الجمعة 29 ربيع الآخر 1446 . 1 نوفمبر 2024

الحلقة (597) - سورة الشورى 30-69

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين, سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومَن اهتدى بهداه، وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد؛ فيقول الله -تبارك وتعالى- : {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ}[الشورى:29], {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ}[الشورى:30], {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ}[الشورى:31], {وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ}[الشورى:32], {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}[الشورى:33], {أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ}[الشورى:34], {وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ}[الشورى:35].

هذه الآيات في سياق بيان قدرة الله -تبارك وتعالى- وآياته في الخَلْق والناس، قال -جلَّ وعَلا- : {وَمِنْ آيَاتِهِ}, أي دلائل قدرته -سبحانه وتعالى- وعظمته, {خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ}, فإنَّ خلق السموات خلقٌ عظيمٌ, شديدٌ هذه السموات التي وسعها الله -تبارك وتعالى- هذه التوسعة بما لا تحيط عقول البشر بنهاية أبعادها, {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}[الذاريات:47], أي بقوة، وقال -تبارك وتعالى- قال : {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}[الملك:1], {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}[الملك:2], {الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ}[الملك:3], {ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ}[الملك:4], عاجز أنْ يصل إلى أبعاد هذه السموات والأرض؛ فهذا دليل على عَظَمَةِ الخالق -سبحانه وتعالى-, {وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ}, ما نشر فيهما, في السموات والأرض {مِنْ دَابَّةٍ}, الدابة كل ما يدب على الأرض، ويسير عليها، ويدخل هذا في ساكني السموات الملائكة، وما جعله الله -تبارك وتعالى- في الأرض مِن الإنس والجن، والحيوان والطير, { وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ}, مِن دلائل قدرته وعَظَمَتِهِ؛ فتنوع الخَلْق على هذا التنوع العظيم دليل قدرة الله -تبارك وتعالى- وعَظَمَتِهِ، قال -جلَّ وعَلا- : {........وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ}[الشورى:29], وقد أخبر -سبحانه وتعالى- أنه جامع الناس يوم القيامة, أنه يجمعهم يوم القيامة، كل مَن ذرأه الله -تبارك وتعالى- في هذه الأرض مِن ذرية آدم بدءً مِن آدم إلى آخر ذريته، وكذلك تُحْشَر هذه دواب الأرض كما قال -تبارك وتعالى- : {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ}[التكوير:5], يوم القيامة؛ ثم يقول الله -تبارك وتعالى- لها كوني ترابًا؛ فتكون ترابًا بعد أنْ يقتص الله -تبارك وتعالى- منها بعضها ببعض؛ فهذه آيات عظيمة، قدرة الرب -سبحانه وتعالى- أنْ يخلق هذا الخَلْق المتعدد، الكثير، الكثير؛ ثم أنْ يميته -سبحانه وتعالى-, ثم أنْ يحييه ويجمعه يوم القيامة، ويُحْشَرُ كل شيء؛ فلا يبقى دابة مِن دواب الأرض إلا ويحشرها الله -تبارك وتعالى-, هذا دليل عَظَمَتهِ -سبحانه وتعالى- وسعة علمه -سبحانه وتعالى-, وأنه لا يفوته شيء.

ثم قال -جلَّ وعَلا- : {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ}[الشورى:30], {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ........}[الشورى:30], أي مِن الشر أيًا كانت, {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}, يعاقب الله -تبارك وتعالى- بها عقوبة؛ فالبنسبة للكافر هذه عقوبة معجلة له في الدنيا، وبالنسبة للمؤمن هذه كفارة لذنبه، رفعة له عند الله -تبارك وتعالى- كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : «عجبًا لأمر المؤمن إنَّ أمره كله له خير إنْ أصابته سراء فشكر كان خيرًا له, وإنْ أصابته ضراء فصبر كان خيرًا له, وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن»,   فالمؤمن كل قضاءٍ يقضيه الله -تبارك وتعالى- له خير, سواءً بالنعمة تعجيلها في هذه الدنيا هذه من حسنة الدنيا المعجلة له، أو بالعقوبة، أو المصيبة؛ فهذا يكون له خير كذلك, كفارة وطهورًا له مِن الآثام والمعاصي، ورفعًا لدرجاته، وإجزالًا لعطائه يوم القيامة, {........إِنَّمَا يُوَفي الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}[الزمر:10], أما بالنسبة للكافر؛ فهي عقوبة له معجلة في هذه الدنيا, كما قال -تبارك وتعالى- : {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ}[السجدة:21],  وقال : {وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ}, فتخويفًا وضربًا لهم، وعقوبة معجلة لهم في الدنيا، ولا يستفيدون بها؛ ثم تنتظرهم العقوبة الكبرى يوم القيامة لكن كل هذا واقع بقضائه، وقدره -سبحانه وتعالى-, {وَمَا أَصَابَكُمْ}, أيها الناس, {مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}, اعلموا أنه لا تقع مصيبة في الأرض إلا بما كسبت أيدي الناس، كما قال -جلَّ وعَلا- : {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ........}[الروم:41], والفساد الآفة؛ فكل آفة تقع في الأرض إنما هي بما كسبت أيدى الناس, بسبب ما يكسبونه، قال -جلَّ وعَلا- : {وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ}, فلا يؤاخذ بها, {وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ}, مِن السيئات لا يؤاخذ لها عاجلًا في هذه الدنيا، وذلك إخباره -سبحانه وتعالى- أنه لو جازى كل مسيء بإسائته في الدنيا ما بقى أحد على ظهر الأرض, {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا}[فاطر:45], {وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ}, فلا يعاقب به -سبحانه وتعالى- في هذه الدنيا، أو بالنسبة لأهل الإيمان؛ فإنه يمحوه ويزيله بتوبتهم، ورجوعهم إلى الله -تبارك وتعالى-؛ فلا يعاقبهم عليه في الدنيا, ولا في الآخرة.

ثم قال -جلَّ وعَلا- : {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ}[الشورى:31], {وَمَا أَنْتُمْ}, أيها الناس، وخطاب للكفار, {بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ}, بمعحزين لربكم -سبحانه وتعالى- أي بفائتينه، أو بمنتصرين عليه، لا، لا تفوتون الله -تبارك وتعالى- ولا تعجزونه لا هربًا، ولا ذهابًا، ولا  غَلَبًا له، لا يغلب الله -تبارك وتعالى- غالب، الله هو الغالب -سبحانه وتعالى- وهو القاهر فوق عباده -سبحانه وتعالى- لا يفوته شيء، وقد قالت الجن : {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعجِزَ اللَّهَ فِي الأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا}[الجن:12], وهم الجِنّ، والجِنَ ذووا قدرات أعظم مِن قدرات الإنسان قدرات في التخفي، قدرات في الطيران، قدرات في الوصول إلى أعالي السموات ومع ذلك؛ فإنهم اعتقدوا بأنهم لا يمكن أنْ يعجزوا الله -تبارك وتعالى- في الأرض, {وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا}, منه -سبحانه وتعالى- فما أحد يعجز الله -تبارك وتعالى- مِن خلقه -جلَّ وعَلا-, {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ........}[الشورى:31], أيها الناس, {........وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ}[الشورى:31],  ليس {لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ}, غير الله -تبارك وتعالى-, {وَلِيٍّ}, يواليكم بمعنى أنه يحبكم وينصركم تكونون في ولايته، وفي  نصره لكم ومحبته, {وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ}, كذلك, {نَصِيرٍ}, ينصركم, أي  أنَّ مشيئة الله -تبارك وتعالى- وقدرته نافذة في خَلْقِهِ، والكافر لا يمكن أنْ يكون له ولي له مِن دون الله -تبارك وتعالى- ينصره، أو يؤيده مِن دون الله -تبارك وتعالى-.

ثم قال -جلَّ وعَلا- أيضًا : {وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ}[الشورى:32], {الْجَوَارِ}, السفن الجارية في البحر, {كَالأَعْلامِ}, مِن كبرها كأنها الأعلام الجبال العظيمة, العرب تسمي الجبل عَلَم؛ وذلك لظهوره وعلوه؛ فهذه السفن التي بهذا الحجم مِن آيات الله -تبارك وتعالى-, مِن آياته أولًا أنه هو الذي هَدَى الإنسان إلى خلقها -سبحانه وتعالى-, وما كان للإنسان أنْ يفعل أمر إلا بإقدار إلهه ومولاه -سبحانه وتعالى-, رب العالمين -سبحانه وتعالى-, ثم هو خالق البحر الذي تسير فيه, ثم أنه خالق النظم  والقوانين, ثم أنه هو الذي سخر هذا البحر، ولو أنَّ البحر غير مسخر لهاج وماج, واستصعب على الإنسان أنْ يركبه، وأنْ يُزْجِي سفنه عليه؛ فإنه مخلوق عظيم مِن مخلوقات الله -تبارك وتعالى- وإذا هاج وماج؛ فإنه يستصعب, لكن هو الذي سخره -سبحانه وتعالى-, كما قال -جلَّ وعَلا- : {وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ........}[النحل:14], هذا مِن تسخير الله -تبارك وتعالى-, { وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ}, تشق عبابه، وتسير على صفحته وهو مذلل هذا المخلوق العظيم، الهائل الذي يوم يغتلم لا يقدر عليه أحد إلا خالقه وإلهه ومولاه, الله -تبارك وتعالى- هو مسخره -سبحانه وتعالى-؛ فهذه كلها مِن آيات الله, {وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ}[الشورى:32], مِن كبرها وعِظَمِهَا, {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ.......}[الشورى:33], الريح هي القوة الدافعة، ويوم نزول هذا القرآن كان هو القوة  الوحيدة التي يسرها الله -تبارك وتعالى- للإنسان لتدفع سفنه هذه العظيمة, ينصب الإنسان الشِّراع المنصوب على هذه السفينة، وتأتي الرياح؛ فتملؤ الشراع، وتدفعها إلى حيث اتجاه الريح, {إِنْ يَشَأْ}, الله -تبارك وتعالى-, {يُسْكِنِ الرِّيحَ}, الريح القوة الدافعة؛ فإذا سكنت الريح تقف السفينة؛ لأنَّ الريح هو قوتها الدافعة, {فَيَظْلَلْنَ}, أي هذه الْجَوَارِ المنشآت, هذه السفن, {رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ}, الراكد القائم في مكانه الذي لا يتحرك, {عَلَى ظَهْرِهِ}, على ظهر البحر, {........إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}[الشورى:33], النعمة والمصيبة هذه ربنا -سبحانة وتعالى- جعلها آيات؛ ففي تسخير البحر، وفي النعم بالسفن، وفي الجري على الماء، وفي إزجاء هذه السفن بالريح التي يرسلها الله -تبارك وتعالى- هذه كلها مِن الإنعام؛ فهذه تحتاج إلى شكر العبد؛ ثم سكون الريح ووقوفها، وتوقف هذا الجريان مِن المصائب، وهي مصيبة جزئية، وهذا يجب عند ذلك الصبر, العبد هنا ينبغي أنْ يصبر؛ فهذه النعمة والمحنة هنا تحتاج إلى العبد الصبار, كثير الصبر، الشكور لله -تبارك وتعالى-, {........إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}[الشورى:33], ينسب كل هذه  الأفعال إلى ربه -سبحانه وتعالى-, ويكون مقامه عند المحنة، وعند المصيبة هو الصبر، وعند النعمة هو الشكر لله -تبارك وتعالى-, والشكر لا يكون شكر لله -تبارك وتعالى- إلا باعتراف القلب بنعمة الله -تبارك وتعالى-, وخطاب اللسان، تحديث اللسان بهذه النعمة، والعمل بمقتضى أمر الله -تبارك وتعالى- في إنعامه وإفضاله -سبحانه وتعالى-, {........إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}[الشورى:33],  قال -جلَّ وعَلا- : {أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ}[الشورى:34], {أَوْ يُوبِقْهُنَّ}, هذه السفن بمعنى يهلكهن إنْ شاء الله -تبارك وتعالى- أنْ يهلك هذه السفن وراكبيها فعل -سبحانه وتعالى-, كما قال -جلَّ وعَلا- : {فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ الريح القاصفة {........فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا}[الإسراء:69], {أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا........}[الشورى:34], بسيئاتهم التي كسبوها, {وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ}, فإذن هذا الأمر كله بدءً مِن ركوب الإنسان عن صناعة السفن، ركوب الإنسان على هذا البحر, إرسال الله -تبارك وتعالى- الريح التي تسير بها، إيقافها حيث يريد أنْ يوقفها، إهلاكها عندما يريد أنْ يهلكها, يعلم الإنسان بعد ذلك أنَّ كل الأمر بيد الله -تبارك وتعالى-, أنَّ كل الأمر بيد الله -تبارك وتعالى- بدءً ونهاية كله لله -تبارك وتعالى-, وأنَّ الإنسان في قبضة الله -تبارك وتعالى-, وفي مجال  إنعامه، أو عذابه ونقمته -سبحانه وتعالى- لا مهرب للإنسان، ولا ملجأ، وليس هناك إله ورب يتصرف في مخلوقاته إلا الله -سبحانه وتعالى-, هو الرب الإله المتصرف، والمربي عباده -سبحانه وتعالى- بالحسنة وبالسيئة, {وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلامِ}[الشورى:32], {إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}[الشورى:33], {أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ}[الشورى:34], {وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ}[الشورى:35], بظهور هذه الآيات وبيانها على هذا النحو حتى يعلم الذين يجادلون في آيات الله، يجادلون في آيات الله يريدون أنْ يدفع الجدال بحججهم الباطلة, {مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ}, لا يوجد مهرب؛ فالإنسان الذي ينظر في هذه الحياة يعلم أنه لا مهرب له مِن خالقه، وإلهه، ومولاه أين يذهب؟ هذه أرض الله -سبحانه وتعالى- وهذه سماؤه، وهذا تصرفه -سبحانه وتعالى- في خلقه إحياء وإماتة, يهلك مَن أراد أنْ يهلكه في الوقت الذي يريد -سبحانه وتعالى-؛ فهذه قدرة الله -تبارك وتعالى- على العباد ظاهرة لكل ذي عين، كل ذي بصيرة بعد هذا البيان ظاهر قدرة الله -تبارك وتعالى- على عباده؛ فيعلم عند ذلك الذين يجادلون في آيات الله -تبارك وتعالى- يقولون لا بعث، لا نشور، لا يقدر الله -تبارك وتعالى- علينا، أخذنا ما أخذنا بحظوظ أنفسنا, كل هذا إنما هو جدال بالباطل، والحق أنَّ الله -تبارك وتعالى- هو الرب الإله الذي مَلَكَ كل شيء، وخضع له كل شيء، وذَلَّ له كل شيء؛ فما مِن نعمة إلا منه -سبحانه وتعالى-, وكذلك إذا أراد ببعض عباده سوءً؛ فلا مرد له، إذا أراد الله -تبارك وتعالى- السوء ببعض العباد بعباده؛ فإنه لا يستطيع أحدٌ أنْ يرد قضاؤه، وقدره -سبحانه وتعالى-, {أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِمَا كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ}[الشورى:34], {وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ}[الشورى:35], أين يذهبوا؟ {مَحِيصٍ}, مكان الحيص, حاص بمعنى هرب مِن الخطر، وهذا قد يقال دائمًا لِلْحُمُر كما جاء في الحديث : «فحاصوا حيصة حمر الوحش إلى الأبواب»، والحيص إنه إذا جاء الخطر يبدأ يبحث عن المهرب الذي يهرب إليه؛ فهذا ليس لهم مِن محيص ليس لهم مِن مهرب، أو مِن ملجأ ممكن أنْ يلجؤوا إليه مِن عقوبة الله وغضبه -سبحانه وتعالى-, ثم قال -تبارك وتعالى- بعد ذلك : {فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا........}[الشورى:36], {فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ........}[الشورى:36], كل شيء أوتيتموه في هذه الدنيا؛ فهو متاع {الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}, {مِنْ شَيْءٍ}, أي شيء مِن الأموال بكل صنوفها، مِن الأولاد، مِن الزوجات، مِن النعم، مِن المتاع كل ما تؤتوه إنما هو متاع, {الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}, لا تمتعون به إلا هذه الفترة فقط، والمتاع هو ما يشبع رغبة، أو يشبع نهمة، أو يشبع شهوة في وقت قليل زائل هذا المتاع كما قال النبي : الدنيا متاع أنها فترة قليلة يتمتع الإنسان فيها بما يتمتع إشباع لرغبة، لشهوة، وقضاء لوطر؛ ثم ينتهي، ويزول سريعًا, {فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ........}[الشورى:36], مِن أي شيء مِن هذه الحياة الدنيا, {فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}, كما قال -جلَّ وعَلا- : {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا........}[آل عمران:14], كل هذا, {ذَلِكَ}, المشار إليه, {ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}, ولكن {........وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ}[آلعمران:14], حسن المرجع والمآب الذي هو مكان الإقامة والبقاء هذا عند الله -تبارك وتعالى-؛ فشتان بين هذا وهذا, {فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ........}[الشورى:36], أيها الناس, {فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى}, {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ}, والذي عند الله ثوابه الذي ادخره -سبحانه وتعالى-, وهيئه وجعله نزلًا لأهل الجنة، الجنة وما ذخر الله -تبارك وتعالى- فيها مِن الأمور العظيمة، مِن الكنوز العظيمة، القصور التي بناؤها مِن الذهب الفضة, جنتان مِن ذهب آنيته وما فيهما, جنتان مِن فضة آنيته وما فيهما، وما بين القوم، وبين أنْ يروا ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن, هذا أمر عظيم، الملك العظيم، الكبير الباقى؛ فما {عِنْدَ اللَّهِ}, وهي جنته، ورضوانه -سبحانه وتعالى-, {خَيْرٌ}, أي مِن الدنيا أي مِن كل هذا الذي تؤتونه في الدنيا, {وَأَبْقَى}, باقٍ, {خَيْرٌ}, مِن حيث القيمة، ومِن حيث النفع، ومِن حيث الفضل, شتان بين نعيم الدنيا، ونعيم الآخرة، ونعيم الآخرة بعد ذلك أبقى لا ينته، ولا يضيع, {وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ}[الواقعة:32], {لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ}[الواقعة:33], لا تأتي صيفًا، وتختفي شتاءً، أو تأتي شتاءً، وتختفي صيفًا، بل أكلها دائم الجنة أكلها دائم وظلها، وكذلك حال أهلها مِن السرور حال دائم لا يأتيهم يوم سرور، ويوم حزن وغم لا, بل سرورهم دائم، وكذلك لا يتغيرون فيها مِن الشباب والقوة إلى الانحدار, إلى الشيخوخة والهرم، لا, لا يفنى شبابهم، لا تبلى ثيابهم، لا يبولون، لا يمتخطون، لا يبصقون رشحهم المسك، العرق فقط يأكلون؛ ثم لا يكون مِن أثر طعامهم الذي يلتذون به التذاذًا إلا أنه يعرقون, رشح كرشح المسك ليس فيه؛ فهذه الجنة خير، الله -تبارك وتعالى- يقول {وَأَبْقَى}, {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ}, أي مِن جنته ورضوانه -سبحانه وتعالى-, {خَيْرٌ}, أي مِن الدنيا, {وَأَبْقَى}, لكن {........لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}[الشورى:36],  إنما هذه جعلها الله -تبارك وتعالى- هذه لأهل الإيمان, {لِلَّذِينَ آمَنُوا}, وصدقوا كلام الله -تبارك وتعالى- الإيمان تصديق, وعمل بمقتضى هذا التصديق جاءهم هذا الخبر الإلهي جاءهم مِن الله -تبارك وتعالى- على لسان رسوله؛ فآمنوا وصدقوا كما يسأل المؤمن ماذا تقول في هذا الرجل؟ يقول هذا محمد بن عبد الله آتانا بالهدى من ربنا؛ فآمنا، وصدقنا آمنا وصدقنا بأنَّ ما جاءنا مِن الله -تبارك وتعالى- حق, {........لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}[الشورى:36],  {وَعَلَى {رَبِّهِمْ}, لا على غيره -سبحانه وتعالى-, {يَتَوَكَّلُونَ}, التوكل هو تسليم الأمر لله -تبارك وتعالى- وانتظار ما يأتي مِن نتائج الأسباب مِن عند الله -تبارك وتعالى-  العبد يبذل الأسباب؛ ثم ينتظر نتائج ذلك مِن الله -تبارك وتعالى- كل الأسباب سواءً كانت أسباب للدنيا، أو أسباب للآخرة؛ فالدنيا تنال بأسبابها، بالسعي تنال الدنيا, {........فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ}[الملك:15],  فالمشي مطلوب، والسعي للرزق, لمنافع الدنيا، ولا شك أنَّ نتائج هذا السعي هو مِن الله -تبارك وتعالى-, كذلك الآخرة لها سببها، لها أسبابها في السعي, {وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا}[الإسراء:19], {كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا}[الإسراء:20], التوكل بذل الأسباب، وانتظار النتائج مِن الله -تبارك وتعالى-, وإذا أردنا أنْ نعرف حقيقة التوكل ندرس سيرة النبي -صلوات الله والسلام عليه-؛ فإنه هذا سيد المتوكلين -صلوات الله والسلام عليه-؛ فنجد أنه في كل أموره يبذل ما يستطيعه مِن أسباب؛ ثم بعد ذلك ينتظر النتائج مِن الله -تبارك وتعالى-, انظر يوم بدر، يوم الهجرة يوم أُحُد, في أي يوم، يوم الخندق هذه الأيام العظيمة التي لم يعتمد النبي -صلوات الله وسلم-على أنه رسول الله، ولن يضيعه، وأنه لا بد ناصره بأي أمر لا، وترك الأسباب عند ذلك، لا، بل بَذَلَ كل ما يستطيع منِ الأسباب؛ فلما أراد الهجرة بَذَلَ لها كل أسبابها مِن التخفي، مِن أخذ العدة والأهبة، مِن تهيأة ما يعينه على هذا الأمر شراء ناقتين قبل هذا الأمر، إخفاء الأمر عن قريش، الخروج ليلًا، وضع علي بن أبي طالب في مكانه أمر أبوبكر بأن يكتم هذا الأمر، اختيار الخِرِّيت الذي يهديهم الطريق إلى مكة، الاختفاء ثلاثة أيام حتى يخف الطلب في قريش، ما سار مِن ليلته نحو المدينة؛ فإنه يدركه الطلب بمجرد أنْ يعلموا أنه خرج؛ فإنه يدركه الطلب، ويكون بارز؛ فإنما مكثوا ثلاث أيام حتى في هذه الثلاث أيام سيبحث الناس عنه في كل مكان بعد ثلاث أيام تفتر عزيمتهم، ويخف الطلب؛ فإذا خف الطلب عند ذلك انتقل بعد ذلك مِن مكة إلى المدينة, الشاهد مِن كل هذا أنَّ النبي بَذَلَ كل الأسباب الممكنة؛ ثم توكل على الله -تبارك وتعالى-, وكان في سعي الكفار في الحصول عليه بلغوا بالسعي حتى وصلوا إلى حافة الأمر, يقول أبو بكر وهو في الغار مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو ينظر إلى المشركين قال له : والله يا رسول الله, لو نظروا تحت أقدامهم لرأونا، لو نظروا تحت أقدامهم في الغار لرأوهم؛ فقد وصلت الطلب، وأقدام الكفار الآن تبحث في نفس المكان؛ فيقول له النبي -صلى الله عليه وسلم- : (يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما), قمة التوكل على الله -تبارك وتعالى- وكذلك فعل ما فعل في بدر، وفي أُحُد، وفي الخندق كلها يتخذ للمعركة كل أسبابها الممكنة, ثم بعد ذلك يسلم نتائج الأمر إلى الله -تبارك وتعالى- {........وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}[الشورى:36], يُسَلِّمُونَ أمورهم لله -تبارك وتعالى- بعد أنْ يبذلوا كل ما بوسعهم من الأسباب الممكنة لهم، وأما ما فهمه بعض الناس مِن هنا أنَّ الله -تبارك وتعالى- مدح المتوكلين؛ فيتركون الأسباب, لا شك أنَّ ترك الأسباب مذموم، وأنَّ مَن ترك الأسباب للدنيا، أو الآخرة مذموم كما لام الله -تبارك وتعالى- بعض الناس الذين كانوا يخرجون إلى الحج، ولا يحملون أزوادهم معهم، ولا يتزودون لمثل هذه الرحلة الطويلة، وكانوا يقولون نحن متوكلون, يخرجوا بدون مؤونة، بدون مال، ويقولون نحن المتوكلون إذا جاءوا مكة افتقروا ومدوا أيديهم، وسألوا الناس، نهاهم الله -تبارك وتعالى- عن هذا؛ فقال -جلَّ وعَلا- : {........وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ}[البقرة:197], فأمرهم بحمل الزاد أنْ يحملوا ماءهم، أنْ يحملوا زادهم، أنْ يأخذوا أهبتهم لهذا الطريق الطويل ما يُعْلِمُهُم على حسب استطاعتهم أنهم يستطيعون أنْ يصلوا لهذا المكان، وأنْ يعودوا ومعهم زادهم؛ فأمروا بالتزود، ونُهُوا عن هذا النوع مِن التوكل غير الصحيح ليس توكلًا هذا من يخرج في أمر من الأمور، ويعمل عمل يريد أمر مِن الأمور، ولا يأخذ عدته لذلك؛ فالذي يخرج إلى عدوه مثلًا حاسرًا يريد أنْ يقاتل في سبيل الله؛ فيخرج حاسرًا، ويخرج ظاهرًا، وتنكشف كل عوراته لعدوه لا يمكن أنْ يكون هذا متوكلًا، بل قال الله -تبارك وتعالى- : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُوا جَمِيعًا}[النساء:71], فأمر بأخذ الحذر مِن الكفار، وأمر بأخذ العدجة، والأهبة؛ فهنا {........وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}[الشورى:36], يبذلون كل الأسباب الممكنة لهم؛ ثم يسلمون أمرهم إلى الله -تبارك وتعالى-.

نقف هنا -إنْ شاء الله-، ونكمل في الحلقة الآتية, أستغفر الله لي ولكم مِن كل ذنب، والحمد لله رب العالمين.