبادة إلا له وحده إذ هو المستحق وحده للعبادة بما أنه رب السماوات والأرض قال -جل وعلا-: اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ: كرهت وأبغضت هذا كل البغض وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ: أما إذا ذكر الذين هم من دون الله غيره من هذه الآلهة المدعاة إذا هم يستبشرون يفرحون سلسون ويرون البشرى في هذا. وأن هذا هو الخير, وأن هذا هو الحق, وأن هذا هو الصواب, فأي ضلال أكبر من هذا؟ وأي عمى عن الحق أكبر من هذا؟ وأي نفور من الحق وتمادي في الباطل أكبر من هذا؟.

 قال -جل وعلا-: {قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}[الزمر:46]: أي عندما يكون الأمر على هذا النحو فيجب للعبد أن يستسلم لله -تبارك وتعالى- وأن يدعوه -جل وعلا- وحده وأن أن يدعوه وأن يثبته على الدين وأن يأخذ به طريق الحق المستقيم فإن هؤلاء الذين ضلوا وعموا عن أبين الأمور وأظهرها وأشهرها وأحلاها توحيد الرب -تبارك وتعالى- وأنه وحده المستحق للعبادة عموا عن هذا واتخذوا آلهة لهم يعبدونها من دون الله وأحبوها هذا الحب وكرهوا التوحيد هذا الكراهية أي ظلمة وأي ضلال أعظم من هذا قل اللهم دعوة إلى الله -تبارك وتعالى- فاطر السماوات والأرض يا فاطر السماوات والأرض فاطرها منشأها الذي بدأ خلقها -سبحانه وتعالى- فاطر تقول العرب فطرت هذه البئر أنا الذي شققتها, فالله هو الذي شق السماوات والأرض من بداية الخلق -سبحانه وتعالى- هو الذي انشأ مادتها من العدم سبحانه وتعالى- وهيأها على هذا النحو فالمادة مادة السماوات والأرض الله هو الذي خالقها -سبحانه وتعالى- أي لله خالق كل شيء وكذلك صناعها على هذا الوجه الجميل هو الله -تبارك وتعالى- عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ: أي يا عالم الغيب والشهادة الغيب كل ما غاب عنا يعلمه الله -تبارك وتعالى- لأنه لا يغيب عنه شيء فكل ما غاب عن المخلوق الله يعلمه, وكل مخلوق يعلم شيء ويغيب عنه شيء ما تحت سمع وبصرب المخلوق يعلمه وما هو وراء الحجب لا يعلمه والزمان حجاب وما وراء الزمان لا يعلمه إلا الله -تبارك وتعالى- فالملائكة لا يعلمون إلا لما أعلمها الله -تبارك وتعالى- وقد قالوا {قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}[البقرة:32] الذي تعلمنا إياه نعلمه والذي لا تعلمنا إياه لا نعلمه وكذلك كل الرسل كل الأنبياء كل الخلق فالله عالم الغيب عالم ما غاب عن كل مخلوقاته يعلمه الله -عز وجل- ولا غيب عنده في كل السماوات والأرض وما من غائبة في السماوات والأرض إلا في كتاب مبين, فالله لا يعزب عن علمه صغير ولا كبير من كل خلقه -جل وعلا- والشهادة ما نشهد كل ما يشهده المخلوق يعلمه الله -تبارك وتعالى- أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون, أنت أيها يا ربي يا فاطر السماوات والأرض تحكم بين عبادك كلهم فيما كانوا فيه يختلفون في الذي يختلفون فيه ولا شك أن أعظم ما اختلف فيه العباد شأن توحيد الرب -تبارك وتعالى- وبالتالي سيكون الفصل في من عبد غير الله -تبارك وتعالى- ومن عبد الله -تبارك وتعالى- وحده الفصل في كل وهذا من خلاف العباد, فالقضية التي الأساسية التي اختلف فيها العباد في توحيد الله -تبارك وتعالى- أهل الإيمان وحدوا الله -تبارك وتعالى- عبدوه وحده لا شريك له من الرسل والأنبياء وأتباعهم وأهل الشرك عبدوا كل اتخذ له إلها أو أكثر من دون الله -تبارك وتعالى- فهذه القضية الأساسية هذه حكمها إلى الله -تبارك وتعالى- الله سيحكم من عباده فيما كانوا فيه يختلفون, ومن هذه القضايا الكبرى ومن كل شيء صغير حتى الأمور الصغيرة من الخلاف في كل شيء فالله -تبارك وتعالى- هو الذي سيحكم بين العباد فيما يختلفون فيه من الصغير والكبير, أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون وهذا في تسليم لأمر الله -تبارك وتعالى- وكذلك فيه تحذير وإنذار للمشركين اعملوا إن كل ما يختلف فيه العباد الحمم إلى الله -تبارك وتعالى- وأن الله هو الذي يستحقكم فيه -سبحانه وتعالى- فانظروا الأمر وتدبروه.

 ثم قال -جل وعلا-: {وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ}[الزمر:47]: لما أخبر الله -سبحانه وتعالى- إن الحكم له فيم يختلف فيه العباد بين العقوبة الشديدة التي ستنتظر من خالف أمر الله -تبارك وتعالى- ومن أشرك بالله -تبارك وتعالى- وبين الله هذه العقوبة الشديدة بهذه الصورة من صور الفظيعة صورة إن هذا الكافر الذي سيرى العذاب يوم القيامة عذابه يوم القيامة لو أنه يملك كل ما في الأرض لوحده ومثله كذلك يملكه واحد وأوقف أمام هذا العذاب وقيل له ما رأيك لو هذا الآن أنت تملك لو أنك تملك الأرض كلها وما فيها ومثلها معها من خيارتها من ذهبها وخيراتها وطلب منك أن تقدمه لتفتدي به من العذاب تفعل؟ فيتمنى ذلك يقول أي والله افعل ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لكل واحد منهم هذا كل الذي في الأرض ومثل وما في الأرض كذلك معه لافتدوا به, لو ولو طبعا هذا حرف امتناع لو كان هذا موجودا ولن يكون لن يقبل الله -تبارك وتعالى- منهم فدية لو كانت هذه موجودة وقدمت لهم فإن الله -تبارك وتعالى- لا يقبل منهم فدية للخروج من النار {وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ........}[الزمر:47] ومن سوء العذاب لأن العذاب سيكون في غاية السوء أولا أصل هذا العذاب وهو العذاب بالنار وهذا أسوأ شيء لا أشد إيلاما -عياذا بالله- تبارك وتعالى- من عذاب النار فكيف إذا كانت هذه النار هي تفضل النار الدنيا التي يتعرف عليها الناس في الدنيا بسبعين مرة أكبر منها سبعين مرة في حرها يقول كل مرة كل مرة مثل حر نار الدنيا -عياذا بالله-, ثم ما في هذه النار بعد ذلك لا يكتفي بهذا بأنه فقط في النار بل يعذب بشراب وبطعام كله في أنواع من العذاب شراب من حرارته لو قدمه يهري وجهه تشوي الوجوه وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ, ثم يشربه ويتغصصه ويقطع أمعاءه, ثم بالزقوم الذي وهو ثمار أشجار تنبت في النار فتقطع أمعاءه كذلك والنبي يقول: يا أيها الناس اتقوا الله ألو أن قطرة من الزقوم قطرت على أهل الأرض لأفسدت على الناس معايشهم فكيف بمن طعامه وشرابه ثم الضرب بمقامع الحديد كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق, {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ}[الحج:19], {يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ}[الحج:20], {وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ}[الحج:21], {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ}[الحج:22], ثم بالإهانات والإهانات والإهانات النفسية عذاب من كل مكان فلما يرى سوء هذا العذاب ويرى جهنم على هذا النحو والسجن على هذا النحو وأنه واقع وأنها مقفلة على هذا النحو, لو كان يملك كل شيء لو يملك الدنيا بما فيها وزيادة عنها وطلب منه أن يدفع هذا ليفتدي به لفعل ولكن ستمتنع هذه الفدية ويمتنع قبولها فالأمر أن ممتنعان فلو أن له هذا وهذا ليس له ويدفعه ليفتدي فلا يقبل كذلك فهذا ممتنع وهذا ممتنع والله -تبارك وتعالى- لا يقبل منه فدية ولو كان له هذا, {وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ}[الزمر:47], بدا لهم ظهر لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون يحتسبون يظنون هذا ما هذا الذي كان ظنونهم في الله -تبارك وتعالى- غير هذا تماما فظن الكافر أنه ما في حساب بعض الكفار قد ظنوا أنه لا عقوبة ولا حساب ولا قيامة من هذا, فإذا به يقول ويجري الأمر دنيا تغيرت كلها كل الأمر تغير, {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ}[إبراهيم:48].

 ثم يأتي عريان يساق هذا ويقال له عذابك الهول والسلطان أين آلهته أين جماعتي أين أنصاري وأين أهلي {........ فَلا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ}[المؤمنون:101] أين الآلهة التي عبدناها يجد أن الآلهة يقول هذا الآلهة عبارة عن حجر حقير يلقى هو وهو في النار {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ}[الأنبياء:98] كانوا ناس معظمين وكبراء وكذا فراعنا هو لم الجاه والمكانة ويجد أنه حقير صغير مثله يساق على قدميه معه إلى النار ويسب بعضهم بعض, يرى هذا الهول كما قال -جل وعلا{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ}[البقرة:165], {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ}[البقرة:166], {وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ}[البقرة:167] يظهر لهم يظهر لهؤلاء ما لا يكونوا يتوقعونه ولا يحتسبونه ولا عملوا لحساب بتاتا كذلك كثير من الناس كان يظن أن هذا الرب أنه إن كان ولابد ستكون يوم قيامة كذلك سيكرمهم مثل ما أمرهم في الدنيا وسيكرمهم في الآخرة, ثم يجد بعد ذلك أنه لا قد جاء ربه مجرما وقد جاءه بالكفر وأن الذي يأتي ربه بالكفر الله -تبارك وتعالى- عزيز ذو انتقام, وسيحاسبه على ذنبه وأن الأمر على فالأمر خلاص غير تلك الظنون التي ما الأمر ليس كما ظنه في الله -تبارك وتعالى- وأن الله آخذه ومعذبه واتخذه بذنبه الذي أذنب وبالهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون كل الذي ظنوه في الله -تبارك وتعالى- من هذه الظنون السيئة يجد أن الأمر بخلافها تماما وأنه ليس الرب الذي تخيلوه وتصوروه هو الرب الآن الذي شاهدوا عظمته وكبريائه -سبحانه وتعالى- وشاهدوا عقوبته على هذا النحو فرأوا الأمر مختلف تماما, وهذه يدخل فيها كذلك كل من كان له ظن سيئ بالله -تبارك وتعالى- وإن كان يؤمنون بالآخرة وإن كان من أهل الإيمان لكنه إن كان مستهينا بأمر الله -تبارك وتعالى- كان في استهانة كان في استخفاف بالذنب ثم بعد ذلك إذا أوخذ بالذنب وعوقب به يجد الأمر ما كان على هذا كالذي, كان يترك الزكاة تكاسلًا عنها يترك هذا الأمر يترك أمور من هذه الأمور, ثم إذا به يحاسب الذي كان ما بيأدي الزكاة يجد أنه سيحاسب عليها خمسين ألف سنة في عذابها كما قال النبي ما لصاحب ذهب أو فضة لا يؤدي زكاتهما إلا صفحت له يوم القيامة صفائح فيحمى بها يحمى عليها في نار جهنم ثم يكوى بها جبينه وجبناه وظهره في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة, ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار فهذا أيضا الذي استهان بهذا الأمر شو زكاة مؤمن على خير هيروح فهذا يظهر له من الله -تبارك وتعالى- وما لم يسكن يحتسبه ما كان يحتسب هذا وان الله تبارك وتعالى سيعاقبه على ترك هذه الفريضة بهذه العقوبة الطويلة وهذه العقوبة الشديد خمسين ألف سنة وهو يعذب بكنزه بذهبه وفضته أو خمسين ألف سنة وهو يلقى تحت أرجل وأقدام إبله تطأه بأخفافها وتعضه بأنيابها, وأنه يستمر على هذا الحال خمسين ألف سنة كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- ما من صاحب إبل لا يؤدي زكاتها إلا بطح لها يوم القيامة بقاع قرقر ثم يؤتى بها أوفر ما كانت يؤتى بإبله أوفر ما كانت ألفين ثلاثة خمسين ألف أربعين أكثر أقل جائز الرسول يقول لا يترك منها فصيل فصيل ما يترك ييجي تطأه بأخفافها الإبل نفسها هي نفسها التي كانت في الدنيا وتعضه بأنيابها كلما مر عليه أخراها رد عليه أولاها ظل حلقة مستمرة كل فصيل ابعث ببطن صاحبك {........ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ}[المعارج:4].

 ثم يرى سبيله بعد ذلك إما إلى جنة وإما إلى نار فهذا ما احتسب هذا ولا ظن هذا الأمر ما ظن أن الأمر هيكون على هذا النحو وأن العقوبة ستكون على هذا وبهذه الشدة كان يظن أن مثلا ما في عقوبة لهذا وان رجل مسلم وان لكن لما يرى أن الله -تبارك وتعالى- يعاقب على هذه المعصية هذه العقوبة العظيمة خلاص وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون كل من ظن بالله -تبارك وتعالى- ظن سوء وأنه لا يؤاخذ بذنب وعلم لم يأخذ كلام الله -تبارك وتعالى- على محمل الجد ولم يؤدي حق الله -تبارك وتعالى- وينتبه للمعصية فإذا عوقب بهذه المعصية يرى أن الأمر على خلاف ما كان يتوقعه تماما يخبر النبي في صاحب المال يقول بأن ماله النبي عطي صورة -صلوات الله والسلام عليه- قل يتمثل له ماله ثعبان يركض وراءه وينادي يقوله تعالى تعالى خذ مالك مالك عندي يفتح له فمه هذا الثعبان ويرى ماله الذي كان هو في الدنيا نفسه والمال موجود يقول له لا أدعك حتى تأتي فإذا رد إليه وقال لا يرى أنه خلاصة من هذا الثعبان الذي يلاحقه في المحشر إلا أن يأخذ ماله يقول له خد مالك مني فإذا جاء إليه ليضع يده فيه عشان يخرج أموال التي هو يظن أن أمواله تخلص من هذه فيلقمه فيأخذ بلهزمته فيقول أنا مالك أنا كنزك ويظل ملازم على هذا النحو -عياذا بالله-  فهذا من أهل الإيمان هذا من أهل الإيمان من عصاة المؤمنين عندما يرى العقوبة والعذاب على هذا النحو كذلك, وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا: لهم ظهر لهم سيئات ما كسبوا جزاء هذه السيئات جزاء الذي كسبوه سيئات جزاؤها عقوباتها عند الله -تبارك وتعالى- بالذي كسبوه في الدنيا من هذا الكسب الخبيث, {وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون}[الزمر:48]: حاط بهم وأهلكهم ما كانوا يستهزئون بهذه العقوبة يستهزئون بيوم القيامة يستهزئون بالنبي -صلوات الله والسلام عليه- يستهزئون بما ذكروا به أخذوه على من حمل السخرية والاستهزاء. ثم قال -جل وعلا-: {فَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ}[الزمر:49]: هذا كذلك تصوير من الله -تبارك وتعالى- لحال هذا الإنسان الكافر هو لا ثبات له لا على طاعة يثبت عليها فيشكر الله -تبارك وتعالى- ولا على ضر فيصبر لا بل إذا مس الإنسان ضر الله يقول إذا مس الإنسان ضر دعانا يلجأ إلى الله -تبارك وتعالى- وبدا يدعو ويوجه دعاؤه إلى الرب -سبحانه وتعالى- ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا: أعطيناه وجعلنا هذه في مكنته وفي تصرفه نعمة من الله -تبارك وتعالى- قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ: إنما أوتيته أوتيت هذا الذي على علم إما على علم عندي فأنا هذا المال كسبته بعلمي وبعلمي بطرقي الكسب فينسب الأمر إلى نفسه -سبحانه وتعالى- ولا ينسب بأن هذا له أول على علم من الله -تبارك وتعالى- بإني جدير بهذا أني جدير بهذا الذي إعطاني الله –تبارك وتعالى- أنا جدير به فلذلك إعطاني ما أعطاني وهو في كلا الحالين هذا وهذا كافر بالله -تبارك وتعالى- فإن الله لا يعطي العبد عن جدارة وإنما بفضله وإحسانه وإنعامه -سبحانه وتعالى- في كل الأمور الله يعطي من يعطي من عباده -سبحانه وتعالى- منه -سبحانه وتعالى- وفضله وإحسان منه -سبحانه وتعالى- وابتلاء منه له ليشكر الله -تبارك وتعالى- على هذه النعمة أم يجحدها ويكفرها وهذا جاحد فهو يرى أن النعمة هي جديرة به وأنه هذا حق على الله أن يعطيها وأن هذا إنما نسي الله -تبارك وتعالى- وأن هذا الذي ناله في هذه في الدنيا إنما ناله بكسبه وعرقه وجارته وعلمه قال إنما أوتيت على علم قال -جل وعلا- بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ: أي أن الله -تبارك وتعالى- عندما ينعم على عبده -سبحانه وتعالى- إنما يختبره ويبتليه فإن كمان من أهل لا الصلاح والإسلام فإنه ينسب ما آتاه الله -تبارك وتعالى- إلى الله -تبارك وتعالى- وعلم أنه أخذ فضل الإله وإحسانه -تبارك وتعالى- والكفار يظهر كفره بهذا فيتنسب الفضل إلى نفسه وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ: أكثر الناس لا يعلمون والأقلون هم أهل الإيمان الذين يعلمون حقيقة عطية الرب -تبارك وتعالى- وإنعامه أنها كلها اختبار وابتلاء -سبحانه وتعالى- كما قال العبد الصالح لما رأى ما مكنه الله -تبارك وتعالى- في من هذا التمكين رأى عرش بلقيس عنده في لمح البصر {........ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ}[النمل:40], {قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[الزمر:50]: قد قالها نفس المقالة أن احنا جديرون بما نحن فيه فان تصبهم حسنة يقول لنا هذه وان تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه وقال قارون إنما أوتيته على علم عندي كل الذين أنعم الله -تبارك وتعالى- عليهم من الكفر بالنعم الدنيا السباق ظنه أن هذا حظهم ونصيبهم وأنهم جديرون بها لكن فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون ما الذي أغنى ما الذي أفادهم ونفعهم هذا الذي كسبوه من الشر نزلت عليهم عقوبة الرب -تبارك وتعالى- قال -جل وعلا-: {فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ}[الزمر:51].

نقف هنا, ونعود إن شاء الله في الحلقة الآتية, وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد سيد الخلق الأولين والآخرين.