الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 . 22 نوفمبر 2024

الحلقة (578) - سورة غافر 57-61

الحمد لله ربِّ العالمين, الرحمن الرحيم, مالك يوم الدين, والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين, سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومَن اهتدى بهداه، وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد؛ فيقول الله -تبارك وتعالى- : {لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}[غافر:57], {وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ}[غافر:58], {إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ}[غافر:59], {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[غافر:60], يخاطب الله -تبارك وتعالى- المكذبين بالبعث، ويُبَيِّنُ لهم -سبحانه وتعالى- أنَّ آياته السموات والأرض, خَلْق السموات والأرض أكبر مِن خَلْق الناس، قال -جلَّ وعَلا- : {لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ........}[غافر:57], فإنَّ هذه السموات العظيمة سبع سموات طباق، وما جعل الله -تبارك وتعالى- فيها مِن كرسه وعرشه، وما ذخر الله -تبارك وتعالى- هذه السموات بهذه الأجرام العظيمة التي زين الله -تبارك وتعالى- بها السماء, {........وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}[فصلت:12,] ثم بهذه السماء التي خُلِقَت بهذه القوة والمتانة, {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}[الذاريات:47], ويقول -تبارك وتعالى- : {فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ}[الواقعة:75], {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ}[الواقعة:76], ولليوم لم يعلم البشر سعةً لهذا الكون، ولا أين تترامى هذه النجوم في النهاية، إلى أي حدٍ تنتهي؛ فهذه السموات، وهذه الأرض، وما عليها مِن هذا الخلَقْ العظيم عَلِمَ الناس مِن هذه الأرض أنها هذه الكرة الهائلة العظيمة بجبالها ومحيطاتها وأنهارها، ونظامها الدقيق في مسارها، ومسار القمر حولها بنظام دقيق, هذه الأرض المحمولة التي حملها الله -تبارك وتعالى- في الفضاء على هذا النحو، وسَيَّرَهَا ونظمها هذا التنظيم, هذا خَلْقُ السموات والأرض البديع, القوى الصنع هذا أكبر مِن خَلْقِ الناس؛ فإنَّ الإنسان جزء قليل مِن هذا الخَلْق، وكونه يموت ويفنى ثم يعيده الله -تبارك وتعالى- هذا أمر إذا قُرِنَ هذا الخَلْق بذاك الخَلْق العظيم أصبح هنا خَلْق الإنسان أقل، ولا مقارنة بين خَلْقِ الإنسان في ذاته، وهو أحد هذه الحيوانات الموجودة على هذه الأرض خَلْقًا، إحياءً وإماتة, ثم بعثًا لا شك أنه بالنسبة إلى خَلْقِ السموات والأرض خَلْق يسير وقليل؛ فالقادر على خَلْقِ هذا الخَلْق العظيم يقدر على خَلْقِ ما دونه؛ فهذا أمر برهاني لكل ذي عقل، وذي لُبّ أنْ يعلم أنَّ مَن قَدَرَ على خَلْقِ الأمر العظيم؛ فإنه يقدر على ما دونه, على الأمر الصغير, مَن بنى القصر لا يستحيل عليه أنْ يبني عشة، وأنْ يبني خص صغير؛ فهذا أمرٌ مشاهد؛ فكيف تحيلون على الله، كيف يحيل الكافر على الله -تبارك وتعالى- على أنْ يعيد الأجساد، والحال أنه يرى أنَّ الله -تبارك وتعالى- قد خَلَقَ ما هو أعظم مِن ذلك، بل ويشهد كفار العرب بالذات أنَّ الله -تبارك وتعالى- خالق السموات والأرض, {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ........}[لقمان:25], إذن كيف تحيلون على الله -تبارك وتعالى- أنْ يعيدكم، والحال أنَّ خلَقْكَمُ دون وأقل مِن خَلْقِ السموات والأرض، والله لا يتأبى عليه شيء، وليس شيء بمستصعب عليه -سبحانه وتعالى- ليس هناك شيء سهل، وشيء صعب، وذلك أنَّ الله -تبارك وتعالى- إنما أمره لشيء أراده أنْ يقول له كن فيكون, {لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}[غافر:57], ومع هذا الوضوح والبيان والبرهان والدليل، والأمر المشاهد, {........لَكِنَّ أكثر الناس لا يعلمون}[غافر:57],  هذه الحقائق، ويبقى كثيرٌ منهم مكذبين لربهم -سبحانه، وتعالى-,في أنه سيعيد هذا الخَلْق إلى الحياة مرة ثانية بعد الموت، وبعد نهاية هذه الدنيا.

 ثم قال -جلَّ وعَلا- : {وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ........}[غافر:58], الكافر أعمى، لا يرى هذا, هذه الأدلة المنظورة قائمة عنده، ولكنه لا يراها، والمؤمن بصير, {وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ........}[غافر:58], {الأَعْمَى}, على الحقيقة, الكافر, {وَالْبَصِيرُ}, المؤمن هذا هو المبصر على الحقيق, أبصر بآيات الله -تبارك وتعالى-, {هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ}, القرآن أبصر بالقرآن، وأبصر الآيات المتلوة مِن الله -تبارك وتعالى,- وأبصر الآيات المخلوقة ونظرها وعلمها كذلك علمها لله -تبارك وتعالى- فلا يستوي في ميزان الله -تبارك وتعالى-, {الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلا الْمُسِيءُ}, لن يستووا, أين هذا مِن هذا؟ {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ}, آمنوا وصدقوا وعملوا بمقتضى هذا التصديق، {وعملوا الصالحات}, الأعمال الصالحة, {وَلا الْمُسِيءُ}, اعتقادًا وعملًا, سمي الكافر مسيء؛ لأنه فعل السيئات، وسميت هذه الأعمال سيئات؛ لأنها تسوء صاحبها، تسوءه في الدنيا والآخرة، وسوء الآخرة أكبر؛ فعذاب الآخرة أكبر مِن العذاب الذي يلحق بالكافر ويسيئه في الدنيا لا يستووا, {وَمَا يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَلا الْمُسِيءُ قَلِيلًا مَا تَتَذَكَّرُونَ}[غافر:58], أيها الناس، أيها المخاطبون, {قَلِيلًا}, منكم الذي يتذكر، وقليلًا أيضًا ما يكون التذكر قليل من الناس مَن يَذْكُر هذه الآيات، ويبقى الكثير معرض عن ربه -سبحانه وتعالى- وعن آياته.

ثم قال -جلَّ وعَلا- : {إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا........}[غافر:59], إخبار مِن الله -تبارك وتعالى- مَؤَكَّد, {إِنَّ السَّاعَةَ}, يوم القيامة, سمي بالساعة؛ لأنَّ له وقت محدد يأتي فيه لا يتأخر لا جزء مِن ثانية، ولا يتقدم؛ فهو كما هو في ميعاد الله -تبارك وتعالى-, في وعد الله لا بد أنْ يأتي في ساعة محددة, {إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ}, باللام المُؤَكِّدَة أنها آتية لا محالة, {لا رَيْبَ فِيهَا}, لا شك فيها, كان يكفي هذا الإخبار الصادق مِن الله -تبارك وتعالى- ليصدق الناس, لكن {........وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ}[غافر:59], لا تفيدهم كل هذه البراهين والأدلة التي قالها الله -تبارك وتعالى-, ولا يفيدهم هذا الخبر الإلهي, خبر مِن الله -تبارك وتعالى- صادق، وخبر جاء في البرهان، جاء في إطار البرهان؛ لأنَّ هذا الخبر جاء في القرآن الذي هو بذاته القرآن بذاته برهان؛ فإنَّ الله -تبارك وتعالى- تحدى البلغاء والفصحاء، ومَن يدفعون حجة النبي أنْ يأتوا بقرآن مثل هذا القرآن, بسورة مثل سوره؛ فيبقى هذا الخبر برهان, يبقى مجرد الخبر الإلهي في القرآن برهان؛ لأنه جاء في إطار البرهان، جاء في إطار القرآن المعجز؛ فالله عندما يخبر بهذا، ويقول : {إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا........}[غافر:59],  يكفي هذا الخبر أنه قائم بالبرهان إلى جانب البراهين الأخرى التي ساقها الله -تبارك وتعالى- كما ساق هنا, {لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ}[غافر:57], {إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ}[غافر:59], لا يصدقون هذا الخبر مِن الله -تبارك وتعالى- ويثقون به، ويؤمنون به، ويركنون إليه، ويعملون مِن أجله, لكنهم يسمعونه وهم غافلون، ولا يقدرونه حق تقديره.

ثم قال -جلَّ وعَلا- : {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[غافر:60], {وَقَالَ رَبُّكُمُ}, هذا التنزيل العظيم مِن الله -تبارك وتعالى- قال الله هنا، قال : {رَبُّكُمُ}, وهنا التذكير بأنَّ القائل ربنا -سبحانه وتعالى- لِيُبَيِّن -جلَّ وعَلا- أنه ربكم  خالقكم متولي شئونكم، مربيكم, ثم سيدكم، مَن مرجعكم إليه؛ فإذن يجب أنَّ تسمعوا؛ لأنَّ هذا قول ربكم -سبحانه وتعالى-, {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي}, طلب مِن الله -تبارك وتعالى- عباده -جلَّ وعَلا- على أنْ يدعوه, الدعاء طلب، طلب استرحام مِن الله -تبارك وتعالى-, وطلبات الإنسان مِن الله -تبارك وتعالى- كثيرة ولا تنتهي؛ فأولًا كل خير يريده الإنسان  الله -تبارك وتعالى- مستيه، وكل ضر يأتيه الله -تبارك وتعالى- هو الذي يدفعه؛ فكل الخير بيده -جلَّ وعَلا-, وكذلك لا يصيب  بالضر، ولا يقضي به إلا هو -سبحانه وتعالى-؛ فبالتالي لا ملجأ للعباد غيره -سبحانه وتعالى- أنْ يتوجهوا إليه, {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي}, هو الدعاء هو حقيقة العبادة، وأشرف أعمال العبادة, أعمال العبادة مِن ركوع وسجود وقيام وذبح ونَذْر وسعي وطواف، وكل هذه المناسك التي شرعها الله -تبارك وتعالى- للتقرب إليه, أشرفها وأعلاها هو الدعاء، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : «الدعاء هو العبادة», كما يقال : «الحج عرفة», فالدعاء أشرف أنواع العبادة؛ وذلك أنه أولًا بيان لافتقار العبد إلى إلهه ومولاه -سبحانه وتعالى-, مَن يدعو الله -تبارك وتعالى- يعلم أنَّ بيده الخير، وأنه هو الذي يدفع الضر -سبحانه وتعالى-, إنما هو أيضًا تَعَبُّد لله -تبارك وتعالى- والتضرع إليه، والمثول بين يديه، والطلب منه -سبحانه وتعالى-, والخوف منه, الطلب منه رجاء لما عنده -سبحانه وتعالى-, وكذلك مخافة ما عنده مِن العذاب، فيدعو المؤمن ليصرف الله -تبارك وتعالى- عنه سوء العذاب؛ فأصبح الدعاء هو العبادة رأسها وكيانها, هو أساسها, {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ........}[غافر:60], {أَسْتَجِبْ}, جاء هنا بالجزم؛ وذلك أنَّ الله -تبارك وتعالى- يستجيب للمؤمن الدعاء على كل حال, إذا جاء الدعاء بشروطه فإنَّ الله -تبارك وتعالى- يستجيب له، ولا يضيع الله -تبارك وتعالى- دعوة وجزاء هنا بالجزم؛ لأنَّ هذا مُضَمَّن معنى الشرط, إنْ تدعوني أستجب؛ فلا ممكن لمؤمن يدعو الله -تبارك وتعالى- بدعوة إلا استجابها له, كما جاء في الحديث : «ما مِن مسلم يدعوا الله -تبارك وتعالى- بدعوة ليس فيها إثم أو قطيعة رحم إلا أعطاه الله إحدى ثلاث؛ إما أنْ يُعَجِّلَ له دعوته, وإما أنْ يَدَّخِرَ له مِن الخير مثلها, وإما أنْ يدفع عنه مِن الضر مثلها», فإذن دعاء المسلم والمؤمن مستجاب بكل حال فقط أنْ ينتفي هذان المانعان, أنْ ينتفي أن يكون داعٍ بإثم، أو داع بقطيعة رحم, يدعوا على نَفْسِهِ، أو على أهله وأولاده؛ فإنَّ الله -تبارك وتعالى- لا يَعْجَل بالاستجابة للعبد المؤمن هنا، وإنْ كان يدعوا الله -تبارك وتعالى- لكنه يدعو على نَفْسِهِ، وعلى أهله؛ ولذلك نُهِيْنَا أنْ ندعوا على أنفسنا وأهلينا؛ فقد توافق ساعة إجابة؛ فيستجاب، وكذلك لا يدعوا بإثم؛ فإذا انتفي الدعاء انتفي عن الدعاء الإثم، والدعاء بقطيعة الرحم أجاب الله -تبارك وتعالى- دعاء الداعي، والإجابة تكون بصورة مِن هذه الصور إما أنْ يعجل الله -تبارك وتعالى- له دعوته إنْ كانت بأمر دنيوي، وإما أنْ يدخر الله -تبارك وتعالى- له مِن الخير في الآخرة مثل ما دعا به، وإما أنْ يصرف الله -تبارك وتعالى- عنه مِن الشر مثل ما دعا به, كان قد قُضِيَ به؛ فيكون هذا الدعاء لا يرد القضاء إلا الدعاء؛ فإذن الدعاء دعاء العبد المؤمن مستجاب بكل حال، وقد قال  الصحابة : يا رسول الله, إذن نُكْثِر ما دام أنَّ كل دعوة تستجاب إذن فلنكثر؛ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- (الله أكثر عطاء), عطاء الله -تبارك وتعالى- أكثر مِن دعاء العبد ماذا لو دعا العبد بما دعا ما دام أنه في إطار ما سُمِحَ له بأنْ يدعو له, ما لم يخرج عن مجال الدعاء كأنْ يدعو أنْ يكون مع الله -تبارك وتعالى-, أو إلهًا، أو يترك الله -تبارك وتعالى- له شيء مِن التصريف، أو شيء مِن الخَلْقِ, إذا دعا بما هو أهل له مِن أْن يطلب مِن الله -تبارك وتعالى- جنته ورضوانه وما عنده مِن الخير، وأنْ يطلب مِن الله -تبارك وتعالى- أنْ يدفع عنه الشر في الدنيا والآخرة، وقال : {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً}, وطلب حسنات الدنيا، وحسنات الآخرة؛ فإنَّ الله -تبارك وتعالى- لا يعجزه عطاء، كما جاء في الحديث : «يا عبادي لو أنَّ أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم وقفوا في صعيدٍ واحدٍ، وسألني كل مسألته؛ فأعطيته إياها», في التو واللحظة, كل الخَلْق الجن، والإنس منذ بدء الخليقة، وإلى آخر الخليقة لو أنهم وقفوا في صعيد واحد، وكل تمنى على الله -تبارك وتعالى- ما يريد مالا يتمناه، وما يريده، ولو تمنى مثل هذه الأرض عشرات المرات، وما فيها، وما يذخر فيها، وأنَّ الله تبارك وتعالى أعطى كل طالب سؤله، قال -جلَّ وعَلا- : «ما نقص ذلك مِن ملكي شيئًا إلا كما ينقص المخيط إذا أُدْخِلَ البحر؛ فلينظر بما يرجع», فهذا لا ينقص عطاء الله -تبارك وتعالى-؛ فالله واسع العطاء -سبحانه وتعالى- الغني وغناه لا يحد، ويعطى عطاء لا يخاف الله -تبارك وتعالى- الفقر، ولا يخاف أنْ ينقص الذي عنده -سبحانه وتعالى-؛ ولذلك فعطاؤه لا حد له؛ فإذن الله يطلب مِن عباده -سبحانه وتعالى- أنْ يدعوه، وقد بَيَّنَ الله -تبارك وتعالى- مواصفات الدعاء المستجاب, فقال جلَّ وعَلا- : {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}[الأعراف:55], {وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}[الأعراف:56], هذه الآيات جمعت مواصفات الدعاء المقبول عند الله -تبارك وتعالى-, {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً........}[الأعراف:55], تضرع بالتذلل لا تدعوا وأنت مستغني, بل ادعوا وأنت محتاج, تشعر بالاحتياج, بالفقر إلى الله -تبارك وتعالى- فيما تدعوا إليه, فلا تقل اللهم اغفر لي إنْ شئت؛ فإنَّ الله لا مكره له -سبحانه وتعالى- فدعاء المستغني لا يستجاب, أما دعاء المحتاج الملتجئ إلى الله -تبارك وتعالى-, الفقير إلى ربه؛ فهذا هو الذي يستجاب, {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا}, تذللًا, {وَخُفْيَةً}, في الخفاء هذا أدعى إلى أنْ يؤمن العبد بأنَّ ربه سميع الدعاء -سبحانه وتعالى-, يسمعه في أي مكان, أما إذا كان علانية؛ فربما تطرق الرياء والسمعة إلى هذا, {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}[الأعراف:55], ولا تكن مِن المعتدين, الظالمين سواءً كان اعتداء بالكفر والشِّرك، واعتداء بالمعاصي التي هي دون هذا؛ فهذه قد تحجب عنك  الاستجابة مِن الله -تبارك وتعالى-, {وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا........}[الأعراف:56], لا تكن مِن المفسدين حتى يستجيب الله دعائك، وقد جاء في الحديث : «أنَّ الرجل قد يطيل السفر في الطاعة أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يقول : يا رب, يا رب ومأكله حرام، ومشربه حرام، وغذي بالحرام؛ فَأَنَّى يستجاب لذلك», كيف يستجاب لهذا المفسد في الأرض, {وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا........}[الأعراف:56], ادعوه حال كونكم خائفين مِن عقوبته؛ فإنه يعاقب ويؤاخذ بالذنب؛ فاذكر ذنبك، وادعوا الله -تبارك وتعالى- وكذلك طمع فيما عنده؛ فإنه هو الغني -سبحانه وتعالى-, الكريم, ذو العطاء الذي لا يحد، وذو الملك الذي لا يحد, {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[الملك:1], فإنه يعطي آخر عباده مِن أهل الإيمان ممن يخرج مِن النار كانت له معاصي يخرجه الله -تبارك وتعالى- آخر واحد هذا، آخر رجل يخرج مِن الناس مِن النار ليدخله الله -تبارك وتعالى- الجنة؛ فيقول له الله -تبارك وتعالى- وهو على باب الجنة : تمنى، تمنى، تمنى، ولا يزال الله يُذَكِّرُهُ اذكر كذا، اذكر كذا, اطلب كذا؛ فيتمنى، يتمنى كل أمانيه، وكل ما انقطعت أمانيه الله -تبارك وتعالى- يذكره نعم وعطايا ما كان يذكرها يقوله اطلب؛ حتى إذا انقطعت أمانيه يقول له الله -تبارك وتعالى- : لك هذا وعشرة أمثال, يعطيك هذا الذي تمنيته وعشرة أمثاله كذلك؛ فهذا الرب الغني -سبحانه وتعالى-, هذا آخر مَن يخرج مِن النار، ويدخل الجنة يقول: يُقْسِمُ النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه يأخذ مثل هذه الأرض وعشرة أمثالها يقول له الله : أما ترضى أنْ يكون لك مثل الأرض، وعشرة أمثالها؛ فيقول أتهزأ بي وأنت رب العالمين؛ فيضحك الله -تبارك وتعالى- منه، ويعطيه هذا، إذن هذا عطاء الرب لا حد له -سبحانه وتعالى-, والله يطلب مِن عباده أنْ يدعوه -جلَّ وعَلا-, {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ........}[غافر:60], وادعوني لا شك أنه الله -تبارك وتعالى- لا يقبل إلا مَن دعاه وحده -سبحانه وتعالى-, أما مَن دعاه، ودعا غيره؛ فإنَّ الله -تبارك وتعالى- يتركه ويُخَلِّيْهِ، ولا يستجيب له مشرك بالله -تبارك وتعالى-, لا يقبل الله -تبارك وتعالى- منه دعاء ولا عمل؛ فلا يقبل الله -تبارك وتعالى- إلا مَن أخلص الدين له، وأخلص الدعاء له, {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ}[الزمر:11], {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ}[الزمر:12], {قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}[الزمر:13], {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي}[الزمر:14], {فَاعْبُدُوا مَا شِئتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}[الزمر:15], فادعوا الله وحده -سبحانه وتعالى-, أما إذا دعوت مع الله -تبارك وتعالى- غيره خَلَّاكَ الله لهذا الغير، قال لك خذ أجرك، وخذ عملك بعد ذلك ممن صَرَفْتَ وجهك إليه؛ فالمؤمن المقبول الدعاء هو الذي قد صَرَفَ وجهه ووجهته كلها لله -تبارك وتعالى- ولا يدعوا إلا الله, لا يدعوا معه غيره -سبحانه وتعالى-, {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ........}[غافر:60], ثم قال -جلَّ وعَلا- : {.......إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[غافر:60], {إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي}, دعائي، وهذا دليل أنَّ الدعاء هو العبادة؛ فالذين يستكبرون يتكبرون عن الطلب مِن الله -تبارك وتعالى-, وعن عبادة الله -تبارك وتعالى-, قال -جلَّ وعَلا- : {سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}, أي أذلة خاضعين؛ فهذه عقوبتهم عند الله -تبارك وتعالى- لما استنكفوا واستكبروا أنْ يعبدوا الله -تبارك وتعالى-, وأنْ يَذِلُّوا له، وأنْ يخضعوا له، وأنْ يطلبوا منه -سبحانه وتعالى-, وأنْ يرجوه، وأنْ يخافوه عند ذلك يدخلهم الله الجنة ذليلين, حقيرين, هذا عقوبة لهم؛ فكون الرب -سبحانه وتعالى- الرب, الإله, الذي لا إله إلا هو, رب السموات والأرض يتفضل على عباده، قل تعالوا ادعوني وأنا أعطيكم, كلما تدعوه يستجب لكم؛ فكونه -سبحانه وتعالى- يتفضل على عباده هذا التفضل، وهو الغني عنهم -سبحانه وتعالى-, ليس بحاجة إليهم، ولكنهم يقول لهم تعالوا،  تعالوا إليّ، واطلبوا مني، وأي ما تطلبوه مِن خير الدنيا والآخرة أعطيه لكم, {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ........}[غافر:60], لكن بعد ذلك إذا وُجِدَ بعد هذا الدعاء مِن الله -تبارك وتعالى- مَن يستنكف عن هذا ويستكبر ويعرض؛ يكون مجرم, هذا لا بد أنْ يدخل النار داخرًا, ذليلًا، حقيرًا, {.......إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[غافر:60].

ثم شرع الله -تبارك وتعالى- كذلك يُبَيِّنُ لعباده مَن الرب -سبحانه وتعالى-, مَن هو الرب هذا, الإله الذي يدعوهم إليه -سبحانه وتعالى-؛ فقال : {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ}[غافر:61], {اللَّهُ}, الذي يدعونا إلى أنْ ندعوه -سبحانه وتعالى- ونعبده هو {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا}, الليل، ومَن يستطيع أنْ يفر من الليل، الليل الذي يغطي الخلائق كلها، والذي يحتاجه كل مخلوق, كل حي يحتاج الليل, حي مِن إنسان، ومِن حيوان، ومِن نبات لابد له مِن الليل ليبقى يعيش، ويبقى حي؛ فهو جزء أساسي مِن كيانه، ومِن حياته، وهذا على الجميع الكافر والمؤمن, كل الخَلْق؛ فالله الذي يدعوكم إليه -سبحانه وتعالى-, {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ}, السكون؛ الراحة, الإنسان يحتاج إلى سكون, {جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ}, ومواصفاته العظيمة, سواده, النور ضوضاء؛ فسواده وبرودته وهدوءه حيث تخف الحركة؛ فهنا يكون السكون والراحة تتجدد نشاط الإنسان ويذهب عنه عناء عمله، وكذلك : {وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا}, النهار مبصر، وذلك مِن الضوء، والإنسان تتكشف له الأشياء، وإذا كان النهار مبصرًا وهذا للمعاش؛ لأنَّ الله تبارك وتعالى- جعل فيه معاش الناس, {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا}[النبأ:10], يغطي والنوم سباتا, {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا}[النبأ:11], فالنهار للمعاش لا بد أنْ يكون مُشْرِق مضيء في هذه الحرارة حتى يقوم الناس ويبصروا حاجاتهم هذا في زراعته، وهذا في صناعته، وهذا في رعيه، وهذا في عمله؛ فهذا ربكم، ربكم هو الذي جعل لكم هذا، والله -تبارك وتعالى- يُذَكِّر هنا عباده بنعمة لا يفر منها أحد, لا يوجد أحد يستطيع أنْ يفر مِن الليل، ولا مِن النهار أي واحد، ولا يستطيع أحد أنْ يقوم بدونها, كل الخَلْق يقوم بها لا قيام لِلخَلْق جميعًا إلا بالليل والنهار؛ فهذا يقول ربكم إذن أين تذهب؟ أين تدعوا غيره؟ هل هذا الغير يملك شيء مِن الليل, شيء مِن النهار يملك شيء مِن الخلق؛ فهذا الرب -سبحانه وتعالى- الذي يدعونا لعبادته حيث لا يستحق العبادة والدعاء إلا هو -سبحانه وتعالى-, {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ........}[غافر:61], {إِنَّ اللَّهَ}, -سبحانه وتعالى- تأكيد, {لَذُو فَضْلٍ}, إنعام, تفضل منه -سبحانه وتعالى- بهذه النعم, {........عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ}[غافر:61], لكن مع هذا, {أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ}, ربهم, ينام مستريحًا في الليل، وهو لا يعلم مِن أين جاء هذا الليل، ومَن خَلَقَهُ، ومَن أعطاه، وكذلك يقوم نشيطًا ليعلم في ضوء هذا النهار، وهو لا يخطر بباله مَن الذي أتى بهذا النهار، ومَن الذي جاء به، ولماذا كان على هذا النحو؛ فلا ذكرى عنده، ولا فِكْر في ليل أو نهار، وأما المؤمن؛ فلا, {تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا}[الفرقان:61], {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا}[الفرقان:62], ولا يتذكر على هذا النحو إلا المؤمن, {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ}[القصص:71], {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ}[القصص:72], {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[القصص:73], {........وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ}[غافر:61], تمر عليهم هذه الآيات، ويمر عليهم إفضال الله وإنعامه -سبحانه وتعالى- بالليل والنهار، وفي الليل والنهار هم لا يشكرون, {........إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ}[غافر:61], {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ}[غافر:62] .

نقف هنا، ونكمل -إنْ شاء الله- في الحلقة الآتية, أستغفر الله لي ولكم مِن كل ذنب, والحمد لله رب العالمين.