الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله الأمين, سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومَن اهتدى بهداه، وعمل بسنته إلى يوم الدين.
وبعد؛ فيقول الله -تبارك وتعالى- بسم الله الرحمن الرحيم : {حم}[فصلت:1], {تَنزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[فصلت:2], {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}[فصلت:3], {بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ}[فصلت:4], {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ}[فصلت:5], {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ}[فصلت:6], {الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ}[فصلت:7], {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}[فصلت:8], هذه سورة فصلت، وهي إحدى الحواميم السبع, هذا البستان الأينق، كما يقول ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- (فإذا جئت إلى الحواميم؛ فأنا في بستان أنيق), هذه السورة مِن سور المواعظ العظيمة, البليغة، وهي سورة مكية, بدأ الله -تبارك وتعالى- هذه السورة بهذين الحرفين الحاء والميم, {حم}[فصلت:1], وفُسِّرَتْ هذه الحروف بأنها إشارة مِن الله -تبارك وتعالى- إلى هذه الحروف العربية التي أنزل الله -تبارك وتعالى- بها هذا القرآن العربي متحديًا به العرب الفصحاء، البلغاء أنْ يأتوا بسورة مِن مثل سور هذا القرآن إنهم كانوا يكذبون النبي -صلوات الله والسلام عليه-, {وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ}[البقرة:23], {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ}[البقرة:24], أشار الله -تبارك وتعالى- بعد هذين الحرفين : {حم}[فصلت:1], إلى الكتاب؛ فقال: {تَنزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[فصلت:2], هذا الكتاب القرآن, {تَنزِيلٌ}, أو هذا : {تَنزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[فصلت:2], -سبحانه وتعالى-, {تَنزِيلٌ}, لأنه نازل منه -سبحانه وتعالى-, والله -تبارك وتعالى- في السموات فوق عرشه -سبحانه وتعالى-, وقد أنزل هذا القرآن على عبده ورسوله محمد -صلوات الله والسلام عليه- في الأرض مِن عنده، والقرآن مكتوبٌ في اللوح المحفوظ, {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ}[الواقعة:77], {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ}[الواقعة:78], {لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}[الواقعة:79], عند الله -تبارك وتعالى-؛ فهذا القرآن نازل مِن السماء مِن الله -تبارك وتعالى-, نزل منجمًا على سني النبي الرسالية في عشرين سنة مِن عمره -صلوات الله والسلام عليه- وثلاث سنوات فتر فيها الوحي بعد اقرأ كلها نازل مِن الله -تبارك وتعالى-؛ ليكون هداية للعالمين، ونذيرًا للخَلْقِ أجمعين، وبشرى لعباد الله -تبارك وتعالى- المؤمنين, {تَنزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ}[فصلت:2], الرب, {الرَّحْمَنِ}, -سبحانه وتعالى-, {الرَّحْمَنِ}, اسم مِن أسماء الله -تبارك وتعالى-, وهو اسم مشتق مِن الرحمة الله -تبارك وتعالى-, {الرَّحْمَنِ}, الذي وسعت رحمته كل شيء؛ فما مِن مخلوق إلا وفيه مِن رحمة الله -تبارك وتعالى-, خَلَقَ الله -تبارك وتعالى- فيه مِن هذه الرحمة, قد أفاض الله -تبارك وتعالى- عليه مِن رحمته الوجود والتصوير والخلَقْ والهداية والرزق؛ فهذا كله، كل مخلوق خَلَقَهُ الله -تبارك وتعالى- فإنما قد أعطاه مِن رحمته -سبحانه وتعالى-, {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا}, فكل شيء قد وسعته رحمة الله -تبارك وتعالى- لأنَّ وجوده برحمة الله -تبارك وتعالى- وبقاؤه برحمة الله -جلَّ وعَلا-, وكذلك قد أحاط الله -تبارك وتعالى- علمًا بكل مخلوقاته؛ فالرب, {الرَّحْمَنِ}, -سبحانه وتعالى-, {تَنزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[فصلت:2], اسم مِن أسماء الله -تبارك وتعالى-, {الرَّحِيمِ}, وهو مشتق كذلك مِن الرحمة؛ فهو رحمن ورحيم في الدنيا والآخرة -سبحانه وتعالى-, وسعت رحمته كل شيء، وله رحمة اختص الله -تبارك وتعالى- بها عباده المؤمنين؛ فهؤلاء في رحمة خاصة, {........وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ}[الأعراف:156], فرحمة الله -تبارك وتعالى- الخاصة هذه لعباد الله -تبارك وتعالى- المؤمنين, لمن أناب واتجه إلى الله -تبارك وتعالى-؛ فهذا تدركه هذه الرحمة الخاصة، وهي التي يخرجه الله -تبارك وتعالى- بها مِن الظلمات إلى النور، ويهديه طريقه، وفي النهاية يُنْزِلُهُ الله -تبارك وتعالى- جنته التي هي أثر مِن آثار رحمته، جنة الله -تبارك وتعالى- أثرٌ مِن آثار رحمته -سبحانه وتعالى- بعباده المؤمنين؛ فهذا القرآن, {تَنزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[فصلت:2], {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ}, هذا كتاب فُصِّلَتْ آياته, {كِتَابٌ}, مكتوب, مكتوب في السماء، وقد كُتِبَ في الأرض، وقد شاء الله -تبارك وتعالى- أنْ يكون بأيدي الناس، جُمِعَ بين دفتين، وأصبح المصحف كلام الله -تبارك وتعالى- جُمِعَ هذا الجمع، ونُشِرَ هذا النشر، ولم يجعل الله -تبارك وتعالى- لكتاب مِن العز والخلود مثل ما جعل الله -تبارك وتعالى- لهذا الكتاب العظيم, {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ}, {فُصِّلَتْ آيَاتُهُ}, فُصِّلَتْ بمعنى بُيِّنَتْ، وجُعِلَ كل معنى مِن المعانى مبين على حدة؛ فلا تختلط معانيه وأموره بعضه ببعض، بل كل شيء مفصل؛ فإنْ جئت في بيان صفة الله -تبارك وتعالى- قد فَصَّلَ الله تبارك وتعالى هذا الأمر تفصيلًا عظيمًا؛ فعرفنا بذاته العلية -سبحانه وتعالى- وبأسمائه وبصفاته وبأفعاله وبإنعامه وبسنته -سبحانه وتعالى- في الخَلْقِ تفصيل لا مزيد عليه, {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}[الإخلاص:1], {اللَّهُ الصَّمَدُ}[الإخلاص:2], {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}[الإخلاص:3], {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}[الإخلاص:4], اقرأ ما قاله الله -تبارك وتعالى- لنفسه مِن آية الكرسى، مِن أواخر سورة الحشر، مِن أوائل السورة في الحواميم الجاثية، اقرأ تعريف الله -تبارك وتعالى- العباد بِنَفْسِهِ -سبحانه وتعالى-, وبما ما يدل عليه مِن مخلوقات هذه العظيمة التي خلقها مما تدل على الرب -سبحانه وتعالى- وأنَّ هذه مخلوقاتٌ عظيمة تدل على عَظَمَةِ خالقها وبارئها -سبحانه وتعالى-, ثم إنْ جئت للطريق الذي يريده الله -تبارك وتعالى- مِن عباده الصراط المستقيم قد فَصَّلَهُ الله -تبارك وتعالى- تفصيلا العبادات المطلوبة مِن العبد بالتفصيل؛ فهذا المؤمن إذا كان في باب الصلاة فَصَّلَ الله -تبارك وتعالى- أمر الطهارة التي هي مِن شرائطها تفصيلًا عظيمًا, {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إلى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إلى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إلى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ........}[المائدة:6], تجد تفصيل، وهذا باب في أبواب الطهارة وكيفية الصلاة بينها الله -تبارك وتعالى- الزكاة، الحج كل هذه العبادات، المعاملات، الأخلاق التي يجب على المسلم أنْ يتخلق بها، ويتحلى بها, {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}[الإسراء:23], {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}[الإسراء:24], تسير في بيان هذا الأخلاق إلى قول الله -تبارك وتعالى- : {ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا}[الإسراء:39], فَصَّلَ الله -تبارك وتعالى- سبيل المجرمين، كما فَصَّلَ سبيل المتقين والمؤمنين فَصَّلَ الله -تبارك وتعالى- سبيل المجرمين صفاتهم، أخلاقهم، أعمالهم، عنادهم، جدالهم بالباطل، شبهاتهم، ودحض الله -تبارك وتعالى- هذه الشبهات، وهذه الأقاويل شبهة، شبهة؛ فلا يكاد يوجد حُجَّة لكافر إلا ودحضها الله تبارك وتعالى- في هذا القرآن, {........كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا}[الفرقان:32], {وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا}[الفرقان:33], {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}[الأنبياء:18], فالله -تبارك وتعالى- فَصَّلَ سبيل المجرمين تفصيل حتى بأخلاقهم، بصفاتهم، بأعمالهم، بأقاويلهم كلها فَصَّلَهًا الله تبارك وتعالى- ودحضه؛ فهذا كتاب مُبَيِّن لكل شيء، ومُفَصَّل، ولا هناك معاني تختلط بعضها مع بعض، وتتشابه بحيث لا يمكن التمييز بينها، لا، بل هذا كتاب عظيم, {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا........}[فصلت:3], حال كونه نازلًا, {قُرْآنًا}, مقروءًا, {عَرَبِيًّا}, وكونه أنزله الله -تبارك وتعالى- بلغة العرب هذا أيضًا مِن تفضل الله -تبارك وتعالى- وعنايته بخلقه -سبحانه وتعالى-؛ فإنَّ هذه اللغة كذلك معجزة مِن معجزات الله -تبارك وتعالى-ف البيان والوضوح، وعدم اختلاط معانيها بعضها ببعض، بل إنَّ العرب كان لهم مِن الوضع اللُّغَوِي والتفنن في لغتهم بحيث أنهم وضعوا لفظة لكل معنى لا يلتبس ؛ فالأسماء المشتركة فيها جدًا قليلة التي يكون لفظ واحد يندرج تحته كثير مِن الذوات، أو مِن المعانى، لا، بل إنهم أكثروا مِن المترادفات، وقللوا جدًا مِن المشتركات؛ فهذا أمر عظيم؛ ثم التفصيل والبيان فيه؛ فالله -تبارك وتعالى- اختيار الله -تبارك وتعالى- أنْ ينزل كتابه الخاتم، وكلمته الأخيرة إلى أهل الأرض، ووحيه الأخير لهم على الرسول الخاتم -صلوات الله والسلام عليه- أنْ يكون بلغة العرب هذا إعجاز، وهذه مِنَّة منه -سبحانه وتعالى- أنْ ينزل بهذه اللغة البَيِّنَة, الفصيحة, المعبرة، والمؤثرة، ويكون هذا القرآن يبقى معجزة على هذا النحو على مدار السنين إلى أنْ يرث الله -تبارك وتعالى- الأرض ومَن عليها؛ فقال -جلَّ وعَلا- : {تَنزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[فصلت:2], {كِتَابٌ}, هذا كتاب, {فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا}, لكن {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}, أي نزوله, {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}, وإلا فالذين لا يعلمون لا يستفيدون بكل هذا, كل هذا لا يفيدهم، لا يفيدهم أنْ يكون القرآن هو والكتاب مفصل، وأنه من الله -تبارك وتعالى- وأنه بهذه اللغة العربية غير اللغات الأعجمية التي فيها خلط في معانيها, وفيها لكنة وعجمة، لا، بل هذه اللغة الظاهرة الواضحة كل هذا لا يفيدهم؛ لأنهم لا يعلمون؛ لأنَّ من ترك العلم كان كالجاهل، مَن ترك العمل كذلك بما عمل كان كالجاهل؛ فهذا القرآن النازل بهذه الصورة إنما هو {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}, {بَشِيرًا وَنَذِيرًا}, أنزله الله -تبارك وتعالى- حال كون القرآن, {بَشِيرًا وَنَذِيرًا}, بشير يحمل البشارة، البشارة هي الإخبار بما يسر, بشرى عظيمة في هذا القرآن يزفها الله -تبارك وتعالى- إلى أهل الإيمان إلى المؤمنين به يبشرهم الله -تبارك وتعالى- برحماته العظيمة بهم في الدنيا، والآخرة، وأنهم بإيمانهم قد وقعوا على الفوز الأكبر، وعلى طريق النجاة مِن كل الشرور بما فيها الشر الأعظم، وهو النار -عياذًا بالله-، وقد أُهِّلُوا وسلكوا طريق الوصول إلى جنة الخلد والرضوان؛ فهذا بشارة عظيمة القرآن يحمل هذه البشارة، حاملًا هذه البشارة مِن الله -تبارك وتعالى-, {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ}[التوبة:21], فهو بشير لِمَن أطاع النبي -صلى الله عليه وسلم- ودخل في الإيمان، ونذير يحمل النذارة، والنذارة هي الإخبار بما يسوء، وقد أنذر الله -تبارك وتعالى- عباده في هذا الكتاب بكل نذارة مع تصريف القول في هذه النذارة؛ فقد هدد الله -تبارك وتعالى- المكذبين بكل أنواع التهديد والوعيد في الدنيا وفي الآخرة، وحذرهم الله -تبارك وتعالى- مِن النار بكل التحذير، وجاءت صور التحذير متعددة، ملونة هذه النار وصفها الله -تبارك وتعالى- وصف حرها وعذابها، وشقاء أهلها، وطريقة سوقهم إليها، وما سيقاسونه مِن حرها، ومِن أشربتها الفظيعة, {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ}[ص:57], {وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ}[ص:58], {هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لا مَرْحَبًا بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُوا النَّارِ}[ص:59], {قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَبًا بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ}[ص:60], فينقل الله -تبارك وتعالى- مِن جملة ذلك مع عذاب أهل النار الخصومة التي تقع بين أهلها، وسب بعضهم بعض، وما يكونون فيه مِن الحسرة والنكال والدمار, {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إلى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ}[غافر:10], {قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ}[غافر:11], فباب النذارة في القرآن باب عظيم, {........وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْرًا}[طه:99], {مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا}[طه:100], {خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا}[طه:101], فهذا ذِكْر أنزله الله -تبارك وتعالى- ليذكر الله -تبارك وتعالى- به العباد, {وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْرًا}[طه:113], فَصَرَّفَ الله -تبارك وتعالى- فيه مِن الوعيد, أي نوع الوعيد أنواع في القول ضرب الأمثال، وصف الحالات، نقل المشاهد كلها مِن الله -تبارك وتعالى-؛ ليكون هذا القرآن أعظم نذير ومخوف عن عقوبة الرب -تبارك وتعالى-, {بَشِيرًا وَنَذِيرًا}, قال -جلَّ وعَلا- : {........فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ}[فصلت:4], سبحان الله! القرآن كتاب الله ينزل منه, {تَنزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[فصلت:2], الذي وسعت رحمته كل شيء الخَلْق كله خلقه، والرزق كله رزقه، والإنعام كله إنعامه رحمته التي وسعت كل شيء, القرآن ينزل مِن الرب الذي هذه صفته الرحمن الرحيم؛ ثم كتاب مُفَصَّل الآيات ما فيه اشتباه، ولا فيه إغلاق بحيث يكون صعبًا على الفهم، بل هكذا كتاب عربي، واضح، بَيِّن، وأنه جاء بهذه البشارة العظيمة الفوز الكبير, النجاة والخلود في كل ما يسر في السرور والحبور الذي لا ينقطع، وفَصَّلَ الله تبارك وتعالى هذا تفصيل، والنذارة بالعقوبة التي ليست بعدها عقوبة، ومع هذا قال -جلَّ وعَلا- : {فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ}, أعرض أكثرهم عن هذا القرآن النازل مِن الله -تبارك وتعالى-, {أَكْثَرُهُمْ}, أكثر المنذرين أكثر الذين أُرْسِلَ إليهم هذا القرآن, {أَكْثَرُهُمْ}, أعرضوا عن هذا القرآن، قال -جلَّ وعَلا- : {فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ}, ومعنى أعرضوا, أي أعطوا عرضهم لهذا أنهم ولوا أخذوا طريق آخر، وتركوا هذا النداء، وهذا الكتاب النازل مِن الله -تبارك وتعالى-, تركوا البشارة، وتركوا النذارة، تركوا هذا كله, {........فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ}[فصلت:4], ما كأنهم بسامعين لهذا القرآن, {فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ}, له, {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ}[فصلت:5], الله, انظر يصور الله -تبارك وتعالى- صورة إعراضهم، وقولهم بلسان الحال، ولسان المقال, {وَقَالُوا}, بلسانهم, بلسان المقال، وقالوا هذا بلسان حالهم, {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ........}[فصلت:5], قلوبنا وهي محل الفهم, {فِي أَكِنَّةٍ}, أغطية، أغشية، أغلفة، شيء يحفظها، ويكنها, الأمر نحن داخلين في صندوق محكم ما يصله هذا القرآن, {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ........}[فصلت:5], مِن هذا الذي تدعونا إليه, أنَّ هذا أمر يروا أنه أمر بعيد، وأمر لا يتحقق وكذب، وهذا لا يوجد مجال لأن يستمعوا إليه, {قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ}, ثُقْل؛ فلا نسمع كلامك, {وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ}, يوجد حجاب مانع يحول بيننا وبينك هذا قالوه حالًا، حالهم كان يقول هذا؛ فحال الكفار على هذا النحو؛ فإنهم لم يسمعوا لهذا القرآن، وحاولوا أن يجعلوا سد بينهم وبينه، وقالوا هذا بألسنتهم كما في قول الله -تبارك وتعالى- : {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ}[فصلت:26], لا تسمعوا له، وقد جاء أنه قد كانت قريش كبراؤها يوصي بعضهم بعضًا إياكم أنْ تسمعوا لهذا القرآن، وقد ضجوا أيما ضجيج، وقامت قيامتهم لما كان أبو بكر -رضي الله تعالى عنه- يصلي في فناء بيته، عملوا في فناء البيت، وكان يقوم مِن الليل يصلي بهذا القرآن؛ فيأتي الشباب والنساء، ويقفون على حوف البيت، ويستمعون؛ فقامت قيامتهم، وظلوا يؤذوا أبو بكر إلى أنْ اضطروه إلى أنْ يأخذ متاعه، وأنَّ يخرج مِن بمكة، وأنْ يعبد الله -تبارك وتعالى- لما التقاه سيد القارة عبدالله ابن الدُّغُنَّة، قال له : إلى أين يا أبو بكر؟ فقال: آذاني قومي، واذهب في هذه الأرض أعبد الله -تبارك وتعالى- قال له : والله لا لمثلك مخرج, ما مثلك قومه يخرجوه رجل نافع في إنك لتصل الرحم، وتحمل الكَلّ، وتعين على نوائب الحق جابه، وكان رجل سيد في قومه؛ فقال لقريش قال له : ارجع وأنت في جواري؛ فرجع في جواره، وجاء عبدالله ابن الدُّغُنَّة وقف عند الكعبة، وقال لقريش كلها لبطونها قد أجرت أبا بكر؛ فلما دخل في جوار هذا السيد لا يستطيعون أنْ يخالفوا مثل هذا الرجل الذي تجارتهم في الطريق إليه ما يستطيعوا أنْ يخفروا ذمته، وقالوا له : لكن بشرط نقبل هذه الإجارة بشرط مره فليصلي في داخل بيته، لا يخرج، قال : يفتن صبياننا وأبنائنا، ويفتن نسائنا بقرائته, قم مره إذا أراد أنْ يصلي؛ فليصلي داخل بيته، ولا يُسْمِعُ هذا القرآن؛ فقبل أبو بكر هذا الشرط زمانَا، وبقي زمانًا على هذا النحو؛ ثم بدا له أنه أنْ يصلي، وأنْ يقرأ القرآن في خارج بيته لما قرأ القرآن خارج بيته قام، قاموا لعبدالله ابن الدُّغُنَّة، وقالوا : هذا رجل خالف الشرط وتعالى إما أنْ يقبل شرطك، وإلا ؛ فقال له : اقبل الشرط، قال : أترك جوارك، وأرضى بجوار الله -تبارك وتعالى-, الشاهد في هذا انظر ملاحقتهم لأبو بكر الصديق -رضي الله تعالى- عنه لأنه مجرد أنْ يقرأ هذا القرآن ، وهذا سهيل ابن عمرو، وهذا رجل آخر عامر بن الطفيل يأتي دوسي؛ فيأتي إلى مكة؛ فيلحقه، ويقول هذا سادة العرب هؤلاء أمسكوهم قبل أن يأتوا؛ فيسمع شيء مِن النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- يقول عامر : يقول ظلوا بي يحذرونني مِن النبي، وأنْ أسمع منه شيئًا يقولون يا فلان هذا كذا، كذا إياك هذا رجل ساحر إنْ سمعت منه قولا سيغير مِن فهمك، سيقلب مِن عقيدتك، سيفعل وسيفعل، يقول: فما زالوا يحذرونني منه حتى أخذت كُرْسُفًا؛ فوضعته في أذني أخذ قطن، ووضعه في أذنيه حتى إذا طاف بالبيت، وسار هنا وهنا لا يلحق به النبي، ولا يعرض عليه هذا، ولا يسمع كلمة مِن النبي -صلوات الله والسلام عليه-, يقول؛ ثم قلت في نفسي : أنت سيد قومك، وكيف تخشى على نفسك أنْ تسمع كلام يغيرك، يقول : فأخذت هذا القطن وأخرجته، يقول : وجئت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وسألته، وقرأ على القرآن، وكذا وكذا فآمنت وأسلم, الشاهد مِن كل هذا أنظر كان فعل هؤلاء الصد عن سبيل الله، وعدم محاولة أنْ يُسْمَعَ للقرآن، ولا أن يسمعوا لهم، ولا أنْ يسمعه غيرهم؛ فقد قالوا هذا، قالوا هذا الكلام بلسان القول, {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ........}[فصلت:5], هذا أول ما تكلم النبي، وقال : إني, {.......نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ}[سبأ:46], قام أبو لهب، قال: تباً لكْ سير اليوم ألهذا جمعتنا؟! وهذا عم النبي -صلى الله عليه وسلم- مجرد أنْ يقول، نادى بطون قريش بطنًا بطنًا وأخبرهم قال لهم : أرأيت إنْ حدثتكم أنَّ خيلًا وراء هذا الجبل، أو في هذا الوادي تريد أنْ تغير عليكم كنتم مصدقي؟ قالوا : ما جربنا عليك كذبًا؛ قال: فإني {.......نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ}[سبأ:46], قرأ عليهم القرآن قال لهم : أنا نذير لكم أنا رسول أرسلني، الله أرسلني بين يدي عذاب شديد؛ فمجرد قال الكلمة، قال له أبو لهب: تبًا لك سير اليوم ألهذا جمعتنا؟! لا يريد أنْ يسمعوا هذا، وكان المفروض أنْ يقولوا كيف أنت نذير لنا, ما الذي جئت به, ما هذا الذي جاءك, اقرأ علينا هذا الكلام؛ فلم يكلفوا أنفسهم قَطّ، ولم يرضوا لأنْ يسمعوا هذا الكلام مجرد سماع، ولا أنْ يفقهوه مجرد فقه، فهم، وقد جاء بلغتهم، لغتهم العربية لكن قالوا كما قال الله -تبارك وتعالى- : {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ........}[فصلت:5], أنت في وادٍ، ونحن في وادٍ آخر فيه حجاب، فيه ساتر يحول بيننا وبينك, {........فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ}[فصلت:5], {َاعْمَل}, على دينك, سِرْ على ما أنت فيه مِن الدين، ونحن سنسير على دينا ما يمكن أنْ نلتقى يقول له : لا يمكن أنْ نلتقي, {فَاعْمَلْ}, على الطريق الذي أنت سائر فيه، وهم يعتقدون أنَّ كذب عليهم وافترى, {إِنَّنَا عَامِلُونَ}, على منهجنا وطريقنا، ولن نسمع لك قَطّ, {وَقَالُوا}, أي هؤلاء الكفار, {........قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ}[فصلت:5], قال -جلَّ وعَلا- : {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ}[فصلت:6], {الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ}[فصلت:7], أي {قُلْ}, لهم مجيبًا على قولهم هذا, {إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ}, قل لهم : أنا مثلكم، بشر مثلكم، بشر مِن أولاد آدم، مثلكم في البشرية آكل كما تأكلون، أشرب كما تشربون، أنام كما تنامون، أموت كما تموتون، لست مَلَكًا ولست ذا طبيعة غير طبيعتكم أنا بشر مثلكم, {يُوحَى إِلَيَّ}, وإنما أنا جاءني هذا الوحي, {يُوحَى إِلَيَّ}, بالبناء لما لم يُسَمَّ فاعله, والذي يوحي إليه الله -سبحانه وتعالى- وخلاصة هذا الوحي وثمرته وغايته, {أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}, هذا هو خلاصة الرسالة, {يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ}, معبودكم, {إِلَهٌ وَاحِدٌ}, فقط معبودكم الذي يجب أنْ تعبدوه إله واحد؛ لأنه لا يستحق الألوهية إلا هو؛ فإنَّ الخلق كله له، والرزق كله له، والتصريف كله له -سبحانه وتعالى-, {أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ}, استقيموا إلى الله -تبارك وتعالى-, أي خذوا طريقكم المستقيم، وهو صراط الله -عز وجل-, {........إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ}[فصلت:6].
والوقت قد أدركنا لهذه الحلقة سنكمل -إنْ شاء الله- في الحلقة الآتية أستغفر الله لي ولكم مِن كل ذنب، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد.