الجمعة 21 جمادى الأولى 1446 . 22 نوفمبر 2024

الحلقة (588) - سورة فصلت 36-40

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين, سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومَن اهتدى بهداه، وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد؛ فيقول الله -تبارك وتعالى- : {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإذا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}[فصلت:34], {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}[فصلت:35], {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِن الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[فصلت:36], {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}[فصلت:37], {فإنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ}[فصلت:38], يوصي الله -تبارك وتعالى- عباده المؤمنين بهذه الوصية أنَّ الحسنة والسيئة لا تستوي عنده -سبحانه وتعالى-, وأنه ينبغي لهم أنْ يقابلوا الإساءة بالإحسان، قال -جلَّ وعَلا- : {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ........}[فصلت:34], ادفع عنك السيئة بما هو أحسن مِنها, قابل إساءة الناس بالإحسان إليهم, {........فَإذا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}[فصلت:34], أنه إذا عاملت هذا، ودفعت السيئة عنك, {بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}, عامل الذي يسيء إليك, {كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}, كما تعامل الولي الحميم, الصديق الذي يحموا لك.\, ثم قال -جلَّ وعَلا- : {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}[فصلت:35], لا يُلَقَّى هذه الخصلة، ولا يعمل بهذه الوصية مِن الله -تبارك وتعالى- وهذا الأمر العظيم, {إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا}, على الإساءة, {........وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}[فصلت:35], مِن الله -سبحانه وتعالى-, {حَظٍّ عَظِيمٍ}, بأنْ يجبله الله -تبارك وتعالى- على هذه الخصلة الحميدة العظيمة الصبر والحِلْم والآناة، ومقابلة السيئة بالحسنة، أو أنْ يتخلق بها تخلقًا، كما قال النبي -صلوات الله والسلام عليه- : «إنما الحِلْم بالتحلم كما إنَّ العلم بالتعلم».

ثم قال -جلَّ وعَلا- : {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِن الشَّيْطَانِ نَزْغٌ........}[فصلت:36], في مقابلة الإساءة؛ فإنَّ الشيطان له نزغ، وهو تحريكه ودفعه في قلب العبد ليقابل الإساءة بالإساءة؛ فيشتد غضبه، وتأتي عنده الرغبة في الانتقام, {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِن الشَّيْطَانِ نَزْغٌ........}[فصلت:36], إما للعدوان، أو في أي نزغ مِن نزغات الشيطان يحركك تحريكًا إلى معصية مِن معاصي الله -تبارك وتعالى-, {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ}, استعذ بالله اطلب اللجوء إليه -سبحانه وتعالى-, الاستعاذة بالله هو الالتجاء إليه -سبحانه وتعالى-, {إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ}, لكل خَلْقِهِ -سبحانه وتعالى-, {الْعَلِيمُ}, بكل شئون خَلْقه -جلَّ وعَلا-؛ فهو في كل الأوقات، وفي كل الأزمان، ومع كل أحد هو : {السَّمِيعُ}, لأقوال عباده, {الْعَلِيمُ}, بهم -سبحانه وتعالى-, وقد كان رجل في غضب عند النبي -صلوات الله والسلام عليه- محمرًا وجهه؛ يسب فسبه آخر ساببه وشاتمه؛ فقال النبي : إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه هذا الغضب لو قال : أعوذ بالله مِن الشيطان الرجيم؛ فلو قال العبد وهو في حال غضبه، واستعاذ بالله -تبارك وتعالى- وقال : أعوذ بالله مِن الشيطان الرجيم؛ فإنَّه يزول عنه الغضب، ويخرج مما هو فيه؛ فالغضب نار يؤججه الشيطان في قلب صاحبه إرادة للانتقام، وقد قال النبي -صلوات الله والسلام عليه- : «ليس الشديد بالصُّرْعَة, إنما الشديد الذي يملك نَفْسَهُ عند الغضب», فغالبًا ما يكون هذا مِن نزغ الشيطان، ومِن تحريكه ودفعه في قلب الإنسان لينتقم ويغضب، ويقابل السيئة بالسيئة؛ فالله -تبارك وتعالى- يوصي العبد هنا الذي هنا يأمره بالإحسان، ومقابلة السيئة بالحسنة, أولًا أنه قال : {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}[فصلت:35], ثم : {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِن الشَّيْطَانِ نَزْغٌ........}[فصلت:36], يحركك الشيطان لتنتقم مِن أخيك، ولتعتدي ولتظلم, {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ}, اطلب العوذ، واللجوء إلى الله -تبارك وتعالى-, {........إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[فصلت:36], هذه الفقرة هنا مِن هذه الآيات في هذه السورة بعد أنْ بَيَّنَ الله -تبارك وتعالى- إنعامه وإفضاله على عباده المؤمنين، ولماذا كان هذا؛ فقال : {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ}[فصلت:30], {نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ}[فصلت:31], {نُزُلًا مِن غَفُورٍ رَحِيمٍ}[فصلت:32], بَيَّنَ الله -تبارك وتعالى- لماذا استحقوا هذا، قال : {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إلى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِن الْمُسْلِمِينَ}[فصلت:33], ثم أوصى الله -تبارك وتعالى- هؤلاء العباد بهذه الصفات الحسنة ليبلغوا غاية الكمال؛ فقال -جلَّ وعَلا- : {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإذا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}[فصلت:34], {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}[فصلت:35], {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِن الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[فصلت:36], وهذا كما قال الله -تبارك وتعالى- موصٍ عباده المؤمنين بهذه الأخلاق العالية؛ فقال : {وَسَارِعُوا إلى مَغْفِرَةٍ مِن رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}[آل عمران:133], {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[آل عمران:134], {وَالَّذِينَ إذا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[آل عمران:135], فهذه وصية الله -تبارك وتعالى- لهذه الصفوة مِن خَلْقِهِ الذين يحبهم ويرتضيهم، والذين أعد لهم هذا الإعداد، وتقابلهم الملائكة بهذه البشرى بأنْ يتخلقوا بهذه الأخلاق العالية الكريمة, {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}[فصلت:35].

ثم بعد ذلك انتقل الخطاب الإلهي إلى هؤلاء الذين يشركون به -سبحانه وتعالى-؛ فقال -جلَّ وعَلا- : {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}[فصلت:37], {وَمِنْ آيَاتِهِ}, دلائل قدرته، وعظمته -سبحانه وتعالى-, {اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ}, اللذان يجريان على هذه الأرض؛ فالليل والنهار دائبين، جاريين على هذه الأرض دائمًا في عمل مستمر، وحاجة العباد إليهما سبب مِن أعظم أسباب الحياة لا بقاء للحياة على هذه الأرض إلا بالليل والنهار, {اللَّيْلُ}, الذي تسكن فيه هذه الأحياء، وهذه المخلوقات، {وَالنَّهَارُ}, الذي هو معاشهم، وهو في ضوئه، وفي حرارته قيامهم، ومعاشهم؛ فهي مِن آيات الله -تبارك وتعالى- جريان الليل والنهار على هذه الأرض أولًا آية مِن آيات الله -تبارك وتعالى- قد علم الناس الآن عندما رأوا هذه الأرض، وهي هذه الكرة المعلقة هكذا في الفضاء، وتدور حول نفسها يحصل هذا الليل، والنهار تدور هذا الدوران، وتسير حول الشمس هذا المسار، وفيها جبالها وأنهارها ومخلوقاتها وكلها، وهي ثابتة مستقرة على هذا النحو، ومِن رحمة الله -تبارك وتعالى- أنْ يُجْرِي الليل والنهار عليها، ولا حياة، ولا بقاء إلا بهذا بإجراء الليل والنهار الذي لا يستطيع أنْ يفعل هذا لا يعمل هذا إلا الله -سبحانه وتعالى-, {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مِن إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ}[القصص:71], {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إلى يَوْمِ الْقِيَامَةِ........}[القصص:72], النهار مستمر, {........مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ}[القصص:72], {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[القصص:73], فهذه آية مِن آيات الله -تبارك وتعالى-, {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ........}[فصلت:37], الشمس هذه العظيمة الكائن العظيم, آية مِن آيات الله -تبارك وتعالى- جعلها سراج وهاج على هذا النحو فيه الحرارة والدفء والنور، ولولاها لَمَا كان لهذه المخلوقات كلها بقاء على هذه الأرض، والقمر بضوئه وجماله وبدورانه حول الأرض أول شيء منازلها التي هي مواقيت للناس والحج، ودورانه بهذا الأمر عَلِمَ الناس الآن أنه يجذب نحوه بجاذبيته هذه المياه العظيمة؛ فيجذبها؛ فيحصل بدورانه حول الأرض المد والجذر الذي لا بد مِنه لهذا البحر العظيم, هذه الغسالة الكبيرة، وهذه القوة الهائلة التي بها لا يفسد هواء هذه الأرض, أمر عظيم جدًا مرتبط بحركة القمر حول الأرض، وما يحدثه مِن مدٍ وجذر، وما يحدثه مِن أحداث عظيمة في هذه الأرض أيضًا لولاها لفسدت حياة الإنسان على هذه الأرض، قال -جلَّ وعَلا- : {لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ}, نهي مِنه -سبحانه وتعالى- أنْ يسجد للشمس والقمر، وهي آية مِن آيات الله -تبارك وتعالى-, وإنما يُسْجَد للخالق الذي خَلَقَ هذا، وسخر هذا، ودَبَّرَ هذا -سبحانه وتعالى-, {وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ}, فالشمس نعمة عظيمة، والقمر عظيم، وفوائده فوائد القمر والشمس عظيمة على أهل الأرض لكن مَن الذي يشكر، ومَن الذي يذكر لهذا الأمر؟ خالقهم الذي خلقهم -سبحانه وتعالى-, وليس هي العبادة للشمس والسجود لها، والسجود للقمر لا يغني شيء؛ لأنها ليست هي ليست هي الإلهة, ما منها كان هذا الفضل، وإنما الفضل والإحسان، إنما هو لخالق الشمس، ولخالق القمر -سبحانه وتعالى-, {لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ}, السجود طاعة وتعظيم للرب، وشكران له -سبحانه وتعالى-, عمل عظيم يدل على خضوع وذلة العبد أمام خالقه وإلهه ومولاه، والذي سخر له هذه المخلوقات العظيمة لتكون في خدمته؛ فهو الذي سخر الشمس، وسخر القمر على هذا النحو، كما قال : {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ}[إبراهيم:33], {وَآتَاكُمْ مِن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ........}[إبراهيم:34], فالذي سخر هذا ذلك وأقامه على هذا النحو، وذلله لكم في مساره، وبأوقاته وبفلكه الذي لا يتعداه هذا إلهكم وربكم ومولاكم -سبحانه وتعالى- هو الذي يستحق العبادة, {........وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}[فصلت:37], {........إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}[فصلت:37], حقًا, {إِيَّاهُ}, لا غيره -سبحانه وتعالى- إنْ كنتم تعبدونه, بل {إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ}, تعبدونه وحده -سبحانه وتعالى- إذن فاسجدوا لخالق الشمس والقمر، وليس للشمس والقمر، قال -جلَّ وعَلا- : {فإنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ}[فصلت:38], {فإنِ اسْتَكْبَرُوا}, هؤلاء البشر المدعوون إلى عبادة الله -تبارك وتعالى- واستكبروا طلبوا الكبر، وهم ليسوا مِن أهله، ولا يحق لهم، ويصح لهم, بل التكبر عن طاعة الإله, الخالق, الذي لا إله إلا هو. الذي أعطاهم هذا, هذا مِن أشنع الأعمال كيف يتكبر المخلوق على خالقه والمحسن إليه -سبحانه وتعالى-, {فإنِ اسْتَكْبَرُوا}, قال -جلَّ وعَلا- : {فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ}, والذين عند الله -تبارك وتعالى- هم ملائكته الذين يحملون العرش ومَن حوله, الملائكة الذين هم عند الله -تبارك وتعالى- قال : {فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}, {يُسَبِّحُونَ لَهُ}, ينزهونه -سبحانه وتعالى- عن كل ما يليق به أنْ يكون له شريك، أنْ يكون له شريك مِن خَلْقِهِ، مِن ملائكته، مِن جِنِّهِ، مِن إنسه، مِن السموات والأرض لا شريك له -سبحانه وتعالى- أولًا لا هم شركاء يشتركون مع الله -تبارك وتعالى- في صفاته، في صفات ذاته، في صفاته -سبحانه وتعالى- ولا في حقوقه، ولا ند له، ولا شبيه له مِن هذا الخَلْق بل كل خلقه مطيع له, طائع له -سبحانه وتعالى- طوعًا أو كرهًا, {يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}, تسبيح بلسان مقالهم، وبلسان حالهم, {بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}, في كل الأوقات, {وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ},السآمة الملل, لا يَمَلُّونَ مِن هذا الأمر بل هم في تسبيح لله -تبارك وتعالى- بكل أنواع هذا التسبيح قلبًا وقالبًا لا يَمَلُّونَ مِن هذا الأمر, ما عندهم أي ملل، ولا أي ترك لهذا الأمر، بل يفعلون هذا ليلًا ونهارًا هؤلاء ملائكة الله -تبارك وتعالى- المطيعون له الذين لا تتأتى مِنهم معصية, {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ}[الأنبياء:26], {لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ}[الأنبياء:27], {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِن خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ}[الأنبياء:28], {وَمَنْ يَقُلْ مِنهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِن دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ}[الأنبياء:29] وقال -سبحانه وتعالى- : {تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ........}[الشورى:5], وقال : {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ}[الأعراف:206], وهنا قال -جلَّ وعَلا- : {فإنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ}[فصلت:38], هؤلاء ملائكته -سبحانه وتعالى؛- إذن إذا استكبر البشر، وهم أقل في الخَلْقِ مِن الملائكة لا تكاد تقارن بين قوة المَلَك الذي خَلَقَهُ الله -تبارك وتعالى- على هذا النحو مِن نور، وأعطاه هذه الصفات العظيمة, {الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ........}[فاطر:1], جبريل يقول النبي : «رأيت له ستمائة جناح قد سد الأفق, كلما نظرت في الأفق رأيته أمامي», «أذن لي أنْ أحدث عن مَلَك مِن حملة العرش ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه تخفق الطير خمسمائة عام», مَلَك واحد يحمل السموات والأرض فيدكها دكة واحدة, {فَإذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ}[الحاقة:13], {وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً}[الحاقة:14], {فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ}[الحاقة:15], مِن مَلَك واحد، قال -جلَّ وعَلا- عن صاحب ياسين : {وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِن جُندٍ مِن السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مِنزِلِينَ}[يس:28], {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإذا هُمْ خَامِدُونَ}[يس:29], صيحة واحدة لهذه القرية, الظالمي أهلها, الذين كذبوا ثلاثة مِن الرسل أرسلهم الله -تبارك وتعالى- لهم في وقت واحد؛ فلما كذبوهم جميعًا، وقتلوا المؤمن الوحيد الذي آمن بهم, {وَجَاءَ مِن أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ}[يس:20], {اتَّبِعُوا مِن لا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ}[يس:21], ثم قاموا عليه بعد ذلك؛ فقتلوه، قال -جلَّ وعَلا- : {وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِن بَعْدِهِ مِن جُندٍ مِن السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مِنزِلِينَ}[يس:28], {إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً........}[يس:29], لِمَلَكٍ واحد, {فَإذا هُمْ خَامِدُونَ}, فالملائكة خَلْق عظيم مِن خَلْقِ الله -تبارك وتعالى- لا يمكن مقارنة خلقهم وقدراتهم وعملهم، وعبادتهم بشأن البشر الذين هم أضعف حالًا مِن القوى، وكذلك حتى مَن يطيع مِنهم مِن أهل الطاعة، والعبادة لا يمكن مقارنة طاعاتهم وعبادتهم بطاعة الملائكة، وعبادة الملائكة؛ فعبادة الملائكة أكمل، وتسبيحهم لله -تبارك وتعالى- أكمل؛ فإنَّهم يسبحون الليل والنهار لا يفترون, أما العباد المؤمنون؛ فإنَّ أحوالهم في القيام بأمر الله -تبارك وتعالى- والتسبيح والتحميد وقت قليل مِن أوقاتهم، وبعد ذلك عندهم عامة أوقاتهم قد تكون مشغولة بالمباحات وبالضرورات أما الملائكة؛ فإنَّ كل حالهم إنما هو قيام في طاعة الرب -تبارك وتعالى-, انظر إلى دعوة الله -تبارك وتعالى- للبشر ليعبدوه -سبحانه وتعالى-, ثم تكبر مَن يتكبر مِنهم عن طاعة الرب -تبارك وتعالى-, والحال أنَّ الرب هو الممجد -سبحانه وتعالى- المحمود، المُسَبَّحُ له، والذي تسبح له السموات السبع، ومَن فيهن، وتسبح له ملائكته -سبحانه وتعالى-, {فإنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ........}[فصلت:38], أي مِن ملائكة الرب -جلَّ وعَلا-, {........يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ}[فصلت:38], هو الرب المعبود، المعبود، المحمود -سبحانه وتعالى- والمعبود كذلك مِن عباده هذا الخلق العظيم الملائكة الذين يقومون بعبادته على هذا النحو العظيم, {........يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ}[فصلت:38].

ثم قال -جلَّ وعَلا- : {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإذا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[فصلت:39], هذا كذلك ما زال السياق مع هؤلاء الكفار المعاندين المستكبرين عن طاعة الله -تبارك وتعالى- فكان مِن عنادهم، ومِن جهلهم دعواهم، وظنهم أنَّ الله -تبارك وتعالى- لا يعيدهم إلى الحياة مرة ثانية؛ لأنهم يظنون أنَّ الله لا يقدر أنْ يعيد أجسامهم بعد أنْ ترم، وأنْ تبلى وتفنى، وتضل في الأرض, {وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ........}[السجدة:10], قال -جلَّ وعَلا- : {وَمِنْ آيَاتِهِ}, أي دلائل قدرته وعظمته -سبحانه وتعالى- على الخَلْقِ والإيجاد, {أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً}, {أَنَّكَ}, أيها المخاطب, {تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً}, الأرض خاشعة أي أنها هابطة، ذليلة، ملتصق ذراتها بعضها ببعض مِن الجفاف والعطش, {تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإذا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ}, ماء المطر, {اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ}, الأرض تتحرك عند ذلك تنتفش وتنتفخ هذه التربة, {اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ}, زادت بعد أنْ كانت هابطة متداخل بعضها ببعض؛ فإذا بالمطر يحركها؛ فتهتز وتربوا اهتزازها هذه الحركة الداخلية التي تكون بعد نزول المطر على الأرض, {وَرَبَتْ}, فأصبح هنا الحال الأرض نفسها أصبح فيها حياة، وحركة قال -جلَّ وعَلا- : {إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِ الْمَوْتَى}, {إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا}, بعد جفافها وجمودها على هذا النحو؛ ثم إذا بها يصير فيها هذه الحركة الاهتزاز والزيادة؛ ثم تخرج بعد ذلك مِن كل زوج بهيج, {إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا}, أحيا الأرض, {لَمُحْيِ الْمَوْتَى}, فالقادر على إحياء هذه الأرض الجافة التي كانت هكذا خاشعة ويابسة على هذا النحو هو القادر -سبحانه وتعالى- على أنْ يحي الموتى, {........إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[فصلت:39], {إِنَّهُ}, الرب, الإله -سبحانه وتعالى-, {عَلَى كُلِّ شَيْءٍ}, مما يريده -سبحانه وتعالى-, {قَدِيرٌ}, لا يعجزه شيء، وقد أخبر -سبحانه وتعالى- بأنه يحي الأجساد بعد موتها فيحييها -جلَّ وعَلا-, ثم قال -جلَّ وعَلا- بعد هذا  أبطل الله -تبارك وتعالى- بهاتين الآيتين الشك كله السجود لغيره -سبحانه وتعالى-؛ فالسجود للشمس والقمر، وهما  آيتان ونعمتان عظيمتان، ولهم فضل  لا شك أنه ترتبط حياة الإنسان بالشمس والقمر, لكن الذي يجب أنْ يُشْكَرَ ويُعْبَد هو خالقهم، وهو مسخرهم -سبحانه وتعالى- هذا عند كل ذي عقل ولب أنَّ الله وحده هو الذي يستحق العبادة دون سائر ما يُعْبَد مِن دونه -سبحانه وتعالى-, الأمر الآخر أنه إذا استكبرت أيها العبد عن عبادة الله -تبارك وتعالى- فاعلم أنَّ هناك خَلْق أعظم مِنك، وأكمل مِنك هم يسبحون الله -تبارك وتعالى- بالليل والنهار, {وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ}, فهذا بيان غنى الرب -سبحانه وتعالى-, والله غني لذاته، وغني -سبحانه وتعالى- عن كل خَلْقِهِ -سبحانه وتعالى- وهو المحمود، ومِن خلقه مِن يقوم بحمده -سبحانه وتعالى- إنْ استكبر هؤلاء؛ فإنَّ هناك مَن يحمد الله -تبارك وتعالى- ويسبحه ويحمده, ثم إبطال هذه عقيدة الكفار في إحالتهم على الله -تبارك وتعالى- أنْ يعيدهم إلى الحياة مرة ثانية؛ فالله يريهم بأعينهم آية مِن آياته يرونها، وهي إحياء الأرض بعد موتها بعد هذا يتوعدهم الله -تبارك وتعالى- فيقول : {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}[فصلت:40], {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا........}[فصلت:40], الإلحاد الميل لأنَّ اللحد هو الميل، ومنه سمي اللحد وهو الشق الذي يشق فيه القبر, ثم يمال الحفر إلى جهة؛ فيسمى لحد, {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا........}[فصلت:40], يميلون بها، يفهمونها على غير وجهها، ويصرفونها عن معانيها صرف المعنى، أو صرف اللفظ الإلحاد والتبديل يكون بتبديل الألفاظ تتغير المعاني، أو تبديل المعاني, {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا........}[فصلت:40], فيجعلون محل أمر الله -تبارك وتعالى- أمره بالتوحيد؛ فيحيلونه إلى الشِّرك، وأمره -سبحانه وتعالى- بأنْ يعبد لا شريك له؛ فيعبدون غيره، ويأمرهم الله -تبارك وتعالى- في الأمر؛ فيميلون ويحيدون عنه, {إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا........}[فصلت:40], يميلون عنها، ولا يأتون أمر الله -تبارك وتعالى- كما يأمرهم، قال -جلَّ وعَلا- : {لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا}, الله عليم بهم -سبحانه وتعالى- هذا وعيد شديد مِنه -سبحانه وتعالى-, وأنَّ أنت يا أيها المجرم, الملحد في آيات الله -تبارك وتعالى- الزائغ عنه اعلم أنَّ الله يعلمك, {لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا}, ثم قال -جلَّ وعَلا- : {أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مِن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ}, هذه نتيجة هذا، وهذا نتيجة الإلحاد والكفر بالله -تبارك وتعالى- إنه يلقى في النار, {أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ}, وهذا مصير كل كافر، هذا, {خَيْرٌ أَمْ مِن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ}, المؤمن الذي يأتي آمنًا يوم القيامة له الأمن عندة الله -تبارك وتعالى- قد أمنه الله -عز وجل- أمنه مِن النار، وبشره بالجنة؛ ثم قال -جلَّ وعَلا- : {اعْمَلُوا مَا شِئتُمْ}, أمر يراد به التهديد وليس {اعْمَلُوا مَا شِئتُمْ}, تخييرًا؛ فاختاروا ما تشاءوا، ولا حساب، ولا عقاب، لا، اعلموا أنَّ هذا هو النتيجة أنَّ كل كافر سيلقى في النار, {.......اعْمَلُوا مَا شِئتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}[فصلت:40], الذي أردتموه وشئتموه مِن الكفر؛ فاعملوه واعلموا أنَّ الله -تبارك وتعالى- بصير بكل أعمالكم؛ فسيحاسبكم على كفركم وعنادكم وميلكم عن طريق الحق.

 نقف هنا، وأصلي وأسلم على عبد الله ورسوله محمد، والحمد لله رب العالمين.