الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 . 22 نوفمبر 2024

الحلقة (577) - سورة غافر 47-56

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله الأمين, سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومَن اهتدى بهداه، وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد؛ فيقول الله -تبارك وتعالى- : {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ}[غافر:47], {قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ}[غافر:48], {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ}[غافر:49], {قَالُوا أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ}[غافر:50], {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ}[غافر:51].

يُخْبِرُ -سبحانه وتعالى- عن حال قوم فرعون كبراؤهم وضعفاؤهم يوم القيامة، وأنهم يتحاجون في النار، وأنَّ كل منهم يُلْقِي باللوم على الآخر، قال -جلَّ وعَلا- : {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ........}[غافر:47], {يَتَحَاجُّونَ},كل يقول بحجته في وجه الآخر, {فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا}, الضعفاء هم التبع، الرعاع, عامة الشعب، يقولون : {لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا}, وهم الملأ مِن فرعون وحاشيته وملأه ووزراءه وقواده الذين كان لهم القيادة والرئاسة في أقوامهم، وهم استكبروا على الضعفاء، واستكبروا عن طريق الحق، تكبروا أنْ يتبعوا طريق الحق, {إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا}, يقولوا هؤلاء الضعفاء : {إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا}, نسير كما تأمرونا به، وكما تشرعون لنا، وتأمروننا به, كنا تابعين لكم فيما دعوتمونا إليه, {إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا}, فأنتم كنتم الرؤساء والقادة في الكفر والشِّرك الذي سرنا فيه, {........فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ}[غافر:47], أنْ تأخذوا شيئًا مِن العذاب الذي علينا؛ فتحملوه عنا، ويُرْفَع عليكم؛ فأنتم الذين تستحقون، وأنتم الذين كنتم السبب في إضلالنا, {........فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ}[غافر:47], {قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا........}[غافر:48], {قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا}, في حال يأسهم وقنوطهم, {إِنَّا كُلٌّ فِيهَا}, كيف نرفع عنكم شيئًا مِن النار، نحن كلنا في هذه النار نحن وأنتم, أي القادة الزعماء والكبراء والشعب والأتباع والرعاع، قالوا : {........إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ}[غافر:48], إنَّ ما نحن فيه مِن العذاب، وما أنتم فيه إنما هو حكم الله -تبارك وتعالى- لا حكمنا، وبالتالي كونوا فيما أنتم فيه مِن العذاب، ولا مجال لأنْ نتصرف بأنْ نحمل عنكم شيئًا مِن العذاب, {........إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ}[غافر:48], فهذا الحكم في أنْ يكون الكل في النار الأتباع والمتبوعين كلهم في النار، أما حكم الله تبارك وتعالى في الأتباع والضعفاء بأنَّ يكونوا في النار؛ لأنهم اتبعوا الباطل، ولم تكن لهم عقول ليميزوا بها، ولم  ينأوا بأنفسهم عن أنْ يسعوا في الباطل على هذا النحو، كما قال -تبارك وتعالى- : {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ}[الزخرف:51], {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ}[الزخرف:52], {فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ}[الزخرف:54], فهذه المقالة مقالة تزييف وكفر، وقد رأى الشعب بعينه رأى الآيات الواضحات، البَيِّنَات التي أجراها الله -تبارك وتعالى- على يد موسى، وعلموا أنَّ الله -تبارك وتعالى- لا يمكن أنْ يكون هذا الفرعون المتأله، بل الله -تبارك وتعالى- هو خالق السموات والأرض؛ فهم شركاء, الأتباع والكبراء هم شركاء في الجرم، وشركاء في الكفر.

 ثم يطوى الله صفحة هؤلاء، ويُبَيِّنُ بأنَّ الكل بعد ذلك في النهاية يستسلم لما هو فيه مِن العذاب، ويرى أنه لا مجال لأنْ يحمل أحدٌ عن أحدٍ شيئًا، وأنْ يُغْنِي المقدم في الكفر عن المؤخر فيه, بل ما دام أنه قد كان تابعًا له في الكفر؛ فهو معه, {........إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ}[غافر:48], قال -جلَّ وعَلا- : {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ}[غافر:49], هنا يعرض الله -تبارك وتعالى- لنا صورة مِن صورة هؤلاء البائسين, المعذبين، وأنهم يتسغيثون بخزنة جهنم, {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ........}[غافر:49], كلهم مِن الكبراء والأتباع مِمَن هم في النار, {لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ}, خزنتها حراسها، القائمون عليها، السجانون، الموكلون بتعذيب هؤلاء القوم، كما قال -جلَّ وعَلا- : {عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ}[المدثر:30] مالك هو رأسهم، مالك خازن النار، وقال -جلَّ وعَلا- فيهم : {وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا........}[المدثر:31], {وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ........}[غافر:49], وهم ملائكتها الغلاظ, الشداد, الذين {........لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}[التحريم:6], {........ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ}[غافر:49], {ادْعُوا}, يا أيها الملائكة, {رَبَّكُمْ}, فقد هنا يتوسلوا إلى الله -تبارك وتعالى- بدعاء هؤلاء الملائكة, {........يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ}[غافر:49], أنْ يخفف عنا يوم نرتاح فيه مِن العذاب, {ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ}, وجاء هنا يخفف بالجزم؛ لأنَّ هذا طلب مضمن معنى الشرط, أي إنْ تدعوا ربكم خفف عنا يومًا مِن العذاب, {قَالُوا}, أي خزنة جهنم، خزنة جهنم قالوا مجيبين لهؤلاء المجرمين في النار : {أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ}, سؤال يراد به التقريع والتأنيب والإنكار عليهم فيما قالوه, {أَوَ لَمْ تَكُ}, أي تكن, {تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ}, وأنتم في الدنيا ما جاءتكم رسلكم بالبينات الدلائل, الواضحات على ما يدعونكم إليه مِن عبادة الإله, الواحد, الذي لا إله إلا هو -سبحانه وتعالى-, والحال أنه حتى يقروا هذا, {أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى}, {بَلَى}, جواب لسؤال يقترن بنفي خاصة فيكون معناه الإثبات, أي قد جاءتنا رسلنا بالبينات، قالوا : إذن ما دام الأمر على هذا النحو جاءتكم رسلكم بالبينات، ووضح لكم الحق، وسرتم في طريق الباطل؛ إذن فأنتم تستحقون, {قَالُوا فَادْعُوا}, ادعوا أنتم لا نَدْعُ نحن, {قَالُوا فَادْعُوا}, ادعوا أنتم الله -تبارك وتعالى-, ثم قال -جلَّ وعَلا- :: {........وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ}[غافر:50], ادعوا أنتم ربكم، واستغيثوا كما شئتم بالله -تبارك وتعالى-, والحال أنَّ دعاء الكافرين هؤلاء الذين كفروا بالله -تبارك وتعالى- هم في النار دعاؤهم في ضلال, أي إلى ضياع لا يسمع له، لا يستجاب له؛ فالله -تبارك وتعالى- لا يستجيب للكافر، وهو في هذا المقام مهما استغاث، ومها استجار بالله -تبارك وتعالى- ومهما أظهر التندم والتحسر والتفجع وطلب العودة؛ فإنَّ الله -تبارك وتعالى- لا يقبل منه, {........اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ}[المؤمنون:108], يكون كلام الرب -تبارك وتعالى-, {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ}, فيكون غياثهم شدة العذاب, يغيثهم الله -تبارك وتعالى- بعذاب أشد مما هم فيه, {........وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا}[الكهف:29], {........وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ}[غافر:50], ما دعاء الكافرين ربهم هؤلاء الذين كفروا، وهم في النار على هذا النحو, {إِلَّا فِي ضَلالٍ}, ذهاب لا يسمع، ولا يستجاب له, ثم قال -جلَّ وعلا- بعد ذلك هذا الآن  أظهر الله -تبارك وتعالى- الصورة التي تكون يوم القيامة خصام الرؤساء والأتباع، واستغاثة الجميع، وطلب الجميع توسلهم أولًا بالملائكة فلا يغيثوهم، ولا يسألون الله -تبارك وتعالى- لهم, ولا يرفعون شكاتهم لله -تبارك وتعالى- ودعاء الكافرين يبقى دعاء في النار عندهم لا يُرْفَع إلى الله -تبارك وتعالى-, {........الْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ}[الجاثية:34].

ثم أرجعنا الله -تبارك وتعالى- إلى سُنَّتِهِ في المؤمنين والكافرين في الدنيا؛ فقال -جلَّ وعَلا- : {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ}[غافر:51], {إِنَّا}, الله -سبحانه وتعالى- يؤيد هذا، ويُبَيِّنُ هذا أنه -سبحانه وتعالى-, {لَنَنصُرُ}, باللام الموطئة للِقَسَم بالتأكيد, {لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}, {رُسُلَنَا}, مَن يرسلهم الله -تبارك وتعالى- مِمَن اصطفاهم الله -تبارك وتعالى- وأرسلهم إلى الناس لبيان دينه ودعوته, {وَالَّذِينَ آمَنُوا}, أي بهم؛ بهؤلاء الرسل, {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}, ننصرهم في الحياة الدنيا, ننصرهم على أقوامهم إما بالحجة القاهرة، وإما بعد ذلك بالنصر المبين في ميادين القتال والجهاد, وإما بنصر مِن عنده -سبحانه وتعالى- بأنْ ينجيهم ويهلك الكفار؛ فلا بد أنْ تكون العاقبة لأهل الإيمان, {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ}[غافر:51], ينصرهم الله -تبارك وتعالى- في الدنيا، وينصرهم يوم القيامة, {يَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ}, عندما تأتي كل أُمَّة ويكون  رسولها شاهدًا وشهيدًا عليها, رسل الله، والمؤمنون منتصرون في الدنيا والآخرة، وقد بَيَّنَ الله -تبارك وتعالى- هذا في سُنَّتِهِ الجارية في خَلْقِهِ منذ قوم نوح, انظر ما كان مِن المآل أهلك الله -تبارك وتعالى-, وأغرق الله -تبارك وتعالى- الكافرين مِن قوم نوح، وأنجى الله -تبارك وتعالى- المؤمنين، وهذه عاد، وهذه ثمود؛ فقد أنجى الله -تبارك وتعالى- نبيه هودًا والذين آمنوا معه، وصالح والذين آمنوا معه، ولوط وأهله والمؤمنين أنجاهم الله -تبارك وتعالى-, وأنجى الله -تبارك وتعالى- إبراهيم مِن النار عندما أراد قومه أنْ يحرقوه؛ فأذلهم الله وأخزاهم وأنجى الله -تبارك وتعالى- عبده إبراهيم -عليه السلام-، وهذا شعيب؛ فهذه سَنَّة الله -تبارك وتعالى- الجارية في الرسل، وفي أتباعهم أنَّ الله -تبارك وتعالى- ينصرهم، وهذه بشرى, في هذا الإخبار بشرى لنبيه محمد -صلوات الله والسلام عليه-, الآيات مكية هذه سورة مكية نزلت في مكة والنبي في حال استضعاف، والمؤمنون في حال ذُلّ وامتهان مِن الكفار, لكن هذا إخبار بأنَّ المآل والنهاية ستكون هي نصر هؤلاء المؤمنين, {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا}, سُنَّة الله -تبارك وتعالى-, {........وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ}[غافر:51], {وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ}, الأشهاد الذين يشهدون مِن رسل الله -تبارك وتعالى- ويشهد الملائكة، ويشهد أهل الإيمان؛ فيوم يقوم الأشهاد كذلك يجعل الله -تبارك وتعالى- الحق ما قالته الرسل؛ فنوح على قومه تظهر حجته، وأنَّ قومه إنما كفروا بالله -تبارك وتعالى- وتظهر سخف وكفر وضلال ما عبدوه مِن دون الله -تبارك وتعالى-, {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ}[الأنبياء:98], {لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ}[الأنبياء:99], فيظهر إفك مَن عبد غير الله -تبارك وتعالى-, وأنَّ الحق هو ما قالته الرسل, {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ}[غافر:51], {يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ........}[غافر:52], يوم القيامة الظالمون الذين ظلموا أنفسهم بالشِّرك بالله -تبارك وتعالى- والكفر, مهما اعتذروا لا تنفعهم هذه المعذرة, {يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ........}[غافر:52], معذرتهم لا تنفعهم، معذرتهم وهي بيان العذر يا ربي ضللنا، غلبت علينا شِقْوَتُنَا، أضلنا المجرمون، منا، أرجعنا، أقلنا, سنعود إلى الحق والدين إذا أرجعتنا مرة ثانية إلى الدنيا لنعمل صالحًا, كل هذا لا ينفع, {يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ........}[غافر:52], الطرد مِن رحمة الله -تبارك وتعالى-؛ فالملعون مطرود، الملعون مِن الله -تبارك وتعالى- مطرودٌ مِن رحمته، واللعن في لغة العرب هو الطرد مِن القبيلة, كانت القبيلة مَن يكون مِن أبناءها؛ فتكثر جرائره، وتكثر مشاكله، ويأتي بالعار للقبيلة؛ فتقوم القبيلة تلعنه, يقولون لعين بني فلان, أنهم لعنوه بمعنى أنهم طردوا نسبه إليهم، وحمايته إليهم فطردوه مِن عندهم؛ فمعنى اللعن في الشَّرع, في دين الله -تبارك وتعالى- مَن لعنه الله -تبارك وتعالى-, مَن طرده ونَحَّاهُ، كما قال الله لإبليس : {........فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ}[الحجر:34], {وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ}[الحجر:35], فعليه لعنة الله -تبارك وتعالى-, طرده مِن رحمته وبقاؤه في هذا إلى يوم القيامة, {وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ}, الطرد مِن رحمة الله -تبارك وتعالى-, {........وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}[غافر:52], الدار السيئة, بئست دارهم يوم القيامة أنْ تكون النار -عياذاً بالله-, هذا هو الختام الذي سيكون، والمآل الذي سيكون عليه الكفار، وهذا المآل الذي سيؤول إليه المؤمنين أنَّ الله -تبارك وتعالى- ناصرهم في الدنيا، وناصرهم يوم القيامة.

ثم بَيَّنَ الله -تبارك وتعالى- ختام موسى, قال : {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ}[غافر:53], {هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الأَلْبَابِ}[غافر:54],{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ}[غافر:55], {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْهُدَى وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ}[غافر:53], انظر نعمة الله -تبارك وتعالى-, ورحمة الله على موسى هذا النبي أرسله الله -تبارك وتعالى- إلى فرعون بهذه الرسالة، وكان هذا التاريخ الطويل، وكان ما كان مِن شأن مؤمن آل فرعون الذي وعظ قومه وخوفهم وأنذرهم سوء المآل، وسوء العقوبة, انظر في النهاية ماذا كانت النهاية بعد ذلك, هذه نهاية قوم فرعون، وهذه نهاية موسى أنَّ الله -تبارك وتعالى- أتاه الله الهدى مِن عنده، هُدَى الطريق، صراط الله -تبارك وتعالى- المستقيم، {........وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ}[غافر:53], جعلنا بني إسرائيل يتوارثون الكتاب، التوراة الذي فيها كل هذا الهدى، وفيها التشريع، وفيها بيان الله -تبارك وتعالى-, كما قال -جلَّ وعَلا- : {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ........}[المائدة:44], فهذه هداية ونور؛ فهذه التوراة الذي فيها الهُدَى والنور أورثهم الله -تبارك وتعالى- هذا الكتاب يتوارثونه جيل بعد جيل, يعملون بهدى الله -تبارك وتعالى- والبيان العظيم لصراط الله -تبارك وتعالى- المستقيم, {هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الأَلْبَابِ}[غافر:54], {هُدًى}, بيان وإرشاد توضح كل تفرق بين الحق والباطل، وكذلك : {ذِكْرَى لِأُولِي الأَلْبَابِ}, تذكير لهم, الله يذكرهم بأحوال الكافرين قبلهم، بأحوال المؤمنين, يذكرهم بالجنة، يذكرهم بالنار، يذكرهم بدينه، بمنهجه لعلهم يذكرون هذا؛ فهذا نعمة مِن الله -تبارك وتعالى- أنْ يكون هذا التذكير الذي يأتي مع الكتاب، كما قال -تبارك وتعالى- : {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا........}[الأعراف:145], فمع كل أمر، وكل نهي فيه وعظ هذا الوعظ تذكير من الله -تبارك وتعالى-, افعل هذا وإلا كان الأمر على هذا النحو، لا تفعل هذا، وإلا، وإلا؛ فيكون هذا فيه وعظ، وفيه تذكير مِن الله -تبارك وتعالى- أعطاهم الله -تبارك وتعالى- هذا الكتاب الهادي التوراة, {هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الأَلْبَابِ}[غافر:54], لأهل العقول، أهل العقول, اللُّب العقل؛ فكل ذي عقل عندما يرى هذه الهداية، ويطلع على هذا التذكير يقوم يهتدى ويذكر بأمر الله -تبارك وتعالى-.

 إذن بعد هذا وَجَّهَ الله -تبارك وتعالى- الخطاب لرسوله، وهو استخلاص مِن هذه النتائج ذكر هذه التجربة العظيمة لموسى -عليه السلام-، قال -جل وعَلا- : {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ........}[غافر:55], {فَاصْبِرْ}, يا محمد, لرسول الله -تبارك وتعالى-, اصبر على ما أنت فيه مِن البلاغ والبيان والقيام بالحجة في وجه هؤلاء المعاندين، وكان الحال حال ضعف، وحال في مكة النبي -صلوات الله والسلام عليه- كان في مكة في هذا الوقت، وفي حال شدة مِن الكفار وعلو لهم وعناد، ومحاولة لصرف كل الناس عن دين الله -تبارك وتعالى-, وتتبع أي مؤمن ليهان ويعذب، وصرف كل مَن يأتي ليسمع مِن النبي -صلى الله عليه وسلم- يحاول يُصْرَف يُقْبَضُ عليه، ويضرب ويهان ويرجع إلى بلده ومكانه هذا في مكة، كما صنعوا هذا في أبي ذَرّ وغيره ضربوه ضرب شديد بمجرد أنه سأل عن النبي -صلوات الله والسلام عليه,- {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ........}[غافر:55], وعد الله -تبارك وتعالى- بالنصر والتمكين، وإعلاء هذا الدين وعده الله -تبارك وتعالى-, وكذلك وعده -سبحانه وتعالى- بأنْ ينصره الله -تبارك وتعالى- يوم القيامة, {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ}[غافر:55], توجيه مِن الله -تبارك وتعالى- لرسوله -صلوات الله والسلام عليه- أنْ يتوجه إلى عبادة الرب -تبارك وتعالى- أولًا بالصبر على ما هو فيه مِن هذا الأذى والبلاء، وأنْ يستغفر، قال : {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ}, اطلب مِن الله -تبارك وتعالى- أنْ يغفر ذنبك, {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ}, {سَبِّح}, التسبيح تنزيه الله -تبارك وتعالى- عن كل ما يليق؛ فالله -تبارك وتعالى- هو القدوس، السُّبُّوح، سبوح قدوس رب الملائكة والروح, مسبح عن الزوجة لا زوجة له، عن الولد لا ولد له، لا نِدّ له، لا شريك له؛ فكل ذلك نقص يُنَزَّه الله -تبارك وتعالى- عنه, {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}[الإخلاص:1], {اللَّهُ الصَّمَدُ}[الإخلاص:2], {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}[الإخلاص:3], {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}[الإخلاص:4], يسبح عن كل آفة تعتري المخلوق, {لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ}, {وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ........}[الفرقان:58], يُسَبَّحُ عن الظلم لا يظلم -سبحانه وتعالى-, {.......وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ}[فصلت:46], إنَّ الله لا ينام, ولا ينبغي له أنْ ينام, يُرْفَعُ إليه عمل الليل قبل عمل النهار, وعمل النهار قبل عمل الليل, يخفض قسط ويرفعه -سبحانه وتعالى-؛ فالله -تبارك وتعالى- هو السُّبُّوح المنزه عن كل عيب ونقص -سبحانه وتعالى-, المحمود -جلَّ وعَلا- بكل أنواع الحمد, المحمود لصفاته العُلا -سبحانه وتعالى-, لما يتصف به مِن الصفات العليا، والأسماء الحسنى -سبحانه وتعالى- المتضمنة لمعانيها على أكمل الوجوه؛ فلا نقص في صفاته -سبحانه وتعالى-, فلا تدركه -سبحانه وتعالى- آفة، ولا يدركه خلل، ولا ملل، ولا سآمة, {.......وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}[البقرة:255], -سبحانه وتعالى-, ثم الله -تبارك وتعالى- هو المحمود لأفعاله -سبحانه وتعالى-, كل أفعاله خير -جلَّ وعَلا-, {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ}, العشي ما بعد الزوال كل هذا وقت العشي، وقد شرع الله -تبارك وتعالى- لنا معشر المسلمين صلوات العشي، صلاة العصر، وصلاة المغرب، وصلاة العشاء, {وَالإِبْكَارِ}, الصباح في البكور، وقد شَرَعَ الله -تبارك وتعالى- لنا صلاة الصبح, صلاة الفجر, {........وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ}[غافر:55], هذه الصلوات الخمس المفروضة، وكذلك التسبيح في غير الصلاة المفروضة, {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ}[الروم:17], {وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ}[الروم:18],  {........وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ}[غافر:55].

ثم قال -جلَّ وعَلا- : {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[غافر:56], {إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ........}[غافر:56], هؤلاء هم كفار مكة، وما حولها مِن العرب جادلوا في آيات الله، آيات الله هذه المنزلة لهم, التي تدعوهم إلى عبادة الرب وحده لا شريك له، وأنه رب العالمين, خالق السموات والأرض، وأنه باعثهم ومحاسبهم؛ فيجادلون في هذا؛ فيقولون لا بعث، ويقولون لا يُعْبَدُ وحده، وإنما نعبد هذه الآلهة لتقربنا إليه كيف نعبد هكذا وحده! {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفي}, وأنه لا بعث، ولا نشور, وأنَّ هذا النبي لما اختاره الله، لما اختارك مِن دوننا أنت لست رسولًا, {وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا........}[الرعد:43], فهؤلاء {يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ}, ما عندهم مِن حجة, مِن كتاب يجادلون به, وإنما يجادلون بأهوائهم المريضة، وأقوالهم السخيفة, {بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ}, قال -جلَّ وعَلا- : {إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ}, عن قبول الحق، الذي في صدورهم ما هو هذا أنَّ هذا كذب، ولكن {كِبْرٌ}, متكبرين أنْ يقبلوا هذا الحق, كيف يقبلوا الحق مِن رجل هم يرون أنهم أعلى منه، وأشرف منه، وأنهم أحق بالرسالة منه، وكذلك كبر إنَّ هذا الدين ما يمشي دين آبائهم وأجدادهم هو الذي سينتصر ويسير؛ فكبرهم وتعاليهم عن قبول الحق هو الذي منعهم مِن قبوله, {إِنْ فِي صُدُورِهِمْ}, بالحصر ليس في صدورهم إلا كبر عن قبول الحق رده وبطره والتعالي عنه، قال -جلَّ وعَلا- : {مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ}, هذا الذي في صدورهم، وهو أنهم المنتصرون، وأنَّ دينهم هو الذي ستكون له الغَلَبَة، وأنَّ دين الله، ودين الرسول لن يَغْلب، قال -جلَّ وعَلا- : {مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ}, لن يبلغوا أملهم، ولن يبلغوا مرادهم، وهذا الكبر الذي في صدورهم، وتعاليهم عن الحق، وأنهم سينتصروا لن يَبْلُغُوا هذا, {........مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[غافر:56], {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ}, الجأ إليه، ولُذ به -سبحانه وتعالى- أولًا مِن حال هؤلاء، ومما يمكرون به لهذا الدين, الجأ إلى الله واستعذ به, {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ}, لكل خَلْقِهِ -سبحانه وتعالى-, {الْبَصِيرُ}, بكل خَلْقِهِ؛ فلا يخفي عليه -سبحانه وتعالى- مِن أقوالهم شيء، ولا مِن أعمالهم شيء؛ فهو {السَّمِيعُ}, لهم, {الْبَصِيرُ}, لهم -سبحانه وتعالى-.

 ثم شرع الله -تبارك وتعالى- ليدحض قولهم في أنه لا بعث، ولا نشور، وهذا هو داؤهم الأكبر، داء المشركين الأكبر أنهم اعتقدوا أنه لا بعث، ولا نشور, قال -جلَّ وعَلا- : {لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}[غافر:57], {وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ}[غافر:58].

 نقف هنا -إنْ شاء الله- عند هذه الآيات، ولنا عودة إليها -إنْ شاء الله- في الحلقة الآتية, أستغفر الله لي ولكم مِن كل ذنب، وصلى الله وسلم على عبده، ورسوله محمد.