الجمعة 29 ربيع الآخر 1446 . 1 نوفمبر 2024

الحلقة (604) - سورة الزخرف 38-44

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله الأمين المبعوث رحمة للعالمين؛ سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.

وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}[الزخرف:36] {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}[الزخرف:37] {حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ}[الزخرف:38] {وَلَنْ يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ}[الزخرف:39] {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}[الزخرف:40] {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ}[الزخرف:41] {أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ}[الزخرف:42] {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الزخرف:43] {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}[الزخرف:44] {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ}[الزخرف:45]، يخبر -سبحانه وتعالى- أن مَن يعشُ عن ذِكره فإنه يُعاقِبه بهذه العقوبة؛ قال {........ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}[الزخرف:36]، مَن يعشُ؛ العشى نصف العمى، هو رؤية الأشياء نهارًا والعمى ليلًا، فهذا الذي يعمى ولو بهذا العمى الخفيف عن ذِكر الرحمن؛ أن يذكره، وأنه ربه إله الذي لا إله إلا هو مولاه، وأنه خلَقَه في هذه الدنيا ليبتليه، وأن عليه مهمة لابد أن يقوم بها وهي أن يعبده وحده لا شريك له، وأن هناك يوم قيامة سيُحاسِبه على عمله؛ هذا كله من ذِكر الرحمن، من ذِكر الرحمن الإيمان به -سبحانه وتعالى-؛ والإيمان بلقياه يوم القيامة، مَن يعشُ عن هذا ويعمى عن هذا {........ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}[الزخرف:36]، نُقيِّض له؛ نُهيِّئ له، يوفِّق له الله -تبارك وتعالى- هذا الشيطان من شياطين الجِن، وقد يكون من شياطين الإنس كذلك؛ وذلك لأن للجِن شياطين وللإنس شياطين، كما قال -جل وعلا- {شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ}، وقال {........ وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ}[البقرة:14]، شياطينهم؛ رؤساؤهم في الكفر والضلال الذين يُزيِّنون لهم ما يُزيِّنون لهم، {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}[الناس:6]، من الجِنة؛ شياطين من الجِنَّة وشياطين من الناس، {........ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ}[الزخرف:36]، مُقارِن له.

ثم ما فعل هذا الشيطان معه؟ قال {وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}[الزخرف:37]، وإنهم؛ يعني هؤلاء الشياطين المتخصصون في الإضلال، ليصدونهم؛ قرنائهم، عن السبيل؛ سبيل الرب -تبارك وتعالى-، والله قال السبيل لأنه السبيل الحقيقي، هذا السبيل سبيل الرب -تبارك وتعالى-؛ صراط الله، {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ}، يحسب هذا الضال الذي ذهب إلى طرق الشيطان وسار مع الشيطان أنه مُهتدي؛ وأن هذا هو طريق السعادة، وطريق النجاة، والحال أنه طريق الغواية وطريق النار، {حَتَّى إِذَا جَاءَنَا}، يظل يعني في عماه، يعني أنه سيظل في عماه عن ربه؛ وعن إله، وعن مولاه، وعن الحق، وعن يوم القيامة، وعن هذا وهو ذاهب إلى النار بقدميه، حتى إذا جائنا يوم القيامة قال {قَالَ يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ}، قال؛ أي لقرينه، {يَا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ}، يا ليت بيني وبينك بعد ما بين مشرق الشمس ومغربها في هذه الأرض، {فَبِئْسَ الْقَرِينُ}، يعني ما أسوأك من قرين، أسوأ قرين ممكن أن يُقارن قرينه أنت؛ لأنك أضللتني، وأخذتني معك إلى النار، {فَبِئْسَ الْقَرِينُ}.

ولكن ماذا يُفيده التبرؤ من قرينه في هذا؟ قال -جل وعلا- {وَلَنْ يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ}[الزخرف:39]، إذ ظلمتم هذي جملة مُعترِضة، يعني ولن ينفعكم اليوم أنكم في العذاب مشتركون؛ لأنكم ظلمتم فأصبحتم في العذاب، لن ينفعكم أن تكن أنت وقرينك في النار لأنك مهما غلى قلبك عليه وتغيَّظت منه ما يفيدك؛ أنت بالنار وهو بالنار، أنتما في النار معًا والكل فيها، ولذلك لمَّا يتغيَّظ أهل النار على الشيطان وأنه هو الذي أغواهم يقوم؛ ويقول لهم شوفوا {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[إبراهيم:22]، فيُبكِّتهم، يقول لهم أنا لن أنقذكم ولن تنقذوني وكلنا في النار، وكذلك يقول رؤساء الضلال لِمَن اتَّبعوهم يقولوا لهم يوم القيامة إنَّا كلٌ فيها، الأتباع يقولون لأتباعهم {........ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ}[غافر:47]، قال الذين اُتُبِعوا {........ إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ}[غافر:48]، فالذين استكبروا؛ هؤلاء الذين أضلوا غيرهم من هؤلاء الأتباع يقولون {........ إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ}[غافر:48]، وكذلك من تغيُّظ هؤلاء {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الأَسْفَلِينَ}[فصلت:29]، وإيش يفيدك؟ ما عاد يفيدك، فتغيُّظهم وتحرُّقهم على مَن أضلوهم ويُريدون أن يجعلوهم تحت أقدامهم؛ يقولون {نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا}، هؤلاء الذين أضلونا، {لِيَكُونَا مِنَ الأَسْفَلِينَ}، الله -تبارك وتعالى- هنا يقول لهم {وَلَنْ يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ ........}[الزخرف:39]، ولن ينفعكم اليوم يعني بسبب ظلمكم؛ أنت ظالم وهو ظالم، كلكما كان ظالم، فهذا مجرم؛ يعني الشيطان هذا الذي أغوى، والثاني مجرم مثله لأنه اتَّبعه؛ وسار خلفه، فالله يقول لهم {وَلَنْ يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ ........}[الزخرف:39]، لأن هذا ظالم وهذا ظالم، {أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ}، لا يفيدكم شيء، لا يفيدكم تغيُّظكم بعضكم على بعض؛ ولعنكم بعضكم لبعض، وسبكم بعضكم لبعض، وطلبكم من الله أن يجعل الداعي إلى الشر الذي دعى غيره إلى الشر أنه أكثر منه عذابًا، {قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ}، كل واحد سيأخذ ضِعفه من النار، {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ العَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ}[النحل:88]، لكن ما يفيدك أن مَن أضلك يأخذ عذاب أكثر منك؟ أنت في النار وهو في النار ولن يفيدك هذا، {وَلَنْ يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ}[الزخرف:39]، فالجميع يتلظَّى بهذه النار -عياذًا بالله-، نسأل الله -تبارك وتعالى- بأسمائه الحسنى وصفاته العليا ألا يجعلنا معهم.

ثم قال الله لرسوله {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}[الزخرف:40]، يعني هؤلاء عميان، هؤلاء عمي، هؤلاء صُم، وأنت مهما صرخت فيهم ومهما دعوتهم إلى الحق لا فائدة؛ لن يصل كلامك إلى قلوبهم، ولن يسمعوك، سؤال للإقرار ولاستبعاد هذا الأمر؛ أن هذا أمر مستبعد، أن يصل كلام الحق؛ كلام النبي -صل الله عليه وسلم-، كلام الله -تبارك وتعالى- هذا المُنزَل إلى قلوب هؤلاء، {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ}، الأصم؛ الذي لا يسمع، {........ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}[الزخرف:40]، يعني أنه يستحيل عليك أن تفعل هذا؛ أن هذا أمر مستحيل، وهؤلاء قد فعل الله -تبارك وتعالى- بهم هذا الفعل؛ أصمهم، أعمى أبصارهم، قفل على قلوبهم بكفرهم؛ بعنادهم، لأنهم كفروا، {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا ........}[الزخرف:36]، {أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا}[مريم:83]، هذه عقوبة من الله، {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ}، {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ}[البقرة:6]، لأنهم كفروا، فمدام أنهم قد عرفوا الحق؛ بُيِّن لهم، وظهر لهم، وعرفوا أن هذا حق، أو أن هذا من الله؛ هذا خطاب الله -تبارك وتعالى- لهم، ولكنهم رفضوه؛ ما قبلوه، عرفوا أنه خطاب الله لهم ولكنهم لم يقبلوه، ماذا تنتظرون من الرب -تبارك وتعالى-؟ لا تنتظر إلا العقوبة، {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ}[القلم:44] {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}[القلم:45]، أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}[الزخرف:40].

ثم قال -جل وعلا- {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ}[الزخرف:41]، {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ ........}[الزخرف:41]، عنهم بهجرة وبخروج من عندهم؛ أو بموت يقبضك الله -تبارك وتعالى- به، {........ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ}[الزخرف:41]، من هؤلاء الكفرة؛ الذين أتتهم رسالة الله -تبارك وتعالى- وجحدوها، وقالوا فيها ما قالوا، واحتجوا على الله -تبارك وتعالى-، {وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ}[الزخرف:31]، أه يا مجرمين؛ هذا اختصاص الله، وهذا اختياره، تعترض على اختيار الله -تبارك وتعالى-؟! تقول أيش لون اخترت هذا؟ لماذا اخترت هذا ولم تختر فلان أو فلان؟ على هذا النحو يُخاطَب الرب -تبارك وتعالى- ويُعترَض على اختياره -جل وعلا-، فالله -تبارك وتعالى- يقول لرسوله {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ}[الزخرف:41]، الانتقام؛ إنزال عقوبة الرب –تبارك وتعالى- ونقمته على هؤلاء المجرمين، {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ}[الزخرف:41]، {أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ ........}[الزخرف:42]، وأنت حي نُرينك الذي وعدناهم من العذاب والنكال في هذه الدنيا بسبب كفرهم؛ وعنادهم، واعتراضهم هذا على الرب -تبارك وتعالى-، {فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ}، مش قادرون بل مقتدرون، بالزيادة هنا؛ يعني زيادة المبنى دليل على زيادة المعنى، بمعنى أن الله -تبارك وتعالى- عظيم القدرة عليهم -سبحانه وتعالى-، قادر عليهم -سبحانه وتعالى- أن يُنزِل بأسه وعقوبته بهم كيف شاء وأنَّى شاء -سبحانه وتعالى-، {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ}[الزخرف:41] {أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ}[الزخرف:42].

وأما واجبك أنت {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الزخرف:43] {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}[الزخرف:44]، خطاب بعد ذلك يوجَّه إلى النبي -صل الله عليه وسلم- وكأن الله يقول له اترك ها دول، اترك هؤلاء؛ هؤلاء على الله -تبارك وتعالى- عقوبتهم، يا إما أن نُعاقِبهم وأنت حي؛ فترى عقوبتهم، وإما أن نُعاقِبهم بعد أن نقبضك؛ ونحن سنتولى هذا الأمر، فالله -تبارك وتعالى- هو ولي هذا الأمر، لكن ماذا عليك الآن؟ قال الله -تبارك وتعالى- لرسوله {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ........}[الزخرف:43]، استمسك بالألف والسين والتاء؛ مو تمسَّك فقط بل استمسك، يعني تمسَّك بذلك بكل قوتك وكل عزمك، {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ........}[الزخرف:43]، الذي أوحي إليك؛ الذي أوحاه الله -تبارك وتعالى- إليك من هذا القرآن، يعني نفِّذ أوامر الله -تبارك وتعالى- وقم بما أمرك الله -تبارك وتعالى- به، {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الزخرف:43]، إخبار هنا لتثبيت ولِشرح الصدر، ولأنه خلاص {إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، أنت تسير في الطريق الصحيح، هذا هو الطريق الصحيح؛ صراط الله -تبارك وتعالى- الواصل إلى جنته ورضوانه -سبحانه وتعالى-، {إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}، وهذا الصراط صراط الله -تبارك وتعالى-؛ يعني على طريق مستقيم واصل، واصل إلى رضوان الله وإلى جنة الله -تبارك وتعالى-.

{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}[الزخرف:44]، وإنه؛ هذا القرآن، هذا الوحي الذي أوحي إليك، لذِكر لك؛ تُذكر به، يُذكَر به النبي -صلوات الله والسلام عليه-، {لَذِكْرٌ لَكَ}، ذِكر؛ إشادة وإعلاء، وقد كان هذا القرآن الذي أُنزِل على النبي محمد -صلوات الله والسلام عليه- غيَّر كل مجرى حياته -صل الله عليه وسلم-، محمد -صلوات الله والسلام عليه- قبل أن ينزل عليه هذا القرآن رجل من أهل مكة؛ يعيش في زاوية من زوايا النسيان بالنسبة للعالم، ما ذِكر النبي في العالم كله؟ قد كان غائبًا عن كل هذه الحقائق؛ عن حقائق الرسالات، وعن حقائق هذه الأمور كلها، ثم إن الله -تبارك وتعالى- أنشأه بهذا القرآن إنشاء أخر، عندما قال له اقرأ بإسم ربك ثم هيأه للرسالة فقال له {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}[المدثر:1] {قُمْ فَأَنذِرْ}[المدثر:2]، أنذر مَن؟ أنذر العالمين كلها؛ نذيرًا للعالمين كلهم، فليبلغ صوتك كل أصقاع الدنيا في وقته وإلى يوم القيامة، ويرتبط بعد ذلك ذِكر هذا النبي بحمل رسالة الله -تبارك وتعالى- وبهذا القرآن؛ الذي جعله الله -تبارك وتعالى- كتاب العالم، {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}[الفرقان:1]، لينذر العالمين كلهم، ينزل بهذه اللغة العربية ثم بعد ذلك تُترجم معانيه، ويقوم مَن يحفظه ومَن يعمل به في كل أصقاع وأنحاء الدنيا من وقت النبي -صلوات الله والسلام عليه- وإلى يوم القيامة، ثم يقترن إسم النبي -صلوات الله والسلام عليه- بإسم الله -تبارك وتعالى-؛ فلا يُذكَر الله -تبارك وتعالى- إلا ويُذكَر نبيه معه، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله؛ شِقَي الشهادة، الشِق الأول؛ شهادة أن لا إله إلا الله وحده -سبحانه وتعالى-، الشِق الثاني؛ أن محمد هذا النبي العربي، الأمي، الذي كان في مكة قبل هذه الرسالة لا يدري عنه أحد إلى هذه الطائفة القليلة؛ التي كانت تعيش في مكة، فإذا به بعد ذلك أشهد أن محمدًا رسول الله يرددها العالم كله، من أقصاه إلى أقصاه يشهدون أن محمد ابن عبد الله هذا الذي كان في مكة هو رسول الله؛ ويظل هذا يتردد على طول، ثم بعد ذلك لا يُعرَف عبد من عباد الله -تبارك وتعالى-؛ فرد عظيم جاء إلى هذه الدنيا، تُنقَل أخباره كلها ويقتدي الناس به كما هذا النبي -صلوات الله والسلام عليه-، تُنقَل أخباره؛ العظيم منها، والجليل منها، كيف كان يأكل، وكيف كان ينام، وكيف كان يمشي، وما هي صفاته البدنية، وما هي صفاته الخلْقِية، وما هي صفاته الخُلُقية في الصغير والكبير، وما هي جميع تصرُّفاته؛ وخَرَجاته، ودخلاته، وملايين الملايين والأمم بعد الأمم تقتدي به -صلوات الله عليه وسلم-؛ وتنظر أين سار لتسير، ووقف لتقف، وأين سعى لتسعى، وأين هرول لتُهرول، وكيف رمى الجمرة؛ من أي مكان رمى الجمرة الكبرى؟ وفي أي موقف رمى الجمرة الصغرى؟ وكيف كان يرمُل في مسعاه، وكيف لبس إحرامه، وكيف كان يقف في صلاته، بكل ما في عبادته يُترسَّم ما فعله -صل الله عليه وسلم-؛ ويُعلَّم هذا للعالم كله، وعندما يقول «صلوا كما رأيتموني أُصلي» فتنقل حركاته وسكناته؛ صغيره وكبيرها، إنه أمر عظيم.

وإنه؛ هذا القرآن، لذِكر لك؛ لِتُذكَر به في العالمين، ولا يُذكَر به فقط في هذه الدنيا بل يُذكَر في السماء، فتكرون رِفعته وجلالة قدره عند ملائكة الله -تبارك وتعالى- في كل حين، يذكرون هذا محمد؛ عبد الله ورسوله، نبي عندما عُرِجَ به إلى السماء يُقال لجبريل مَن معك؟ يقول محمد، أو أُرسِل إليه؟ فيقول نعم أُرسِل إليه، خلاص هذا أصبح محمد المعلوم والمشهور عند ملائكة السماء؛ والمحبوب من الجميع -صلوات الله والسلام عليه-، ثم يكون سيد ولد آدم ولا فخر، يُجمَع الأولون والآخرون كلهم في صعيد واحد؛ من آدم إلى آخر فرد من ذُريَّته، يُجمَعون في صعيد واحد ليقوموا بين يدي الرب -تبارك وتعالى-، ثم لا يجدون لهم ملجأ في نهاية المطاف بعد أن يشتد بهم الحال إلا هذا الرجل؛ إلا محمد ابن عبد الله -صلوات الله والسلام عليه-، يذهبون إليه بعد أن يذهبوا إلى آدم؛ وإلى نوح، وإلى إبراهيم، وإلى موسى، وإلى عيسى، ثم يقولون خلاص؛ لا مُخلِّص لكم من موقفكم هذا إلا هذا الرجل، يقول عيسى "اذهبوا إلى محمد؛ عبد غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه"، ثم يقوم النبي -صل الله عليه وسلم- هذا المقام المحمود؛ الذي يحمده عليه الأولون والآخرون، الأمم كلها تحمد النبي على هذا الموقف، ويقومون فالكل يأتي ويقول له أنت خاتم الرُسُل، أنت الذي فضَّلك الله -تبارك وتعالى-، ألا تشفع لنا عند الله؟ فيقوم بالشفاعة العُظمى عند الله، {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا}[الإسراء:79]، أعظم مقام يقومه بشر في الأرض، فالله -تبارك وتعالى- يُبيِّن نعمته العظيمة وفضله العظيم على هذا النبي الكريم -صلوات الله والسلام عليه-.

{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ........}[الزخرف:44]، ويأتي هذا في هذا السياق بعد استهزاء المشركين بالنبي -صلوات الله والسلام عليه-؛ وقولهم {........ لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ}[الزخرف:31]، أه يا أيها المجرمون؛ أي عظيم أعظم من هذا النبي –صلوات الله والسلام عليه-؟ لا أعظم منه، فانظر العظمة التي جعله الله -تبارك وتعالى- فيها؛ احتياج كل الأمم إلى هذا النبي -صل الله عليه وسلم-، «أنا سيد ولد آدم ولا فخر»، فيجعله الله -تبارك وتعالى- سيد ولد آدم جميعًا، ويجعل الأمم من وقته وإلى يوم القيامة هذا قدوتهم وهذا أُسوتهم، يُنصِّبه الله -تبارك وتعالى- قدوة للعالمين جميعًا، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}[الأحزاب:21]، هذ قدوتكم أيها العالمين؛ هذا مثالكم، {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا}[الفتح:8] {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}[الفتح:9]، {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا}[الأحزاب:45] {وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا}[الأحزاب:46]، سراج للعالم، أي شمس وأي قمر بجوار النبي -صلوات الله والسلام عليه-؟! الشمس نورها محدود بجوار نور النبي -صلوات الله والسلام عليه-؛ هذا النبي، {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ ........}[الزخرف:44]، للعرب؛ ما كانت العرب؟ أمة من هذه الأمم في وقتها قبل هذه الرسالة؛ قبل أن يُبعَث فيها هذا النبي -صلوات الله والسلام عليه-، أمة غُفْل؛ مُهمَلة، كمْ مُهمَل في الأمم كلها؛ ليس لهم هذا المُلك، ولا هذه الحضارة، ولا هذا التمكُّن، مجموعة من القبائل المتصارعة؛ المتضاربة، أكثرهم يعيشون في فقر؛ عالة على الناس، عالة على غيرهم في كل شئونهم، لا يُقدِّمون للناس أي نفع من النفع، بل هم محتاجون إلى غيرهم؛ وغيرهم لا يحتاج إليهم، غيرهم من الأمم المتمكنة في أرض أخصب منهم؛ وأعظم منهم اجتماعًا، وأقوى منهم في كل معاني القوة، كالفرس، والروم، وغيرهم، أما العرب فكانوا لا شيء، لا جئون إلى الفرس، لاجئون إلى الروم، طالبون منهم؛ يشحذون منهم، هم في أنفسهم أمة مُهمَلة، لا يأبه لهم الناس؛ ما أحد يأبه لهم، وليس لهم فضل على غيرهم في شيء؛ لا في علم، ولا في صناعة، ولا في غيرها، ولا حتى في تجارة، ثم القرآن يُنشئ هذه الأمة إنشاءً أخر، فيجمع هذه الفرقة الهائلة يجمعها هذا الجمع؛ ويصبح لها إمام واحد، تجتمع على النبي -صلوات الله والسلام عليه- من أقصاها إلى أقصاها، وعندما يناديها النبي يقول «أنا حاج هذه السنة»، النبي حاج هذه السنة ومؤتم فيأتيه الوفود من أقصى مكان إلى أقصى مكان؛ وإمامهم رسول الله -صل الله عليه وسلم-، كيف اجتمع هؤلاء؟ كيف اجتمعت هذه الأمة التي كانت يأكل بعضها بعضًا؛ ويفترس بعضها بعضًا؟ وحوض مفترسة تفترس بعضها بعض، كيف تجتمع؟.

هذا عدي ابن حاتم الطائي يقول أنا ممَن كانوا يعيشون في طيء، يقول لمَّا قال لي النبي -صل الله عليه وسلم- «ما يُفِرُّك؟»، أنت ليش فار منَّا؟ ليش فار من الإسلام؟ «أيُفِرُّك أننا فقراء؟ يقول لئن طالت بك حياة لتجدنَّ الرجل يخرج بصدقته لا يجد مَن يقبلها، ثم يقول له هل عرفت الحيرة؟»، يعني هل زُرت الحيرة؟ «يقول له لا؛ ما زُرتها، ولكني سمعت عنها، قال يوشِك أن تخرج الظعينة من الحيرة»، هذا جنوب العراق، «إلى مكة لا تخاف إلا الله، فيقول أنا قُلت في نفسي أين دُعار طيئ الذين سعروا البلاد؟»، وين ها دول المفسدين قطاع الطرق من قبيلته، الذين سعروا البلاد؛ جعلوها نيران، فهذه الجزيرة التي كان كلها سعير؛ وكل أبنائها حتى أبناء العمومة والإخوة يقتل بعضهم بعضًا، ((وأحيانًا على بكر أخينا إذا لم نجد إلا أخانا، وما يظلم الناس يُظلم))، هذا أمر كيف اجتمعوا، يقول جابر في وصفه لحَجَة النبي -صلوات الله والسلام عليه- خرج النبي من ذو الحُليفة لمَّا ركب ناقته، يقول نظرت بين يدي النبي -صل الله عليه وسلم- مد البصر من راكب وماشي؛ وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، وخلفه مثل ذلك، ورسول الله في وسطنا، هذا انظر هذه الأمة التي جائت تأتم بالنبي -صلوات الله وسلامه عليه-؛ هؤلاء العرب، قبائل شتى، المختلفون، المتقاتلون، المفترسون، والذي كان يفترس بعضهم بعضًا، يجتمعون هذا الاجتماع؛ ويخرجون في هذه السكينة، في هذا الوقار، رسول الله في وسطهم -صلوات الله وسلامه عليه-؛ وهو يقودهم، يأتمون به.

انظر شو ها الانقلاب؟ انقلاب كامل في الأخلاق؛ في المفاهيم، في العقيدة، ثم بعد ذلك يجتمعون على الصديق -رضي الله تعالى عنه-، يجتمعون على عمر ابن الخطَّاب -رضي الله تعالى عنه-، يجتمعون على خلفائهم ثم يفتحون الأرض شرقًا وغربًا، ثم يصبحون سادة الدنيا قرون متطاولة إلى قرننا هذا، ثلاثة عشر قرن وهم سادة العالم، فالله -تبارك وتعالى- فضَّل العرب على أمم الأرض جميعًا، علَّموا الناس الدين، حملوا للناس رسالة الله -تبارك وتعالى-، عرَّفوا الناس بالإله الخالق -سبحانه وتعالى-، أقاموا دينه في الأرض، أصبحوا مُثُل، أخرجوا للعالم أفضل نماذجه في كل باب من الأبواب؛ في الشجاعة والقوة، في الإيمان والتقوى، في العلم والعمل، في نموذج الإخلاق التي هي ضرب من الخيال، قدَّموا هذا لتكون نماذج للبشرية كلها تُحتذى، فالله -تبارك وتعالى- يقول لرسوله -صل الله عليه وسلم- وإنه؛ القرآن، هذا الوحي الموحى إليك من الله، لذِكر لك ولقومك؛ للعرب، {وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ}، وسوف تُسألون عن هذه النعمة الكبرى التي أنعم الله -تبارك وتعالى- بها عليكم، أما الرُسُل فإن الله -تبارك وتعالى- قال {فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ}[الأعراف:6]، وأما المُرسَلين فكذلك يُسألون؛ كلٌ سيُسأل عن هذه، سيُسألون عن هذه النعمة مَن ضيَّعها ضاع؛ ضاع وضيَّعها، ومَن قام بها وآمن بالله -تبارك وتعالى- فهذا الذي علا كعبه وفاز الفوز المبين، نسأل الله -تبارك وتعالى- أن يجعلنا من هؤلاء الذين اتَّبعوا هذا الذِّكر الحكيم؛ ودخلوا في دين الله -تبارك وتعالى-، استغفر الله لي ولكم من كل ذنب، والحمد لله رب العالمين.