الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين؛ سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.
وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[الأحقاف:10] {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ}[الأحقاف:11] {وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ}[الأحقاف:12] {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}[الأحقاف:13] {أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الأحقاف:14]، من التنزُّل في خطاب الله -تبارك وتعالى- إلى هؤلاء المشركين خطاب رحمة؛ يُخاطبهم الله -تبارك وتعالى- به، ويعرض عليهم الأمر باحتمالاته حتى من باب الاحتمال الحق؛ يُقدِّم لهم الحق، لكن يُقدِّمه بصيغة الاحتمالات لعلهم أن يرعوا وأن يرجعوا إلى الحق، قال لهم {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}، يعني أخبروني إن كان هذا القرآن من عند الله؛ وأنتم لا تعتقدون هذا، لكن افرضوا فرض أنه كان من عند الله وكفرتم به؛ فما هو موقفكم بعد ذلك؟ فافرضوا هذا الفرض وقدِّروا هذا الاحتمال؛ اجعلوه ولو من باب الاحتمال عندكم، والحال أنه هو الحق اليقين؛ فماذا يكون موقفكم بعد ذلك إذا كان هذا القرآن من عند الله -تبارك وتعالى-؟.
ثم قدَّم الله -تبارك وتعالى- الأدلة على صدق النبي -صل الله عليه وسلم-، قال {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ}، فهذا قد شَهِد علماء بني إسرائيل بأن هذا القرآن هو من عند الله -تبارك وتعالى-؛ وهذا محمد ابن عبد الله هو رسول الله حقًا وصدقًا، فتركوا ما كانوا عليه وشهدوا شهادة الحق كعبد الله ابن سلام وغيره من علماء اليهود؛ الذين دخلوا في هذا الدين، وشهدوا شهادة الحق، كما قال عبد الله ابن سلام -رضي الله تعالى عنه- للنبي "والله يا رسول الله إني لأعرفك أكثر من ابني"، {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ ........}[البقرة:146]، فآمن هذا اليهودي؛ ترك يهوديته، ترك دينه، كان من بني إسرائيل وانتقل من بني إسرائيل وهو يعز عليهم خروج النبوة منهم وخروج الرسالة، وآمن بالنبي محمد -صلوات الله والسلام عليه-، {فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ}، واستكبرتم أنتم أيها العرب، كذَّبتم واستكبرتم؛ علوتم أن تُزعِنوا لأمر الله -تبارك وتعالى- وتدخلوا في دين الله -عز وجل-، {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}، هذا إخبار منهم أن الله -تبارك وتعالى- عاقبهم بالضلالة لأنهم ظلموا؛ والظالم لا يهديه الله -تبارك وتعالى-، {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}، وظُلمهم؛ وضعهم للأمر في غير محله، يعلمون أن محمد ابن عبد الله رسول الله حقًا وصدقًا؛ الصادق الأمين، ولكنهم كذَّبوه وردوا مقالتهم، فظلموا بذلك فحرمهم الله -تبارك وتعالى- من الهداية، {إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}.
ثم بيَّن الله -تبارك وتعالى- غرور هؤلاء الكفار وتعاليهم عن الحق، فقال {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ ........}[الأحقاف:11]، {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا}، يعني هذا الدين وهذه الرسالة كانت خير ما سبقونا إليه، يقولون نحن السادة؛ وأصحاب ثروات، وأصحاب الأموال، وأصحاب الفكر، وأصحاب العقول الراجحة، كيف يسبقنا إلى هذا الدين ويهتدي عبيدنا وأرقائنا وبادي الرأي منَّا؟ يقولوا لو كان حق كنَّا أولى به؛ نحن سادة الناس، وكبرائهم، وعقلائهم، ونحن أولى به، كان يمكن أن نكون نحن أول الناس المستجيبين له، لكن لمَّا سبق له من أمثال بلال؛ وعمار، وصهيب، وفلان، وفلان ...، ممَن كانوا يحتقرونهم ويستصغرون شأنهم، يقولوا لا يمكن أن يكون هذا حق، فانظر الذي صرفهم كذلك مما صرفهم عن الحق استكبارهم؛ ورؤيتهم أنه لمَّا سبق فقراء الناس إلى الإيمان بالنبي محمد -صلوات الله والسلام عليه- كان عندهم هذا دليل على أنه ليس بحق، وأنه لو كان حق لكنا نحن أولى بالسبق إليه وبحياذته، وأن الله مثل ما أعطانا في هذه الدنيا كان يُعطينا هذا الأمر وهذه الهداية؛ فنحن أولى بها، كما كانوا يقولون {أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا}، الله يقول {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلاءِ}، يعني الفقراء هؤلاء، {أَهَؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا}، قال -جل وعلا- {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ}، {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ ........}[الأحقاف:11]، قال -جل وعلا- {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ}، {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ}، وهو هداية ولكن لم يهتدوا به لأنهم لا يُريدون الهداية؛ فضَلُّوا وتركوه، {فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ}، يعني إن هذا القرآن إفك قديم؛ كذب قديم، ووصل إلى النبي -صل الله عليه وسلم-؛ وصل إلى محمد وقاله، فتكون هذه فقط أراحوا أنفسهم بهذه الفِرية التي كذبوها وصدَّقوها؛ فافتروا وصدَّقوا فِريتهم، {وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا}، القرآن، إفك قديم؛ كذب مُفترى في السابق، ووصل إلى النبي كما قالوا {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا}[الفرقان:5].
قال -جل وعلا- {وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً}، من قبله؛ من قبل هذا القرآن، كتاب موسى؛ التوراة، أنزله الله -تبارك وتعالى-، ومَن ينظر في التوراة وينظر في القرآن يجد أنهما من مشكاة واحدة؛ نور نفس النور، كما قال ورقة ابن نوفل الذي قرأ التوراة وعرفها؛ وكان يقرأ بالكتاب العِبراني، أول ما سمع {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}[العلق:1] {خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ}[العلق:2] {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ}[العلق:3] {الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ}[العلق:4] {عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}[العلق:5]، على طول مباشرة قال له "يا بني إن هذا والذي جاء به موسى ينبع من مشكاة واحدة"، قال له هذا ضوء من نفس الضوء، هذا والذي جاء به موسى يعني التوراة التي جاء بها موسى أبدًا ضوء واحد؛ ينبع من مشكاة واحدة، ثم قال له "إنك ستكون نبي هذه الأمة"، وتحسَّر أنه شيخًا كبيرًا؛ كان قد عمي، وأصبح شيخ كبير، وقال له "ليتني أكون فيها جذعًا"، يعني في مكة، جذعًا يعني شاب قوي، "إذ يُخرِجك قومك، فقال النبي أومُخرجي هم؟ قال له يا بني إنه لم يأتي أحد بمثل ما جئت به إلا عودي"، قال له ما في رسول أتى برسالة كالتي ستأتيك هذه إلا عودي؛ لابد أن يُعاديه قومه، فهذا ورقة الذي قرأ التوراة، انظر بمجرد ما سمع الآيات المُنزَلة على النبي محمد قال هذه من مشكاة واحدة.
يقول الله -تبارك وتعالى- {وَمِنْ قَبْلِهِ}، من قبل نزول القرآن نزل كتاب موسى؛ كتاب موسى وهي التوراة، {إِمَامًا وَرَحْمَةً}، الإمام؛ المُقتدى به، والإمام يُسمى به الفرد المُقتدى به؛ ويسمى به الطريق الذي يُقتدى به، ويسمى به الكتاب لأن الكتاب يُقتدى به، فلأن الكتاب يُقتدى به فالله -تبارك وتعالى- سمَّاه إمام، كتاب إمام؛ أنه يُقتدى به، يُبين الحق، ورحمة من الله -تبارك وتعالى- وذلك أن فيها البيان؛ والإيضاح، والشرح، وفيها التشريع، والهداية، والنور، كما قال -جل وعلا- {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ........}[المائدة:44]، فهو كتاب رحمة وكتاب نور من الله -تبارك وتعالى-، قال -جل وعلا- {وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ}، هذا القرآن كتاب مُصدِّق لِما في التوراة، التوراة دعت إلى توحيد الله -تبارك وتعالى-؛ وإلى الإيمان به، وإلى التشريع الطاهر النظيف من الله -تبارك وتعالى-، فكذلك هذا القرآن يُصدِّق ما في التوراة، كذلك التوراة فيها أخبار الرُسُل؛ أخبارك خلْق الله -تبارك وتعالى- لآدم، إنزاله لهذه الأرض، إسجاد الملائكة له في السماء، عداوته مع إبليس، أخبار الرُسُل بعد آدم -عليه السلام-، خبر نوح والطوفان جاء في التوراة، جاء القرآن يُصدِّق هذه الأخبار تمامًا، أخبار بعد ذلك مَن بعد نوح -عليه السلام- من الرسالات إلى يوسف -عليه السلام-، قصة يوسف كاملة كما جائت في التوراة جاء القرآن مُفصِّل لها تفصيل، فالقرآن جاء مُصدِّق لِما في التوراة؛ نفس الأخبار التي جائت هناك جاء القرآن بها، فهو مُصدِّق أي للتوراة.
{لِسَانًا عَرَبِيًّا}، بلسان العرب، الذين يفهموا هذا هم العرب وقد جائهم، لسانًا أي لغته عربيًا، قال -جل وعلا- {لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ}، يعني أنزله الله -تبارك وتعالى- على هذا النحو وهذه كلها أدلة على صدقه؛ أنه مُصدِّق للتوارة ونفس الموضوع، فليس القرآن أيضًا كتاب لم ينزل قبله كتاب من السماء إلى هو... لا، كتاب قد نزل قبله كتب أيضًا فيها التصديق؛ يُصدِّق بعضها بعضًا، نفس الموضوع، نفس الهدف، نفس الغاية التي تدعوا إليها التوراة يدعوا إليها كتاب الله -تبارك وتعالى-، فكما أن الرسول ليس بِدعًا في الرُسُل فالقرآن كذلك ليس كتابًا لم ينزل قبله كتاب من السماء؛ بل نزل قبله كتب من الله -تبارك وتعالى-، {وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا ........}[الأحقاف:12]، ولتكون حُجَّته على العرب أكبر، تكون الحُجَّة به على العرب أكبر لأن هذا بلسانهم الذي يعقلوه ويفهموه، قال -جل وعلا- {لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا}، ليكون هذا القرآن نِذارة للظالمين، نِذارة يعني إخبار بما يسوء لكن للذين ظلموا، للذين ظلموا فجحدوا أن هذا القرآن من عند الله -تبارك وتعالى- وردوه بالكذب؛ والزور، والبُهتان، فيُنذرهم وقال {وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ}، وجاء يُبشِّر، والبُشرى؛ الإخبار بما يسُر، لكن للمحسنين؛ أهل الإحسان، وهم الذين تقبَّلوا هذا القرآن؛ علموا أنه من الله -تبارك وتعالى-، قاموا بما يأمرهم به؛ هذا الإحسان، فالقرآن جاء وأنزله الله -تبارك وتعالى- على هذا النحو {لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ}.
ثم بيَّن الله -تبارك وتعالى- بشارة الله –تبارك وتعالى- للمُحسِنين؛ مَن هم؟ قال {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}[الأحقاف:13] {أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الأحقاف:14]، هؤلاء هم أهل الإحسان الذين جاء القرآن ببِشارتهم، {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ}، وقولهم ربنا الله إيمانًا بالله، لأن القول هذا ليس قول كذب وإنما قالوا بألسنتهم وهو مُطابِق لِما يعتقدوه في قلوبهم، ربنا الله؛ هذا الإيمان بالله، وإذا قالوا ربنا الله يعني خالقنا؛ سيدنا -سبحانه وتعالى-، والمُتصرِّف في أمورنا، وبالتالي هو إلهنا، لأنه إذا كان هو الرب وحده -سبحانه وتعالى- فهو كذلك الإله، فإن من مُقتضى ربوبيته -سبحانه وتعالى- أنه الإله وحده -سبحانه وتعالى-، وكذلك إذا آمنوا بأن الله هو ربهم فيؤمنون كذلك بكل ما يخبر به عن الغيب؛ عنه غيبه -سبحانه وتعالى-، فكل مسائل الإيمان ترجع إلى الإيمان بالله -تبارك وتعالى-، لأن الإيمان بالله يدخل فيه كذلك الإيمان بملائكته؛ كتبه، رُسُله، اليوم الآخر، القضاء والقدَر، كلها داخلة في معنى الإيمان بالله -تبارك وتعالى-، فإذا قالوا ربنا الله يعني آمنوا بكل معاني الإيمان التي أخبر بها الله -تبارك وتعالى-؛ ما أخبر به عن نفسه وعن غيبه -سبحانه وتعالى-، {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا ........}[الأحقاف:13]، استقاموا؛ ساروا في شِرعة الله -تبارك وتعالى- والطريق المستقيم، وهذه الاستقامة لا تكون إلا بطاعة أمر الله -تبارك وتعالى-؛ والسير حيث أمرنا أن نسير، فمن الاستقامة الصلاة؛ والصيام، والزكاة، والحج، وما أمر الله -تبارك وتعالى- به، من الاستقامة البُعد عما نهانا الله -عز وجل- من كل العَوَج؛ فالظلم، والزنا، والغش، والفجور، وكل توابعه هذا خروج عن الطريق وفِسق عن الطريق، استقاموا أي ساروا على طريق الرب -تبارك وتعالى- وهذا يشمل الدين كله؛ عقيده وشريعة، فعقيدة؛ الإيمان، وشريعة؛ الاستقامة، فقل آمنت بالله يدخل فيها كل مسائل الإيمان، الاستقامة؛ كل مسائل التشريع، {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ........}[الأحقاف:13]، مَن استقام خلاص؛ الله يُعطيهم الأمان، يُعطيهم أمان كامل؛ ما في خوف من المستقبل، وذلك أن الله ربهم -سبحانه وتعالى-؛ ومتولي شئونهم، والمُتكفِّل بهم -سبحانه وتعالى-، فيكون كل مستقبلهم عند الله -تبارك وتعالى-، لهم عند الله الفوز؛ الرضوان، الأمن، الطمأنينة، لا خوف عليهم، {وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}، في ما يُخلِّفونه، كل ما هو من ورائهم كذلك لا يحزنون عليه، فإن الله -تبارك وتعالى- يؤمِّنهم أمانًا كاملًا في ما يُستقبَل؛ وفي ما مضى، {فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}.
{أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا ........}[الأحقاف:14]، أولئك؛ إشارة بالبعيد تشريفًا لهم وتعظيمًا لهم، أصحاب الجنة؛ مُلَّاكها، صاحب الشيء؛ مالِكه، أو أصحابها؛ المصاحبون لها، اللي هم خلاص في صُحبة الجنة، بقاؤهم فيها بقاء سرمدي؛ لا ينتهي ولا ينقطع، {أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا ........}[الأحقاف:14]، الخلود في لغة العرب هو المُكث الطويل، وهنا الخلود في الجنة هو البقاء بقاءً لا ينقطع ولا ينتهي، {خَالِدِينَ فِيهَا}، قال -جل وعلا- {جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، جزاء من الله -تبارك وتعالى- بما كانوا يعملون؛ بسبب عملهم، بسبب عملهم؛ إيمانهم واستقامتهم، لمَّا آمنوا واستقاموا؛ آمنوا بالله -تبارك وتعالى- وعملوا الصالحات، فإن الله -تبارك وتعالى- جزاهم هذا الجزاء؛ أمَّنهم في مستقبلهم، كذلك أمَّنهم في كل ما مضى، ثم جعلهم من أهل الجنة يخلدون فيها خلودًا لا ينقطع، وإذا كانوا في الجنة فهذا بستان الرب؛ هذا بستان الله -تبارك وتعالى-، الذي زخره وملأه -سبحانه وتعالى- بكل ما تشتهيه الأنفس، {........ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}[الزخرف:71]، منظر جميل؛ الجنة نهر مطَّرِد، ثمرة يانعة، شجرة ظليلة، زوجة حسناء، بهجة وسرور لا ينقضي ولا ينتهي، لا يفنى شبابهم، لا تبلى ثيابهم، لا يبولون، لا يتخوَّطون، لا يمتخِطون، لا يمرضون، لا يموتون، هم في هذه الجنة مسرورون سرورًا لا ينقطع؛ خالدين، {أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ}، وكلمة الجنة هنا تعظيمة لشأنها، {........ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[الأحقاف:14].
ثم أتى الله -تبارك وتعالى- هنا بوصاته بالوالدين لبيان أن هذه شِرعة الرب -سبحانه وتعالى- ودينه القويم؛ لعباده -سبحانه وتعالى- في الدنيا والآخرة، فالله يأمر بصلاح الأخلاق وبتزكية النفوس، قال -جل وعلا- {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}[الأحقاف:15]، آية تنتظم حياة الإنسان كلها؛ وهذه حياة الإنسان الطيبة، انظر حياة المؤمن الطيبة ووصاية الله -تبارك وتعالى- به ليحيا الحياة الطيبة؛ ويورِّث الطيبة بعد ذلك من ورائه، قال -جل وعلا- {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ}، الله -سبحانه وتعالى- هو الذي يُوصي، ووصينا؛ الله -سبحانه وتعالى- يخبر بهذا عن نفسه، والوصية إنما هي أمر ونهي؛ موعظة من الله -تبارك وتعالى-، ووصاه يعني حث على أمر من الأمور العظيمة النافعة للموصى أن يأخذها لينتفع، وهذي من وصايا الرب -سبحانه وتعالى-؛ وهذا من عنايته وحفاوته بعباده -سبحانه وتعالى-، وتوصية الإنسان أن يفعل هذا لأن في هذا صلاحه؛ وفي هذا خيره وبره، قال {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ}، كل الإنسان، بوالديه؛ أبيه وأمه، إحسانًا؛ أن يُحسِن لهم إحسانًا، وكلمة الإحسان تشمل كل معاني الخير والمعروف الذي يجب أن يُعطى للوالدين؛ الكلمة الطيبة، الطاعة، المحبة، التقدير، العناية، الرعاية، عدم العقوق، إبعاد الأذى، فكلمة الإحسان يدخل فيها أن يسير معهم بالأمر الحسَن في كل الشئون، وهذا يندرج تحته عشرات بل مئات الأخلاق والمعاملات الطيبة التي يجب أن يقوم بها الولد لوالديه، {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا}، يعني أحسِن بهما إحسانًا في كل الأقوال والأفعال.
ثم تذكير من الله -تبارك وتعالى- لِما أوصى بذلك، وأن هذا بالنسبة للولد إنما هو في أداء دين عليه لوالديه، قال -جل وعلا- {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا}، وذكر الله -تبارك وتعالى- أولًا ما قاست به الأم لأنها في مُقاساتها بالنسبة للولد أكثر من الأب، قال {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا}، الحمْل في بطنها، كُره؛ كراهة الحمْل، وذلك مما يُصاحِب هذا الحمْل من ضعف المرأة ضعف على ضعف؛ من الغثيان، وما يُسمى بالوحام، من المشقة، من القيام والقعود، فإن نوبات الحمْل وما يُصاحِبه من الثِقَل ومن الآلام ومن المتاعب شيء عيظم على المرأة، {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا}، لي كُرهًا للحمْل وإنما كُره للمشقات المصاحبة للولادة؛ والخوف بعد ذلك من لحظة الولادة، كل هذه أمور تكرهها المرأة ومع ذلك تتقبَّلها وتقوم فيها لِما ترجوا من صلاح ابنها ونفعه، {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا}، ففي الوضع كذلك كُره، فإن مشقة الوضع مشقة عظيمة، ثم قال -جل وعلا- {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا}، حمْله؛ أي في بطن الأم، وفِصاله؛ أن ينفصل عنها بعد تمام الرضاع، فإن الطفل يولد ولكنه يبقى مُلتصِق بأمه، فإنه غذائه وطعامه وشرابه معها؛ في ثدييها، فبالتالي يظل أيضًا مُلتصقًا بها، ثم إنه لا يستطيع أن يقوم بنفسه فلابد أن يظل مُلتصِق بأمه؛ تحمِله، وتضعه، وتُقمِّطه، وتُلبِسه، وتغسل الأذى عنه، فتقوم به ولا ينفصل ويستقل بنفسه؛ يأكل بنفسه، يشرب، يقوم، يسير، إلا بعد ثلاثين شهر مجموع الحمْل والرضاعة حتى الفِطام، ثلاثون شهرًا يعني سنتان وست أشهر، ولذلك قال مَن قال من أهل العِلم بأن أدنى مدة في الحمْل ست أشهر، {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا}.
{حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ}، وصية الله -تبارك وتعالى- حتى إذا بلغ الإنسان أشده، وبلوغ الأشد اللي هي كما القوى؛ قوى البدن، وقوى العقل، والإنسان يبلغ أشده في قوى البدن في نحو الرابعة والعشرين والخامسة والعشرين؛ يصل إلى غاية قوته البدنية، {وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً}، هذه القوى العقلية، فإن تمام العقل في تمام الأربعين سنة، قال؛ أي وقد وصل إلى تمام الإنسان وكماله المُقدَّر له، {قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ}، ينبغي عندما يصل إلى هذا يتذكَّر نعمة الله -تبارك وتعالى- عليه؛ ونعمته كذلك التي أنعم بها على والديه، فتذكَّر ما قام به الوالدان فيشكر نعمة الوالدين في أن قام به وهو صغير؛ الأم بدءًا من الحمْل والإرضاع، والأب في النفقة؛ والعناية، والقيام، {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ}، ربي أوزِعني؛ أجمعني، هيِّئني، أهلني لهذا الأمر وأجمعني عليه؛ ووفِّرني على هذا، كأنه أوزاع تجتمع على شُكر الله -تبارك وتعالى-، {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ}، أنت إلهي وربي الذي خلقتني وهيأت لي ما هيأت، فهو الذي خلَق وصوَّر في الأرحام -سبحانه وتعالى-، ثم أقام هذه الأسباب، كل هذه الأسباب التي أقامت؛ من الأم، ومن الأب، ومن كل الأسباب إنما الله -تبارك وتعالى- هو الذي هيأها لعبده، {حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ}، نعمتك كذلك التي أنعمتها على والدي؛ بأن قاما بشأني هذا القيام، واستحقا مني أن أشكرهما على ما قاما به، {وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ}، في ما بقي لي في عمري في أن أعمل صالحًا ترضاه أنت؛ الصالح يرضاه الله ويُثيب عليه.
{وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}، {وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي}، ما قال أصلح لي ذُريتي قال أصلح لي في ذريتي وذلك أن صلاح الذُرية يعود كذلك نفعها على الوالدين؛ يعود على الأب، يعود على الذي يدعوا بهذا أن يُصلِح الله له في ذُريته، فإن الذُرية الصالحة إنما هي عُمر ثانٍ للإنسان، كما قال النبي -صلوات الله والسلام عليه- «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث»، ذكرَ النبي منها -صل الله عليه وسلم- قال «أو ولد صالح يدعوا له»، فالولد الصالح امتداد لعمل الأب؛ هو مدٌّ له، فكأنه عُمر جديد يُضاف إلى عُمر الأب، إذا كان الولد يدعوا لأبيه أصبح عُمر من الأعمار وعملٌ صالح يعود على الأب، {وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي}، دعاء لهم وهو في نفسه يعود له، لمَّا قال أصلح لي يعني أن هذا كذلك الصلاح لي، اصلح لي في ذُريتي يعني اجعلهم ذُريَّة صالحة، {إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ}، الرجوع إلى الله -تبارك وتعالى-، {وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}، التوبة يعني الرجوع إلى الله -تبارك وتعالى- من كل المعاصي والذنوب، وإني من المسلمين؛ المستسلمين لأمر الله -تبارك وتعالى-، وكان هذا تذكير من الله -تبارك وتعالى- بأن بلوغ الأربعين خلاص؛ هذا بلوغ التمام، وأن العبد يجب أن ينصرف بعد ذلك إلى عبادة الله -تبارك وتعالى-، أن يشكر الله -تبارك وتعالى- على نِعَمه التي أنعمها حتى بلَّغه هذه السن التي فيها تمام العقل وتمام العُمر، وأن يرزقه الصلاح والعمل الصالح في ما بقي من عُمره، ولذلك كان كثير من السلف إذا بلغ الأربعين أصبح بقى خلاص؛ أقبل على الله -تبارك وتعالى-، تفرَّغ لعبادة الرب -تبارك وتعالى-.
فانظر الله -تبارك وتعالى- أجمل لنا هنا المواصفات الكاملة للعبد الصالح، وأن هذه وصية الله -تبارك وتعالى- لعباده المؤمنين أن يكونوا على هذا؛ وصية الله للإنسان كلها، ولكن طبعًا لا يقوم بهذا إلا مَن وفَّقه الله -تبارك وتعالى-، {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا}، بدأ الله بالأم وقد قال النبي -صل الله عليه وسلم- تطبيقًا لهذه الآية؛ وتقريرًا لمعناها، لمَّ سأله أحد الصحابة قال «يا رسول الله مَن أحق الناس بحُسن صحابتي؟ قال أمك، قال ثم مَن؟ قال أمك، قال ثم مَن؟ قال أمك، قال ثم مَن؟ قال أبوك»، فجعل الأم وصى بها النبي ثلاثًا ليُبين هذا للتأكيد؛ للتأكيد أنها تأتي في حُسن الصُحبة، يعني من أفضل وأولى إنسان بأن يُحسِن الإنسان صُحبته في الدنيا، وإحسان الصُحبة يدخل فيه كل الأعمال الطيبة، فالصُحبة من القول الطيب؛ من العناية، من الرعاية، من الوصل، كل هذا، فقال له أمك؛ ثم أمك، ثم أمك، ثم قال له أبوك، هذا نفسه تقرير لقول الله -تبارك وتعالى- {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}[الأحقاف:15].
والحمد لله رب العالمين، استغفر الله لي ولكم من كل ذنب، عودة إلى هذه الآيات -إن شاء الله- في الحلقة الآتية.