الجمعة 29 ربيع الآخر 1446 . 1 نوفمبر 2024

الحلقة (571) - سورة غافر 1-9

الحمد لله ربِّ العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين, سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومَن اهتدى بهداه، وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد؛ فيقول الله -تبارك وتعالى- : {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ}[غافر:7], {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[غافر:8], {وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[غافر:9], {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إلى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ}[غافر:10], {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ}[غافر:11], {ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ}[غافر:12].

يُخْبِرُ -سبحانه وتعالى- عن حَمَلَةِ عرشه، قال -جلَّ وعَلا- : {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ}, {الْعَرْشَ}, عرش الرب -تبارك وتعالى-, سرير المُلْك, {الْعَرْشَ}, في اللغة هو سرير المُلْك، وقد جاء وصف ذِكْر العرش في القرآن كثيرًا صاحب العرش، العرش؛ {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}, عرش الله -تبارك وتعالى- هو سقف هذه المخلوقات؛ فالله -تبارك وتعالى- قد خَلَقَ هذه المخلوقات مِن الأراضين والسموات السبع, {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ........}[الطلاق:12], وفوق هذه السموات السبع كرسيه وعرشه -سبحانه وتعالى-, جاء في قول ابن عباس -رضي الله تعالى عنه- أنَّ الكرسي موضع قدمي الرب -جلَّ وعَلا- قال : (الكرسي موضع القدمين)، وقد وصف الله  الكرسي؛ فقال : {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ}, أي أنَّ السموات والأرض في الكرسي كما جاء في الحديث : «كحلقة في فلاة», فالكرسي أعظم مِن السموات والأرض، وكذلك الكرسي في العرش كحلقة في فلاة، العرش لا يقدر قدره إلا الله، العرش الذي هو سقف كل هذه المخلوقات لا يقدر قدره إلا الله, لا يستطيع أحد أنْ يعرف سعته وزنته إلا الله -تبارك وتعالى- وفي الحديث : «سبحان الله وبحمده عدد خَلْقِهِ, سبحان الله وبحمده رضاء نَفْسِهِ, سبحان الله وبحمده زِنَةَ عرشه, سبحان الله وبحمده مداد كلماته», فمداد كلمات الله لا حصر لها, لا يمكن أنْ تُحْصَرَ كلمات الله -تبارك وتعالى- وأنْ تُكْتَبَ ولو جئنا بمثل البحر سبعة أبحر جُعِلَتْ مدادًا، وجُعِلَت أشجار الأرض كلها أقلامًا، وَكَتَبَتْ هذه الأقلام بهذا المداد ما نفدت كلمات الله, {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ........}[لقمان:27], فهذه كلمات الله -تبارك وتعالى-, وذات عرشه لا يثقل السموات والأرض, عندما يذكر النبي هذه الأشياء عدد خَلْقِ الله لا حصر لها، رضا نَفْسِ الله -تبارك وتعالى- لا حد لرضاه -سبحانه وتعالى-, وزنة عرشه, لا يعلم مداد كلماته، لا يمكن أنْ تحويها كتب، ولا أنْ يكتبها مداد مهما بلغ هذا المداد لو أنه كل محيطات الأرض أصبحت مدادًا لِتُكْتَب كلمات الله، لا تُكْتَب؛ فالعرش هذا مخلوق عظيم مِن مخلوقات الله -تبارك وتعالى- هو عرش الرحمن -سبحانه وتعالى- الذي لا يقدر قدره إلا الله -تبارك وتعالى-, هذا العرش أخبر الله -تبارك وتعالى- بأنَّ له حَمَلَة يحملونه، وحملته مِن الملائكة، وهؤلاء الملائكة لا يمكن لنا إذا كان العرش لا يمكن معرفة سعته وزنته على هذا النحو إلا خالقه -سبحانه وتعالى-, فكذلك مَن يحملوه لا يمكن للبشر أنْ يتصوروا مقدار عَظَمَتِهِم وشدتهم وقوتهم, قد أخبر الله -تبارك وتعالى- بأنهم ثمانية, قال : {........وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ}[الحاقة:17], النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول : «أَذِنَ الله لي أنْ أُحَدِّثَ عن مَلَك مِن حملة العرش», مَلَك واحد مِن بين حملة العرش, «ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه في هذه المسافة مِن مسافة هذا الخلق العظيم تخفق الطير خمسمائة عام», أي لو أنَّ طائرًا يطير مِن هذا المكان إلى هذا المكان عند هذا الملك هو فقط في عندنا في الإنسان لا يتعدى خمسة عشر سنتيمتر في الإنسان، أو عشرين سنتيمتر لكن هذه تخفق الطير, لو أنَّ طيراً يطير كالصقر مثلاً في اندفاعه؛ فإنه يمكث خمسمائة عام لا يقطع هذه المسافة, فكيف إذن بقامة هذا الملك هذا أمر لا يمكن للخلق وللبشر أنْ يتصوروه على ما هو عليه؛ فهو أعظم مِن تخيلاتهم وتصوراتهم, لا يقدر قدر هذا إلا الله -تبارك وتعالى-, هؤلاء حَمَلة عرش الله -تبارك وتعالى- مِن أشرف ملائكة الله، ولعلهم أشرف ملائكة الله -تبارك وتعالى-, ومَن حول هذا العرش كذلك مِن ملائكة الله -تبارك وتعالى- يخبر -سبحانه وتعالى- بأنَّ هؤلاء الملائكة الأشداء، العظام, حَمَلة عرش الرب -تبارك وتعالى-, {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ........}[غافر:7] مِن الملائكة كذلك, {يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ}, هذا صنيعهم، وهذا فعلهم أنهم مع هذا الخَلْق العظيم، وهذه القدرة الهائلة، وهذه النفوس الطيبة، الطاهرة؛ فإنهم خلقهم الله -تبارك وتعالى- مِن نور؛ فإنهم {يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ}, يسبحون حال كونهم متلبسين بحمد الله, أي تسبيح وتحميد لله, أما التسبيح؛ فهو التنزيه، تنزيه الله -تبارك وتعالى- عن كل ما لا يليق, تنزيهه أولًا أعظم ما يُنَزَّه عنه الله -تبارك وتعالى- الند والشريك والنظير أنْ يكون لصاحب العرش مثيل، أو نظير، أو مشابه، أو ابن، أو زوجة تعالى الله -تبارك وتعالى- عن ذلك؛ فلا نِدَّ له، ولا نظير له، ولا شبيه له؛ فهو الواحد الأحد، الفرد الصمد -سبحانه وتعالى- الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، وينزهونه عن كل آفة ونقص؛ فهو الحي القيوم الذي لا تأخذه سِنَةٌ ولا نوم، والذي له ما في السموات والأرض، والذي لا يشاركه في مُلْكِهِ أحد، ولا يشاركه في تصريفه أحد لا في المُلْك، ولا في التصريف؛ فالله خالق كل شيء، وهو على كل شيء قدير، العليم بكل خَلْقِهِ -سبحانه وتعالى-, مُدَبِّر لكل شئونهم الذي لا يحتاج لأحد مِن مخلوقاته، ولا إلى شيء مِن مخلوقته؛ فلا يحتاج إلى عرشه، ولا يحتاج إلى حَمَلَةِ عرشه, كل هذا إنما هي أُبَّهَةُ المُلْك إنما هو ملكه -سبحانه وتعالى- وهذا المُلْك ليس لله -تبارك وتعالى- كما مُلْك الإنسان للإنسان؛ فإنَّ مُلْك الإنسان للإنسان محتاج إليه، فقير إليه؛ فالإنسان فقير إلى كرسي يجلس عليه، سرير يضجع عليه، خادمٌ يخدمه، قائمٌ يقوم بشأنه طاعمٌ يطعمه، وهكذا؛ فهو فقير إلى هذه الموجودات التي جعلها الله -تبارك وتعالى- في خدمته، هو فقيرٌ إليها، أما الرب -تبارك وتعالى- فهو الغني عن كل ما سواه، الله -سبحانه وتعالى- هو الغني عن كل ما سواه -سبحانه وتعالى-, خَلَقَ الخَلْق كلهم وهو غني عنهم -سبحانه وتعالى-؛ فلا يحتاج إلى عرشه، ولا يحتاج إلى ملائكته، وإلى جِنِّهِ, وإلى إنسه، القائم نَفْسه -سبحانه وتعالى- الحي القيوم، القائم بِنَفْسِهِ، المقيم لغيره -سبحانه وتعالى- وهو يُطْعِم ولا يُطْعَم -سبحانه وتعالى-؛ فهؤلاء حملة العرش يخبر الله تبارك وتعالى- {وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ}, ينزهونه -سبحانه وتعالى- عن كل ما لا يليق به؛  فهو الواحد المتفرد في خَلْقِهِ وفي صفاته لا يشبه في صفاته أحدٌ مِن خلقه جلَّ وعَلا-, لا ينام ولا ينبغي له أنْ ينام, كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : «إنَّ الله لا ينام, ولا ينبغي له أنْ ينام, يرفع القسط ويخفضه, يُرْفَعُ إليه عمل الليل قبل عمل النهار, مِن أعمال خلقه, وعمل النهار قبل عمل الليل», فهو -سبحانه وتعالى- كل يوم هو في شأن مِن شئون خَلْقِهِ، ومِن شئون عباده -سبحانه وتعالى,- {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}[فاطر:41], هؤلاء يسبحون ويحمدون الله، حمد الله هو الثناء عليه بما هو أهله, الثناء بالجميل على الله -تبارك وتعالى- فالله هو ذو الصفات الجميلة -سبحانه وتعالى-,  {ذُو الْجَلالِ}, القوة والمهابة, {وَالإِكْرَامِ}, والإفضال -سبحانه وتعالى-؛ فهم يثنون على الله -تبارك وتعالى- بما هو أهله, ينزهونه -سبحانه وتعالى- عن ما لا يليق به، ويثبتون له كل المحامد -سبحانه وتعالى-, هذا فعل هؤلاء الملائكة، وهم لا يَفْتُرُونَ مِن هذا, {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ}[الأنبياء:20], لا يفترون، ولا ينقطعون عن إدامة تسبيح ربهم -سبحانه وتعالى-, يسبحونه ويحمدونه, {يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ}, حَمَلَة العرش يؤمنون به، {وَيُؤْمِنُونَ بِهِ}, بكل المعاني، يؤمنون بأسمائه وصفاته, يؤمنون بأنه هو الله كما وصف نَفْسَهُ -سبحانه وتعالى-, وكما يعلمون مِن صفته -جلَّ وعَلا-؛ فهم يؤمنون به، وهذا تشريف لمعنى الإيمان، وأنَّ هؤلاء الملائكة العظام يؤمنون بالله -تبارك وتعالى-؛ وذلك أنَّ الله لا يحيط أحدٌ علمًا به إلا هو -سبحانه وتعالى- فهم يؤمنون بربهم، يؤمنون به يصدقون ما يخبرهم الله -تبارك وتعالى- به، ويعتقدون في كل ما يعلمونه مِن صفة الرب -تبارك وتعالى-, {وَيُؤْمِنُونَ بِهِ}, ثم قال -سبحانه وتعالى- : {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا}, هذا أمرٌ عجيبٌ جدًا؛ فهؤلاء الملائكة في علوهم ومكانتهم وأعمالهم هذه العظيمة حَمْلُ عرش الله -تبارك وتعالى-, وتسبيح الله وتحميده، ولكن لهم اهتمامٌ بشئون أهل الأرض، بشئون المؤمنين الذين يعيشون على هذه الأرض، وما الأرض؟ ما الأرض بالنسبة إلى مَلَك مِن هذه الملائكة؟ إنها حَجَرٌ صغير في كفه، ذرة في كفه هذا المَلَك الذي تخفق الطير خمسمائة عام هو إنْ قلنا أصبعه لعله قدر هذه الأرض مئات المرات؛ فما الأرض وما عليها بالنسبة إلى مَلَك مِن هذه الملائكة حَمَلَة عرش الله -تبارك وتعالى-, لكنهم مع هذا لَمَّا اشتركوا يشتركون مع أهل الإيمان مِن البشر في الإيمان؛ فالبشر مؤمنون بالله كما حمَلَة العرش مؤمنون بالله -تبارك وتعالى-, اشتركوا في الإيمان بالله -تبارك وتعالى- فثمة أخوة هنا، وعلاقة وطيدة بين حَمَلَة عرش الله -تبارك وتعالى- وبين هذا المؤمن, هذا المخلوق الضئيل، الصغير, الذي يعيش على هذه الأرض، انظر هذا الخَلْق العظيم مِن خَلْق الله -تبارك وتعالى- يهتم بهذا المخلوق الصغير، الضئيل الذي يعيش هنا في هذه الأرض؛ {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا}, {يسْتَغْفِرُون}, يطلبون المغفرة مِن الله -تبارك وتعالى- لأهل الإيمان, شيء عظيم، الله, عندما ينظر المؤمن أنَّ هذا الخَلْقِ العظيم مِن خَلْقِ الله -تبارك وتعالى- مهتمٌ به، ويدعوا له عند الرب الإله العظيم -سبحانه وتعالى- يقولون يا ربي اغفر لعبادك المؤمنين, {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا}, ويدعون بهذا الدعاء : {رَبَّنَا}, هذا دعاء الملائكة, حمَلَةَ عرش الله -تبارك وتعالى-, {رَبَّنَا}, يا ربنا, {وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا}, الله, انظر ثناؤهم على الله -تبارك وتعالى- هذه مقدمة لدعائهم، يقولون : {رَبَّنَا}, يا ربنا, {وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا}, كل شيء مِن خَلْقِ الله -تبارك وتعالى- وَسِعَهُ الله -تبارك وتعالى-, أي أنَّ الله -تبارك وتعالى- عِلْمُهُ قد أحاط بكل مخلوقاته -سبحانه وتعالى-, لا يخفي عنه مِن شئون مخلوقاته ولا ذرة صغيرة، وكذلك رحمة؛ فإنَّ رحمة الله -تبارك وتعالى- قد نالت كل المخلوقات؛ فما مِن مخلوق مِن هذه المخلوقات إلا ووجوده وبقاؤه ورزقه وتقلبه برحمة الله -تبارك وتعالى- مَن ذا الذي يوجد إلا بإيجاد الله، هو وُجِدَ بإيجاد الله، ووجود كل مخلوق هذا وجوده أصلا الوجود الإبراز مِن العدم, إخراجه مِن العدم إلى الوجود هذه رحمة؛ ثم ما مِن موجود أبرزه الله -تبارك وتعالى- مِن العدم إلى الوجود إلا ووضع له مِن الأسباب والمكونات مِن أمور الرفق والنظام والهداية إلى الطريق كلها ما يرحمه الله -تبارك وتعالى- به, انظر بداية هذا الإنسان، وكيف أنه برحمة الله -تبارك وتعالى- وُجِدَ مِن يوم ما كان بذرة صغيرة في رحم أُمِّهِ, ثم انظر كيف غذيت، كيف رتبت، كيف اعتنى بها، كيف طورت طورًا بعد طور, علقت في الرحم، أصبحت مضغة، أصبحت عظام يمدها الله -تبارك وتعالى- بأنواع الطعام مِن هذا الحبل السُّري ينضجه الله -تبارك وتعالى- في بطن أُمِّهِ هذا الخَلْق العظيم, {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ}, ثم بعد ذلك يهيء الله -تبارك وتعالى- له السبيل, يتيسر ليخرج مِن هذا البطن, يوجد الله -تبارك وتعالى- له في ثدى أمه الطعام المناسب له مِن حليب هذه الأم، يُعَلِّمهُ الله -تبارك وتعالى- بالإلهام كيف يلتقم ثدي أمه, يضع الله -تبارك وتعالى- في قلب هذه الأم الرحمة على طفلها، ليس هذا في الإنسان فقط، بل الحيوان انظر هذه الفرس، هذه البقرة، هذا الحيوان، هذا الطير كيف يعتني بصغاره, كيف أوضع الله -تبارك وتعالى- الحُبّ والحنان في قلب الأم، وقلب الأب لهذه الصغار ليعتنوا به, ما مِن موجود مِن هذه الموجودات إلا وسعته رحمة الله -تبارك وتعالى-, يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : «إنَّ الله -تبارك وتعالى- خَلَقَ مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين العباد يتراحمون بها فمنها» مِن هذه الرحمة, «ما ترفع به الفرس قدمها عن ابنها»، الفرس ممكن وهي تمشي ابنها والداه الآن لا يستطيع أنْ يقوم ممكن تضع رجلها عليه؛ فبمجرد ما تضع رجلها عليه تقوم ترفع رجلها رحمة بهذا، تعليم مِن الله -تبارك وتعالى- لها، وإلهام لها؛ فَحَمَلة عرش الله -تبارك وتعالى- يدعون الرب -تبارك وتعالى- ويصفونه بما هو أهله -سبحانه وتعالى-, يقولون : {رَبَّنَا}, يا ربنا, {وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً}, رحمتك وسعت كل شيء، كما قال الله : {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}, {وَعِلْمًا}, بكل خَلْقِهِ, ما يعزب عنه نملة في صخرة، في مكان، في حفرة بعيدة إلا ويعلمها الله -تبارك وتعالى-, يعلم هذه النملة ما الذي تفكر فيه، ماذا مِن شأنها, أين تخبئ بيضها، أين تخفي طعامها, {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا........}[هود:6], {مُسْتَقَرَّهَا}, الذي تستقر فيه، جحرها، عشها, أين هي, {وَمُسْتَوْدَعَهَا}, مستودع البيض، أو مستودع الطعام, أين تدع طعامها، تضع بيضها، تضع فراخها تخفيه كل هذه المخلوقات لأنَّ لها أعداء؛ فتخفيه, الله -تبارك وتعالى- يعلم هذا -سبحانه وتعالى-, وهو المتكفل بكل خَلْقِهِ -سبحانه وتعالى-, {رَبَّنَا}, دعاء حَمَلَة العرش, {رَبَّنَا}, يا ربنا, {وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ}, يا مَن تتصف بهذه الصفات العظيمة، وأنَّ رحمتك وسعت كل شيء، وعلمك بهذه الموجودات وسعها جميعًا؛ إذن, {فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ}, اغفر سامح واعفوا واصفح، وغطي واستر, {فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا}, رجعوا إليك مِن عبادك, {وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ}, وهذه التوبة النصوح, التوبة هي اتباع السبيل, {وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ}, ساروا في سبيلك، وسبيل الله -تبارك وتعالى- هو صراطه المستقيم، وهذا الصراط واضح كل معالمه أوضحها الله -تبارك وتعالى- بَيِّنَة مِن الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم ولا الضالين، صراط الله -تبارك وتعالى-, {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ........}[الشورى:13], فالله هو الذي رسم هذا الطريق، ووضحه بكل معالمه، وقد علمنا الله -تبارك وتعالى- كل معالم هذا الطريق بدءً مِن قص الأظافر, كيف يكون قص الأظافر, أنَّ هذه الأظافر حقها القص إلى كيف نتطهر إلى بعد ذلك كيف نعبد الله -تبارك وتعالى- مِن صلاةٍ، مِن صيامٍ، مِن زكاةٍ، مِن حجٍ، مِن واجب علينا، ما الواجب علينا نحو كل مَن حولنا مِن هذه الموجودات، كيف نتعامل كل أمر فصله الله -تبارك وتعالى- لنا، وأوضح لنا الطريق، طريق واضح، وحذرنا مِن الطرق التي تؤدي إلى النار, طرق الشيطان حذرنا منها، وبينها لنا, {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ}[الأنعام:55], فسبل المجرمين كذلك بَيَّنَهَا الله -تبارك وتعالى- وحذرنا منها، وأوضح لنا الطريق إليه -سبحانه وتعالى- فالذين اتبعوا طريقك، تقول الملائكة : {فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ}, وهذا مِن عِلْمِ الملائكة أنَّ التوبة التي يريدها الله -تبارك وتعالى- هي الرجوع عن هذه المعاصي، واتباع سبيل الرب -تبارك وتعالى-, {........فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ}[غافر:7], {قِهِمْ}, الوقاية أي احمهم, أبعدهم عن طريق الجحيم، عن صراط الجحيم, { وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ}, الجحيم هذه النار, السجن الأبدي الذي أعده الله -تبارك وتعالى- للكافرين, قهم يا رب هؤلاء المؤمنين, {عَذَابَ الْجَحِيمِ}, احمهم واصرف عنهم عذاب هذه النار, دعاءٌ عظيمٌ جدًا، دعاءٌ عظيمٌ مِن أشرف، وأعلى ملائكة الله -تبارك وتعالى- حملة العرش، {وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ}, هذا عملهم الأساس, عملهم الأساس حَمْلُ عرش الرب -تبارك وتعالى-, وتسبيحهم وتحميدهم لله -تبارك وتعالى-, وكذلك مِن عملهم، ومِن دعائهم أنْ يدعوا لأهل الإيمان؛ فالمؤمن عندما يشرف، المؤمن يشرف، ويعلوا عندما يشترك هو وملائكة الرب -تبارك وتعالى- العظام في الإيمان بالله -تبارك وتعالى-, ويرتقي ويَعْظُم عندما يهتموا به ملائكة الرب -تبارك وتعالى-, ويدعون الله له.

ثم منِ تتمة دعائهم : {رَبَّنَا}, أي يا ربنا, {........وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[غافر:8], الله ما ألطف هؤلاء الملائكة، وما أبعدهم عن الحسد والغِلّ؛ فهم في علاهم، وفي عملهم العظيم يدعون الله -تبارك وتعالى- للعباد المؤمنين أنْ يجنبهم الله عذاب الجحيم، وكذلك يدعون الرب -تبارك وتعالى- أنْ يدخلهم جناته، قالوا : {رَبَّنَا}, يا ربنا, {وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ}, {وَأَدْخِلْهُمْ}, أدخل أهل الإيمان مِن هؤلاء مِن البشر, {جَنَّاتِ عَدْنٍ}, جنات بساتين, {عَدْنٍ}, الإقامة, أي بساتين الإقامة عند الله -تبارك وتعالى- وهي جنات ليست جنة واحدة، كما قال النبي: يا أم حارثة إنها جنان، وإنَّ ابنك قد أصاب الفردوس الأعلى لما قالت أم حارثة -رضي الله تعالى عنها- الذي استشهد في المعركة، قالت : يا رسول الله دلني على حارثة, أخبرنى عنه إنْ كان في الجنة صبرت، وإنْ كان في النار ليرين الله ماذا أصنع, أي بنفسها حزنًا عليه؛ فقال لها : يا أم حارثة, النبي يقول لها : إنها جنان ليست جنة واحدة، إنها جنان، وإنَّ ابنك قد أصاب الفردوس الأعلى, أصاب أعلى هذه الجنة، والفردوس هو أعلى الجنة، كما قال -صلى الله عليه وسلم-, «إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة ووسطها, ومنه تفجر أنهار الجنة, وفوقه عرش الرحمن», فسقف الفردوس عرش الله -تبارك وتعالى- لا أعلى موجود مِن الجنة تحت عرش الله -تبارك وتعالى- فوق السموات, {وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ}, دعاء الملائكة لعباد الله -تبارك وتعالى- المؤمنين, {وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ}, جنات الإقامة, {الَّتِي وَعَدْتَهُم}, وهي إقامة دائمة لا يرحلون عنها, {........لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا}[الكهف:108], {........وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ}[الحجر:48], وهم خالدون فيها خلودًا لا ينقطع, {وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم}, وعدهم الله -تبارك وتعالى- على ألسنة رسله؛ فإنَّ الله -تبارك وتعالى- وعد المؤمنين وعد صادق منه، وأخبر بأنه وعد محتوم عليه -سبحانه وتعالى-, وأنه لا بد أنْ ينفذه، وأنَّ الله لا يخلف وعده -سبحانه وتعالى-, قال : {........وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا}[النساء:122], فهو وعدٌ صادقٌ، والله لا يقول إلا الصدق -سبحانه وتعالى-, {وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ}, ليكونوا معهم، وقريبًا منهم, {وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ}, ما قالوا وآبائهم وأزواجهم وذرياتهم؛ فقد يكون مِن الآباء، ومِن الأزواج، ومِن الذرية كفار لكن مَن صلح أي منهم بالإيمان مِن كان صالحًا مِن أهل الإيمان؛ فأدخلهم معهم, {وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ}, أي مِن زوجاتهم, {وَذُرِّيَّاتِهِمْ}, فاجعل رفقة هؤلاء الأقربين بعضهم مع بعض، وهذا أيضًا يكون مِن عظيم يرحمه الله -تبارك وتعالى- بالمؤمن، كما قال -جلَّ وعَلا- : {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ........}[الطور:21], في المنزلة والمكانة في الجنة, {........وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ}[الطور:21], أَدْخِل هؤلاء مع أقربائهم, {........مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[غافر:8], وهنا ختموا هذا الدعاء بهذين الوصفين للرب -تبارك وتعالى-, {الْعَزِيزُ}, الغالب الذي لا يغلبه أحد -سبحانه وتعالى-, وهذا لتحقق الوعد أنك, {الْعَزِيزُ}, ما يغلبك أحد فيتحقق وعدك -سبحانك وتعالى-, {الْحَكِيمُ}, الذي يضع كل أمر في نصابه؛ فأنت {الْعَزِيزُ}, الغالب لكل خَلْقِكَ، والحكيم الذي تضع كل أمر في نصابه الإيمان في نصابه، وكذلك الكفر في نصابه.

ثم مِن تمام دعائهم : {وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[غافر:9], لما دعوا بأنْ يجنب الله -تبارك وتعالى- أهل الإيمان أعظم الشرور، أول شيء انظر ترتيب دعاء الملائكة، وهذا يدل على كمال علمهم، أول شيء أنهم دعوا الله -تبارك وتعالى- بأنْ يصرف أعظم الشرور عن المؤمنين, {........وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ}[غافر:7], اغفر لهم، {........لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ}[غافر:7], ثم دعوا لهم بأعظم المطالب وهي الجنة, {رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُم وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[غافر:8], ثم تدرج هذا إلى ما دون الجنة، وما دون النار مِن السيئات التي تكون، والعقوبات الأخرى التي تكون في القبر، أو في الموقف، قالوا : {وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[غافر:9], {وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ}, كل السيئات، كل سوء عند الموت، في الحشر، في القبر، في عَرَصَات يوم القيامة, {وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ}, كل السيئات بالألف واللام, {وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ}, مَن تقيه السيئات يومئذ؛ فلا يعذب في الموقف، ولا تكون عليه أهوال يوم القيامة, {فَقَدْ رَحِمْتَهُ}, رحمة كاملة هذه, {........وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}[غافر:9], {وَذَلِكَ}, الذي ينال هذه الأمور هو الذي فاز الفوز العظيم، وحصل مطلوبه الأكبر، دعاء عظيم مِن حَمَلَة عرش الله -تبارك وتعالى- لعباد الله المؤمنين, نسأل الله -تبارك وتعالى- أنْ يدخلنا في هؤلاء العباد.

أستغفر الله لي ولكم مِن كل ذنب، والحمد لله رب العالمين.