الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين؛ سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه وعمل بسنته إلى يوم الدين.
وبعد فيقول الله -تبارك وتعالى- {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ}[الأحقاف:17] {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ}[الأحقاف:18] {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}[الأحقاف:19] {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ}[الأحقاف:20]، بعد أن بيَّن الله -تبارك وتعالى- حال الإبن البار؛ الذي أوصاه الله -تبارك وتعالى- بالعناية والرعاية بوالديه، وأنه إذا بلغ السن تمام العُمر وهي الأربعين {........ قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}[الأحقاف:15]، قال –جل وعلا- {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ}[الأحقاف:16]، هذا حال الإبن الصالح، قال -جل وعلا- {وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاثُونَ شَهْرًا}، هذي وصية الله -تبارك وتعالى- للأبناء ليُقدِّروا؛ ويعتنوا، ويُحسِنوا إحسانًا إلى والديهم؛ بدءًا بالأم ثم الأب، فإن الأم في تعبها وفي مشقتها وفي مُعاناتها من أجل الولد أكبر من مُعاناة الأب؛ فقد حمَلته في بطنها، ثم ألصقته كذلك وبقي مُعتمِدًا عليها، ثلاثين شهر في الحمْل والرضاعة حتى ينفصل ويعتمد على نفسه، قال -جل وعلا- هذا من وصية الله {حَتَّى إِذَا بَلَغَ}، أي هذا الإنسان، {أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي}، أشده؛ كمال الخلْق وكمال العقل في الأربعين وهو تمام العُمر، {........ قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}[الأحقاف:15]، إقبال على الله -تبارك وتعالى- في ما بقي من العُمر، ودعوة إلى الوالدين في ما قاما به، وطلب من الله -تبارك وتعالى- في أن يُصلِح له في ذُريَّته،
قال -جل وعلا- {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا}، هذا فضل الله وإحسانه -سبحانه وتعالى- في هؤلاء الذين عاشوا بالصلاح؛ وقاموا بحق الله -تبارك وتعالى-، ثم بحقوق الوالدين وفعلوا الصلاح، قال -جل وعلا- {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا}، أعمالهم الحسنة يتقبَّلها الله -تبارك وتعالى-، وإذا تقبَّلها الله فإنه يُثيبهم عليها، وثواب الله -تبارك وتعالى- لا حدَّ له؛ هذا ثواب عظيم جدًا، الجنة فضل وإحسان منه -جل وعلا-، {وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ}، والتجاوز أن الله -تبارك وتعالى- يُسامِحهم فيها؛ ويُترَك ما أساؤوا فيه، فإن الله -تبارك وتعالى- يُسامِحهم عليه ويغفره لهم -سبحانه وتعالى-، قال -جل وعلا- {فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ}، يعني دخولهم ومكوثهم يُدخِلهم الله -تبارك وتعالى- مع أصحاب الجنة، ثم قال {وَعْدَ الصِّدْقِ}، هذا وَعْد الله؛ ووَعْد الله صدق لعباده المؤمنين -سبحانه وتعالى-، {الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ}، كانوا يوعَدونه في الدنيا هنا على ألسنة الرُسُل، فإن الله -تبارك وتعالى- يوفيهم أجرهم؛ يُدخِلهم الجنة، هذا وَعْدٌ على الله -تبارك وتعالى-، والله -تبارك وتعالى- مُنجِزه لهمن {وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ}، انظر الحياة الطيبة والمصير الطيب، هؤلاء هم أهل الإيمان الذي قاموا بحق الله -تبارك وتعالى-؛ وكذلك قاموا بحق والديهم.
الصورة الثانية؛ أهل العقوق والكفر، قال -جل وعلا- {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا}، يعني ليس حال أولئك كحال هذا الذي قال لوالديه أُفٍّ لكما، وهذا يصدق على كل مَن فيه هذه الصفة وليست على شخص محدد بالذات، {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا}، كل مَن فعل هذا، أُف كلمة تضجُّر وهي تعبير عن الضجر والتقزز من الأمر، {أُفٍّ لَكُمَا}، يتأفف من والديه وذلك أنهم نصحوا له بأن يؤمن بالله -تبارك وتعالى- وأن يؤمن باليوم الآخر، قال {أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي}، أتعدانني وكأن هذا وَعْد من الوالدين وليس هو وَعْد الله -تبارك وتعالى-، والحال أنه هو وَعْد الله -تبارك وتعالى-، وقول الوالدين بأن هناك يوم قيامة يقف فيه الناس بين يدي الله -تبارك وتعالى- إنما هو إبلاغ لوَعْد الله -عز وجل-، قال {أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ}، يعني من جَدَثي ومن قبري، {وَقَدْ خَلَتْ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي}، خلت القرون في أنها تموت ولا يعود أحد منها إلى الحياة مرة ثانية، وكل القرون كأنها قد مضت على الكفر؛ والعناد، والاعتقاد بأنه لا حياة؛ ولا بعث، ولا نشور، {وَهُمَا}، أي والداه، {يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ}، يستغيثان؛ يطلبان الغوث، الغوث؛ المدد والإغاثة من الله -تبارك وتعالى- في أن يرحمهم، وأن يستطيع أن يُبلِّغا دعوة الله إلى أبنائهم، وأن يرفع الله -تبارك وتعالى- عنه ما هو فيه من الكفر والعناد، {وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ}، ثم يقولان لابنهم {وَيْلَكَ آمِنْ}، ويلك كلمة تهديد ووعيد، {آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ}، الذي نقوله لك إنما هو وَعْد الله -تبارك وتعالى-، ووَعْد الله حق بيوم القيامة، {وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ}، يُصِر على ما هو من الكفر والعناد، ويقول ما هذا؛ يعني الذي تُخبراني به وتُهدداني به، إلا أساطير الأولين؛ كلام سطَّره الأولين، أساطير سطَّروها؛ لاحقيقة لها، ولا واقع لها، فيُكذِّب بما قالته الرُسُل ويرد دعوة والديه، وبالتالي هنا جحد حق الله وجحد حق الوالدين، فهو مُتأفف من الوالدين؛ مُتضجِّر منهما، وأكثر تضجُّره أنهم دعواه إلى الله -تبارك وتعالى-.
قال -جل وعلا- {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ}[الأحقاف:18]، أولئك؛ دول أهل الخسران، {الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ}، قول الله –تبارك وتعالى- في أن كل كافر يموت على الكفر لابد أن يدخل النار، {........ وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}[السجدة:13] {فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ ........}[السجدة:14]، حق القول من الله -تبارك وتعالى- أن كل مَن نسي يوم القيامة؛ ولم يعمل له، ولم يؤمن به، ولم يؤمن بالبعث والنشور، ولم يوحِّد ربه -سبحانه وتعالى-، ومات على هذا الكفر فإنه من أهل النار، {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ}، أصبح القول عليهم حقًا، وهو قول الخلود في النار لكل مَن مات على الكفر ومَن أنكر البعث، {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ ........}[الأحقاف:18]، يعني أنهم داخلون إلى النار في أمم من أشكالهم، قد خلت من قبلهم من الجن الكفار والإنس الكفار، {إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ}، إن هؤلاء كانوا خاسرين، خسروا كل شيء؛ خسروا أنفسهم فأوردوها النار، وخسروا أهلهم، وخسورا والديهم، وخسروا كل شيء، {........ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}[الزمر:15].
ثم قال -جل وعلا- {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}[الأحقاف:19]، ولكلٍ؛ ممَن ذُكِروا، من أهل الجنة من السعداء الذين أسعدهم الله -تبارك وتعالى-، {فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ}، وكذلك هؤلاء أصحاب النار {الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ}، هؤلاء كلٌ لهم درجات، فالجنة درجات بعضها فوق بعض؛ أعلاها الفردوس، هذا وسط الجنة وسقفها عرش الرحمن، والجنة كما قال النبي -صل الله عليه وسلم- «إن الله أعدَّ للشهداء مائة درجة؛ ما بين الدرجة والدرجة ما بين السماء والأرض»، وقال «إن أصحاب الجنة يترائون الغرف فوقهم كما تترائون النجم البعيد؛ الغابر في الأفق من الشرق أو الغرب، لبُعد ما بين الدرجة والدرجة»، فهؤلاء أهل الجنة يتفاضلون؛ والتفاضل بإيمانهم وأعمالهم، كلما كان أعلى إيمانًا وأكثر عملًا وأصح عملًا كلما ارتفعت درجته في الجنة، وكذلك أهل النار دركات، النار دركات بعضها تحت بعض -عياذًا بالله-، كما قال -جل وعلا- {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا}[النساء:145]، وقال النبي عن درجات النار العليا أو أرفع درجة في النار «إن أهول أهل النار عذابًا مَن يوضع في أغمص قدمه جمرتان؛ يغلي منهما دماغه»، مَن هو في ضحضاح من النار تصل النار إلى كعبيه فقط؛ إلى أخمص قدميه، فهذا أهون أهل النار عذابًا وهو يظن أنه أشدهم عذابًا، {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}[الأحقاف:19]، كلٌ سيأخذ عمله وافيًا، فالمؤمن سيأخذ عمله وافيًا ولا يُبخَث من أجره ولا مثقال ذرَّة، كما قال -جل وعلا- {إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا}[النساء:40]، وقال الله -تبارك وتعالى- لأهل الجنة {أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى}، فلا يُضيع الله –تبارك وتعالى- عمل عامل ولا أصغر شيء، {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه}[الزلزلة:7]، وكذلك الأمر {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه}[الزلزلة:8]، فمَن عمِلَ مثقال ذرَّة من الخير فإن الله -تبارك وتعالى- يُثيبه عليها، {وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ ........}[الأحقاف:19]، أي كلها، {وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}، وكذلك الكافر يأخذ عمله وجزائه وافيًا لذنوبه، إذن الناس لا شك أنهم في النهاية ينقسمون إلى هذين القسمين، فأهل الإيمان وأهل التقوى الذين قاموا بحق الله -تبارك وتعالى-؛ وبعد حق الله يأتي حق الوالدين، وأهل الكفر هم الذين جحدوا حقوق الوالدين؛ وجحدوا حقوق الله -تبارك وتعالى-.
ثم قال -جل وعلا- {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ}[الأحقاف:20]، {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ}، وهم في الموقف، تأتي النار ولها سبعون الف زمام؛ في كل زمام سبعون ألف ملَك يجرونها، فيوم يُعرَوضوا على النار ويُقال لهم هذا السجن هذا هو مآلكم وهذا مصيركم؛ بفظاعتها، وسوادها، وشهقتها، وهي تفور وتكاد تميَّز من الغيظ، يقول الله -تبارك وتعالى- {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ}، تتقطع من شدة الغيظ على الكفار، {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ}، ثم يُقال لهم {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا}، يعني أن ما متَّعكم الله -تبارك وتعالى- به أذهبتموه؛ لم تستفيدوا به، لم تشكروا الله -تبارك وتعالى-، لم تقوموا بحق الرب -جل وعلا-؛ بالإيمان به وشكره، فاستنفذتم ما أعطاكم الله -تبارك وتعالى- في هذه الدنيا؛ واستمتعتم بها، ولم تُفكِّروا ولم تنظروا إلى ما وراء حياتكم من حياة أخرى عند الله -تبارك وتعالى-، بل استأنستم وركنتم إلى هذه الدنيا؛ وأنفقتم طيباتكم فيها، واستمتعتم بها، {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ ........}[الأحقاف:20]، اليوم؛ يوم القيامة، تُجزَون؛ أي بفرحكم بالدنيا، واستمتعاكم بها، وعدم النظر إلى أن هذا إنعام الله -تبارك وتعالى- وإفضاله عليكم، ضاع منكم هذا أن يُذكِّركم بربكم؛ وبإلهكم، وبخالقكم -سبحانه وتعالى-، وما يتوجب عليكم نحوه -جل وعلا-.
{فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ}، عذاب الذِلَّة، الهون؛ الهوان، والهوان؛ الذِلَّة، فيُذَلون إذلال بكل صنوف الذِلَّة، إدخال النار أكبر ذِلَّة، {........ إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ}[آل عمران:192]، وإدخالها يكون على وجه التحقير؛ جرًّا، دزًّا، ودفعًا، تأنيبًا، وتقريعًا، فكل أنوا الذُل، {يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ} {يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ}[الحج:20] {وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ}[الحج:21]، فكل العذاب كله مُهين، عذاب كله مُهين؛ فيه إهانة لِمَن يُعذَّب به -عياذًا بالله-، {........ فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ}[الأحقاف:20]، يعني بسبب استكباركم في الأرض بغير الحق عن الحق، فقد كانوا يستكبرون استكبار بغير حق، ما يحق لك أن تستكبر على ربك؛ وإلهك، وخالقك، ومولاك -سبحانه وتعالى-، تستكبر عليه؛ لا تُزعِن له، يأتيك أمر الله -تبارك وتعالى- فتستكبر؛ ترى أنك أكبر من أن تُزعِن لأمر الله -تبارك وتعالى-، فاستكبارهم بغير الحق؛ استكبارهم على الحق الذي أمرهم الله -تبارك وتعالى- به، {وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ}، بسبب فسقهم؛ خروجهم عن طاعة الله -تبارك وتعالى-، فإنه قد تكبَّروا وتعالوا بما أعطاهم الله، استمتعوا بهذه الحياة الدنيا والتذوا بها، وجائتهم هذه الطيبات فظنوا أنها حق لهم؛ وأنهم جديرون بها، ولم ينسبوا ذلك إلى ربهم وإلههم -سبحانه وتعالى-، {........ فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ}[الأحقاف:20]، هذا في هذا السياق يقوله الله -تبارك وتعالى- مُبين هذا المآل وهذه النهاية التي يئول إليها أمر الناس بعد هذا؛ الذي قام بحق الله -تبارك وتعالى-، والذي كفر بالله -جل وعلا-.
يُذكِّر الله -تبارك وتعالى- بعد ذلك هؤلاء الكفار فيقول {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}[الأحقاف:21]، {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ}، تذكير من الله -تبارك وتعالى- لهؤلاء المُكذِّبين بمصارع الغابرين القريبين منهم، فهم في عاد؛ قبيلة عربية وكانت في الأحقاف، في هذه الرمال في جنوب الجزيرة؛ في ما يُسمى الآن بالربع الخالي منها، {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ}، عاد القبيلة العربية أخاهم هود -عليه السلام-؛ الذي دعاهم إلى الله -تبارك وتعالى-، {إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ}، بالأحقاف؛ صحراء الأحقاف، قال -جل وعلا- {........ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}[الأحقاف:21]، {وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ}، يعني أن الله -تبارك وتعالى- قد أرسل الرُسُل إلى السابقين، وقد أنذروا قومهم قبل ما يأتي عاد وبعد كذلك ما يأتي عاد، فإن كل رسول يخبر قومه بالرسالات السابقة وبالرسالات اللاحقة، أو من بيد يديه؛ في أمام الأرض وفي خلف الأرض، فإن الله -تبارك وتعالى- قد أرسل قبل ذلك نوح وقد دعى قومه وكان هذا مصيرهم، ويُذكِّرهم نبيهم بما مضى من هؤلاء القوم الذين أهلكهم الله -تبارك وتعالى-، {وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ}، قائلًا لهم {أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}، هذي دعوة هود لقومه؛ يقول لقومه {أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ}، يعني يا قوم لا تعبدوا إلا الله وحده لا شريك له، فهذه هي الهدف والغاية ودعوة كل الرُسُل؛ لا تعبدوا إلا الله، وذلك أن الله -سبحانه وتعالى- هو خالق الخلْق؛ هو رب الجميع -سبحانه وتعالى-، وهو الذي يستحق وحده العبادة، {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}، نُصْح لهم، أخاف عليكم عذاب يوم عظيم؛ عذاب يوم القيامة، إن استكبرتم وعاندتم ولم تعبدوا إلهكم وربكم الواحد؛ الذي لا إله إلا هو -سبحانه وتعالى-، {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}.
ولكن انظر المقالة التي قالوها لرسولهم {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}[الأحقاف:22]، مقالة عتُّو؛ وعناد، وكفر، قالوا؛ أي هؤلاء المُعاندي المُكذِّبين لرسولهم هود -عليه السلام-، {أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا}، سؤال استنكار منهم لدعوة رسولهم إلى الإيمان بالله وحده، أجئتنا؛ يعني يا هود، {لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا}، تأفكنا بكذبك وبُهتانك تجعلنا نأتفك وننقلب عن آلهتنا؛ فلا نعبد آلهتنا والتي عبدها آبائنا وأجدادنا، لتأفكنا عن آلهتنا؛ معبوداتنا، وسموها آلهة لأنهم طبعًا يألهونها؛ يطلبون منها، يعبدونها، يخافونها، يرجونها، {......... فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}[الأحقاف:22]، تبجُّح وعتُّو، يقولوا إن كنت صادقًا في ما تدَّعيه فأتنا بما تعدنا به، والحال طبعًا هذا تكذيب له، ولكن كان ينبغي أن يقولوا إن كنت من الصادقين فليهدنا الله -تبارك وتعالى- إلى طريقك؛ وأن نكون من أتباعك، لكنهم قالوا إن كنت من الصادقين تشكيكًا منهم بدعوة رسولهم؛ وأنه حتمًا كاذب في ما دعاهم إليه، قالوا {......... فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}[الأحقاف:22]، مُستخفين بالوعيد الذي توعَّدهم به رسولهم عندما قال لهم {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}.
قال لهم رسولهم {قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ}، إنما العِلم بمجيئ العذاب؛ ومتى يأتيكم، وهل يُعاقِبكم الله -تبارك وتعالى- عاجلًا أم يؤخِّر هذا كله إلى الله -تبارك وتعالى-، {قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ ........}[الأحقاف:23]، أنا من شأني أن أُبلِّغكم ما أُرسِلت به، أنا رسول معي رسالة أوصِّلها لكم من الله -تبارك وتعالى-، وأُبلِّغكم أيها القوم ما أُرسِلت به من الله، ثم قال لهم {وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ}، ولكني أراكم بهذا؛ برفضكم هذه الدعوة، وجحودكم، واستعلائكم على هذا النحو، واستهانتكم بعذاب الله -تبارك وتعالى- تقولوا هاته؛ هات هذا العذاب، يقول {وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ}، أهل جهالة، قوم أهل جهالة في استخففاكم بوعيد الله -تبارك وتعالى-، قال {وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ}.
عند ذلك الله -تبارك وتعالى- قد أنفذ فيهم وعيده -جل وعلا-، قال {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا ........}[الأحقاف:24]، فلمَّا رأوه يعني هؤلاء عاد رأوه؛ رأوا العذاب، عارضًا يعني مُعترِض في الأفق؛ قادم إليهم، مستقبل أوديتهم كأنه عارضه مثل جائهم العذاب وهو ريح دفعت معها ما دفعت؛ من الغبار، والأتربة، والحاصب الذي جائت به، فظنوا أن هذه الريح تحمل المطر، {قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا}، يعني هذا السحاب العارض في الأفق؛ السواد القادم في الأفق هذا، ممطرنا؛ سحاب قادم بالمطر، فقيل لهم {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ}، هذا العذاب، {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا}، هذا ليس سحابًا ممطركم وإنما ريح وجائت تحمل العذاب، والريح يعني العاصف الشديد، {بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ}، العذاب الأليم الذي فيها هو هلاكهم وقتلهم، وهو الحاصب الذي يحصبهم؛ والجفاف الذي يُجفف أجسادهم، كما قال -تبارك وتعالى- {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ}، {فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى}، مصروعين، {كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ}، {رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ}، من مزروعاتهم، من مواشيهم، من أنفسهم، طبعًا من أنفسهم أولًا تقتلهم لو كان الشخص في بطن جبل تدخل عليه، {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا}.
قال -جل وعلا- {فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ}، بعد نهاية هذا الريح قال الله -تبارك وتعالى- قال الله فأصبحوا كأنها ليلة، وقد أخبر -سبحانه وتعالى- أنه ترك هذه الريح تسفي عليهم {سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا}، سبع ليالي وثمانية أيام يعني بدأت بصبح وانتهت بمغرب؛ في ثمان أيام وسبع ليالي في وسطها، {........ فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ}[الحاقة:7]، {فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ}، بعد مدة بقيت فقط المساكن قائمة ولا ساكن فيها، ولا أنيس ولا ونيس؛ الكل قد أهلكه الله -تبارك وتعالى-، فقد أهلكهم الله -تبارك وتعالى- عن بكرة أبيهم لم يُبقي فيهم أحد، إلا أن الله -تبارك وتعالى- أخرج أهل الإيمان؛ أخرج هود والذين آمنوا معه، {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا ........}[هود:58]، فأخرجه الله -تبارك وتعالى- وأهل الإيمان وأهلك هذه البقية، {فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ}، قال -جل وعلا- {كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ}، كذلك؛ كهذا الجزاء المُدمِّر الماحق لهم، {نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ}، يُجازي الله -تبارك وتعالى- القوم المجرمين، المجرمين؛ فاعلي الإجرام، لمَّا كان هؤلاء فعلوا هذا الإجرام؛ من عتوهم على أمر الله -تبارك وتعالى-، واستكبارهم، وقولهم لرسولهم {أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا}، واستهانتهم بالعذاب {......... فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ}[الأحقاف:22]، لهذا الإجرام جزاهم الله -تبارك وتعالى- هذا الجزاء المُدمِّر المُهلِك، وهذا طبعًا إنذار لهؤلاء المُخاطَبين من مَن كذَّب برسالة النبي محمد -صلوات الله والسلام عليه-.
نقف هنا وصل الله وسلم على عبده ورسوله محمد.