الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين؛ سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.
وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- {وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ}[الجاثية:7] {يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}[الجاثية:8] {وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ}[الجاثية:9] {مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[الجاثية:10] {هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ}[الجاثية:11] {اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[الجاثية:12] {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[الجاثية:13]، هذه الآيات من سورة الجاثية والتي بدأها الله -تبارك وتعالى- بالتذكير بأن هذا القرآن مُنزَل منه -سبحانه وتعالى-، والتذكير بطائفة من آياته الكونية -سبحانه وتعالى- الخلْقِية، ثم التذكير بآياته هذه المُنزَلة منه -سبحانه وتعالى-، قال -جل وعلا- {حم}[الجاثية:1] {تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}[الجاثية:2]، فبيَّن أن هذا الكتاب؛ القرآن، مُنزَّل من عنده -سبحانه وتعالى-، هو الله العزيز؛ الغالب، الذي لا يغلبه أحد، الحكيم، ثم ذكَّر بآياته -سبحانه وتعالى- في الخلْق فقال {إِنَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ}[الجاثية:3] {وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}[الجاثية:4] {وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}[الجاثية:5] {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ}[الجاثية:6]، هذه الآيات التي ذكرها الله -تبارك وتعالى- هنا فيها من العلوم والأسرار؛ ومن دقائق الصُنع والخلْق، فيها من آيات الله -تبارك وتعالى- من كل ذرَّة من ذرَّاتها إلى مجرة من مجراتها، آيات وأسرار وعلوم عظيمة لا يُحصيها ولا يحيط بها إلا الذي خلقها -سبحانه وتعالى-، ثم فهذه الآيات؛ آيات الخلْق، وهذه الآيات المُنزَلة منه -سبحانه وتعالى- وهي شاهدة على أنها من الله -تبارك وتعالى-، وقال {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ}[الجاثية:6]، والحال أنه إن لم يؤمن مَن يُخاطَب بهذا؛ بآيات الله -تبارك وتعالى-، يوقَف على آيات الله الكونية المُشاهَدة، ويوقَف على آيات الله السمعية المُنزَلة من عنده ولا يؤمن بكل هذه الآيات، فبأي حديث بعد ذلك يمكن أن يُدخِل الإيمان في قلبه؟.
ثم جاء التهديد فقال -جل وعلا- {وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ}[الجاثية:7]، الويل؛ كلمة تهديد، تهديد ووعيد بالهلاك؛ والدمار، والعذاب، وقال {........ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ}[الجاثية:7]، وذلك أن الخارج عن هذا الإيمان لابد بالضرورة أن يكون أفَّاكًا؛ كذَّاب، فماذا بعد الحق إلا الضلال، وهذا الضلال عماده الكذب، فالذين اعتقدوا عقائد باطلة عمدتهم فيها الكذب؛ والافتراء، والظن، والقول على الله -تبارك وتعالى- بغير عِلم، فليس عن المشرك دليل ولا برهان إلا مجرد الظنون والكذب، كما قال -تبارك وتعالى- في مَن قال إن له ولد قال {........ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا}[الكهف:5]، وكذلك الذي نفى البعث والنشور؛ ماذا عنده إلا الكذب؟ الكذب والافتراء على الله -تبارك وتعالى-، والزعم أن الله -تبارك وتعالى- لا يُعيده بعد أن يحكُم عليه بالموت؛ هذا كذب، فكل مَن اعتقد غير هذه العقائد بالضرورة لابد أن يكون أفَّاكًا، وبالضرورة لابد أن يكون أثيمًا؛ فاعل الإثم، فكل كافر أفَّاك وهو أثيم لأنه فاعل الإثم، والإثم هو الذنب، وكل مخالفة لأمر الله -تبارك وتعالى- فذنب وإثم.
هذا الأفَّاك الأثيم قال -جل وعلا- {يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}[الجاثية:8]، {يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ}، آيات الله المُنزَلة، هذا اللي هو القرآن تنزيل الله -تبارك وتعالى-، تتلى عليه؛ تُقرأ عليه، {ثُمَّ يُصِرُّ}، الإصرار هو الاستمساك بالذنب والبقاء عليه؛ والعزم على أن يستمر على هذا الأمر، فهو مُصِر عليه؛ مُتمسِّك به، سائر في ذنبه، مستكبرًا؛ متكبِّرًا عن الحق، لا يُريد أن يُزعن للحق لأنه يرى أن في الإزعان للحق صَغَارًا ونزولًا من عليائه، {مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا}، حاله كحال مَن لم يسمع آيات الله -تبارك وتعالى-، قال -جل وعلا- {فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}، أصل البَشارة هي الإخبار بما يسُر، ولكنها إذا استخدمت في الإخبار بما يسوء تكون من باب الاستهزاء؛ تكون من باب الاستهزاء به، فبشِّره الذي سار هذا المسار؛ رد آيات الله -تبارك وتعالى-، أصر على ما هو فيه، ظن أن الذي هو فيه هو الحق والصواب؛ وأن طريق الله -تبارك وتعالى- هو الضلال والغي، فهذا المغرور قال بشِّره بعذاب أليم، قال {فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}، وهذا العذاب الأليم -عياذًا بالله-؛ عذاب النار، الذي وصف الله -تبارك وتعالى- لنا منه ما وصف؛ النار التي وقودها الناس والحجارة، الزبانية الذين يُعذِّبون عذابًا لا يُعهد ولا مثله في الدنيا، {فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ}[الفجر:25] {وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ}[الفجر:26]، الضرب على الرؤوس، الضرب بالحميم، {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ}[الحج:19] {يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ}[الحج:20] {وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ}[الحج:21] {كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ}[الحج:22]، هذه صورة العذاب؛ يُصوِّرها الله -تبارك وتعالى- لنا، {فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}.
ثم قال -جل وعلا- {وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا ........}[الجاثية:9]، هذا المُصِر المستكبر؛ الذي يسمع آيات الله -تبارك وتعالى- وكأنه لم يسمعها، أيضًا وصفه الله -تبارك وتعالى- من أوصاف كِبره وعتوِّه أنه إذا علِمَ من آياتنا؛ من آيات الله -تبارك وتعالى-، وآيات منسوبة إلى الله، يكفي أن تعلم أن هذه الآيات منسوبة إلى الله -تبارك وتعالى- فتُعظَّم؛ لكنه يستهزئ بها، {وَإِذَا عَلِمَ مِنْ آيَاتِنَا شَيْئًا اتَّخَذَهَا هُزُوًا ........}[الجاثية:9]، اتخذها يعني هذه الآيات أو أي شيء منسوب إلى الله -تبارك وتعالى- هزوًا، اتخذها؛ طريقته وفعله أنه كل ما نُسِب فإنه يجعله محِلًا للاستهزاء والسخرية، قال -جل وعلا- {أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ}، أولئك؛ بالإشارة للبعيد تحقيرًا لهم، لهم؛ عند الله -تبارك وتعالى-، عذاب مُهين يعني فيه إهانة، فهو ليس ألم فقط لكن عذاب مؤلم وكذلك فيه إهانة، من هذه الإهانة الإهانة بكل صور الإهانات؛ كالدز، والدع، {يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا}[الطور:13]، أو {........ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ}[الرحمن:41]، أو يُضرَب على رأسه، أو يُهان بالكلام الذي يُقرِّعه ويؤنِّبه، أو يُصَب من فوق رأسه الحميم، فهو لا يُعذِّب عذاب هكذا وإنما كذلك هذا العذاب فيه إهانة وفيه خزي له، {لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ}.
قال -جل وعلا- {مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[الجاثية:10]، {مِنْ وَرَائِهِمْ}، وذلك كأنهم جعلوها خلفهم؛ يعني نسوها، وهذه جهنم التي نسوها هي من ورائهم، فهم لاحقون بها؛ فهي مآلهم ومُستقَرهم، {مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ}، والشخص الذي نسي هذا الأمر لكنها موجودة، كأن التعبير من ورائهم يعني أنه نسيها ولا يتذكَّرها لأن الذي أمامه هو أمانيه الباطلة، والذي نسيه هي جهنم وهي ورائه وبالتالي هو لاقيها، {مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا}، يُغني؛ يُفيد وينفع، كل الذي كسبوه في الدنيا من أموالهم؛ من ثرواتهم، من جاههم، مما كسبوه في الدنيا لا يُغني عنهم شيئًا لأنها ستضمحل وتنتهي، ويأتي ربه يوم القيامة ولا شيء عنده، {هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ}[الحاقة:29]، فماله يهلَك، سلطانه يهلَك، ويأتي ربه -تبارك وتعالى- فردًا، فكل هذا أولًا ماله لا يُغني عنه شيئًا، وكذلك {وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ}، كل الأولياء الذين اتخذوهم لهم من دون الله، الولي في لغة العرب هو مَن يقوم بينه وبين الأخر علاقة تجعل كل منهم يوالي الثاني، كالنسَب؛ فإن النسَب ولاية، بين الأخ وأخيه في النَسَب ولاية، هذي علاقة النسَب تجعل كلٌ يوالي الأخر، والعلاقة بين العبد وسيده؛ هذا مولى، وهذا مولى، والعلاقة بين التابع والمتبوع؛ الرئيس ومرؤوسيه، فهؤلاء يوالي بعضهم بعضًا، وكذلك الآلهة التي اتخذوها من دون الله -تبارك وتعالى- ظنوها أنها أولياء لهم؛ يعني يشفعون لهم، ينتصرون لهم، ينتصرون بهم في زعمهم، فكل ما اتخذوه من أولياء سواءً كان من أنصار، أعوان، أتباع، حاشية، آلهة لهم يعبدونها من دون الله -تبارك وتعالى-؛ يظنون أنها نافعة لهم، فكل الذين اتخذوه من دون الله أولياء لا يُغني عنهم شيئًا؛ لا ينفعهم بشيء، كل هذا يتساقط يوم القيامة ولا يجدون هناك مَن يقف معهم؛ ومَن يواليهم، ومَن يشد من أزرهم في مُقابِل عذاب الله -تبارك وتعالى-، {وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا}، أي في هذه الدنيا، {........ وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}[الجاثية:10]، في الآخرة عذاب عظيم، عظمة العذاب أي أنه شيء مَهول؛ كبير.
ثم قال -جل وعلا- {هَذَا هُدًى}، هذا المُنزَل من الله -تبارك وتعالى- هُدى؛ بيان وإيضاح، فإن الله -تبارك وتعالى- قد بيَّن آياته المنظورة فقال {إِنَّ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ}[الجاثية:3] {وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}[الجاثية:4] {وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}[الجاثية:5]، ثم بيَّن آياته -سبحانه وتعالى- المُنزَلة، ثم جاء هذا التهديد لكل مَن خرج عن آيات الله -تبارك وتعالى- وعاش على هذا النحو؛ يُصِر مُستكبِرًا كأن لم يسمع آيات الله -تبارك وتعالى-، فهذا التهديد وكل هذا هداية من الله -تبارك وتعالى-، يعني هذا البيان لآيات الله -تبارك وتعالى- المنظورة؛ وآياته المقروءة، ثم تهديده ووعيده -سبحانه وتعالى- لمَن تنكَّب هذا الطريق هذي هداية؛ هذا هُدى لأن هذا يوضِّح الطريق، ويُبيِّن طريق المجرمين لا تتبعوه لأن هؤلاء لهم هذا العذاب الذي ينتظرهم عند الله -تبارك وتعالى-، فهذا هُدى؛ هذا القرآن، وهذا الحديث، هداية من الله -تبارك وتعالى- وإرشاد وبيان للطريق الحق الذي يجب أن يُتخَذ، {هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ}[الجاثية:11]، تأكيد لهذا الأمر، {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ}، بآياته المنظورة أن هذا خلْقُه -سبحانه وتعالى- في السماوات؛ وفي الأرض، وفي تصريف الرياح، وفي ما بث في هذه الأرض من كل دابة، وفي خلْق الإنسان، فهؤلاء الذين كفروا بآيات ربهم المنظورة هذه؛ وآياته المُنزَلة، {لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ}، رِجز؛ نجس شديد، وذلك أن الكافر يُعذَّب بصنوف من أنواع العذاب الشديد، فإن الزقوم لو قُطِرَت قطرة منه لأفسدت على الناس معايشهم؛ هذه طعامه وشرابه، يشرب ويأكل من غِسلين، والغِسلين عُصارة أهل النار، فهو رِجز؛ نجس، أمر يفوق الوصف في فظاعته؛ وفي نتانته، وفي خُبثه، هذا عذابه {لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ}، في الآخرة -عياذًا بالله-.
ثم ثنَّى الله -تبارك وتعالى- بذِكر بعض آياته في الخلْق؛ وإنعامه وإفضاله على عباده -سبحانه وتعالى-، فقال {اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[الجاثية:12]، الله مُنزِل هذا القرآن؛ الذي يدعوكم إلى طريقه وعبادته -سبحانه وتعالى-، مُرسِل هذا الرسول، الله -سبحانه وتعالى- هو {الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ} أيها المُخاطَبون، الذي؛ وصف لله -تبارك وتعالى-، هذه جملة الصلة تصف صفة من صفات الله -تبارك وتعالى-؛ صفة خلْقِه، {الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ}، التسخير؛ التذليل، يعني أنه ذلَّله على هذا النحو، البحر؛ إسم جنس لهذه البحار، {لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ}، التجري الفُلك؛ السُفُن، فيه؛ في هذا البحر، بأمره؛ أمره الكوني القدري -سبحانه وتعالى-، فهو الذي خلَقَ البحر على هذا النحو، هو الذي جعل هذا النظام؛ هذا القانون، ما يُسمونه بقانون الطفو الذي يجعل هذه السُفُن تطفوا على ظهره؛ وتسير، وتشق عُبابه على هذا النحو، فهذا فعله -سبحانه وتعالى- بأمره الكوني القدري، {الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ}، في هذا البحر، بأمره؛ بأمره الكوني القدري كُن فكان، {وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ}، فهذا من رحمته -سبحانه وتعالى-، {وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ}، بالسفر في أنحاء الأرض؛ بنقل التجارة، بنقل هذا المحصول من هنا يُنقَل إلى هنا، منافع الناس عندما ينتقلون على صفحة هذا الماء من مكان إلى مكان، ولتبتغوا؛ تطلبوا من فضله -سبحانه وتعالى- بالسفر والتجارات، {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، لعل بالنسبة للعباد يشكرون الله -تبارك وتعالى-، بمعنى يعترفون بحمده -سبحانه وتعالى- وبنعمته في قلوبهم؛ وفي ألسنتهم، ويعلمون أنه ما كان لهم أن يُسخِّروا هذا لولا تسخير الله -تبارك وتعالى- له؛ وأن هذا خلْقه، وهذا فعله -سبحانه وتعالى-، وهذا تذليله، وهذا تسخيره، {وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.
{وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ ........}[الجاثية:13]، سخَّر كذلك؛ تذليل، لكم؛ أيها الناس، {مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ}، ما في السماوات والذي في السماوات مما سخَّره الله -تبارك وتعالى- أشياء كثيرة، منها السحاب الذي قال عنه الله -تبارك وتعالى- {وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ}، ومنها النجوم كما قال -تبارك وتعالى- {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ........}[الأنعام:97]، فمشارقها، ومغاربها، والثابت منها، وطلوعها؛ هذه تطلع في الوقت الفلاني، الزينة {........ وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ}[فصلت:12]، فهذا ما في السماوات من السحاب المُسخَّر، ومن الشمس المُسخَّرة؛ المُذلَّلة، التي تسير في مسارها وفي مدارها بهذا الحساب الدقيق؛ وبهذا النظام البديع، فسخَّر لكم ما في السماوات وكذلك ما في الأرض، ما في الأرض؛ من كل ما فيها، الأرض بما فيها مما نزرعه؛ ومن معادنها، ومن مُدخراتها، ما فيها من أنعامها وحيواناتها، فما في الأرض؛ كل الذي يُنتفع به فيها، هذا كله بتسخير الله -تبارك وتعالى- وبتذليله، قال -جل وعلا- {جَمِيعًا مِنْهُ}، جميعًا يعني كل هذه النِعَم التي في السماوات وفي الأرض منه وحده -سبحانه وتعالى-، منه أي ابتداءًا فهي منه -سبحانه وتعالى-؛ هو الذي خلقها، وهو الذي سخَّرها، وهو الذي ذلَّلها لهذا الإنسان، وليس هناك غيره مُشارك له -سبحانه وتعالى-، لم يشاركه أحدٌ في خلْق شيء ولا في تسخير شيء من ذلك ولا ذرَّة من الذرَّات، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}، إن في ذلك؛ في هذا الخلْق العظيم، وفي تسخير الله -تبارك وتعالى- لهذا الإنسان الذي يعيش على هذه الأرض ما في السماوات وما في الأرض، لآيات؛ دلالات واضحات على أن الله هو الإله وحده -سبحانه وتعالى-، وأنه المُنعِم والمُتفضِّل على عباده، لكن {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}، لقوم يتفكرون في آيات الله -تبارك وتعالى- هذه؛ المنظورة، المقروءة.
بعد أن ذكَرَ الله -تبارك وتعالى- آياته في الخلْق على هذا النحو، وذكَرَ وعيده وتهديده لكل خارج عن الإيمان به -سبحانه وتعالى-، قال -جل وعلا- {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ ........}[الجاثية:14]، قل للذين آمنوا بآيات الله -تبارك وتعالى-؛ واستجابوا له، وساروا في الطريق، {يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ}، ومعنى يغفروا لهم يتركوهم؛ يُسامِحوهم، يصفحوا عنهم، والذين لا يرجون أيام الله؛ الكفار، لا يرجونها؛ لا يتوقعونها، وأيام الله -تبارك وتعالى-؛ أيام الله التي يُنزِل الله -تبارك وتعالى- فيها عقوبته في أهل الكفر والعناد، فالله -تبارك وتعالى- توعَّد الكافرين بوقائع، وكل وقعة من هذه الوقائع يوم من أيام الله -تبارك وتعالى- الذي يوقِعه كيومه -سبحانه وتعالى- في قوم نوح، انظر هذا اليوم الذي جعله الله -تبارك وتعالى- لهلاكهم وغرقهم، واليوم الذي جعله الله -تبارك وتعالى- لعاد؛ وثمود، وقوم فرعون، لهم يوم أوقع الله -تبارك وتعالى- فيهم عقوبته، وقد أمر الله -تبارك وتعالى- أنبيائه أن يُذكِّروا بهذه الأيام؛ أيام الله -تبارك وتعالى-، كما قال الله -تبارك وتعالى- لموسى {وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ}، أيام الله -تبارك وتعالى- في إنزاله عقوبته في أعدائه، وكذلك أيامه -سبحانه وتعالى- في إنجاء أهل الإيمان، لأنه عندما تنزل العقوبة يكون هناك نجاة، يُنجِّي الله -تبارك وتعالى- أهل الإيمان ويُهلِك أهل الكفران، فهؤلاء الذين لا يرجون أيام الله؛ يعني لا يتوقعونها، ولا يأبهون لها، ولا ينتظرونها، قُل للمؤمنين اغفروا لهؤلاء؛ يعني سامحوهم الآن، فإن هؤلاء لا يتوقعون العقوبات التي ستأتيهم من الله -تبارك وتعالى-؛ والحال أنها ستأتيهم.
{قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ ........}[الجاثية:14]، كما قال -تبارك وتعالى- {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ}[القلم:44] {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}[القلم:45]، اتركهم؛ هؤلاء لهم يوم عند الله -تبارك وتعالى-، الله -تبارك وتعالى- مُدخر لهم العقوبة؛ تأتيهم في الوقت الذي يشاء، وقال -جل وعلا- {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا}، {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[الجاثية:14]، ليجزي الله -سبحانه وتعالى- قومًا من هؤلاء الكفار بما كانوا يكسبون، بما كانوا يكسبونه؛ بالذي كسبوه من هذه الشرور وهذه الآثام، فإن الله -تبارك وتعالى- مُدخر لهم العقوبة؛ تأتيهم في الوقت الذي يشاء، قل لعبادي المؤمنين أن يغفروا لهؤلاء؛ لا يُحاسِبوهم الآن، ولا يقوموا في وجوههم الآن، فإن عقوبتهم إلى الله -تبارك وتعالى-، {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[الجاثية:14]، هناك معنى أخر تتضمنه كذلك هذه الآية {لِيَجْزِيَ قَوْمًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}، قومًا هنا؛ المؤمنون، بما كانوا يكسبونه من الصبر على الأذى، فيغفروا على الذين لا يرجون أيام الله ويصبروا على ما ينالهم من الأذى، وأن الله -تبارك وتعالى- لن يُضيِّع أجرهم على صبرهم واحتسابهم في ما ينالهم في سبيل الله -تبارك وتعالى-.
{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ}[الجاثية:15]، {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا}، من أي عامل، صالحًا؛ عملًا صالحًا، والعمل لا يكون صالحًا إلا إذا كان مما شرعه الله -تبارك وتعالى-؛ وكذلك مما يُبتغى به وجه الله -تبارك وتعالى-، الله لم يشرع لعباده إلا الخير، «الإيمان بِضع وستون شعبة؛ أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان»، كل شُعَب الإيمان هذه هي العمل الصالح، {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ}، أي العمل، أي أن ثوابه؛ ومآله، ونتيجة هذا العمل هي لنفسه من الخير، فالعمل الصالح له آثاره في الدنيا والآخرة؛ وهذه تعود على العامل، فالله هو الغني -سبحانه وتعالى-، {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ........}[الجاثية:15]، مَن أساء؛ عمل عملًا سيئًا، سُمي أنه عمل سيئ لأنه يسوء صاحبه، فعليها؛ على نفسه، على مَن كسَب، {ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ}، في نهاية الأمر كلكم راجعون إلى الله -تبارك وتعالى-، تُرجَعون يعني رجوع العباد كلهم إلى الله -عز وجل- ليُحاسِبهم، {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ}[الغاشية:25] {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ}[الغاشية:26]، فإياب الخلْق كلهم إلى الله -تبارك وتعالى-، وحساب الخلْق على الله -جل وعلا-، {ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ}.
ثم قال -جل وعلا- {وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}[الجاثية:16] {وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ}[الجاثية:17]، وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ........}[الجاثية:16]، يؤكِّد الله -تبارك وتعالى- بأنه هو الذي آتى؛ أعطى بني إسرائيل، بني إسرائيل؛ أولاد يعقوب، البنون؛ الأولاد، وإسرائيل هو يعقوب ابن إسحاق ابن إبراهيم -عليهم السلام-، الكتاب؛ الكتب المُنزَلة من الله -تبارك وتعالى-، فقد ورِثوا ما أنزَله الله -تبارك وتعالى- على إبراهيم، ثم كذلك كان فيهم موسى -عليه السلام-؛ الذي أنزَل عليه الله -تبارك وتعالى- التوراة، كان فيهم داود الذي أنزَل الله -تبارك وتعالى- عليه الزبور، فالله -تبارك وتعالى- آتاهم الكتب المُنزَّلة من عنده -سبحانه وتعالى-، {وَالْحُكْمَ}، الحُكم يعني الحكمة والسُنَّة التي يحكمونها، فهي أمور الفقه والعِلم بهذه الكتب التي تُنظِّم حياتهم، أو الحُكم يعني الحُكم بالعدل في ما ينشأ بينهم من الخصومات، والنبوة جعلها الله -تبارك وتعالى- كذلك فيهم؛ في بني إسرائيل، فإن الله -تبارك وتعالى- جعل النبوة كلها في ذُرية إبراهيم -عليه السلام-، لا نبي بعد إبراهيم إلا كلهم من ذُريته، فإسحاق ابنه نبي وإسماعيل قبله نبي، ثم من ذُرية إسحاق يعقوبة النبي، ثم يوسف -عليه السلام-، ثم الأنبياء الذي تتابعوا كلهم من ذُرية إسرائيل إلى آخرهم عيسى ابن مريم -عليه السلام-، صم بعد ذلك انتقلت النبوة إلى محمد ابن عبد الله -صلوات الله والسلام عليه-؛ وهو من نسل إسماعيل، وإسماعيل ابن إبراهيم، فبني إسرائيل الله -تبارك وتعالى- جعل فيهم الكتاب؛ والحُكم، والنبوة، قال {وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ}، طيبات هذه الحياة عندما أسكنهم الله -تبارك وتعالى- في الأرض المباركة، وقبلها عندما كانوا في التيه فإن الله -تبارك وتعالى- رزقهم من الطيبات؛ المَن والسلوى، الذي كان يأتيهم بدون جُهد وبدون تعب، ثم بعد ذلك أسكنهم الله -تبارك وتعالى- الأرض الطيبة؛ أرض الشام وفلسطين، وهي أرض مباركة، قال {وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}، أي فضَّلهم الله -تبارك وتعالى- على عالم زمانهم.
نقف هنا -إن شاء الله-، سنعود إلى هذه الآية بشيء من التفصيل في الحلقة الآتية -إن شاء الله-، استغفر الله لي ولكم من كل ذنب، وصل الله وسلم على عبده ورسوله محمد.